أهم الوسائل الإعلامية للدين وللمذهب

المواكب العزائية من أهم الوسائل الإعلامية للدين وللمذهب ومن أفضل المنابر التي يمكن استغلالها لنشر فكر الدين والطائفة

شبكة المنير مجلة «أجيالنا» الأحسائية

أجرت مجلة «أجيالنا» الأحسائية في عددها الثاني حواراً مع الخطيب الحسيني السيد منير الخباز في الثاني عشر من أبريل الماضي بمنزلهِ الواقع في مدينة قم المقدسة، حول عدة قضايا تعنى بالشأن الديني والأجتماعي.

وتطرق السيد الخباز في حواره لمسألة تجديد الخطاب الديني وسبل تطوير مواكب العزاء الحسينية ومسائل مختلفة تعني بالخطباء الحسينين وطلبة العلوم الدينية.

أجرى الحوار «عضو المجلة» السيد واصل الحسن فيما يلي نصه:

في ظل تواجد العدد الكثير من طلبة العلوم الدينية في الحوزات العلمية هل تعتقدون أن منطقتنا مكتفية ذاتيا من طلاب العلوم الدينية؟

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. العبرة في طلبة العلوم الدينية بالكيف لا بالكم فليس المطلوب هو الكثرة العددية بل المطلوب توفر فئة ينطبق عليهم قوله تعالى ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ [التوبة: 122] بأن يكونوا مصداقا واضحا للمتفقه في دينه من خلال تمكنه من معرفة الأحكام الشرعية وإحاطته بالمعلومات العقائدية المتعلقة بأصول الدين وأصول المذهب والعقائد المسلمة عند الطائفة الإمامية مضافا لكونه مثالا واضحا لقول أمير المؤمنين : «الناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع» فإذا كان متصفا بكونه متعلما على سبيل نجاة من خلال ورعه عن الدخول في الشبهات واجتنابه عن الارتطام بالفتن ومن خلال تخلقه بالأخلاق الفاضلة الموروثة والمكتسبة من أهل البيت يكون مشعلا ومنارا لهداية أبناء مجتمعه فأنا أرى أنه يمكن - من خلال هذا الزخم الطلابي الموجود في الحوزة العلمية أو المناطق المختلفة من البلاد - إفراز مجموعة تمتلك الكيف والمؤهلات التي تعدّها لأن تغطي حاجة المجتمع إلى وجود منارات هدى تدلها على الغاية المطلوبة.

برأيكم ما هو دور طالب العلم غير صلاة الجماعة؟

صلاة الجماعة ليست من شؤون طلبة العلم وإنما هي حكم استحبابي متقوّم بطرفين المأموم والإمام الواجد للعدالة وصحة القراءة وطهارة المولد وغير ذلك من الشروط المذكورة في الرسائل العملية وأما الدور المنوط بطالب العلم من حيث كونه طالب علم فهو أن يكون مصدرا للمعلومات الفقهية والعقائدية والتحليلية وأن يكون قدوة للآخرين من خلال سيرته المشرقة وأخلاقه الفاضلة وورعه عن مفاتن الدنيا وشبهاتها.

نلاحظ في الآونة الأخيرة مطالبة جديّة بما يسمى ب «تجديد الخطاب الديني».. ما رأيكم في ذلك؟

تعرضتُ لهذه القضية قبل سنتين وقسمتُ التجديد إلى: تجديد الفكر وتجديد المنهج وتجديد اللغة وذكرت أنّ تجديد الفكر الديني إذا كان بمعنى الانفتاح عن الفكر الفلسفي الغربي والفكر التحليلي المادي من اجل مناقشته وهدم دعائمه وإرساء دعائم الفكر الإسلامي الناصع فهذا أمر مطلوب في كل زمن وفي كل مجتمع وإذا كان المقصود بتجديد الفكر هو التلفيق بين الفكر الإسلامي والفكر المادي أو حذف بعض ملامح الفكر الإسلامي من اجل الاسترسال وراء الحضارة المادية فهذا هدم للتعاليم السماوية وطعن في أُسس الدين.

وأما تجديد المنهج فهو أمر ضروري فمثلا على سبيل «علم الكلام» أي العلم المتكفل للبرهنة على العقائد سواء كانت مرتبطة بأصل الدين أو بالمذهب فإننا نحتاج إلى منهج كلامي يراعى فيه التطور الفلسفي الذي حصل لدينا في النصف من القرن الأخير إذ مازالت الكتب الكلامية الموجودة عندنا سواء كتاب «شرح تجريد الاعتقاد» أو كتاب «شرح الباب الحادي عشر» أو غيرها من الكتب تعتمد على قواعد عقلية أُسست وبرهن عليها قبل مائتي سنة أو أكثر ونحن نحتاج الآن إلى أدلة وبراهين جديدة تدعم عقائدنا على المستوى الإسلامي والمستوى الإمامي.

وأما التجديد في اللغة بمعنى التجديد في أسلوب الطرح بأن نستخدم في الوسائل الإعلامية المختلفة من قنواتنا وكتبنا ومنابرنا ومساجدنا اللغة المعاصرة وذلك بان نستفيد من النظريات الغربية والمصطلحات الرائجة في العلوم الإنسانية سواء منها علم الفلسفة أو علم النفس أو علم.

الاجتماع أو علم الإدارة أو علم القانون بان نستفيد من هذه النظريات والمصطلحات في تقريب مفاهيمنا الإسلامية وفي تقوية فكر القران وفكر السنة المعصومية في نفوس أجيالنا المعاصرة فهذا أمر ضروري لمسيرة التبليغ.

ما هي النظرة الصحيحة للاعتدال من حيث الانفتاح والتشدد بين طلاب العلم والشباب المثقف؟

ليس هناك فواصل جوهرية بين الطالب الحوزوي والمثقف إذا عرف كل منهما مساحته وركز على الأهداف العليا والأولويات المنشودة فكما أن طالب العلم يعيش اختصاصا معينا وهو الاختصاص في علم الفقه وعلم الكلام ولا يحق له أن يتجاوز اختصاصه ليتكلم باستقلالية في علم الطب أو علم الهندسة فكذلك المثقف يعيش اختصاصا معينا في علم من العلوم الإنسانية وليس له أن يتجاوز اختصاصه ليطرح آراء له في علم الفقه أو علم الكلام فإذا عرف كل منهما مساحته استطاعا أن يخدما المجتمع بطريقة متفاعلة كما انه إذا أدرك الطالب

الحوزوي حاجته للمثقف في معرفة بعض الأمراض السلوكية في المجتمع وبعض المفاهيم المنحرفة التي قد تبث في صفوف المجتمع الإسلامي وكذلك إذا أدرك المثقف حاجته للطالب الحوزوي في تحديد الحكم الشرعي في كل مفصل من مفاصل الحياة فوقع بينهما التنسيق في المواقف والتفاعل في العمل خدمة للأهداف العليا وهي النهوض بالمجتمع الإسلامي إلى المستوى الأفضل والأكمل فهذا هو غايتنا التي نركز عليها.

ننتقل إلى المحور الحسيني بصفتك خطيبا بارزا في الساحة الحسينية ما هي الصفات المفترض تواجدها في الخطيب الحسيني؟

تبين مما ذكرت ما ينبغي توفره من المؤهلات لدى من يرقى المنبر الحسيني أو لدى من يرقى منبر المسجد أو لدى من يتكلم في صحيفة أو مجلة أو قناة فضائية وهو أن يكون متضلعا في العلوم الحوزوية أولا، وأن يكون متوفرا على الثقافة في المفاهيم الإسلامية من خلال خبرته بالتفسير وخبرته بكتب الأخلاق وكتب السيرة ومن خلال انفتاحه على الثقافة المعاصرة والإلمام بكثير من المعلومات المستقاة من العلوم الإنسانية المختلفة ليستفيد منها في مقام طرح الفكر الإسلامي وتدعيمه وتقريبه إلى القلوب مضافا إلى أن يكون خطيب المنبر وإمام المسجد معروفا بحسن السيرة واستقامة السلوك ليكون قدوة للآخرين ويصبح كلامه مؤثرا في القلوب وفي جذب الناس إلى حظيرة الهداية من خلال معرفتهم بنقاء سيرته وصفاء سريرته.

كيف نجعل العزاء الحسيني عِبرة مع بقاء العَبرة وهل الحاصل الآن هو موازنة بين العِبرة والعَبرة؟

المواكب العزائية من أهم الوسائل الإعلامية للدين وللمذهب ومن أفضل المنابر التي يمكن استغلالها لنشر فكر الدين وفكر الطائفة المُحِقّة وذلك من خلال اختيار الشعر المؤثر في النفوس واختيار الألحان المشتملة على الشجى والحزن الذي ينفذ إلى نفوس المستمعين ومن خلال اختيار المضامين العقائدية والأخلاقية التي تتضمنها القصيدة العزائية مع صبغتها بصبغة المظلوميّة المعبرة عن مأساة اهل البيت .

فمتى ما جردنا القصائد الملقاة في المواكب الحسينية عن الألحان الغنائية أو الشبيهة بما يستخدم في مجالس الغناء ومجالس اللهو كان ذلك أكثر فاعلية في خدمة فكر الحسين وفكر اهل البيت فإنه لا يجوز أن نضحي ببعض المبادئ الإسلامية كمبدأ حرمة الغناء والموسيقى المطربة واللحن اللهوي من أجل أن نُقرب بعض الشباب إلى حظيرة الهدى فان استخدام اللحن الغنائي بداعي جذب بعض الشباب إلى المواكب الحسينية تقريبٌ له لعالم العزاء ولكن هذا التقريب مشتملٌ أيضا على إبقائه تحت سيطرة الألحان الغنائية مما يجعله ينسجم ويتفاعل مع اللحن أكثر من انسجامه وتفاعله مع المضامين المطروحة في هذه المواكب كما انه إذا لم نقحم المواكب الحسينية في القضايا السياسية التي هي قضايا متغيرة بتغير الزمن وغير ثابتة ولم نقحمه في قضايا اجتماعية طارئة ومتغيرة فان المواكب الحسينية ستظل عنصرا جذابا لأنها لم تقتحم في قضايا سياسية قد تتغير الأحكام فيها بعد مرحلة من الزمن وقد يتغير نظر الناس إليها بعد مرحلة من الزمن والمطلوب أن تكون الأفكار في ضمن الشعائر الحسينية أفكارا ثابتة لا أفكارا متغيرة متقلبة بحسب ما تقتضيه المصالح السياسية والاجتماعية.

ما هي فلسفة اللطم على الصدر؟

اللطم على الصدر من جهة شرعية هو شعيرة من الشعائر الحسينية باعتبار كونه مظهرا من مظاهر الجزع كما ورد في الرواية المعتبرة عن الصادق : ”كل البكاء والجزع مكروه ماخلا البكاء والجزع على الحسين فانه فيه مأجور“ وبما ان اللطم مظهر إنساني للجزع فهو في حد ذاته شعيرة راجحة، مضافا إلى أن اللطم على الصدر يتضمن معنيين روحيين واضحين المعنى الأول هو استعدادُ المسلم للتضحية بصدره في سبيل صدر الحسين فان قيام المسلم باللطم على الصدر إظهار منه أن صدري لا يسوى شيئا مقابل ما حصل لصدر الحسين وجسمي لا يسوى شيئا مقابل ما حصل لجسم الحسين فهو إظهار للفداء والتضحية..

ومن جهة أخرى اللطم على الصدر هو وسيلة من وسائل الاحتجاج فكما أن كثيرا من الشعوب عندما تقوم بمسيرة احتجاج تستخدم التصفيق أو تستخدم الركض أو تستخدم رفع المشاعل النارية كما رأيتُ قبل عدة ليال في احتفال المسيحيين بيوم الفصح أنهم يرفعون مشاعل ملتهبة بالنيران ويلفونها حول وجوههم وحول شعورهم تبركا بها ولم يعترض احد على هذه المشاهد من جميع الباحثين الحضاريين ولم يعتبروها أمرا منافيا للحضارة والتقدم لأنها صدرت من المسيحيين، فكذلك ما تقوم به الإمامية من اللطم على الصدر في المواكب الحسينية إنما هو وسيلة احتجاج وطريقة تحتج بها على الجريمة البشعة التي ارتكبتها بنو أمية في حق ذرية رسول الله واحتجاجا على الظلم والظالمين في كل زمان ومكان.

هل تؤيدون معالجة القضايا الاجتماعية وغيرها بالقصيدة الحسينية في العزاء الحسيني؟

ذكرت أن طرح المضامين الأخلاقية الثابتة في روايات أهل البيت أو المضامين العقائدية التي قام عليها البرهان والدليل من خلال القصيدة الحسينية هذا أمر مطلوب ولكن استعراض القضايا الاجتماعية المتغيرة التي هي قضايا تأتي وتذهب يجعل الشعيرة الحسينية شعيرةً متغيرة متقلبة حسب تغير الظروف وتقلبها وهذا يقضي على أصالتها وجذابيتها لنفوس المؤمنين.

في الآونة الأخيرة نلاحظ ابتعاد بعض الطبقات المثقفة عن العزاء الحسيني ويعتبره بعضهم موروثا قديما فما هي نصيحتكم لهم؟

لعل ابتعاد بعض الطبقات المثقفة عن المواكب العزائية من خلال عدم إشراكهم في صياغة هذه المواكب وفي تنظيمها وإدارتها وطرح الشعر المؤثر الفاعل من خلالها واعتقد أنهم لو التفتوا إلى فلسفتها وأن هذه المواكب العزائية من أهم الوسائل الإعلامية المؤثرة لوفدوا عليها وتفاعلوا معها.

ننتقل إلى محور آخر وهو قضايا الشباب والمجتمع، في هذه الأيام أصبحت منتديات الانترنت وسيلة لتواصل الذكور مع الإناث وإبراز المواهب الفنية، فما هي حدود هذا النوع من التواصل وما هي نصيحتكم للاستغلال الايجابي لهذه التقنية من الطرفين؟

لا بأس بالتواصل بين الذكور والإناث إذا كان تواصلا فكريا بمعنى أن هناك حورا حول بعض المفاهيم الإسلامية وبعض المشاكل الاجتماعية وبعض القضايا المعاصرة التي تهم المجتمعات الإسلامية ولكن هناك خطوط حمراء وهي عدم استخدام الكلمات العاطفية التي تجر إلى العلاقات الغير مشروعة وعدم محاولة القفز على هذه الحوارات الفكرية لتناول القضايا الشخصية أو للتوصل منها إلى علاقات شخصية غير مشروعة وكما ورد في القران الكريم ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور: 31] فان هذه الآية لا تعني الضرب على الأرجل فقط وإنما ذكرته كمثال وكناية إلى أن على المرأة أن لا تستخدم أي مثير لعاطفة الرجل ولشهوة الرجل كما أن على الرجل أن لا يستخدم أي مثير لعاطفة المرأة ولشهوتها بل يكون هذا التواصل تواصلا فكريا محضا.

ما هي ضوابط النقد الشرعية وهل يحق لي أن ادخل المنتديات وانتقد شخصيات كبيرة في المجتمع وأترصد عيوبها وأبرزها للآخرين؟

لا إشكال بان الحديث عن أي شخصية من الشخصيات الدينية أو الأدبية أو الاجتماعية إذا كان بغرض توهينها وإسقاطها من النفوس فهو من أعظم الجرائم المحرمة كما ورد في الحديث الشريف «من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروءته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان ثم لا يقبله الشيطان» وان المؤمن حرمة لا يجوز هتكها ولا خرقها فكيف إذا كان هذا المؤمن من الشخصيات المؤثرة في صلاح المجتمع واستقامته، نعم إذا كان لدى الإنسان نقد لفكرة طرحتها بعض الشخصيات أو لسلوك قام به بعض الشخصيات فهناك خطوتان.

الخطوة الأولى: أن يتحدث هذا المؤمن بنفسه مع تلك الشخصية فإنها إن كانت مخطئة في الفكرة تراجعت عنها وان كانت بانية على براهين وأدلة معينة سيتضح لهذا المؤمن من خلال مناقشة هذه الشخصية بشكل شخصي وانه لم يفهم مغزى الفكرة ولم يطلع على زواياها بتمام ملابساتها.

فان تعذرت هذه الخطوة بان لم يمكن اللقاء مع هذه الشخصية فيمكن طرح الفكرة من خلال هذه المواقع من دون طرح القائل حتى يكون الطرح طرحا فكريا وحضاريا من دون تجريح لأحد وحتى تعرف ملابسات الفكرة بشكل واضح ونافع.

يعاني الكثير من الشباب والفتيات من تكرار لذنوب حتى عندما يتوبون بإخلاص يرجعون إليها مرارا وتكرارا فبماذا تنصحونهم؟

قال تبارك وتعالى ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53] ومفاد هذه الآية انه مهما أسرف الإنسان في الذنوب ومهما أفرط ومهما أصر على المعاصي ومهما كان مسترسلا معها بحيث يتوب منها فترة ويرجع إليها أخرى فإنّ عليه أن لا يسيء الظن بالله وان لا يقطع عُلْقَة الرحمة الإلهية وان يعود إلى التوبة والندم متى ما فعل الذنب فانه إذا عاود التوبة والندم وقام بتأنيب نفسه وتوبيخها وتحزينها ومحاولة البكاء على ما يصنعه من الذنوب والمعاصي فان ذلك يعطيه رصيدا روحيا وحصانة ذاتية تمنعه من الجرأة على الذنب مرة أخرى خصوصا مع تطعيم ذلك بالانصهار في الأجواء الروحية كأجواء المساجد وصلاة الجماعة والدعاء الجماعي الذي يُقرأ من قبل مجموعة من الناس والمداومة على أدعية الصحيفة السجادية التي لها اثر مهم في صقل النفس واثر مهم في تحصين النفس بوازع ذاتي ورادع داخلي يمنع الإنسان من الجرأة على الذنوب والخطايا.

ننتقل لمحور آخر ما هي النظرة الصحيحة للوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب من دون أن يتنازل أي طرف عن مبادئه الأساسية؟

الوحدة الإسلامية لها مفاهيم ثلاثة الوحدة السياسية والوحدة الاجتماعية والوحدة العقائدية:

أما الوحدة السياسية:

فبأن يُطرح من خلال المؤتمرات، مؤتمرات التقريب بين المذاهب ومؤتمرات الوحدة الإسلامية في المواسم المختلفة أننا مسلمون مشتركون في ربٍّ واحد ونبي واحد وقبلة واحدة وأصول دين معلومة لدينا وضروريات لهذا الدين معروفة بيننا كالصلاة والصوم والحج والزكاة وما أشبه ذلك ولأجل ذلك فان لنا عدوا مشتركا وهو «الكافر الحربي» لا كلُّ كافر بل الكافر الحربي أي الذي هو في مقام المواجهة للفكر الإسلامي وفي مقام المواجهة للمجتمعات الإسلامية فعلى المسلمين أن يوحدوا صفوفهم وأن يقوموا بجهود مشتركة في مواجهة هذا العدو المشترك، هذه تسمى بالوحدة السياسية وهي وحدة مطلوبة أمر بها القرآن الكريم في قوله تعالى ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [الأنفال: 46] وفي قوله تعالى ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات: 10].

والوحدة الاجتماعية:

هي عبارة عن ما أمر به اهل البيت من التعامل بروح الأخوة مع جميع أبناء المذاهب الإسلامية الأخرى كما ورد عن الإمام الصادق «كونوا زينا لنا ولا تكونوا شينا علينا» «كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم إنّ الرجل منكم إذا صدق في حديثه وورع في دينه وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل هذا جعفري وقيل هذا أدب جعفر فيسرني ذلك وإذا كان على خلاف ذلك قيل فعل الله بجعفر ما فعل ما كان أسوأ ما يؤدب به أصحابه» فالمطلوب أن يكون الإماميّ صورة رائعة عن أئمته اهل البيت في التواضع وحسن الخلق وأداء الأمانة والنصيحة وعدم الغش والخيانة وهذا الخلق في التعامل مع أبناء المذاهب الإسلامية الأخرى كفيل بتحقيق الوحدة الاجتماعية بين أبناء المذاهب.

والمفهوم الثالث للوحدة وهو الوحدة العقائدية:

فهي عبارة عن إقرار جميع المذاهب الإسلامية بمرجعية أهل البيت بمقتضى حديث الثقلين المسلّم بين جميع المذاهب «إنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي» ولا اقصد بمرجعية أهل البيت أن تؤمن المذاهب الإسلامية الأخرى بأنهم أئمة معصومون، كي يقال بأنّ هذا يعني تحول المذاهب الإسلامية الأخرى إلى شيعة ولكن اقصد بمرجعيتهم أنهم مرجع في معرفة تفسير القران الكريم وأنّهم مرجع في معرفة السنة النبوية فكما أنّ أبناء المذاهب الإسلامية الأخرى يرجعون إلى كثير من الصحابة والتابعين في معرفة تفسير القران وفي معرفة السنة النبوية فمن باب أولى أن يرجعوا إلى ما أرجعهم إليه رسول الله فإذا آمن المسلمون بمرجعية اهل البيت فقد تحققت الوحدة العقائدية المطلوبة.

من المواضيع المطروحة على الساحة مسألة الولاية والبراءة فلمن يكون الولاء وممن تكون البراءة وكيف يتوافق ذلك مع الوحدة الإسلامية؟

الولاء هو عبارة عن الإيمان بأن الأئمة الإثني عشر منصوص عليهم بالإمامة من قبل النبي وأنّهم معصومون وأنّهم المرجع في الفكر الديني بمختلف حقوله وجهاته..

وأما البراءة فهي عبارة عن الرفض القلبي واللساني لكل ظالم ظلم أهل بيت النبوة ولكل منحرف سعى لتشويه الفكر الإسلامي أو فكر أهل البيت وهذا لا يتنافى مع الوحدة الإسلامية بمفاهيمها الثلاثة التي ذكرناها سابقا.

متى سيعود السيد إلى وطنه ويستقر فيه كناشط وفقيه؟

إذا شخّصْتُ أن وجودي في تلك المناطق أكثر خدمة للدين والمذهب فإنه حينئذ يكون ظرفا مناسبا لرجوعي.

ما هي نصيحتكم الأخيرة؟

نصيحتي للإخوة المؤمنين وللشباب المتدين الملتزم الرجوع إلى العلماء المعروفين في الحوزات العلمية بمستواهم العلمي وبعدالتهم وورعهم في أخذ الأحكام الشرعية ومعرفة القضايا العقائدية ومعرفة حدود المفاهيم الإسلامية المختلفة وعدم الاستعجال أو الاسترسال في إتباع أي شخص يدعي أنه مصدر للعلم والمعرفة.