روح المبادرة من معالم عاشوراء

شبكة المنير

﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ

من القيم الجمالية التي تجسدت في مدرسة كربلاء قيمة روح المبادرة هذه القيمة مثلها العلي ابن الحسين الأكبر حيث كان سباقاً للفداء بين يدي الحسين فكان أول شهيد من العترة النبوية.

أولاً: قيمة روح المبادرة:

﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ هنا اتجاهان:

الاتجاه الأول:

اتجاه يرى أن أفضل الناس بعد النبي هم الصحابة ويستدل على أفضلية الصحابة بهذه الآية المباركة لأن هذه الآية ذكرت أن الأوائل من المهاجرين والأوائل من الأنصار «رضي الله عنهم» فمن كان مرضياً عند الله فهو أفضل الناس رضي الله عنهم ورضوا عنه.

الاتجاه الثاني:

الاتجاه الإمامي الذي يقول أفضل الناس بعد رسول الله أهل بيته، القرآن يقول ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً وقال النبي في الحديث الذي رواه الفريقان: ”إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي“ وهم الشين فرض الله الصلاة عليهم في الصلاة الواجبة فلا تصح صلاة من دون الصلاة على محمد وآل محمد

يا   آل  بيت  رسول  الله  iiحبكم

يكفيكم  من  عظيم  الفخر iiأنكم

 
فرض من الله في القرآن أنزله

من  لم يصل عليكم لا صلاة iiله

وأما ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ لا تدل على أفضليه أوائل المهاجرين أو أوائل الأنصار وإنما تدل على أن الله رضي عن مجموعة منهم وعن مجموعة خاصة منهم وهم المؤمنون المحسنون لا جميع الصحابة ولا جمع الأوائل ولا جميع السابقين، لماذا؟! لعدة قرائن:

القرينة الأولى:

قرينة في نفس الآية قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ ما معنى هذا؟ يعني لا يرضى الله عن التابع لهم حتى يكون التابع محسن، يعتبر في التابع أن يكون محسن إذا كان التابع يعتبر فيه أن يكون محسن من باب أولى يعتبر في المتبوع أن يكون محسن، لا يعقل أن لا يرضى الله عن التابع إلا إذا كان محسن ويرضى عن المتبوع كيف ما كان، إذن نفس قوله ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ معناه اشتراط الإحسان في رضا الله، الله لا يرضى عن غير المحسن، إذن من تتحدث الآية عنهم عم جماعة معينة من الأوائل وهم المحسنون لا مطلق الأوائل وهذه القرينة الأولى.

القرينة الثانية:

قال تعالى: ﴿رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ هل يمكن أن يرضى الله عن شخص مطلقاً؟ حتى ولو انحراف أو تغير؟ القرآن الكريم نفسه يقول: ﴿َإِنَّ اللّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ إذن الرضا لا ينال الفاسق إذن لا محالة المراد بالأوائل في الآية المباركة خصوص المؤمنين منهم وليس جميع الأوائل، هناك في اللغة يقولون ”من بيانية“ و”من بعضيه“ مثلا تقول هذه خاتم من فضة ”من“ هنا بيانية تبين من أين هذا الخاتم، أما إذا قلت أعطني من الرجال شخصاً ”من“ هنا بعضيه يعني أعطني من بعضهم.

مثلاً: قول النبي محمد : ”نية المؤمن خيراً من عملة“ يعني هل تصبح النية خير من العمل؟ كيف تصبح النية خير من العمل؟ ”نية المؤمن خير من عملة ونية الكافر شراً من عملة“ كيف؟ ”من“ هنا بعضيه يعني نية المؤمن خير من بعض خير عملة وليست بيانية يعني خير النية جزء من خير العمل وشر النية جزء من شر العمل ”من“ هنا بعضيه وليست بيانية، في الآية نفس الشيء ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ يعني بعض المهاجرين وبعض الأنصار وليس جميعهم.

القرينة الثالثة:

القرآن فيه عام وفيه خاص ولا يمكن الأخذ بعموم القرآن من دون ملاحظة خصوصه مثلاً: قوله تعالى: ﴿قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا يأتي شخص ويقول هذه آية عامة ﴿وَأَحَلَّ اللّهُ أي بيع؟ أي بيع حلال؟ لا هناك آية خاصة تخصص هذه ﴿لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ البيع عن تراض لا كل بيع، إذن نخصص الآية العامة بالآية الخاصة، لو فرضاً أن الآية عامة ولو فرضاً أن قوله تعالى ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ لو فرضاً أنها عامة تشمل كل الأوائل لابد أن نخصصها بآية أخرى وهي قوله تعالى: ﴿ُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً قل تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً إذن هذه تخصص تلك الآية ويؤكد ذالك ما ورد عن النبي «صلى الله عليه وآله» في صحيح البخاري قال: ”يرد عليَّ أناس على الحوض يوم القيامة فأعرفهم ويعرفونني ثم يذادون عني فأقول يا رب أصحابي، فيقول إنك لا تدري ماذا أحدثُ بعدك إنهم ارتدوا على أعقابهم من قهقره“.

إذن فنحن لا نقول بقدسية جميع الصحابة ولا بقدسية جميع الأوائل وإنما نقول بقدسية المعصومين من أهل بيت النبي ،.

نحن نتحدث عن قيمة السبق والمبادرة، هذه القيمة نتحدث عنها في محاور:

  • المحور الأول: بناء المجتمع الإنساني على التنافس.
  • المحور الثاني: الفرق بين الشخصية المبادرة والشخصية الانفعالية.
  • المحور الثالث: عوامل فشل المبادرات في مجتمعنا.

المحور الأول: بناء المجتمع الإنساني على التنافس.

علماء الاجتماع يقولون المجتمع الإنساني يقوم على ركيزتين لولاهما لنقرض المجتمع الإنساني: الاستخدام، والتنافس.

الركيزة الأولى: الاستخدام.

الاستخدام، ما معناه؟! معناه أن الله وزع الطاقات بين البشر فأعطى لشخص طاقة بدنية يستطيع أن يبني جسور وعمارات، وأعطى لشخص طاقة عقلية فهو مفكر ومنظر، وأعطى لشخص طاقة أدبية فهو رسام وفنان وشاعر وأديب وزع الطاقات بين البشر ليحتاج كل واحد للأخر في طاقته التي وهبت له، الطبيب يحتاج إلى المعلم لتعليم ولده والمعلم يحتاج إلى الطبيب في علاج مرضه وكلاهما يحتاجان إلى النجار أو الحداد أو البناء، والبناء يحتاج إليهما أيضاً، إذن كل واحد من أبناء المجتمع مستخدم ومُستخدم، المجتمع يقوم على ذالك فالقرآن الكريم يقر هذه النظرية ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً يعني أنا أسخرك إلى خدمتي وأنت تسخرني لخدمتك.

الركيزة الثانية: التنافس.

التنافس، ما معنى التنافس؟، صراع الطاقات هو التنافس، المجتمع صورة للفرد والفرد يعيش صراع في طاقاته فالمجتمع أيضاً يعيش صراعاً بين طاقاته، كيف؟!

يقول الفلاسفة: «كمال المجرد فعليلاً وكمال المادي شأنينا» كيف؟ بعض الموجودات مشرد يعني ليس مادي، مثلاً: الملائكة فالملائكة مجرد وليس جسم مادي، كمال المجرد فعلي يعني الملك منذ أن خلق، خلق معه كماله فلا يحتاج أن يبحث عن كمال، الملك منذ أن خلق أعطي كماله، فالملك لا يعيش حركة تبحث عن الكمال الملك كماله معه لا يعيش حركة نحو الكمال، بينما الموجود المادي كماله شأني يعني الإنسان منذ خلق ما أعطي الكمال، كماله موجود شأناً لا فعلاً يحتاج إلى الحركة حتى يحصل على الكمال، بعبارة أخرى الكمال في عالم المادة موجود بالإجمال ووجودة بالتفصيل يتوقف على الحركة.

مثلا: البذرة، بذرة تفاح تضعها في أرض خصبة وسماد جيد وتسقيها بالماء والبيئة صحية غير ملوثة حين إذن البذرة تتحول إلى شجرة، إذا تحولت إلى شجره أين كانت هذه الشجرة؟ كانت موجودة في البذرة، هذه الشجرة المثمرة المورقة كانت موجودة في البذرة وجوداً إجمالياً ووجوداً انطوائيا، هذا الوجود الإجمالي يسمى جمال شأني، لما تحركت البذرة خرج ذاك الوجود من الإجمال إلى التفصيل من الشأنية إلى الفعلية، أصبح فعلي.

مثلاً: ًنفس الشيء في الإنسان هذا الإنسان يولد ويصبح عملاق مخترع أو مفكر أو مرجع من المراجع، أين كان؟ كان موجود في النطفة، الإنسان العملاق كان موجود في النطفة موجوداً وجوداً إجمالياً، كان موجود والنطفة تحركت ﴿َلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.

الإمام الصادق : ”المرأة تخاف الحبل وتشرب الدواء“ يعني امرأة أحست رحمها فيه شيء تستطيع أن تشرب دواء حتى ينزل ما في رحمها؟ قال: لا إنه نطفة، قال: إن أول ما يكون نطفة، يعني هذه النطفة أول محطة من محطات الإنسان وإلا الإنسان هو الإنسان نفسه، هذا العملاق كان نطفة وكان موجوداً عملقته وكماله كانت موجودة وجوداً شأنياً إجمالياً ضمن النطفة، وهذا الوجود أصبح فعلي ببركة حركة المادة تحول الوجود من وجود إجمالي إلى وجود تفصيلي.

إذن كمال المادة كمالاً ليس فعلي، كمال بالتدريج يتحقق ويصبح فعلي بخلاف كمال الملك كمال فعلي لا يحتاج إلى حركة وتدريج، بما أن كمال الإنسان يحتاج إلى الحركة، الحركة تتوقف على الصراع بدون صراع لا يوجد حركة، لو أن عند الإنسان صراع ما استطاع أن يتحرك، الإنسان يعيش صراعاً بين طاقاته، الإنسان يملك طاقة عقلية ويملك طاقة عاطفية بالصراع بين الطاقتين وبالتنافس بين الطاقتين استطاع الإنسان أن يتكامل وأن يبدع وأن يعطي.

إذن الكمال فرع الصراع وفرع التنافس بين الطاقات، مثل ما هذا موجود في الإنسان موجود في المجتمع أيضاً، المجتمع الإنساني لا يمكن أن يبقى لولا الصراع، مثلاً: المصانع تتنافس فتنتج الصناعة الأفضل مصانع السيارات تتنافس ومصانع الأجهزة تتنافس وتتولد الصناعة الأفضل لولا الصراع والتنافس بين الطاقات ما حصلنا على الصناعة الأفضل وما حصلنا على الزرع الأفضل وما حصلنا على النسيج الأفضل، إذن الجودة فرع الصراع والتنافس بين الطاقات.

إذن الركيزة الثانية من ركائز المجتمع الإنساني ركيزة التنافس، صراع بين الطاقات وهذا التنافس والتسابق يحث عليه الإسلام ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ.

القرآن الكريم يقول: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ هذه الآية لها تفسيران، تفسير مفهومي، وتفسير مصداقي.

مثلاً: قوله تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً النفس المطمئنة لها تفسيران: مفهومي، ومصداقي، التفسير المفهومي ما معنى النفس المطمئنة؟! وما هو مفهومها هذا تفسير مفهومي؟

الجواب: النفس المطمئنة النفس الواثقة بقضاء الله وقدرة هذا يسمى تفسير مفهومي، أما التفسير المصداقي فما هو تفسير الآية؟ وما هو مثالها؟ عن الإمام الصادق : ”النفس المطمئنة الحسين ابن علي“ هذا تفسير مصداقي.

أيضاً الآية ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ لها تفسير مفهومي ومصداقي، التفسير المفهومي: يعني السابقون إلى الخير بقرينة الآيات الأخرى التي تقول: ﴿يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ وقال تعالى: ﴿َمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ يعني السابقون السابقون إلى الخيرات هذا تفسير مفهومي، أما التفسير المصداقي: عن الباقر : ”السابقون أربعة، أولهم ابن آدم المقتول لأنه سبق أخاه بالعفو والرضا، والثاني حزقيل مؤمن آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه فأتاه الله أجره مرتين، والثالث حبيب النجار سابق أمه عيسى الذي ذكره القرآن بقوله ﴿وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ هو ليس بنبي ﴿اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ والرابع علي ابن أبي طالب وهو أفضلهم“ هذا تفسير مصداقي.

والإمام علي نفسه يقول: ”محمد النبي أخي وصهري وحمزة سيد الشهداء عمي، وجعفر الذي يضحي ويمسي يطير مع الملائكة لأمي، وبنت محمد سكني وعرفي منوط لحمها بدمي ولحمي، وسبطا أحمد ولداي منها فمن منكم له سهم كسهمي، سبقتكم إلى الإسلام طراً على ما كان من فهمي وعلمي“، ما معنى «ما كان من فهمي وعلمي»؟

هذا رد على مقالة «أول من أسلم من الصبيان» ما معنى هذا؟ يعني إسلامه ليس له قيمة هذا هو معناه، هذا احتقار لإسلام الإمام علي، «أول من أسلم من الصبيان» يعني إسلامه ليس له قيمة لأنة صدر بدون وعي وهو صبي كان، فالإمام علي يرد على هذه المقالة أنا عندما أسلمت كنت واعي ”سبقتكم إلى الإسلام طراً على ما كان من فهمي وعلمي وصليت الصلاة وكنت طفلاً صغيراً ما بلغت أوان حلمي، وأوجب لي ولايته عليكم رسول الله يوم غدير خمي فويلاً ثم ويلاً ثم ويلاً لمن يرد القيامة وهو خصمي“.

إذن الإسلام يحث على التسابق والتنافس حتى في الفقه عندنا مسألة السبق، من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به، يعني مثلاً: أنت تأتي إلى السوق تترك بضاعتك في مكان خلاص أنت تعتبر لك حق السبق لا يجوز لأحد أن يزاحمك أو مثلاً: تدخل المسجد تضع الساعة في مكان خلاص أنت سبقت إلى هذا المكان لا يجوز لأحد أن يزاحمك، الفقهاء مختلفين حق وضعي أو حق تكيفي هذا خلاف فقهي علمي، يعني لو شخصاً أتى وأزاح الساعة من مكانها وصلى، صلاته فاسدة أو صحيحة؟ بعض الفقهاء يقول صلاته فاسدة والبعض الأخر يقول صحيحة لكنه ارتكب إثماً هذا خلاف فقهي.

مثلاً: من السبق من أحيا أرضاً مواتاً فهي له، إذا تبادر في إحياء أرض تملكها، هل الملكية مدامية يعني في فرض الحياة؟ أم ملكية دائمة حتى بعد الموت هذا خلاف فقهي، حق الاختصاص مثلاً إذا أنت تأتي وتسور أرض، تسورها بغرض إحياءها تسويرها يعطيك حق الاختصاص لا يجوز لأحد يأتي ويأخذ الأرض بعد أن سورتها ولك أن تبيع حقك وهذا الحق يورث، يرثه أولادك إذا مت وحق يباع ويشترى ويورث.

المحور الثاني: الفرق بين الشخصية المبادرة والشخصية الانفعالية.

كلامنا الآن بين الشخصية المبادرة وبين الشخصية الانفعالية، طبعاً هذا المصطلح روح المبادرة لابد أن يكون مدروس في علم الإدارة هذا مصطلح في علم الإدارة روح المبادرة، روح المبادرة نحن نبحث عنه من زاويتين:

  1. زاوية دينية.
  2. زاوية إدارية.

الزاوية دينية:

هل الإسلام يرى روح المبادرة قيمة جميلة دائماً؟ يعني هل روح المبادرة دائماً جميلة؟ أو لا؟ لا طبعاً الإسلام يقول روح المبادرة إنما تكون قيمة جميلة إذا كانت مبادرة إلى الخير وكانت عن وعي وإخلاص وليس مطلقاً، مبادرة إلى الخير وإلا عمر ابن سعد في كربلاء بعد قتل الحسين أول من رمى على خيام الحسين هو عمر ابن سعد، رمى الخيام بقصب النار وقال اشهدوا لي عند الأمير أنا أول من رمى خيام الحسين، هذا سبق ومبادرة إلى الظلم والاعتداء، الشرط الثاني الوعي فرقاً بين المبادرة والعجلة البعض يخلط يفكر إذا قلنا روح المبادرة يعني بالعجل لا، فرقاً بين المبادرة والعجلة، ما هو الفرق؟

العجلة: من مقوله الانفعال والمبادرة من مقوله الفعل وفرق بين الانفعال والفعل، العجلة هي العمل بدون دراسة وبدون تخطيط لذلك هو صفة مذمومة ﴿خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ وورد عن النبي «صل الله عليه وآله»: ”العجلة تورث الندامة“.

بينما المبادرة: هي المشروع عن تخطيط ووعي، ليس المهم أن تعمل المهم أن تحسن العمل ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ولذلك المشاريع كثيراً منها فاشلة وعقيمة لأنها جاءت عن عجلة فلابد أن تكون من دراسة وتخطيط، وورد عن الإمام علي : "الحلم الأنات توأمان ينتجهما علو الهمة».

إذن العنصر الثاني الوعي والعنصر الثالث الإخلاص لو أن إنسان بادر إلى الخير وبني مستوصفات للفقراء وبني ملاجئ للأيتام لكن قصده من ذالك تحصيل الشهرة واللقب هذه المبادرة وإن كانت إلى الخير لكنها ليست قيمة جميلة في نظر الإسلام، مثلما يقولون في علم الأصول «لا يكون العمل جميلاً حتى يكون فيه حسنان، حسنن فاعلي وحسنن فعلي» حُسن فعلي يعني عمل خير وحُسن فاعلي يعني الفاعل أيضاً خير، الفاعل مخلص في عمله ولذلك القرآن الكريم يقول ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ هذه المبادرة من زاوية دينية.

الزاوية الإدارية:

هناك كتاب عنوانه ”العادات السبع في الناس الأكثر فعالية“، مفكر أمريكي اسمه سيكيفن كوفي هذا الكتاب أكثر مبيعاً وتداولاً في أمريكا نفذت منه اثنا عشر مليون نسخة، كتاب يتكلم عن الشخصية ويذكر في الشخصية ملامح سبعه كن مبادراً، ابدأ بالأهم ثم المهم، ابدأ والمنوال في ذهنك، لا تكن أنانياً، كن مجدداً، تكاتف مع الآخرين، حاول أن تفهم أولاً سبع عادات ذكرها صاحب الكتاب، نحن نأخذ الأولى كن مبادراً، ما معنى كن مبادراً؟ الشخصية المبادرة والشخصية الانفعالية ما هو الفرق بين الشخصية المبادرة والشخصية الانفعالية؟

هناك مثير وهنا استجابة أليس كذالك؟ إذا الإنسان يتعرض إلى مثير يصدر منه استجابة للمثير، قبل أن تصدر منك الاستجابة أنت تعرضت لمثير، قبل أن تصدر منك الاستجابة هناك عناصر أربعة في داخلك تشتغل إدراك وقيم ومشاعر وقرار، كيف تستجيب أنت لهذا المثير، مثلا أنت وأنت جالسين جاء شخص وشتمنا وبصق في وجهنا أي شيء كان هذا مثير المفروض أن تصدر منا استجابة، كيف استجابتنا لهذا المثير؟، أحدنا استجابته بأن يصدر قراره نابعاً من مشاعر فهو يملك مشاعر وقرار يصدر قراره نابعاً من مشاعره هذا يسمى شخصية انفعالية قراره أتى من عواطفه ومن مشاعره هذه شخصية انفعاليه، والأخر يصدر قراره ناشئاً من قيمه فهو يملك قيم وقراره لا يستند إلى مشاعره يستند إلى قيمه هذا يعتبر شخصية مبادرة، الشخصية المبادرة من يستند قراره واستجابته إلى قيمه والشخصية الانفعالية من يستند قراره إلى مشاعره، من ضحى بمشاعره لأجل قيمة فهو شخصية مبادرة ومن ضحى بقيمة لأجل مشاعره فهو شخصية انفعاليه هذا هو الفرق بين الشخصية الانفعالية وبين الشخصية المبادرة.

نتعرف على ما هي مؤهلات الشخصية المبادرة وما هي ملامح الشخصية الانفعالية؟ حتى نعرف أننا من أي صنف منهما؟

الشخصية المبادرة لها عناصر ثلاثة:

العنصر الأول: الشعور بالمسؤولية.

لأنه يشعر بأنه مسئول عن مجتمعه لذلك يقدم مبادرات لخدمة مجتمعة يشعر بأنه مسئول عن وقته ويقدم مبادرات، الشعور بالمسؤولية أساس الشخصية المبادرة قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ وقال تعالى: ﴿وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى: ”كلكم راعاً وكلكم مسئول عن رعيته“.

العنصر الثاني: الوعي.

الشخصية المبادرة تملك وعي يعني يملك خبره اجتماعيه ويعرف أوضاع مجتمعة ويعرف متطلعات مجتمعة لذلك يبادر لسد النقص ويبادر للنهوض بمجتمعه إما مبادرات اقتصادية وإما مبادرات ثقافية وإما مبادرات اجتماعيه هذا يسمى شخصية مبادرة لأنة يملك وعي، النبي يركز على عنصر الوعي يقول: ”من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم وليس منا من بات شبعان وجارة جائع“ لابد بأن يكون لك وعي بما حولك.

العنصر الثالث: الجرأة.

هناك أناس طيبين يملكون الأفكار ويملكون الوعي ولكن لا يملك الجرأة، تنقصه الجرأة وتنقصه روح الإقدام، روح الإقدام ضرورية للشخصية المبادرة لذلك ورد عن الإمام علي : ”إذا خفت من شيءً تقع فيه“ لأن الخوف تارة خوف عقلائي له منشئ عقلائية لا خوف إن تراجعت وتارة الخوف يكون وسوسة بعض الناس يكون عنده وسوسة ودائماً يخاف ودائما يجعل احتمالات أمامه، إذا كان الخوف وسواسي غير عقلائي أقدم ولا تخاف فإن انتظراك له أشد من وقوعك فيه.

ملامح الشخصية الانفعالية:

المظهر الأول: التبرير.

الانفعالي دائماً يبرر أفعالهم، تقول له أنت لماذا مثلاً ترتكب المعصية؟ لماذا مثلاً تسمع الأغاني؟ فلا يقول أنا أخطأت يقول أنا تمر عليَّ هموم لا أستطيع أن أنفس عن همومي إلا أسمع صوت جميل وأغنية جميلة، مثلاً لماذا أنت تعق والديك؟ فيجب لولا أبي وأمي من زمن قديم ولا يفهمون شخصيتي وأنا مضطر أنني أعقهم فدائماً يضع المبررات لأفعاله، الشخصية الانفعالية دائماً مبررة أما الشخصية المبادرة شخصية واقعية تعترف بالخطأ، مثلاً زوجان، زوج وزوجة تصبح مشاكل في ما بينهم وأحياناً تتصاعد المشاكل من هو المبادرة ومن هو الانفعالية؟، الطرف الذي دائماً يحمل الطرف الآخر المسئولية أنت المسئول وأنت الذي صدر منك كذا فأنا لم أفعل شيئاً أنا إنسان سليم، الشخص الذي يضع المسئولية على غيرة زوجاً أو زوجة هو شخصية انفعالية، أما الشخص الذي يتحمل المسئولية ويقول نعم أنا فعلت وأنا أخطأت سلوكي استند إلى قراري وقراري كان خاطئ أنا أخطأت وأنا أصلح خطأي، أنا أغير صفحتي هذه شخصية مبادرة تريد تغير الواقع بينما الشخصية الانفعالية تريد تخبير الواقع ولذلك ورد عن النبي محمد : ”حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا وأهم المحاسبة الاعتراف بالخطأ“ والاعتراف بالخطأ فضيلة.

المظهر الثاني:

أن الشخصية الانفعالية انعكاس للآخر، الانفعالي دائماً سلوكه مستورد ودائماً سلوكه يتأثر بالآخرين لا يملك استقلالية في سلوكه، يمشي مع مجموعة سلوكه وقراره مأخوذ من هذه المجموعة، نقول له دع عندك قرار ألست إنسان عاقل؟ فيقول لا أنا مع المجموعة لا أستطيع شخصية انفعالية، الشخص الذي يأخذ قراره من مجموعته ويأخذ قراراه من خطه ويأخذ قراراه من حزبه الذي يأخذ القرار من الآخر شخصية انفعالية، أما الشخصية المبادرة فهي صاحبة استقلال في قرارها ورد عن الإمام علي : ”لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حراً“

المظهر الثالث:

الشخص الانفعالي ناقد والشخص المبادر فاعل، كيف؟ هناك فئة من المجتمع متكئين على المخدة ما هي وظيفتهم؟ نقد الآخرين لا يملك وظيفة فينتقد لا تقوم مبادرة في المجتمع وإلا وينقدها ولا تقوم طاقة من طاقات المجتمع إلا ويشرحها ولا يقوم عمل خير إلا ويضع عليه ملاحظات واستفهامات، كل ما تذكر أمامه أعمال خير وتقول له مثلاً: الشباب يحتاجون فعل كذا يضع لك عوائق وموانع هذا شخصية انفعاليه، الشخص الناقد من دون عمل شخصية انفعاليه دورة التعليق على عمل الآخرين، أما الشخصية المبادرة لغتها لغة العمل ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ لغتها لغة العمل ولهذا نفسه سيكيفن كوفي في كتابه يقول هناك لغتين:

مثلاً: تأتي تقول إلى شخص ترى الركود الاقتصادي في العالم بدء ينتشر ربما هذا الركود الاقتصادي يؤثر على سوقنا وتجارتنا، بعض الناس يقولون إذا جاء فرج الله هذا شخصية انفعالية، وهناك شخص يقول لا أكيد إذا لابد أن نفكر في المرحلة ولابد أن ندرس المرحلة هذا شخصية مبادرة.

مثلاً: تأتي إلى شخص وتقول له أنت إنسان غضوب وأنت إنسان تنفعل دائماً ومنقبض أمام الناس والانغضاب والانفعال أمام الناس يؤثر على شخصيتك إذا كان شخصية انفعاليه يقول لك الله خلقني هكذا، وهناك شخص يقول لك كلامك صحيح أنا إنسان غضوب أحاول أن أحسن من سلوكي ومن صفحة حياتي هذه شخصية مبادرة.

مثلاً: تقول إلى شخص يحتاج المجتمع إلى مركز لجمع الدراسات الاجتماعية ما رأيك في هذه الفكرة؟ شخصاً يقول لك المشكلة الفكرة هذه لا يوجد أناس يقومون بها والدولة لا ترضى هذا يسمى شخصية انفعالية، وهناك شخص تعرض عليه الفكرة يقول لك أدرسها وإذا لم أتمكن نضع لها بدائل وخيارات، هذه لغة تختلف بين المبادر وبين الانفعالي.

المظهر الرابع:

الاكالية، الشخص الانفعالي إنسان اتكالي لا يملك مبادرات ولا يملك عطاء متكلاً على غيره هذا يسمى بالشخصية الانفعالية لأنه شخصية إتكالية، مع الأسف ظاهرة الشخصية الإتكالية ظاهرة منتشرة في مجتمعاتنا.

الإمام أمير المؤمنين كما ورد عنه يقول: ”العاقل من اعتمد على عمله والجاهل من اعتمد على أمله“ يعيش آمال وأماني هذا شخصية إتكالية، الشخصية الإتكالية لها عاملان:

العامل الأول: التربية.

كثيراً منا يربي أبناءه على أن يكون شخصية إتكالية، كثيراً منا يربي أطفاله على الدلال المفرط، لا يحسسه بالمسئولية أبداً أي شيء يريده يعطيه، شراب وأكل ولباس وأجواء راحة وسفر ونزهه يلبي لطفله كل طلب ولا يحسسه بالمسئولية، تربية الطفل على الدلال المفرط تحوله إلى شخصية إتكالية وشخصية غير مسئولة، هذا الولد يتخرج من الجامعة ومازال شخصية إتكالية لا يتحمل أي مسئولية، أيام السنة يقول أنا مشغول بالدراسة لا أستطيع عمل شيء وأيام الإجازة مشغول مع أصدقائه والسفرات والنزهات والسهر في الليل إلى الفجر، لا يتحمل أدنى مسئولية من مسؤوليات الأسرة لأنه ربي على الدلال المفرط فهو شخصية إتكالية.

ورد عن النبي محمد : ”رحم الله والداً أعان ولده على بره ولعن الله والداً أعان ولداً على عقوقه“ كيف البر؟ الإمام زين العابدين في رسالة الحقوق يقول: ”فعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه“ في عاجل الدنيا ابنك زينتك ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ابنك زينتك هل زينتك شخصية مترفة ومدللة وإتكالية؟، أو زينتك شخصية مسئولة؟ الولد الذي يشعر بالرجولة والمسئولية زينة لأبوية وأما الشخصية المترفة الخجولة المدللة فلا يصلح لأن يكون زينة لأبوية.

عمر ابن عبد العزيز لما استلم الخلافة جاءته الوفود تهنئه، جاءه وفد من المدينة ومعهم طفل، دخل الوفد على عمر ابن عبد العزيز قام الطفل وتكلم بإسم الوفد طفل عمره عشر سنوات، قال له عمر ابن عبد العزيز اجلس فليتكلم من هو أكبر منك سناً، التفت الطفل إلى عمر ابن عبد العزيز وقال: إذا كان المدار على كبر السن ففي المجلس من هو أولى منك بالخلافة، قال في المجلس أناس كبار لماذا أنت تتقدم بالخلافة؟، ثم قال:

تعلم  فليس  المرء يولد iiعالماً

وإن  كبير  القوم  لا علم iiعنده

 
وليس أخو علم كمن هو iiجاهل

صغيراً إذا التفت عليه المحافل

أعجب به عمر ابن عبد العزيز لأن هذا الطفل ربي على الشعور بالمسئولية ومن يثق بقدراته وطاقته.

العامل الثاني: الخوف.

كثيراً منا يخاف من المبادرات ويخاف أن تفشل سبقتها تجارب فشلت أو عنده إحباط ويأس فيخاف أن يحقق المبادرة أو يصر على المبادرة، هذا تمام كلامنا في المحور الثاني.

المحور الثالث: عوامل فشل المبادرات في مجتمعنا.

ما هي أسباب فشل المبادرات في مجتمعنا؟ مجتمعنا يعج بالطاقات، المجتمع الإسلامي والمجتمع الأمامي مجتمعنا الخاص بحرين وأحساء وقطيف فيه طاقات عملاقة وفيه طاقات قادرة على أن تصبح أرقام عالية في الشعر والأدب والفكر والعلم والفقه في أي مجال مجتمعنا يمتلك طاقات خلاقة، إذن لماذا طاقاته باهته؟ لماذا طاقاته هامدة؟ لماذا مبادراته تبتلى بالفشل والتراجع لماذا؟

هناك مبادرات فشلت مثلاً: كان هناك مبادرة مجلس يجمع العلماء والأعيان من أجل مناقشة القضايا المصيرية للأمة وللطائفة فشل المشروع، من المشاريع مثلاً: نقابة الخطباء كان يسعى إليها المرحوم عميد المنبر الحسيني الشيخ الوائلي ”رحمه الله“ نقابة الخطباء نقابة تظم أبرز الخطباء وعيون الخطباء لمناقشة القضايا الفكرية التي تستحق أن تعرض من خلال المنبر الحسيني فشل المشروع، مثلاً: كان هناك مشروع صندوق الحقوق الشرعية، تعرفون أن الحقوق الشرعية كثيرة جداً ولكنها مبعثرة ولو خضعت لإدارة مالية متخصصة ومخلصة لغطت جميع أوضاع الفقر والعوز في الحاجة، لذلك جاءت فكرة مشروع صندوق الحقوق كل بلد له صندوق حقوق، الوكلاء وكلاء المراجع في هذا البلد يرتبطون بصندوق واحد وهذا الصندوق يخض للجنة موثوق بها من قبل الوكلاء، لجنة إدارية مالية ومتخصصة ومخلصة في إدارة الحقوق صادرها وواردها فشل المشروع.

نملك طاقات في الشعر ترى ينمو أدبه ثم يتراجع، يسير في طلب العلم ثم يتراجع، يبرز على مستوى المنبر والخطابة ثم يتراجع، يبرز على مستوى الفن والأدب ثم يتراجع لماذا؟ ما هو السبب في ضمور الطاقات وتراجع المبادرات؟ هناك عاملاً رئيسيان:

العامل الأول: المترفون.

في كل مجتمع فئة يسمون المترفين، هؤلاء المترفون يعارضون كل مبادرة ويعارضون أي تغير ويعارضون أي حركة إصلاحية ويعارضون أي طاقة يرجى لها النمو والبروز، القرآن الكريم يتحدث عن المترفين قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ المترفون هم النفعيون الذين يخافون زوال مصالحهم لذلك يعارضون أي مبادرة ويعارضون أي طاقة.

العامل الثاني: فئة المحبطين.

هناك مجموعة محبطة ويأسه إما نتيحه قسوة الظروف فتصبح يأسه من أي مبادرة، وإما نتيجة دخلت في تجارب وفشلت فتكره لغيرها النجاح، وإما لأنها مريضة فهناك جماعة مرضى، هو مريض بمرض الإحباط وهو مريض بمرض اليأس لذلك دوره دائماً دور النقد ودور اللدغ، يحارب أي طاقة ويحارب أي فعالية ويحارب أي مبادرة ويضع عليها علامات الاستفهام وعلامات الملاحظة، كيف ينهض مجتمعنا ونحن نستجيب للفئة المحبطة، كيف يتقدم مجتمعنا ونحن نصغي للمحبطين الذين ينتقدون أي حركة وأي مبادرة ثقافية واقتصادية واجتماعية، مع الأسف بعض شبابنا يأتي ويجلس على الانترنت أو أي موقع من المواقع من المراجع ومادون ينتقد المرجعية وينتقد العلماء وينتقد المفكرين، طيب إذا أنت تملك كل هذه الطاقات أنت ماذا قدمت للمجتمع؟ ماذا أعطيت اسأل نفسك إذا كنت إنسان موضوعي؟ ماذا قدمت؟ وماذا أعطيت؟

إذا نحن حاربنا كل طاقة وحاربنا كل مبادرة وحاربنا كل موهبة من مواهب المجتمع فمتى يتقدم مجتمعنا؟، المجتمع الرشيد لا يتقدم إلا إذا كانت لغته لغة التشجيع لا لغة التثبيط، كل طاقة علينا أن نشجعها، نعم ننقدها نقد بناءً بالأسلوب المهذب وبالأسلوب الذي يصل إلى هذه الطاقة لتعرف أخطائها وتواصل طريقها ولكن لتكن لغتنا لغة التشجيع، تشجيع الطاقات وتشجيع المواهب وتشجيع المبادرات ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وليس لغة التخذيل والتثبيط والنقد.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين