درس الفقه | 131

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

ذكرنا سابقاً: أن المحقق الهمداني «قده» بل نسب ذلك الصيمري الى المشهور من الفقهاء، ذهبوا الى انه في صورة التعاقب بين صلاة المرأة وصلاة الرجل، فالباطل هو المتأخر منهما فقط، دون المتقدم.

وفي صورة تقارن الصلاتين فإن كليهما باطل عقلاً، وهذا المدعى من المحقق الهمداني «قده» وجماعة مقابل ما ذهب اليه جمع منهم العلمان الحكيم والخوئي من انه متى اقترن صلاة المرأة وصلاة الرجل متحاذيين بطلت صلاتهما معاً، سبق أحدهما الآخر في الصلاة ام لم يسبق، متى اجتمعا ولو في جزء من اجزاء الصلاة متحاذيين بطلت صلاتهما، او كانت المرأة متقدمة على الرجل، فالفرق بين المسلكين:

أن ما نسبه الصيمري للمشهور وذهب اليه صاحب الحدائق «ره» انه: اذا تعاقبا فاللاحق باطل دون السابق، واذا اقترنا بطلا كلاهما، وأما على المسلك الآخر، فإن صلاة المرأة والرجل متى اجتمعا ولو في جزء من اجزاء الصلاة فالصلاتان باطلة، سواء سبق احدهما او كان بينهما تقارن.

وبالنسبة الى المسلك الأول: ذكر المحقق الهمداني «قده» عدة مطالب:

المطلب الاول: في فرض لحوق صلاة المرأة بصلاة الرجل متحاذيين، او لحوق صلاة الرجل بصلاة المرأة متحاذيين تبطل صلاة اللاحق دون السابق، لاقترانها بالمانع، وهو محاذاة صلاة الرجل، فإن المانع من صحة صلاة المرأة هو محاذاتها لصلاة الرجل، ولكنها لا توجب بطلان صلاة الرجل، لأنَّ المانع محاذاة صلاة المرأة للرجل، والمفروض أنه منذ أن وقعت صلاة المرأة وقعت باطلة، لأنّها منذ ان وقعت وفي اول ثانية وقعت مقترنة بالمانع، وهو محاذاة صلاة الرجل، فهي وقعت باطلة فكيف تمنع من صحة صلاة الرجل وهي في حد ذاتها باطلة. إذن ما دام صلاة المرأة منذ وقوعها وقعت باطلة، لاقترانها بالمانع منذ وقوعها وهي محاذاتها لصلاة الرجل فلا تقبل ان تكون مانعاً من صحة صلاة الرجل السابق عليها، فإن الباطل لا يعقل ان يتصف بصفة المانعية.

بل هي صورة صلاة لا صلاة، حتى يقال ان صلاة المرأة تمنع أيضاً من صحة صلاة الرجل.

وقد قرّب ذلك شيخنا الاستاذ «قده»، الذي ذهب الى هذا المسلك أيضاً في مباني تنقيح العروة، فقال: نظير المقام إقامة الجمعتين في أقل من فرسخ، فإنه إذا سبقت احدى الجمعتين على الأخرى ولو بتكبيرة الاحرام، وقعت الثانية باطلة، فاذا كانت الجمعة الثانية في اقل من فرسخ وقعت من اول أمرها باطلة فكيف تكون مانعا من صحة الجمعة السابقة عليها؟. إذن هذه الجمعة باطلة لأنها وجدت مقترنة بالمانع، وتلك الجمعة صحيحة لأنها لم تقترن بمانع، حيث إن الصلاة الأخرى اصلا ما وقعت صحيحة حتى تمنع من صحتها، والباطل لا يوجب بطلان السابق عليه.

المطلب الثاني: إن أثر الحكم لا يرفع موضوعه، ومقتضى ذلك اتصاف صلاة اللاحق بالمانعية من صحة صلاة السابق. نقول صلاة اللاحق متى وقعت اتصفت بالمانعية من صحة صلاة السابق، فإن قلت: بانه هي تفقد كونها صلاة، يقول فليكن، اثر الحكم لا يرفع موضوعه، يعني اثر المانعية أنها بطلت، فكيف يكون بطلانها المترتب على المانعية رافعا للمانعية. إنما بطلت المتأخرة لوجود المانع، فكيف يكون بطلانها رافعاً للمانع، أثر الحكم لا يرفع موضوعه، لولا ان الثانية اقترنت بمانع لما بطلت، فإذا كانت السبب في بطلانها انها اقترنت بالمانع فكيف يكون بطلانها رافع للمانع. فإذن يبقى المانع ومقتضى بقائه بطلان صلاة السابق.

إذ المراد بالمانع ما كان صحيحا لولا المانع. والمفروض ان صلاة المرأة صحيحة لولا هذا المانع، فصلاة المرأة الصحيحة صحة لولائية كافية في اتصافها بصلاة الرجل، نقول هذه الصلاة الصحيحة لولا المانع مانع من صحة صلاة الرجل.

يقول: نظير من ورد «دع الصلاة أيام اقرائك»، هنا يوجد نهي، فما هو المنهي عنه؟ لا معنى للنهي عن الصلاة الفاسدة؟ والمفروض ان صلاة الحائص من اساسها صلاة فاسدة، فما معنى النهي عنها؟

المنهي عنه: الصلاة الصحيحة لولا هذا النهي، صلاة الحائض صحيحة لولا هذا النهي، فهذه الصحة اللولائية بررت النهي عنها.

فكما ان الصلاة اللولائية للمرأة الحائض بررت النهي عنها، كذلك هنا: الصحة اللولائية للصلاة المتأخرة بررت اتصافها بالمانعية من صلاة السابق.

وهذا ما ذكره سيدنا الخوئي، يكفي في اتصاف صلاة اللاحق بالمانعية الصحة اللولائية، وإن كان فاسداً منذ وقوعه، لك اتصافه بالصحة اللولائية اوجب اتصافه بالمانعية.

وإلا لو لم تقولوا بأن صلاة اللاحق مانع من صحة السابق للزم في فرض الاقتران ان لا مانعية لأحدهما بالنسبة للآخر. فاذا اقترنت الصلاتان معا في ثانية تلبسا بالصلاتين، هذه باطلة لأنها منذ إن وقعت مقترنة بالمانع، فاذا باطلة فلا تصلح للمنع عن تلك، وتلك باطلة من منذ اول ثانية فلا تصلح للمنع من الأولى، إذن لازم بطلانهما صحتها، لأن كلاً منهما وقعت باطلة، والباطل لا يتصف بالمانعية إذن الثاني صحيح، والثاني منذ ان وقع، وقع باطلان والباطل لا يتصف بالمانعية، إذن الاول صحيح، فلازم بطلانهما صحتهما. فلو قلتم بأن ما يتصف بالبطلان لا يتصف بالمانعية للزم من ذلك أن وجود الشيء مستلزم لعدمه في فرض الاقتران.

أجاب عن ذلك في كتابه «مصباح الفقيه»:

قال: اما النقض بمسألة الحائض «دع الصلاة ايام اقرائك» فلا وجه له، لانه متعذر عقلا، الا ان نحمله على هذا القول. في قوله «دع الصلاة ايام اقرائك» تارة نقول: النهي هنا نهي ارشادي، اي ارشاد الى ان الحيض مانع من صحة الصلاة، فلا يرد الإشكال، لانه مجرد إخبار. وأما التزمنا بأنه نهي مولوي، فأنتم تقولون بما انه نهي عن الصلاة فلابد ان تكون الصلاة المنهي عنها صحيحة في رتبة سابقة حتى يصح النهي عنها، والا لا معنى للنهي عن صلاة فاسدة.

نقول: لأجل ذلك، «اي لأجل وجود محذور عقلي» وهو عدم صحة النهي المولوي عن الصلاة الفاسدة لأجل هذا المحذور العقلي قلنا المراد بالمنهي عنه الصحيحة لولا النهي، فهذا التأويل ارتكبناه هناك لأجل محذور عقلي نريد علاجه، لكن في محل كلامنا لا يوجد محذور عقلي.

ان نقول: صلاة اللاحق وجدت باطلة، لاقترانها بالمانع، المانع الصلاة السابقة. فعندنا مانع وممنوع، ألمانع الصلاة السابقة، والممنوع الصلاة اللاحقة، لكن الصلاة اللاحقة ليست مانع، والصلاة السابقة ليست الممنوع، فما هو المانع الا وهو الصلاة السابقة، متصف بالصحة الحقيقية، فلا نحتاج الى تأويل، الصلاة السابقة صحيحة ولأجل انها صحيحة فعلا صارت مانعاً من صحة اللاحقة، وما اللاحقة فوجدت مقترنة بالمانع وهو الصلاة السابقة، فوجدت باطلة فلا تصلح للمانعية من الصلاة السابقة.

نحن في محل كلامنا نقول: يوجد سابقة صحيحة بالفعل، وهي المانع من صحة اللاحقة، واللاحقة وجدت مقترنة بالمانع فوجدت باطلة فلا تصلح للمانعية، فلا يوجد اي محذور عقلي كي تقولوا بأن اثر الحكم لا يرفع موضوعه. فالموضوع قد اختلف، فما هو موضوع المانعية ليس هو اللاحقة، بل موضوع المانعية هي السابقة، لو كان موضوع المانعية هو اللاحقة لصح ان يقال: لولا اتصافها بالمانع لما كانت باطلة، فكيف يكون بطلانها رافعا لمانعيتها. بينما المتصف بالمانعية ليس اللاحقة بل المتصف بالمانعية السابقة. انتم توهمتم ان اللاحقة هي المانع وهي الباطلة، وقلتم كيف إذا كانت لولا مانعيتها لما صارت باطلة، فكيف يكون بطلانها رافعاً لمانعيتها؟

الجواب: اللاحقة وقعت من الاصل باطلة، والمانع من صحتها هي السابقة، وأما السابقة فإنما اتصفت بالمانعية لأنها صلاة صحيحة بالفعل.

أما فرض الاقتران، تشكلون وتقولون في فرض الاقتران يلزم من وجود الشيء عدمه، لأن بطلان كل منهما يقتضي صحتهما.

فالجواب عنه: في فرض الاقتران ليس كل منهما مانع من الثاني، لأننا استفدنا من الأدلة ان الباطل من الصلاة من تستند المحاذاة اليه لا مطلقا، فلأجل ذلك ليس عندنا الا مانع واحد، اما منطبق على صلاة الرجل، وإما منطبق على صلاة المرأة، لذلك نقول تبطل الصلاتان معاً، لا لأجل دلالة الأدلة، بل لأجل حكم العقل. لأنه لا يمكن ان يقال بصحتهما معاً، فإن هذا إلغاء لمانعية المحاذاة، ونحن قد استفدنا من الأدلة ان المحاذاة مانع، والمقصود من كلمة المحاذاة مانع، أن الباطل لمن استندت المحاذاة اليه، هل استندت للأول، غير معلوم، وهل استندت للثاني غير معلوم، لان كليهما في عرض واحد، فالحكم بصحتهما إلغاء للمانع، والحكم بصحة أحدهما المعين دون الآخر ترجيح بلا مرجح.

فتعين القول ببطلانهما، فالقول ببطلانهما لا لأجل دلالة النصوص بان هذا مانع من صحة هذا وهذا مانع من صحة هذا. وإلا يلزم الدور. بل لأجل ان النصوص دلّت على أن الباطل من استندت المحاذاة اليه، وهذا العنوان يمكن ان يطبق على هذا وعلى ذاك، فلأجل ذلك قلنا لا تصح معا، لانه الغاء للمانعية فتبطل معاً. وقد قبل بذلك شيخنا الأستاذ «قده».

المطلب الثالث: ان قلت إن لازم ذلك ان اللاحق لو دخل الصلاة غير ملتفت لم يشمله الحكم ومقتضاه صحة صلاة، فاذا صحت صلاة اللاحق بطلت صلاة السابق، لان السابق ملتفت، حيث إن اللاحق غير متلفت لم تتصف صلاته بالبطلان، وحيث إن السابق ملتفت الى مجي اللاحق بطلت صلاته، اذ يصدق عليه انه استندت المحاذاة اليه فصارت صلاته باطلة. لأن الذي استفدناه من الأدلة بطلان صلاة من تستند المحاذاة اليه، فاللاحق لأنه غافل لم تستند المحاذاة اليه فصلاته صحيحة، والسابق لأنه متلفت استندت المحاذاة اليه فتكون صلاته باطلة. فيلزم قول جديد، وهو اللاحق صلاته صحيحة والسابق صلاته باطلة.

قلت: الاطلاق محفوف بالمتركزات العرفية، وهنا يوجد ارتكاز عرفي على استبشاع ان يكون فعل اللاحق مانعا من صحة السابق. أما كون صلاتها سببا لبطلان صلاتي مع انها هي اللاحق هذا خلاف المتركزات العرفية. فبما ان الإطلاق «إطلاق الأدلة» محفوف بالمرتكزات العرفية، والمرتكز العرفي يستبشع تأثر اللاحق بالسابق، إذن مقتضى ذلك كلا الصلاتين صحيحة، لا اللاحق صلاته باطلة لانه غير متلفت ولا السابق صلاته باطلة لانه لا يعقل تأثير المتأخر بالمتقدم. فكلتا الصلاتين صحيحة.

وقد ذكرنا فيما سبق: أن المستفاد من الأدلة أن نفس المحاذاة مانع، لا محاذاة الرجل للمرأة او محاذاة المرأة للرجل، أو أن الباطل من استندت اليه المحاذاة دون الآخر، بل المستفاد من الأدلة أن المحاذاة مانع، متى اقترنت صلاة المرأة بالرجل متحاذيين بطلت الصلاتان، لأن المستفاد من الأدلة أن المانع هو المعنى الحرفي، يعني المحاذاة المتقومة بالطرفين، فهي مانع من صحة صلاة هذا الطرف وهي مانع من صحة صلاة هذا الطرف، واستفيد ذلك: من صحيحة عبد الله أبن ابي يعفور، «قلت لأبي عبد الله اصلي والمرأة الى جنبي وهي تصلي، قال: لا، الا ان تتقدم هي او انت، ولا بأس ان تصلي وهي بحذائك جالسة او قائمة».

وقد ذهب الاعلام منهم صاحب الحدائق وصاحب الجواهر والسيد الخوئي والسيد الحكيم وجملة من اساتذتنا ان نفس المحاذاة مانع من صحة الصلاتين.

ووجه دلالة الرواية على ذلك أمور:

الأمر الأول: إنّ المنفي او المنهي بكلمة «لا» ليست صلاة الرجل محاذيا للمرأة المصلية، كما استفاد الهمداني، حيث قال: ان المستفاد بطلان صلاة من تستند المحاذاة اليه. وانما مصب النفي او النهي نفس المحاذاة بالمعنى الحرفي الصادق على الطرفين من دون في ذلك بين التقارن والتعاقب. كأنه قال هل يصح اجتماعنا في الصلاة او لا؟ فقال له: لا، يعني لا يصح اجتماعكما في الصلاة، فاجتماعكما في الصلاة مانع. يعني مانع من كليهما، لأنه يصدق على هذا اجتمع ويصدق على هذا اجتمع.

الامر الثاني: المراد بالتقدم، يعني السبق في الزمان، «إلا ان تتقدم هي او انت» المراد بالتقدم هنا السبق الزماني، يعني لا يصح اجتماعكما في الصلاة الا ان تتقدم انت زمانا او تتقدم هي زماناً. اذ لو اريد بالتقدم التقدم المكاني للزم كون الاستثناء منقطع، لأن محط السؤال عن المحاذاة، والإمام يقول لا تصح المحاذاة الا ان تتقدم؟ كيف يستثنى التقدم من المحاذاة، وهل هو إلا استثناء منقطع، لا يجتمع استثناء التقدم المكاني من المحاذاة في المكان، فلا إشكال إن مورد السؤال والجواب هو المحاذاة في المكان. فلو كان المستثنى التقدم في المكان لكان استثناء منقطعاً، وهو خلاف الظاهر، مضافاً لمنافاته المرتكزات المتشرعية القطعية، من أنه لو أريد بالتقدم التقدم في المكان لكان لازمه ان المرأة إذا تقدمت على الرجل تصح صلاتهما معاً، مع أن هذا هو القدر المتيقن من البطلان.

الأمر الثالث: ان المراد بالسبق سبق المجموع على المجموع، لا سبق جزء على جزء، معنى «إلا ان تتقدم هي او انت» يعني إلا ان تصلي انت وتفرغ، ثم تصلي هي، او تصلي هي وتفرع ثم تصلي انت. سبق المجموع على المجموع، وإلا لو كان بمجرد سبق الاجزاء فهذا خلاف المرتكز المتشرعي القطعي.

أو بقرينة صحيحة محمد بن مسلم، «سألته عن الرجل والمرأة يتزاملان في المحمل يصليان جميعاً؟ قال : لا، ولكن يصلي الرجل فإذا صلى صلت المرأة».

وفي الرواية الأخرى: «فإذا فرغ صلت المرأة».

فروايات الباب يقرن بعضها بعضاً، فالمستفاد من ذلك التقدم الزماني، لكن على نحو سبق المجموع على المجموع.

وباقي الروايات ايضا تؤكد هذا المدلول، كصحيحة محمد بن مسلم، ورواية ابي بصير «قال لا ولكن يصلي الرجل وتصلي المرأة بعده». فنباء على ذلك: تظهر المناقشة في كلمات المحقق الهمداني ومن سلك مسلكه: في أنه النتيجة بطلان صلاتهما معاً، تعاقبا او تقارنا ما لم يفرغ أحدهما من صلاته ثم يصلي الآخر.

ولكن المحقق الهمداني استدل على مطلبه مضافا الى ما سبق بروايات، منها: رواية الشيخ عن العياشي عن جعفر بن محمد قال حدثني العمركي عن علي بن جعفر. وهذا السند ضعيف ب «جعفر بن محمد». وهناك سند آخر للشيخ الى علي بن جعفر، عن اخيه موسى : «قال سألته عن إمام كان في الظهر، فقامت امرأة بحياله وهي تحسب انها العصر، هل تفسد ذلك على القول؟ وما حال المرأة في صلاتها معهم وقد كانت صلت الظهر؟ فقال ع: لا تفسد ذلك على القوم وتعيد المرأة صلاتها».

واستدل بها الهمداني. مع ان المرأة متقدمة عليهم مكاناً مع ذلك صحت صلاتهم، وهذا دليل على ان الباطل صلاة اللاحق دون السابق، لأنها التحقت بالجماعة وصلت امام الجماعة ففسدت صلاتها لأنها اللاحقة وبقيت صلاة المأمومين على حالها من الصحة.

وأشكل على ذلك:

اما الاشكال في السند فغير وارد، لان للشيخ طريقا صحيحا الى علي بن جعفر في الفهرست، فيعوض به طريقه الضيف اليه في مشيخة التهذيبين. وحيث إن ظاهر من بدأ الشيخ باسمه في التهذيبين أن الرواية مأخوذة من كتابه، إذن حيث بدأ بعلي بن جعفر فظاهر ذلك أن الرواية مأخوذة من كتابه، فيشمله الطريق الصحيح في لفهرست لكتاب علي بن جعفر. اما الدلالة: اما لأن صلاة المرأة باطلة، فيحتمل بطلانها لأنها قصدت العصر والإمام يصلي الظهر، وقد أفتى بعض الفقهاء بانه لابد من اتحاد الفريضة بين الإمام والمأموم، كعلي بن بابويه وغيره.

ويحتمل ان الوجه في بطلانها انها صلت مساوية للإمام محاذية للإمام، وصلاة المرأة بحذاء امام الجماعة مبطلة لصلاتها.

ويحتمل ما ذكره الهمداني من تقدمها على الرجل.

فما دامت هناك عدة محتملات فحكم الرواية ببطلان صلاة المرأة مجمل.

اما صلاة المأمومين، ايضا يحتمل هنا عدة محتملات: لعل وجه الحكم بصحة صلاتهم باطلة، ان الفصل بمقدار شبر موجب لجواز المحاذاة، فحيث فصلت بينهما بشبر صحة صلاتهم، واما هي فصلاتها باطلة لما ذكرنا من احد الوجوه، او ان الموجب لصحة صلاتهم أن صلاتها بطلت من جهة اخرى غير تقدمها عليهم، وهي أنها ساوت الإمام في الموقف فبطلت صلاتها، فحيث اتصف صلاتها بالبطلان لم تتصف بالمانعية من حيث صلاة المأمومين.

أو يقال كما ذكر السيد الأستاذ: من انه لا إشكال في الفقه الإمامي يوجد فرق بين صلاة المفرد وصلاة الجماعة، ولكل منهما آثار خاصة فربما يكون شيء مبطل في صلاة المفرد ليس مبطلا في صلاة الجماعة.

مثلا: زيادة الركوع مبطلة لصلاة المفرد، أما زيادة الركوع في صلاة الجماعة سهواً ليست مبطلة. إذن ما دام يوجد فرق في الآثار بين صلاة المفرد وصلاة الجماعة، نحتمل ان تقدم المرأة على الرجل مبطل لصلاته لو كانت صلاته مفرداً، لكنها ليست صلاته مبطلة لو كانت جماعة. فإذن بالنتيجة: لا ظهور في الرواية أن منشأ صحة صلاة المأمومين أن صلاة المرأة لاحقة، وليست مقارنة كما اراد ان يستفيد المحقق الهمداني، بل نحتمل ان صلاة المرأة بطلت لا لأجل لحوقها بصلاة الرجل، بل لأجل مساواتها للإمام، ونحتمل ان صلاة المأمومين انما صحت لوجود فاصل أكثر من شبر، او إنما صحت لأن صلاة المرأة باطلة في حد ذاتها فلا تصح مانعاً من صحة صلاتهم.

والحمد لله رب العالمين.