تحليل الثورة بين الاتجاه المادي والاتجاه الروحي

شبكة المنير

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ

انطلاقا من الآية المباركة نتحدث في محاور ثلاثة:

  1. في المادية التاريخية.
  2. في التفسير القرآني لحركت التاريخ.
  3. في الوجوه المتعددة لحركت الحسين .

المحور الأول:

هناك بحث ركز علي علماء الاجتماع وهو البحث حول العامل المؤثر في حركت التاريخ، التاريخ يشتمل على ثورات وانتفاضات وحركات تغيرية ما هو العامل المؤثر في بروز الثورات والحركات التغيرية هناك نظرية تسمى بنظرية المادية التاريخية طرحها هيجل ماركس لينين تأثر بها بعض الباحثين الإسلاميين نظرية المادية التاريخية: هي عبارة عن أن المؤثر في حركة التاريخ المؤثر في الثورات هو العامل الاقتصادي هذه النظرية ترتكز على ركيزتين:

الركيزة الأولى: أن الإنسان قابل لا فاعل الإنسان وُلد وهو إناء فارغ لا يملك شيء من الثقافة ولا يملك قيم ولا يملك معتقد ولد وهو إناء فارغ يملئه المحيط الاجتماعي فالإنسان يكتسب من المحيط الاجتماعي ثقافته ودينه وقيمة ووجدانه إذاً فالمحيط هو الذي يصوغ الإنسان وهو الذي يبني الإنسان ثقافتا ودينا وقيما وإلا فالإنسان إناء فارغ لأجل ذلك علم الاجتماع أسبق رتبة من علم النفس لأن علم النفس يتحدث عن البناء النفسي للإنسان والبناء النفسي يكتسبه الإنسان من المجتمع إذاً علم الاجتماع أسبق رتبة من علم النفس لأنه يتحدث عن تأثير المجتمع على شخصية الإنسان.

الركيزة الثانية: بما أن الإنسان فارغ يملئه المحيط الاجتماعي فلنرجع إلى المحيط الاجتماعي المحيط الاجتماعي من أين يكتسب ثقافته من العامل الاقتصادي العامل الاقتصادي هو العامل المتحكم في ثقافة المجتمع كيف يعني كيفية الإنتاج كل مجتمع عنده وسأل إنتاج وعنده كيفية لتوزيع الثروة فكل مجتمع يملك وسأل إنتاج وطريقة لتوزيع الثروة سواء كان مجتمع ريفي مجتمع صناعي مجتمع تجاري كل مجتمع لدية وسائل معينة لإنتاج الثروة وكيفية معينة لتوزيع الثروة هذا العامل الاقتصادي وهو كيفية الإنتاج قسم المجتمع إلى طبقتين طبقة رأس مالية وطبقة عاملة وكادحة ولكل طبقة قيم لا توجد قيم واحده لينين يقول ليس عندنا آداب لكل طبقة آدابها لا توجد قيم واحدة فالمجتمع طبقتين طبقة رأس مالية وطبقة كادحة لكل طبقة قيمها ومُثُلُها.

فالطبقة الرأس مالية: الفضيلة عندها هي الإسترباح وتوفير الثروة مثل مجالسة الأغنياء الذين ليس لديهم ثقافة دينية دائما يتحدثون عن الإسترباح وطريق الإسترباح الفضيلة التي يربون عليها بنائهم وأجيالهم هي فضيلة الإسترباح هده القيمة عند الطبقة الرأس مالية.

وأما الطبقة الكادحة: الفضيلة عندها هي المطالبة بتوزيع الثروة بشكل متساوي عندما تعيش مع الطبقة العمالية عمومها أن توزع الثروة بشكل متساوي إذا لكل طبقة وجدان ولكل طبقة قيم فالنتيجة أن العمل الاقتصادي قسم المجتمع إلى طبقتين وجعل لكل طبقة قيما وجعل لكل طبقة وجدانا فأي ثورة وأي انتفاضة دائما تبرز من الطبقة الكادحة، الطبقة العمالية، الطبقة العاملة، الطبقة الكادحة هي التي تنهض للثورة والمحرك لها هو العامل الاقتصادي بالنتيجة حركة التاريخ كلها ترجع إلى العامل الاقتصادي المؤثر في حركة التاريخ وظهور الثورات والانتفاضات يعني طبقة الجياع تثور على الطبقة الرأس مالية فيتحول التاريخ من مرحلة إلى مرحلة أخرىهذه النظرية تسمى بالمادية التاريخية.

نحن الإسلاميين نتبنى نظرة أخرى نظرية تعددية العوامل يعني أن لعامل المحرك في التاريخ ليس عاملا واحدا وهو العمل الاقتصادي، العامل الاقتصادي مؤثر بلا إشكال لكن هو ليس العامل لمحيط نحن نرى نظرية تعدد العوامل ليش؟!!

نحن لدينا ملاحظات على النظرة السابقة أولا:

نأتي إلى الركيزة الأولى: تقرر أن لإنسان قابل لا فاعل يعني الإنسان إناء فارغ يولد وهو إناء فارغ يملئه المحيط الاجتماعي ويصوغه ثقافة ووجدانا وقيما هذا خطأ الإنسان يعيش تزاوج بين القابلية والفاعلية فهو فاعل وقابل كيف؟ الإنسان يعيش بين رافدين رافد فطري ولد عه افد اكتسابي يستقيه من المجتمع إدا نظرنا إلى الرافد الفطري فهو فاعل وإذا نظرنا إلى الرافد الاكتسابي فهو قابل.

مثال: نحن نقول بأن الإنسان ولد وهو مزود ولم يلد وهو إناء فارغ لا ولد وهو مزود بمخزون فطري وله ثلاثة ألوان د ين وقيم وطاقات الدين كل إنسان ولد وله نزعة نحو قوة أخرى فقانون العلية «السببية» هو قانون فطري ولد مع الإنسان ولد الإنسان وهو يدرك أن لكل مسبب سبب ولكل معلول علة ولأنه يدرك هذا القانون بفطرة فهو يدرك أنه جاء ما قوة أخرى هي التي أبدعته وصنعته فله نزوع وميول نحو تلك القوة التي جاءت به لذلك هذا النزوع يسمى بالدين قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا. ولهذا لا تجد أمة والآثار الجيولوجية تأكد هذا، من أول إنسان من ستة ملاين سنة لا يوج إنسان إلى ومعه عبادة إلى ومعه دين هذا يؤكد أن الدين فطري لدى الإنسان ما مر على البشرية زمن ليس فيه دين.

اللون الثاني: وهو القيم ولد الإنسان ومعه مخزن من القيم ما يعبر عنه بعض علماء النفس غريزة حب الجمال ولد الإنسان ولديه غريزة حب الجمال يحب القيم الجمالية العدل جميل الأمانة جميلة الصدق جميل العفاف جميل هذه القيم الجمالية ولدت في فطرة الإنسان في وجدان الإنسان.

اللون الثالث: الطاقات كل إنسان لديه طاقات هدا ولد عنده طاقة أدبية هدا ولد وعنده طاقه فتية وهدا عنده طاقة عقلية كل إنسان عنده طاقات إذا الإنسان يمتلك مخزون فطري دين، قيم، طاقات وكما قلنا أن المجتمع مظهر لإنسانية الإنسان يعني المجتمع ميدان لإبراز طاقات الإنسان المجتمع ميدان لظهور المخزون الفطري عند الإنسان حينها يكون الإنسان فاعلا لأنه يظهر مخزونة الفطري من خلال المجتمع فهو فاعل من هده الجهة ومن ناحية

الرافد الاكتسابي المعلومات التي يكتسبها الإنسان في المجتمع يكون الإنسان قابلا إذا فهو فاعل وقابل يعيش تزاوجا بين الفاعلية والقابلية وهذا هو معنى الآية ولكن البعض يعترض يقول أن الكلام مخالف للآية قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ الآية قرينة قوله ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَار تتحدث عن المعلومات الحسية أي المعلومات التي تأتي عن طريق الحواس ولد الإنسان وليس عنده معلومات حسية لأن الحواس لم تشتغل بعد ولكن لأن له سمع وبصر وأفئدة صار يكتسب المعلومات الحسية هذا يشير إلى قسم من المعلومات وهو الرافد الاكتسابي ولا يلغي الرافد الفطري

الركيزة الثانية: تقرر أن حركة التاريخ يتحكم فيها العامل الاقتصادي نحن نقول أولا هناك خطأ علمي قياس المؤرخ على العالم الطبيعي هناك فرق بين المؤرخ والعالم الطبيعي صحيح أن كلاهما يدرس الظواهر مثلا فالعالم الطبيعي يدرس الظواهر مثلا الحرارة، صوت، ضوء، حركة هذه ظواهر معينة يستنتج منها قانون معين يستنتج مها سبب معين العالم الطبيعي يدرس ظواهر ليصل إلى قانون وراء هذه الظواهر مثلاً: التفاحة تسقط على الأرض يستنتج قانون الجاذبية أو الماء يغلي يستنتج قانون معين والمؤرخ يدرس ظواهر.

مثلاً: يريد أن يدرس حضارة الفراعنة فيدرس الظواهر ليصل إلى عوامل معينة إلى نظرية معينة فكلاهما يدرس ظواهر لكن ما يصل إليه العالم الطبيعي قيمي وما يصل إليه المؤرخ فرضي وليس قيمي لماذا؟

لأن العالم الطبيعي يدرس ظواهر محسوسة بما أنه يدرس ظواهر محسوسة فأسبابها أيضا محسوسة فهو جالس في المختبر يدرس ظواهر محسوسة أسبابها محسوسة من خلال الإحساس بآثارها كما أن الظواهر التي يدرسها محسوسة فأسبابها محسوسة فيستطيع العالم الطبيعي أن يصل إلى سبب يقيني وسبب حتمي لأنه سبب محسوس

فعندما تسقط التفاحة حتما توجد جاذبية وعندما الماء يغلي حتما أن درجة حرارته مئة هذا سبب يقيني بينما المؤرخ يدرس ظواهر لكنها غير محسوسة وصلت إليه إما عن طريق النقل أو عن طريق الآثار الجيولوجية بما أنه لا يدرس ظواهر محسوسة فالسبب الذي يصل إليه ليس سببا يقينيا وإنما هو فرضي لا يقيني لذالك ما يصل إليه المؤرخ فرضي وما يصل إليه العالم يقيني فعندما هيجل وماركس عندما يقولون قطعا وجزما وحتما العامل المؤثر في حركة التاريخ هو العامل الاقتصادي هذا خطأ علمي ما دمت محلل للتاريخ فكلماتك فرضية لا يقينية فتقول أنا أفترض أن العامل المؤثر هو العامل الاقتصادي ثانيا عندما نتحدث عن العامل الاقتصادي.

مثلاً: هناك طبقة محرومة كادحة شعرة بالحرمان وشعرة بعدم توزيع الثروة توزيعا عادلا انطلقت وأقامت ثورة هل العامل الاقتصادي محرك وحدة أو معه عامل ثقافي مستحيل أن العامل الاقتصادي يحرك وحدة لا بد أن يكون في عرضه عامل ثقافي يستثمر العامل الاقتصادي هناك ثقافة تستثمر الوضع الاقتصادي تستثمر الوضع الطبقي وتحرك المجتمع نحو التغير لا يمكن للعالم الاقتصادي وحدة أن يقود ثورة ما لم ينضم معه عامل ثقافي فنحن نحتاج إلى عامل ثقافي وبما أن العامل الثقافي يعتمد على المخزون الفطري لدى الإنسان.

إذا صارت النتيجة: ليس العامل المحرك هو العامل الاقتصادي بل العامل الاقتصادي مع العامل الثقافي المعتمد على المخزون الفطري لدى الإنسان يعني عامل القيم محرك مهم عامل الإيمان محرك مهم منضما مع العامل الاقتصادي.

المحور الثاني:

بعض الباحثين كالدكتور المفكر علي الوردي، مفكر عراقي ذكر أنه حتى القرآن يرى نظرية ماركس يعني القرآن هو الذي فسر التاريخ تفسير مادي وهو الذي أرجع التاريخ إلى العامل الاقتصادي هذا التصور يعتمد على أربع شواهد:

الشاهد الأول: أن القرآن يذكر أن الفئة المعارضة لحركة الأنبياء والمصلحين هي الفئة الرأس مالية هي الفئة المسيطرة على الثروات معناه أن حركة الأنبياء كانت حركة اقتصادية مواجهة الثروة مواجهة الطبقة المستولية على الثرواتفي القرآن الكريم: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قال تعالى: ﴿قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ «75» قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ.

وفي قضية شعيب قال تعالى: ﴿قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَ

فالقرآن عندما يتحدث عن حركة الأنبياء يتحدث عن الطبقة المترفة قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ إذا الحركة كانت حركة صراع بين الطبقتين إي العامل الاقتصادي وراء الحركة.

الشاهد الثاني: أن القرآن يذكر أن منشى الطغيان والظلم كان العامل الاقتصادي اكتساب الثروة قال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى «6» أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىوقال إن قارون كان قوم موسى فطغى عليهم لأنه أصبح ثري.

الشاهد الثالث: أن القرآن يقرر أن النصر للمستضعفين فستنتصر في النهاية الطبقة المستضعفة قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ.

قال تعالى: ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا هذا الكلام معناه أن الصراع طبقي من يوم آدم إلى الإمام المهدي والنصر للمستضعفين.

الشاهد الرابع: أن للأنبياء هدفين هدف أولي وهو العدالة وهدف ثانوي وهو الإيمان الهدف الأولي الأساس في حركة الأنبياء هو العدالة أي الانتصار للطبقة المحرومة الكادحة قال القرآن ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وقال تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * إلا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الميزان فهذه عدالة نحن لا نرتضي هذا التصور فنسجل ملاحظات:

الملاحظة الأولى: أنا القرآن لم يحصر الثائرين في الطبقة المحرومة بل ذكر عدة ثائرين من الطبقة الثرية قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً فهذا كان من العائلة الحاكمة ومن ذالك كان ثائر يعني صوت الثورة انطلق من العائلة الحاكمة قال تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَالسحرة كانوا من الطبقة الرأس مالية يستعين بهم فرعون ويغدق عليهم الأموال القرآن الكريم يقول: ﴿السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ «120» قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ «121» رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ «122» قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ «123» لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ هؤلاء من الطبقة الثرية.

سليمان نبي من الأنبياء وقاد حركة تغيرية كبيرة في ذلك المجتمع وكان سليمان من أثراء الأثرياء ولم يكن من الطبقة المحرومة إذا القرآن يقرر أن جملة من الثائرين والذين قادوا حركة التغير كانوا من الطبقة الثرية وهذا يعني أن العامل المحرك هو العامل الفطري هو عامل القيم أنهم رؤوا أن القيم الفطرية مستباحة ومنتهكة فثأروا لأجلها وليس العامل الاقتصادي.

الملاحظة الثانية: نحن نرى في عدة آيات القرآن الكريم أن الهدف الأول للأنبياء هو الإيمان بالله قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ دعوات الأنبياء أول ما تبدى بمسألة الإيمان وبمسألة القيم الفطرية لوط قال لقومه﴿أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ «80» إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَفكان يحارب من أجل القيم الفطرية مواجهة الانحلال الخلقي إذا الهدف الأول الإيمان بالله والقيم الفطرية إذا ما معنى العدالة الآية تقول﴿لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ

ذكرت في محاضرة من محاضراتي السابقة أن العدالة الاجتماعية: هي إعطاء كل ذي حق حقه والعدالة الاجتماعية انعكاس للعدالة الفردية يعني أول شي الإنسان يصر عادل في نفسه ثم يصير عادل مع المجتمع.

ما هي العدالة الفردية: هي الإرادة القادمة على أساس ترك اللذة الحسية لأجل اللذة العقلية مثلا فتاة تتعرض لأغراء أو رجل يتعرض لأغراء من أمرآة كلاهما يتعرض لأغراء أجواء شيطانية هنا من يتعرض أو تتعرض الفتاة لأجواء يعيش صراع بين لذتين اللذة الحسية وهو أن يشبع غريزته واللذة العقلية وهي لذة التقوى لذة الإرادة هنا عندما تنتصر الإرادة فتضحي باللذة الحسية من أجل اللذة العقلية هذي هي العدالة الفردية العدالة الفردية إرادة قائمة على ترك اللذة الحسية لأجل اللذة العقلية.

والعدالة الفردية: هي الطريق إلى العدالة الاجتماعية فالإسلام والقرآن عندما ينادي بالعدالة الاجتماعية لا عساس أنها هي الهدف الأول وإنما ينادي بها لأنها انعكاس للعدالة الفردية ولذالك القرآن الكريم يقول: ﴿فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى «39» وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى «40» فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ المأوى قال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا إذا معنى الآية: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ المقصود بالقسط: العدالة الفردية المنتجة للعدالة الاجتماعية فهادا لا يتنافى مع الهدف الأول للأنبياء وهو الإيمان بالله والقيم الفطرية

الملاحظة الثالثة: نلاحظ أن بعض الباحثين اقتصر على هذه الآية قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَوستنتج من الآية قانون وهو أن القرآن يرى أن الصراع صراع اقتصادي صراع طبقي هذا استنتاج خطأ لأن هذه الآية تتحدث مع سياق وهو بني إسرائيل ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يذبح أبنائهم ويستبيح نسائهم ثم قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ. قال تعال: ﴿وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَإذا هذه الآية تتحدث عن مجتمع وهو مجتمع بني إسرائيل ولا تعطي قانون ولا قاعدة كلية عندما نرجع إلى الآيات التي تتحدث عن مبادئ عامة وقوانين كلية قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا.

ظاهر الآية أن الصراع بين مؤمنين وغير مؤمنين مو بين طبقة كادحة وطبقة رأس مالية أو قوله تعالى:َقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ يعني في صالحين وفي فاسدين أو قوله تعالى ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ يعني في متقين وغير متقين إذا ظاهر الآيات ليس الصراع بين طبقة رأس مالية وطبقة كادحة الصراع بين مؤمنين ومنحرفين وهذا هو معنى استكبروا واستضعفوا مو استكبروا يعني طبقة رأس مالية واستضعفوا يعني طبقة كادحة استكبروا يعني ظلموا ولو كانوا فقراء واستضعفوا ظلموا ولو كانوا أغنياء.

الحديث الشريف عن النبي محمد «أجر الغني الشاكر كأجر الفقير الصابر» فالغني الذي أستثمر النعمة أجرة كأجر الفقير الذي يصبر على شظافة العيش حتى يجد لقمة يسد بها ظمأه.

المحور الأخير:

حركة الحسين مثال لحركة التاريخ ولقد كتب بعض الباحثين أن حركة الحسين حركة اقتصادية يعني الحسين قاد مجموعة من الجياع والفقراء ضد الطبقة الرأس مالية المتمثلة في الحكم الأموي المسألة ليست كذالك علماء الاجتماع يقولون الثورات على ثلاثة أقسام ثورة انفعالية وثورة إسنا دية وثورة تغيرية أمثلة ثورة انفعالية مثل ثورة أهل المدينة في واقعة الحرة راح الوفد من المدينة إلى السلطة الأموية أهانوا الوفد وقتلوا بعض رجاله فصال لأهل المدينة ردة فعل فقامة الثورة، الثورة الإسنادية بعني هناك جماعة تصرخ فيأتي من يسندهم ويعينهم.

حركة الإمام علي من هذا القبيل ثورة إسنا دية ليش الإمام علي ما قاد الثورة ضد الخليفة الثالث لا هناك مجموعة من المصريين والعراقيين ثأروا في عهد الخليفة الثالث عندما رأوا سيطرة الأمويين على مقاليد الحكم ثأروا الإمام علي ما قاد المعارضة ولا قاد الثورة ظل موقفة حيادي لما قتل الخليفة الثالث أقبلة هذه المعارضة شدتها تطالب الإمام علي بالقيادة بأن يتصدى للقيادة قيادة الأمة هنا الإمام علي اتخذ خطوات:

الخطوة الأولى: أنه ما استجاب للقيادة قال أنا لكم وزير خير لكم مني أمير ليش حتى لا تلصق به التهمة أنه هو قائد المعارضة هو ما قبل ولكن طالبوه بقميص عثمان.

الخطوة الثانية: قال أنا أصبح قائد ولكن ما هو القانون الذي أسير عليه إني إن علاوتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغي إلى قول قائل ولا عجل عاجل إذا تقبلت القيادة أسير على القانون السماوي الذي أدركه وأراه لا على القانون الذي يمليه علي الثائرون والمعارضون.

الخطوة الثالثة: جاءت الثورة الإسلامية تصدى للقيادة إسنادا لهذه الحركة من أج إصلاح الواقع كان الواقع واقع فاسدكثير من الباحثين يقولون ماذا صنع الإمام علي خلال أريع سنوات وأشهر كلها حروب وفتن ما ذا قدم للواقع الإسلامي أولا الواقع كان فاسد بدرجة لا يمكن إصلاحه ثانيا فترة الإمام علي كانت فترته فتره ضرورية لتنضير للحكومة الإسلامية جميع الباحثين تقرأ كلمات العقاد تقرأ كلمات طه حسين كلمات العلائلي كلمات جورج غرداق أغلب الباحثين الذين لديهم قدرة على البحث والتحليل جميع هؤلاء عندما كتبوا قالوا من أسس جذور الحكومة الإسلامية هو علي بن أبي طالب النبي أسس مفهوم الدولة لكن التفاصيل لم ترد عن النبي والخلفاء من بعد النبي ساروا على اجتهادهم لما وصلت الخلافة إلى علي وضع نظام لشرطة وضع نظام لبيت المال وضع نظام للقضاء وضع نظام للإصلاح الزراعي وضع في نهج البلاغة أسس وهيكلية الدولة الإسلامية بتمام تفاصيلها بحيث لو أن الأمة الإسلامية يوم من الأيام أرادة دوله إسلامية فإنها ستجد مشروع الحكومة الإسلامية مشروعا جاهزا من خلال كلمات الإمام علي هذه الأربع سنوات لولاها ما عرف المسلمون تفاصيل الحكومة الإسلامية

القسم الثالث: من الثورات الثورة التغيرية ثورة النبي محمد صلى الله عليه وأله ثورة هو وضع أسسها هو وضع مبادئها وهو الذي قادها لأخر يوم حتى أنتجت وأثمرت حركة الحسين جمعت القراءات الثلاث ثورة انفعالية ثورة إسنادية ثورة تغيرية الثورة الانفعالية أول يوم وصل الخبر إلى المدينة موت معاوية قال أمير المدينة للإمام الحسين بايع قال إن أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ويزيد رجل فاسق شارب للخمر قاتل لنفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله فصارت ردة فعل عرضة عليه البيعة فكان ردة فعلة هو هيهات منا الذلة ألا وإن الدعي أبن الدعي قد ركز بين إثنتين بين السلة والثلة وهيهات منا الذلة هذا المنطق الانفعالي الموقف الإسنادي.

كتب إليه مئة ألف أو أكثر من الكوفة أن أقبل إلينا فلقد ضر الجناب وأينعت الثمار يعني ما غرسه أبوك علي في خلافته الآن أينع أثمر أبوك هو الذي بذر البذرة وأنت تحصد الثمرة فتعال لقطفه ونيله وإنما تقبل على جند لك مجندة طبعا أن الإمام الحسين يعلم أن في المجتمع الكوفي خوارج وفئات نفعية تفكر في بطنها وجيبها وفئات يغلب عليها الخوف والجبن يعلم بذلك ولكن الأئمة ما يتعاملوا مع حركة التاريخ بمقاييس علم الغيب يتعاملوا مع حركة التاريخ بمقاييس طبيعية لو لم يلبي الإمام الحسين كلام أهل الكوفة لوقع موقع الملامة من قبل الأمة ومن قبل التاريخ حيث يقال له لقد أقاموا عليك الحجة وكتب لك مئة ألف أو أكثر فلماذا لم تستجب لهم إذا الإمام استجابته كانت جريا وراء المقاييس الطبيعية لا أكثر نظير ما قاله الإمام علي حينما عرضة عليه البيعة قال لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كبوة ظالم ولا على سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت أخرها بكأس أولها مسألة إقامة حجة لا أكثر إذا استجابة الحسين لأهل الكوفة تسمى حركة إسنادية الوجه الثالث وهو الثورة التغيرية ما صرح الحسين به نفسه إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح معناه أنه عندي مشروع إصلاحي سأقوم به على كل حال وهذه هي الثورة التغيرية