عصمة الانبياء (عليهم السلام) بين الواقع والادلة ج3

شبكة المنير

عبد الباقي الجزائري: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين. مشاهدينا الكرام السلام عليكم جميعاً ورحمة الله تعالى وبركاته، اهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج: مرفأ الحوار، في هذه الحلقة يتواصل الحديث حول عصمة الانبياء بين الواقع والادلة، وبهذه المناسبة يكون معنا من مدينة قم المقدسة فضيلة السيد منير الخباز، الباحث الاسلامي والاستاذ في الحوزة العلمية، كما يكون معنا من دمشق فضيلة الدكتور الشيخ علاء الدين الحموي، استاذ العقيدة بمجمع الشيخ كفتارو بدمشق. مشاهدينا الكرام يمكنكم متابعة الحوار على الموقع الالكتروني التابع لقناة الكوثر، نرحب بمشاركاتكم ومداخلاتكم. مرحباً بكم مجدداً مشاهدينا الكرام، عصمة الانبياء والرسل «عليهم الصلاة والسلام» لا تشكل أي عقبة في مدرسة اهل البيت «عليهم الصلاة والسلام»، لانها تتضمن الاعتقاد بكافة الانبياء والرسل وبانهم معصومون من الولادة حتى الوفاة، لافرق بين ما قبل البعثة وما بعدها، بخلاف كثير من المدارس والمذاهب الاسلامية التي تختلف في هذه القضية، فبعضها يعتقد انهم معصومون بعد الرسالة لا قبلها، وبعضها يعتقد انهم معصومون فقط في تبليغ الوحي وكل ما سوى ذلك هم غير معصومين، وبعضهم يعتقد حتى انهم غير معصومين لا قبل البعثة ولا بعدها. سبق الحديث في الماضي عن عصمة الانبياء «عليهم الصلاة والسلام»، وذكر بعض الانبياء وذكر بعض الآيات التي يوهم ظاهرها ان النبي المعني غير معصوم، في هذه الحلقة يكون الحديث حول عصمة نبينا هناك آيات قرآنية، والحمد لله ان القرآن الكريم ضمن جزءاً مهماً من السيرة في وقائعها، توهم ان النبي لم يكن معصوماً بل كان احياناً يذهب الى غير ما ينبغي ان يذهب اليه، هذا السؤال نوجهه الى فضيلة السيد منير الخباز في مدينة قم المقدسة، فضيلة السيد هذه النقطة بالذات: ان القرآن ينص «حسب ما يفسره بعض المسلمين» ان النبي لم يكن معصوماً خارج تبليغ الوحي، ماذا تقولون فضيلة السيد؟

سماحة السيد منير الخباز: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين، محمد وآله الطيبين الطاهرين، واحييك واحيي الضيف الكريم من سوريا. نحن نقول بان هناك قاعدة وهي ان الظهور، ظهور الالفاظ وظهور الخطابات، هذا الظهور على قسمين: ظهور بدوي، فهو الظهور المستند الى المعاني اللغوية، وهناك ظهور جدي حقيقي وهو الظهور المعتمد على القرائن، والقرينة قد تكون قرينة لفظية وقد تكون قرينة عقلية، مثلاً اذا قال المتكلم: رأيت اسداً يخطب، هنا الاسد ظاهر في الرجل الشجاع بقرينة لفظية وهي قوله يخطب، واحياناً يقول المتكلم: لقد همّ اخي ان يطير فقصصته، هنا لم ينصب قرينة لفظية ولكن القرينة العقلية موجودة، وهي ان الانسان لا يمكنه الطيران في الهواء، اذن مقصوده: همّ اخي ان يطير، يعني طرح افكاراً غير واقعية، طرح افكاراً خيالية تناسب الطيران وليست افكاراً واقعية، احياناً القرينة العقلية تقوم مقام القرينة اللفظية في تحديد الظهور الجدي للخطاب والكلام، القرآن الكريم من جملة الخطابات التي اعتمدت على القرائن العقلية، مثلاً الآيات الواردة في الله «جل وعلا» مثلاً قوله تعالى﴿وَ جَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، لو اخذنا بالظهور البدوي اللغوي لكان الله يجيء، مع ان الله ليس بجسم، انما الذي يجيء ويذهب هو الجسم، هذه قرينة عقلية، يعني حكم العقل بان الله ليس بجسم فلا يتصور فيه مجيء ولا ذهاب قرينة عقلية على ان المراد بالآية مجيء أمر الله وليس مجيء الله، جاء ربك يعني جاء أمر ربك، اذن القرينة العقلية احياناً تحدد لنا الظهور الحقيقي للآية كالقرينة اللفظية، ايضاً الآيات التي يوهم ظاهرها كما عبرتم، يعني يوهم ظاهرها اللغوي البدوي أمراً يتنافى مع العصمة التي ثبتت بالادلة العقلية للنبي محمد « الطاهرين»، هذه الآيات محفوفة بالقرينة العقلية التي تتدخل في تحديد الظهور الجدي لها، مثلاً قوله تعالى ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى، الظاهر اللغوي ان النبي كان ضالاً، والضال مثلاً هو الشخص الذي لم يهتد الى الطريق، لكن بواسطة القرينة العقلية، وهي ان النبي كان معصوماً منذ ولادته وهو كما ورد عنه وذكره الفخر الرازي في تفسيره الكبير: كنت نبياً وآدم كان بين الماء والطين، كان نبياً منذ ولادته وكان معصوماً منذ ولادته، اذن حكم العقل انه معصوم لا يجوز عليه الضلال قرينة عقلية على ان الظهور الجدي للآية هو ان المراد بالضلال الضياع، يعني كنت ضائعاً بين قومك فهداهم الله اليك، كنت مغموراً غير معروف بين قومك فهداهم الله اليك، نحن أي آية يكون ظاهرها، المدرسة الإمامية هكذا تعتقد وكثير من المذاهب الاسلامية، أي آية ظاهرها اللغوي تجسيم الله «عز وجل» او ظاهرها اللغوي يحمّل خطيئة او ذنباً للنبي فان القرينة العقلية تتدخل وتحدد ان ظهورها الجدي الحقيقي هو بما ينسجم وما يتطابق مع القرينة العقلية.

عبد الباقي الجزائري: شكراً فضيلة السيد، نعود اليكم ان شاء الله. الآن نتوجه بالسؤال الى فضيلة الدكتور الشيخ علاء الدين الحموي، فضيلة الشيخ يعني هناك اشكالية انه آدم مصطفى﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ، ولكن ايضاً ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى، فالخروج من هذه الاشكالية كيف يكون؟

فضيلة الدكتور الشيخ علاء الدين الحموي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي اصطفى انبياءه وعصمهم رحمة بمنهاجه الى خلقه، وصلى الله على نبينا محمد المعصوم وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، واصحابه الغر الميامين، ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اثني على كلام الشيخ منير «حفظه الله» بان اللغة العربية تحتاج الى فهمها بدراسة سياق النص الى قناعات اثناء هذه الدراسة، فنحن لا نجتزئ النص اجتزاءً وانما نفهمه في عموم ما انزل الله «سبحانه وتعالى»، لاسيما اننا نتحدث عن اولئك الذين قال الله فيهم ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ، فنحن مأمورون باتباع انبياء الله ورسله، ولذلك ينبغي ان نفسر كل وصف لهم من خلال هذه القدوة التي ينبغي ان يكونوا فيها على اعلى المراتب، وكذلك قوله «تبارك وتعالى» ﴿اسال القرية، القرية لا يمكن ان تسأل فينبغي ان نفهمها بصورتها الصحيحة واسأل اهل القرية، ولكن عندما نتحدث عن سيدنا آدم «عليه الصلاة والسلام» وهو نبي بالاتفاق، سنقول هل كانت معصية آدم «عليه الصلاة والسلام» كانت معصية لمنهاج كلفه الله فيه؟ أم، انها كانت مخالفة لارشاد ارشده الله اليه، فالمعصية للمنهاج هي معصية ذنب وبعد عن صراط الله «سبحانه وتعالى»، ولكن معصية الارشاد هي مخالفة لا تعود إلا على صاحبها، لانه هو الذي قصّر باتباع حسن الارشاد اليه، لماذا نقول بان سيدنا آدم عصا فقط ولا نقول بانه علمنا درساً في التوبة، وانه علمنا كيف نرجع الى الله «سبحانه وتعالى» حتى ولو اخطأنا في الارشاد دون التكليف، ولو كان الخطأ طبيعة في سيدنا آدم «عليه الصلاة والسلام» فلماذا لم يخطأ وهو على سطح الارض، وقد عاش عليها سنوات طوال هو وابناؤه الذين هم اساس بني آدم من بعد، اذن كلمة المعصية هنا يقصد بها انه ترك ما طلب منه، لم يطلب منه على وجه التحديد والتكليف، وإلا لكان مخالفاً لكونه نبي اصطفاه الله «سبحانه وتعالى». ايضاً شيئاً آخر لابد ان نؤكد بين من يتعمد الخطأ وبين من يسهو في الخطأ، بين من يرتكب الخطأ في منهاج الله «سبحانه وتعالى»، وبين من يخطأ فيما بينه وبين نفسه، أمر اوكله الله اليه، فاختار خلاف ما طلب منه فكان خطأ في الاجتهاد، والخطأ في الاجتهاد كما ورد عن النبي «صلى الله عليه وسلم»: ”من اجتهد فاصاب كان له اجران، ومن اخطأ كان له اجر واحد“.

عبد الباقي الجزائري: شكراً فضيلة الدكتور. معنا اتصال من الشيخ حسن بن فرحان المالكي من الرياض، تفضلوا فضيلة الشيخ.

فضيلة الشيخ حسن فرحان المالكي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عبد الباقي الجزائري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فضيلة الشيخ حسن فرحان المالكي: اولاً اعتذر منك اخ عبد الباقي في الظروف التي جرت في الاسابيع الماضية لم اتمكن من المشاركة، تابعت اعادة الحلقة الماضية مع هذه الحلقة، وعندي مشاركة حول موضوع العصمة، فارجو تقبل الرأي الآخر بهدوء، في البداية يجب ان نعرف عند سائر المذاهب السنية والشيعية مسألة سلطة الرأي العام او سلطة المذهب تكون احياناً اقوى من الدليل فيقعد لها، ففي الحلقة الماضية رأيت في قاعدة ذكرها الاخ الكريم الشيخ الخباز، ان ظاهر القرآن اذا تعارض مع قاعدة عقلية تكون قرينة لصرفها الى معنى آخر، بينما الآيات التي ذكرتموها في الحلقة الماضية مثل﴿وَ عَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى، وقول موسى ﴿قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ، انا ارى ان هذه آيات صحيحة نجعلها تتعارض مع قاعدة ليست عقلية بالضرورة، انما قد تكون قاعدة مذهبية او قرينة مذهبية، لكن الصريح في آيات الله «عز وجل» في القرآن الكريم كأن الهدف منها ان يثبت الله «عز وجل» للناس بان الانبياء يبقون عبيداً لله، والملائكة يبقون عبيداً لله، والائمة يبقون عبيداً لله، فعندما نجد من الله «عز وجل» عتاباً لاحد انبيائه او اعترافاً من أحد الانبياء بالذنب يعني عندما يقول موسى ﴿قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ، أتى اخي الكريم الشيخ الخباز او السيد الخباز يقول ”انما كان من الضالين عن طريق المدينة“، هذا تأويل بعيد، صراحة الآية واضحة. كذلك عندما أجد في بعض الكتب تأويل ما حدث لآدم ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى، فإن المراد ليس المعصية، انما المراد عدم ترك الاولى، بينما في القرآن الكريم في سورة البقرة وغيرها ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ، وهناك في آخر الآيات ﴿ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وانه اصطفاه وتاب عليه، واضح ان هناك ذنباً حصل، يأتي بعض الاخوة ويقولون، هل تتصور يا أخ عبد الباقي انني وجدت التأويلات يقول لم يأكل من الشجرة اصلاً انما أكل من غيرها، يعني مخالفة صريحة للآية، من اجل انه هناك ارث فكري موجود يجب ان يذهب ويجب كل الآيات التي أمامنا ان نجعلها على جنب، هذه معضلة تجدها عند السنّة والشيعة في جانبين، عند السنّة في مسألة نزاهة كل الصحابة، تأتيهم بكل آية تناقض هذا المبدأ فيصرفوها بأي شيء، بأي ثمن، وعند الاخوة الشيعة وعند الاشاعرة عصمة الانبياء والائمة، أي آية تأتي يصرفوها بأي شيء، أهم شيء القاعدة المذهبية تثبت، والآيات الصريحة تنصرف، هذه يا سيدي نحن في عصر الآن بحاجة الى ان نعيد النظر في تراثنا وفي مسلّماتنا، المسلّمات الكبرى بحمد الله مجمعون عليها جميع المسلمين، انما مثل بعض الآيات التي ظاهرة وكثيرة في هذا الجانب، ليس من باب ما ذكره اخي انه الظهور البدوي، لا، هناك ظهور جدي، والامثلة التي ذكرها: رأيت اسداً يخطب، هذه قرينة واضحة، هذه التأويلات اذا لم تأت مع صراحة، يعني هناك آيات صريحة، لا ينفع فيها القرائن.

عبد الباقي الجزائري: فضيلة الشيخ بناءً على هذا الكلام، يقولون «هذا الشيء معترف به»: ان السالبة الجزئية تنقض الموجبة الكلية، يعني يكفي مصداق واحد لابطال قاعدة كلية، يكون مخالفاً، او الموجبة الجزئية تنقض السالبة الكلية. عيسى بن مريم في سورة مريم ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ، يعني لا تفارقه البركه، هل يبارك الله الخطأ، هل يبارك الله المعصية، هل يبارك الله الذنب، الذنب والمعصية اذا كانت لا تجتمع مع البركة فكيف نفسر قوله تعالى ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ، لان المباركة مذكورة فقط مع المقدسات، البقعة التي باركنا حولها، ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا، البركة لا توجد في القرآن الكريم إلا مع المقدسات.

فضيلة الشيخ حسن فرحان المالكي: فلتنقلب القاعدة انه اذا ثبت ان نبياً من الانبياء اخطأ وعاتبه الله على خطأه فهذا ينقض ان المعنى في المبارك ان معنى المبارك انه معصوم مطلق في كل تصرفاته.

عبد الباقي الجزائري: فضيلة الشيخ هذا يقين ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ.

فضيلة الشيخ حسن فرحان المالكي: ليس يقيناً مثل﴿إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ.

عبد الباقي الجزائري: انتم قلتم هذه الآيات صريحة في عصى، تبقى عصى! هذه آية صريحة في باركنا تبقى باركنا.

فضيلة الشيخ حسن فرحان المالكي: نحن الآن عندما نجد ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ.

عبد الباقي الجزائري: هذه نفسها فضيلة الشيخ، ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ، لم يعاتبه الله، لماذا نحمل هنا «لم تحرّم» عتاباً على النبي بينما الله لم يعاتب يعقوب وقد فعل نفس الفعل ونحن لا نفرق بين أحد من رسله، لماذا نذهب دائماً، لماذا مثل ما قلتم الرأي العام عندنا هذا الاستعداد فقط لضرب العصمة وان ثبوت العصمة خطر على الاسلام، هذا نبي الله يعقوب ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ، واثبت الله ذلك التحريم قال مادام حرم اسرائيل على نفسه اذن يكون حرام، بينما النبي تنازل عن حقه فحرّم شيئاً على نفسه لم يحرّمه على الامة، حرّم على نفسه.

فضيلة الشيخ حسن فرحان المالكي: انا معك في ان البعض يضرب العصمة وكأن الانبياء خصوماً له او الائمة خصوماً له، هذا لسنا مع هذ الخصم، انما عندما تأتي آيات مثلاً في عصيان آدم او اكله من الشجرة، نحن هنا نتمنى ان نكون من تراب اقدام اي نبي من الانبياء، انما يا أخي عندنا آيات ماذا نفعل بها، هذه الآيات إذا أولناها سنضطر في آيات اخرى، لا نستطيع نستشير بآيات اخرى قد تكون في تأييد رأينا، لابد من قاعدة مطردة، وايضاً لا نتوهم بكل من لا يرى العصمة انه عدو للانبياء، او لا يرى عصمة الائمة انه عدو للائمة، لابد ان يكون عندنا سعة بال وسعة افق في التواصل مع الآخر، اليوم كما تعرف فرصة للمذاهب والتيارات الاسلامية ان يتفاهموا مع غير المسلمين، ان يتفاهموا، انا اريد قناعة، انا كشخص متابع عادي ليس عندي هم ان تثبت العصمة او تنتفي، انما عندي هم ماذا قال هل ثبت ام لا فانا بحاجة الى قناعة، لا يقنعني من يقول ﴿أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ اذن كان ضالاً عن طريق المدينة، ومن أين يقنعني ان توبة آدم ومغفرة الله له، وكان من الظالمين وكذا يقنعني بان كل هذا ليس ظلماً من أين، لا استطيع ان اقتنع، انا بحاجة حتى غير المسلم انت بحاجة تقنعه، نتدرب على منهج الاقناع، على الاقل نترك منطقة ظنية وسطى لا اعاتبك فيها ولا تعاتبني فيها، لا تشنع عليّ في عدم اعتقاد العصمة، ولا اشنع عليك في اعتقاد العصمة على الاقل، ويصبح الاتفاق في القضايا الكلية والكبيرة، لكنني اتفاجأ حين اقرأ من كتاب اسمه مناظرات في العقائد والاحكام، في قصة آدم قال: ولم يقل لهما لا تأكلا من هذه الشجرة، ولا مما كان من جنسها، فلم يقرب تلك الشجرة ولم يأكل منها، يعني هذا التأويل يا سيدي هذه رد للنص، وللاسف منسوب ظلماً للإمام الرضا، وانا اظن اجل من ان يقول هذا القول، فاذن ماذا يبقى عندنا من القرآن اذا اتبعنا هذا التأويل ومحاولة الصرف، انا اظن سنفقد اشياء كثيرة، حتى لما ذكر اخي الكريم ان النبي كان نبياً منذ ان بعث وآدم بين الروح والجسد، هذا نبي بالكتابة، ولذلك بعث بعد ما مضى اربعون سنة من عمره، الايحاء بان النبي «عليه الصلاة والسلام» وسائر الانبياء معصومون منذ ولادتهم من أين اخذنا هذا القول، لا نستطيع ان نقول، فأتى اخي ليقول انه كان نبياً من يوم ان ولد، صحيح في اللوح المحفوظ وفي تقدير الله انه نبي من قبل ان يولد، لكن انه كان نبياً معصوماً مبعوثاً من ولادته! الذي نعرفه ان عيسى هو النبي الوحيد الذي كان مبعوثاً وانطقه الله من ايام ولادته بالانجيل.

عبد الباقي الجزائري: فضيلة الشيخ، عندنا دليل ان عيسى اذنب او اخطأ بعد بعثته.

فضيلة الشيخ حسن فرحان المالكي: ليس بالضرورة ان يكون عندنا دليل، يعني اذا وجدت خطأ عند آدم لابد ان اثبت ان عيسى اخطأ! ليس بالضرورة، القضية مع الادلة، اذا ما عرفت ان عيسى اخطأ افرض لا اعرف اخطأ أم لم يخطئ، لكن اعرف ان آدم اخطأ، اعرف ان موسى اخطأ، اعرف ان النبي حرّم على نفسه العسل او الإماء، والله عاتبه على ذلك، وهذا لا تربطه بين نفي العصمة، انا قد انفي عصمة النبي «عليه الصلاة والسلام» وانا احبه واحب اهل بيته، لكن يا سيدي انا اقصد انه الارث، لنتخلص قليلاً من الارث الذي ورثناه، سلطة الرأي العام اقوى من كل دليل، واقوى من كل برهان في النفس، هل نستطيع في هذا الزمن نتخلص قليلاً من سلطة الرأي العام، ونحاول منهج الاقناعية الهادئة، أم نكابر وكل آية نجدها في طريقنا، لا اقصد هذا طرحاً مذهبياً اقصد اني انقد فئة دون فئة، لا، المسلمين بشكل عام عندهم بلاء في ما ورثوه من آراء.

عبد الباقي الجزائري: شكراً فضيلة الشيخ، وان كان عاتب الله نبيه على ما يذكرونه عسل بخصوص العسل، سيكون الله «سبحانه عز وجل» قد وزن بمكيالين، لانه عاتبه على شيء حرّمه على نفسه، ولم يعاتب يعقوب على شيء حرّمه على امته ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ، على كل حال كل هذه الامور تحتاج الى دراسة دقيقة. فضيلة السيد منير الخباز، سؤال غير ما كان يتكلم فيه فضيلة الشيخ حسن بن فرحان المالكي، لكن في صلب الموضوع ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يرسل مئة واربعة وعشرين الف نبي ليس فيهم واحد معصوم، أين قدرته على ارسال نبي معصوم، تفضلوا فضيلة السيد.

سماحة السيد منير الخباز: بسم الله الرحمن الرحيم، لابد من التعليق على ما ذكره الاستاذ الكاتب المحقق ونحن نعرفه وهو من المحققين الاستاذ حسن فرحان المالكي، ونتابع ما يكتب في كثير من كتبه ومن منشوراته، لابد من التعليق على كلامه، اولاً الآيات التي ذكر انها صريحة هي ليست بصريحة، هي ليست إلا ظاهرة، الصريح هو الذي لا يحتمل الخلاف، هذا مذكور في علم الاصول: النص الصريح هو النص الذي لا يحتمل الخلاف، كما في قوله تعالى مثلاً ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ يعني نص صريح يعني لا يحتمل الخلاف، اما اذا كان النص يحتمل معنيين، وان كان احد المعنيين اوضح للذهن من الآخر هذا لا يسمى صريحاً، لا في اللغة ولا في علم الاصول، هذا يسمى ظاهراً، والظاهر كما قلنا هناك ظهور لغوي وهناك ظهور حقيقي، كلمة عصى، او كلمة ظلم، ليست من الامور القاطعة الصريحة، وانما هي ظاهرة، ظاهر كلمة عصى انه خالف أمر، هذا صحيح، أما انها نص في ذلك لا. خالف أمراً، هل خالف أمراً الزامياً أم خالف أمراً ارشادياً كما قال الاخ الكريم من سوريا، مجرد كلمة عصى، عصى يعني خالف الامر، لكن الأمر قد يكون أمراً تكليفياً قد يكون أمراً ارشادياً، والذي يؤكد لنا ان الأمر «يعني أمر آدم بان لا يقرب الشجرة فقربها نحن نقول واكل منها نحن لا نرد القرآن الكريم» كان ارشادياً لم يكن أمراً تكليفياً مولوياً كما يقال في علم الاصول، ان آدم لم يكن في دار التكليف كان في الجنة، والجنة ليست داراً للتكليف، الارض هي دار التكليف ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً، الارض هي دار التكليف اما الجنة لم تكن داراً للتكاليف، هذه قرينة واضحة من نفس القرآن على ان آدم لم يصدر اليه تكليف مولوي وانما صدر اليه أمر ارشادي، فخالف رد ذلك بالمعصية ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى يعني حينئذ لم يهتد في داخل الجنة الى طريق الخلاص من هذه المخالفة، مخالفة الامر الارشادي، حتى كلمة الظلم، ورد عن النبي محمد : ”الظلم ثلاثة، ظلم لا يغفر وهو الشرك بالله، وظلم لا يترك وهو ظلم الانسان لاخيه، وظلم لا يقلب وهو ظلم الانسان لنفسه“، يعني تقصير الانسان على جسده، الانسان مثلاً يحتاج الى ان يأكل ثلاث وجبات هو يأكل وجبة واحدة من دون ان يصل الى حد التهلكة، هذا التقصير على الجسد اذا كان الانسان يتحمله ظلم لنفسه، ولكنه ليس ذنباً ولا معصية، مع ان الرسول عبّر عنه بانه ظلم، الظلم هو عبارة عن وضع الشيء في غير موضعه، والعدل وضع الشيء في موضعه، وضع الشيء في غير موضعه، موضعه الشرعي يعد ذنباً، اذا وضعت الشيء في غير موضعه الشرعي هذا يعد ذنباً، اذا وضعت الشيء في غير موضعه العرفي او في غير موضعه الجسمي او في غير موضعه الصحي هذا ظلم ولكن ليس ذنباً، فليس الظلم صريح في الذنب الشرعي كي نقول ان هذه الالفاظ صريحة، وإلا فنحن ايضاً نوجه للاستاذ المالكي آيات التجسيم ماذا يقول عنها ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، ﴿الرحمن على العرش استوى، ماذا نصنع مع هذه الآيات، هل نقول بانها صريحة في التجسيم وبالتالي نتبنى فكرة التجسيم لان الآية صريحة؟! نقول لا، الآية ظاهرة، وقامت القرينة العقلية على خلافها فحملت على ما يطابق القرينة العقلية بان الآيات ليست صريحة وانما هي ظاهرة. ثانياً، ما دل على عصمة النبي من الادلة العقلية ليست وراث وليست سلطة للعقل الجمعي سيطرت علينا نتيجة كوننا ضمن مذهب معين او ضمن دائرة معينة، هذه احكام عقلية، كما ان العقل يحكم بان الله قوة مجردة لا جسم لها، لا حد لها، ولا يسمى هذا الحكم العقلي تراث وانه من سيطرة العقل الجمعي، وانه لابد لنا ان ننقح تراثنا لان هذا دليل عقلي واضح، كذلك ما دل على عصمة النبي، الهدف من بعث النبي رسولاً التفاف الناس حوله ووثوقهم بقيادته، فمتى ما جوزنا عليه الخطأ والذنب في قضاياه الشخصية انتقض الهدف من بعثته ورسالته، الشخص الذي يحتمل خطأه يحتمل ذنبه في القضايا الشخصية لا يمكن للناس ان تثق بقيادته وان تلتف حوله، فاذا لم تثق الناس بقيادته ولم يحصل الالتفاف حوله انتقض الهدف من بعثته، ونقض الهدف قبيح والقبيح لا يصدر من الحكيم «تبارك وتعالى»، اذن مقتضى حكمته تبارك وتعالى ان يصون نبيه عن كل ما ينفر الناس منه، عن كل ما يسيء اليه، عن كل ما يستوجب التشكيك في شخصيته وعدم الوثوق بقيادته، هذا ليس تراثاً، هذا كلام عقلي واضح نعرضه على الفضائية، هذا ليس تراثاً يقيدنا او يحكمنا حتى نطالب بالخروج عنه، اذن هذا الحكم العقلي الواضح من القرائن الموجبة لتحديد الظهور الجدي ولتحديد المراد الجدي من الآيات. ثالثاً، الاستاذ المالكي يعرف ان آيات القرآن على قسمين محكمات ومتشابهات، ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.

عبد الباقي الجزائري: ان شاء الله لاحقاً تتكلمون عن هذا. الآن ننتقل الى سوريا الى فضيلة الدكتور الشيخ علاء الدين الحموي، فضيلة الدكتور انا طرحت سؤالاً لفضيلة السيد واسترسل في التعليق على كلام الشيخ حسن فرحان المالكي، حتى استغرق الوقت كله، انا اوجه الى فضيلتكم هذا السؤال، ان﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وبعث مئة واربعة وعشرين الف نبي ورسول ليس بينهم واحد معصوم، اذن أين قدرته على عصمة الانبياء؟

فضيلة الدكتور الشيخ علاء الدين الحموي: بسم الله الرحمن الرحيم، اولاً لابد ان نقول ان عصمة الانبياء ليست حجزاً ولا حجراً ولا حبساً ولا منعاً من الله «سبحانه وتعالى» وإلا لقصرنا في حق النبي الإمام القدوة ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ، ولخالفنا عقولنا عندما نرى من الاولياء والاصفياء والاتقياء من يحرصون على تنفيذ أمر الله «سبحانه وتعالى» ولا يكاد يبدر منهم أمر من الصغائر فضلاً عن الكبائر وقد علموا بان غضب الله «تبارك وتعالى» متعلق بهذا. هذا السؤال ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقد اوجد انبياءه المعصومين، ولكن انا استغرب عندما اسمع انه لا يهم احد المسلمين اذا كان النبي معصوم او غير معصوم، انا يهمني ان يكون قدوتي معصوماً، لاسيما وقد ربط الله «تبارك وتعالى» رضاه بطاعتي لهذا الرسول، وقيّد عقوبة لمن يخالف هذا الرسول فيما جاء به عن الله «سبحانه وتعالى»، والامة بالاجماع بكل فرقها ومذاهبها وطوائفها مجمعون على ان الانبياء معصومون فيما أوحى الله اليهم، وايضاً ليست مهمتهم فقط ان يعلموا عباد الله وانما فوق ذلك ان يربوهم ويهذبونهم وان يعلمونهم بسلوكهم، اذن هذا ايضاً ينبغي ان يكون من صفات الانبياء «عليهم الصلاة والسلام»، عندما نرجع الى القرآن حول سيدنا موسى مثلاً «عليه الصلاة والسلام» نجد بانه اعتراف من ذاته، فيقول لرب العزة ﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ اي بحسب قانونهم فاخاف ان يقتلون، وبعد ذلك، اذا اراد الانسان ان يعترف هل يعترف أمام خصمه، أم يعترف فيما بينه وبين الله «سبحانه وتعالى» عندما يقول ﴿قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ، هل يقول هذا لفرعون أم يقوله فيما بينه وبين ربه، هو قصد انه في قانونكم انتم فعلت هذا الامر وانتم تحكمون على من فعل هذا بانه كذا وكذا، فنحن نؤكد على السياق التأريخي ضرورة قراءة النص ضمن السياق التأريخي، ليس تحكيماً لعباءة التأريخ فاننا جميعاً لسنا ممن يهرب من واقعه ليختبئ بعباءة التأريخ، ولكننا عقول تحتاج الى فهم النصوص من اجل ان نعلم الناس وان نعمل باقتدائنا لانبياء الله «سبحانه وتعالى»، لا يوجد ولا نص في القرآن الكريم يدل على ان الله «عز وجل» قد غضب من هؤلاء الانبياء واراد ان يعاقبهم لانهم وقعوا في مخالفة لما كلفهم الله به، فاذا كان هذا من الله «سبحانه وتعالى» وقد مضى زمن الانبياء فلماذا نريد ان نعيد الحديث رغم الاستقراء الذي استقرأناها لحياة الانبياء والرسل ونريد ان نقول نعم النبي آدم عصى، والنبي موسى كان من الضالين، والنبي محمد حرّم. النبي «صلى الله عليه وسلم» حرّم على نفسه شيئاً اباحه الله له، من يقول بان من حرّم ما اباح الله فيما بينه وبين نفسه قد وقع في معصية، لا سيما انه لم يطلب من امته ان يحرموا هذا، هو فعل النبي «صلى الله عليه وسلم» ذلك بذاته ولكن الله «عز وجل» اراد ان يعطي الجميع درساً بان أمر الله فوق كل شيء، ولم يرتب على ذلك عقوبة ولم يرتب على ذلك اثماً حتى ﴿عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ فسبق العفو خطاب الله «تبارك وتعالى» عندما حاول ان يعطي المنافقين فرص اخرى يرجعوا بها انفسهم ويصدقوا فيما بينهم وبين الله «سبحانه وتعالى»، اذن نحن عندما نتكلم عن عصمة الانبياء، لسنا نعيش في تأريخ سابق وانما نتكلم عن واقع، انا حالياً لا استطيع ان اقتدي بإمام مالم اشعر بان هذا الإمام في صورة من المصداقية مع ما يخبرني عنه، وإلا لوقع الشك في قلبي، ولما استطاع الانسان ان يكون ذلك المقتدي الصادق فيما بينه وبين من يتعلم منه.

عبد الباقي الجزائري: شكراً فضيلة الدكتور. اولاً عندي سؤال أود ان اوجهه بدلاً عن توجيهه الى فضيلة السيد الخباز، اوجهه الى الاخوة المشاهدين، وايضاً الشيخ حسن فرحان المالكي، طبعاً بكل اخوة ان شاء الله، هذا ان شاء الله ليس فيه اي تشكيك وانما نريد ان يستفيد كل المشاهدين والمتابعين، لان مثل هذه القضايا لابد ان يكون فيها حرية فكرية تامة، كي لا يحدث تشويشاً، هناك آيات قرآنية خاصة بالطاعة من بينها ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ، اذا لم يكن الرسول معصوماً يكون المؤمن الذي اتبعه في حالة الخطأ يكون قد اطاع الله، اذن توجد طاعة الله في الخطأ، اذن يطاع الله في الخطأ، هل يقبل مسلم ان نقول ان الله يبارك الخطأ ويحب ان يطيعه عباده في الخطأ، ليس هناك آية قرآنية تقيد طاعة النبي بل طاعته طاعة الله، ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ، ﴿وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا، ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا، فمسألة الطاعة دائماً النبي مقرون مع الله «سبحانه عز وجل» لان طاعتهما واحدة، كيف يمكن ان تكون طاعتهما واحدة في حين النبي يكون غير معصوم. يبدو هناك اتصال، معنا الآن فضيلة الشيخ محمد السند من قم المقدسة، تفضلوا فضيلة الشيخ.

المتصل فضيلة الشيخ محمد السند من قم المقدسة: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، في الحقيقة الحديث عن قضية عصمة الانبياء يرجع الى «نستطيع ان نقول» البحث عن العلمانية، ورعاية السماء للارض، او الصابئة القديمة والصابئة الجديدة، ان الصابئة هي علمانية القديم والعلمانية هي الصابئة الجديدة، هل العقل البشري المحدود حينئذ يتمرد على توصيات وهدايات السماء عبر ذريعة ان الانبياء كما ورد في المسيحية المحرفة او اليهودية المحرفة، انهم كذبوا او نكثوا العهد مع الله، فبالتالي هذا يسوغ التمرد على هداية السماء وارشاد السماء عبر العقول المحدودة وهي الصابئة القديمة او الصابئة الحديثة او العلمانية الحديثة والعلمانية القديمة. في الحقيقة قراءة تكامل الانبياء، طبعاً الانبياء كما يبين امير المؤمنين علي بن ابي طالب، ان الانبياء انما بيّن تكاملهم في القرآن تحت ما قد يظن الظان انها مثالب بيّن تكاملهم ليبين الله تعالى ان كمال الباري تعالى لا يقاس به كمال الانبياء، انما الانبياء تكاملهم وعصمتهم بالله، وفرق بين العصمة بالله والعصمة الالهية الذاتية لله «عز وجل»، فالعصمة بالله عبارة عن التسديد المستمر المتتابع المتعاقب من الله لانبيائه، ولو لا تسديده وتأييده لما تكاملوا لما يريده هو منهم، ففرق حينئذ يمكن نقول ان هناك تكامل عند الانبياء في الله «عز وجل» بين ان يقول لا، نحن لنا بعقولنا المحدودة البشرية كما تقول المسيحية في انجيلها المحرّف الآن، او كما تقول اليهودية في توراتها المحرفة الآن، ان جميع الانبياء ورسل السماء قد اخفق الباري في رعايته لهداية البشر في اتخاذ هؤلاء المرسلين، وان المرسل او عقلانية المرسل تدل على حكمة المرسل، فاذا كان هناك حينئذ اخفاق في المرسل هو اخفاق من المرسل والعياذ بالله، وهذا نوع من الجموح والتمرد على وصاية ورعاية السماء لشؤون وتكامل البشرية في الارض، وبعبارة اخرى فتح باب التمرد عن الوصاية الالهية السماوية، وان كانت الوصاية السماوية الالهية ليست تلغي وتفصل العاقل ولكن فرق بين ان يكون هناك تكامل، درجات التكامل في الحقيقة التي ربما ذكرت للانبياء يظن الظان فيها انها مثالب هي في الحقيقة اولويات يعجز عنها كافة البشر، تعال معي الى قضية يونس، يونس رغم انه القي والقم في بطن الحوت، وتراه لا ينقم على ربه بل يزداد خضوعاً وذلاً وتذللاً ومحبة لله، هذه الاوبة، اوبة المعصومين ليست اوبة سائر البشر، انظر الى ابليس ما ان حوسب او حوكم زاد تمرداً ولجاجة وغيظاً وما شابه ذلك، وربما نحن البشر اذا وصل البلاء والابتلاء الى درجة نكفر بكل المبادئ وبكل الاوليات، بينما ترى في شخصية المعصوم وهي يونس كلما ازداد بلاءً ازداد ارتباطاً ووثاقة مع الباري تعالى، تعال معي لنموذج آخر في النبي «صلى الله عليه آله» عندما انقطع عنه الوحي اربعين يوماً، مساءلة سألوها اياه وثم وعدهم بالاجابة ولم يذكر او يستثني المشيئة الالهية ان شاء الله، فانقطع عنه الوحي اربعين يوماً، وهل هذا جعله يتمرد عن الخضوع والتذلل في السماء ابداً، فنزلت عليه الآية ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى، نظر لهذا الارتباط العظيم بين نفوس الانبياء الذي يعجز عنه في الحقيقة صبر معصوم، علقتهم بباريهم علقة عصمة وعلقة تفوق قدرة البشر، ونماذج اخرى كثيرة في الواقع لو اردنا ان نستطلعها، نعم هم في سير تكاملي بالقياس وبالاضافة الى كمال الله، لا، نحن لا ندعي الوهية الانبياء نقول كمالاتهم ليست في حالة تدريج وتكامل بالقياس الى باريهم، لسنا ندعي الالوهية واللاهوت في الانبياء ولكن ليسوا هم في قياس ببقية البشر كي يكون العقل المحدود البشري يتمرد، نعم له ان يكون تلميذا يتفهم يلقى إليه، العقل هو المخاطب الاول ولكن لا ان يكون حاكم متمرد يخالف المرسلين من قبل الله تعالى، ففرق بين الطرحين وفرق بين النموذجين، والذي لا يلتفت الى الاوليات الصعبة الشاهدة: ”اشد الناس ابتلاءً الانبياء ثم الامثل فالامثل“، هذه الابتلاءات وهذه الامتحانات من قبل الله تعجز عنها امم وليس افراد.

عبد الباقي الجزائري: شكراً فضيلة الشيخ. فضيلة الشيخ مشكلة التأويل كلها اصلها الظاهر القرآني الذي يوهم، مثلاً كيف نفعل مثلاً مع قوله تعالى ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ، ثم ﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا، ﴿خَلَقْتُ بِيَدَيَّ، يعني هناك مجموعة من الامور ليست من البشر ومنسوبة الى الله، ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي فاذا بالآية تقول ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ، اليدان ليستا من الوجه، كيف نفعل في هذه المشكلة فضيلة الشيخ التي ادخلت للمؤولين والمفسرين مشكلة كبيرة في عقائد المسلمين، حتى ان هناك اليوم مجسمة حقيقيين يعتقدون بالتجسيم والعياذ بالله.

فضيلة الدكتور الشيخ علاء الدين الحموي: اكرر العبارة بانه لا يمكن ان نجزئ النصوص عن بعضها البعض، ولذلك كل شيء هالك إلا وجهه، اي كل شيء قابل للهلاك إلا ذات الله تبارك وتعالى، بل ان ابن تيمية ذاته هو الذي قال: ”يقصد هنا كل عمل لم يبتغ به وجه الله فهو هالك، ويبقى العمل الذي قصد به وجه الله «عز وجل»“ لا يجوز ابداً ان نفهم الآيات من خلال اللغة فقط وانما لابد ان نضعها في سياقها الكامل وإلا لعطلنا الصلاة، ﴿واقيموا الصلاة، اي صلاة هذه، اذا رجعنا الى اللغة سنجد الصلاة معناها الدعاء، سنجد بان الحج معناه القصد، اذن لابد ان نرجع الى المعنى العام من خلال سياق النص ومن خلال مجموع الادلة الكاملة، من خلال الفهم العقلي الكامل، عند ذلك سنفهم الآيات بالصورة الصحيحة، وإلا لوقعنا في الازمة التي تحدثت عنها كالوجه واليدان وغير ذلك عندئذ سنفهم النص فهماً خاطئاً، اعود لأؤكد بان النصوص القرآنية لابد ان تؤخذ في سياقها العام، وما ورد عن النبي محمد «صلى الله عليه وسلم» لابد ان يؤخذ في سياقه التأريخي من السيرة النبوية الشريفة، ونؤكد على ان عصمة الانبياء لا تشبه ابداً عصمة الله «عز وجل» فعصمة الله ذاتية وعصمة الانبياء تبعية لارادة الله «عز وجل» وشتان بين الاثنتين.

عبد الباقي الجزائري: شكراً فضيلة الشيخ. الآن ننتقل الى فضيلة السيد منير الخباز، باختصار فضيلة السيد تعلقون على ما قال فضيلة الدكتور من دمشق وفضيلة الشيخ حسن فرحان المالكي من الرياض.

سماحة السيد منير الخباز: ذكرت ان القرآن الكريم قسّم الآيات الى محكمات ومتشابهات، والمراد بالآية المحكمة هي الآية التي تمثل قاعدة عامة في القرآن الكريم، والمراد بالمتشابهات هي الآيات التي تتحدث عن التفاصيل، اذا اقتطعنا الآيات المتشابهات التي تتحدث عن التفاصيل عن الآيات المحكمات التي تتحدث عن القواعد العامة، سنقع فيما ذكره الاستاذ فرحان المالكي، اما اذا ضممنا المتشابهات الى المحكمات سنصل الى تأويلها، وهذا ليس من سيطرة العقل الجمعي ولا من سيطرة التراث وانما هو جمع بين المحكمات والمتشابهات، القرآن الكريم يقول ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ هذه آية محكمة، ويقول القرآن الكريم ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ، اذا ضممنا المتشابه الى المحكم عرفنا ان المراد بالوجه الكناية عن الذات، ايضاً عندنا هنا آية محكمة ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ هذه محكمات تدل على ان النبي منير في تمام اوقاته، في تمام حركاته، في تمام سكناته، وسراجاً منيرا، وانه اسوة حسنة في كل ما يصدر منه، هذه محكمة، فاذا جاءتنا آية اخرى متشابهة مثل ﴿عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ، او ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ لابد ان نضمها الى المحكم كي نصل الى تأويلها، والا لو افردناها عن المحكم لصدق علينا قوله تعالى ﴿فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.

عبد الباقي الجزائري: شكراً فضيلة السيد وقت البرنامج انتهى. قبل الختام اذكر بكلمة لامير المؤمنين علي بن ابي طالب بخصوص النبي يقول: ”ولقد قرن الله به من لدن ان كان فقيما اعظم ملك يسلك به سبل المكارم ومحاسن اخلاق العالم“. لم يبق لنا إلا ان نشكركم جميعاً مشاهدينا الكرام ونشكر ضيوفنا فضيلة السيد منير الخباز، وفضيلة الشيخ علاء الدين الحموي، وفضيلة الشيخ حسن فرحان المالكي وايضاً فضيلة الشيخ محمد السند، ومرة اخرى نشكركم جميعاً الى حلقات قادمة دمتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته...