مَن ينتظر مَن

شبكة المنير

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ

أمنا بالله صدق الله العلي العظيم.

الآية المباركة تتحدث عن موقف بين النبي وبين الكافرين فالكافرون يطالبون النبي بآية أخرى غير القرآن الكريم ويقولون لا نكتفي في تصديقك والإذعان بنوبيتك بالقرآن الكريم أننا نحتاج إلى آية أخرى تضم للقرآن الكريم كي تكون داعم لنبوتك ورسالتك ﴿وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ «بمعنى آية أخرى غير القرآن الكريم» والنبي أخبرهم أن هناك آية أخرى أي أن الله تبارك وتعالى لم يدعم نبوته بآية واحدة وهي القرآن الكريم وإنما دعم نبوته بآيتين فهناك آية أخرى غير القرآن الكريم﴿فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ بمعنى أن هناك آية أخرى ما زالت في مطاوي الغيب وما زالت في خزائن الغيب ﴿فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ فما هي الآية الأخرى التي تكافأ القرآن الكريم كما أن القرآن الكريم معجزة لا تقبل الشك والريب وتدعم نبوة النبي فما هي الآية الأخرى التي تكون معجزة أيضاً ولا تقبل الشك والريب وتدعم نبوة النبي شرق المفسرون وغربوا في تحديد الآية الأخرى ما هي؟! ولكن لم يصلوا إلى شيء.

الرواية عن الإمام الصادق حددت لنا ما هي الآية الأخرى التي لا تقل عن القرآن الكريم في الإعجاز وستكون داعم واضح لنبوة النبي قال: الآية التي ينتظرها النبي وينتظرها الخلق ظهور قائم آل محمد ﴿فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ وهذا أمر واضح لأنه ظهور الدين على الأرض كلها معجزة كما أن القرآن في حد ذاته معجزة انتشار الدين في الأرض كلها بحيث يصبح الدين الإسلامي دين لكل البشر هو في حد ذاته أيضاً معجزة أخرى فكما أن القرآن معجزة تدعم النبوة ظهور القائم الذي يظهر الدين على الدين كله ويملئ الأرض كلها قسطاً وعدلاً معجزة أخرى لا تقل عن إعجاز القرآن الكريم ﴿فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ.

من هنا ننطلق في الحديث عن القائم المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف» من خلال محاور ثلاثة:

المحور الأول: هل أن ليوم الخروج وقت معين لا دور لظروف في تحقيقه أو أن الظروف دخيلة في تحقيق ذلك اليوم؟! فهنا اتجاهان:

الاتجاه الأول: يقول يوم خروج القائم كيوم الساعة وقت معين لا يتقدم ولا يتأخر وليس لظروف دخل في تحقيقه سوا تحققت الظروف أم لم تتحقق إذا جاء اليوم المعين خرج القائم هو كساعة أصحاب هذا الاتجاه يستدلون بعدة روايات من هذه الروايات، ما ورد في تفسير القمي عن الإمام الصادق في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ قال الإمام الصادق أيام الله ثلاثة: يوم القائم، ويوم القيامة ويوم الموت هذه أيام ثلاثة تأتي في وقت معين.

من هذه الروايات ما ورد أن القائم يصلحوا الله له أمره في ليلة واحدة ورد عن الإمام أمير المؤمنين عني النبي : ”المهدي منا أهل البيت يصلح الله له أمره في ليلة واحدة“ ما معنى ”يصلح الله له أمره؟! يعني لم يكن زين وبعد ذلك أصبح زين هذه الرواية موجودة أيضا في كتاب أخواننا أهل السنة في مسند أحمد“ المهدي يصلحه الله في ليلة واحده ”بعضهم رأيتهم في بعض القنوات يقول المهدي كان رجل غير صالح وأصبح صالح في ليلة واحدة كأنه يريد أن يقول بأن الإمامة لا ترتبط بالعصمة ولذلك المهدي راح يكون والعياذ بالله فاسد والله سوف يقبل توبته ويصلحه في ليلة واحدة هذه الرواية عن الإمام علي“ يصلح له أمره «ليس يصلحه هو صالح» في ليلة واحده ”ومعنى أصلاح أمره هناك رواية عن الإمام الصادق تشرح هذه الرواية، قال: الصادق أن موسى أبن عمران خرج في ليلة ليقتبس لأهله نار فرجع وهو رسول نبي فأصلح الله له أمره في ليلة واحدة «يعني جعله رسول في ليلة» وكذلك يفعل بالقائم الثاني عشر من الأئمة يصلح له أمره في ليلة واحدة وهو أن الله يجمع له أنصاره وأصحابه في مكة في ليلة واحدة وهي ليلة الجمعة لا يتخلف منهم أحد“ هذا معنى يصلح الله له أمره ليس بمعنى أنه كان فاسد وأصبح زين.

إذاً هذه من الروايات التي استفادا منها البعض أن القائم له وقت معين ليلة معينة وما ورد عن أبي البصير عن الإمام الصادق : ”أن القائم لا يخرج إلا في وتر من السنين“ بمعنى واحد أو ثلاثة أو خمسة.

وما ورد أيضاً عن أبن أبي عمير عن واحد عن الصادق قال: ”السبت لنا والأحد لشيعتنا والاثنين لأعدائنا والثلاثاء لبني أمية والأربعاء لشرب الدواء والخميس تقضى فيه الحوائج والجمعة يوم عيد وهو أفضل من عيد الفطر والأضحى وفيه يخرج قائم آل بيت محمد“

هذا أول خروج لأنه الإمام له ظهور وله إعلان الظهور، الظهور يوم الجمعة في البيت الحرام بين الركن والمقام ولكن لا يعلن ظهوره إلا يوم السبت المصادف ليوم عاشوراء كما في الروايات الأخرى، إذاً قد يستفاد من هذه الروايات أن للقائم وقت كيوم القيامة لا يتقدم ولا يتأخر وليس لظروف دخل فيه هذا اتجاه.

الاتجاه الثاني: وهو الأصح أن الظروف دخيلة في خروج القائم صحيح كما دلت هذه الروايات أن يوم الخروج يوم معين لكن هذا اليوم، أنيط بظروف معينة بمعنى أن هناك ظروف تساهم في الأعداد لخروجه في ذلك اليوم المعين فخروجه لا ينفصل عن الظروف بل خروجه متفرع على الظروف فالظروف هي التي تساهم في خروجه في يوم معين لا أنه يوم لا يقبل التقدم والتأخر «لا» هو يوم خاضع للبداء يمكن أن يتقدم يمكن أن يتأخر تبعاً لتحقق الظروف المعينة مثل: الأجل أناس تفكر الأجل خلاص لا يتغير لا الموت كذلك يتغير الموت فيه البداء أنت تستطيع أن تقدم موتك تنتحر تستطيع أن تأخر موتك بالأعمال الصالحة الموت خاضع للبداء «بمعنى خاضع لظروف معينة» ولذلك ورد عندنا في الروايات ”أن المرء ليحين أجله فيتصدق أو يصل رحمه فيمد الله في أجله ثلاثين عاما“

إذاً الموت يوم لكن منوط بظروف وأسباب معينة كذلك خروجه يوم لكنه نابع وتابع لظروف معينة ولذلك يقبل البداء أي يقبل التقديم والتأخير لماذا؟! نحن ما هو دليلانا على هذا الاتجاه؟!

لوجهين:

الوجه الأول: عندنا مجموعة روايات تدل على أن لا وقت له مثلاً:

رواية الفضل بن يسار سأل الإمام الباقر هل لهذا الأمر وقت؟! قال: كذب الوقاتون.

رواية أبي بصير عن الباقر : ”أنا أهل بيت لا نوقت وأبى الله إلا أن يخالف وقت المؤقتين“.

رواية ثالثة رواية أبي حمزة الثمالي عن الباقر قال: "أن الله وقت لهذا الأمر سبعين فلما قتل الحسين أبن علي أشتد غضب الله على أهل الأرض فوقته ب140 فلما حدثناكم وأذعتم حديثنا لم يجعل الله له وقت قال تعالى: ﴿يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِإذاً وقت خروجه خاضع للبذاء أي أنه خاضع لظروف معينة إذا تحققت خرج إذا تنجزت تلك الظروف خرج، هذا الوجه الأول.

الوجه الثاني: الدعاء الصحيح المعتبر الوارد ”الهم عجل فرجه“ طيب إذا له وقت معين لا معنى أن نقول «عجل فرجه» صح أو لا؟! إذا هو وقت معين لا يتقدم ولا يتأخر إذاً لا معنى للدعاء نفس هذا الدعاء ”الهم عجل فرجه“ هو بنفسه دليل على أن وقته قابل لتقديم والتعجيل إذا تحققت ظروفه وتنجزت أسبابه لذلك يقول شخص ماذا يفيد دعائنا؟! يفيد دعائك، الدعاء من أسباب تعجيل خروجه نفس الدعاء دعاء المؤمنين هو من أسباب تعجيل خروجه ومن اسباب تقديم يومه «صلوات الله عليه وعلى أبائه».

إذاً خروج الإمام منوط بظروف معينة ما هي هذه الظروف:

أهمها ظرفان:

الظرف الأول: فشل جميع الإيديولوجيات بمعنى أن البشرية ستجرب جميع الأنظمة السياسية وستجرب جميع الأنظمة الاقتصادية إذا أدركت البشرية فشل جميع الأنظمة وعقم جميع السياسات وأنها ما زالت ترزح تحت الجوع والفقر والخوف من دون خلاص حين إذاً سيكون الظرف مهيأ ومعد لخروج المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف»، وهذا تدل عليه روايات منها عن الباقر قال: "دولتنا أخر الدول ولا يبق قوم لهم دولة إلا ملكوا قبلنا كل أناس يريدوا أن يملكوا سيملكوا قبلنا لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: لو ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء وذلك قول الله تعالى: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَدولتنا أخر الدول.

الظرف الثاني: الظرف الروحي، الظرف الروحي بمعنى: خروج الإمام يحتاج إلى أرضية تنصره وتستعد لدفاع عنه وهذه الأرضية إلى الآن لم تتحقق متى ما تحققت هذه الأرضية بمعنى وجود أنصار مستميتين في الدفاع عن دولة كزبر الحديد متى ما تحققت هذه الأرضية كانت ظرف أخر مؤهل لخروج «صلوات الله وسلامه عليه».

الآن أقرا لك هذه الرواية في رواية أبي خالد الكالبي عن زين العابدين قال: ”يا أبا خالد أن أهل زمان غيبته القائلين بإمامته المنتظرين لخروجه هم أفضل أهل كل زمان أهل زمان الغيبة أفضل أهل كل زمان هم المخلصون حقا وشيعتنا صدقا والدعاة إلى دين الله سراً وجهر“

إذاً هناك جماعة نخبة يعدهم الله تبارك وتعالى لخروجه وهم أقطاب دولته وأركان حكومته «صلوات الله وسلامه عليه»، إذاً الخروج خاضع لظروف وإلى تهيأ الأسباب.

المحور الثاني:

هناك سؤال يتبادر إلى ذهن كل إنسان نحن نعرف أن الدولة المهدوية هي خاتمة الزمان فهي أخر دولة وهنا يأتي السؤال: لماذا لم يجعل الله هذه الدولة في أول الزمان؟! بمعنى لماذا لم يهيأ الله الأسباب للنبي مثلاً حتى تكون له هذه الدولة الكبرى لماذا جعل هذه الدولة أخر الزمان؟! بعبارة أخرى عبارة علمية علمائنا يقولون الدليل على الحاجة وضرورة النبوة والإمامة قاعدة «اللطف» في علم الكلام قاعدة تسمي بقاعدة «اللطف» يقولون مقتضى قاعدة اللطف أن يبعث الله الأنبياء وأن ينصب الأئمة وأن ينزل الكتب من السماء، هذا مقتضى قاعدة اللطف لماذا؟!

لأنه المجتمع الإنساني يحتاج إلى نظام عادل وهذا النظام العادل لا يمكن للمجتمع الإسلامي أن يخترعه لأنه المجتمع الإنساني عقوله محدوده لا يمكن أن يخترع نظام عادل ينسجم مع جميع الحضارات ومع جميع الأجيال، إذاً المجتمع الإسلامي يحتاج إلى نظام عادل يتناسب مع جميع الأجيال ومع جميع الأزمنة وذلك النظام العادل لا يد أن ينزل من السماء فمقتضى لطف الله بالمجتمع الإنساني أن ينزل عليهم النظام العادل الذي يحتاجونه هذه تسمى قاعدة اللطف ولقد استدل بها علمائنا على ضرورة وجود أنبياء وجود أئمة وجود كتب سماوية تحقق النظام العادل هذه القاعدة أيضاً يمكن أن يستدل بها شخص على ضرورة وجود الدولة المهدوية من زمان النبي لماذا تتأخر إلى أخر الزمان كما أن مقتضى لطف الله بالأمة أن يبعث أنبياء كما أن مقتضى لطف الله بالناس أن ينزل عليهم الكتب مقتضى لطف الله بالناس أن يؤسس لهم دولة مهدوية عامة منذ زمان النبي محمد فلماذا تأخرت الدولة إلى أخر الزمان ما هو السر ما هو الحكمة؟! ما هي الحكمة في تأجيل الدولة العامة إلى أخر الزمان ما هو السر في تأخيرها إلى أخر الزمان ما هي الحكمة؟!

هنا أمور ثلاثة:

الأمر الأول: يقول الفلاسفة: المادة منشأ النقص والتجرد منشأ الكمال، كيف المادة منشأ النقص والتجرد منشأ الكمال؟! الإنسان مادي جسم مادي موجود على الأرض لأنه مادي فهو ناقص المادة منشأ للنقص الوجود المادي منشأ للنقص الوجود هذا منشأ للنقص كيف؟! لأنه الوجود المادي محفوف بحاجبين كبيرين: حاجب الزمان، وحاجب المكان، أنت لا تستطيع أن تتحرر لا من زمان ولا تستطيع أن تحرر من المكان لماذا؟! لأنك مادي فأصبحت المادة منشأ للنقص مثلاً: أنا الآن في هذا المكان لا أستطيع أن أعلم بما خلف الجدار لماذا؟! المكان يحجبني ما دمت مادة والمادة تشغيل حيز من الفراغ فلا يمكن لهذه المادة التي تشغل حيز من الفراغ أن تشغل الأمكنة كلها لابد أن تشغل مكان معين أصبح المكان حاجب المكان يحجبني أن أعلم ما وراء المكان وكذلك الزمان أنا الآن في الساعة 8:30 لا أعلم ماذا سيحصل في الساعة 9 الزمان يمنعني أن أعلم.

إذاً المادة تشغل مكان فيحجبها المكان عن الامتداد لما ورائه وتشغل زمان فيمنعها الزمان عن أن تحيط بما ورائه الزمان والمكان حجابان يمنعانا الإنسان عن رؤية ما وراء الزمان ورؤية ما وراء المكان كل هذا لأنه الإنسان مادي بينما المتجرد عن المادة مثل الملك لا يحجبه زمن ولا يحجبه مكان الملائكة تعلم ما وراء المكان لأنه لا يحجبه مكان وتعلم ما وراء الزمان لأنه لا يحجبها زمان فالمادي وهو أنا ناقص لأنني مبتلى بحجابين وهما الزمان والمكان بينما المجرد كالملك كامل لأنه يحجبه لا مكان ولا زمان فالمادة منشأ النقص والتجرد منشأ الكمال.

ما هو الفرق بين الروح قبل أن تصبح في عالم المادة والروح بعد أن تصبح في عالم المادة؟! نحن كنا أرواح قبل أن ننزل إلى هذا العالم كنا أرواح في عالم الذر لما كنا أرواح كنا مجردين لم نكن مادة لما كان في عالم الذر كنا نعيش كمال وهو رؤية ملكوت الله تبارك وتعالى كل روح من أرواحنا كانت تشاهد ملكوت الله تبارك وتعالى وتسبح الله لرؤيتها ذلك الملكوت ورؤية الملكوت كمال وأي كمال قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ كل روح بشرية قبل أن تنزل إلى عالم الدنيا كانت ترى الملكوت وتشاهده وتسبح الله لأجله فهي تعيش كمال فعلي نزلت إلى عالم المادة أرطبت بالجسد أصبح الجسد مثل السجن مثل القفص أصبح يحجبها الزمان والمكان خرجت من الكمال إلى النقص أصبحت محفوفة بالزمان والمكان بعد أن كانت متجردة ومتحررة من الزمان والمكان هذا الأمر الأول.

الأمر الثاني: كما أن الزمن والمكان حجب وقيود أمام الانطلاق وأمام العلم وأمام الكمال أيضاً التراكمية الثقافية قيد أخر هذه يطرحه علماء النفس، كيف التراكمية الثقافية قيد أخر؟! أضرب لك أمثله:

عندنا الآن طفل عمره سبع سنوات في أول ابتدائي هذا الطفل تستطيع أنت أن تعلمه معلومات الجامعة؟! حتى إذا علمته المعلومات يمكن أن يحفظها يمكن هذا الطفل عنده قوة ذاكرة لكنه لا يستطيع أن يتفاعل معها لماذا لا يستطيع أن يتفاعل معها؟! لأنه مادة دماغه خلايا مادية الحواس الخمس الذي عنده أشياء مادية والمادي ناقص ومحدود القدرة فلا يمكنه أن يتفاعل مع أي معلومة إذا لم يمر بالتراكمية الثقافية هذا الطفل ما لم يتعلم المعلومات السابقة على معلومات الجامعة لا يمكن أن يستوعب معلومات الجامعة مستحيل، يمكن أن يتفاوت الناس شخص يمكن أن يستوعبها بعد خمس سنين وشخص يمكن لا يستوعبها إلا بعد عشر سنين هذا تفاوت في السرعة والبطء ليس إلا لكن لابد لتراكمية الثقافية من أن تأخذ دورها، أنت تأتي إلى طالب الطب يستطيع طالب الطب خلال يوم واحد يستوعب معلومات سبع سنوات لا يستطيع لماذا؟!

التراكمية الثقافية دخليه في التفاعل مع المعلومة يمكن أن يحفظ عندنا الآن أطفال في إيران وغير إيران يحفظوا القرآن كله هذا حفظ لا يستطيع أن يتفاعل معه التراكمية الثقافية دخيلة في التفاعل مع المعلومة، التراكمية الثقافية عنصر ضروري في التفاعل مع المعلومة إذاً طفل الابتدائي لا يستطيع أن يتفاعل مع معلومات الجامعي لأنه لم يمؤ بهذه التراكمات الثقافية حتى يكون قادر على التفاعل معها، الشاب في أول الجامعة لا يمكن أن يتفاعل مع رسالة الدكتوراه وأن حفظها لأنه لم يمر بالتراكمية الثقافية التي تؤهلها لاستيعاب المعلومات كل ذلك ناشئ عن كونه مادي والمادي محدود القدرة هذا هو الأمر الثاني.

الأمر الثالث: وصلنا إلى النتيجة لماذا لم تعطى البشرية منذ يوم آدم رسالة النبي لماذا رسالة النبي تأخرت إلى فترة؟! جاء آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم داود ثم سليمان ثم موسى ثم عيسى ثم النبي محمد، ما هو السر في تأخير رسالة الإسلام لما بعد الآف السنيين من تاريخ البشرية؟! السر في تأخير رسالة الإسلام إلى ما بعد ألاف السنيين هو حاجة البشرية لتراكمية الثقافية حتى تكون مؤهلة باستيعاب رسالة الإسلام لو أعطيت البشرية رسالة الإسلام منذ يوم نوح لما تفاعلت معها ولأصبحت الرسالة فاشلة الرسالة الإسلامية تحتاج إلى مستوى من الثقافة تمر به البشرية حتى تكون مؤهلة لاستيعاب هذه الرسالة.

إذاً كما أن الله أجل رسالة النبي إلى ما بعد آلاف السنين من تاريخ البشرية كذلك أجل الدولة المهدوية إلى أخر الزمان لماذا؟! لأنه الدولة المهدوية تحتاج إلى مستوى ثقافي وحضاري لا تملكه البشرية إلى الآن إلى الآن البشرية لا تملك المستوى الثقافي والحضاري الذي يؤهلها لتفاعل مع دولة الإمام المهدي، الدولة المهدوية تحتاج إلى مستوى من النضج والثقافة والحضارة لذا المجتمع البشري لكي يستطيع أن يتفاعل مع معلومات هذه الدولة مع قوانين هذه الدولة مع أنظمة هذه الدولة حيث أن البشر لم يصل إلى هذا المستوى لذلك لم يحن موعد الدولة بعد ولو أعطيت الناس الجولة الخاتمية مند زمن النبي أو زماننا هذا لكان الدولة فاشلة لا يستفيد منها الناس، أمثله:

في زمن الإمام علي لماذا الإمام علي كان متأذي كان يقول يا كميل «أنا هاهنا لعلماً جماً لو أصبت له حملة» بمعنى ليس عندي أحد يفهمني أنا سابق زماني أنا سابق وقتي «أنا هاهنا لعلماً جماً لو أصبت له حملة» لماذا؟! أنت ترى الإمام علي مثلاً يقف على نهر الفرات ويقول: «لو شئت أن أخرج لكم من هذا الشلال نور لأخرجت» الناس لا تفهم الكهرباء في ذلك الوقت لا تفهم الرابط بين الماء والكهرباء، إذاً هذا يتكلم عن معلومة سبقت زمانه لا يستطيع الناس أن يتفاعلوا معها الناس كانت تقرأ القرآن وتقرأ قوله تعالى: ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍولم تكن تفهم هذه الآية الناس لم تكن تفهمها في زماننا فهمت الناس أن الأرض متحركة.

مثلاً: الناس كانت تقرا هذه الآية: ﴿السَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ نظرية التمدد في الفضاء هذه النظرية الآن حدثت لم تكن الناس تعرف بهذه النظرية زمن نزول الآية.

نأتي الآن على مستوى علم النفس من أهم نظريات علم النفس الاستبطاني العقل الباطن، العقل الباطن هذا اكتشافه اكتشاف شيء عظيم أسهم في حل مشاكل وأمراض نفسية كثيرة اكتشاف منطقة العقل الباطن طيب هذه منطقة العقل الباطن اللي اكتشفوها علماء النفس في زماننا هذا وردت في الروايات وفي الآيات: ﴿فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَىوورد عن الإمام علي : ”ما أضمر أمرء شيء في قلبه إلا ظهر على فلتات لسانه“ لكن البشرية لم تكتشف العقل الباطن إلا في زماننا.

إذاً أريد أن أقول أن السر في تأجيل الدولة المهدوية إلى أخر الزمان أن التفاعل مع هذه الدولة يحتاج إلى مستوى راقاً من الثقافة وإلى الآن البشرية لم تمر بالتراكمية الثقافية التي تؤهلها لتفاعل مع دولة المهدي المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف» فلو أعطوا هذه الدولة في زمن سابق لكان في غير محله لكانت دولة فاشلة وعقيمة لا يمكن أن يتفاعل معها المجتمع البشري.

المحور الثالث:

ذكرنا أن خروج الإمام المنتظر منوط ومرهون بظروف معينة، هل نستطيع نحن أن نساهم في هذه الظروف؟! هل نستطيع نحن أن نعجل خروج الإمام؟! هل نستطيع نحن البشر العاديين أن نقوم بأعمال تساهم في خروج وتعجل قدومه وتوطئ الأرض لظهوره؟! ما هو دورنا في إعداد الظروف المنسجمة مع خروجه «صلوات الله وسلامه عليه وعلى أبائه».

دور البشرية في الأعداد لخروجه وتهيئة الظروف له هو الانتظار الذي ورد عن النبي : ”أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج“، لكن ما هو الانتظار؟! هنا نظريتان عندنا في الانتظار: الانتظار التعطيلي، والانتظار الإعدادي.

الانتظار التعطيلي:

ماذا يعني؟! فعلاً بعض الشيعة ذهب إلى الانتظار التعطيلي بعض الشيعة ذهب إلى الانتظار الإعدادي. الانتظار التعطيلي يقول: علينا ترك كل شيء فإذا تركنا كل شيء ستمتلئ الأرض ظلما وجورا وستكون معدة لخروج الإمام، الإمام لين يخرج حتى تمتلئ الأرض ظلما وجوراَ نحن لماذا ندافع الظلم نؤخر خروجه؟! ما دام لن يخرج حتى تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً فعلينا أن نترك المنكرات تطغى على الأرض وعلينا أن نترك الظلم يتفشى ويستحكم على البشر حتى لا نعطل خروجه ونكون بهذا الانتظار التعطيلي قد أسهمنا في تعجيل خروجه.

هذا الاتجاه يمشي على روايات ولم يأتي جزافا هناك روايات يحاول يستفيد منها ما يؤيد كلامه من هذه الروايات، ما ورد عن الصادق : ”كل راية قبل راية قائمنا فهي راية ظلال وصاحبها طاغوت يعبد من دون الله“، من هذه الروايات: ”كونوا أحلاس بيوتكم ولا تخرج مع أي خارج“ من هذه الروايات مثلاً التي تذم الخروج وتذم الاستعجال ما ورد من أن النفس واحدة فنظروا مع من تخرجون هذا هو الانتظار التعطيلي.

الانتظار الإعدادي:

نحن نؤيد الاتجاه الثاني وهو الاتجاه الإعدادي الانتظار بمعنى: الانتظار الإعدادي لماذا؟! قول النبي : ”أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج“ ماذا يعني الانتظار؟! الانتظار له مدلولات ثلاثة: مدلول عقائدي، ومدلول إداري، ومدلول سلوكي.

المدلول العقائدي:

الانتظار يعني أن تعتقد أن الله قادر على أن يحفظ إنسان هذا العمر الطويل لأجل أن يدخره لهدف عظيم هذا الاعتقاد في نفسه عظيم عمل عظيم إذا أنت تعتقد هذا الاعتقاد أن تعتقد أن الله عز وجل قادر على أن يحفظ هذا الإنسان من كل سوء ومن كل شر لأجل أن يدخره إلى ذلك اليوم الموعود هذا الاعتقاد في حد ذاته انتظار وتثاب عليه وأخر الزمان سوف يعدل الناس عن ذلك عندنا روايات عن هذا: ”أن ولدي يغيب غيبة لا يبقى على الإيمان به فيها إلا النزر القليل من الناس وسيقول أكثرهم مات أو هلك في أي وادي سلك“.

إذاً البقاء على الاعتقاد بالغيبة هذا يعتبر عمل عظيم لأنه سيأتي زمان يتراجع كثير من الناس عن الاعتقاد بالغيبة ويقولون: ”مات أو هلك في أي وادي سلك“ إذاً هذا المدلول العقائدي للانتظار.

المدلول الإداري:

ما معنى المدلول الإداري؟! نحن نريد أن نعد الأرض لخروجه لكن علينا أن لا نوقت للأمر مع الأسف الآن بعض القنوات الشيعية يخرج ويوقت أوقات الإمام سوف يخرج بعد كذا سنة استعدوا ترى الرايات خرجت ترى اليماني فلان ترى الخراساني فلان ترى السفياني فلان هذا التوقيت منهي عنه نحن قرئنا الروايات قبل دقائق ”كذب الوقاتون أنا أهل بيت لا نوقت أبا الله إلا أن يخالف وقت الموقتين“ لماذا النهي عن التوقيت لآنه لو حددنا له وقت معين لاستغل من قبل الظالمين في إعاقة خروجه لو قلنا بأن المهدي سوف يخرج بعد خمس سنوات كانت هذه فرصة ثمينة لطغاة والظالمين في نشر العوائق والعقبات إمام حركته وإمام خروجه لتوقيت يعطي فرصة لاستغلال الظالمين أيضاً التوقيت يعطي فرصة لعجلة المستعجلين هناك أناس مستعجلين حمقا يعني الآن تقول له هذا العمل يحتاج إلى مراحل ثلاث هو يبدأ بالمرحلة الثالثة، هناك أناس لضعف عقولهم لا يستطيع أن يمشي بالعمل على ضوء مراحل وإنما يستعجل لذلك ورد في الرواية المعتبرة ”كذب الوقاتون وهلك المستعجلون ونجا المسلمون“ إذا الانتظار له مدلول إداري وهو عدم التوقيت من أجل إلا يكون التوقيت فرصة لاستغلال الظالمين ولا فرصة لعجلة المستعجلين.

المدلول السلوكي:

الانتظار إعداد الأرض من خلال حركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كيف إعداد الأرض من خلال حركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!

أولاً: عندنا أدلة عامة قال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ولم تخصص هذه الأدلة بزمن دون زمن إذاً يجب علينا تطبيق هذه الأدلة أن النبي يذم أخر الزمان لأنهم يتركون الأمر بالمعروف ورد عنه : ”كيف بكم إذا فسق شبابكم وفسدت نسائكم وتركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قالوا: أيحصل ذلك يا رسول الله قال: بلى وتأمرون بالمنكر وتنهون عن المعروف“، إذاً لو كان الانتظار يعني تعطيل حركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما ذم الرسول قوم أخر الزمان بأنهم تركوا مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ثانياً: هذه الروايات التي وردت في ذم الرايات: ”كل راية خرجت قبل راية قائمنا فهي راية ظلال وصاحبها طاغوت يعبد من دون الله“ المقصود بها: راية الشخص الذي يدعوا إلى نفسه إما الشخص الذي يدعوا إلى أل محمد كيف يصبح طاغوت يعبد من دون الله؟! أو شخص يدعوا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كيف يصبح طاغوت يعبد من دون الله؟! إذاً نفس اللسان في هذه الروايات هو شاهد على أن الرايات المذمومة الرايات التي تدعوا لنفسها وعندنا في الروايات قرائن مثلاً: قول الإمام: ”لا تخرجوا مع أي خارج ولا تقولوا خرج زيد، لماذا؟! لأنه زيد عالم صدوق ما دعاكم إلى نفسه وإنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد“ فهذا دليل على أن المذموم هو الراية التي تدعوا إلى نفسها لا كل راية ترفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعار لها هذا ليس مذموم.

ثالثاً: الروايات تؤكد أن الأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر في زمان خروج القائم هم أنصاره وهم الذين فضلوا على أهل كل زمان لذلك مسؤوليتنا يا أخوان أعداد الأرض من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلاً بحسب موقعه ولا يقول شخص هذه وظيفة الخطباء والعلماء وليس وظيفتنا كل شخص مسئول عن حركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلا بحسب موقعه كيف؟! المدرس إذا أخلص في تدريسه واعتبر التدريس رسالة وليس مهنة وحرفة هذا المدرس يعتبر منتظر لخروج الإمام لأنه مخلص في تدريسه مخلص في إيصال المعلومة إلى الطالب، الطبيب الذي يخلص في عمله ويتعب نفسه في علاج المريض وتخليصه من الألم منتظر للإمام لأنه يعمل بإخلاص قال تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، الأب المراقب لأسرته مع الأسف نحن متخلفين في هذا الجانب كثيراً الأب لا يلتفت لحجاب أبنته الزوج لا يلتف لحجاب زوجته بناتنا الآن تجلس على مواقع الانترنت وتدخل في كل مكان تشاهد الأفلام المختلفة من دون رقيب ولا عتيد ولا نظر من الأب ولا من الأم قال تعالى: ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ

العامل في الجمعية الخيرية منتظر للإمام إذا أخلص في عمله العامل في لجان كافل اليتيم منتظر للإمام إذا أخلص في عمله العامل في المأتم في المساجد في المواكب منتظر للإمام إذا اخلص في عمله، إذاً الطريق هو الإخلاص كل من أخلص في عمله وجعل عمله لله وحاول أن يتقن العمل بقدر ما يستطيع فهو ممن ينتظر الإمام وهو ممن يعد الأرض ويوطئها لخروج الإمام فقد ورد في الرواية عن الإمام الصادق : ”انتظار من أعظم الفرج“ بمعنى الانتظار إعداد للخروج فإذا أعددننا تعجل الخروج انتظار الفرج من أعظم الفرج الانتظار أعداد والأعداد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكلا بحسب موقعه وكلا بحسب مكانه فالأمر بالمعروف والنهي هو شعار الأنبياء شعار الأولياء سعار الأوصياء سعار كربلاء شعار أبا عبدالله الحسين الذي كتب لأخيه محمد أبن الحنفي: «ما خرجت أشرا ولا بطرا، ولا مفسدا ولا ظالما إنما خرجت لطلب للإصلاح في أمة جدي أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر»

وصلى الله على محمد وآل محمد