العلامة الخباز: الفطرة الإنسانية ترفض الرذائل وتميل نحو العدالة

شبكة المنير

أكد العلامة المنير على أن الإنسان يملك الاستعداد لتغيير طباع الرذائل والتحلي بالقيم الفاضلة كلها بشهادة الوجدان لما تحمله فطرته الإنسانية من سعيٍ نحو الكمال ورفضٍ للظلم ونزعةٍ للميل نحو العدالة.

وأشار في حديثه في المحاضرة التي حملت عنوان «القِيَم الخُلُقيّة بين المثاليّة والواقع» إلى دليلين يدلان على استعداد الإنسان للتغيير تمثل أحدهما في البهجة والأنس برؤية العدل والنفور من أي عملٍ يؤدي للظلم، والآخر تمحور حول اتفاق المجتمع العقلائي على مدح العاقل والصادق وذم الظالم والكاذب تبعًا للميول الفطرية.

وجاء حديثه ردًا على المقالة التي تذكر بأن القيم الخُلُقية ترجع إلى جذور بيولوجية وجيولوجية تختلف باختلاف البشر ولا يمكن أن يفك عنها الإنسان أو يغيرها فمن ولد بخيلاً وغضوبًا أو كريمًا وحليمًا يبقى على ما تولد عليه وعلى ما اقتضته طبيعته.

وذكر بأن هنالك ثلاثة عوامل تؤثر على عالم المادة فينعكس أثرها على النفس والتي تتمثل في النطفة التي تتخلق عبر الغذاء الذي يؤثر على صياغة النفس، إلى جانب الجينات الوراثية الحاملة لبصمات الأجداد والناقلة لصفاتهم فضلًا عن الرضاع المؤثر على شخصية الإنسان.

وبين بأن كل عامل يؤثر على المادة يؤثر على النفس لذلك قد يولد الكريم كذلك لكون أحد أجداده كريم والعكس صحيح.

وأوضح بأن هذه الطباع المكتسبة بالوراثة يمكن لها أن تتغير لأن الجينات الوراثية تغرس الاستعداد ولا تنقل الصفات بالفعل للولد لذا فإن الاستعداد بالإمكان أن يتغير منوهًا بأن لا معنى للقول بأن القيم والأخلاق ثابتة في الإنسان.

وقال في محوره الثاني فيما يتمثل بروافد اكتساب القيم بأن من الإمكان أن يخلق في الأولاد التحلي بسائر القيم والفضائل عبر ثلاثة عوامل تمحورت في العامل النفسي المتمثل بالاستعداد، والعامل التعليمي المعتمد على عملية التلقين على المفهوم، والعامل التربوي القائم على التحفيز نحو الإرادة.

ونفى صحة ما طرحه علماء التربية الحديثة من أن الإنسان لا يمكنه التغيير مشيرًا إلى امتلاكه لنزعتي الأنانية والرحمة والتي يحتاج لكي يتحول لأحدهما لتدريبات وتمرينات تدخله تحت إحدى هاتين النزعتين.

وتطرق إلى مراتب القيم المماثلة لمراتب الإنسانية في محوره الثالث.

وتحدث عن إمكانية تربية الناس والمجتمعات على صفة الانضباط وعدم اعتداء أحدٍ على آخر منوهًا إلى إمكانية تربية المجتمع على الاتصاف بأي صفة أخرى ردًا على من يزعم بأن الطبع لا يمكن تغييره.

وطالب بالتحلي بسائر الصفات وذلك بالسعي للحصول على بعض درجات القيم المماثلة لدرجات الإنسانية وليس بالضرورة التحلي على أعلى درجاتها.

وشدد على أهمية الفرز بين طبيعة الإنسان وبين فعله وإساءته والتعامل بالعفو والصفح وذلك لتجاوز الأنانية واكتساب صفة صفاء النفس التي تعد من أبرز مظاهر الرحمة.

الجدير بالذكر بأن القِيَم الخُلُقيّة تعد أحد الركائز الرئيسية التي تقوم عليها الحياة البشرية، حيث هي روح سلوك الفرد، وبها يرتقي بنفسه، ويحقق إنسانيته، وهي التي تعطي المجتمع ملامحه الحقيقية، وتسدد حركته، وتحدد له غايته.