التربية في فلسفة الإسلام

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا

صدق الله العلي العظيم

انطلاقا من الآية المباركة نتحدث هذه الليلة عن التربية من المنظور الإسلامي، وذلك في نقاط ثلاث:

  • الأولى: بيان مفهوم التربية ووظائف التربية.
  • الثانية: المدارس الفكرية في المناهج التربوية.
  • الثالثة: ملامح التربية الدينية.
النقطة الأولى: بيان مفهوم التربية ووظائف التربية.

في هذه النقطة لدينا ثلاثة أسئلة: ما هي التربية؟ وما هي وظائف التربية؟ وما هي أقسام التربية؟

السؤال الأول: ما هي التربية؟

نرجع إلى كتاب الدكتور منير مسري سرحان [اجتماعيات التربية، الطبعة الثالثة]: التربية هي تكيّف الفرد مع محيطه. مثلا: أنا أولد في أسرة معينة، هذه الأسرة تحمل مفاهيم معينة إذا أنا تكيّفت مع هذه المفاهيم، إذا فالأسرة ربتني.

لا   عذب  الله  أمي  إنها  iiشربت
وكان  لي  والد  يهوى  أبا  iiحسنِ
  حب  الوصي  وغذتنيه  في  iiاللبنِ
فصرت من ذي وذا أهوى أبا حسنِ

تكيّف الفرد مع مفاهيم بيئته، مع مفاهيم أسرته يعدّ تربية. أو: أنا أعيش في مدرسة والمدرسة لها مناهج تربوية معينة، لها أنظمة معيّنة تكيّفي مع أنظمة المدرسة مع مناهجها يسمّى تربية.

السؤال الثاني: ما هي وظائف التربية؟

يذكر علماء التربية أن للتربية ثلاث وظائف:

الأولى: أنها وسيلة اتصال.

لشرح هذا المعنى عندنا العلاقة على قسمين: علاقة نفوذ وعلاقة اتصال. أنا لو كنت جنديًا واقفًا أمام المدرب ويبدأ المدرب بإصدار أوامره: استعد، استرح.. إلخ، وأنا أطبّق هذه الأوامر. علاقتي هذه بالمدرب هي علاقة نفوذ ولا محل للأحاسيس في هذه العلاقة فقد أكون أكره هذا المدرب وربما أكره التدريب من الأساس. أما علاقة الطفل بأمه حينما تعلمه كيف يأكل، كيف يمشي تسمّى علاقة اتصال لا علاقة نفوذ لأن هناك اتصالًا روحيًا ووجدانيًا بين المعلم والتلميذ. العلماء يقولون بأن التربية من القسم الثاني لا من القسم الأول فهي علاقة اتصال لا علاقة نفوذ. حتى تصبح العلاقةُ تربيةً يجب أن تكون علاقة اتصال. فعلى المدرس أن يحبّب الطالب في المادة التي يدرسها ويزرع الشوق في الطالب انتظارًا لها.

الثانية: أنها تنقل المفاهيم والخبرات من جيل إلى جيل.

مثلا: الجيل الجديد كما يحتاج إلى الماء والهواء والتربة حتى يعيش ويبقى فهو يحتاج إلى خبرات وتجارب ومفاهيم، حتى يخوض هذا الجيل الحياة يحتاج إلى رصيد من التجارب والمفاهيم التي يكتسبها من الجيل السابق. وهذه وظيفة التربية. ومن ذلك قول الإمام علي : ”رأي الشيخ أحب إليّ من جلد الغلام“.

الثالثة: أنها تزرع الأخلاق من خلال التجربة العملية.

لا الوعظ ولا الإرشاد ولا التوجيه يفيد في زراعة الأخلاق فهي لا تنزرع في النفوس بالكلمات والمواعظ وإنّما تنغرس في النفوس بالتجربة العملية. مثلا: ملاحظة الابن في المنزل لأبيه هل هو يكذب أو لا، هل يخون الأمانة أم لا، اذا كان الأب أمينا صادق اللهجة مع الناس زرع الخُلُق في نفس ولده بدون أن يقول له كلمة واحدة. ولذلك فإن الطفل إذا عاش في بيت منظّم نظيف فسيصبح الطفل منظمًا ونظيفًا والعكس صحيح. فكما يكتسب التنظيم والنظافة من دون تعليم يكتسب الأخلاق كذلك.

ولذلك ورد عن الإمام الصادق : ”كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم“، وأيضا قال : ”إن الرجل منكم إذا صدق في حديثه وورع في دينه وحسن خلقه مع الناس قيل رحم الله جعفرًا ما كان أحسن ما يؤدِّب به أصحابه وإن كان الرجل منكم على غير ذلك قالوا فعل الله بجعفرٍ ما فعل ما كان أسوأ ما يؤدِّب به أصحابه“. فالمسألة عملية لا نظرية وتوجيهية.

السؤال الثالث: ما هي أقسام التربية؟

علماء التربية يقسمون المنهج التربوي إلى قسمين: منهج ظاهر ومنهج مستتر. مثلا: أنا لما أذهب للمدرسة وأجلس أمام المعلم الذي يبدأ بتعليمي شيئا ما فهذا يطلق عليه منهج ظاهر لكن سلوك المعلم في حد ذاته هو سلوك مستتر. فسلوكه تربية ولكنه تربية غير مقصودة على عكس كلامه المقصود. فعند تأسيس مدرسة أهلية مثلا، لا ينبغي أن أختار المدرس الكفء الماهر في المادة فقط، بل يجب أن أبحث فيه عن الصفات الأخلافية والدينية والانضباطية لأني أريد أن أعطي الطلبة منهجين: منهجًا ظاهرًا وآخر مستترًا. فإذا الابن رأى تناقضًا بين المنهج الظاهر والمستتر في أبيه الذي يأمره بالصفات الحسنة والالتزام بالأخلاق العالية ولكن أباه لا يطبق ذلك فلا يلتزم بقول ولا يلتزم بمبدأ، نتيجة هذا التناقض بين المنهج الظاهر والمستتر يصاب الطفل بازدواجية الشخصية وعدم التوازن فيها، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ.

النقطة الثانية: المدارس الفكرية في المناهج التربوية.

المنهج التربوية تحدده الفلسفة التي وراء هذا المنهج. كل دين وكل اتجاه له فلسفة ورؤية للحياة ورؤية للإنسان ورؤية للكون وعلى طبق رؤيته يصوغ المنهج التربوي. لذلك اختلاف المدارس الفلسفية فرضَ اختلاف المناهج التربية. سنلقي الضوء على ثلاث مدارس معاصرة: المدرسة الطبيعة والبرجوماتية والإسلامية. لمعرفة هذه المدارس ارجع لمجلة المعرفة العدد الثامن والتسعين.

المدرسة الأولى: المدرسة الطبيعية «يتبناها الفيلسوف روسو».

هذه المدرسة تقول بأن الطبيعة لها قوانين ثابتة فمثلا قانون الجاذبية الأرضية يحكم ما يتحرك على الأرض لأنه قانون ثابت، فكما أن للطبيعة قوانين ثابتة فالإنسان أيضا تحكمه قوانين ثابتة لأن الإنسان ابن الطبيعة فتحكمه قوانين ثابتة. فيقول روسو: إذا اردنا الإنتاج فلنترك الطبيعة كما هي، فاذا مست الطبيعة يد الإنسان تحولت إلى دمار. هذه الطبيعة تتعلق بالتربية من خلال أمرين: الأول يتجسد في الطفل عندما يولد فلديه ميول واتجاهات فإذا أردنا أن ينتج هذا الطفل فيجب علينا أن ندعه يمشي وراء ميوله ورغباته يحققها كيفما يريد. فما دور المعلم إذن؟ دوره هو اكتشاف الطفل فهو مساعد للطفل للوصول إلى ميوله ورغباته.

وهنا نقطة: من طبيعة الطفل الاختلاط بالجنس الآخر، إذن دعوا الاختلاط كما هو ولا تقفوا أمامه؛ لأنكم إذا وقفتم أمامه وقفتم أمام الطبيعة، والوقوف أمامها يجعلها عقيمة. فإذا أعطي الطفل حريته أعطي طبيعته، وإذا أعطي طبيعته أنتج.

المدرسة الثانية: المدرسة البرجوماتية «يتبناها جون ديوي».

تقول هذه المدرسة بأنه لا يوجد شيء يسمى بالقيم والمُثُل. فمن يقول لك بأن هناك قيم إنسانية ومُثُل إنما يستغفلك ويملي عليك خرافات. فقبل التجربة لا توجد هناك مُثُل ولا قيم أبدًا. فإذا جربنا شيئًا ووجدناه نافعًا لأغلب الناس فهذا الشيء هو القيم والمُثُل وليس شيء قبل ذلك. ويترتب عليها أن المناهج التربوية تصبح مناهجًا تجريبيةً فقط لأن التجربة هي التي تعطي القيم والمُثُل. أيضا المناهج تختلف باختلاف المجتمعات لأن هناك مناهج تنفع مجتمعًا دون الآخر.

المدرسة الثالثة: المدرسة الإسلامية.

الفلسفة الإسلامية ترتكز على ثلاث ركائز:

الركيزة الأولى: هناك قيم ومُثُل إنسانية قبل الخوض في أي تجربة.

والدليل على هذا هو أن العلماء يقسّمون اللذة على قسمين: حسّية وعقلية. اللذة الحسّية مثل اللذة الذوقية عند تناول طعاما لذيذا. أما لو عرضت علي مسألة صعبة في الرياضيات استلزمتني التفكير الطويل للوصول إلى الحل فبمجرد وصولي إلى الحل تصبح عندي لذة عقلية لا لذة ذوقية. بناء على هذا الرسول الأعظم يقول ”من عرف نفسه فقد عرف ربه“. إذا تأملنا في أنفسنا سنجد أن النفس تلتذ ببعض الأمور وتنفر عن البعض الآخر.

مثال ذلك: يلتذ الإنسان ولو كان كافرا لا يملك دينا ولا مبدأ بمساعدة الطفل المكفوف في عبور الشارع. هذه اللذة عقلية لا ذوقية. هذا دليل على أن النفس تلتذ ببعض الأفعال وتنفر بالبعض الآخر. وهو دليل على أنه يوجد في النفس قيم ومُثُل فالنفس تملك جذورا قِيَمِّة وإنسانية زُرِعت في الإنسان منذ خلق هذه النفس.

قال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا وقال: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ولذلك قال الرسول محمد ”إنما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق“. وهي التزكية في قوله تعالى: ﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ أي: يقودهم إلى الجذور الإنسانية كما ورد عن الإمام علي : ”كان يضمّني إلى صدره وينيمني إلى جنبه ويمضغ الطعام ويلقمني إياه وكان يرفع لي في كل يوم عِلما من أخلاقه ويأمرني بالاقتداء به وما رأى لي كذبة في قول وصليت الصلاة وكنت طفلًا صغيرًا ما بلغت أوان حلمي وأوجب لي ولايته عليكم“.

الركيزة الثانية: التربية الإسلامية تعني تنمية القابليات.

هذا يعني مثلا استحالة تربية الحجر لعدم قابليته على الاستجابة. بناء على ذلك فالتربية هي إبراز الطاقات والمواهب. فعند قضائي اثنتي عشرة سنة في المدرسة تعلمتُ معلوماتٍ لا حد لها ولكن هذا لا يمثل التربية. التربية تتحق لمدرس الرياضيات مثلا عندما يعلم الطالب كيف يتعلم قبل أن يعلمه المسائل والمعلومات الرياضية. إبراز مواهب الطالب هي التربية.

الإمام علي يقول: ”العلم علمان: علم مطبوع وعلم مسموع ولا ينفع المسموع دون المطبوع“، مطبوع: أي القابلية عند الإنسان. يقال بأن كان هناك رمّال، يعني خبير بعلم الرمل وهو علم الحسابات والطلاسم لكشف بعض المغيبات، كان لهذا الرمّال علاقة بملك يخبره بهذه المغيبات. وكان هذا الرمال يعلّم ابنه نفس المعلومات لا كيفية الحصول عليها. فأتى السلطان بالابن لاختباره ووضع السلطان بيضة في يده وأخفاها وسأل الابن: ماذا في يدي؟ فلم يجب الابن. فحاول السلطان مساعدة الابن فقال له: وسطه أصفر وأطرافه بيضاء. فقال الابن: هذه طاحونة في وسطها جزرة. هذا الابن تعلم الرّمل ولكنّه لم يتعلم كيف يتعلم ويفرّع ويستنبط ويستثمر هذا العلم.

الركيزة الثالثة: تعليم الميزان.

وهو الميزان العقلي الذي يميّز بين الصحيح والفاسد. ويُستنبط من قوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ، وقال الرسول الأعظم : ”تفكّر ساعة خير من عبادة سنة“. يجب علينا أن ننزع الأغلفة التي على عقولنا، أن نفكّر، نسأل ونناقش حتى نصل إلى البرهان. كل كلام لم يدعمه برهان ولا دليل فلا تقبل به.

وفي هذا القرآن الكريم يذمّ اتباع الآباء في قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ وأيضا القرآن يذمّ اتباع الأكثرية ويقول: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ.

ولذلك لدي إشكال طرحتُه عدة مرات في المسجد؛ وهو أن الفقه يُعلّم في المساجد بطريقة تلقائية لا يتفاهم معها العقل. فإمام المسجد يأتي بالحكم ويعلمك إياه ويعلمك الموضوع بتشخيصاته كاملة دون حاجة منك لاستخدام عقلك. فمثلا: لو أعطيتك حكمًا بأن لو خرج الإنسان من بلده قاصدًا قطع المسافة 22 كيلو فإنه يقصّر. وثمّ أشخّص الموضوع: المقصود بالبلد هو المجمعات السكنية التي تجمع جماعة معينه، وأنت بلدك هو المنطقة المعينة. هذه الطريقة من تعليم الناس للفقه تفقدهم القدرة على التعلّم. فسيظل من يتعلم الفقه بهذه الطريقة جاهلًا لا يعرف أن يستنتج أي مسألة تُعرض عليه لأنه لم يُعلّم كيف يتعلّم، لم يُعلّم الميزان الذي يميّز بيه بين الصحيح وبين الفاسد.

النقطة الثالثة: ملامح التربية الدينية.

الإنسان له عدة أبعاد: بُعد عقلي، بُعد ذوقي، وبُعد ديني. وُلد الإنسان وولد الدين معه وعنده تعلّق بما وراء الطبيعة وما وراء الغيب. ولذلك عُني الإسلام بالتربية الدينية. ويجب على الآباء والأمهات والمعلِّمين معرفة معالم التربية الدينة. ترتكز التربية الدينية على ثلاثة معالم:

أولًا: سبق الإعلام.

نحن الآن في عصر العولمة والعالم أصبح قرية وأسرة واحدة، فالقنوات الفضائية ومواقع الإنترنت غزتنا وغزت أولادنا ومفاهيمنا. طفلك هذا وعمره ست سنوات قبل أن ينفتح على وسائل الإعلام وقبل أن يفهمها لابد أن تسبق أنت وسائل الإعلام وتعدّل له الطريق. قد تقول بأنه لا وقت لديك، فيجب أن تنتهز أوقات اجتماعك بطفلك كوجبة الغذاء مثلًا اعطه معلومة دينية ولو واحدة في كل يوم، بهذا الفعل أنت تزرع فيه الدين وثم إذا أصبح الدين موجودًا عنده دعه يرى وسائل الإعلام.

الإمام علي يقول لابنه الحسن عليهما السلام: ”إنما قلب الحَدَث كالأرض الخالية فبادرتك بالأدب قبل أن يقسي قلبك وينشغل لبّك“ ويقول الصادق : ”علّموا أبناءكم من علمنا ما ينتفعون به لا تسبقكم المرجّئة“. وللأسف فإن القيمة الآن عند الآباء بمعدل ابنهم الدراسي فقط. ولكن الصحيح أنّ قيمته بدينه وخُلقه وثقافته الدينية.

ثانيًا: الإشراف والرقابة.

قال تعالى: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ. كثير من الآباء يقول بأن ابنه متمرد عليه بمجرد ما صار عمره ست عشرة سنة، صحيح أن هذه حالة مؤسفة ومنتشرة ولكن الأب قادر على أنّ ابنه لا يصل إلى هذا المستوى بطريق هو مراقبة أصدقائه فيجب عليك، منذ صغره، بربطه بأصدقاء مطيعين مؤدبين محترمين.

ورد عن الرسول : ”المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل“ وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا. حوّل ولدك إلى صديق، العب معه وحسّسه بأنك صديقه، وحدثه بقصصك لكي يحدثك بقصصه ويبوح لك بأسراره. لأنه إذا شعر بأنك سلطة مطلقة فسيتمرد عليك يومًا من الأيام. ورد عن الرسول محمد : ”لاعب ابنك سبعًا وأدبه سبعًا وصاحبه سبعًا“.

ثالثًا: التركيز على المقدسات.

علّم ابنك على احترام المقدسات منذ صغر سنه، ومن المقدسات إحياء مآتم أهل البيت . اصحب ابنك منذ صغره إلى المآتم والحسينيات حتّى ينموعلى حبّها وعلى التعلق بها. أعجب من المعلّمين والمعلّمات الذين يأمرون الطلّاب بعدم الغياب في اليوم العاشر مثلًا، فلم تقف حجرًا في وجه إحياء شعائر أهل البيت ولماذا تصفُّ نفسك في هذا المصفّ؟! إذا أنت كنت خائفًا على الطالب إن غاب أن يذهب لأماكن الفساد أو يسهر ليلًا فعليك بتوجيهه للبرامج المفيدة في اليوم العاشر، أرشده كيف يستغل العطلة ويستغل الغياب حتّى تكون عاملًا مساعدًا على إحياء شعائر أهل البيت.

من مقدّساتنا وشعائرنا ورموزنا وصلب هويتنا التّعطيل يوم عاشوراء، بتعطيل الأسواق والمحلّات وتعطيل الأمور هذا كلّه من رموزنا وشعائرنا وصلب هويتنا. نحن علينا أن نعلّم أبناءنا على إحياء هذه الشعائر وأن نحثهم على إحياء هذه الشعائر. ”يا فضَيل، أتجلسون وتتحدثون؟ قلت: بلى سيدي فقال: إني أحب تلك المجالس فأحيوا فيها أمرنا، من جلس مجلسًا يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب“. إذا آباؤنا لا يمتلكون الوقت ليعلمونا تاريخ أهل البيت، فيجب أن نتعلم من هذه المجالس والمآتم.