درس الفقه | 104

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

سبق وقلنا: بأن المالك إذا رجع عن اذنه حال ضيق الوقت، فيقع المكلف في حال تزاحم بين وجوب الصلاة وبين وجوب التخلص من الغصب. فإن مقتضى ضيق الوقت هو وجوب الصلاة عليه، ومقتضى رجوع المالك عن إذنه وجوب الخروج من الدار المغصوبة، وقد افاد سيد المستمسك والسيد الخوئي «قده»: ان حرمة التصرف في المغصوب مقدمة على وجوب الصلاة الاختيارية، من باب ان المشروط بالقدرة العقلية رافع لما هو المشروط في القدرة الشرعية كما سبق بيان ذلك عن سيدنا الخوئي «قده». ولكن هنا عدة ملاحظات على ما افاده سيدنا «قده»:

الملاحظة الاولى: ان القدرة المأخوذة في لسان الدليل كما إذا قال المولى: إذا قدرت فتوضا، أو إذا قدرت فحج، أو من قوي فليقم. القدرة المأخوذة في لسان الدليل هل هي نفس القدرة التكوينية، مقابل العجز؟ أم ان المراد بالقدرة قدرة خاصة وهي عدم الاشتغال بواجب آخر؟ أم ان المراد بالقدرة هنا أن لا تشتغل الذمة بواجب؟. فهنا معاني ثلاثة للقدرة، على بعضها يتم كلام سيدنا الخوئي «قده» دون البعض الآخر.

المعنى الأول: ان المراد بالقدرة المأخوذة في لسان الدليل في قوله: «إذا قدرت فتوضأ، أو إذا قدرت فتقم للصلاة» ان المراد بالقدرة مقابل العجز. بناء على هذا المعنى لا يصح الترجيح للمشروط بالقدرة العقلية على المشروط بالقدرة الشرعية. لأنه إذا فرضنا ان لدينا خطابين، احدهما لم يأخذ القدرة في لسان دليله، أي انه مشروط بالقدرة عقلا لا شرعا لأن القدرة لم تؤخذ في لسان الدليل، كما لو فرضنا ان المولى قال: يجب الوفاء بالعقد، فلم يأخذ القدرة في خطاب وجوب الوفاء بالعقد مثلا.

بينما في وجوب تمكين الزوجة لزوجها أخذ القدرة، قال: إذا تمكنت يجب عليها التمكين، وهذه المرأة قبل ان تتزوج آجرت نفسها للصيام النيابي، أو لكنس المسجد، أو آجرت نفسها لعمل خارج البيت، فلم تقدر بعد الزواج ان تجمع بين الامرين، ان تجمع الصوم النيابي والتمكين للزوج. فلديها خطابان: خطاب لوجوب الوفاء بعقد الإجارة لم تؤخذ القدرة في لسان دليله، خطاب بوجوب التمكين أخذت القدرة في لسان دليله، إلا أن القدرة المأخوذة في لسان دليل وجوب التمكين ليست الا القدرة التكوينية ليس شيئا آخر.

فإذا كان كذلك كلام الملاكين فعلي، اما ملاك وجو بالوفاء بالعقد فلأن القدرة لم تؤخذ فيه، فحيث إن القدرة لم تؤخذ في هذا الملاك، إذن ملاك وجوب الوفاء فعلي، واما ملاك وجوب التمكين فالقدرة وان اخذت فيه الا ان القدرة المأخوذة فيه هي القدرة التكوينية والمفروض ان المرأة واجدة للقدرة التكوينية، فبما انها واجدة للقدرة التكوينية على التمكين فملاك وجوب التمكين فعلي، فلأجل ان كلا الملاكين فعلي، فلا يلزم من صرف القدرة في احدهما دون الآخر تفويت الملاك، بل في كلهما تفويت الملاك، صرفت القدرة في وجوب الوفاء بالعقد فوتت ملاكا فعليا في وجوب التمكين، أو صرفت القدرة في وجوب التمكين فوتت ملاكا فعليا في وجوب الوفاء بالعقد. وبالتالي لا مرجح لاحدهما من هذه الجهة على الآخر. فالمسألة وان كانت من باب التزاحم اما لا مرجح لوجوب الوفاء بالعقد على وجوب التمكين بدعوى ان المشروط بالقدرة العقلية مرجح على المشروط بالقدرة الشرعية؛ إذ المفروض ان القدرة المأخوذة في لسان الدليل نفس القدرة التكوينية والمرأة واجدة للقدرة التكوينية اما على هذا أو على هذا.

المعنى الثاني: إن المراد بالقدرة ان لا تشتغل بواجب آخر. فهنا لابد من التفصيل وهو عندما قال المولى: إذا قدرت فتوضأ. ومقصوده إذا لم تشتغل بواجب اخر فتوضأ. هل المنظور مطلق الواجب الآخر؟ أم المنظور الواجب الأهم أو المساوي؟. فهنا لابد من التفصيل، فإذا قلنا: بأن المنظور بقوله: إذا قدرت المرأة فلتمكن زوجها، المنظور هو ان لم تشتغل بواجب آخر، أي واجب كان، ولو كان هذا الواجب اداء الدين، أو صلة الرحم، أو إماطة الاذى عن الطريق. في هذا الفرض يتم كلام السيد الخوئي، انه إذا وقع التزاحم بين وجوب الوفاء بالعقد وبين التمكين، أو بين وجوب الوفاء بالنذر وبين التمكين، مثلا: حصل تزاحم بين واجب وبين وجوب التمكين، كان المشروط بالقدرة العقلية، كوجوب حفظ النفس المحترمة، أو وجوب اماطة الأذى عن الطريق، مقدماً على ما هو المشروط بالقدرة الشرعية وهو وجوب التمكين. وتدخل المسألة حينئذٍ في باب التزاحم، لأن المرأة إن صرفت القدرة في الوفاء بالعقد فصامت صوما نيابيا لم تفوت ملاكا فعليا في حقها، لأن ملاك وجوب التمكين من الأساس منوط بأن لا تشتغل بشيء آخر، فمتى اشتغلت فلا يوجد في ملاك التمكين اصلاً، فهي إذا صرفت القدرة بالواجب الآخر لم تفوت ملاكا أصلاً.

بينما لو صرفت القدرة في وجوب التمكين فقد فوتت ملاك وجوب الوفاء بالعقد، لأن ملاك وجوب الملاك بالعقد ان لا تشتغل بواجب آخر، فإذا اشتغلت بواجب آخر فقد فوتت ملاكه. إذن هنا يأتي كلام السيد الخوئي، إذا دار الامر بين المشروط بالقدرة العقلية والمشروط بالقدرة الشرعية، فإن صرف القدرة في المشروط بالقدرة العقلية لا يفوت ملاكا، بينما صرف القدرة في المشروط بالقدرة الشرعية يفوت ملاكا، لأجل ذلك بما ان العقل يحكم بقبح تفويت الملاكات اللزومية للمولى يتعين صرف القدرة فيما هو مشروط بالقدرة العقلية دون المشروط بالقدرة الشرعية. هنا يتم كلامه. اما إذا افترضنا أن المنظور بالقدرة، عندما قال: ان قدرت المرأة فلتمكن نفسها.

لا ان تشتغل بأي واجب، بل لأن لا تشتغل بالواجب الاهم أو المساوي، لا مطلقاً. إذن بناء على هذا المبنى: لا يتم كلام سيدنا الخوئي من ان المشروط بالقدرة العقلية مرجع على ما هو المشروط بالقدرة الشرعية؛ لأنه إذا صرفت القدرة في الواجب الاهم أو المساوي فأساساً هو راجح في حد نفسه، يعني إذا صرفت القدرة في الاهم فلأنه الاهم لا لأنه مشروط بالقدرة العقلية، وإذا صرفت القدرة بين المتساويين فلأن في المتساويين تخيير للمكلف ان يصرفها في هذا أو يصرفه في هذا. إذن لو فرضنا ان احدهما اهم أو مساوي، فحينئذٍ لا يتم الترجيح بهذه النكتة وهي تقديم المشروط بالقدرة العقلية على المشروط بالقدرة الشرعية لأن صرف القدرة في الاهم أو في المساوي من الاساس جائز.

المعنى الثالث: ان يكون المقصود بالقدرة مجرد اشتغال الذمة، «إن قدرت فلتمكن نفسها» يعني إن لم تشتغل ذمتها بواجب فلتمكن نفسها. بناء على ذلك، نفس اشتغال الذمة بواجب آخر وارد على وجوب التمكين، فليست المسألة من باب التزاحم والترجيح بل المسألة من باب الورود، لأن المسالة لا ترتبط بالاشتغال الخارجي وصرف القدرة، متى ما اشتغلت ذمتها بواجب آخر كوجوب الوفاء بالعقد، أو وجوب الوفاء بالشرطن أو اماطة الأذى عن الطريق، نفس اشتغال الذمة رافع لفعلية وجوب التمكين.

بل بناء على هذا المعنى الثالث ”كما يقول المحقق النائيني“ اصلا لو اشتغلت بالمشروط بالقدرة الشرعية لم يقع صحيحا، لأنه لا امر به اصلا، فإذا قال المولى: ان قدرت على الماء فتوضأ، وقال المولى: يجب سقي الكبد الحراء، وحصل تزاحم، ليس لدى المكلف الا ماء واحد، اما ان يصرف في سقي الكبد الحراء أو ان يصرفه في الوضوء، وافترضنا ان المراد بالقدرة هو عدم اشتغال الذمة. فيقال: نفس اشتغال ذمة المكلف بسقي الكبد نفس هذا الاشتغال وارد على وجوب الوضوء، بحيث لو ان المكلف صرف الماء بالوضوء لم يقع وضوئه صحيحا، أي لم يقع امتثالا للأمر بالوضوء، الا بناء على الاستحباب النفسي. إذن بالنتيجة: هناك معانٍ ثلاثة للقدرة على أحدها في بعض الفروض يتم كلام سيدنا «قده» من أن المشروط بالقدرة العقلية مقدم على المشروط بالقدرة الشرعية في مقام التزاحم. هذه الملاحظة على مستوى عالم الثبوت.

الملاحظة الثانية: على مستوى عالم الإثبات والدلالة، ما هو ظاهر أخذ القدرة في لسان الدليل؟ إذا قال المولى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. أو قال: إذا قوي فليقم. ما هو ظاهر اخذ القدرة في لسان الدليل؟ ذكر سيدنا الخوئي «قده»: ان ظاهر اخذ القدرة في لسان الدليل ان اخذها اخذ مولوي بمعنى انها دخيلة في الملاك، لولا دخلها في الملاك لما اخذها في لسان الدليل، والوجه في ذلك: ان دخل القدرة في فعلية التكليف امر لا يحتاج إلى البيان، لا تكليف فعلي إلا بالقدرة على متعلقه، فدخل القدرة في فعلية التكليف من الأحكام العقلية البديهية لقبح تكليف العاجز، فلا وجه لبيان ذلك من قبل المولى بأن يقول: ان استطعت فحج، ومقصوده ان استطعت يعني: ان قدرت على الحج فالحج واجب. لا حاجة إلى بيان ذلك، اذن إذا اخذ المولى القدرة في لسان الدليل، مع وجود حكم عقلي بأن القدرة دخيلة في فعلية التكليف فظاهر ذلك: ان القدرة زيادة على الحكم العقلي انها دخيلة في الملاك ايضاً، وليست دخيلة في فعلية التكليف فقط، وهذا يعني ان القدرة شرعية وليست عقلية. ولكن يقال: بأن اخذ القدرة في لسان الدليل له عدة مناشئ عرفية.

من مناشئه العرفية: وروده في لسان التسهيل، فعندما قال المولى: إذا قوي فليقم. وإن كان القدرة شرط في الفعلية، ولكن من أجل بيان التسهيل والرأفة والرفق بالمكلف، هذا بيان عرفي، كما في قوله ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا، فإنه وارد على سبيل التسهيل والامتنان على المكلف وان كانت القدرة دخيلة في فعلية التكليف عقلاً.

ومن المناشئ: إرادة القدرة الخاصة، كأخذ الاستطاعة في آية الحج، فإن قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ ليس إرشاد إلى حكم العقل بأن القدرة دخيلة في الفعلية، بل بيان أن الاستطاعة وهي قدرة خاصة وهي عبارة عن الزاد والراحلة، هذه هي دخيلة في فعلية وجوب الحج، لولاها ما كان وجوب الحج فعلياً، لا انه في مقام بيان الدخل في الملاك. بل هو في مقام بيان الدخل في الفعلية، لكن الدخيل في الفعلية قدرة خاصة، لا مطلق القدرة التكوينية.

ومن مناشئه: أخذ القدرة. بيان موضوع البدل، وهذا هو ايضا محل نقاش مع السيد الخوئي «قده». مثلا آية الوضوء: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إذا قُمْتُمْ إلى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أو عَلَى سَفَرٍ أو جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أو لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا، هنا قال السيد الخوئي: حيث اخذ العجز في البدل معناه: اخذ القدرة في المبدل، لأنه قال: إذا لم تجدوا ماء فتيمموا، فأخذ في وجوب البدل وهو التيمم، العجز عن المبدل وهو استعمال الماء، هذا معناه اشتراط القدرة في المبدل، كأنه قال: إذا قدرت على الماء فتوضأ، فإن لم تقدر فتيمم، ومعنى ذلك ان القدرة في الوضوء قدرة شرعية، يعني دخيلة في الملاك. لكن هل بنفس هذا البيان يستفاد أخذ القدرة في المبدل؟ هل يستفيد العرف من ذلك اخذ القدرة في وجوب الوضوء على نحو القدرة الشرعية، يعني الدخيلة في الملاك؟ لا يستفاد ذلك.

والذي نريد قوله: بعد ان كان اخذ القدرة في لسان الدليل له عدة مناشئ عرفية، فدعوى ظهور اخذ القدرة في لسان الدليل في كونها قدرة شرعية في كونها دخيلة في الملاك، هذا اول الكلام. نعم يحتاج إلى قرينة، كما في آية الصوم، حيث ادعي ان القرينة بين المرض والسفر ظاهر في ذلك، حيث قال: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، فقيل: القرن بين المرض والسفر، شاهد على ان المرض كالسفر، فكما ان السفر دخيل في اصل الملاك، بمعنى ان لا ملاك في الصوم حال السفر، كذلك لا ملاك في الصوم حال المرض. فهنا بلحاظ القرينة السياقية قلنا بأن القدرة المأخوذة في الصوم هي القدرة الشرعية، أي الدخيلة في الملاك.

الملاحظة الثالثة: سلمنا أنّ ظاهر أخذ القدرة في لسان الدليل انها قدرة شرعية دخيلة في الملاك. لكن أي قدرة وبأي معنى؟ فهل هي دخيلة بمعنى القدرة التكوينية؟ أو بمعنى عدم الاشتغال؟ بمعنى عدم اشتغال الذمة بواجب آخر؟

وهنا عدة أنظار في الاستظهار:

الاول: ما ذهب اليه المحقق النائيني من ان ظاهر اخذ القدرة هو المعنى الثالث، يعني عدم اخذ القدرة بواجب. متى ما قال المولى: إن قدرت فلتمكن زوجها، وانت قدرت على الوضوء فتوضأ، أو إن قوي فليقيم، معناه ان لم تشتغل ذمتك بواجب آخر. وبناء على استظهار المحقق النائيني دائما يكون المشروط بالقدرة مورودا لما ليس مشروطا بها ويخرج عن بحث التزاحم.

الثاني: ما ذهب اليه السيد الصدر وشيخنا الاستاذ من ان ظهور عنوان القدرة وعنوان الاستطاعة في القدرة التكوينية لا اكثر من ذلك. فإذا قال المولى: من قوي فليقم، يعني مقابل العجز، ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ لولا الروايات الواردة في تفسيرها ظاهرة في القدرة التكوينية. فبما ان القدرة وان كانت دخيلة في الملاك الا انها قدرة تكوينية فإذا حصل التزاحم فلا مرجح من هذه الجهة.

الثالث: ما ذهب اليه السيد الخوئي «قده» من ان ظاهر اخذ الدليل في لسان القدرة: القدرة بالمعنى الثاني، يعني عدم الاشتغال بواجب آخر، فإذا كان معناها عدم الاشتغال بواجب آخر، يتم على كلامه الترجيح كما قلنا، أي أن العرف يرى الخطاب المطلق وهو قوله ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ معجز عن الخطاب المشروط، وهو قوله «اذا قدرت فلتمكن نفسها»، لكن حال الاشتغال به لا مطلقاً، أي ان اشتغلت بالوفاء بالعقد فلا وجوب في الثاني، فلا ملاك في الثاني وان لم تشتغل به فهو مقدور، أي ان القدرة المستفادة من لسان الدليل قدرة طولية، فكأن المولى يقول للمرأة التي لا تستطيع ان تجمع بين التمكين وبين الصوم النيابي: هذه المرأة عاجزة عن التمكين، لكن إن اشتغلت بالصوم النيابي، وإن لم تشتغل بالصوم النيابي فهي قادرة على التمكين فيجب عليها.

القدرة المستفادة من لسان الدليل قدرة طولية، فهذا مقدور في ظرف عدم الاشتغال بالآخر. فماذا يستظهر من قوله «إذا قوي فليقم» أو «اذا قدرت فلتمكن نفسها»؟

ويمكن القول: بأن العرف يفرق بين كون الخطاب الآخر هو الأهم أم لا؟ فإذا كان احد الخطابين اهم ملاكا من الآخر، فإن العرف يرى أن الخطاب الأهم معجز عن الآخر، ”على نحو القدرة الطولية الذي يقول به السيد الخوئي، أي ان الاشتغال بالأهم هو المعجز، فإن لم يشتغل بالأهم فالآخر مقدور“، فإذا كان احد الخطابين أهم فهو معجز عن الآخر حتى لو كان الأهم هو المشروط بالقدرة الشرعية والمهم هو المشروط بالقدرة العقلية، فإن العرف إذا تلقى الخطابين، رأى الأهم معجز مع انه هو المشروط بالقدرة الشرعية، وليس العكس.

وبعبارة أخرى: ان العرف لا يستفيد من اخذ القدرة في لسان الدليل الا بمعنى ان لا تشتغل بواجب أهم، لا ان لا تشتغل بأي واجب. ومقتضى ذلك: انه متى ما ورد عليك خطابان ان احدهما اهم كان هو المعجز عرفاً، وإن كان هو المشروط بالقدرة الشرعية. نعم، إذا لم يكن احدهما اهم فحينئذ يأتي استظهار الشيخ التبريزي «قده» من انه لا يستفاد من القدرة اكثر من القدرة التكوينية.

والحمد لله رب العالمين.