لقاء بعض طلاب الدكتوراه والماجستير بـ جامعة ميشيغان

شبكة المنير

التقى سماحة الحجّة السيد منير الخبّاز - حفظه الله - يوم الخميس 13 محرم 1439هـ، الموافق 5 أكتوبر 2017م، بطلاّب الدراسات العليا في جامعة ميشيغان، بمدينة آن آربر Ann Arbor، وذلك بعد أنّ أمّهم جماعةً في صلاة العشاءين.

وقد استهلّ كلمته المباركة بالآية الكريمة:

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً.

مشيراً إلى ما تستبطنه الآية الكريمة من مفردةٍ دينيّةٍ قيّّمةٍ، معنوناً لها ب ”كرامة الإنسان“، لافتاً أنّ الآية الكريمة لم تجعل ”الكرامة“ منوطةً بالإسلام، ولا بالإيمان، بل بالإنسان - بما هو إنسان له كرامة -، وإنسانيتُه هذه توجِب احترامه، وبذلك فإنّه يُسجّل للقرآن الكريم السبق على جميع المنطمات الحقوقيّة والعلميّة، بأن جعل محور الحقوق والكرامة الإنسان - بما هو إنسان -.

واسترسل سماحته مستعرضاً معالم هذه ”الكرامة“ في آيات القرآن الكريم:

1. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. فالقرآن يرى بأنّ كرامة الإنسان بتلاقي الحضارات، للاستفادة من تجربتها، سواء اقتصادياً أو اجتماعياً.

2. ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ «17» الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ. وهنا يؤكد القرآن الكريم على أهميّة إعمال العقل، لأن العقل هو الذي يحافظ على كرامة الإنسان.

3. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا. فظنّ السوء، وتتبّع عورات الآخرين، والغِيبة، كلّها محظوراتٌ محرمة، تصطدم مع الكرامة المحفوظة للإنسان، ولو طالعنا جميع المواثيق الحقوقية فلن نجد ميثاقاً يؤكد على عدم إساءة الظن بالآخر، أو الغِيبة، بينما القرآن الكريم يؤكّد على هذه الحقوق.

وختم سماحته كلمته الموجزة بالإشارة إلى تقاطع النهضة الحسينيّة المباركة مع هذا الميثاق الحقوقي القرآنيّ، الذي ناهضَه المشروع الأمويّ، روماً في استعباد الإنسان، وتسخيره لبلاطه، فثار الحسين بوجه هذا الجبروت مخاطباً: ”ألا وإنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين، بين السلّة والذلة، وهيهات منّا الذّلة، يأبى الله لنا ذلك...“.

ثم أُفسِح المجال لأبنائه الطلبة بطرح تساؤلاتهم، وختم اللقاء مع سماحته بتقديمه نصيحةً رساليةً لهم، كسفراء متغربين عن أوطانهم، وأكّد على نقطتين مهمتين:

1. وظيفتنا جميعاً أن نعكس أخلاق آل البيت ، فقد ورد عن الصادق : «إنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا».

وسيرة أهل البيت مليئةٌ بالمثل والقيم الخُلُقية، فلنا أن نربط مفهوم العدالة بالإمام علي ، والسلام بالإمام الحسن والحرية والكرامة بالإمام الحسين ، والإمام السجاد بالخشوع، والإمام الصادق بالعلم والمعرفة، والإمام الكاظم بالصبر. وهكذا نربط كلّ إمام بصفته البارزة، والثقافة الغربيّة تثمّن هذه القيّم الرفيعة، وكلّ إمامٍ عندنا يمثّل قيمةً إنسانيةً راقيةً.

2. تعاملنا لا بدّ أن يكون بصدق وأمانة، وحسن خلق وببسمة. فقد ورد أن الإمام الصادق قال: «كونوا زيناً لنا ولا تكونوا شيناً علينا» وفي رواية أخرى: «كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم».. «فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق الحديث، وأدى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس، قيل ”هذا جعفري“ فيسرني ذلك».

فالجعفري هو الصادق الأمين المبتسم الخلوق المتواضع مهما كان إمامه.

وودع سماحته الطلبة داعياً لهم بكثيرٍ من التوفيق في حاضر حياتهم العلمية، وقابلها العملية..

وقد أجرى ترتيبات هذه الجلسة المباركة السيد حيدر المهري.

حفظ الله سماحة السيد المنير في حلّه وترحاله،،،