أدب الاختلاف

شبكة المنير

بسم الله الرحم الرحيم

﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ

حديثنا عن ظاهرة الاختلاف وذلك في المحاور ثلاث:

  1. في ضرورة الاختلاف.
  2. منشأ الاختلاف
  3. أدب الاختلاف.

المحور الأول في ضرورة الاختلاف:

هناك مقالة في علم الاجتماع الاختلاف في الطاقات يؤدي إلى الاستخدام الاجتماعي ولاختلاف القانون.

بيان ذلك: لاشك أن البشر يختلفون في الطاقات، فطاقتهمالفكرية متفاوتة وطاقتهم البدنية متفاوتة وطاقتهم النفسية متفاوتة اختلاف الطاقات أدى إلى أن يستخدموا بعضهم بعضاً القران الكريم أكد على اختلاف الطاقات في قولهِ تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ.

وأكد على أن هذا الاختلاف إي اختلاف الطاقات يؤدي إلى أمرين:

الأمر الأول: الاستخدام أن يستخدم البعض البعض الآخر مثلاً: إذا أردنا أنشاء مشروع تجاري أو مشروع عمراني نستخدم عدة طاقات نستخدم طاقة رأس المال من يملك رأس مال نستخدم أمواله نستخدم طاقة المهندس في التخطيط نستخدم طاقة الأيدي العاملة في حركة المشروع فالمشروع لا يقوم ألا على استخدام الطاقات أذا اختلاف الطاقات أدى إلى روح الاستخدام أن يستخدم البعض البعض الآخر.

وهذا ما أكده القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَسخريا: يعني يستخدمه

والأمر الآخر: أن اختلاف الطاقات أدى إلى الاختلاف القانوني كما ذكرناه في الليالي السابقة.

هناك رئيس وهناك شعوب مرؤوس وقع الاختلاف بين المجتمع ما هي حقوق الرئيس وما هي حقوق الشعب. هناك عامل وهناك مالك ما هي حقوق العامل وما هي حقوق المالك، وهناك منتج وهناك موزع ما هي حقوق كلا منهما إذاً اختلاف الطاقات فرض الاختلاف القانوني في الحقوق والصلاحيات فاختلاف المجتمع في الحدود حدود الحقوق والصلاحيات. هذا الاختلاف القانوني الذي يحدث بين أبناء المجتمع ما هي صلاحية الرئيس؟ وما هي حقوق الشعب؟ وما هي حقوق المنتج؟ وما هي حقوق الموزعين؟ هذا الاختلاف القانوني بأي وسيلة يرفع؟؟! هناك نظامان:

  1. نظام أرضي.
  2. نظام سماوي كل نظام تكفل رفع الاختلاف.

النظام الأرضي: سواء كان رأس مالي أو كان نظام اشتراكي أو كان نظام شيوعي فهذا القانونالوضعي الأرضي يعتمد على ركيزتين «قانون، وقيم» هناك قانون يحدد لكل حقوقه ولصلاحياته وحدود حريته ووراء القانون قيم مثلاً: أن المجتمعات الغربية ليست فارغة من القيم لا قامت على ركيزتين «قانون وقيم» عندها قانون يحدد الحقوق والصلاحيات وعندهما قيم أيضاً قيمة المحافظة على البيئة، قيمة احترام الآخرين، قيمة الالتزام بالنظام احترام الطرف الآخر إذا زرت مجتمع غربياً سوف تجد هذه القيم شائعة وواضحة المحافظة على البيئة الالتزام بالنظام احترام الطرف الآخر في فكره في ممارساته في سلوكه وطقوسه هذه المجتمعات مع أنها لا تؤمن بالنظام السماوي فهي تؤمن بالنظام الأرضي ولكن النظام الأرضي قائم على ركيزتين «قانون، وقيم».

النظام السماوي: الذي نزل على الأنبياء والرسل أضاف إلى النظام الأرضي ركيزة ثالثة النظام السماوي جاء بقانون مبني على المصالح والمفاسد العامة وجاء بقيم ولكن «بإضافة ركيزة ثالثة لم يضفها النظام الأرضي وهي «الركيزة الإيمانية». لماذا أضاف الركيزة الإيمانية؟؟!

النظام السماوي يقوللا يكفي القانون والقيم في رفع الظلم قد يحصل لا يمكننا أن نقتلع الظلم من جذوره إلا إذا أضفنا ركيزة ثالثة غير القانون غير القيم ألا وهي الركيزة الإيمانية. كيف؟؟ هذا المجتمع فيه صنفان صنف قوي وصنف ضعيف.

هذا الصنف القوي الذي يمتلك ثروة ويمتلك قوة عسكرية ريما أحياناً يظلم يتجاوز القانون ويضرب بها عرض الحائط ويتجاوز القيم ولا يبالي بها فيستغل ثروة الآخرين ويسلبها لماذا؟ أنه يشعر بأنه قوي ولا أحد يحاسبه قال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى*أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى.

ما لذي يردعه عن الظلم لا قانون ردعه ولا القيم ردعتهُ لو كان يؤمن بالآخرة لو كان يمتلك ركيزة ثالثة إلا وهي الركيزة الإيمانية لكانت هذه الركيزة ردعته عن الظلم إذا نحن محتاجين لركيزة الثالثة، الإيمان بأن هذه الحياة لا تنتهي بهذه الحياة التي نعيشها أن هناك حياة أطوال منها بملاين السنين قال تعالى: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى*وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىالإيمان بذلك يشكل رادعاً داخليا عن الظلم ويشكل دافعاً داخلياً نحو العدل.

إذاً النظام السماوي يقول حتى يرفع الظلم ونقتلعه من جذوره لا تكتفي بركيزتين وهما: القانون والقيم كما اكتفي بمها النظام الأرضي بل لابد من أضافه ركيزة ثالثة إلا وهي الركيزة الإيمانية أي الأيمان بالآخرة الأيمان بالحياة الآخرة هذا هو تميز النظام السماوي على النظام الأرضي في رفع الاختلاف.

المحور الثاني منشأ الاختلاف:

عندما نراجع القران الكريم نجد أن القرآن يقسم الاختلاف إلى قسمين:

  1. اختلاف الاجتماعي
  2. اختلاف ديني

اختلاف الاجتماعي: وهو الذي تم شرحه اختلاف الناس في حقوق الرئيس، حقوق الشعب، حقوق العامل حقوق المالك، هذا الاختلاف الاجتماعي، هذا الاختلاف الاجتماعي تكفل الدين برفعه وهناك قسم من الاختلاف أشد وهو الاختلاف في الدين نفسه وقد ذكرت الآيات القرآنية الاختلاف في الدين أكثر من ذكرها الاختلاف الاجتماعي.

مثلاً: قال تعالى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ، فما اختلفوا فيه تشير إلى «الاختلاف الاجتماعي» ثم تقول الآية﴿وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِأوتوه: أبناء الدين هم الدين اختلفوا في الدين

هنا اختلاف ثاني غير الاختلاف الأول وهو «الاختلاف فالدين»، أذا هناك نوعين من الاختلاف.

الآية الأخرى تقول: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَيعني ملة واحدة ”يعني شريعة واحدة“ لو شاء الله لجعل الناس كلهم في شريعة واحدة لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين «يعني مختلفين في الدين» إلا من رحم ربك.

هناك جماعة محرمون لا يختلفون في الدين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم يعني لأجل خلقهم من أجل الرحمة خلقهم من هؤلاء المرحومون الذين لا يخالفون في الدين هم الذين قال عنهم تبارك وتعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِأنتم الأنبياء أنتم الأمة المرحومة أنتم الجماعة المرحومة الذين لا يتفرقون في الدين وما وصيني به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه وقال تبارك وتعالى: ﴿فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةًإذا هناك اختلاف في الدين وهذا واقع وأنت ترى أديان متعددة أليس كذلك ووترى مذاهب متعددة في دين واحد شافعية وحنبلية ومالكية وحنفية وجعفرية وزيديه وسماعية... الخ.

بل المذهب الواحد يختلف إلى اتجاهات متعددة ومرجعيات دينية مختلفة بل أتباع المرجع الواحد أحياناً يختلفون إلى مذاهب واتجاهات شتى أذاً الاختلاف في الدين واقع. هنا سؤال مهم سؤال علمي والبحث بحث علمي، ما هو منشأ الاختلاف في الدين هل هو عامل داخلي أو هو عامل خارجي؟؟

بعض الباحثين العلمانيين كتبوا أن منشأ الاختلاف في الدين هو الدين يعني العامل عامل داخلي منشأ الاختلاف في الدين نفسه الدين نفسه هو الذي جعل أبناه يختلفون فيه لماذا؟

لان الدين نفسه طرح أفكاره ومعتقداته على أنها حقيقة مطلقة الدين يؤمن بالحقيقة المطلقة ويرفض الحقيقة النسبية يقول الحقيقة دائماً مطلقة لان الدين يرفض الحقيقة النسبية ويتبنى الحقيقة المطلقة هذا منشأ الاختلاف بين أبناء الدين نفسه كيف؟!

إذ الدين يقول عصمة النبي حقيقة مطلقة لا وجد فيها شك ولا كلام، حرمة الربا حقيقة مطلقة لا وجد فيها نقاش كلها حقيقة مطلقة.

أبناء الدين كلاً يدعي أنه صاحب الحقيقة المطلقة السني يقول أنا صاحب الحقيقة المطلقة وأنا أرى أن الخلافة بالشورى لا بالنص، والشيعي يقول عندي الحقيقة المطلقة وهي أن الخلافة بالنص لا بالشورى أبناء المذاهب الواحد كلاً يدعي أن لديه الحقيقية المطلقة دون غيره.

أن الشيخ الصدوق «عليه الرحمة» يقول: أن أول الغلو نفي السهو عن النبي يعني أنت تقول معصوم عن السهو أنت مغالي!! كيف؟ بينما العلماء الآخرون يقولون لا أصلا النبي معصوم عصمة مطلقة عن السهو والنسيان والعصيان والخطاء والزلل وهذه حقيقية لا تقبل الريب إذا مع من الحقيقة المطلقة؟

الدين عندما طرح فكره على أنه حقيقية مطلقة أوجده الخلافة بين أبناءه حين ادعى كل واحد من أبناءه أن الحقيقة المطلقة لديه. لو قبل الدين الحقيقة النسبية لم يحصل اختلاف السني على خير والشيعي على خير، إذ قلنا الحقيقة نسبية فالسني على خير وصواب والشيعي على خير وصواب هذا أصاب جزء من الحقيقة وهذا أصاب جزء أخر من الحقيقة.

إذ قلنا بأن الحقيقة النسبية أبناء المذهب الواحد إذا اختلفوا كلهم على خير وصواب لان كل واحد منهم أصاب جزء من الحقيقة إذاً لو قلنا بالحقيقة المطلقة قام الاختلاف بينما لو قلنا بأن الحقيقة نسبية وليس مطلقة قضينا على الاختلاف فمنشأ الاختلاف هو الدين نفسه الذي طرح أفكاره على أنها حقيقة مطلقة.

نحن نعلق على هذا الكلام:

الذي يقول بأن الحقيقة نسبية هناك معاني أربعة للنسبية الحقيقة:

  1. النسبية الواقعية
  2. النسبية الكيفية
  3. النسبية الإدراكية
  4. النسبية الاحتمالية

أنت الذي تقول بأن الحقيقة نسبية حدد لنا المعنى الذي تقصده من نسبة الحقيقة.

النسبية الواقعية: يعني أن الواقع أمر نسبي وليس أمراً مطلقاً الواقع الخارجي أمرا نسبياً وليس أمراً مطلقاً

نحن ماذا نعلق: نقول أن الأمور على قسمين:

  1. أمور واقعية
  2. أمور تنظيمية.

الأمور الواقعية: لا تكون نسبية دائماً مطلقه مثلاً: كروية الأرض أمر واقعي عند الكل، أو أن الأرض

تتحرك الأمور الواقعية لا تكون نسبية الأمور الواقعية دائماً على كيفية واحدة.

الأمور التنظيمية: هي نسبية نعم لماذا؟ لأنه الأمور التنظيمية من مخترعات العقل البشري وليس ليها وجود في الخارج مثال: نظام المرور هذا أمر نسبي لأنه من الأمور التنظيمية وليس من الأمور الواقعية نظام المرور في بريطانيا يختلف عن نظام المرور في أمريكا، ونظام الحكم في المملكة يختلف عن نظام الحكم في بريطانيا وهكذا... هذه أمور تنظيمية.

الأمور التنظيمية لا واقع لها بل هي من مخترعات العقل البشري يخترعها العقل من أجل تدبير شؤون المجتمع لذلك تختلف باختلاف المجتمعات هذه تسمى أمور نسبية.

إذا أنت عندما تقول بالنسبية الواقعية لازم تلتفت أن الأمور على قسمين أمور واقعية لا نسبية فيها وأمور تنظيمية نعم الأمور التنظيمية نسبية لأنه لا واقع لها بل هي من مخترعات العقل البشري من أجل تنظيم وتدبير شؤون المجتمع لابد من أن نفرق بين الأمرين. الفكر الديني: من الأمور الواقعية حتى لا تصبح نسبيه؟ أم من الأمور التنظيمية حتى لا تصبح نسبية؟

الفكر الديني يقول الله موجود الله موجود هل من الأمور الواقعية أو من الأمور التنظيمية؟ النبي منصوص الإمام معصوم الأئمة أثنى عشر... الخ، هذه كلها أمور واقعية وليس أمور تنظيمية بما أنها من الأمور الواقعية فليست نسبية لأنها ليست أمور تنظيمية.

النسبية الكيفية: يقول أصحاب النسبية الكيفية لا يوجد شي ثابت كل شي في الكون متحرك قانون الوجود هو «قانون التغير» لا يوجد شي ثابت القمر يتحرك، الأرض تتحرك، الشمس تتحرك البذرة تتحرك فتصبح شجرة الإنسان يتحرك من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى جسم إلى إنسان كامل لا يوجد شي في الكون ثابت كل شيئاً متغير ومتحرك. «هذا معنى النسبية» النسبية: يعني ليس الوجود ثابتاً واقفاً بل الوجود متغيراً ومتحرك. «هذا معنى النسبية الكيفية».

هنا أيضاً نعلق:

ذكرنا في الاعوام الماضية هناك فرق بين القانون والظاهرة فالمتغير هو الظاهرة وليس القانون، مثال: نأخذ ماء ونضعه على النار هذا الماء بارد وبعد وضعه على النار أصبح حار وبعدين أشد حرارة وصل إلى درجة الغليان مالذي اللي تغير؟ الظاهرة تغيرت كان الماء بارداً أصبح حاراً أصبح يغلي الظاهرة تغيرت.

أما القانون ما هو القانون؟

القانون يقول: إذا بلغت درجة حرارة الماء «100» فإنه يغلي هل هذا القانون يتغير؟ لو أحد جاء يقول لك القانون بعد تغير؟ كل شي في الكون يتغير أول أمس إذا بلغت «100» يغلي اليوم إذا وصلت «150» يغلي! لا معنى له هذا الكلام.

الذي يتغير الظاهرة، كان الماء بارداً تغير أصبح يغلي الظاهرة تغيرت أما القانون ورأى الظاهرة ثابت لا يتغير فأنت تقول الحقيقة نسبيه يعني الأشياء ثابتة يعني الأشياء كلها تتغير؟ لاليس كل ما في الوجود متغير المتغير من الوجود هو الظواهر وليس المتغير من الوجود الأنظمة.

مثال: قانون الجاذبية يتغير؟ قانون الجاذبية لا يتغير القوانين الذي تتحكم في مسيرة الكون لا تتغير الذي يتغير الظواهر لذلك نقول النظام الديني جزء منه ثابت لا يتغير الذي يتغير وهو ما كان منط بالمصالح العامة والمفاسد العامة﴿َأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَالا يتغير هذا منوط بمصالح عامة.

أما الأنظمة الولائية: يعني الأنظمة المنوطه بالفقيه المنوطه بولي الأمر.

له أن يطبقها وله أن لا يطبقها الفقيه يقدر يأخذ ضريبة على الشعب ويقدر يرفع الضريبة عن الشعب، هذا يسمى «نظام ولائي» مرتبط بولاية الفقيه. ليس قانوناً ثابتاً نحن أيضاً نعترف ونقول الأنظمة في الإسلام على قسمين:

قسم ثابت: وهو ما كان منوطا بالمصالح العامة.

وقسم متغير: وهو ما كان متغير منوطا بولاية الفقيه بولاية ولي الآمر.

النسبية الإدراكية: معنى النسبية الإدراكية: أن البشر يختلفون في الإدراك لاختلاف في درجة الإحساس والذكاء.

مثال: الآن ونحن جالسين مر علينا حيوان يطير في الفضاء كلنا نظرنا إليه أحدنا قال رأيت طيراً والآخر يقول بل رأيت صقراً «يعني أقوى منى بصراً» الثالث قال رأيتُ صقراً أبقع اللون، الرابع قال رأيت صقراً أبقع اللون من الفصيلة اليمنية وليس الفصيلة الحجازية صح أو لا؟ البشر يختلفون في الإدراك نتيجة لاختلافهم في قوة البصر هذا يسمى «نسبية أدركيه»

«هو الطير واحد ما يتغير ولكننا اختلفنا في إدراكنا له نتيجة لاختلاف درجة البصر عندنا» «هذه نسبية أدركيه».

مثال أخر: الآن أنا أصعد المنبر عندما أطرح الأفكار هناك من يستوعب الكلام 100%، وهناك من يستوعب الكلام 80%، وهناك من يستوعبه 50% «هذه يسمى نسبية أدركيه» نتيجة لاختلاف قدرة الاستيعاب من شخص إلى أخر إذاً النسبية الإدراكية أمر صحيح ولا كلام فيه وهذا منشأ لاختلاف الفقهاء؟ لماذا الفقهاء يختلفون في الأحكام؟

هذا فقيه يقول عصر العنب نجس وأخر يقول طاهر هذا الفقيه يقول مثلاً: من عمله في السفر يتم وأخر يقصر لماذا؟ لماذا الفقهاء يختلفون؟ هذا نتيجة النسبية الإدراكية اختلاف الطاقات الذهنية تقتضي اختلافهم في الاستنباط كما أن الأطباء يتفاوتون كذلك الفقهاء يتفاوتون.

نحن نقول جرت السيرة العقلائيه على الرجوع إلى الأعلم لماذا نقول يجب تقليد الأعلم؟ السيرة العقلائيه قائمة في الرجوع إلى الأعلم لماذا؟ تماماً مثل الأطباء لو كان لدى إنسان مرض وعرض نفسه على طبيبين فختلف الطبيبين في تشخيص المرض ونتيجة لذلك اختلفوا في تحديد الدواء أحدهما ماهر والآخر أكثر مهارة من الأول إلى أيهما يرجع العقلاء؟ العقلاء يرجعون إلى الطبيب الأكثر مهارة لأنه مضمون نفس الشيء في الفقه تماماً إذا اختلف الفقهاء فهناك فقيه ماهر وهناك فقيه أكثر مهارة بمعنى أن يمتلك طاقة ذهنية نتيجة لامتلاكه طاقة ذهنية اقوي وخبرتاً أكثر تكون أدواته في الاستنباط أكثر وثوقاً وأكثر أطمأننا لذلك كما يرجع العقلاء إلى الأعلم في محال الطب يرجعون إلى الأعلم في مجال الفقه أيضاً إذاً النسبية الإدراكية منشأ إلى الاختلاف في الدين أمر مسلم.

النسبية الاحتمالية:

معناها: إنك أذا طرحت فكرتك لا تقول بأن فكرتك صحيحة 100% ضع فيها نسبة احتمال الخطاء أفترض دائما أن فكرتك خاطئة لو بنسبة 1% هذه تسمي بالنسبية الاحتمالية.

ينقل عن الإمام الشافعي أنه كان يقول: كلامي صواباً يحتمل الخطأ وكلام غيري خطأ يحتمل الصواب.

الدين الإسلامي لا يرفض النسبية الاحتمالية لكن يقول المعتقدات على قسمين:

  1. هناك معتقدات ضرورية فلا مجال للاحتمال الخطأ فيها
  2. هناك معتقدات نظرية فيمكن احتمال الخطاء فيها.

أمثله: وجود الله عصمة النبي ، إمامة الإمام، عصمة الإمام هذه المعتقدات أفكار متواترة بين المسلمين جيلاً بعد جيل فهي ضرورية لا مجال لاحتمال الخطأ فيها لا توجد فيها نسبة احتمالية مثلها مثل كروية الأرض، حركة الأرض لا يوجد أحد يحتمل الخطأ فيها هذه صارت أفكار ضرورية لا تقبل النسبية الاحتمالية. وهناك أفكار نظرية: أفترض الرجعة هل الأئمة يرجعون إلى الدنيا قبل يوم القيامة أم لا؟

هذه الفكرة لا زالت نظرية وليس ضرورية نسبة احتمال الخطاء موجودة فيها فنحن نقبل النسبية الاحتمالية في قسم النظريات ولا نقبلها في قسم الضروريات. بعدما تعرضنا إلى المعاني الأربعة للنسبية وصلنا إلى نتيجة ما هي النتيجة؟

النتيجة:

1 - أن من يقول بأن منشأ الاختلاف في الدين هو الدين نفسه لأنه رفض نظيرة النسبية الحقيقة نعلق عليه:

نقول لا النسبية لها معاني أربعة بعضها يقبله الدين وبعضه يرفضها الدين فلا مجال لإطلاق هذا الكلام وهو أن الدين يرفض الحقيقة النسبية ويقول بالحقيقة المطلقة ولذلك أصبح منشأ لاختلاف بين أبناءه لا هذا الكلام لا يؤخذ على أطلاقه.

2 - السبب الثاني في الاختلاف الدين هو عامل خارجي بسبب البغي يعني الظلم القرآن الكريم يصرح بهذا

قال تعالى: ﴿فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْأحياناً حملة الدين يختلفون في الدين بدافع البغي، أحياناً أبناء الدين يختلفون في الدين بدافع البغي، علماء اليهود اختلفوا بدافع الغي، علماء النصارى اختلفوا بدافع البغي، أحياناً تجد بعض المؤمنين يختلفون بدافع البغي يعني البغي هو الظلم أنا أختلف مع فلان لا لأنه كلامه باطل بل لآجل إسقاطه من أعين الناس هذا ظلم اذا يندرج تحت قوله تعالى: ﴿فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ.

المحور الثالث إلا وهو الحديث عن أدب الاختلاف:

الاختلاف في الدين واقع أديان كثيرة ومذاهب كثيرة وأبناء المذهب الواحد كثير والمرجعيات كثيرة واتجاهات كثيرة الاختلاف في الدين لا يمكن إنكاره فلاختلاف في الدين ليس في حد ذاته مشكله بل أن المشكلة إذا تحول الاختلاف إلى خلاف شخصي تترتب عليه مفاسد:

1 - مفسد الأول: تفتت المجتمع حتى الأسرة الواحدة تتفتت فلان يقلد فلان، أخوه يقلد الثاني يقام بينهما نزاع!

الاختلاف لا مانع منع قلد من تطمئن ألا انه جامع لشرائط ولكن لا يكن الاختلاف خلاف عندما يتحول إلى اختلاف تفكك الأسرة الواحدة يتفكك المجتمع الواحد وإذا تفكك المجتمع فقد قوته فقده كيانه واستطاع أي عدواً أن يخترق هذا المتجمع ويتلاعب كما شاء ولذلك أكد القرآن على نبد هذا الاختلاف ﴿لاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ، ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ، فليستفيد المسلمين من حكمة أخواننا في لبنان أخواننا الشيعة في لبنان ينتمون إلى مرجعيات متعددة ولكن قادة الشيعة في لبنان بلغ بهم النضج السياسي والحكمة والحنكة السياسية أن تجاوزوا هذه الاختلافات واعتبروها اختلافات فكرية واعتبروها اختلافات نظرية ووحدوا كلمتهم ووحدوا صفهم فأصبحوا قوة ينظر إليها بعين الإجلال والاحترام ونتمنى أن يستفيدوا أخواننا العراق من هذه التجربة وأن تكون كلمتهم كلمة واحدة وكيان واحداً ينظر إليه بعين الاحترام وبعين الإجلال. إذا تحول الاختلاف إلى خلاف ترتبت عليه مفسد «مفسدة التفكك كما ذكرنا».

2 - المفسدة الآخرة: ضمور الطاقات لا يمكن أن تبدع طاقة في مجتمع مختلف أبداً المجتمع الذي يعيش خلافات شخصية لا تبرز فيه طاقات لآن إي طاقة تبرز سيقضي عليها الاختلاف إي طاقة تبرز ستنشغل بالدفاع عن نفسها، ستنشغل بالدفاع عن حريمها، ستنشغل عن الإبداع والعطاء بدافع عند نفسها وحريمها مصير المجتمع المختلف إلى مجتمع لا طاقة فيه ولا أبداع فيه.

3 - أذا تحول الاختلاف إلى خلاف ترتبت علية مفسدة ثالثه وهي «مفسدة سيطرة العقل الواحد والفكر الواحد» طبيعي إذا اختلف المجتمع راح فكر ينتصر على فكر آخر يتغلب عليه فإذا ما سمحنا بالاختلاف فحين أذاً سوف تعيش المجتمعات كلها تحت سيطرة شخص واحد ومزاج واحد وفكر واحد وهذا لا يؤدي إلى نضج المسيرة الفكرية الدينية.

إذا من أجل تكامل مسيرة الفكر الديني لابد من فتح باب الاختلاف في القضايا التي هي محل بحثاً وتأملاُ حتى تتكامل مسيرة البحث.

أدب الاختلاف بالاختلاف حتى لا يتحول إلى خلاف لابد أن نتعامل معه بأدب لابد أن نتعامل بخلق مهذب.

ما هو أدب الاختلاف؟

أدب الاختلاف يرتكز على 3 ركائز:

  1. حقوق الأخوة.
  2. الميزان العلمي.
  3. الصيانة الاجتماعية.

حقوق الأخوة:

أنا إذا اختلفت معك في التقليد وفي الفكر الست أخي؟ فأنت أخي؟

كلنا نندرج تحت حقيقة واحدة محمد وآل محمد، فمقتضى الأخوة أن هناك حقوق وهي احترام الآخر قال تعالى ﴿لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ، وعدم سوء الظن بالآخر قال تعلى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ومن حقوق الأخوة عدم الغيبة قال تعالىَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ ومن حقوق الأخوة عدم تتبع العثرات مع الأسف أنا أذا اختلفت معك أعتبرك عدواً لذوداً!! فا أتتبع عثراتك وأتصيد الكلمات إلى أن أجمع ملفاً كامل ضدك للتشهير بك ولإسقاطك هذا التتبع العثرات ليس من دأب المؤمنين ورده عن النبي محمد : ”من تتبع عورة أخيه المؤمن تتبع الله عورته حتى يفضحه ولو في بيته“.

الميزان العلمي:

فلنختلف فلنتحاور فلنتناقش ولكن ليكون اختلافنا اختلاف علمياً ولاختلاف العلمي يحتاج إلى ميزان علمي والميزان العلمي يعتمد على عناصر:

العنصر الأول الخبرة بالمادة:

مثلاً: إذا السيد منير طرح فكره فلسفية وأنت تريد تناقشه لا بد أن تكون عندك خبره بالفلسفة حتى تناقشه، فلان طرح فكرة في الفقه وأنت تريد أن تناقشه لابد أن تكون لديك خبرة في الفقه حتى تناقشه الميزان العلمي يقتضي ذلك حتى يكون اختلافنا علمياً يجب أن تكون هناك خبرة بالمادة.

الغزالي: لما أراد أن ينتقد الفلاسفة أول درس الفلسفة وكتب كتاب في الفلسفة أسمه «مقاصد الفلاسفة» ثم بعد ذلك كتب كتاب نقد الفلسفة سماه «تهافت الفلاسفة» أذاً الخبرة بالمادة عنصراً أساس في المناقشة العلمية.

العنصر الثاني الموضوعية:

لابد من تناول كلام الآخرين بالموضوعية، مثال: فلان تكلم بكلمة على منبرً أو في كتاب أو في موقع في الانترنت ونحن نأخذ بعض كلامه ونقتطع بعض كلامه نقيم الدنيا ولا نقعدها!! «هذا ينافي مع الموضوعية» مقتضى الموضوعية قراءة كلامه كله عندنا في علم الأصول وعلم اللغة ما يسمى «بالقرنية السياقية»: معناها المتكلم عندما يكون يتكلم لا يمكن أن تحكم على كلامه بسلب أو أيجاب إلا إذا فرغ من كلامه لعله يقول في أخر كلامه على شي يدل على مراده من أول كلامه، إذا قراءة سياق الكلام كله يسمى بالقرينة السياقية لا يجوز إغفالها فنقتضى الموضوعية ملاحظة كل خطاب بأكمله لا اقتطاعه أو حذف أشياء منه لا.

العنصر الثالث البحث عن الحقيقة:

أن يكون الجاف لمحاورة الآخرين ومناقشة ألآخرين البحث عن الحقيقة وليس الدافع شخصياً أو مصلحياً وإذا كان الدافع هو البحث عن الحقيقة فسوف نعترف بصحة ما في كلامه وبخطاء ما في كلامه مثلاً: لو قال في كلامه بعضه صحيح وبعضه خطاء مقتضى البحث عن الحقيقة أن نعترف نقول: بلى بعض كلامه صحيح وبعض كلامه خطاء يلاحظ عليه كذا وكذا «هذا مقتضى البحث عن الحقيقة».

مقتضى البحث عن الحقيقة أن نتجاوز الأنانية أن نتجاوز الشخصية أن نتجاوز المصلحيه ونكون مجردين منها.

الصيانة الاجتماعية: معناها: مثلاً: أنا الآن عندما اختلف معك من هو الضحية؟

الضحية المجتمع صح أم لا؟ هذا المجتمع يتحمل اختلافات كبيرة وشاسعة وعريضة وآهات ومرارة نتيجة اختلاف بعض رجال الدين، أو نتيجة اختلاف بعض المؤمنين يتحمل المجتمع الويل ويتحمل المجتمع المآسي والمعانات.... لماذا؟

أذا من أدب الاختلاف صيانة المجتمع عن هذا الاختلاف وكيف نصون المجتمع عن اختلافاتنا؟ هناك عنصرين:

تربية المجتمع على قبول الاختلاف:

نحن مجتمعنا غير متعود على الاختلاف غير متعود أن يقبل الاختلاف كاختلاف فكرياً علمياً لا أثر له على سلوك ولا أثر له على الشخصية فلنربي المجتمع على المنابر المساجد مواقع الانترنت فلنربي المجتمع على قبول الاختلاف بأدب الاختلاف على قبول الاختلاف بالطريقة المؤدبة المهذبة فلنربي المجتمع على التكيف مع الاختلاف كظاهرة طبيعية تساهم في نمو الفكر.

العنصر الثاني:

أن لا نربي المجتمع على إسقاط الآخرين وأن لا نربي المجتمع في السعي على إطاحة بعض منا ولنقرأ سيرة أهل البيت كيف تعاملوا مع الاختلاف الإمام الحسن الزكي هو القائد وإمام معصوم خالفه جماعه من أهله من شيعته ولكن الإمام الحسن بحنكته وحكمته أستوعب هذا الاختلاف ذوب هذا الاختلاف جمعهم عنده بواضعيه ببسمتيه فطرح عليهم أسباب صلحه مع معاوية بن أبي سفيان فاقتنعوا بكلامه وساروا على طريقه، الإمام الحسين خالفه الحر بن يزيد الرياحي تعامل مع الحر بأدب الاختلاف حتى أستوعبه وحوله من شخص مناوئ إلى شخص فدائي للحسين لولا أن الحسين أستوعبه لولا أن الحسين تعامله معه بعظمة الإنسانية لولا أن الحسين تعامله معه بعظمة الإيمان لما أستوعبه وحوله من شخص مناوئ إلى شخص فدائي.