1441-01-11 | الرسول محمد (ص) في كلمات الحسين بن علي (ع)

شبكة المنير

افتتح سماحة السيد الخطاب بالآيات المباركة: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

ربط الإمام الحسين مشروعه بحركة جده من خلال موقعين:

1» بيان - شرح المشروع وبيان أهدافه.

2» دفاع - الدفاع عن المشروع لإيقاف الدعايات المغرضة التي تم الترويج لها ما أن امتنع الحسين عن مبايعة يزيد.

المحور الأول: البيان

ابتدأ الحسين بشرح كفاءته وشرح الأهداف التي تبرر تصديه، وركز على ثلاثة عناصر:

1» التأسيس وهي القاعدة الروحية التي انطلقت من نوح إلى محمد .

2» الكفاءة القيادية.

3» المبادرة والسبق.

في النقطة الأولى تحدث الحسين عن القاعدة بقوله إنا بيت أهل النبوة ومعدن الرسالة...

الحسين لم يكتفِ بذكر جده ولكن شمل جميع الأنبياء رمزا للقاعدة الروحية التي يستند عليها ليذكّر الناس بأنه ينحدر من سلالة كلها أنبياء. استشهد سماحة السيد بآيات قرآنية أولا ثم خطاب الحسين نفسه والزيارات وشرح أن ”مختلف الملائكة“ يختلف عن ”نزول الملائكة“. النزول على منازل الطاعة، بينما ”مختلف“ هو المكان الذي لا تفارقه الملائكة وتتناوب عليه صعودا ونزولا.

أما من ناحية الكفاءة، فكفاءة بني هاشم ليست جديدة، وتوقف سماحة السيد عند ”لن تشذ عن رسول الله لحمته“ وهذه رابطة بين الحسين والرسول ؛ هي رابطة دم وكفاءة.

قال سماحته إن كل مشروع بحاجة إلى ثلاث أركان: تأسيس، وبناء، وتفعيل. استشهد سماحته بزيارة عاشوراء في أن بني أمية أسسوا أساسهم على الظلم والطغيان وبنوا على ذلك بنيانهم، وفعّلوا ذلك من خلال الجري في الظلم: ”مِمَّنْ اَسَسَّ اَساسَ ذلِكَ وَبَنى عَلَيْهِ بُنْيانَهُ وَجَرى فِي ظُلْمِهِ وَجَوْرِهِ عَلَيْكُمْ وَعلى اَشْياعِكُمْ“.

قال سماحته إن المباهلة لم تكن لأجل القرابة والنسب، ولكنها لإعداد القادة بعد الرسول . نصارى نجران خافوا مباهلة الرسول بتلك الوجوه الطاهرة. في ذلك حجة دامغة لأن الحسين كان من ضمن الخمسة في المباهلة وأنه ولي من بعد جده بأمر إلهي.

أما السبق العملي هو أن الحسين لم ينتظر للتخطيط وقام بالاعتراض قبل أي عمل آخر. في نفس الموضوع، ذكر سماحة السيد خمس نظريات لمشروع الحسين :

  1. نشر المظلومية.
  2. رفض البيعة.
  3. الاستجابة لطلب أهل الكوفة.
  4. لإقامة حكم عادل.
  5. فقط وفقط مشروع إصلاحي.

رجح سماحته النظرية الخامسة وقال إن الحسين لم يهدف لإقامة دولة أو يتولى حكم لأن الحسين ذكي وليس غبيا وأنه من المميزين والحصيفين الذين يستطيعون قراءة الأوضاع. الحسين لم يكن يملك عدة يُتَكَأُّ عليها لإقامة أي دولة كما أنه يعرف بطش بني أمية. الإمام يعرف نفسه ومطلع على حجم العدة التي يملكها.

لماذا السبق إذًا؟ لماذا أول من اعترض الحسين ؟ لأن الإمام يطبق آيات من الذكر الحكيم في السبق إلى الخيرات «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ».

في ذلك، نصح البعض الحسين بالتريث وعدم الخروج إذ قال عمرو بن لودان ”اصبر فإن وعد الله حق“. كما حذر أخوه محمد بن الحنفية بأن سكان الكوفة أهل نفاق ولا أمان لهم. وكان رد الحسين بأن رسول الله أمره وأنه ماضٍ في هذا الأمر مهما كلف الأمر: ”إنّ هذِهِ الدُّنْيا قَد تَغَيَّرَت وَتَنَكَّرَتْ وأدْبَرَ مَعرُوفُها، فَلَمْ يَبْقَ مِنْها إلاَّ صُبابَةٌ كَصُبابَةِ الإناءِ، وَخَسِيسُ عَيْشٍ كَالمَرعَى الوَبِيلِ، ألا تَرَوْنَ أنَّ الحَقَّ لا يُعْمَلُ بِه، وَأنَّ الباطِلَ لا يُتناهى عَنهَ، لِيَرْغَبْ المُؤْمِنُ في لِقاءِ اللهِ مُحِقّاً فَإنِّي لا أرَى الْمَوتَ إلاّ سَعادَةً، وَلاَ الحَياةَ مَعَ الظَّالِمينَ إلاّ بَرَماً. إنَّ النّاسَ عَبِيدُ الدُّنْيا وَالدِّينُ لَعِقٌ عَلى ألسِنَتهم، يَحُوطُونَهُ ما دَرَّت مَعائِشُهُم، فَإذا مُحِّصُوا بِالبَلاءِ قَلَّ الدَّيّانُونَ“.

المحور الثاني: الدفاع

بعد ذلك تصدى الإمام الحسين للإعلانات المشوهة التي زورها الذين يملكون الإعلام وذلك لمحاولة إفشال مشروع الحسين فكان واجبا عليه أن يدافع عن مشروعه في كل مكان تطأ فيه قدمه. كان الحسين يعلم أن صدى صوته لن يغير رأي الأغلبية، ولكنه على علم من أن التاريخ سينقل كلماته الصدّاحة. ومنها اعتمد الحسين على أربعة أرصدة:

  1. الرصيد التاريخي.
  2. ثقل النبي .
  3. حفظ الرسول .
  4. ربط الهدف بالرسول .

في الرصيد التاريخي قال الحسين : ”أيها الناس انسبوني من أنا. ألستُ ابن بنت نبيكم وابن وصيه؟“ في هذه الجمل يعزز الإمام بأن مشروعه الإصلاحي لم يبدأ من الصفر وأنه امتداد لنضال تاريخي ابتدأ بجده وتم تفعيله بأبيه، ومن ثم يكون هو الامتداد الطبيعي في النضال لهذين البطلين العظيمين.

اعتمد الحسين على ثقل الرسول إذ بلّغ الناس بأن الحسنين إماما إن قاما أو قعدا وأنهما سيدا شباب أهل الجنة. وذكرهم بأنه لا يتعمد الكذب، وفي ذلك استشهد بجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك. الإمام الحسين لا يركز على نسبه ليفضل نفسه على الناس ولكن لبيان أنه هو الثقل الآن بعد الرسول اعتمادا على حديث الثقلين الذي اتفق عليه جميع المسلمين.

﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. التعزيز يعني الحفظ. والإمام الحسين من المؤمنين المفلحين وحِفْظُ الرسول واجب عليه وعلى كل مؤمن، والحسين أولى بأن يحفظ عهد جده .

ركز الحسين على ربط هدف مشروعة بحركة النبي وأن ما يفعله تحقيق لأهداف الرسالة المباركة. الحسين يأتي من سلالة مميزة وأطيبها أسرته ابتداء برسول الله . الإمام ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم. وهو من ربي في حضن فاطمة الزهراء ابنة الرسول وخديجة الكبرى. ولله العزة ولرسوله والمؤمنين.

زحف الحسين بأسرة رسول الله بالرغم من قلة العدد وخذلان الناس. ولكنه قام بواجبه على أكمل وجه. الحسين يمثل الحق. ومن حاربه يمثل الباطل. وصراع الحق والباطل أزلي.

بعدها ذكر سماحة السيد دور النساء في كربلاء وكيف كان دور زينب من أعظم الأدوار حينما عشَمها عمر بن سعد بن أبي وقاص بتجهيز الحسين بعد قتله، ولكنه كذب وأمر عشرة من الخيول الأعوجية أن تدوس على جسد الحسين الطاهر لتفتت عظامه وتفري لحم جسده. حينها توجهت زينب إلى المدينة لتشكو جدّها ما فعله الظالمون في سبطه الحسين .

سلام الله على الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين.