درس الفقه | 129

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ما زال الكلام في: محاذاة المرأة في الصلاة، لصلاة الرجل او تقدمها عليه موجب لبطلان صلاة الرجل، وهذا ما أوجب ان يقع بحث في أن المانع من صحة صلاة الرجل مطلق صلاة المرأة او الصلاة الصحيحة؟ لا مطلق صلاة المرأة، وقد تعرض لهذا البحث في بحث الصحيح والأعم في الاصول، حيث ان المحقق النائيني «قده» بنفسه تعرض لهذه الثمرة كثمرة للبحث في الصحيح والاعم، وهو انه هل يمكن القول في ان الفاظ العبادات ومنها الصلاة، موضوعة للأعم، إذن مطلق صلاة المرأة محاذية للرجل مبدل لصلاة الرجل وإن كانت صلاتها فاسدة، لأن الصلاة موضوعة للاعم، وان قلنا بانها موضوعة للصحيح فلابد ان يحرز الرجل صحة صلاة المرأة واقعاً كي تكون صلاته باطلة، وإلا اذا احرز الفساد فصلاته صحيحة باعتبار ان المانع الصلاة الصحيحة والمفروض ان صلاتها ليست صحيحة. وذكرنا ان جمعاً من الاعلام ذهبوا الى ان المناط هو الصحة، وذكرنا الوجوه السابقة، كمسألة الوضع ومسألة الانصراف ومسألة الإجماع.

ونذكر وجوها للعكس، وهو انه ليس المراد بالصلاة المانعة من صحة صلاة الرجل خصوص الصحيحة بل الأعم:

الوجه الاول: ما ذكره السيد الخوئي في بحث الاصول في بحث الصحيح والأعم، ولم يتعرض له هنا في بحث الفقه. فقد ذكر هناك عدة مقدمات للوصول الى النتيجة في هذه الثمرة.

المقدمة الاولى: إن الصحة تطلق على معنيين، الصحة بمعنى تمامية الأجزاء والشرائط، والصحة بمعنى الوجود المسقط للأمر. مثلا: لو أتى بصلاة اضطرارية كما لو فرضا ان شخصاً كان بإمكانه ان يصلي الصلاة الاختيارية فأجل وعجز إلى ان خوطب بالصلاة الاضطرارية فأتى بها، فهذا لم يحقق الصحة بمعنى التمامية، وإنما حقق الصحة بمعنى الوجود المسقط للامر، أتى بصلاة مسقطة للأمر، فالصحة لها معنيان.

المقدمة الثانية: إنّ الصلاة قد تكون متعلقا للامر وقد تكون موضوعاً، مثلا عندما يقول «أقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر»، فالصلاة هنا متلعقة للأمر، ولكن عندما يقول: «صلاة الإمام موضوع لعدم الشك، او لسقوط القراء عن المأموم»، فهنا صارت الصلاة موضوع لا متعلق، المأموم ليس مخاطب بصلاة الامام حتى تكون الصلاة بالنسبة اليه متعلق، وإنما الصلاة بالنسبة اليه موضوع، صلاة الإمام موضوع لسقوط القراءة عن المأموم، إنما تسقط القراءة عنك اذا أأتممت. إذن بالنتيجة الصلاة قد تكون متعلقا وقد تكون موضوعاً.

المقدمة الثالثة: إذا كانت الصلاة متعلقاً للأمر فالصحة فيها بمعنى، واذا كانت الصلاة موضوعا للامر فالصحة فيها بمعنى آخر. اذا كانت الصلاة متعلقا للامر بأن قال المولى: «اقم الصلاة لدلوك الشمس»، والمولى يريد الصلاة الصحيحة، فما هي الصحة التي يريدها المولى هنا؟ لا يعقل ان تكون الصحة المتعلقة للأمر الوجود المسقط، اصلا غير معقول، لأنها اذا كان مراده بالصحة الوجود المسقط للامر فقد اخذ الوجود متعلقا للامر، «اريد منك صلاة صحيحة» يعني اريد ذلك الوجود الخارجي المسقط للأمر، وطلب الوجود تحصيل للحاصل، اذ بعد ان فرضته موجودا كيف تأمر به، فلا يعقل اخذ الوجود، لذلك يقولون متعلق الاوامر دائما الطبيعي المجرد عن قيدي الوجود والعدم، لست مأمورا بالصلاة المعدومة فهذا ممتنع، ولست مأموراً بالصلاة الموجودة فهذا ممتنع، أنت مأمور بطبيعي الصلاة، فلم يؤخذ في متعلق الامر بالصلاة لا الوجود ولا العدم، إذن لو كان المراد بالصحة في متعلق الأمر الوجود، يعني إن وجدت اسقطت، هذا لا يعقل أن يكون متعلقا للأمر، لان لازمه اخذ الوجود في متعلق الامر وأخذ الوجود في متعلق الامر يعني طلب الحاصل، وطلب الحاصل محال، إذن لا يعقل ان تكون الصحة المأخوذة في متعلق الامر المعنى الثاني وهو الوجود المسقط للامر، فتعين ان تكون الصحة في المتعلق بالمعنى الأول يعني تمامية الاجزاء والشرائط، فعندما يقول: «اقم الصلاة لدلوك الشمس»، فكأنه قال: أقم الصلاة تامة الشرائطة لدلوك الشمس.

وأما اذا كانت الصلاة موضوعاً، لا متعلقاً، كما اذا قال: «صلاة الإمام تسقط القراءة عن المأمول» يقول: لا محالة ستكون الصحة بالمعنى الثاني، لانه اذا أخذت الصلاة موضوعا فالحكم لا يكون فعلياً الا بفعلية موضوعه فلا الحكم بسقوط القراءة عنّي الا بفعلية صلاة الإمام، إذن أخذ الوجود في الموضوع، خلاف المتعلق، المتعلق لا يمكن اخذ الوجود فيه، بينما الموضوع لابد من أخذ الوجود فيه، لأنه متى ما كانت علاقة الصلاة بالحكم علاقة الموضوع بالحكم والحكم لا يكون فعليا الا بفعلية موضوعه فلابد من وجود الصلاة في رتبة سابقة كي يكون الحكم فعلياً، فلابد ان تفرض صلاة إمام موجودة كي يقال صلاة الإمام مسقطة للقراءة عن المأموم، فاذا اخذ الوجود في الموضوع تعيّن ان يكون المراد بالصحة في الموضوع الصحة المسقطة، يعني اما انه اتى بتمامية الاجزاء والشرائط، او اتى ببعضها، بالنتيجة اسقط الامر.

بعد الفراغ عن ذلك يأتي الكلام في النتيجة، فهل بحثنا في الصحيح والاعم، في الفاظ العبادات المتعلقة للامر او الموضوع؟ او للاعم؟

يدعي بضرس قاطع ان بحثنا في الصحيح والأعم خاص بالمتعلق، العبادات المتعلقة للأوامر هل اريد بها الصحيح؟ او اريد بها الاعم؟ بحثنا في الفاظ العبادات عندما تكون متعلق نبحث هل المراد بها عند الواضع، هل وضعها الواضع بخصوص الصحيح او وضعها الواضع لخصوص الصحيح؟ لا نبحث عن الصلاة التي تكون موضوعا لأمر بل نبحث عن الصلاة المتعلقة لأمر. لأن الصحة هي عبارة عن تمامية الاجزاء والشرائط، وانما نقول ان الصحة مسقطة للامر من باب الاضطرار والاضطرار لأكل الميتة، وإلا الصحة بالمعنى الواقعي هي تمامية الأجزاء والشرائط، فبما ان الصحة بالمعنى الحقيقي يعني ما يقال له صحة بالحمل الأولي يعني ما هو مرادف لعنوان الصحيح ما كان تام الأجزاء والشرائط، الصحة بمعنى تمامية الاجزاء والشرائط، هذه هي حقيقة الصحة إنما اضطررنا في شخص عجز نفسه الى ان صارت صلاة اضرارية، ان نقول ما أتى به سقط الأمر به. فبما ان الصحة التي نبحث فيها في بحث الصحيح والأعم هي الصحة بمعنى تمامية الأجزاء والشرائط وهذه الصحة إنما تتصور في متعلق الامر إذن لا محالة محل بحثنا في العبادة المتعلقة للامر، لان الصحة بالمعنى الحقيقي إنما يتصور في العبادة المتعلقة للأمر.

فاستنتجنا من هذه النتيجة: أن محل بحثنا الآن في صلاة هي موضوع لا في صلاة هي متعلق، محل بحثنا الآن ان صلاة المرأة بحذاء الرجل تبطل صلاة الرجل ام لا؟ صار موضوع، صلاة المرأة موضوع لحكم في حق الرجل وهو بطلان صلاته، صلاة المرأة مبطلة لصلاة الرجل، نحن الآن نتكلم عن الصلاة التي هي موضوع لحكم في حق الغير، وبما ان بحثنا في الصلاة الموضوع، وليس بحثنا في الصلاة المتعلق، إذن لا ربط ببحث الصحيح والأعم، كي يقال بان ثمرة بحث الصحيح والأعم تظهر في محل الكلام.

ولكن يلاحظ على ما أفيد: بأن غاية ما ذكر «قده» انه لا يمكن ان تكون الصحة في متعلق الامر بمعنى الوجود المسقط، وعدم إمكان ان تكون الصحة في متعلق الامر بمعنى الوجود المسقط لا يعني ان الصحة في الموضوع بمعنى الوجود المسقط، فلا ملازمة بين الامرين، في المتعلق لا يمكن ان تكون بالمعنى الثاني، لكن هذا لا يستلزم أن تكون في الموضوع بالمعنى الثاني، بل يمكن ان تكون بالمعنى الأولي، فإذن مجرد ان الصلاة المتعلق للامر لا يعقل ان تكون بمعنى الوجود المسقط لان لازما اخذ الوجود في المتعلق ولازم اخذ الوجود في المتعلق طلب الحاص، سلمنا اذن الصحة في المتعلق ليست بمعنى الوجود المسقط، لكن هذا لا يعين ان الصحة في الموضوع بمعنى الوجود المسقط، بل يتصور فيها الصحة بمعنى تمامية الاجزاء والشرائط.

لكن بعبارة اخرى نقول: الصحة لها معنى واحد هو تمامية الاجزاء والشرائط، غاية ما في الباب إن كانت في المتعلق فلا يعقل فرض الوجود معها، وإن كانت في الموضوع يعقل فرض الوجود معها، لكن الصحة بنفس المعنى، الصحة التي يبحث عنها في جميع الفاظ العبادات هل ان الفاظ العبادات موضوعة للصحيح أم الأعم؟ يعني هل ان الفاظ العبادات موضوعة لتام الاجزاء والشرائط ام مطلقاً؟ في المتعلقات ام في الموضوعات، في المتعلقات لا يمكن اخذ فرض الوجود، في الموضوعات، يؤخذ فرض الوجود، فنقول: صلاة الإمام التامة الأجزاء والشرائط موضوع لسقوط القراءة، أو صلاة الإمام مطلقاً.

فنبحث هل الصلاة الصحيحة او الاعم، صلاة المرأة التامة الاجزاء والشرائط هل هي مبطلة لصلاة الرجل ام الاعم، فأخذ فرض الوجود في الصلاة الموضوعة لا يعين ان الصحة فيها هو الوجود المسقط، بل يجتمع مع كون الصحة فيها تمامية الاجزاء والشرائط.

إذن مقتضى ذلك عموم بحث الفاظ المتعلقات والفاظ الموضوعات.

الوجه الثاني: ما ذكره المحقق الثاني «الكركي»، قال، لا يعقل ان يراد بالصلاة المانعة وهي صلاة المرأة الصلاة الصحيحة. قال: إن القدر المتيقن من أدلة البطلان فرض الاقتران، يعني اذا اقترنا زمانا، وهذا مبطل لصلاتيهما معاً.

صلاة المرأة بحذاء الرجل متقارنين مبطلة لها. ذلك يستلزم من وجوده عدمه، بان نقول: لا تكون صلاة المرأة مبطلة لصلاة الرجل حتى تكون صلاتها صحيحة، والمفروض ان صحتها تستلزم بطلان الصلاتين معاً، لانه في فرض الاقتران تبطل الصلاتان معاً، فاذا كانت صلاتها مبطلة للصلاتين معاً فيلزم من صحة صلاتها عدم صحة صلاتها، وما يلزم من وجوده عدمه محال.

إذن لا محالة تعين ان يكون المراد بالمانع الأعم من الصلاة الصحيحة والفاسدة، بل الفاسدة، لانها بالنتيجة ستبطل الصلاتين معاً.

وقد اجيب على كلام المحقق الثاني بوجهين:

الوجه الاول: ما ذهب اليه المحقق النائيني، فقال: جميع الموارد يراد بها الصلاة الصحيحة لا من هذه الجهة، مثلا: الصلاة المتعلقة لشرط او لمانع، مثلا: عندما يقول المولى «لا صلاة الا الى القبلة». يعني الصلاة الصحيحة الا من جهة القبلة، لانه لو كانت القبلة مأخوذة فيها لكان اشتراطها بالقبلة لغواً، فإذن عندما يقول «صل الى القبلة» يعني اتي بصلاة صحيحة من جميع الجهات الا من جهة القبلة، فإن القبلة تضاف اليها.

وكذلك في الموانع، اذا قال «لا تصلي فيما لا يؤكل لحمه» يعني المنهي عنه الصلاة الصحيحة من تمام الجهات الا من هذه الجهة، فإنك ان اضفت ما لا يؤكل لحمه صارت باطلة.

فكما ان الصلاة المتعلقة لشرط او المتعلقة لمانع يراد بها الصلاة الصحيحة من سائر الجهات الا من جهة ما اراد المولى بيانه وهو الشرطية والمانعية كذلك في محل كلامنا «لا تصلي وبحذائك امرأة تصلي»، يقول النائيني «امرأة تصلي» يعني صلاة صحيحة من سائر الجهات لولا المحاذاة، إذن فلا يرد إشكال انه يلزم من اخذ الصحة عدمها، فإن الصحة المأخوذة في الموضوع الصحة من الجهات الأخرى، والبطلان الذي حدث حدث من جهة المحاذاة، فلم يلزم من وجود الصحة عدمها.

لكن سيدنا الخوئي أشكل على استاذه: بأن هذا كله خلاف الظاهر، فلو رجعنا الى ادلة الشرطية او المانعية، فهل يراد بها الصلاة الصحيحة من تمام الجهات؟ مثلا لو قال: لا صلاة الا بطهور. يعني الصلاة الصحيحة من سائر الجهات الا جهة الطهور، او فقط انه يريد ان بين اصل الشرطية، انا في مقام بيان ان الطهور شرط في طبيعي الصلاة، فليس منظوري في قوله لا صلاة الا بطهور الصلاة الصحيحة من تمام الجهات،

منظوري ان طبيعي الصلاة مشروط بالطهارة. لست في مقام بيان الشرائط الأخرى كي ينعقد لكلامي ظهور في إرادة الصلاة الجامعة للشرائط لولا هذا الشرط، بل انا في مقام بيان اصل الشرطية، وكذلك إذا قلت لا تصلي فيما لا يؤكل لحمه، لست اذا في مقام بيان اصل المانعية ولست في مقام النظر لسائر الجهات حتى يقال المراد بالصلاة في هذا الخطاب الصلاة الصحيحة من سائر الجهات الا من هذه الجهة.

فما استشهدت به على المسألة كشاهد على المسألة لا يصلح شاهداً، وإنما ذكروا الاعلام هذا شاهداً في رد أبي حنيفة.

فأبو حنيفة قال: ”اذا قال : لا صلاة إلا بطهور. مقتضى ذلك انه متى ما تحقق الطهور تحققت الصلاة ولو فقدت سائر الشرائط“.

فحتى يردوا شبهة ابي حنيفة قالوا: المراد الصلاة الجامعة للشرائط لولا الطهارة. لان ابا حنيفة ادخل هذه الشبهة.

فعنهم بحث في «ان البحث هل النهي عن المعاملة يقتضي الفساد ام لا» قال هناك: النهي عن المعاملة يقتضي الصحة، لان النهي عن الشيء فرع القدرة عليه، فلولا كونها صحيحة لما صار المكلف قادرا عليها، واذا لم يكن قادرا عليها فكيف ينهى عنه. وارتضى صاحب الكفاية كلامه.

إذن بالنتيجة: هنا ابو حنيفة قال: ظاهر قوله «لا صلاة الا بطهور» انه متى ما تحقق الطهور تحققت الصلاة، ولو كانت فاقدة للشرائط الاخرى، فأرادوا أن يزيلوا هذه الشبهة، فقالوا بأن المراد من قوله «لا صلاة ا لا بطهور» يعني لا صلاة جامعة لسائر الشرائط الا بالطهور.

ويقول السيد الخوئي لا نحتاج لإزالة شبهة ابي حنيفة ان نرتكب خلاف الظاهر. يكفي ان نقول: الاستثناء من النفي الكلي لا يستفاد منه الا الايجاب الجزئي، فإن نقيض السلب الكلي هو الإيجاب الجزئي، لا الإيجاب الكلي، لا صلاة إلا بطهور، هذ سلب كلي، فالطهور يحقق الصلاة في الجملة، لا الصلاة بالجملة، يعني مطلقاً.

الجواب الثاني: ما ذكره المحقق الهمداني «قده» حيث قال: ان مقتضى الأدلة بطلان صلاة المتأخر لا المتقدم، أما المتقدم زماناً فلا تبطل صلاته بحسب الأدلة، فلا مانع من كون الصلاة المانعة وهي السابقة هي الصلاة الصحيحة. فالمراد بالصلاة التي اخذت موضوعاً للمانعية هي الصلاة الصحيحة من سائر الجهات، لأن الصلاة الباطلة هي الصلاة اللاحقة لا الصلاة السابقة.

وأما في حال الاقتران، فلا يستفاد من الأدلة بطلان صلاتيهما، إنما تبطل صلاتهما بالعقل لا بالأدلة، وهو انه اذا صليا متقارنا في لحظة واحدة فلا يمكن الحكم بصحة كلتا الصلاتين لانه الغاء لشرط عدم المحاذاة، ولا يمكن الحكم بصلاة احدهما المعين دون الآخر، لأنه ترجيح بلا مرجح، فاضطررنا الى ان نقول بذلك، من باب الاضطرار العقلي، وإلا فالأدلة ما دلت على ذلك، إذا صليا متقارنين لا يمكن الحكم بصلاتيهما معاً، لأنه إلغاء لشرط عدم المحاذاة، ولا يمكن الحكم بصحة صلاة احدهما دون الآخر لأنه ترجيح بلا مرجح، إذن غاية ما دلت عليه الأدلة هو بطلان الصلاة اللاحقة ولا مانع من هذا الفرض من أن نقول: الصلاة المانعة وهي الصلاة السابقة الصلاة الصحيحة من سائر الجهات. وأما في فرض التقارن، فالعقل يقول بالترجيح بلا مرجح فنحكم ببطلانهما معا لا لدلالة الأدلة بل لحكم العقل بقبح الترجيح بلا مرجح، فلا يصح نقضاً على محل الكلام.

قال بأن هذه واضحة بالاقتران.

ووجود رواية المحمل، فإن السيد الاستاذ «دام ظله» تمسك برواية المحمل اذا كان الرجل والمرأة في محمل واحد فلا تصلي الرجل حتى تفرغ المرأة من صلاتها، قال هذه واضحة بالاقتران، فإذن بالنتيجة: يقول الاستاذ، القدر المتيقن من الروايات خصوصا رواية المحمل هو فرض الاقتران. والمحقق الهمداني يقول من اين ان القدر المتيقن هو الاقتران، بل القدر المتيقن هو السبق، وهذا مما يجتمع مع صلاتهما ايضا في المحمل.

إنما يلزم من وجود الصحة عدمها لو قلنا بأن نفس الروايات تدل على بطلان صلاة المتقارنين معاً، لكن الروايات ما تدل على ذلك ولكن حكمتم ببطلان صلاة المتقارنين بحكم العقل. فلا يرد الإشكال على مدلول الروايات ان لازم اخذ الصحة في الصلاة المانعة ان يلزم من وجود الشيء عدمه. فهذا هو محل الكلام.

والحمد لله رب العالمين.