درس الفقه | 110

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

وصلنا الى بحث هذه الكبرى، وهي: هل ان التنافي بين الواجبات الضمنية من موارد التزاحم؟ او من موارد التعارض؟ وهي كبرى مبحوثة اصولا وفقها، ولها فروع كثيرة في الفقه. فاذا دار الامر بين شرطية القيام وجزئية السجود الاختياري، بمعنى ان المكلف لا يقدر على الجمع بينهما، فإما ان يصلي قائماً فيومي للسجود، او يصلي ساجدا فيضطر للجلوس، فهو لا يمكنه ان يجمع بين القيام والسجود الاختياري، فهنا في الواقع تنافي بين شرطية القيام وبين هذا السجود الاختياري. فهل هذا التنافي بين واجبين ضمنيين من موارد التزاحم؟ ام من موارد التعارض؟ اي هل تجري فيه قواعد التزاحم، من الترجيح بالأهمية؟ او مما ليس له بدل؟ او بتقديم المشروط بالقدرة على المشروط بالقدرة الشرعية؟

ام المصير الى باب التعارض، فيقدم اقوائهما دلالة على الآخر، فإن تساويا في الدلالة فقد يرجع الى باب المرجحات.

ومن أمثلة هذه الكبرى ما هو محل بحثنا، وهو: فيما اذا دار الامر بين شرطية الاباحة وشرطية الوقت، فهو إن التزم بشرطية الوقت قدّم الصلاة في الدار المغصوبة لإحراز سائر الركعات في الوقت، وإن قدم جزئية الاجزاء الاختيارية أخر الصلاة لما بعد الخروج كي يأتي بركعة احتياط اختيارية. ففي مثل هذا المورد: ذهب المعروف كما ذكر سيد المستمسك في «ج6، ص131» وتعرض له مصباح الفقيهة في «كتاب الصلاة، ص259»، وذهب لذلك المحقق النائيني في كتاب الصلاة، وذهب الى ذلك المحقق العراقي في تعليقته على العروة:

أنّ التنافي في الواجبات الضمنية مصداق للتزاحم. ولكن خالف في ذلك سيدنا الخوئي «قده» وأفاد بأن التنافي من باب التعارض، وتبعه تلامذته.

ولكن السيد الاستاذ «دام ظله» انتصر لما هو المشهور من الفقهاء، من ان التنافي في الواجبات الضمنية مصداق للتزاحم وليس مصداقا للتعارض، وعلى الأقل اذا لم ينطبق عليه ميزان التزاحم لا تجري فيه قواعد التعارض، بل هو محكومة بأحكام التزاحم وإن لم يكن من التزاحم حقيقة. وبيان ذلك: انه قد تعرض في اصوله في بحث تعارض الادلة الى جهتين:

الجهة الاولى: ان التنافي بين الواجبات الضمنية محل للتزاحم وإن لم يكن من باب التزاحم، وبيان ذلك لعرض الادلة كأدلة باب الصلاة مثلا. فذكر ان الأدلة في باب الصلاة على ثلاثة اقسام:

القسم الاول: الأوامر المتعلقة بماهية الصلاة، نحو: «أقم الصلاة»، و«يقيمون الصلاة»، فإن مقتضى اطلاق المادة في هذه الأوامر صدق الصلاة على الفاقد لبعض السنن، فلو أوجد عملاً بدون سجود اختياري فهو صلاة، او أوجد عملا بدون تشهد فهو صلاة، او بدون قراءة فهو صلاة، فمقتضى اطلاق مادة الصلاة صدقها على الفاقد لبعض الاجزاء، وبالتالي، اذا كان اطلاق المادة يقتضي صدق الصلاة على الفاقد فمقتضى الهيئة الاسنادية وهي تعلق الامر بهذه المادة، ان الصلاة الفاقدة لبعض الأجزاء عن عذر مأمور بها، حيث إن الامر تعلق بماهية الصلاة، وماهية الصلاة تصدق على ما فقد بعض الاجزاء لعذر، إذن مقتضى الهيئة الاسنادية ان الصلاة الفاقدة لبعض السنن عن عذر يعني صلاة مأمور بها.

الدليل الثاني: ما دلَّ على الشرطية والجزئية بإطلاقه، وهو حكم وضعي. بخلاف الدليل الاول فهو حكم تكليفي «اقم الصلاة». القسم الثاني من الأدلة: احكام وضعية، ك «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب»، او «لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الصلاة»، او «لا تصلي فيما لا يؤكل لحمه» او: «إذا قوي فليقم». فإن مفاد هذه الادلة الحكومة على القسم الأول، حيث إن مفاد القسم الأول: ان الصلاة الفاقدة لبعض الاجزاء عن عذر صلاة، فإذن هي مأمور بها. لكن مقتضى القسم الثاني من الأدلة، ان لا صلاة الا بفاتحة الكتاب، ان لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الصلاة، فمقتضى حكومة القسم الثاني من الأدلة على القسم الأول: هو الارتباطية المطلقة، هي الارتباطية المطلقة، اي ان الصلاة مرتبة بالفاتحة ارتباطا مطلقاً، بحيث لو لم تكن فيها فاتحة فلا امر بها، فلو خلينا نحن والقسم الثاني من الأدلة لم يمكن لنا إثبات الأمر بصلاة فاقدة لبعض هذه الشرائط او الاجزاء التي قام عليها الدليل الوضعي المطلق.

القسم الثالث: ما دلَّ على نفي الارتباطية في موضع العذر، ك «لا تنقض السنة الفريضة» وهذا القسم على نوعين:

النوع الاول: ما دل على فك الارتباط بين الفرائض والسنن في فرض العذر، كما في قوله في صحيحة زرارة: «والتشهد سنة والقراءة سنة، ولا تنقض السنة الفريضة» فإن مفاد هذا الدليل ان الاخلال بالسنة عن عذر لا يضر ولا يوجد نقض الفريضة. اذن مفاد هذا الدليل عدم الارتباط بين السنن والفرائض في فرض العذر، فلو كان الدليل الثاني القائل «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» دالا على الارتباطية المطلقة بحيث لا امر بالصلاة مع عدم الفاتحة، الا ان الدليل الثالث يضيق الدائرة ويقول: بأن الارتباطية المفادة بالقسم الثاني إنما هو في فرض العذر وليس مطلقاً.

النوع الثاني: ما دلّ على ان موضوع الشرطية او الجزئية فرض عدم الاضطرار. مثلا: موثقة سماعة: «سألته عن المريض تمسك له المرأة شيئا فيسجد عليه؟ قال: لا، إلا ان يكون مضطرا ليس عنده غيرها، وليس شيء مما حرمه الله الا وقد احله لمن اضطر اليه». قال: ظاهر تطبيق الكبرى على المقام، حيث سأله السائل: ان المريض هل يعفى من وضع الجبهة من المسجد بأن يرفع له المسجد لا ان يضع جبهته على المسجد؟ او ان المريض يعفى من شرطية الاستقرار، لانه اذا سجد بهذه الطريقة لا يحرز شرطية الاستقرار. فقال: «وليس شيء ما حرم الله الا وقد احله لمن اضطر اليه»، فإن ظاهر التطبيق ان المراد بالحلية: الحلية الوضعية، يعني صحة الصلاة، كما في قوله: «إلا شرطا حرم حلالا او احل حراماً»، فالمراد هنا الحلية الوضعية.

ثانياً: ظاهر هذا التطبيق: أن جزئية الجزء وشرطية الشرط منوطة بعدم الاضطرار الى تركه، وأنه في فرض الاضطرار للترك فلا جزئية له، فالجزئية موضوعها عدم الاضطرار، والشرطية موضوعها عدم الاضطرار، «وليس شيء حرمه الله الا وقد احله لمن اضطر اليه».

إذن عندنا نوعان من الأدلة: نوع يقول: لا ارتباطية بين الفرائض والسنن في حال العذر. ونوع يقول: لا جزئية ولا شرطية في فرض الاضطرار الى الترك، مما يعني أن موضوع الجزئية او الشرطية فرض عدم الاضطرار، او ببيان آخر: موضوع الجزئية والشرطية فرض القدرة، إذا كنت قادرا فهو جزء وشرط، وإلا فلا.

وبعد بين الادلة يقول: فإن قلت: غاية مفاد دليل الاضطرار ارتفاع الجزئية فارتفع الامر بالمركب، اي اذا لم اقدر على وضع الجبهة على الارض ترتفع شرطية هذا الشرط، فإذا ارتفعت شرطية هذا الشرط ارتفع الامر بالمركب من هذا الشرط، إذ لا يعقل بقاء الامر بالمركب التام مع تعذر بعض اجزائه، فالأمر بالمركب التام قد ارتفع فما الدليل على المركب الناقص؟ غاية ما يستفاد من أدلة الاعذار ان الشرطية قد ارتفعت والجزئية ارتفعت، فمقتضى ارتفاعها ارتفاع الأمر بالمركب منها. فما هو الدليل على الأمر بالباقي؟

فمن هنا السيد الأستاذ ولأجل ان لا تصل النوبة الى اعمال قواعد باب التعارض، فيقال: نفس هذه الأدلة تدل على وجود امر بالباقي، فإن قوله في صحيحة زرارة «لا تنقض السنة الفريضة» واضح النظر في أن الفريضة المأمور بها باقية وإن اخل بالسنة عن عذر، وكذلك قوله في موثقة سماعة: «سألته عن المريض تسمك له المرأة شيئا ايسجد عليه؟ قال لا، الا ان يكون مضطراً». فإنها واضحة الدلالة أنه متى كان مضطرا سجد عليه، يعني انه مأمور بالصلاة المشتملة على هذا السجود. فنفس هذه الادلة واضحة الدلالة على وجود امر بالباقي. ولذا قلنا في محله: بان قاعدة الميسور تامة «لا يسقط الميسور بالمعسور» لا بالأدلة العامة كالنبوي وغيره حتى يناقش في عدم ثبوتها سندا ودلالة، بل بنفس هذه الأدلة، فإنها دالة على أنه متى اضطر لترك جزء او شرط، فهو مأمور بالباقي والباقي ميسور ذلك المركب الذي اضطر لتركه.

وإن ابيتم عدم تمامية هذه الأدلة وقلتم ان هذه الادلة ليس مفادها الا السلب اي نفي الجزئية او الشرطية، وليس مفادها الايجاب اي ثبوت امر بالباقي. فنرجع الى القسم الاول من الأدلة، حيث إنه بعد حكومة الدليل الثالث على الدليل الثاني الذي يقول: ان لا ارتباط بين السنن والفرائض حال العذر، ان لا ارتباطية بين الاجزاء الاختيارية والاضطرارية، بعد ذلك الدليل على الامر بالباقي قوله في الدليل الأول هو «اقم الصلاة» حيث ذكرنا ان مقتضى اطلاق المادة صدقها على الفاقد للسنة عن عذر، فمقتضى الهيئة التركيبية ان هذه المادة مأمور بها، فهو مأمور بهذه الصلاة الفاقدة للسنة عن عذر.

ونتيجة المطلب: لا نحتاج في إثبات الأمر بالباقي الا ان نذهب الى قيام الاجماع او بعض النصوص الدالة على انه لا تسقط الصلاة بحال. لكن الكلام فيما اذا دار الامر بين أمرين، اي لو دار الامر بين ترك القيام والسجود الاختياري جالساً، أو ترك السجود الاختياري والقيام مع السجود إيماءً، فيدور الامر بين شرطية القيام وجزئية السجود الاختياري، لا يقدر المكلف على الجمع بينهما، وتقولون بأن هذه الادلة الخاصة تدل على الامر بالصلاة، فالصلاة التي بقي الامر بها، فهل هي مع شرطية القيام؟ ام مع جزئية السجود الاختياري؟ او إذا دار الامر بين ان يدرك الوقت في تمام الركعات داخل المغصوب او يؤجل الى الخروج فلا يدرك الا ركعة واحدة، فليس مهم انه يوجد بالباقي او لا؟ انتم تقولون هناك امر بالباقي بنفس هذه الادلة، ونحن نقول: هناك امر بالباقي بقوله «لا تسقط الصلاة بحال»، هناك امر بالباقي لكن الامر بالباقي مع أي منهما؟ وهذا ما يركز عليه السيد الخوئي ان المسألة تدخل في باب التعارض، لاننا علمنا بوجود أمر بالباقي، لكن شككنا هل الأمر بالباقي مع القيام، او الأمر بالباقي مع السجود الاختياري فيتعارض دليل شرطية القيام مع دليل جزئية السجود الاختياري.

فيقول السيد الاستاذ في المقابل: مع هذا التردد، حيث فرضنا ان القسم الثالث من الادلة هو دليل حلّية المضطر، حيث قال في موثقة سماعة: «وليس شيء مما حرمه الله الا وقد احله لمن اضطر اليه»، فهذ الدليل ببركة احتفافه بالمرتكز العقلائي هو الذي يعين لنا ما هو المضطر اليه منهما. عندنا دليل يقول: «اقم الصلاة». وعندنا دليل يقول: «ليس شيء من الصلاة إلا وقد احله لمن اضطر الى تركه»، فإذا دار الامر بين أن أترك شرطية القيام او اترك جزئية السجود الاختياري، فأحتاج الى متم جعل تطبيقي، احتاج الى ارتكاز عقلائي في البين يعين لي ما هو المضطر الى تركه، فأتركه واقوم بالآخر، بلا حاجة الى الرجوع الى باب التعارض، وحيث ان دليل «وليس شيء مما حرم الله» حيث إن هذا الدليل محفوف بارتكاز عقلائي، هذا الارتكاز العقلائي يقول: اذا دار الامر بين شيئين وكان احدهما اهم ملاكا فأنت مضطر لترك المهم ولست مضطرا لترك الاهم، وليس هناك دوران لدى العقلاء. واذا افترضنا ان كلا الواجبين متساويان في الأهمية او لا تحرز اهمية احدهما على الآخر، فأنت عند العقلاء مضطر لترك ما هو مشروط بالقدرة الشرعية دون ما هو مشروط بالقدرة العقلية، واذا افترضنا ان كليهما مشروطان بالقدرة العقلية مثلا، او كلاهما مشروطان بالقدرة الشرعية، فانت عند العقلاء مضطر لما له البدل والذهاب الى بدله دون ما ليس له البدل، ولو فرضنا أن كليهما مما له البدل، او كليهما مما ليس له البدل. فأنت عند العقلاء مضطر الى ترك اللاحق زماناً والاخذ في السابق زماناً. هذه مرجحات عقلائية واضحة بمثابة القرائن المتصلة بالأدلة، فعندما يقول الشارع: «اقم الصلاة» ويقول في دليل آخر: «وليس شيء مما حرم الله في الصلاة الا وقد احله لم اضطر اليه»، فأنت تتسائل ما هو الشيء الذي انا مضطر اليه؟ فهناك متمم جعل لهذه الأدلة تطبيقي، وهذا المتمم هو عبارة عن الارتكاز العقلائي، وهذا الارتكاز العقلائي واضح بأن ما انت مضطر لتركه هو المهم، فإن لم تحرز فالمشروط بالقدرة الشرعية، فإن لم يكن فما له البدل، فإن لم يكن فاللاحق زماناً، وبالتالي فلا نحتاج الى اعمال باب التعارض، فالتنافي بين الواجبات الضمنية، وإن لم يكن من التزاحم مصداقاً لكنه مما هو مجرى لقواعد باب التزاحم، فإنها اصول عقلائية لتشخيص ما هو المضطر الى تركه.

ولكن يمكن الملاحظة على ما افاده السيد الاستاذ «دام ظله» كما ذكرناه في بحث التعارض في هذا المورد. وذلك من خلال إيرادين:

الإيراد الاول: ان تطبيق قوله في موثقة سماعة «وليس شيء مما حرمه الله الا وقد احله لمن اضطر اليه» التي هو العكاز على كلام السيد الأستاذ «دام ظله» على محل الكلام متوقف على ظهورها في شمول الحلية للحلية الوضعية. وقد ناقش في ذلك السيد الخوئي وتعرض لهاتين الروايتين في الفقه في محل الكلام، في باب السجود، وأفاد بأنه لا قرينة على ان المراد بالحلية هنا الحلية الوضعية، وان المولى ناظر الى الصحة، فلعل المنظور في الرواية: بأن الصلاة التامة مما يحرك تركها تكليفاً، بما ان الصلاة التامة يحرم تركها تكليفا لكن لو اضطررت للصلاة التامة، اي لو اضطررت لترك الصلاة التامة، يعني لو اضطررت لارتكاب هذا الحرام التكليفي فليس شيء مما حرمه الله الا وقد احله لمن اضطر اليه. لا ان مفاد الرواية ان وضع الجبهة على المسجد، او شرطية الاستقرار مما انت مضطر لتركه، وتركه محرم وضعاً، فالآن يصير حلالا وضعاً؟!، غايته ان يقول بان هذا المكلف لا يقدر ان يصلي الصلاة التامة، وترك الصلاة التامة بالعنوان الأولي حرام، لكنه في حق هذا المريض حلال، «وما من شيء حرم الله إلا وقد احله لمن اضطر اليه»، فدعوى تطبيق الكبرى بلحاظ الشرط بحيث يستفاد منها الحرمة والحلية الوضعيتان، لا بلحاظ المركب التام بحيث تكون ناظرة للحلية والحرمة التكليفيتين، فهذا اول الكلام. دعوى ظهور الرواية في ذلك دون هذا بحيث نقول: كل جزء وكل شرط في الصلاة فموضوعه عدم الاضطرار، وموضوعه القدرة. فمن أين يستفد ذلك؟ على الاقل ان يقال من المحتمل عرفا ان السائل يقول هذه الصلاة الناقصة حرام بالعنوان الاولي، يحل لهذا المريض الاتيان بها؟ يقول: نعم، وليس شيء مما حرمه الله الا وقد احله لمن اضطر اليه.

الإيراد الثاني: دعوى ان المرتكز العقلائي قائم على هذا التفصيل وهو انه اذا درت بين امرين فانت مضطر الى ترك المهم، واذا لا يوجد مهم فانت مشروط بالقدرة الشرعية، ارتكاز عقلائي مفصل ومتسلسل الى ان نصل الى النتيجة. نقول بأن تدخل المرتكز العقلائي بجعل المهم هو المضطر اليه، هذا اذا دار الأمر بين تكليفين استقلاليين، يقول المرتكز العقلائي: انت مضطر لترك المهم منهما، او ما له البدل، او اللاحق زماناً، اما اذا كان المركب واحد وليس له إلا ملاك واحد، أنت مأمور بمركب واحد بأمر واحد ذي ملاك واحد. فاذا كان لهذا المركب الواحد ملاك واحد، كون هذا الجزء أهم من هذا الجزء في الدخل في الملاك حتى في فرض دوران الامر بينهما، من أين يعلم هذا؟ لعل ذلك الجزء دخيل في ملاك المركب الناقص. لان السيد الخوئي يفترض في المقام ان الشبهة في المقام شبهة حكمية، مركب واحد ذو واحد دار ملاكه الواقعي بين ان يكون مع شرطية القيام او مع شرطية السجود الاختياري، فاذا دار ملاكه الواقعي وهو ملاك واحد بينهما، فمن أين للمرتكز العقلائي ان يقول: بأن هذا المضطر اليه دون ذاك؟! مع انه يحتمل انه ذاك الذي هو مهم لو كان في تكليف نفسي مستقل لعله دخيل في ملاك المركب الناقص، بحيث لا امر بالمركب الناقص إلا معه. فما احرز اهميته لو خلي وحده، لا يحرز أهميته اي تقوم الملاك اذا دار الامر بينه وبين جزء او شرط آخر، فتبقى الشبهة حكمية. ونحتاج الى مراجعة الأدلة. وهذا ما ركز عليه سيدنا الخوئي «قده» من اقحام المسألة في باب التعارض.

والحمد لله رب العالمين.