الدرس 101

منجزية العلم الإجمالي

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله الطاهرين

من الروايات ما استدل به المحقق النائيني: مما دل على جواز جوائز السلطان:

منها: معتبرة ابي ولاد. «الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي وَلَّادٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَا تَرَى فِي رَجُلٍ يَلِي أَعْمَالَ السُّلْطَانِ لَيْسَ لَهُ مَكْسَبٌ إِلَّا مِنْ أَعْمَالِهِمْ وأَنَا أَمُرُّ بِهِ فَأَنْزِلُ عَلَيْهِ فَيُضِيفُنِي ويُحْسِنُ إِلَيَّ ورُبَّمَا أَمَرَ لِي بِالدَّرَاهِمِ والْكِسْوَةِ وقَدْ ضَاقَ صَدْرِي مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِي كُلْ وخُذْ مِنْهُ فَلَكَ الْمَهْنَأُ وعَلَيْهِ الْوِزْرُ».

وقد افاد المحقق النائيني: ان هذه المعتبرة صريحة في ان المال مع اختلاطه بالحرام حيث انه لا مكسب له الا من اعمال الظلمة مع ذلك يجوز اخذه.

كما ان رواية ابي المغرى عبر عنها: بأنها ظاهرة في المعنى: «الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبِي الْمِعْزَى قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع وأَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَمُرُّ بِالْعَامِلِ فَيُجِيزُنِي بِالدَّرَاهِمِ آخُذُهَا قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وأَحُجُّ بِهَا قَالَ نَعَمْ».

وذكر «قده»:

أن حملّ هذه الروايات على الشبهة غير المحصورة بلا شاهد، أو ان حملها على ما إذا خرج بعض أطراف الشبهة المحصورة عن محل الابتلاء أيضاً من دون شاهد، فهو يرى صراحة الاولى وظهور الثانية في ان موردهما الشبهة المحصورة للمال المشتمل على الحرام مع دخول سائر اطرافه محل الابتلاء مع ذلك رخص الإمام في اخذه.

وذكر الشيخ حسن كاشف الغطاء في «انوار الفقاهة»: بأنّ هذه النصوص ناظرة لفرض كون المال مجهول المالك، اي انه يعلم في بعض هذه الاموال حرام، فهي من موارد العلم الاجمالي بالحرام، ولكن توجد خصوصية لمورد هذه الروايات وهي ان مالك هذا المال مجهول ولا يمكن الوصول اليه، فالإمام بولايته على المال المجهول مالكه الذي لا يمكنه الوصول إليه اباحه للمؤمنين من الشيعة لا انه حكم قانوني عام كي يستدل بها على عدم منجزية العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية بل لان موردها مجهول المالك مما للامام ولاية عليه، فهو بولايته احله للمؤمنين من الشيعة لرفع الضيق عنهم، واشباه ذلك.

ومع ذلك لابّد من تقييد مثل هذه النصوص بما دل في الصحيح على عدم جواز اخذ ما علم انه ظلم، كما في موثقة اسحاق: «مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبَانٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنَ الْعَامِلِ وهُوَ يَظْلِمُ قَالَ يَشْتَرِي مِنْهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ ظَلَمَ فِيهِ أَحَداً».

أي ما لم يعلم ان نفس المال مما ظلم فيه احد فتكون هذه الرواية مقيدة في فرض العلم التفصيلي بان عين المال مأخوذ بالظلم فانه لا يحل فكان حرمة المال مشروطة بالعلم التفصيلي واقعا اي ما لم يعلم انه ظلم تفصيلا فهو حلال له واقعاً.

والانصاف: انه حيث قام المرتكز العقلائي على حرمة المخالفة القطعية لموارد العلم بمال الغير، فحيث يوجد ارتكاز عقلائي على عدم التسامح في مورد العلم بوجود مال للغير فاحتفاف هذه النصوص بالمرتكز العقلائي القائم على حرمة المخالفة القطعية في فرض العلم بان المال للغير يوجب انصراف هذه النصوص عن موارد الشبهة المحصورة لمال الغير مع دخول سائر الأطراف محل الابتلاء. واما ما ذكره كاشف الغطاء فمما لا قرينة عليه كي يكون محلا لحمل النصوص عليه.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.