الأحساء: بمناسبة مولد السيدة الزهراء عليها السلام

شبكة المنير

بمناسبة الذكرى السنوية لولادة الدرة الطاهرة فاطمة الزهراء وبمناسبة زواج ثلة من شباب قرية الرميلة، تنورت القلوب، وازدهرت الأكوان فرحاً وتغريداً، في ليلة جمعت الأصالة والعمق، تنوعت وتعددت فيها حقول المعرفة.

أُفتتح اللقاء في حسينية الإمام الخوئي «قدس سره» عند الساعة التاسعة مساءً، بآيات مباركات تلاها المقرئ طه الراشد، وبعدها كانت أبيات نثرية صاغها الشاعر عقيل العبد الكريم.

بعد ذلك أستهل سماحة السيد منير الخباز حديثه بالآية المباركة ﴿مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ «24» تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ «25»

وقسم حديثة إلى ثلاثة محاور:

المحور الأول:

حيث قال سماحة السيد تحدثت السيدة الزهراء في خطبتها وقالت: «الحمد لله الذي أبتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها»، مشيراً إلى دقة هذه العبارة، قائلاً سماحته: «لماذا لم تقل الزهراء أبتدع الأشياء من لا شيء كان قبلها؟».

موضحاً السر الذي أشارت إليه السيدة الزهراء في خطبتها وهو الابتداع، قائلاً: «إن الابتداع يختلف عن الخلق، فهناك خلق وهناك أبتداع، فالله تعامل مع المخلوقات التي أوجدها بنوعين مختلفين، وهما الخلق والابتداع».

ثم عرّف سماحة السيد الابتداع بأنه إيجاد بدون مادة، أي أوجدها من دون مادة قبل ذلك، أي أوجدها بإفاضته الأمرية كما قال الله تعالى ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.

فقال أن الإفاضة الأمرية هي التي ركزت عليها السيدة الزهراء وأشارت إليه بالابتداع في خطبتها، وهذا ما أشار إليه الفلاسفة في التفريق بين الخلق والابتداع، وبين الإفاضة والأمرية.

المحور الثاني:

أشار سماحة السيد في هذا الحقل بأن الكلمة هي محور وجوهر شخصية الإنسان، قائلاً: «إذا أردت أن تعرف شخصاً فاسمع كلامه، فالكلمة مظهر لفكر الإنسان، وأصالة فكره، ولذلك ورد عن أمير المؤمنين: «المرء مخبوء تحت طي لسانه لا تحت طيلسانه»، فلا للمظهر والشهرة والزي، ولا للمكانة الاجتماعية أي مقياس لشخصية الإنسان، وإنما حرف الشخص هو المقياس لمظهر الشخصية.

ثم أشار إلى أن أبرز مظهر لشخصية الزهراء هو خطبتها وكلامها وحرفها التي نطقت وجاهدت به.

المحور الثالث:

في هذا المحور بالتحديد ركز سماحة السيد على عناصر وطرق الكلمة الطيبة وحددها في ثلاثة نقاط:

1 - العنصر الأول الأصالة:

وفي هذه النقطة سجل سماحة السيد نقد بناء لما يطرح في بعض القنوات الفضائية الشيعية، والتي تنتسب لكيان ومدرسة التشيع، فقال: «إننا نجد بعض ما يطرح في بعض هذه القنوات فكراً هزيلاً، فكراً يعتمد على ذوقيات، وأحلام، ودعوى عريضة وكبيرة لا أصل لها، بل ليس لها برهان تستند عليه، إننا عندما نريد أن ندعوا إلى مسلك وخط أئمة الهدى نحتاج إلى أن نطرح فكراً نقياً، فكراً مبنياً على الدليل ومنطق العقل، حتى يعكس أصالة فكر مدرسة أهل البيت من منطلق «كونوا زيناً لنا بغير ألسنتكم»».

2 - العنصر الثاني الشمولية:

ركز سماحة السيد على الاهتمام بالشأن العام، ومعالجة أمور المجتمع بشتى مجالاته، وهو التركيز على الحديث الذي يجمع الكلمة، ويعالج هموم المجتمعات، والقضايا التي يحتاجها المجتمع لمعالجة أموره الشخصية.

3 - العنصر الثالث العطاء:

لا بد أن تكون الكلمة كلمة أصلاحية، حتى تزرع العطاء، لأن الكلمة الطيبة هي التي تصنع العطاء المتجدد، إننا لا نريد عطاء وقتياً أو مرحلياً، بل عطاء جذرياً، يدعم الكيان. فكلما كان الفكر يحمل مضامين الإصلاح، كالسلوك، والثقافة، والأوضاع الاجتماعية والإدارية، كان أسرع إلى معالجة الهموم والمشاكل التي يحتاجها الناس والمجتمع.

وفي نهاية الكلمة أشار إلى أن الكلمة الطيبة هي التي تكون من سنخ أهل البيت ومعدن النبوة، والتي تنشر المحبة والتعاون، وطيب اللقاء بين المؤمنين، ورفع ما يدعوا إلى العزلة والاحتراب.