مرجعية القرآن أم السنة

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُۚ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ

صدق الله العظيم

﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ، هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُۚ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ، الكتاب الكريم ينتظر جميع المسلمين تأويله؛ لأن تأويله يكشف حقائقه، ويرفع غوامضه، فجميع المسلمين ينتظرون يومًا يتبيَّن فيه تأويل القرآن كله، فالمسلمين في حال انتظار إلى تأويله ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُۚ أي أن جميع المسلمين ينتظرون تأويل القرآن وسيأتي يومٌ حتمًا يتحقق فيه تأويل القرآن كله، وتنكشف فيه الحقائق كلها، وترتفع جميع الملابسات والغوامض كلها، ﴿يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ، فما هو يوم التأويل؟ إلى الآن لم ينكشف لنا القرآن كله، إلى الآن لم يتحقق للمسلمين، يومٌ هو يوم تأويل القرآن كله، فمتى يوم تأويل القرآن؟ ومتى يتحقق ذلك اليوم الذي هو يوم القرآن؟ يوم انكشاف القرآن، هنا في الرواية المعتبرة عن الصادق : ”يوم يأتي تأويله يومان، يوم الإمام المهدي من آل محمد ، ويوم القيامة“

أي أن تأويل القرآن سيمرُّ بمرحلتين، بظهور المهدي «عجل الله تعالى فرجه» ستنكشف الآيات المتعلِّقة بالدنيا، وبالتشريع في عالم الدنيا، ستنكشف بواقعها وحقيقتها يوم ظهور المهدي «عج». والآيات المتعلِّقة بالآخرة، وتفاصيل عالم الآخرة، ستنكشف بواقعيتها وحقيقتها يوم القيامة. إذن فيوم تأويل القرآن يومان يوم مهدي آل محمد ويوم القيامة، من هنا نتحدَّث في محاور ثلاثة ترتبط بالقرآن الكريم:

  • العلاقة والتعامل مع الكتاب.
  • مرجعيَّة الكتاب.
  • مصدرية الكتاب للتشريع.
المحور الأول: كيف يتعامل المسلم مع القرآن الكريم؟

هناك مراحل ثلاث للتعامل مع الكتاب:

المرحلة الأولى: مرحلة الاستظهار.

تعني عرض الآيات القرآنية على الفهم العربي، القرآن كتاب عربي، ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ الشعراء «193 - 195»، فالمرجع في استظهار آياته هو الذهنيَّة العربية، الفهم العربي العام، الرجوع إلى الفهم العربي العام يسمَّى استظهارًا. كل إنسان يملك أدوات الاستظهار يستطيع خوض هذه المرحلة، وأدوات الاستظهار: المعرفة باللغة العربية، وبالعلوم الأدبيَّة، بالنحو، وبالبلاغة، فإذا ملك الإنسان هذه الأدوات يستطيع أن يخوض مرحلة الاستظهار ويقول أنا أستظهر من القرآن كذا، لأنني أسير على أدوات الاستظهار المتاحة لكل عربي عارف باللغة، بنحوها، بأدبها، ببلاغتها، يستطيع أن يخوض هذه المرحلة، ولذلك لدينا آيات تأمر بالتدبُّر ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا محمد «24»، ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا النساء «82».

فالتدبر فرع الاستظهار أي أن الإنسان لا يستطيع أن يتدبَّر حتى يكون قادرًا على الاستظهار من آياته، فمن ملك أدوات الاستظهار ملك المقياس، وملك الميزان في التدبر القرآني، مثال ذلك إن قرأنا قوله تعالى: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَاۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَاۚ البقرة «275»، إذا عرضنا هذه الآية القرآنية على الفهم العربي العام، ظاهر الآية يقول أن البيع محلل في كل زمان، والربا محرم في كل زمان، فكما أن حليَّة البيع لا تختص بزمن، كذلك حرمة الربا أيضًا لا تختص بزمن دون زمن.

المرحلة الثانية: مرحلة التفسير.

التفسير أرقى من مرحلة الاستظهار، التفسير كما يعبَّر عنه العلماء هو كشف القناع، تفسير الآية أي كشف القناع عن المراد الإلهي من الآية، فأنت في مرحلة الاستظهار تأخذ بظاهر الآية فقط، وأما ما هو المراد الإلهي الواقعي منها أعجز عن الكلام فيه، تحديد المراد الإلهي من الآية أعلى من مرحلة الاستظهار، فهذا يسمَّى تفسيرًا ويحتاج إلى موازين أخرى سنتحدَّث عنها لاحقًا، مثال ذلك الاعتماد على الرواية الواردة الصحيحة والواضحة في تفسير القرآن الكريم هذا أمر لا يتأتَّى لكل أحد، يحتاج إنسانًا عالمًا، ويستطيع أن يميِّز بين الرواية الصحيحة من غيرها، ويستطيع أن يميَّز الرواية تامة الحُجيَّة من غيرها، ليقوم بتفسير القرآن من خلال هذه الرواية.

مثلًا: ﴿بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ هود «86»، فنحن من دون الرواية كيف نستطيع أن نعرف من هو «بقية الله»، بالرواية عرفنا بقية الله، فهذا نوع من التفسير، وليس استظهارًا، ولو جمدنا على مرحلة الاستظهار، لم نستطع أن نعرف ما هو المراد من بقية الله، وفيها أن النبي شعيب كان يخاطب قومه ﴿وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِۖ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ، بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ هود «85 - 86» فلو جمدنا على الاستظهار لم نصل إلى شيء، ولكنا رجعنا إلى الرواية المعتبرة عن الصادق قال: ”بقية الله مهدي آل محمد “ هذا هو التفسير أي كشف القناع؛ ولذلك ورد عن النبي محمد : ”من فسَّر القرآن برأيه فليتبوَّأ مقعده من النار“، من اعتمد على منطلقاته الفكرية في تفسير القرآن من دون الرجوع إلى الأدوات المتفقة عليها في مقام التفسير يعتبر مفسِّرًا للقرآن برأيه، فليتبوَّأ مقعده من النار.

المرحلة الثالثة: مرحلة التأويل.

التأويل مرحلة أعمق من مرحلة التفسير، تأويل الشيء أي إرجاعه إلى مبادئه، مثلًا: عندما تناقش ظاهرة معيَّنة، مثل ظاهرة القنوات الشيعيَّة الفضائية، إن أردت أن تفلسف هذه الظاهرة وترجعها إلى مبادئها فهذا يسمَّى تأويل، بمعنى أن هذه القنوات الشيعية ما هي منطلقاتها؟ المنطلق لهذه القنوات فضائية الإمامية المختلفة إحياء أمر آل محمد ، ”ومن جلس مجلسًا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب“ هذا تأويل، وأيضًا القرآن له تأويل، وله مبادئ، ما معنى مبادئ القرآن؟ القرآن مرَّ بمرحلتين أو وجودين:

المرحلة الأولى: مرحلة إجمال.

القرآن صُنِع من قبل الله في اللوح المحفوظ، وهو مجموعة من القواعد العامة، لا يوجد بها تفاصيل، كان القرآن الكريم في اللوح المحفوظ مبادئ عامة، وقواعد عامة لا يتعرَّض للتفاصيل، هذه القواعد والمبادئ والمضامين العامة الموجودة في اللوح المحفوظ تسمى ”مبادئ الكتاب“ ويعبَّر عنها القرآن بأم الكتاب، والقرآن أشار إلى هذه المرحلة في عدة آيات مثلًا قوله تبارك وتعالى ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ، فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ البروج «21 - 22»، ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ الزخرف «4»، وأم الكتاب هنا هو اللوح المحفوظ، وقوله جل جلاله: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ آل عمران «7».

المرحلة الثانية: مرحلة تفصيل.

وفيها نزل القرآن لمدة ثلاث وعشرين عامًا، متعرِّضًا لتفاصيل الأحكام، والحوادث، وتفاصيل الظروف المستجدِّة، فانتقل من مرحلة إلى مرحلة، من مرحلة المبادئ إلى مرحلة التفاصيل، وهذا ما عبَّر عنه القرآن بقوله ﴿الرۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ هود «1» أي مرَّت بمرحلة الإحكام وهي المبادئ العامة في اللوح المحفوظ، ثم انتقلت إلى مرحلة التفصيل، وقال تعالى: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا الإسراء «106».

الآن في هذا القرآن الذي بين أيدينا، من الذي يميِّز آيات المبادئ من آيات التفصيل؟ فهذا القرآن الذي بين أيدينا به قسم للمبادئ وتعتبر أم الكتاب وبه قسم للتفاصيل، من الذي يميِّز قسم التفاصيل من المبادئ؟ ويرجع آيات التفاصيل إلى آيات المبادئ، هذه عملية التأويل، إذن عملية التأويل تعني إرجاع الآيات التي تتعرَّض للتفاصيل للآيات التي تعد مبادئ الكتاب والقواعد العامة في الكتاب، والمنطلقات العامة في الكتاب، هذه العملية - عملية الإرجاع - تسمَّى عملية التأويل، وهذه العملية لا يعرفها إلا أهل الكتاب نفسه، ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ آل عمران «7»، الراسخون في العلم يعلمون تأويل الكتاب، ويرجعون التفاصيل إلى المبادئ.

هؤلاء الراسخون في العلم هم أهل الكتاب، قال تبارك وتعالى: ﴿بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَۚ العنكبوت «49»، فمن هم هؤلاء؟ قتادة أحد المفسرين للقرآن دخل على الإمام الباقر ، قال له الإمام الباقر ”يا قتادة بلغني أنَّك تُفسِّر كتاب الله، قال: بلى، فقال له: إن كنتَ فسَّرته من نفسك فقد هلكت وأهلكت، وإن كنتَ فسَّرته من قِبل الرجال فقد هلكت وأهلكت، إنما يعرف القرآن من خُطِبَ به، وما هو إلا عند الخاصة من ذرية نبينا محمد ، وما ورَّثك الله من كتابه حرفًا“، فتفسير القرآن ليس بالشيء الهيِّن، ويجب ألا تعتمد في تفسيره على رأيك، أو على كلام الآخرين، وإنما على أهل البيت ، إذن تأويل القرآن لأهل القرآن، الذين ورثوا علم النبي في تأويل القرآن.

أنتَ إن كنت منصفًا، سواءً كنت شيعيًا أم لا، تعرف فعلًا أن هناك آيات في القرآن لا يمكن لأحد أن يدَّعي الوصول إلى معناها، مثال ذلك ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ الحشر «21». فما معنى هذه الآية، فلو أخذت القرآن على جبل فهل سيتصدَّع؟ لا، لا يتصدع، إذن ما معنى الآية؟ ما هو تأويلها؟ لا يستطيع أحد من المسلمين أن يقول عندي تأويلها، أو كقوله تعالى ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا الرعد «41»، فما معنى أن تنقص الأرض؟ عوامل التعرية تؤثر على قشرة الأرض، ولكن الأرض تتجدَّد بمرور الأرض، أما النقص الأرض كيف يحصل؟ من الذي يستطيع أن يخبرني بتأويل هذه الآية ما هو؟ لا يمكن، ومثلًا قوله تبارك وتعالى ﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ الذاريات «47» فكيف تتوسع السماء، ما هي حقيقة توسُّع السماء، من يستطيع التوصل إلى مضمون هذه الآية؟ وقوله تعالى أيضا ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ النحل «89»، أغلب الأشياء غير موجودة في الكتاب، ليس لها ذكرٌ في الكتاب، أو إشارة لها في الكتاب، إذن كيف يكون تبيانًا لكل شيء؟

إذن هذه الآيات، من كان منصفًا موضوعيَّا فليعترف بعجزه، وليقف أمام هذه الآيات عاجزًا، وليقل نعم، في القرآن آيات تحتاج إلى تأويل، ولا يعرف تأويلها إلا أهل التأويل دون غيرهم، ولابد من الرجوع إلى المصادر الموثوقة، بيدها علم الكتاب، وبيدها تأويل الكتاب، من هم هؤلاء أهل تأويل الكتاب؟ ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ، لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ الواقعة «77 - 79»، فهو كتاب لا يناله، ولا يصل إليه إلا المطهرون، من هم المطهرون؟ ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا الأحزاب «33»، فأهل تأويل الكتاب أهل بيت النبوة‘ إذن التعامل مع الكتاب إما بالاستظهار وإما بالتفسير وإما بالتأويل.

المحور الثاني: من هو المرجع الأول الكتاب أم السُنَّة؟

هل القرآن يقيد السنة أم السنة هي التي تقيد القرآن؟ نذكر هنا رأيين:

الرأي الأول: المرجعية الأولى للكتاب.

الذي يتبادر إلى ذهن الإنسان أن المرجعيَّة للكتاب، السنة إنما نأخذ بها إذا وافقت الكتاب، لماذا؟ ربما يستدل على هذا الرأي بوجهين:

الوجه الأول: أن القرآن قطعي الصدور، والسنة ظنيَّة الصدور.

لعل هذه الروايات الموجودة في كتب المسلمين عن النبي وأهل بيته لعلها صادرة ولعلها غير صادرة منهم «صلى الله عليهم أجمعين»، القرآن قطعي الصدور، والسنة ظنيَّة الصدور، ولا ترفع اليد على القطعي بالظني، إذن المرجع الأول هو الكتاب.

الوجه الثاني: روايات العرض.

لدينا روايات تأمر بعرض الروايات على الكتاب، ”إذا جاءكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله خذوه، وما خالف كتاب الله فذروه“ وهناك رواية أخرى تقول: ”لا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا، وسُنَّة نبينا، إننا إذا قلنا، قلنا قال الله، وقال رسوله“ وفي رواية أخرى: ”إذا وردك الحديث عنَّا فقسه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذ به“ إذن روايات العرض جعلت المرجعية الأولى للكتاب، والسنة إنما هي في إطار معين يؤخذ بها وهي السُنَّة الموافقة لكتاب الله.

النقاش على هذا الاستدلال:

الرد على الدليل الأول - بأن القرآن قطعي الصدور، وأن السُنَّة ظنيَّة الصدور -:

بعض السنَّة قطعي الصدور، هناك روايات متواترة عن النبي محمد وعن أهل البيت، هناك روايات متواترة كثيرة ومقطوعة الصدور، والعلماء فصَّلوا بحث التواتر، إذن هناك قسم من الروايات قطعي الصدور لوصوله إلينا عبر التواتر، إما تواترًا لفظيَّا، وإما تواترًا معنويًا، أو تواترًا إجماليَّا، كما فُصِّل في كتب الفقه.

القرآن قطعي الصدور ولكنه ظنِّي الدلالة، أي دلالة الألفاظ ليست دلالة قطعيَّة، فما فائدة الرجوع إلى كتاب قطعي الصدور ولكن دلالته ظنيَّة وليست قطعية، فلو ذكر لنا القرآن الكريم آية معينة، على سبيل المثال ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ الإسراء «70» هذه آية صدرت من الله جل جلاله قطعًا ولكن ما المراد بالتكريم؟ هل هو التكريم التكويني؟ أي أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان بعقل، أم المراد هو التكريم التشريعي؟ أي الله سبحانه وتعالى أعطى لكل إنسان كرامة، حتى وإن كان ملحدًا، هل الآية في مقام بيان التكريم التكويني أم بيان التكريم التشريعي؟ إذن صار القرآن ظنِّي الدلالة، أي دلالته غير واضحة، فأي جدوى في مرجعية كتاب قطعي الصدور ولكن دلالته ظنية الصدور، ولذلك الإرجاع سيختلف باختلاف الناس، وإن رجعوا للكتاب سيختلفون أيضًا، إذن ليس مرجعًا لأن المرجعية هي التي تحسم النزاع، والنزاع لا ينحسم بالرجوع إلى الكتاب، لو رجعنا للكتاب وهو ظنِّي الدلالة واختلفنا في تفسيره، وفي تحليل معناه، إذن كيف يكون الكتاب هو المرجع الحاسم للنزاع مع الاختلاف في دلالته؟، إذن القرآن الكريم ظنِّي الدلالة وإن كان كما قال الإمام علي ”حمَّال أوجه“ أي أن القرآن له وجوه مختلفة، فهذا يأتي له من هذا الوجه، وذاك يأتي له من وجه آخر.

ما هي الحجَّة في الكتاب؟ الحجة من الكتاب ليس الظهور الأولي، والظهور الأولي يفهمه كل عربي، وهناك ظهور موضوعي وهو الظهور المستند للقرائن، الظهور الأولي ليس بحجة إنما الظهور الموضوعي، كيف نحدد الظهور الموضوعي؟ إن عُدتَ إلى أبحاث الشهيد محمد باقر الصدر «قدس» الأصوليَّة تجده يحلل الظهور فيقول أن هناك ظهور ذاتي وظهور موضوعي، والظهور الذاتي لا قيمة له لأنه محط اختلاف الناس فيه، والظهور الحجة هو الظهور الموضوعي المستند للقرائن، نحدد الظهور الموضوعي بالقرائن، ما هي القرائن؟

القرينة الأولى: القرينة لفظيَّة.

أي من القرآن، مثلًا قوله تبارك وتعالى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا النساء «54»، ما هو الملك الذي حصل عليه آل إبراهيم وقد كانوا فقراء كلهم؟ فتأتي آية أخرى لتقول على لسان سليمان سليل آل إبراهيم ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ص «35» وقوله تعالى ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ النمل «16»، وداوود كان ملكًا أيضًا وورثه سُليمان، إذن هناك قرينة آية تفسر آية أخرى.

القرينة الثانية: القرينة عقلية.

ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى طه «5»، فلو أخذنا بالظهور دون الرجوع إلى القرينة لارتكبنا كارثة، وهي تجسيم الرحمن جل جلاله، إذن لا يمكن الأخذ بالظهور الأولي، لابد من الرجوع للقرينة، والقرينة هنا قرينة عقلية إذ أن الرحمن ليس جسمًا حتى يُعقل فيه الجلوس والقيام، إذن لا محالة المقصود بقوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى طه «5»، أي سيطر على العرش، وصار العرش تحت قدرته، وفي اللغة العربية يُعبَّر عن السيطرة بالاستواء فمثلًا قول الشاعر:

ثم استوى بشر على iiالعراق   من غير سيفٍ أو دمٍ مهراقٍ

فاستوى عليها، أي سيطر عليها. إذن الاستواء هنا بمعنى السيطرة والقدرة، هذا تفسير القرآن بالعقل.

القرينة الثالثة: قرينة الرواية.

نسبة الرواية للقرآن، نسبة القرينة للقرينة، الرواية تشكِّل قرينة على القرآن، أنت لا تستطيع أن تفهم القرآن ظهورًا موضوعيَّا يُحتجُّ به إلا بالرجوع إلى قرائنه ومن قرائنه الرواية، مثلًا قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ المائدة «6»، فنحن عندما نقرأ الآية لا نلتفت لو لا الرواية الواردة عن الإمام الصادق عندما قال له زُرارة - زرارة كان من أهل السنة ثم تبع منهج أهل البيت -، وعند بداية تشيُّعه قال للإمام: ”أنبئني من أين كان المسح ببعض الرأس؟“ - إذ أن الإمامية لا تمسح الرأس كله - ”أنبئني من أين كان المسح ببعض الرأس؟ أريده من الكتاب، فقال له الأمام الصادق: لمكان الباء، فإن الباء بمعنى البعض“، قال ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فعرفنا أن الوجه يُغسل كله، ﴿وَأَيْدِيَكُمْ فلو لم يقل ﴿إِلَى الْمَرَافِقِ لغسلنا اليد كلها، ولكن قال ﴿إِلَى الْمَرَافِقِ حددها، لمَّا جاء إلى المسح لم يقل: «وامسحوا رؤوسكم»، فلو كان المراد مسح الرأس كله لقال «وامسحوا رؤوسكم» ولكنه قال: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ، فلِمَكان الباء استُفِدَ أن المسح على بعض الرأس، فكأنه قال «امسحوا بعض رؤوسكم»، إذن النتيجة ببركة الرواية، صارت الرواية قرينة على المراد من الآية المباركة، نسبة الرواية صحيحة السند، الواضحة الدلالة للكتاب، نسبة القرينة لذي القرينة، فالرواية تقيِّد الكتاب، الرواية حاكمة على الكتاب، تُضيِّق مدلول الكتاب، حكومة القرينة على ذي القرينة.

الرد على الدليل الثاني ”الاستدلال بروايات العرض“:

قد يُستدل على روايات العرض على أن الكتاب هو المرجع الأول:

أولًا: هذا رجوع إلى السنة، ولم يكن رجوعًا للكتاب، بل صار دورًا، لأن روايات العرض من السنَّة، وليست من الكتاب، وبهذا أنت رجعت إلى السنة، وهذا استدلال دوري، لأنك استدللت على مرجعية الكتاب بالسُنَّة، إذن أثبتنا من حيث لا نشعر أن المرجعية للسنَّة.

ثانيًا: نحن عندما نرجع إلى روايات الأمر بالعرض على الكتاب، لماذا اختصرنا الروايات في روايات العرض، لدينا روايات أخرى كحديث الثقلين وهو حديث متواتر: ”إني مخلِّفٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض“ إذن ظاهر حديث الثقلين أن السنَّة في عرض الكتاب، وليست السنَّة في طول الكتاب، أي أن المرجعية لكلا الثقلين، في عرض واحد، القرآن وسُنَّة محمد وآل محمد .

ثالثًا: روايات العرض مبحوثةٌ في كتب الأصول بشكلٍ مفصَّل، تستطيع مراجعة أبحاث السيد الخوئي «قدس»، والسيد الصدر «قدس» وغيرهما من الأعلام، روايات الأمر بعرض النصوص والأحاديث على الكتاب وترك ما يخالف الكتاب محل بحث لدى العلماء.

النظرية الأولى: نظرية سيدنا الخوئي.

أن المراد بالمخالفة: مخالفة مضمونيَّة، أي أنه إذا وردت رواية مضمونها يخالف مضمون الكتاب تطرح، مثال ذلك دلينا رواية في الكافي تقول أن القرآن خمسة عشر ألف آية أو سبعة عشر ألف آية، فإن عدنا إلى القرآن الكريم ونقرأ قوله تعالى ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ الحجر «9»، فظاهر الآية أن القرآن حُفِظَ من التحريف، وإذا احتسبنا آيات القرآن نجد أن عددها «6236»، هذه الرواية مضمونها مخالف للكتاب، إذن نطرح هذه الرواية. ومن مثال ذلك أيضًا الروايات التي روتها فرقة الخطَّابيَّة كانت تضع روايات الغلو ومنها ”في قوله تعالى ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ البقرة «43» أن الصلاة رجل، والزكاة رجل“ يعنون بذلك ولاية أمير المؤمنين هي إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهي سائر العبادات، فمن والى أمير المؤمنين لا حاجة إلى الصلاة والصوم، معطى لصك الغفران، فهذه الروايات الخطّابية مخالفة في لمضمون الكتاب فبالتالي تُطْرح. إذن المراد بمخالفة الكتاب هي المخالفة المضمونيَّة، أي أن مضمون الرواية واضح في مخالفته للكتاب.

النظرية الثانية: نظرية السيد الشهيد الصدر.

وهي نظرية السيد السستاني دام ظله، أن المراد بمخالفة الكتاب، المخالفة الروحية، ليس لدينا رواية تخالف الكتاب مخالفة واضحة، لكي نقول أن المخالفة مخالفة مضمونيَّة، معنى المخالفة الروحية أن القرآن الكريم به ملكات، ومبادئ عامة مقتنصة من آياته، إذا جاءتنا رواية تتنافى مع المبادئ العامة المقتنصة من الكتاب تُطْرح هذه الرواية، تعتبر مخالفة للكتاب مخالفة روحيَّة، مثلًا لدينا رواية في كتاب وسائل الشيعة ”لا تزوِّجوا الأكراد، فإنهم حيٌ من الجن“ هذه الرواية مخالفة للمبادئ العامة للكتاب، ما هي المبادئ العامة للكتاب؟ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْۚ الحجرات «13»، وفي آية أخرى ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ الإسراء «70»، فلا يوجد حيٌ يختلف عن حي، ولا عرق أفضل من عرق، ولا جنس أفضل من جنس، هذه مبادئ عامة مستفادة من الكتاب، الرواية المخالفة للمبادئ العامة هي الرواية التي تُطرح، إذن الرواية التي تطرح هي الرواية المخالفة مخالفة مضمونيَّة على نظرية، أو مخالفة روحية على نظرية أخرى، وهذا لا يعني المرجعية الأولى للكتاب، إذ أنها مغايرة للمبادئ العامة في الكتاب.

الرأي الآخر: المرجعية الأولى لمجوع الكتاب والسنة.

ليست هناك مرجعية أولى، المرجعية الأولى لمجموع الكتاب والسُنَّة، الكتاب والسنة في عرضٍ واحد، طبعًا نعني بالسنة، السُنَّة الثابتة، كما أن الروايات أمرتنا بعرض الروايات المختلفة على الكتاب، فاستفدنا أنه لا بد من الرجوع للكتاب، والكتاب نفسه أمرنا بالرجوع إلى السنَّة، فالقرآن يقول ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا الحشر «7»، كيف نعرف أن هذا ورد عن الرسول أو لم يرد؟ نعرفه من خلال آية أخرى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ الحجرات «6»، هذه الآية دالة بمفهومها على أن المناط خبر الثقة، إذا جاءكم خبر ثقة عن النبي أو عن آل محمد فيؤخذ به.

إذن بالنتيجة لا نستطيع أن نقول أن الكتاب هو المرجع، والكتاب أمرنا بالرجوع للسنَّة، مثلما أمرتنا السنة بالرجوع للكتاب، كما أن الروايات المخالفة للكتاب تطرح مخالفةً مضمونيَّة أو روحية كذلك الآيات لا يمكن تحديد مدلولها ما لم يُرجع للقرينة عليها والقرينة هي الرواية صحيحة السند، الواضحة الدلالة التي لا تختلف مع الكتاب مخالفة روحيَّة، إذن كلٌ منهما يُتمم الآخر، الكتاب وسنة محمد وآل محمد .

وبناءً على ذلك، علماؤنا وفقهاؤنا رضوان الله تعالى عليهم، على الماضين منهم وأدام الله ظل الباقين منهم، كما يرجعون للسُنَّة في الاستنباط يرجعون أيضًا إلى الكتاب في الاستنباط، ولدينا كتب كُتِبَت في آيات الأحكام ما كتبه الفاضل السيوري، والمحقق الأردبيلي، وغيرهما فالآيات كما أن الروايات مرجع في استنباط الأحكام طبقًا لحديث الثقلين فإن الآيات أيضًا مرجع في استنباط الأحكام، الآية التي لم تقيَّد برواية يؤخذ بظهورها الموضوعي في استنباط أي حكم من الأحكام، المهم أن يتضح أن الآية في مقام بيان الحكم الشرعي، لذلك كثير من العلماء تراهم يستدلون بالقرآن الكريم على كثير من الأحكام مثلًا السيد الشهيد الصدر كان يقول ”ليس لدينا دليل على حرمة نكاح الزانية المشهورة إلا القرآن ﴿الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ النور «3» فهذه الآية هي مصدر التحريم، هي مصدر استنباط هذا الحكم، فالكتاب والسُنَّة مرجعان في عرض واحد، وعلاقة الأئمة بالكتاب علاقة فناء وعلاقة انصهار، الأئمة منصهرون بالكتاب كما عبَّر الإمام أمير المؤمنين “ تالين لكتاب الله يرتلونه ترتيلًا، فإذا مرَّت آية فيها تشويق اشرأبت نفوسهم فرحًا، وإذا مرَّت آية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنَّوا أن زفير جهنم في أصول آذانهم" لشدة علاقتهم وارتباطهم بالكتاب، كانوا لا يفتؤون عن قراءة الكتاب، وكانوا لا يفتؤون عن الاستشهاد بالكتاب، وكانوا لا يفتؤون عن الاستناد إلى الكتاب، لذلك ترى أحدهم حتى بعد الموت وهو يتلو الكتاب بالرغم من أنه رأس مفصول عن الجسد على رأس رمح:

يتلو الكتاب على السنان وإنّما
لينح   كتاب   الله  ممّا  iiنابه
وليبك  دين  محمّدٍ  من  iiأمةٍ

 
رفعوا  به  فوق  السنان iiكتابا
ولينثن   الإسلام   يقرع  iiنابا
عزلوا  الرؤوس وأمروا iiالأذنابا