المثقف الإمامي وأزمة النص

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا

آمنا بالله صدق الله العلي العظيم

هنالك أطروحة ذكرها جمع من الباحثين، وهي أن المثقف الإمامي الشيعي يعيش مأزقًا وأزمةً من جهة النص الصحيح، ومنشأ هذه الأزمة أنه لا يوجد لدى الإمامية كتاب صحيح السند مئة بالمئة، فكتب الإمامية تشتمل على الأحاديث الصحيحة والضعيفة، ككتاب الكافي للكليني، ومن لا يحضره الفقيه للصدوق، والتهذيب والاستبصار للشيخ الطوسي، وغيرها، وهذا يترتب عليه أثران سلبييان:

الأثر السلبي الأول: أن الباحث أو المثقف الشيعي لا يستطيع أن يستدل على أي فكرة يريد طرحها، سواء كانت هذه الفكرة أو النظرية في مجال الأخلاق، أو في مجال التاريخ، أو في القضايا الحقوقية، أو في القضايا الاقتصادية، فإن أي فكرة يطرحها المثقف الشيعي ويريد أن يستدل عليها، يجد أنه لا يوجد كتاب صحيح كي يستدل برواياته، وبتالي فالمثقف الشيعي يعيش أزمة ومأزقًا، حيث لا يمكنه إثبات أي فكرة ونسبتها للمذهب الإمامي أو نسبتها للإسلام، لأنه لا يستطيع أن يميز الرواية الصحيحة من غيرها.

والأثر السلبي الثاني: لو أراد باحث من خارج الإمامية - من مذاهب إسلامية أخرى أو من غير المسلمين - أن يتحدث عن ملامح المذهب الإمامي، فإنه لا يمكنه أن يحدد معالم المذهب الإمامي إلا من خلال الروايات، فإذا لم يوجد كتاب صحيح في رواياته يعتمد عليه لدى الإمامية، كيف يمكن لأي باحث تحديد معالم المذهب الإمامي وملامحه؟!

بينما المثقف السني لا يعيش هذه المشكلة؛ فإن المثقف السني يستطيع أن يستدل على صحة أي فكرة وصحة أي نظرية بأخذ رواية من كتاب البخاري أو مسلم، لأنهما كتابان صحيحان عند أهل السنة، فعلماء السنة كفوه من هذه المهمة؛ لأنهم نقحوا الروايات وأفرزوا الصحيح من غيره، وبالتالي فلا يجد الباحث السني أي عناء وأية مشكلة في الوصول إلى الرواية الصحيحة، بل هي موجودة وجاهزة لديه بعد أن يرجع إلى الكتابين صحيح البخاري وصحيح مسلم، بينما المثقف الشيعي يقع في المشكلة.

ولذلك نجد أن بعض الباحثين الإمامية لجؤوا إلى نفس المنهج، وهو منهج التصحيح السندي، فاستقرؤوا الروايات، وصححوا بعضها، ورفضوا البعض الآخر، بناءً على الرجوع إلى كتب علم الرجال. نحن نريد أن نتحدث عن هذه النقطة في هذه الليلة في عدت محاور.

المحور الأول: هل تختص هذه المشكلة بالمذهب الإمامي؟

هل أن الباحث الشيعي وحده في هذه المشكلة أم أن الباحث السني أيضًا يشترك معه في نفس المشكلة؟ لو فرضنا أن هذه مشكلة فلا فرق بين الباحث السني والشيعي؛ لأن الباحث السني يعيش أزمة ومأزقًا في الوصول إلى الرواية الصحيحة وفي الوصول إلى النص الصحيح، لماذا؟! من جهتين:

الجهة الأولى: الميزان السندي.

كتاب البخاري كتاب صحيح، فمن الذي قال ذلك؟! البخاري أخبر عن نفسه بأنه ألف كتابًا صحيحًا، ولكن من الذي يثبت لنا صحة كلامه؟! هو قال بأنه ألف كتابًا صحيحًا اقتصر فيه على الروايات الصحيحة الواردة عن النبي محمد ، لكن إذا كان الباحث باحثًا موضوعيًا فإنه سيطرح السؤال على نفسه: البخاري هو الذي يقول بأن كتابه صحيح، لكن ما الذي يثبت صحة هذه الدعوى؟! ما الذي يثبت صحة كلام البخاري في كون كتابه صحيحًا؟! الذي يثبت ذلك علماء الرجال الذين جاؤوا بعد البخاري بعشرات أو مئات السنين، وتتبعوا الرواة الذين روى عنهم البخاري، وقاموا بتوثيقهم، فقالوا بأنهم ثقات، فما أخبر به البخاري من كون كتابه صحيحًا كلامٌ صحيحٌ؛ لأن الرواة الذين روى عنهم ثقات.

ومن علماء الجرح والتعديل الذين قاموا بذلك: ابن حجر في تهذيب التهذيب، والذهبي في ميزان الاعتدال، وابن معين، والعجلي، والخطيب في تاريخ بغداد، فهل الميزان السندي الذي يعتمد عليه هؤلاء في توثيق الرواة وتضعيفهم ميزان موضوعي أم هو ميزان غير موضوعي؟

إذا تأملنا في ميزان التضعيف والتوثيق نجد أنه ميزان غير موضوعي أبدًا، حيث جعلوا الولاء لأهل بيت النبوة لا قيمة له في التوثيق أو التضعيف، بمعنى أن علماء الرجال لدى المسلمين غير الإمامية - والذين يعتمدون عليهم في الفحص عن أي راو من رواة الحديث من حيث الوثاقة والضعف - لا يعتبرون النصب للإمام علي قادحًا في وثاقة الإنسان، فلو كان ناصبيًا فإن النصب لا يقدح في وثاقته، بل يعتبر بعضهم الرفض - أي: كون الراوي رافضيًا - قادحًا في وثاقة، فهل المدرسة التي تبتني على تصحيح الرواية إذا كان راويها ناصبيًا، وتضعيفها إذا كان راويها رافضيًا، تعتبر مدرسة موضوعية يمكن أن يعتمد عليها الباحث الموضوعي المنصف؟!

مثلاً: عمر بن سعد قاتل الحسين يقول عنه العجلي - من علماء الرجال من أهل السنة - أنه ثقة، ويقول عنه ابن حجر في تهذيب التهذيب: عمر بن سعد تابعي ثقة وهو الذي قتل الحسين. عمران بن حطان: قال عنه العجلي عنه: ثقة، وقد روى البخاري رواياته، مع أنه الذي مدح عبد الرحمن بن ملجم لقتله الإمام أمير المؤمنين فقال:

يا ضربة من تقي ما أرد بها
إني   لأذكره  يومًا  iiفأحسبه
  إلا  ليبلغ  عند  الله iiرضوانا
أتقى البريه إخلاصًا iiوإحسانًا

وفي المقابل، يقول الخطيب في كتابه «تاريخ بغداد» أن الإمام أحمد بن حنبل ترك الحديث عن عبيد الله بن موسى العبسي؛ لأنه سمعه يتناول معاوية بن أبي سفيان، أي أن الذي يشتم معاوية لا يروى عنه، أما الذي يمدح قاتل أمير المؤمنين فلا بأس بأن يروى عنه! ويقول ابن معين - وهو من علماء الرجال - عن تليد بن سليمان الكوفي الأعرج: «تليذ كذاب؛ لأنه شتم عثمان، وكل من شتم عثمان أو طلحة أو واحدًا من أصحاب رسول الله فهو دجال لا يكتب عنه». ومن المعلوم لدى الجميع أن معاوية حارب عليًا، وجميع المسلمين يعتبره الفئة الباغية، ومع ذلك من يتناول معاوية بسوء لا يروى عنه، ومن يشتم عثمان أو طلحة لا يروى عنه، ولكن من يشتم عليًا أو يمدح قتلة علي فلا بأس به!!

ويقول الذهبي في ميزان الاعتدال عن لمازة بن زبار الجهضمي: حضر وقعة الجمل، وكان ناصبيًا، وينال من علي، ويمدح يزيد بن معاوية. إذن فهذا ناصبي بالاعتراف وينال من علي ويمدح يزيد، ولكن ابن حجر في «تهذيب التهذيب» يعلق قائلاً: «كنتُ أستشكل في توثيقهم الناصبي غالبًا وتوهينهم الشيعة مطلقًا، ولا سيما أن عليًا ورد في حقه: ”لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق“، ثم ظهر لي أنَّ البغض هنا مقيد؛ لأن من الطبع البشري بغض من وقعت منه إساءة في حق المبغض».

أي أن الإمام عليًا وقعت منه إساءة في حق لمازة، ولذلك لمازة بغض الإمام عليًا، إذ قال: إني أبغض رجلًا قتل ألفين وخمسمائة. أنا أبغضه لأنه قتل من أهلي وعشيرتي ألفين وخمسمائة، والخبر في حب علي ”لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق“ ليس على العموم، فلا نأخذه على إطلاقه، ولذلك قال ابن حجر: «فأكثر من يوصف بالنصب صادق اللهجة، متمسك بأمور الدين، بخلاف من يوصف بالرفض المسمى بالرافضي، لا نقبله؛ فإن غالبهم كاذب لا يتورع في الأخبار، مع أن العامة لا ننكر أنهم رووا عن بعض الشيعة، كأبّان بن تغلب وجابر الجعفي».

إذن فقد نصَّ بعض علمائهم كابن حجر على أن النصب لا يقدح في وثاقة الرجل، بينما الرفض يقدح في وثاقته، فهل يقبل الباحث السني المنصف الموضوعي على منهج هكذا؟! هذا منهج متحيز غير موضوعي.

الجهة الثانية: الميزان المضموني.

ليس المدار في صحة الحديث على وثاقة الرواة، بل المدار على الصحة الفعلية، والصحة الفعلية تعني أن يكون الحديث جامعًا للوصفين: فهو صحيح من جهة صدوره، وصحيح من جهة مضمونه، فلا بد من دراسة مضمون الحديث، ولا يمكن قبول الحديث قبل دراسة مضمونه، فهل الباحث السني يعتمد على صحيح البخاري ومسلم وإن لم يدرس مضمون الأحاديث؟! البخاري ومسلم نقّحا الروايات من جهة الصدور ولم ينقحاها من جهة المضامين، وحتى يتضح المطلب نذكر بعض الأمثلة.

البخاري في باب صلاة الجنازة يذكر أن ملك الموت لما جاء لقبض روح النبي موسى بن عمران لطمه على عينه ففقع عينه اليمنى! فهل هذا مضمون يقبله العاقل؟! وفي فضائل ليلة الجمعة ذكر أن الله «عز وجل» ينزل كل ليلة جمعة إلى سماء الدنيا، ويقول: أيها المستغفر غفرت لك. وهل يقبل لله النزول والصعود؟! ويذكر مسلم في صحيحه في الجزء الثاني أن رسول الله خرج من المسجد فسمع قارئًا يقرأ القرآن، فبتسّم وقال: لقد ذكرني هذا الرجل آية نسيتها! والقرآن الكريم يقول: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى.

ويقول مسلم في الجزء الثاني من صحيحه والبخاري في الجزء الرابع أنَّ أزواج النبي أرسلن ابنته فاطمة إليه. تقول عائشة: طرقت فاطمة الغرفة، واستأذنت، وقال النبي: ادخلي، والنبي مضجع معي، نائم في مرطي، فقالت فاطمة لأبيها: يا رسول الله، إن أزواجك يشكين العدل من ابنة أبي قحافة! أي أنك تميز عائشة على باقي النساء، وهذا ليس عدلًا يا رسول الله! فقال لها: يا بنية، أتحبين ما أحب؟! قالت: بلى، قال: إذا كنتِ تحبين ما أحب فأحبي هذه المرأة - وهي عائشة - فأرسلن النساء زينب بنت أبي جحش والنبي نائم في مرطي، فقالت: يا رسول الله، إن أزواجك يشكين العدل مع بنت أبي قحافة! فسكت، فوقعت فيَّ فوقعت فيها - أي أن عائشة صارت ترد الإساءة على زينب - وأنشبتها في نحيتها، والنبي ساكت، ثم قال: إنها بنت أبي بكر!! فهل يتصور هذا في حق النبي وهو معلم العدالة ومعلّم التربية الأسرية؟!

إذن لا يمكن للباحث السني أن يدعي أنه مرتاح، وأنه لقي أحاديث صحيحة جاهزة، فإن هذه الأحاديث مبتلاة بمشاكل مضمونية وبمشاكل دلالية، فتحتاج إلى ترتيب وتنقيح، ونحن لا ندعي أن كتب الشيعة خالية من مثل هذه الأحاديث، ولكننا لا ندعي أن كتبنا صحاح كلها، بل كل حديث يقع على طبق ميزان القبول أو الرفض، وهذا هو الفرق بيننا وبين غيرنا.

المحور الثاني: الفرق بين الخبر الضعيف والخبر الموضوع.

هنالك فرق بين الخبر الضعيف والخبر الموضوع، إذ أن الخبر الموضوع هو الذي أحرزنا كذب راويه وأنه لم يصدر عن النبي أو الإمام، وهذا يُطْرَح، وأما الخبر الضعيف فهو الذس لا ندري هل راويه ثقة أو ليس بثقة، إما لأنه مجهول، وإما لأنه تعارض فيه التوثيق والتضعيف، أو لأنه ضعيف لكنه صادر، فمثل هذه الحديث يعد حديثًا صحيحًا ولا تسقط قيمته؛ لأن من القواعد الموجودة في علم الحديث: التواتر، والمقصود بالتواتر إخبار جماعة يمتنع تواطئهم على الكذب، كما في حادثة رد الشمس للإمام علي.

يامن  له  رُدَّت ذكاء لم iiيفز
أأقول  فيك  سميدعٌ  كلا iiولا
بل أنت في يوم القيامة حاكمٌ

 
بنظيرها  من  قبل  إلا يوشعُ
حاشا لمثلك أن يقال سميْدعُ
في العالمين وشافعٌ iiومشفعُ

ربما يقول شخص بأن حديث رد الشمس رواه ضعفاء، ولكننا نقول: ضعف الرواة لا يعني ضعفه؛ لأن الحديث تعددت طرقه، وتعدد رواته، وتعددت الكتب التي نقلته، وتعددت مناطق الرواة، وتعددت أزمنتهم، فإذا تعددت المناطق، وتعددت الأزمنة، امتنع تواطؤهم على الكذب، وكل خبر أخبر به جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب فهو حديث متواتر، والتواتر يفيد القطع واليقين بصدور الحديث؛ لأن الميزان في التواتر أمر عقلي، وهو امتناع التواطؤ على الكذب، وهذا يتحقق حتى في الأخبار الضعيفة، وهذا ما يعبر عنه السيد الشهيد السيد محمد باقر الصدر «قدس سره» بدليل حساب الاحتمالات، فعندما تتراكم الاحتمالات - طرق متعددة، رواة متعددون، مناطقهم مختلفة، أزمنتهم مختلفة - في محور معين أوجبت الوثوق واليقين بتحقق ذلك المحور.

إذن الحديث الضعيف لا يعني أنه لا قيمة له، ولذلك ورد عن أهل البيت النهي عن رد الحديث الضعيف، ومن ذلك: ما رواه الكليني بسند صحيح عن أبي عبيدة الحداء عن الصادق : ”أما والله إن أحب أصحابي إلي أورعهم وأكتمهم لحديثنا، وإن أسوأهم عندي حالاً وأمقتهم إلي الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا، فلم يعقله ولم يقبله قلبه، اشمأزت منه وجحده وكفر بمن دان به، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند، فيكون بذلك خارجًا عن ولايتنا“. الآن عدنا ظاهرة: بعض شبابنا - مع الأسف - يعرف بعض الثقافة عن علم الرجال وعن الروايات فيأتي ويقول: هذه الرواية مرفوضة وتلك الرواية مطروحة! مع أن الحديث الضعيف لا تسقط قيمته، بل هو لبنة وخطوة من خطوات تحقيق التواتر.

المحور الثالث: فلسفة عدم وجود كتاب صحيح عند الإمامية.

لو قلنا بأن جميع علمائنا من زمان الكليني وحتى الآن أخطؤوا، وقرّرنا أن نتعاون في إنشاء كتاب صحيح الأسناد، فهل هذا ممكن؟! نقول: لا؛ لأننا إذا أردنا أن ننشئ كتابًا صحيحًا فما هو مستندنا في تصحيح الرواة وتضعيفها؟! إن مستندنا كتب علماء الرجال، فكما يوجد عند السنة «تهذيب التهذيب» و«ميزان الاعتدال»، يوجد لدينا فهرست الشيخ النجاشي، وفهرست الشيخ الطوسي، وفهرست الكشي، وكتاب الضعفاء لابن الغضائري، فالمستند لدينا هذه الكتب إذا أردنا أن نصحح الأحاديث، لكن لا يمكن التعويل على هذه الكتب وحدها في تصحيح الأحاديث، وذلك لجهتين:

الجهة الأولى: بعض شهادات الرجاليين حدسية.

نحن لا نحرز أن الشهادة في هذه الكتب بالصحة أو الضعف شهادة حسية؛ إذ لعلها شهادة حدسية، وحتى يتضح الفرق بين الشهادتين نضرب مثالاً: لو جاءك شخصٌ وقال: أنا أعرف فلان وهو ثقة، مع أنني لم أعاشره، ولكن بدا لي أنه ثقة لأنني رأيت منه أعمالاً حسنة.. فمعنى ذلك أنه رأى بعض أعماله فحدس على ضوئها أنه ثقة، وهذه الشهادة الحدسية ليس لها قيمة، بل لا بد أن تكون الشهادة الحسية.

وبعبارة أخرى: لو عاشرتُ فلانًا فرأيتُه لا يصر على الذنب، فحينئذٍ يمكن لي أن أشهد له بأنه ثقة شهادةً حسيةً، إذ لا يوجد إنسان لا يذنب، بل قد يذنب الثقة، وقد يذنب العدل، ولكنه لا يصر على الذنب، بل سرعان ما يلتفت إليه فيستغفر منه ويتراجع عنه، فمتى ما استغفر صار عادلًا، فيصلى خلفه وتُقْبَل شهادتُه، فالمدار على الشهادة الحسية لا على الشهادة الحدسية.

كذلك لو قال قائلٌ: فلانٌ عنده أشياء غير صحيحة؛ فقد رأيتُ منه حركاتٍ مريبةً وغيرَ واضحة! فإن الحركات المريبة شيءٌ، وكون الإنسان عاصيًا فعلاً شيءٌ آخر، فالشهادة بأنه يعصي الله لأن عنده حركات غامضة تسمى شهادة حدسية، ولا قيمة لها، بل لا بد من الشهادة الحسية، وذلك بأن يرى فلانًا يعصي متعمدًا فيشهد بذلك.

علماء الرجال من الشيعة والسنة بعض شهاداتهم حسية؛ لأنهم عاصروا بعض الرواة ولكنهم لم يعاصروا البعض الآخر، كالمعلى بن خنيس من أصحاب الصادق، حيث جاء النجاشي بعد مئة وخمسين سنة أو مئتي سنة وتكلم عنه، فهذه لا تعتبر شهاده حسية؛ لوجود الفاصل الزمني، فيُحْتَمل أنه سمع من ثقة عن ثقة عمن عاصره، كما يُحْتَمل أنَّ شهادته حدسية، فإذن إذا لم نحرز بأن الشهادة حسية ولو بأصالة الحس - كما يقول علماؤنا - لا يعتمد على هذه الشهادة في كتب علم الرجال.

الجهة الثانية: اختلاف مدارس علماء الرجال.

نحن نحترم علماءنا - علماء الرجال - جميعًا، لكنهم أصحاب مدارس مختلفة وليست لهم مدرسة واحدة، حيث كانت في زمن الكليني - القريب من غيبة الإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف» - مدرستان: أولاهما المدرسة البغدادية في بغداد، ومن وجوهها: الشيخ الكليني صاحب كتاب الكافي، وشيخ الطائفة الشيخ المفيد، والشيخ الطوسي، والسيد المرتضى، وأما المدرسة القمية فمنها: الشيخ الصدوق، ووالد الشيخ الصدوق، وأستاذ الشيخ الصدوق محمد بن الحسن بن الوليد.

وقد كان بين المدرستين اختلاف في المناهج، وفي أصول علم الكلام، وفي بعض العقائد، فمثلاً: كانت المدرسة القمية ترى جواز السهو عند النبي، بل كان الشيخ محمد بن الحسن الوليد أستاذ الشيخ الصدوق يقول: أول درجة من درجات الغلو نفي السهو عن النبي! أي أن من يقول أن النبي لا يسهو مغالٍ، بينما المدرسة البغدادية ترى أن النبي لا يعقل في حقه السهو أبدًا.

ومن ناحية أخرى: المدرسة القمية ترى أن التفويض كفر، وأما المدرسة البغدادية فتقول بأن التفويض على قسمين: تفويض عزلي، بمعنى أن الله خلق الكون والأئمة، ثم اعتزل وترك الأمور إلى الأئمة، وهذا كفر. والقسم الآخر هو التفويض الإذني، وهو الذي حكاه القرآن عن عيسى بن مريم: ﴿أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ، أي أن الله فوض إلى عيسى الخلق لكن بإذن الله، فالمدرسة البغدادية تقول: يمكن أن الله فوض إلى الأئمة تفويضًا إذنيًا، وهذا ليس كفرًا.

ومن ناحية ثالثة: تقول المدرسة القمية بأن الأئمة لا يعلمون بمكنونات الأرض والسماء، بل القول بذلك غلو، بينما تقول المدرسة البغدادية بأنَّ هناك أحاديث صحيحة تقول بأن الأئمة يعلمون بمكنونات الأرض والسماء.

ونتيجة لهذا الاختلاف اختلفوا في قبول الروايات وردها، فقد يوسم راوٍ بأنه ضعيف لأنه لم يوافق مدرسة القميين، فضعفه القميون لا لأجل أنه يكذب، بل لأجل أن منهجه في الأصول وعلم الكلام لا يتفق مع منهجهم، ولذلك أنت الذي تريد تصحيح الأحاديث لا بد أن تكون خبيرًا في علم الكلام متضلعًا وصاحب رأي، بحيث تستطيع أن ترجّح مدرسة على أخرى، وعلى إثر ذلك تقبل هذه التصحيحات الموجودة أو ترفضها.

الشيخ المفيد عنده كتاب اسمه شرح اعتقادات الشيخ الصدوق، يعلّق فيه على كتاب الصدوق ويخالفه كثيرًا، فيقول: «لقد سمعنا حكاياتٍ ظاهرةً عن محمد بن الحسن بن الوليد أنه يقول: أول درجة من الغلو هو نفي السهو عن النبي والإمام، فإن صحت هذه الحكايا عنه فهو مقصرٌ، ولقد وجدنا جماعة وردت علينا من قم يقصّرون تقصيرًا واضحًا في الدين، ينزلون الأئمة عن مرتبهم» وهذا معناه وجود اختلاف في المدرستين.

مثال آخر: الوحيد البهبهاني في فوائده في منهج المقال ذكر في الفائدة الثانية أن القميين كانوا يرون للأئمة منزلة معينة، ويعدون التعدي عنها غلوًا، حتى جعلوا نفي السهو عن النبي غلوًا، وجعلوا مطلق التفويض غلوًا، وأن علمهم بمكنونات الأرض والسماء مورث لتهمهم ومنشأ حرجهم هو ذلك، أي أنهم يجرحون الراوي لأنه لا يتفق مع مدرستهم، وذكر أربعًا وعشرين راويًا ضُعِّفُوا لأجل أن مدرستهم تختلف عن مدرسة القميين، فكيف تريد تصحيح الأحاديث وهذه المشكلة أمامك؟! لا بد أن تكون مجتهدًا خبيرًا متضلعًا في علم الكلام؛ حتى تستطيع أن تصحّح وتقدّم مدرسة على مدرسة أخرى، ليبتني على ذلك تصحيح الأحاديث أو رفضها.

المحور الأخير: ما هو المنهج الصحيح في قبول الحديث أو رفضه؟

نحن إذا أردنا أن نسير على منهج في قبول الأحاديث أو رفضها فإن المنهج الصحيح يتألف من عدة خطوات:

الخطوة الأولى: دراسة مضمون الحديث.

أولًا ندرس هذا المضمون معقول أو غير معقول، قبل أن نبحث عن سنه عن روآته نبحث عن مضمونه كما يقول الفلاسفة أمكان الشيء قبل وقوعه، أولا تبحث أنه ممكن أو غير ممكن ثم أبحث وقع أم لم يقع، أفترض القنوات الفضائية عرضت خبر أن ولد شخص ذو عشرت رؤوس، فبل أن تتحدث أن الخبر صحيح أو غير صحيح، لابد أن تثبث أنه ممكن أم غير ممكن هذه هي المنهجية، أولًا نتحدث أن وجود إنسان ذو عشرة روؤس ممكن لو غير ممكن طبيًا، إذا ممكن بعدها نتحدث صحيح الخبر أو غير صحيح.! أمكان الشيء قبل وقوعه، فت لابد من دراسة مضمون الحديث أولًا بعد ذلك يبحث عن سنده، ولذلك وردت عندنا روآيات تأمرنا بعرض الحديث على الكتاب والسنة كما في موثقت السكوني.

نحن نختلف عن بعض علماء العامة في الجهة كيف؟! بعض علماء العامة رفضو كثيرًا من روآة الشيعة لآنهم روافض، بينما نحن قبلنا كثير من روآت أهل السنه لآنهم صادقين وأن لم يكون على مذهبنا، منهم السكوني، الشيخ الطوسي ذكر في كتاب العدة أن علماء الشيعة أعتمدوا على السكوني والنوفلي ونوح أبن دراج وغياث أبن كلوب، أعتمدوا عليهم من أنه من روآت أهل السنة لآنهم صادقون لا يكذبون.

ومنهم السكوني في موثقة السكوني عن أبي عبد الله الصادق قال قال رسول الله ”إن على كل حقٍ حقيقة وعلى كل صوابٍ نوراًفما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه“ لازم يعرض الحديث على كتاب الله قبل كل شيء وأذكر لك مثال: حديث موجود في وسائل الشيعة عن النبي محمدٍ : «لا تزوجوا الأكراد فإنه حي من الجن» يعني الكردي جني هذا الحديث علماؤنا يقفون أمامه مثلًا السيد الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره يقول هذا الحديث لا نأخذ به لانه يتنافى مع كتاب الله فإن القرآن يقول ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ويقول ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ.

بينما إذا وجدنا الحديث مضمونه موجود في الكتب في الروآيات الأخرى نقبل الحديث بلا حاجة للبحث عن سنده لان مضمونه موجود في الروآيات الأخرى مثل حديث الكساء الذي ورد فيه عن الله جل جلاله ”أني ما خلقت سماءً مبنيةً ولا أرضاً مدحيةً ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئةً ولا فلكاً يدور ولا بحراً يجري ولا فلكاً يسري إلافي محبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساءفقال الأمين جبرائيل: يا رب ومنْ تحت الكساء؟ فقال عز وجل: هم أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة هم فاطمة وأبوها، وبعلها وبنوها“.

أنا هذا الحديث لما يأتيني لا يحتاج أن أبحث عن سنده صحيح أم لا، لماذا.؟! لان مضمونه موجود في الروآيات الأخره، كيف موجود في الروآيات الآخرى..! الآن أذكر لك الشيخ المفيد وهو شيخ الطائفة في كتابه المسائل السبزويه، فيه مسائل قال الحديث الوارد عن الثقات وسلمت ب روآيته طائفة الحق أي الطائفة الإمامية سلمت به، حديث الأشباح ”وهو أن آدم رفع رأسه من السجود ورائه أشباح نوريه محيطه بالعرش ف سأل ربه عنها فقال له فلان وفلان وفلان عدد الخمسه ولولاهم ما خلقتك وما خلقت سماءًا ولا أرضًا“.

وفي مستدرك «سفينة البحار» الجزء الثالث الشيخ علي النمازي «رحمه الله»، يقول هذا الحديث حديث الأشباح موجود في «كتاب العلل»، «كتاب العيون»، «كتاب الإكمال» عن علي والروآيات أكثر من أن تحصى بل ورد حتى عن أهل السنة عن طريق أبي هريرة حدث الخمسة الأشباح وذكر الحاكم في مستذركه والديلمي في مسنده وبن عساكر في مسنده، حديث مشابه له وهو ما ورد عن النبي محمد ”لولاك لو لاك ما خلقت الأفلاك“ وهذا المضمون موجود في الروآيات، لماذا تزاحم نفسك وضج العالم على حديث الكساء.؟! ما المانع الله خلق الناس لأجل العبادة ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ وأكمل الناس عباده هم هؤلاء الخمسة يعني أن الكون خلق لأجلهم لآن الكون خلق لأجل الإنسان الكامل وأكمل الناس هم هؤلاء الخمسة لذلك قيل إن الكون خلق لأجلهم، هذه لخطوة الأولى دراسة مضمون الحديث.

الخطوة الثانية: دراسة تاريخ الحديث.

وهو هل أن مدلول الحديث ينسجم مع تاريخه وظرف صدوره زمنًا ومكانًا أم لا.؟!، مثلًا معروف عندنا أن النبي لما جاء إلى المدينة خرجوا ل ستقبل النبي وهم ينشدونا..

طلع  البدر  علينا  من  ثنيات iiالوداع
وجب  الشكر  علينا  ما  دعا لله iiداع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر iiالمطاع
جئت شرفت المدينة مرحباً يا خير داع

هذه روآيه بعض المحققين يقولون هذه الروآيه لا تنسجمع مع التاريخ، ممكن هذه قيلة بعدين لكن لا تنسجم مع مجئ النبي إلى المدينة، لماذا.؟ لان النبي مادخل المدينة من ثنيات الوداع، ثنيات الوداع هذه منطقة بين الشام والمدنية النبي دخل من قباء إلى المدينة وجهة قباء مقابله إلى ثنيات الوداع، ثم هذا الشعرلا يصدر من أناس حديثي عهد بالأسلام، يصدر من ناس تشبعوا بالدين ونهلوا من معارفه، إذا هذا الشعر لا ينسجم مع التاريخ، لا ينسجم مع يوم مجأ النبي إلى المدينة، ربما ينسجم مع وقت آخر، ربما النبي خرج إلى غزوة من الغزوات وعاد من ثنيات الوداع وستقبله الناس وقالوا هذا الكلام، فهو ينسجم مع تاريخ آخر لا ينسجم مع هذا التاريخ، إذا لابد من دراسة الحديث من حيث انسجامه مع تاريخه أو عدم انسجامه.

الخطوة الثالثة: لابد من التركيز على كلمات علماء الرجال.

لابد أن يكون الإنسان خبيرًا في هذا الفن ليفهم مداليل كلماتهم ويضعها في مواضعه، إذا تريد تصحيح الأحاديث من أجل معجم رجال الحديث، سيدنا الخوائي «قدس سره» جمع معاجم كثيرة كان فقيه، كان أصول ومفسر كان رجالي، عدت علوم برع فيها، من جملة العلوم التي برع فيها الرجال وكتب كتاب «المعجم في رجال الحديث» أربع وعشرون جزء، إذا أحد يجي إلى هذا الكتاب يقول قال هذا صحيح وفلان ضعيف «صح» إذا بتعتمد على هذا الكتاب تقول صحيح بنظر السيد الخوئي، لأن هذه مدارس مختلفة وأراء مختلفة ومباني مختلفة، لا تستطيع أن تقول هذه الروآيه صحيحة أو هذه الرواية ضعيفة لأنها بنظر السيد الخوئي ضعيفة قل بنظر فلان، فلابد أن تكون خبير في علم الرجال ودقيق في كلمات الرجالين.

وقد ذكر البهبهاني في فوائدة والمجلسي الأول في روضة المتقين أن علماء الرجال يقولون فلان ضعيف لكن لا يقصد أنه يكذب بل يقصدوا به عدم الضبط، إذا قد يكون الشخص ثقة لاكنه لا يكون ذقيق وضابط أو قد يكون ثقة ضابط ولكنه يروي عن الضعفاء وعن المجاهيل فيسمونه بالضعف فكلمة ضعيف لا تعني أنه كاذب صاقط، لا يكون من جهة لسانه لعله ضعيف من جهة الذقة العقلية لعله ضعيف من جهة روآيته عن الضعفاء والمجاهيل، لا يعني إنه ضعيف في لسانه لابد من التذقيق.

الخطوة الرابعة: دراسة متن الحديث ونفسه الأدبي.

نحن ليس منهجنا سلفي يأخذ الروآيه الراوي ضعيف لا تقبل، هذا منهج سهل أي احد يقدر عليه، نحن منهجنا لا سميتموه منهج معقد أو منهج متعب المهم أنه منهج علمي رصين يعتمد على دراسات معمقه ومركزة، منها دراسة النفس الأدبي لروايه دراسة العلم النفسي للحديث مثال: الآن في علم الأدب إذا تجيك أبيات لشاعر معين كيف تثبتها أنها له من شعره، هل تثبتها بالراوي ثقة أم غير ثقة.! لا يوجد هذا في علم الأدب، يقولون بدراسة النفس الأذبي للأبيات هل تلتقي مه أم لا، نحن نسمع بيتين للمتنبي:

وتركت    مدحي   للوصي   iiتعمداً
واذا   استقل   الشئ   قام  iiبنفسه
  اذ    كان   نوراً   مستقلا   iiكاملا
وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا

هذان البيتان ليس موجودين في ديون المتنبي لكنهما للمتنبي لان النفس الأدبي نفس المتنبي من يعرف نفس المثتنبي يرى أن نفسه موجود في هذان البيتان، مثلًا نأتي إلى الخطبة الشقشقية التي صدرت من الإمام علي وهو يتظلم فيها من الشورى وأن الشورى أخرته وقدمت غيره كيف نثبت أنها للإمام علي؟! نحن عندنا طرق كثيره وأسانيد كثيره إلى الخطبة الشقشقية لكن عندنا طريق آخر وهو النفس الأدبي لكل متكلم نفس لكل أديب نفس لكل شاعر.

نفس علي كان عملاق في الأدب عملاق في البلاغة كان له نفس، نرى نفس الإمام موجود أم لا ابن ابي الحديد عنه كتاب لشرح «نهج البلاغة» وهو ليس من الشيعة لما وصل إلى الخطبة الشقشقية قال له تلميذه هل قال علي هذا.! هذا كلام كبير، يقول أنه مظلوم، هل قال علي ذلك؟! ابن أبي الحديد يرد على تلميذه يقول: «أن نفس علي كالقرآن أوله كوسطة ووسطه كآخره يجري مجرى الماء، ماء واحد القرآن نفس واحد» القرآن نفس واحد لا تستطيع أن تقول هذه الآية يختلف نفسها عن الآية الآخرى، كذالك علي نفسه واحد فإذا قارنة الخطبة الشقشقية مع خطبته في وصف المتقين مع خطبته في وصف المعارك، في وصف رسول الله رأيت النفس الأدبي واحد، هذا يسمى دراسة «متن الحديث».

كيف نثبت دعاء كميل؟! مرفوع رفعه بن طاوس إلى جده الشيخ الطوسي بدون سند بدون واسطة كيف نثبت صحته، نفس الإمام علي موجود في دعاء كميل، هذه الألفاظ سنخ الألفاظ التي يستخدمها الإمام علي المضامين سنخ المضامين التي يستخدمها الإمام علي ، خطبة الزهراء ، البغدادي في كتابه «بلاغات النساء» ألفه في القرن الرابع هجري هو نقل في الكتاب خطبة الزهراء بأن الزهراء من طليعت النساء البليغات، نقل الخطبة العظيمة التي لا تصدر إلا عن بيت النبوة وعن بيت الإمامة نقل هذه الخطبه عن العقيلة زينب .

الراوي لها العقيلة زينب، كم كان عمر العقيلة ذلك الوقت؟! أربع خمس سنوات، خرجت الزهراء إلى المسجد وبيدها العقيلة زينب طفلة صغيره لا تخرم مشيتها مشيت رسول الله ودخلت المسجد ووضعت دونها ملائه وخطبة المسلمين وهذه البنت الصغيرة حفظة الخطبة برمتها وروتها بعد ذلك للأئمة وللأجيال المتتابعة، وهذا يأكد لنا حقيقة أخرى أن صغار أهل البيت كإكبارهم متميزين نوابغ كبارهم كإصغارهم لهذا الرجل الشامي الذي استقبل الإمام زين العابدين قال: بأبي أنت وأمي صغاركم خير الصغار وشبابكم خير الشباب وكهولكم خير الكهول، صغارهم متميزين ومن صغارهم المتميزين القاسم بن الحسن .

والحمدلله رب العالمين