وفاة الإمام الرضا: دور الإمام الرضا في حفظ السنة

تحرير المحاضرات

ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيما.

بكيت لرسم الدار من iiعرفات
مدارس آيات خلت من iiتلاوة
ديار  علي والحسين iiوجعفرٍ
منازل  كانت للصلاة iiوللتُقى


 
وأجريت دمع العين بالوجنات
ومنزل وحي مقفر iiالعرصات
وحمزة  والسجاد ذي iiالثفنات
وللصوم والتطهير iiوالحسنات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ

صدق الله العلي العظيم

الآية المباركه تتحدث عن مبدئ الوِلاء؛ حديثنا عن مبدئ الولاء في محورين:

  • المحور الأول: تحديد مفهوم الوِلاء وأقسام الوِلاء.
  • المحور الثاني: بيان الولاء في العترة الطاهره عترة النبي محمد .
المحور الأول: ماهو الولاء؟

هناك فرقٌ بين عنوان الحب وعنوان الولاء. الحُب هو الميلُ النفسي الناشئ عن صفةٍ جذابه، الإنسان إذا أُعجب بصفة ٍمعينه في شخصٍ معين صفه جماليه أو خُلقيه أو فكريه أحب هذا الشخص بمعنى مالت نفسه إليه. أما الولاء: فهو الإرتباط المنهجي بشخص وبجهه أو بتيار معين، أنا عندما أوالي شخصاً فهذه درجه أكثر من الحُب، ولاء الشخص بمعنى إرتباطه بمنهجيه مُستقى منه، منهج حياتي مُستقى منه فأنا أعتبره رمزاً ومثلاً وقدوةً كل ذلك يندرج تحت عنوان الوِلاء.

الولاء قد يكون مُستتراً وقد يكونُ بارزاً وظاهراً طبعاً لإختلاف الظروف، الشاعر الفرزدق تحدث عن الولاء المُستتر وتحدث عن الولاء البارز. الحُسين حينما خرج من مكة المكرمه إلى العراق لقيَ الفرزدق فقال: كيف خلّفت الناس في الكوفه؟ قال: قلوبهم معك وسُيوفهم عليك. هذا وِلاء مُستتر هم لهم ولاء لكنه ولاء مستتر خنقته الظروف، أيضاً الفرزدق نفسه في عِدة إشارات عبّر عن هذا الولاء المستتر أمير الشعراء أحمد شوقي في منظومته قيس وليلى يذكر في هذه المنظومه:

وذا ابن ذريح رضيع iiالحسين
أحب      الحسين     ولكنما
حذفت   لساني   عن  iiمدحه

 
فديتُ   الرضيعين  iiوالمرضعا
لساني   عليه   وقلبي   معه
أخاف أضغاث أمية أن تقطعه

هو يتحدث عن الولاء المُستتر. وهناك ولاءٌ بارز مثله الفرزدق نفسه عندما جاء هشام ابن عبد الملك يُريد أن يستلم الحجر الأسود في مكة المكرمه فلم يستطع نتيجة إزدحام الحجيج حول الحجر، وقف هشام إلى جانب ينظر إلى الحجيج كيف يزدحمون على الحجر ومعهم جلاوزته وحرسه، ثم أقبل الإمام زين العابدين فلما رآهُ الحجيج إنفرجوا صفين وتقدم الإمامُ بلا زحامٍ ولا مشقةٍ ولا حرجٍ فأستلم الحجر وقبله، هنا إلتفت جلاوزة هشام إليه قالوا: من هذا الرجل الذي ليس عنده جنود ولا قوه عسكريه ومع ذلك إنفرجت له الناس صفين وقبل الحجر واستلمه؟ قال: أنا لا أعرفه. هنا برز الوِلاء عند الفرزدق صار ولاء بارز وليس مستتر قال: لا تعرفه أنا أعرفكم به.

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
هذا  ابن  خير  عباد الله iiكلهمُ
وليس  قولك  من  هذا iiبظاهره
من  معشرٍ حبهم دينٌ iiوبغضهم


 
والبيتُ   يعرفهُ   والحلُ  والحرم
هذا  التقيُ  النقيُ الطاهرُ iiالعلمُ
العربُ  تعرف من أنكرت والعجم
كفرٌ   وقربهمُ  منجىً  ومعتصمُ

وأبو نواس عندما يرى الإمام الرضا يركبُ بغلتهُ الشهباء وهو بغرته المُشرقة المُضيئه فيُمسك أبو نواس بزمام بغلته ويعلن الولاء ويقول:

مُطهرون      نقياتٌ     iiثيابهم
والله  لما برا خلقاً فأتقنه iiصفاكم
فأنتم   الملأ   الأعلى   وعندكم
من  لم يكن علوياً حينما iiتنسبه


 
تجري الصلاةُ عليهم أينما ذكروا
واصطفاكمُ      أيها      iiالبشرُ
علمُ الكتاب وماجائت به iiالسورُ
فما  له  في  قديم الدهر مفتخرُ

الولاء ينقسم إلى نوعين: وِلاء إيجابي، وِلاء سلبي.

الولاء الإيجابي: هو وِلاء القيم الإنسانيه، وِلاء المبادئ الإنسانيه.

القرآن الكريم ينص على إيجابية وِلاء القيم، القرآن الكريم يقول: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر قيمه تحافظوا على القيم وتحافظوا على المبادئ وترسيخهم.

أما الوِلاء السلبي: هو ولاء الجهات المُعاديه والمُحاربه للقيم والمبادئ.

هناك رُكنٌ من أركان الإسلام التي دلت عليها النصوص يُعبّر عنه بالتولي والتبري، لا نقول أصل إنما ركن بمعنى أنه عماد من الأعمده مثل الصلاة والصوم. القرآن الكريم عندما يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ القرآن يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ.

هذه الآيات عندما يقرأها بعض الباحثين يقولون هذه الآيات متشنجه ومتوتره، هذه اللغه القاسيه والعنيفه التي تأمر بمقاطعة الآخرين وتأمر بالتبري منهم، هذه اللغه المُعبّر عنها بمبدئ التولي والتبري هذه لغة لا تنسجم مع اللغة الحضاريه.

التولي والتبري بمعنى الدعوه لتقسيم الإنسانيه إلى موالي وغير موالي وأيضاً هي الدعوه إلى العُنف والكراهيه والحقد، التولي والتبري بمعنى الدعوه إلى فِئوية المجتمع الإنساني فهناك فئة محبوبه وهناك فئة مبغوضه، هناك فئه مواليه وهناك غير مواليه. إذن هذا المبدئ ليست لغةً حضاريه.

ثانياً: هذه اللغه لا تلتقي مع القرآن الكريم نفسه فهو دعى في آيات أخرى متكرره إلى النظر للإنسانيه نظراً رحيماً ﴿َا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ماهو الجواب عن هذه الفكره؟

أولاً: هناك فرقٌ بين العلاقه المصلحيه بشخص وجهه وبين الوِلاء العلاقه المصلحيه لا يرفضها الإسلام، أن تكون بيني وبين شخص علاقة محبه وموده وإن كان هذا الشخص كافراً يهودياً وبوذياً من أي ملةٍ كان، نحن نتحدث عن شئ أعمق من العلاقه الشخصيه والعلاقه المصلحيه نسميه بالولاء الذي يُنهى عنه الإسلام الولاء يعني الإرتباط المنهجي بأن أرتبط بالجهه المُعاديه بالإسلام هذا هو الذي تحدث عنه القرآن بلغةٍ شديده ولا نقول لغة عنيفه فلغة الكتب التربويه تختلف بإختلاف المواطن.

لاحظوا القرآن الكريم يقول: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ لا يوجد هناك مانع بأن يكون بينكم وبين أناس كُفار مُحايدين وليسوا في موقع الحرب والعداء، ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ الكلام في مُشكلة الولاء وليس في العلاقه الشخصيه وإلا الإسلام هو الدين الوحيد الذي يحترم الديانات كلها ويُقدس كُل الأنبياء ويعظم كل الرُسل هو دينُ محمد لا يحتقر ديناً ولا ملةً ولا فِرقةً لا حظوا القرآن الكريم يتكلم بكل صراحه ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ سواءٌ كانوا يهود أو مسيحين أو صابئه أو أي ملة إذا آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فإن الله يُأتيه على ماعمل ﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ليست المُشكله أن تقيم علاقةً شخصيةً أو مصلحية مع أي شخصٍ أو جهةٍ أخرى غير إسلاميه، المُشكله والمذموم هو الولاء للجهة المعادية للإسلام.

ثانياً: الإسلام عندما يُشدد في القرآن والسُنة على أن لا يكون هناك ولاءٌ لجهاتٍ مُعاديه المقصود بذلك تربية المُسلم على رفض الظلم، المسلم لابد أن تكون عنده روح رافضه للظلم وللطغيان أياً كان مصدره، هذه الآيات عندما تتحدث بلغه شديده المقصود منها تربية المسلم على روحٌ رافضه للظلم والطغيان مهما كانت مصدرها ولذلك ذكرت الآيات المباركه ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ توادوا الكفار لا يوجد مشكله المشكله من حاد الله. وقال تبارك وتعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا.

المحور الثاني: بيان الوِلاء في للعترة الطاهره عترة النبي محمد .

هناك وِلاءٌ عام وهو ولاء الإسلام ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ.

وهناك ولاءٌ خاص ولاءُ العترةِ المُحمديه الفاطمية العلويه من آل محمدٍ، ولاءُ أهل البيت على درجتين: ولاءُ الموده، ولاءُ الإمامه.

ولاءُ الموده: موجود عند جميع المسلمين إمتثالاً للقرآن الكريم ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وورد عن النبي محمدٍ كما في مُسند أحمد بن حنبل ”من مات على حب آل محمدٍ مات شهيداً، من مات على حب آل محمدٍ مات مغفوراً له، من مات على حب آل محمدٍ مات تائباً، من مات على حب آل محمدٍ مات مؤمناً مُستكمل الإيمان، من مات على بُغض آل محمدٍ مات جاء يوم القيامه مكتوباً بين عينيه آيساً من رحمة الله“، الإمام الشافعي أحد الأئمة الأربعه وهو يُعلن عن ولاءه ولاء المودة لأهل البيت.

يا  راكباً قف بالمُحصى من iiمنى
سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى
إن  كان  رفضاً  حب  آل iiمحمد

 
وأهتف  بساكن خيفها iiوالناهض
فيضاً  كما  مرتطم iiالغديرالفائض
فليشهد   الثقلان   أني  iiرافضي

ولاء الإمامه: الذي يعتقد به المذهبُ الإمامي، الإمامه تعني ثلاثة مناصب: الحُجيه، وولاية الأمر، وولاية التصرف. الإمام هو من يحمل المناصب الثلاثه:

المنصب الأول: الحُجيه:

 الإمام لأنه معصوم حجة في قوله وفعله فهو معصومٌ فيما يصدرُ منه لأنه معصوم فهو حُجةٌ فيما يصدرُ منه. الذي أشار منه النبي في حديث الثقلين الذي رواه الحاكم في مُستدركه ورواه حديثٌ صحيح لاريب فيه ولا شبهه تعتريه، روي عن نيفٍ وثلاثين صحابين ”إني مُخلفٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعِترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، وقد أنبأني اللطيفُ الخبيرُ بأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض“ هنا إثارة؛ بعض الأقلام الإسلاميه كتبت البحث حول الإمامه لا جدوى فيه لأن الخلافه في الإمامه خلافٌ سياسي، خلافٌ حدث بين صحابة حول السُلطة السياسيه بعد وفاة رسول الله ، إذن بما أن خلاف في الإمامه خلافٌ حول السلطة السياسيه بعد وفاة رسول الله لذلك البحثُ فيها يترتب عليه محذوران:

المحذور الأول: أن البحث لغو لايوجد فائده لأن الخلاف من له السُلطه بعد وفاة رسول الله من هو الأولى والسلطة السياسيه بعد رسول الله هذا البحث لا ينفعنا ولا يُقدم ولايُؤخر لأن هذه الُحقبه قد إنتهت وإنقرضت فما معنى في البحث فيها ولا قضاء الأوقات.

المحذور الثاني: البحث حول الإمامه إحداث شرخٍ في جسم الأمة الإسلاميه فهي تمر بظروف خطيرة وعصيبه تحتاج فيها إلى تماسك الصفوف وقد قال تبارك وتعالى ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وقال تبارك وتعالى: ﴿ِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ الأمة الإسلاميه في هذه الظروف تحتاج فيها إلى الوحده والتآلف فالبحث في الإمامه شرخٌ وتقسيمٌ لجسم الأمه فهو يتنافى مع مبدئ وحدة الكلمه ومبدئ الترابط بين أبناء الإسلام. لماذا نبحث في الإمامه؟

الجواب: ليس الخلافُ في الإمامه خلاف سياسي، الخلاف في الإمامه خلاف عقديٌ فكريٌ هذا الخلاف في المرجعية الفكريه بعد النبي المُصطفى محمد كيف ذلك؟ نحنُ عندنا مدرستان: مدرسة آل البيت، ومدرسة الصحابه. ولكل من المدرستين تراث، مدرسة الصحابه تراثها موجود في صحيح مسلم والبخاري في كتاب المُستدرك للحاكم، مدرسة آل البيت أيضاً لها تراث في الكافي والتهذيب وفي الإستبصار ووسائل الشيعه وفي البحار هذا تراث آل البيت، نحن الآن بعد ألف وأربعة مائة سنه نطرح نفس السؤال الذي كانوا يطرحون بعد وفاة رسول الله، لمن المرجعيه هل لتراث آل البيت أم لتراث الصحابه، هذا خيار فكري؟ ليس له ربط في الخلاف السياسي، الخلافه في الإمامه يتركز على خلاف فكري، لمن المرجعيه؟ المرجعية في فقه العبادات والمعاملات وفقه القضاء والإقتصاد، المرجعية في الفقه لأيٍ من التراثين هل هي لتراث آل البيت أم لتراث مدرسة الصحابه؟ هذا هو الخلافُ في الإمامه وهو باقٍ مادام السؤالُ باقياً.

مثلاً: القرآن الكريم كما ذكر نفسه ﴿مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ القرآن فيه آيات متشابه/ مثلاً قوله تعالى ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا اليد متشابه هل اليد من أطراف الأصابع أو من الزند أو من المرفق أو هل اليد من الكتف، اليد عنوان متشابه. مثلاً: قوله تعالى ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى إستوى بمعنى السيطره الماديه أو العلميه، مدرسة آل البيت إختلفت عن مدرسة الصحابه في تفسير القرآن فلمن المرجعيه في تفسير القرآن.

مثلا: آية الوضوء قوله تعالى ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ مدرسةُ آل البيت فهمت من الآيه أن الوضوء بمعنى مسح القدمين، مدرسة الصحابه قالت: معنى الآيه غسلُ القدمين وليس مسحهما فأيُ المدرستين هي المرجع في تفسير القرآن. مثلاً: قوله تعالى ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ مدرسةُ آل البيت تقول أن الطلاق لا يقعُ ثلاثاً في مجلسٍ واحد، إذا شخص يُطلق زوجته ثلاث مرات في مجلس واحد يقع طلقه واحده لا يقع طلاق متعدد إلا إذا فصل بالرجوع، طلق ثم رجع، طلق ثم رجع، طلق هنا يُعد ثلاثاً تحصل البينونه التامه. وإلا إذا طلق ثلاث متتاليه تقع طلقه واحده. مدرسةُ الصحابه تقول: لا، متى ماطلق ثلاثاً ولو بشكل متوالي حرمت عليه زوجته لا يعود إليها إلا أن تنكح زوجاً غيره. إذن بالنتيجه إختلفت المدرستان في تفسير القرآن لمن المرجعية الفكريه في الفقه وفي تفسير القرآن، هذا هو البحث في الإمامه وليس البحث حول السلطه السياسيه بعد وفاة رسول الله فيقال هذا بحثاً لغواً لأن هذه الحقبه إنتهت وإنقرضت، لا.

ثانياً: نحن عندما نبحث حول الإمامه وإصرارانا على هذا البحث لايعني هروبنا وتخلينا عن الهموم والقضايا الإسلاميه العامه، نحن أول من يبادر بالقضايا الإسلاميه العامه، الإماميه في الوقت الذي يصرون في البحث حول الإمامه هم في نفس الوقت أول من يبادر بالقضايا الإسلاميه العامه ونصرة الشعوب الإسلامية المضطهده.

الإماميه لا يفصلون ولا يُفككون بين الإهتمام بمبدئهم وهو الإمامه وبين الإهتمام بالقضايا الإسلامية العامه وهذه سيرة الإمام علي بن ابي طالب وهو كان يشدد حول إمامته لأنها عقيده، جمع الناس يوم الرُحبه وقال: ”أنشدكم الله من سمع رسول الله يوم غدير خم يقول فيّ من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وأنصر من نصره، وأخذل من خذله وأدر الحق معه أينما دار، فليقم وليشهد“ فقام أكثر من ثلاثين صحابياً بدرياً شهدوا بما قاله الإمام علي إلا بعض الصحابه. الإمام علي كان يشدد على مسألة إمامته لكنه في نفس الوقت كان يدعم الدوله والكيان الإسلامي ويشارك في القضايا الإسلامية العامه، الإمام علي في عصر الخليفة الثاني الذي كان عصراً مليئاً بالفتوحات الإسلاميه وقف إلى جانب الدولة الإسلاميه ودعم الفتوحات وكان يُشيرُ بالنُصح والإفاده للخليفة الثاني حتى قال الخليفه الثاني: لولا عليٌ لهلك عُمر، وقال: لا أبقاني الله في مُعضلة لم يكن فيها أبو الحسن. وقال علي : لأسالمن من سلمة أمور المسلمين ولم يكن جورٌ إلا عليّ خاصه.

إذن عليٌ جمع بين الأمرين بين الإهتمام بمبدئ الإمامه وبين الإهتمام بالقضايا الإسلاميه والهُموم الإسلاميه العامه، والإمامية على سيرة علي وسيرة آل محمد .

المنصب الثاني: ولايةُ الأمر، مامعنى ولاية الأمر؟

كما في قوله تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ مصطلح فقهي يقول الفقهاء هناك فرقٌ بين الفتوى والحُكم الولايتي؟.

الفتوى: قضيه كليه لا تختص بزمن ولا تختص بشخص ولا بظرف، مثلاً: عندما يقول فقيه، الدم نجس؟ هذه قضيه كُليه ليس لها علاقه لا بزمن ولا بشخص ولا بظرف. من شك بين الثلاثه والأربع في صلاته الرباعيه بنا على الأربع وأتى بركعة إحتياط قائماً.

أما الحكم: فهو الخطاب الصادر من الفقيه في القضية الخارجيه، يختص بقضيه وبظرف مُعين مثلاً: عندما يقول الفقيه يحرم شراء بضائع الشركه الفلانيه لأنها مُعاديه للإسلام. هذا حُكم لأنه يختص بظرف مُعين ولعوامل وبجهة معينه، هذا يُسمى حكم ولايتي وليس فتوى.

ولاية الأمر، بمعنى أن الإمام أحكامه إذا صدرت فهي نافذه سواءاً كانت في الأنفس أو في الأعراض أو الأموال، وهذا ماعبر عنه في القرآن الكريم في حق النبي ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أولى بنا من أنفسنا: بمعنى أن حكمه نافذ سواءاً في أنفسنا.... ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وقال تبارك وتعالى في حق النبي محمد : ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا فولاية الأمر نقلها النبيُ إلى عليٍ يوم غدير خم كما في مستدرك الحاكم: ”ألست أولى بكم من أنفسكم، قالوا: بلى يارسول الله، قال: فمن كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه، اللهم والي من والاه وعادي من عاداه“.

المنصب الثالث: ولاية التصرف.

نحن الإماميه نقول: الإمامه أصلٌ من أصول الدين، أصولُ ديني خمسه، أحفظها لا أنسى: التوحيد، والعدل، والنبوة، والإمامة، المعاد.

هنا سؤال: إذا كانت الإمامة أصلاً من أصول الدين، إذاً من لا يعتقد بالإمامه لا دين له؟ هل أنتم الإماميه تعتبرون الآخرين لا دين لهم، لأنكم ترون الإمامه أصل من أصول الدين؟ هذا يُعتبر لغه من لغات التكفير وأنتم الإماميه تقولون نحن لا نكفر أحد، معنى أن غيرنا من الملل والمذاهب الأخرى لا دين له.

الجواب: أولاً: علمائنا ذكروا أجوبه ثلاثه، كالسيد شرف الدين رحمه الله قال: الإمامه أصلٌ من أصول المذهب. لا نقول بأن الدين يزول إذا لم يكن هناك إعتقاد بالإمامه.

الجواب الثاني: يقول: لا، الإمامه غير الإمام. ماهو أصلٌ من أصول الدين مسألة الإمامه والإمامه تعني ولاية الأمر، وولاية الأمر يؤمن بها كل المذاهب الإسلاميه جميعها تُقر بمبدأ ولاية الأمر، إنما الخلاف من هو الولي؟ وكيفية الوصول إلى هذا الولي؟ هل الوصول إليه بالشورى أم بالبيعه أم بالنص؟ خلافٌ في كيفية تحديد الإمام وإلا مسألة الإمامه ليس فيها خلاف، وضرورة وجود ولي للأمر بعد وفاة النبي محمد . بمعنى أن ولاية الأمر هو أصلٌ من أصول الدين لذلك ليس عندنا تكفير أو إخراج أحد من الدين.

الجواب الثالث: ماذكره بعض علمائنا كالسيد الخوئي رحمه الله.

أن الدين له مُصطلحات: الدين الإعتباري، والدين الواقعي.

الدين الإعتباري: بمعنى أنه الدين الذي له موضوعٌ للأحكام الشرعيه، موضوع لحرمة الدم وحرمة العرق والنفس وحرمة المال والكرامه، وهذا الدين مُتقوم بالشهادتين فمن شهِد الشهادتين فهو مُسلم مُحترم، مالاً عرضاً، نفساً وكرامةً، حتى لو نعلم أنه كاذب. مثلاً: أجنبي يعمل عندك سائق عندما يأتي لديك ويقول: الشهادتين، أنت تعلم بأنه ماقال هذا إلا لأجل أن يأخذ أجراً، لكنه بمجرد أن يقول يُعتبر مُسلماً. يحرم دمه عرضه وماله وكرامته. تترتب سائر الأحكام الشرعيه، يجب تجهيزه إذا مات وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه إذا مات. هذا الإسلام منوطٌ بالشهادتين ورد عن النبي محمد : ”من قال لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله حرم ماله ودمه وعرضه“ وقال: ”الإسلامُ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله به حقنة الدماء وجرت المناكح والمواريث“ يتزوج المُسلم من المُسلمه وإن إختلفا في مذهب، ويرث المُسلم المُسلمه وترثُ المُسلمة المُسلم وإن إختلفا في المذهب.

إذن الإسلام الذي هو موضوع للأحكام هو المنوط بالشهادتين سواءاّ إعتقد بالإمامه أم لم يعتقد بها، فهو ليس دخيل في الدين الإعتباري.

أما الدين الواقعي: هو موضوع الثواب والعقاب، للجزاء والتكريم. هو المنوط بالأصول الخمسه.

أولاً: الإمامة أصلٌ من أصول الدين ليس من أصول الدين الإعتباري إنما أصل من أصول الدين الواقعي بمعنى أنه دخيل في عالم الثواب والعقاب والإفادة والتكريم وليس دخيلاً في ترتب الأحكام الشرعية.

ثانياً: عندما تتكلم عن لغة التكفير وهي موجوده بالقرآن ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴿وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا هي لغة قرآنيه، لكن ينبغي علينا كمسلمين موضوعيين أن نميز مامعنى التكفير ولا نخلط المُصطلحات، التكفير أستخدم في القرآن الكريم بمعاني ثلاثة:

المعنى الأول: الخروج من الدين، قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا.

المعنى الثاني: الكفر بمعنى عدم الإيمان، مثلاً قوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ نفترض قاضي حكم جوراً، لا يخرج عن الدين. الكفر هنا بمعنى عدم الإيمان ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ يعني أنهم ليسوا بمؤمنين ولا يعني أنه ليسوا بمسلمين. ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ.

المعنى الثالث: الكفران بالنعمه، قوله تعالى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ كفرتم بالنعمه. وقال تبارك وتعالى: ﴿وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ. فهو له معاني ثلاثه.

عندما تسمع من مسلم يقول لك كافر لا يعني الخروج من الدين إنما يقصد بكلمة الكفر، الكفران بالنعمه أو كفر قلة الإيمان. روايه معتبرة الفُضيل ابن يسار، عن الإمام الصادق جعفر بن محمد : ”إن الله نصب علياً علناً بينه وبين خلقه فمن آمن به فقد آمن ومن أنكره فقد كفر، ومن جهلهُ كان ضالاً“ الروايه لم تقل كل من لم يؤمن بعلي فهو كافر إنما قالت ضالاً وتائهاً. ومن أنكره بمعنى أنه وصل إلى الدليل القاطع الواضح على إمامة عليٌ ومع ذلك تعالا وتغافل وأنكر مع قيام الدليل الواضح هذا يُعد كافراً بمعنى عدم الإيمان لا بمعنى الخروج من الدين ولذلك موجود في الآيات ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ.

المنصب الثالث: ولاية التصرف، هي المُعبّر عنها بالولاية التكوينيه التي ثبتت لآصف ابن بُرخيه وزير سليمان، وآصف ابن بُرخيه لم يكن نبياً لكنه ثبتت له الولاية التكوينيه، القرآن الكريم يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ عرش بلقيس وهو عرش ضخم مُقلد بالذهب والفضه والجواهر والأحجار الكريمه من اليمن إلى بيت المقدس، ﴿قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ* قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ والذي عنده علمٌ من الكتاب: هو آصف بن بُرخيه، قبل أن يرتد إليك طرفك: أن آصف بن برخيه عنده قدره تكوينية بإذن الله أن أأتي به بلحظه واحده من اليمن إلى بيت المقدس هو لديه علمٌ من الكتاب فكيف بمن عنده علمُ الكتاب كله وهو أمير المؤمنين الذي قال القرآن بحقه: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ولذلك لا غرابه بأن تُرد الشمس بعد مغيبها لعلي بن أبي طالب. عن ابن ابي الحديد من علماء المعتزله:

يا     من     له     ردت    ذكاء
فأقول     فيك     سميدعٌ     iiكلا
بل   أنت   في  مثل  يوم  القيامه

 
ولم يفز بنضيرها من قبل إلا يوشعٌ
ولا  حاشا  لمثلك أن يُقال iiصميدعٌ
حاكمٌ  في العالمين وشافعٌ iiومُشفعُ

إذن الإمامه تعني مناصب ثلاثه: الحُجيه، وولاية الأمر، وولاية التصرف «الولايه التكوينيه».

وهذا مبدأ ولاء الإمامه هو الذي تحدث عنه علي بن موسى الرضا عندما وصل إلى نيشابور وإجتمع الآلاف حول الناقة التي كان في قبتها وقال له أبو زرع الرازي ومحمد بن أسلم الطوسي: ”يابن رسول الله أرنا طلعتك الرشيده وغُرتك الحميده وإقرأ علينا حديثاً من أحاديث جدك رسول الله فأبرز وجهه الشريف وقال: سمعتُ من أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي سيد الشهداء عن أخيه الحسن المجتبى عن أبيه علي أمير المؤمنين عن أخيه رسول الله عن أخيه جبرئيل عن الله جل جلاله قال:“ كلمة لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي ولكن بشرطها وشروطها وأنا من شروطها" فكتبتها المحابر والأقلام في ذلك اليوم حتى قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن والده: لو قُرأت هذه الأسناد الطاهره على مجنونٍ لبرأ من جُنته. هذا الإمام العظيم ثامن الأئمة الطاهرين له خواص لا يلتفتُ إليها الناس.

الخاصيه الأولى: ماورد عن جده الإمام الصادق ”تدفنُ بضعة مني بأرضِ خراسان من زاره عارفاً بحقه ضمنت له على الله الجنه“.

الخاصيه الثانيه: لماذا الإمام الرضا عبّرت عنه الروايات بأنه أنيس النفوس، مامعناه؟ الروايات تقول: ”كلُ إمامٍ إذا زرته لا يُقبل عليك حتى تُقبل عليه إلا عليُ بن موسى فإنه يٌقبل على زائريه وإلا يُقبل عليه“ منذ دخولك لمشهد فإن الإمام يُقبل عليك، قبل أن تتصرف أي تصرف تجد بهجه في لقاء الإمام وأنسه وفرحه في لقائه لذلك لُقب بأنيس النفوس.

”من زاره عارفاً بحقه ضمنت له على الله الجنه، قلتُ: سيدي وماعرفان حقه. قال: العلم بأنه إمام مُفترض الطاعه غريبٌ شهيد“

عندما دخل عليه دعبل الخُزاعي أيام عاشوراء، يقول دخلت عليه فإذا هو جالس جِلسة الكئيب، مابالك سيدي كئيباً، قال: يادعبل أما تعرف أن هذه الأيام أيام عاشور، أيام حُزنٍ وأسى علينا أهل البيت، قلتُ: بلى سيدي. قال: إذن أنشدني شعراً في جدي الحسين. يقول دعبل صِرتُ أنشده فكلما ذكرت ُ الحسين صرخ واجداه، ولما وصل إلى هذه الأبيات.

أفاطم لو خلت الحسين مجدلاً   وقد  مات عطشاناً بشط iiفرات