ملخص: البعد الإجتماعي في الشخصية المحمدية

كيف يكون الإنسان رحمة للآخرين؟

شبكة المنير

﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ

1 محرم 1441

كيف يكون الإنسان رحمة لغيره مصداقا لهذه الآية الكريمة ومقتديا بالنبي ؟

الحديث عبر أربعة محاور:

♦الأول: الحس الإجتماعي.

♦الثاني: الثقافة الإجتماعية

♦الثالث: علاقة الفرد بالمجتمع

♦الرابع: تجسيد الرحمة

🔹 المحور الأول:

كتاب الأصول التطورية لمجتمع جيد يتحدث أن كل إنسان لديه جهاز سلوك إجتماعي مشفر جيناته، وهذا الجهاز يتألف من بعدين

▪ الحس الإجتماعي

فالانسان يمتلك القدرة على أن يصنع حبا وصداقة ولديه القدره بأن يعلم ويتعلم.

▪ الجناح الإجتماعي

فالإنسان بطبعه يميل إلى الفريق المشابه بحيث يكون ميله إلى الفريق المشابه أكثر من ميله إلى المختلف عنه

من هنا يجد الإنسان أحيانا صراعا بين ميله إلى فريقه وإنطلاقته للمختلف عنه وهنا يحتاج الإنسان إلى عملية توازن بين حسه الإجتماعي وجناحه الإجتماعي

فالقرآن الكريم يؤكد على أن غريزة الحس الإجتماعي أنها غريزة فطرية

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

مع كون هذه الغريزة فطرية إنما يراد للإنسان التوازن بين هذه الغريزتين ويؤكد ذلك النبي : ”أفاضلكم أحاسنكم أخلاقا، الموطؤون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون“.

🔹 المحور الثاني:

هل أن دماغ الإنسان مبرمج من البداية على المهارة الإجتماعية؟

لو لاحظنا السمات المشتركة بين الإنسان والحيوان نجد أنها سمات مادية ونفسية

فبعد عام 1964 أصبح الأطباء يقومون بزراعة صمامات قلب الخنزير في جسم الإنسان من أجل علاج الصمامات المبتلية بالمرض.

وكذلك التجارب تؤكد بأن الحيوانات تعيش ثقافة إجتماعية كالحب والألفة والتعاون والاعتراف بالهوية

ويؤكد ذلك القرآن الكريم ﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ

هل نستطيع أن نحول ثقافتنا الإجتماعية إلى أجيالنا؟

يمكن ذلك من خلال علم الوراثة الذي زود الإنسان بالقدرة على أن يبني بيته في ظروف وأجواء مختلفة كذلك يزود الإنسان على نقل ثقافته إلى أجياله وأجيال أجياله. كما هي الثقافة الاجتماعية أيضا الثقافة الدينية تنتقل إلى الأجيال عبر ممرات جينية ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا «26» إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا، ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ «33» ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «34».

🔹 المحور الثالث:

الإنسان بطبعه يعيش الصراع بين غريزة البقاء الفردي وبين غريزة البقاء الجمعي

هنا يحتاج الإنسان إلى عملية التوازن التي أشير إليها بالمحور الأول.

عندما ننظر إلى أسلافنا الذين عاشوا في نقص من الغذاء وإنتشار الأوبئة والأمراض، نجد أنهم عاشوا غريزة البقاء الجمعي وغريزة الرحمة ولذلك امتدت اجيالهم.

🔹 المحور الرابع:

كيف يصبح الإنسان رحمة لغيره؟

يكون ذلك من خلال السير على منهج من هو رحمة للعالمين جميعا ومن هو منهل الرحمة محمد

فسبب المشكلات الإجتماعية هو التقسيم الإجتماعي. فهذا التقسيم هو الكي يذيب الرحمة ويبخر الحس الإجتماعي الموجود في شخصية الإنسان.

وعند التركيز على الهرمون الموجود في جسم الإنسان «الاكسيتوسين» هو الهرمون الذي يساعد ثدي الأم على در الحليب وهو الذي يدفع الأم لاحتضان طفلها وأن تعيش وتسهر من أجله وأيضا هذا الهرمون عندما يعيشه الإنسان مع أخيه أو صديقه لأصبح متعلقا به ومضحيا لأجله وكذلك هذا الهرمون يبعث بالعلاقة بين الزوجين إلى المحبة والسعادة ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

ماهي معالم الرحمة في شخصية النبي ؟

▪ بحسب المنظور العلمي:

الرحمة هي اسثارة الوشائج الإنسانية فكل الناس ترجع إلى أرض وميول وعناصر واحدة ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا.

▪ أما بحسب المنظور العرفاني فعلماء العرفان يقولون بأن الإنسان يصبح وجها ومرآة لله تبارك وتعالى إذا تجلت فيه صفات الله عز وجل وأبرز صفات الله هي الرحمة. فكلما ارتقت وسمت درجة الرحمة لدى الإنسان كلما كان مرآة أقوى لله تبارك وتعالى.

ولأن محمد عاش أعظم درجات الرحمة، أصبح هو المرآة الأولى والعظمى لله تبارك وتعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ

وهناك معالم للرحمة تتجلى في شخصية النبي

1⃣ ثقافة الرحمة

فالرحمة هنا ثقافة وسلوك ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ، ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ، ويتجسد ذلك في قول النبي : ”ارحموا من في الأرض يرحمكم من بالسماء“.

2⃣ السيطرة على الانفعالات والأعصاب

﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، قول النبي : ”ان لم تكن حليما فتحلم“، وكما ورد في الحديث ”الْحِدَّةُ ضَرْبٌ مِنَ الْجُنُونِ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَنْدَمُ فَإِنْ لَمْ يَنْدَمْ فَجُنُونُهُ مُسْتَحْكِمٌ“

3⃣ روح التعاون

تجسد ذلك في رحلة النبي ص مع بعض أصحابه عندما قال أحدهم علي ذبح الشاة وقال الثاني علي سلخها وقال الآخر علي طبخها، قال النبي وعلي جمع الحطب. ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ

4⃣ الإيثار

وهذه الدرجة العالية من الرحمة وهي ان تؤثر غيرك على نفسك ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ، ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا «8» إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا

فعلي إبن ابي طالب ورث الإيثار من رسول الله عندما بات على فراشه مضحيا بنفسه من أجل رسول الله

وعند قراءة التاريخ نجد بأن الإيثار والرحمة تجسدا في معركة كربلاء، فكربلاء مدرسة تربوية تعلمنا الإيثار والفداء وروح العطاء.. وتلك الرحمة وذلك الإيثار هو امتداد لرحمة وايثار النبي .