الزوجة بين الرسالية وبهجة الحياة

شبكة المنير

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً

انطلاقا من الآية المباركة نتحدث في محاور ثلاثة:

  • في نظرة القرآن لدور الزوجة.
  • تعدد زوجات النبي.
  • رسالية الزوجة.

المحور الأول:

نظرة القرآن لدور الزوجة أو المرأة في المنزل، ذكر كامل النجار في كتابه قرأة منهجيه للإسلام أن مجموعة من المفكرين طرحوا إشكالية حول نظرة القرآن لدور الزوجة قالوا بأن القرآن الكريم يرى أن الزوجة مجرد أداة لإستمتاع الرجل وأنها ماكينه لتفريخ والإنجاب ولا يراها القرآن في موقع الشراكة الحقيقة للرجل في بناء الأسرة وتبادل العلاقات العاطفية وذلك من خلال عدة آيات مثلا قوله تعالى: ﴿نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ، التعبير بالحرث إهانة للمرآة وجرح لشخصيتها لأن التعبير عنها بالحرث يحصر دورها وكأنها دجاجة تبيض وتفرخ وليس لها دور آخر بإعتبار أن الحرث هو ماكان خزانة للبذور التي تثمر وتنتج وفي آية أخرى قوله تعالى: ﴿وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً، هذه الآية صريحة في أن المرأة أداة لمتعة الرجل فقط ولذلك إذا لم تستجب لشهوة الرجل وغريزته فله أن يضربها حتى يحصل على قضاء وطره وإشباع شهوته وهذا إهدار لكرامة وشخصية المرأة.

وفي آية ثالثة يقول تعالى: ﴿وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ جعل المرأة في صف الحمامات مما يعني أن المرأة بنظر القرآن علاقتها بالرجل كعلاقتها بالحمام، فكما يقذف الرجل أوساخه من بدنه في الحمام لإانه يقذف مائه في المرأة ويقوم عنها، إذا علاقة المرأة بالرجل بنظر القرآن الكريم مجرد أن المرأة أداة لستمتاع الرجل وقضاء شهوته أو أنها مكان للتفريخ والإنجاب ولم يجعلها القرآن في موقعها الحضاري المناسب لها وهو موقع الشراكة الحقيقية للرجل في بناء الأسرة وتبادل العلاقات العاطفية.

نحن نسجل على هذه المقالة عدة ملاحظات:

الملاحظة الأولى: أن المرأة عنصر ضروري لإستقرار الحياة على الارض، الحياة الزوجية ما هو الهدف منها؟ قد يكون الهدف من الزواج والعلاقة الزوجية هدفاً اعتباريا كأن يتزوج الإنسان من عائلة معروفة بالذكاء حتى يخرج اولاده أذكياء، أو يتزوج الإنسان من إمرأة أجنبية عن عائلته حتى يتخلص من أمراض تداخل القبائل والعروق هذا هدفاً أعتباري وليس هدفاً أصيلاً وحقيقياً، الهدف الأساس للعلاقة الزوجية استمرار الحياة على الأرض لو لم يكن هناك زواج لنقرض وتوقف النسل البشري عن وجه الأرض، من أجل استمرار الحياة والوجود البشري والنوع الإنساني على الأرض لابد من علاقة زوجيه فالعلاقة من أهدافها الرئيسية والأساسية استمرار الوجود البشري على الأرض وهذا الهدف ليس هدفاً إعتباريا أو ثانوياً بل هو هدف فرضته الطبيعة البشرية والفطرية للإنسان أن الهدف من الزواج هو استمرار الوجود الانساني على الارض كيف ذلك؟ نذكر ثلاثة أدله:

الدليل الأول: لا تجد مجتمعا بشريا من يوم آدم الى هذا اليوم إلا وفيه علاقة زوجة لا يوجد مجتمع بدون زواج ومهما اخلتفت الأديان والمذاهب فهو يرى العلاقة الزوجية ولهذا هو هدف فطري انساني اتفقت كل المجتمعات البشرية على العلاقة الزوجيه.

الدليل الثاني: لو نظرنا لطبيعة المرأة انظر إلى جهاز جسم المرأة، جهزت المرأة بالرحم والمبيض وثديين، لماذا هذا الجهاز الذي جهزت به المرأة؟ من أجل استمرار الحياة البشرية على الأرض، إذا استمرار الحياة البشرية على الأرض هدف ينسجم مع جهاز وطبيعة المرأة نفسها، إذا القرآن لم يجعل الهدف، هدف الإنجاب والنسل واستمرار البشر هدفٌ فرضته طبيعة المرآة ولم يفرضه القرآن الكريم ولم تفرضه نظرة السماء فولدت المرأة وطبيعتها مهيأة للإنجاب والإيلاد وفطرتها وخلقتها معدة لأن تكون مصدراً للوجود الإنساني على الأرض فهذا ليس هدفا اعتباريا بل هو هدفٌ طبيعي فطري.

الدليل الثالث: عندما نلاحظ العقل يقرر حتى لو لم يذكر القرآن ولم يذكر أحد ولم تتفق المجتمعات البشرية على العلاقة الزوجية، العقل هو يقرر بنفسه يقول بأن استمرار الحياة على الأرض يتوقف على وجود المرآة إذا فلابد من هذه العلاقة تحقيقا لإستمرار الحياة البشرية على الأرض، هذا فرضا فرضه العقل ولم يفرضه القرآن الكريم، بل إذا راجعنا علماء الطب والبيولوجيا ماذا يقولون؟

يقولون يمكن أن يستغنى عن الرجل لكن لايمكن أن يستغني عن المرأة، يمكن الآن أن تلد المرأة عن طريق استنساخ الخلية ووضعها في رحمها بدون حويمن الرجل إطلاقاً، إذا دور المرأة أصبح ضرورياً لإستمرار الحياة لايمكن أبدا الإستغناء عن المرأة في استمرار الحياة على الأرض فالمرأة عنصر ضروري بل هي العنصر الأساس في وجود الإنسان على الأرض، من هنا نفهم التعبير بالأية المباركة: ﴿نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ، ليس المراد بهذا التعبير تصوير المرآة كدجاجة تبيض وتفرخ وإنما المقصود بهذا التعبير أنه لايمكن الإستغناء عن المرأة فإنها هي العنصر الأساس لبقاء الحياة اللإنسانية على كوكب الأرض هذا هو المعنى ب حَرْثٌ لَّكُمْ، والقرآن بهذا بين أهمية وضرورة وجود المرأة لاأنه احتقرها أو أهان كرامتها.

الملاحظة الثانية: تنوع الأهداف القرآنية، نلاحظ بعض الكتاب اقتصر على آية واحده ولم يقرأ مجموع الأيات القرآنية ولو قرأ مجموع الأيات لرأى تنوع الاهداف القرانية، أن القرآن ينص على شراكة المرأة وأنها شريك حقيقي في بناء الحياة والعلاقة العاطفية عندما يقول القرأن الكريم: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً وهذا خطاب لجميع المؤمنين رجالا ونساء وجعل بينهم شراكة حقيقية ولم يقل القرآن خدماً لكم فجعل بينهم شراكة في تبادل العواطف والمشاعر قال تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لُهنَّ، كما أن الرجل زينة للمرأة فالمرأة زينة للرجل قال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ، أي أن حقوق الرجل وحقوق المرأة متساويان فهما شريكان في الحقوق إلا ما استثني للرجل أو استثني للمرأة لبعض الخصوصيات فالقاعدة العامة ترى أنهما شريكان في الحقوق وتبادل العلاقة العاطفية.

الملاحظة الثالثة: إن آبة الضرب ذكرت الضرب كأخر وسيلة للردع عن الخطأ ولم تذكر الضرب وليس كوسيلة لتسخير المرأة لإشباع شهوة الرجل، تبين ذلك أن المرأة عندما ترفض اللقاء الجنسي تراة يكون رفضها بدافع عقلاني وتارة يكون بدافع عداوني، إذا كان رفضها للقاء الجنسي بدافع عقلاني أي أنها مريضة أو متعبة أو أنها في حرج هذا ليش نشوزاً فالعلاقة هي إمرأة معدة نفسياً وجسدياً لتبادل الرجل في القيام بهذا الدور، لذلك لو لم تكن المرأة معدة لمرض جسديا او نفسيا او حرجا عليها فليس رفضها نشوزاً وينبغي للرجل أن يقدر ويدرك ذلك، إذا كان رفضها لداعي عقلاني فلاتستحق عليه الضرب والهجران أما إذا كان رفضها لداعي عدواني وهو الإعراض إنما رفضت للإعراض عن زوجها، الإعراض يعد خطأ جسيماً لأن إعراض المرأة عن الرجل يخلق جواً من الإحتدام والصدام داخل الأسرة المستقرة لذلك الإعراض عن الرجل خطأ والخطأ لابد من علاجه

وقد ذكر القرآن خطوات لعلاج هذا الخطأ:

أولاً: النصيحة ﴿فَعِظُوهُنَّ النصيحة والموعظة فإن لم تجدي هذه الخطوة يصل الأمر الى الخطوة الثانية: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ كوسيلة للردع عن الخطأ فإن لم تجدي هذه الوسيلة تضرب المرأة ولكن ضرب غير مبرح أي ضرباً لا يوجب حتى إحمرار البدن، لأنه ليس المقصود هو الضرب في القرآن هو الضرب وإنما المقصود التعبير والردع والتنبيه على الخطأ وذكر الفقهاء أن المقصود بالضرب هنا هو الضرب غير المبرح الذي لا يوجب دية إذن القرآن لم يذكر الضرب كوسيلة لتسخير المرأة لإشباع شهوة الرجل وإنما ذكر الضرب آخر إسلوب للردع عن الخطأ وإلا لو لم تكن المرأة معرضة عن الرجل لا تضرب، تضرب كأخر وسيلة للردع عن الخطأ، فكما أنت تعتبر ضربها خطأ فإن إعراضها خطأ أيضا وإعراضها يوجب إثارة أجواء الإسرة إذن فبالنتيجة من أجل الردع عن الخطأ وكأخر إسلوب تضرب ضربا غير مبرح، ربما تقول إمرأة في حال الرجل أعرض ما الحل؟ إعراض المرأة عن الرجل أيضا حرام لأنه يدخل أيضا ضمن الإضرار بالمرأة «ولا ضرر ولا ضرار» على مؤمن. إذا اعرض الرجل عنها رفعت أمرها الحاكم الشرعي القرآن يقول: ﴿الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ، بأن يتعامل معها كما يحب أن تتعامل معه أن تكون علاقته معها كما تحب أن تكون علاقة به.

الملاحظة الأخيرة: في قوله تعالى: ﴿وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ، ليس النساء هنا لخصوصية في النساء وإنما ذكر النساء في الآية كناية عن اللقاء الجنسي كما أن قوله تعالى: ﴿أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ هل هناك خصوصية للغائط إنما هو مثال وكناية عن الحدث أو من أحدث سواءً من أحدث بريحٍ أو بولٍ أو غائط فلا خصوصية للغائط كذلك قوله: ﴿أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءلا خصوصية للنساء وإنما هو كناية عن اللقاء الجنسي بين الرجل والمرأة بعقد وإلا فغيره من اللقاءات فهي محرمه، لكن لو حصل هذا اللقاء المحرم فإنه يوجب الغسل قال تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ إذا كلمة أو لامستم النساء مجرد مثال ولاخصوصية للمرأة كي يقال جعلت المرأة في صف الحمامات وهذا إهانة للمرأة فلابد من الانتباه من خصوصيات الآيات القرآنية، إذن القرآن وضع المرآة في موقع الشراكة مع الرجل قال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ ولم يضع المرآة مجرد أداة لإستمتاع الرجل.

المحور الثاني:

هناك مقالة طرحها كثير من المستشرقين من قبل مئات السنين وليست بحديثة وتعرض لها الكثير من المؤلفين، هذه المقالة أن النبي كان إنساناً برجماتياً يعني كان إنساناً مصلحياً كانا لنبي لا يفكر الا في تحقيق أطماعه واشباع شهوته وغريزته ولم يكن إنساناً تضحوياً إجتماعياً والدليل على أنه كان إنسان برجماتياً لايفكر إلا في أطماعه أنه لم يتزوج خديجة لأنها المرأة الكفئ إنما تزوجها طمعاً في أموالها وثروتها كثير من الرجال يتزوج موظفة أو مدرسة ليأخذ أموالها واستغلال ثروة المرأة فلتنتبه المرأة إلى هذه التحايلات، النبي تزوج خديجة طمعاً في أموالها لا أنها المرأة المنسجمة معه وكيف تنسجم معه وهو ابن خمسة وعشرين وهي إبنة اربعين سنة كيف تغذيه عاطفياً وحباً ووداداً وهي تكبره بخمسة عشر سنة إذاً إنما تزوجها طمعاً في أموالها ولم يتزوج عليها في حياتها حتى لا يخسر ثروتها فإنتظر إلى أن تموت ثم أشبع شهوته وغريزته بمختلف الوسائل فتزوج تسع زوجات من أجل إشباع غريزته وتلبيه حاجته الجنسية والعاطفية وإلا فما هو الوجه في تكثر زوجاته «هذه هي المقالة».

نحن نجيب عن هذه المقالة:

أولا: إن الذي طلب الزواج هو خديجة وليس النبي، خديجة اعجبت بالنبي وهل هناك من لا يعجب بالنبي خلقت مبرأ من كل عيب فأجمل منك لم ترى قط عيني وأحسن منك لم تلد النساء كأنك خلقت كما تشاء كان جميلا أمينا صادقا نزيهاً جربته خديجة بنت خويلد بعثته في تجارتها إلى الشام فرأت بركته وأمانته وصدقه ودلائل نبوته فأعجبت به وهي التي أوزعت إلى أبي طالب أن يتقدم النبي لخطبتها من عمها، وتم الأمر فأقبل أبو طالب إلى عمها وقال: الحمدلله رب العالمين الذي أكرمنا بأن جعلنا من زرع إبراهم وذرية إسماعيل وجعلنا الحكام على الناس وسكان بيته المحرم وإن ابن اخي هذا لا يقاس به أحد من قريش إلا ورجح عليه ولا يطارح به أحدٌ إلا وعظم منه وأنه وإن كان قليل المال إلا وأن المال رفدٌ جاري وظل زائل وإنه والله لذو حظ عظيم ودين شائع ورأي كامل كما روي ابن هشام في السير المحمدية وابن عساكر في تاريخه مما يأكد بأن أبا طالب كان مؤمن بشخية النبي من قبل بعثته نبياً فتزوجها النبي فالذي طلب الزاوج هي خديجة وليس النبي .

ثانياً: لو كان زواج النبي من خديجة طمعاً في أموالها فقط لما ظل النبي مغرماً ومتعلقاً وكثير الذكر بخديجة حتى بعد موتها يذكر المؤخون ومنهم الطبري أن النبي كان يذبح الشاة ويهديها صديقات خديجة ويجمع صديقات خديجة على وليمة ليذكرهن بخديجة، إذا قام وجلس يذكر خديجة حتى روى إبن عساكر وابن سعد في طبقاته أن أم المؤمنين عائشة قالت له ما تذكر في عجوز حمراء الشذقين أبدلك الله خيراً منها فقال النبي والله ما أبدلني خيراً منها آمنت بي حين كفر الناس وآوتني حين طردني الناس ورزقني الله منه الولد وحرمتهُ غيرها، النبي أدرك وذكر إعجابه بخديجة، خديجة شخصية الوفاء والتضحية والدعم وهي مصدر النسل الطاهر وأم الأئمة الأطهار والنور ومصدر النور، والقول بأن النبي تزوجها وعمرها اربعين سنة وكانت متزوجة قبله لكن هذا القول غير صحيح يذكر أبو القاسم الكوفي والبلادري في أنساب الأشراف والمحبر لابن حبيب ذكروا أن النبي تزوج خديجة وعمرها ثلاثون سنة كانت في عنفوان شبابها وكانت تكبره بخمس سنوات فقط وهي عذراء بكرا ولم تكن متزوجة قبله وهذا الرحم الطاهر أفهل تتصور أن رحمها الذي ضم نور السيدة الزهراء سيدة نساء العالمين وضم الطهر والعصمة بأن هذا الرحم أن يكون ملوث بنطفة رجلاً مشركاً قبل النبي إن رحمها إنما صار مهداً للطهارة والعصمة ولنور السيد الزهراء لأن رحمها لم يدنس بمطفة مشركاً قبل النبي توجها وعندما نزل قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ قيل يا رسول الله وما الكوثر قال بضعتي فاطمة فإنها مصدر الخير الكثير وأما زينب ورقية الذي تزوجهما الخليفة الثالث عثمان بن عفان فماكن بنات رسول الله ولا بنات خديجة وإنما هن بنات هالة أخت خديجة توفت أمهن وهن صغيرات وفتربين في حجر خديجة والنبي المصطفى ولأنهن كن بمثابة الربائب للنبي لذلك سمين عند الناس بنات رسول الله وإلا فالرسول لم يلد بنت غير فاطمة الزهراء سيد نساء العالمين.

ثالثاً: إذا قرأت تاريخ النبي تجد أن تعدد زوجاته بدوافع إنسانية أو إجتماعية أو تشريعية أو دعوية ولم تكن بدوافع شهوانية ولك من الأمثله، تزوج النبي بسودة بن زمعه بعد وفاة خديجة لماذا؟ لأن زوجها مات في الحبشة وهي إمرأة مؤمنه فدار الأمر إما تبقى في المدينة بلا كفيل أو ترجع إلى مكة فيؤذيها قريش لأنها إمرأة مسلمة فالنبي بدافع إنساني تزوجها مع أنها كبيرة السن حتى لا تبقى في صراع بين إذاء قريش وبين أن تبقى بلا كفالة في المدينة المنورة، تزوج زينب بنت خزيمة زوجت عبدالله ابن جحش لماذا تزوجها؟ زوجها عبدالله كان ثري وزينب في زمان زوجها كانت ملاذ للفقراء والمحتاجين كان بيتها يدخله الفقراء والمحتاجون وينتفعون من ثروة زوجها فلما مات زوجها في المدينة إنكسرت شخصيتها الإجتماعية حيث أنها فقدت الثروة وأصبح بيتها خالياً فسمع الرسول عن حالها فرق قلبه وتزوجها لكي يعيد لها مكانتها الإجتماعية كما كانت في حياة زوجها فعادت كما كانت ملاذ للفقراء والمساكين، زينب بنت جحش لماذا تزوجها؟

كان في الجاهلية عرفاً وهو أن الإنسان يتبنى أحداً من الفقراء لا راعي له ينفق عليه فالنبي تبنى زيد ابن حارثه كان إنسان يتيم وفقير فتبناه النبي لينفق عليه فالمعروف في كل الشرائع من زمن إبراهيم إلى زمن النبي أن الأب لا يتزوج زوجة إبنه فلا يجوز حتى لو طلقها الإبن أن يتزوجها الأب فهذا حرام في جميع الشرائع، الجاهلية كانت ترى الإبن بالتبني مثل الإبن الحقيقي أي انه اذا ابنك بالتبني طلق زوجته لايجوز للأب ان يتزوجها، زيد ابن حارثه كان ابن النبي بالتبني ولم يكن إبنا حقيقيا وكان زوجاً لزينب بنت جحش حصل بينهما خلاف فطلقها زيد فلما طلقها زيد قام النبي وتزوجها لماذا؟ لكي يعلم الأمة بأن الإبن بالتبني يختلف عن الإبن الحقيقي «الإبن الحقيقي لا يتزوج زوجته أما الإبن بالتبني فيجوز ان يتزوج منها» وهذا ما أشار إليه القرآن﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ وهذا الفعل كان بدافع تشريعي ولم يكن بدافع شهواني، مثلاً: النبي تزوج بجويرية بنت الحارث لماذا؟

النبي كما ذكر بأنه كان سياسي حتى لو قطعنا النظر عن النبوة والغيب هو كان إنسان سياسي ومحنك فالنبي أدرك أن إقامة دولة لا يمكن الا بعقد تحالفات مع العرب والقبائل العربية فعقد عدة تحالفات معهم حتى تستقر الدولة الإسلامية ومن أهم التحالفات عند العرب المصاهرة فإذا تزوج منهم لابد لهم أن ينصروه ويحموه فكانت من اهم التحالفات، فصاهر النبي عدة قبائل حتى تكون هذه القبائل عضدٌ له في إقامة الدعوة الإسلامية ومنهم جويرية بنت الحارث، فالحارث سيد قبيلة بن المستلق التي اصطدم معه المسلمون وانتصر المسلمون على القبيلة فأسروا مائتين رجل من قبيلة بني المستلق وأتوهم إلى النبي ، فالنبي لكي يحقق نوعا من التوازن قام تزوج جويرية بنت الحارث فلما تزوج جويرية قال المسلمون كيف نأسر أصهار رسول الله ففكوا أسرهم فلما فكوا أسرهم قامت القبيلة كلها وآمنت بدعوته إكرما للجميل الذي صنعه معهم النبي فصار زوجه سبباً في إيمان الناس بدعوته ونزع النزعات الطائفيه والقبلية من ابناء مجتمعه.

إذن ماكان تعدد زوجاته لدوافع شهوية ولا غريزية وإنما كان لدوافع إنسانية وإجتماعية ورسالية لذلك هذه المقالة أن النبي كانت برجماتياً وغريزياً بعيدة تماماً عن خط النبي ولو كان النبي برجماتياً لعاش مع زوجاته خير عيشة لأن الأموال كانت بديه وهو الملك والرئيس لمتع زوجاته بتلك الثروات مع أن النبي عاش مع زوجاته معيشة الزهد والتقشف والبعد عن الدنيا حتى أن بعش أزواجه شكلوا حلف معارضة للنبي فيوم من الأيام اجتمعوا، فدخلوا عليه في حلف معارضة فوق رأسه فهذا يبين أن النبي كان طيباً وكثير الحنان والعطف والرأفة على زوجاته، فقلنا يا رسول الله أنت تهب العرب شرقاً وغرباً من الغنائم وتتركنا ونحن زوجاتك فنحن أولى هبنا من الغنائم القلائد الذهب والفضة حتى نستمتع بالحياة فنزل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً﴿28 وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً، فلا تجتمع حياة النبوة مع الحياة المرفهة والمتعالية وليس عيباً أن النبي يحب المرأة أو أن يحن على المرأة بل هذا كمالٌ في شخصيته أن النبي جمع بين الرقة البشرية والإرادة السماوية جمع بين القيادة الحازمة الصلبة والرقة العاطفية.

المحور الثالث:

زوجة الرسالي هل هي رسالية؟ وما معنى زوجة الرسالي؟ هناك إمرأة زوجها متفرغ لها عمله ست ساعات يرجع إلى البيت فيحن عليها ويعطف عليها ويقيم معها علاقة حميمة وهناك إمرأة زوجها مشغول عنها كالطبيب مشغول دائماً بالمرضى فإذا رجع إلى البيت قلبه أيضا مشغول أو زوجها رجل دين مشغول بخدمة المجتمع، فالمرأة التي يكون زوجها مشغول عنها هي زوجة إنسان رسالي يحمل رسالة إجتماعية على عاتقه، فهل زوجة الرسالي رسالية أيضاً؟ زوجة اللإنسان الرسالي تعيش صراعا حادا بين الحياة المرفهة وبين رسالية زوجها زوجة الرسالي إذا قارنت نفسها بالنساء الآخريات تجد أن النساء الإخريات يتمتعن بحياة عاطفية وعلاقة زوجية وافرة وحميمة بينما هي زوجها مشغول عنها تعيش جفاف عاطفيا، زوجة الإنسان الرسالي تعيش أزمة حادة وصراعاً نفسياً لماذا لأنها تشعر بالنقص في الحياة العاطفية بإعتبار أن زوجها ليس متفرغاً لها وتعيش أعباء الأسرة وحدها لأن التربية ستكون على عاتق الزوجة وهنا هذه المرأة تعيش من جهة نقصاً عاطفياً ومادياً ومن جهة آخرى هي ناهضة وحده بأعباء الأسرة وهذه مشكلة في زوجات الإطباء ورجال الدين مشكلة موجوده في مجتمعاتنا، من هنا تتصور زوجة الإنسان الرسالي بأن زوجها إنسان أناني ويستغلها من تحقيق طموحاته وأهدافه فتتسأل هذه الزوجة هل رسالة الزوج أهم مني؟ هل لأجل رسالة وطموحات الزوج أضحي أنا بحياتي العطفية والمادية من أجل الزوج ورسالته.

هنا لابد لنا من ذكر بعض التعليقات:

أولاً: أن المرأة زوجة الإنسان الرسالي هي رسالية أيضاً وإن لم تلتفت إلى ذلك أيضاً وشركية لزوجها في رسالته وبناء الحياة والحضارة وخدمة المجتمع وهي شريكة له في كل ثواب وأجر يحصل عليه زوجها لأجل خدمته الإجتماعية فقديماً قال الجاحظ في ايام هارون الرشيد ”وراء كل عظيماً إمرأة“ أي أن الإنسان الرسالي الذي يخدم المجتمع لو أنه ليس ورأه أمرأة تدعمه بحنانها وعطفها وتوفر له أجواء الراحة لما إستطاع أن يحقق رسالته وطموحاته وخدمة المجتمع، فوقفت أسماء على النبي محمد فقالت يا رسول الله: إنا قواعد بيوتكم وكفيلات أبنائكم وملقى لذاتكم وشهواتكم وإن الرجال فضلوا علينا بالجمع والجهاد فهل لنا نصيب من الأجر فقال النبي لأصحابه هل سمعتم كلاماً أبلغ وأحسن مما قالته هذه المرأة قالوا: لا، فقال النبي: يا أسماء أبلغي النساء بعدكِ أن جهاد المرأة حسن التبعل وأن لها ما للمجاهد في سبيل الله من الأجر".

أي أن تحسن الراحة للزوج ليس معنى الجهاد أن تكون المرأة مثقفة أو في قمة الآدب فهذا شي كمالي وليس هذا هو الجهاد بل الجهاد أن تكون المرأة عضدً لزوجها وتغدق زوجها بحنانها ورأفتها. وهي ليست خاصة بالمرأة احيانا يكون الرجل متزوج طبيبة هل هذا ظلم للرجل؟ لا، كما أن الرجل إذا كانت زوجته طبيبة أو مدرس فهو يعيش فراغاً عاطفياً فماذا يصنع؟ عليه أن يتحمل كما على المرأة ان تتحمل إذا كان زوجها مشغولاً فكذلك الرجل عليه أن يضحي إذا كانت زوجته طبيبة أو مسؤولة في مهمة إجتماعية كبيرة. فالمجتمع يحتاج إلى أطباء وطبيبات ويحتاج إلى مسؤلين إجتماعيين من الرجال والنساء، فعلى الزوج أن يضحي كما تضحي زوجته من أجل رسالته الإجتماعية لا فرق بين الأمرين.

ثانياً: نقرأ من صفحات التاريخ، التاريخ المضيء بزوجة الرسالي، إذا قرأنا تاريخ الإسلام وجدنا أن زوجة الرسالي كانت رسالية بكل المثل والمعاني وصور التضحية والفداء كخديجة بنت خويلد كانت زوجة للرسالي ورسالية ضحت بأموالها ومكانتها في قريش وهجرنها نساء قريش لأنها آمنت بالنبي لكنها ظلت صلبة راسخة قوية الإرادة والعزيمة لأنها امرأة إرسالية، وَ فاطمة الزهراء سلام الله عليها التي ضحت بضلوعها وصدرها وجسدها في سبيل الدفاع عن رسالة زوجها وعن منصب الإمامة لزجها أمير المؤمنين ، وأم البنين الأربعة فاطمة بنت حزام الكلابية هذه المرأة الرسالة كيف ضحت بالدنيا بأسرها وأفلاذ كبدها بأولادها الأربعة الشبان في سبيل المبادئ والقيم تزوجها الإمام أمير المؤمنين وبعد سنة من زوجها جاء البشير قال جيء لك بمولود من أم البنين أقبل الإمام علي فقال: أين إبني، أتي به قال سميته عباساً فأخذه وهو ملفوف بالقماط وكان ذلك الطفل يحرك يديه داخل القماط ففتح الإمام القماط أخرج الطفل يديه وصار يلعب بهما يميناً وشمالاً فقام الإمام يقلب كفيي ولده وَ يبكي فقالت له أم البنين أبا الحسن قطعت قلبي مالي أراك تقلب كفي ولدي وتبكي قال لها يا أم البنين ذكرت ما يجري عليه، قالت ماذا يجري عليه أقرحت قلبي، قال لها يا فاطمة كأني بهذه الكفين قد قطعتا وكأني بهذا الرأس مفضوخ بعمداً من حديد، قالت لماذا هذا؟ قال هذا فداء لولدي الحسين، فسجدت لله شكرا، قالت الحمدلله الذي جعل لودي فداء لولدفاطمة الزهراء فأصبحت تنتظر ذلك اليوم يوم الجهاد والتضحية.