درس الفقه | 113

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

«إذا دار الامر بين شرطية الوقت في تمام الركعات واختيارية الاجزاء، قدم الثاني وهو اختيارية الاجزاء على الاول. والوجه في ذلك يبتني على ركيزتين:

الركيزة الأولى: ان هناك فرقا بين الجزء كالركوع، وبين شرطية الطهارة، وذلك لان الركوع المامور به في الادلة هو الانحناء الخاص، والإيماء ليس ركوعا لا عرفا ولا شرعا، وانما هو بدل تعبدي في فرض العجز عن الركوع وإلا فليس ركوعاً. ونتيجة ذلك ان المكلف ليس مأمورا في الصلاة بالجامع بين الركوع والإيماء، وإنما هو مأمور بذات الركوع، بخلاف الطهارة فإن المكلف مأمور في الصلاة بجامع الطهور وإن كان الفردان طوليين، بمعنى ان الفرد الاول الطهارة المائية فإن لم يقدر فالطهارة الترابية، لكن كليهما طهور، فكلاهما مصداق للجامع المأمور به، وذلك عبرت الأدلة بالطهور، ولم تعبر بالوضوء، فقال: «لا صلاة إلا بطهور»، و«لا تعاد الصلاة الا من خمسة» احدها الطهور. إذن فرق بين الجزء وبين الشرط كالطهارة، فإن الجزء هو ذات الركوع، اي ذات الانحناء الخاص وليس الجامع، بينما الشرط هو جامع الطهور لا الطهارة المائية وإن كانا فردا الطهور طوليين.

ومن ناحية ثانية: ان الركوع معتبر في الصلاة على نحو الانحلال، اي انه في كل ركعة امر بركوع وسجود، فما امر به في الصلاة ليس طبيعي الركوع، بل ما أمر به في الصلاة ركوعات عديدة، فكل ركعة فيه ركوع وسجود مأمور به، بخلاف الطهارة، فإنه لم يأمر بطهارات عديدة بل امر بطهارة واحدة بجميع الصلاة بأجزائها وشرائطها الاخرى. فما هو الشرط هو بسيط متعلق بتمام الاجزاء، وما هو جزء فهو افعال عديد بعدد الركعات، فلأجل ذلك لا يقاس الجزء على الشرط، فما قلنا في شرطية الطهور لا نقول به في جزئية الركوع، حيث قلنا في شرطية الطهور، قلنا اذا دار الامر بين الوقت وبين الطهارة المائية، إمّا ان يتوضأ فيفوت الوقت، أو يراعي الوقت فيتيمم، قلنا يقدم الوقت، لأنّ المكلف مأمور بجامع الطهور في الصلاة لا الطهارة المائية، وجامع الطهور موضوعه كما في الآية هو الصلاة الأدائية، فبما ان الطهور موضوعه الصلاة الأدائية اذن اخذ في الصلاة أنها موقتة قبل ملاحظة جامع الطهور، لأجل ذلك نقول اذا دار الامر بين الطهارة المائية والوقت فالوقت مقدم، اما في الاجزاء اذا دار الامر بين الركوع الاختياري وبين الوقت، إما ان يركع اختيارا فلا يدرك الا ركعة واحدة واما ان يراعي الوقت فيومي في تمام الركعات، هنا نقول: الركوع الاختياري مقدم وليس الوقت، إذ المكلف لم يؤمر بالجامع بالصلاة، أمر بالركوع الاختياري، والايماء ما هو الا بدل تعبدي في فرض العجز وإلا ما امر به هو الركوع والركوع لا يصدق على الإيماء لا عرفا ولا شرعاً. كما انه لم يؤمر بطبيعي الركوع في تمام الصلاة حتى يقال مثل الطهور يكفيه فرد من الركوع، بل أُمِرَ في كل ركعة بركوع وسجود اختياريين، نعم، لو أُمِرَ بطبيعي الركوع في الصلاة فقيل: الجزء بالصلاة طبيعي الركوع، لقلنا انه لا تزاحم حينئذ، إذ بإمكانه ان يتحفظ على الوقت وأن يأتي بطبيعي الركوع، لكنه امر في كل ركعة بركوع وسجود، لا انه امر بطبيعي الركوع. فلا تقاس هذه المسألة وهي دوران الامر بين الركوع الاختياري والوقت، بتلك المسألة وهي دوران الامر بين الطهارة المائية والوقت. بناء على ذلك: هل التنافي بين طبيعي الركوع والوقت؟ فبطبيعي الركوع ليس مأموراً به، وإنما التنافي بين الركوع في الركعة الأولى، وبين الوقت، لأنه متى ما ركع ركوعا اختيارياً في الركعة الأولى خسر الوقت في الركعات الباقية، ومتى ما اومأ للركوع في الركعة الأولى ربح الوقت في الركعات الباقية، فالأمر في الواقع وعند التدقيق ليس بين طبيعي الركوع وبين الوقت، بل بين الركوع الاختياري المأمور به في الركعة الاولى وبين الوقت. فإيهما يقدم منهما؟.

الركيزة الثانية: ان اختيارية الركوع في الركعة الاولى حيث أُمر بالركوع الاختياري هو المقدم على الوقت، لمقدمتين: المقدمة الأولى: لا مسوغ لترك الركوع الاختياري في الركعة الاولى ما دام قادرا عليه، بان يؤخر الصلاة الى ان يخرج من الدار المغصوبة ويأتي بالركوع الاختياري في الركعة الأولى، إذن ما دام قادرا على الركوع الاختياري في الركعة الأولى فلا مبرر لتركه، إذ الإيماء موضوعه العجز، وليس بعاجز، بل هو قادر على الركوع الاختياري، ولو تحفظ على الوقت في باقي الركعات فهذا لا يرفع الامر بالركوع الاختياري، ويريد ان يقول السيد الخوئي: الامر بالركوع الاختياري لا علاقة له بالركوع في الركعات الباقية، قدرت عليه ام عجزت، أنت مامور بكل ركعة في الركوع الاختياري في الثانية والثالثة أم لم تقدر، ليس الأمر بكل ركوع منوطا بالقدرة على بقية الركوعات، فما دمت الآن قادر على الركوع الاختياري في الركعة الأولى فوظيفتك الركوع الاختياري، لا يصح انه اذا ركعت الآن عجزت عنه في الركعات الباقية، لأنني اذا اريد ان اتحفظ على الوقت في الركعات الباقية فلابد لي من الايماء، فمتى ما ركعت ركوعا اختيارياً اضطررت في الركعات الباقية الى الإيماء تحفظا على الوقت. يقول السيد الخوئي الامر في الركعة الاولى ليس منوطاً بالركوعات الباقية، عجزت ام قدرت، راعيت الوقت فيها ام لم تراعي، على اية حال انت مأمور بالركوع الاختياري في هذه الركعة وما دمت قادرا عليه فالامر فعلي في حقك.

المقدمة الثانية: حيث إن امتثال هذا التكليف «الامر بالركوع الاختياري» يستوجب لا محالة وقوع مقدار من الصلاة خارج الوقت، فيشمله دليل الاتساع المستفاد من قوله «من ادرك ركعة فقد ادرك الوقت»، نحن لا نقل يشمله من قبل حتى تقولون ما صار عاجز بعد، نقول أنت الآن مأمور بالركوع الاختياري لأنك قادر عليه، فقمت بالركوع الاختياري امتثالا لأمره، بمجرد ان قمت به امتثالا لأمره اصبحت عاجزاً عن إدراك الوقت في تمام الركعات، فصرت مصداقا لقوله «من ادرك ركعة فقد ادرك الوقت» إذ ليس التأخير حينئذ مستندا الى المكلف بل مستند الى حكم الشارع، لأن الشارع قال له انت مأمور بركوع اختياري ما دمت قادراً عليه، فامتثل امر الشارع فما بقي الا مقدار ركعة، فالتأخير ليس مستندا اليه كي يقال لا يشمله حديث من ادرك، بل هو مستند الى أمر الشارع. يقول في «ج13، ص79»: وعلى هذا فلا مناص من الانتقال الى الوقت الاضطراري، اي ادراك ركعة، والتحفظ على الجزء الاختياري، اي الركوع في الركعة الأولى. _اذن الركوع والسجود الاختياريان مقدمان على الوقت_، يقول: ويؤكد كلامي وهو ان الشارع الشريف يقدم الركوع الاختياري على الوقت، قرينتان ظاهرتان من الأدلة:

القرينة الاولى: ما المراد من قوله «من ادرك ركعة من الغداة فقد ادرك الوقت»؟ هل المراد طبيعي الركعة ولو كانت اضطرارية؟ أم المراد الركعة الاختيارية؟

يقول السيد: لا إشكال المراد الركعة الاختيارية، إذ لو عممناها للركعة الاضطرارية لم يبق مورد لهذه القاعدة اصلا، لان المقدار الذي سيدرك به ركعة من الوقت سيدرك به اربع ركعات ايمائية من الوقت، ركعة من الوقت 30 ثانية، فهذه يستطيع أن يأتي بأربع ركعات إيمائية، اذن بالنتيجة لو كان المراد ب «من ادرك ركعة» يعني ادرك ركعة اضطرارية، فلا يحتاج ان يجعل الشارع هذه القاعدة، من أدرك اعاد، فقوله «من ادرك ركعة» ظاهر في الركعة الاختيارية، من ادرك ركعة اختيارية فقد أدرك الوقت، لا من ادرك ركعة ولو اضطرارية فقد ادرك الوقت، لأن المكلف يستطيع ان يدرك تمام الركعات الاضطرارية في الوقت، فلا يحتاج ان يقول له الشارع من ادرك ركعة فقد ادرك الوقت.

فهذه قرينة وهي قول الشارع «من ادرك ركعة» على ان الشارع قدم الركوع الاختياري على الوقت، لان المراد بالركعة الركعة الاختيارية. فإن ادراك ركعة اختيارية مقدم على إدراك الوقت في تمام الركعات.

فإذن اذا كان المراد بإدراك ركعة هي الركعة الاضطرارية فهو قادر على إدراك تمام الصلاة الاضطرارية في تمام الوقت.

القرينة الثانية: لو كان الوقت مقدما على الاجزاء الاختيارية إذن لو دار الامر بين صلاة اختيارية خارج الوقت او ركعة اضطرارية في الوقت قدم الثاني.

فهل يلتزم بذلك، فانا لم ادرك صلاة اختيارية في الوقت ولو بمقدار ركعة. فإذا قلتم بان الوقت اهم ومقدم إذن يلزمه ركعة في الوقت ولو اضطرارية، اذا يقدر ادراك ثانيتين من الصلاة في الوقت بان يكبر ويومي للركوع يجب عليه ذلك، لابد ان تلتزموا بذلك، لان الوقت مقدم على الجزء الاختياري، فلو كان الوقت مقدما على الجزء الاختياري للزم من ذلك انه اذا دارا الامر بين وقت فيدرك ركعة اضطرارية، وبين اجزاء اختيارية فتقع الصلاة كلها خارج الوقت، ان الاول مقدم. ولم يلتزم به احد.

إذن بالنتيجة، نقول: هناك قرائن روائية وارتكازية انه اذا دار الامر بين الوقت وبين الاجزاء الاختيارية الركنية كالركوع والسجود، فإن المقدم هو الركوع والسجود، اركع واسجد اختياراً ولو فات الوقت، فإذا ادركت مقدار ركعة فهو مقدم على تمام الوقت في صلاة اختيارية.

القرينة الثالثة: صحيحة الحلبي الواردة فيمن نسي الظهرين، قال ع: «ان كان في وقت لا يخاف فوت احداهما، فليصلي الظهر ثم يصلي العصر، وإن هو خاف أن تفوته فليبدأ بالعصر، ولا يؤخرها فتفوته فيكون قد فاتتها جميعاً».

فما المراد بالعصر التي لابد ان يقدمها؟ هل العصر الاختياري او العصر الاضطراري؟ قطعاً المراد بالمراد من خوف فوت الصلاة الاضطرارية فإنها لم تفوته، فلا يصدق هذا الحديث في حقه «فإن هو خاف ان تفوته فليبدأ بالعصر ولا يؤخرها فتفوته فيكون قد فاتتها جميعاً» الا اذا كان المنظور الصلاة الاختيارية، والا الصلاة الاضطرارية، لا يخاف، فيمكن ان يصلي تمام الركعات في الوقت إيماء، إذن هذا الحديث نفسه وهو صحيحة الحلبي نفسه دلّ على أن الاجزاء الاختيارية مقدمة على الوقت، والا لو كان الوقت هو المراعى لقال له أأتي بالصلاة كلها ضمن الوقت، لان الوقت اهم ولو كانت اضطرارية. أما اذا قال له اذا دار الامر بين الاتيان بالعصر والظهر فقدم العصر حتى لا تفوتك، معناه تقديم الاجزاء الاختيارية على الوقت. ومما يؤيد ذلك ارتكازاً: لو دار الامر بين ادراك ركعة اختيارية او الصلاة التامة الاضطرارية. يعني ليس عندي الا ركعة واحدة في الوقت، اما ان اصلي ركعة اختيارية، او ان اصلي في اربع ركعات اضطرارية؟

لم يلتزم أحد بتقديم الوقت والصلاة اربعة ركعات وأن المهم ان يكون الوقت في تمام الركعات.

إذن فهذه شواهد روائية وارتكازية على أنه اذا دار الامر بين الوقت وبين الجزئين الاختياريين الركنيين الا وهم الركوع والسجود، فان الركوع والسجود الاختياريين مقدمان على الوقت. إذن لا تزاحم اصلا بين الوقت وبين الاجزاء الاختيارية في كل ركعة، ومقتضى ذلك ان يأتي بركعة اختيارية في الوقت وباقي الركعات الاختيارية خارج الوقت. هذا تمام كلام سيدنا «قده».

نقول: ما افاده متين بحسب النتيجة. وهي انه اذا دار الامر بين الوقت وبين الركوع والسجود الاختياريين، فإن الاختيارية مقدمة على الوقت، والشواهد التي اتى بها روائية وارتكازية كاشفة عن أن الأمر بالركوع والسجود الاختياريين مطلق حتى لفرض منافاتهما للوقت، وأما الامر بشرطية الوقت لا اطلاق له لفرض هذه المنافاة.

لكن، هل يحتاج في الوصول الى هذه النتيجة الى المقدمة التي شرحها وفصلها وهي ان المكلف مأمور في كل ركعة بركوع، وأن المنافاة في الواقع بين الركع في أول ركعة، وبين الوقت، هل نحتاج الى هذه المقدمة؟ نقول: لا نحتاج الى هذه المقدمة، بل لا تصح، لان الركوع المأمور به في كل ركعة إنما هو مأمور به في الامر الضمني لا الامر الاستقلالي، والركوع المأمور به بالأمر الضمني في كل ركعة، الركوع المسبوق بأجزاء والملحوق بأجزاء، فمن اين احرزت ان المأمور به الركوع الاختياري حتى لو كانت الاجزاء الاخرى أجزاء اضطرارية، لعل الركوع المأمور به في الركعة الأولى الركوع الاختياري الملحوق بركوعات وسجودات اختيارية، هذا لا يصح ان يجعل مقدمة بأن نقول: بما ان المكلف مأمور بركوع اختياري في الركعة الأولى فهو مأمور به قدر على الاجزاء الاخرى ام عجز عنها؟ هو مأمور بركوع اختياري في الركعة الاولى، وبالتالي سوف تقع المنافاة بين هذا الركوع الاختياري في الركعة الأولى لا بين الصلاة ذات الاجزاء الاختيارية وبين الصلاة ذات الوقت، فهذا لا يصح، لان المأمور به إنما هو مأمور به في الامر الضمني، والركوع المأمور به بالأمر الضمني الركوع الملحوق والمسبوق، فلعل المأمور به بالامر الضمني الركوع الملحوق بالاجزاء الاختيارية لا مطلق الاجزاء. إذن هذه المقدمة غير صحيحة، بل لا نحتاج اليها. إذ نستطيع أن نقول: متى ما دار الامر عند المكلف بين ان يركع في هذه الصلاة بركوع اختياري سواء كان الركوع الاختياري في الاولى او في الثانية او في الرابعة، متى ما ركع ركوعا اختياريا فات الوقت، فبالنتيجة يدور الامر في حقه بين أصل الجزء الاختياري وبين الوقت، لا بين الركوع الاختياري في الركعة الأولى وبين الوقت، نعم، مصداقه الخارجي هو الركوع في الركعة الأولى، لانه الذي سيبدأ به، لا لأنه هو المأمور به، بل لأن الدوران بين طبيعي الركوع الاختياري وبين الوقت، لكن مصداق الطبيعي فالطبيعي ينطبق على اول فرد، هذا من باب انطباق الطبيعي في اول مصداقه، لا لأن الركوع الاختياري في اول ركعة هو المزاحم، بل لأنه هو المصداق الاول لما هو المزاحم، إذن فلا حاجة الى هذه المقدمة التي ذكرها بل لا صحة لها، وبالتالي نقول: في مثل هذا المكلف يقدم الوقت.

وأما ما ورد في تعاليق العروة، بعضهم قال: يقدم لأنه ليس له بدل، والركوع الاختياري له بدل، وهو الايماء، والجواب عن ذلك: ان الوقت ايضا له بدل تنيزيلي وهو من ادرك ركعة فقد ادرك الوقت، مضافاً الى ان بعض الاجزاء الاختيارية ليس له بدل، مثل الاستقبال، والاستقرار، فإنهما لا بدل لهما، فليس كلما دار الأمر بين الصلاة الاختيارية وبين الوقت كان الاختياري مما له بدل، قد لا يكون له بدل. فهذا الوجه غير تام.

الوجه الثاني، ما ذكره بعض المحشين، الوقت يقدم، لأن الركوع والسجود الاختياريين مشروطان بالقدرة الشرعية، والدليل على أنهما مشروطان بالقدرة الشرعية أن لهما بدل، بينما الوقت ليس مشروط بالقدرة الشرعية، بل مشروط بالقدرة العقلية، بالنتيجة: الوقت ليس مشروط بقدرة شرعية، والركوع مشرطا بالقدرة الشرعية، وإذا تزحم ما ليس مشروطا بالقدرة الشرعية على مع ما هو مشروط بالقدرة الشرعية قدم ما ليس مشروط بالقدرة الشرعية وهو الوقت في المقام.

الجواب عن ذلك: صحيح ان الركوع مشروط بالقدرة الشرعية، والوقت ليس مشروطا بالقدرة الشرعية، ولكن القدرة التي اخذت في الركوع ليست بمعنى عدم وجود واجب مزاحم كي يقول بان الوقت واجب مزاحم كي يرفع القدرة، بل القدرة المأخوذة في الركوع والسجود القدرة التكوينية، فالقدرة الدخيلة في ملاك الركوع والسجود القدرة التكوينية والمفروض انه موجودة وإن زاحمها الوقت. فلا موجب للانتقال الى البدل الا وهو الإيماء.

راجع «ج6، باب 20، من ابواب السجود»:

الرواية الأولى: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الْكَرْخِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلٌ شَيْخٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ - إِلَى الْخَلَاءِ وَ لَا يُمْكِنُهُ الرُّكُوعُ وَ السُّجُودُ - فَقَالَ لِيُومِ بِرَأْسِهِ إِيمَاءً - وَ إِنْ كَانَ لَهُ مَنْ يَرْفَعُ الْخُمْرَةَ، فَلْيَسْجُدْ - فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ فَلْيُومِ بِرَأْسِهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ إِيمَاءً». وظاهرها: ان الموضوع هو العاجز كالشيخ الكبير.

الرواية الثانية: «َ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُصَدِّقٍ عَنْ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يُومِئُ فِي الْمَكْتُوبَةِ - وَ النَّوَافِلِ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ - وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعٌ يَسْجُدُ فِيهِ - قَالَ إِذَا كَانَ هَكَذَا فَلْيُومِ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا».

الرواية الثالثة: «وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبْدُوسٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ لَيْثٍ الْمُرَادِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُرْعِفِ يَرْعُفُ زَوَالَ الشَّمْسِ - حَتَّى يَذْهَبَ اللَّيْلُ قَالَ يُومِئُ إِيمَاءً بِرَأْسِهِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ - وَ عَنْ رَجُلٍ اسْتَفْرَغَهُ بَطْنُهُ قَالَ يُومِئُ بِرَأْسِهِ».

إذن ظاهر هذه الادلة: أن موضوع الإيماء للركوع العجز التكويني، وموضوع الإيماء للسجود، العجز مضافاً الى عدم وجود ما يسجد عليه، فتعميها الى ما كان له مزاحم كالوقت وغيره بلا شاهد.

تحصل من هذا الشرط وهو شرط الإباحة في مكان المصلي: تقديم الركوع والسجود الاختياريين على الوقت.

ندخل في شرط جديد من شرائط المكان وهو كونه قاراً. فلا يجوز الصلاة على الدابة او في السفينة اذا كان يفوت معها الاستقرار.

والحمد لله رب العالمين.