القيم الروحية في عاشوراء الحسين (ع)

شبكة المنير

بِسمِ الله الرحمنِ الرحِيم

﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا

صدق الله العلِي العظِيم

حديثنّا عن القيم الروحِية فِي كربلاء، وذلك فِي محورِين.

المحور الأول مَا هِي القيمة وما هُو الميزان فِي حسنه؟

القيمة الروحِية هِي عبارة عن سيطرة الإرادة على قوة النفس وَ إِنفعالتها. مثلًا الإِنسان يملك القوة الشهوِيه التِي تدعوه إلى اشباع الشهوة فِإذا سيطرت الإرادة على القوة الشهويه كانت هذه السيطرة قيمة خلقية تسمى بالعفة، مثلًا الِإنسان يملك قوة غضبيه تدعوه دائمًا بإن يغضب ويثأر لنفسه فِإذا سيطرة الإرادة على القوة الغضبية وكان عليمًا كان هذه السيطرة قيمة روحية ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.

فسيطرت الإرادة على الانفعالات هِي القيمة الروحِية. مَا هو الميزان في حسن الخلق، مَا هُو الجمال فِي القيمة الخُلقية؟ جمال القيمة الخلقية بجمال هدفها، بجمال غايتها. وهنّا لدينا اتجاهات ثلاثة تحلل الغاية والهدف من القيمة الخلقية، الاتجاه الإنسانِي والاتجاه التربوي، والاتجاه العرفاني.

الاتجاه الأول: الاتجاه الإنساني يقرر أن الخلق قيمتهُ بخدمة الإنسانية، إِذا كان الهدف من الخلق خدمة المجتمع الإِنساني فهُو خلقُ جمِيل، مثلًا الِإنسان الذي يضحِي بوقته أو بجهده أو بمالهِ من دون عوض مالِي وإِنما يضحي بذلك مجانًا من أجل المجتمع الإنسانِي. فهذا خُلق عظيم مادام هدفكَ خدمة المجتمع الإِنساني وهذا ما تعرض لهُ القرآن الكريم في قولهِ ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أي أن الصبر من أجل المجتمع الإِنساني يجعلك إِنسان ذا عزيمة وَ ذا إِرادة قوية.

الاتجاه الثاني: هُو الاتجاه التربوي الذي طرحهُ القرآن الكريم من أجل تربية المُسلمين على الأخلاق الفاضلة وهُو عبارة عن اتجاه التعويض ما معنى اتجاه التعويض

كما تعرضنّا قبل ليال أن أقوى غريزة عن الِإنسان هِي غريزة حُب الذات. كل إِنسان يحُب ذاته وَ لا يستطِيع الِإسلام أن يلغي هذه الغريزة وهي غريزة ذاتيه في الإنسان

ولكنهُ يُوجهُ الغريزة توجيهًا عادلًا، توجيهًا صالحًا. فيقول الإسلام للإنسان أنفق ما عندك ضحِي بما عندك وَ صبر على الآلام وَ أن أعوض أكثر مما قدمت، مهما قدمت من تضحيات مهما قدمت من عطاء مهما قدمت من نفقات في هذه الحياة الدنيوية عوضوك مذخور، مدخور لك فِي الاخرة. هذا ما يسمى بمسلك التعويض. فهُو من جهة حافظ على غريزة حٌب الذات ما ألغاها، ومن جهة أخرى تكفل لهذه الغريزة بعوض جزيّل في الاخرة. المنطلق الثاني هُو منطلق تربوي وهُو عبارة أن يكون الهدف الأخلاق الصبر الكرم الحلم، الهدف تحصيل العوض الاخروي تحصيلُ ثواب الله عز وجل، الإنسان يتحمل الآلم الوقت في الدنيا مدة أربعين خمسين سنة ليحصل على العوض الأخروي، يُنفق ماعنده في الدنيا ليحصل على العوض الأخروي يقول القرآن الكريم ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ويقول القرآن الكريم ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ويقول القرآن الكريم ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ. هذه يسمى اتجاه تربوي مبني على مسلك التعويض.

الاتجاه الثالث: الاتجاه العرفانِي يقول المنطلق في الأخلاق ليس هُو خدمة الإنسانية فقط، وليس هُو طلب ثواب الله والعوض من الله فقط. وإنما المُنطلق في الأخلاق المملوكية لله عز وجل، ما معنى ذلك؟، بما أن الإنسان عين الفقر عين الحاجة عين التعلق بالله ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ.

الإنسان مُلك الله، فما أن الإنسان مُلك لله فعليه أن يُسلم المُلك لصاحبه، حركاتنّا سكناتنا حوانحنا جوارحنّا. علينّا أن نُسلم الجميع لله فلا نُحب إلّا لله و، َ لا نبغض إلّا الله ولا نغضب إلّا لله، وَ لا نحلم إِلّا لله، وَ لا نُعطِي إِلّا الله، ولا نبخل إلّا لله.

إِذا أطر الِإنسانُ أفعالهُ فِي هذا الإيطار ايطار التسليم الله صارت أخلاقه أخلاق عرفانِية يعني منطلقهُ فِي الأخلاق أنهُ مُلك لله وَ مُسلم فشي جميع أُمورهِ لله، وهذا مَا يُرشد إلِيه القرآن عندما يقول ﴿إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَقولهِ ﴿أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا عندما يقول ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وعندما يقول ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أي أنك ملكك لله فسلم كُل شيء لله عز وجل.

ولذلك مدح القرآن الكريم هذه الفئة التِي جعلت منطلقها فِي الأخلاق المنطلق العرفاني وهُو التسليم الله فقال تبارك وتعالى ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، يعني نحنُ ملك لله والملك يرجع إلى صاحبهِ «﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ.

المحور الثانِي: المنطلق العرفاني والتسليم لله.

كربلاء، ويوم عاشوراء مجموعة من القيم الرُّوحِية انطلقت من منطلق واحد، وهُو المنطلق العرفانِي، مُنطلق التسلِيم لِ للهِ وأظهار المُلكِية لله وهذا المنطلق تجسد لنّا فِي عدة مبدأ وعدة قيم، أذكر بعضها هذه الليلة.

المبدأ الأول: مبدأ الفناء فِي الله تبارك وتعالى.

الإنسان يمر بثلاث مراتب:

- المرتبة الأولى: مرتبة الثقة بالله عز وجل، الثقة بأن الله لا يفعل بنّا إلّا مَا هُو صالحنّا ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.

- المرتبة الثانِية: مرتبة الرضا بقضاء الله، إِذا وقعت النوائب يكون الإنسان راضِي بقضاءِ الله، يكون الِإنسان مُفوض الأمر الله تبارك وتعالى، هذه المرتبة من الرضاء يعبر عنها القرآن الكريم ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ «27» ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً.

المرتبة الثالثة: مرتبة الفناء والتسليم، بمعنى أن الإنسان لا يرى لنفسهِ أنية ولا استقلالية بل يرى أنهُ بيد الله كُلهُ ظاهرهُ باطنهُ، سرهُ علانِيتهُ، حركاتهُ سكناتهُ، كلهث الله تبارك وتعالى. وهذا لا يصل إِليه إلّا الاولياء وهذا ما عبر عنهُ الحُسين يوم عاشُوراء بعدة عبارات عندما قال: هُّون مَا نزل بِّي أنهُ بعِينِ الله. وعندما وقف عن أصحابهِ وقال: أَحْتَسِبُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ عُصْبَةٍ. وعندما خطب قال رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفّينا أجور الصابرين. وهذه المرتبة من الفناء والتسليم هِي التي جسدتها العقيلة زينب عندما وصلت إلى جسد أخيها ومدت يدها ورفعت الجسد الشريف وقالت: اللُّهم تقبل منّا هذا القربَان.

المبدأ الثانِي: مبدأ العزة الإيمانِية.

كُل إنسان منّا يرفض الذله. ورد عن الرسول «أن الله فوض إلى المؤمن كُل شيء ولم يُفوض إليه أن يذل نفسه» الذل مبغوض لدى الإنسان، كُل إنسان يطلب العزة، لكن هُناك من يطلب العزة الشخصية وهناك من يطلب العزة القبلية لعشيرتهِ لقومهِ لحزبهِ، لكن العزة الحقيقية هِي العزة للدين وللإيمان.

الإنسان يذل نفسه إذا كان لأجل عزة الدين، العزة الحقيقية لأجل الدين قال تبارك وتعالى ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ عزة المؤمن بعزة الدين.

من هُنا أكد الحُسين يوم عاشُوراء على مبدأ العزة عزة الدين. ألا وإنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وجدود طابت وحجور طهرت واُنوف حميّة ونفوس أبية، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام. وقال: وَاللَهِ لاَ أُعْطِيكُمْ بِيَدِي إعْطَاءَ الذَّلِيلِ؛ وَلاَ أُقِرُّ لَكُمْ إقْرَارَ الْعَبِيدِ.

ونحنُ إِذا أردنّا أن نتعلم درس العزة من الحُسين العزة بديننّا العزة بإِيماننّا على المُسلمين أن يٌحافظُ على مبادئهم وقيميهم أمام غيرهم اعتزازًا بدينهم، نحنُ الشيعة الإمامِيه نعتز بمذهبنا بمبادئنّا من مظاهر عزتنّا بإِيماننّا ومبدأنّا اصرارنّا على الشهادة الثالثة فِي كُل الأذان، لأن هذا شعار بِإيماننّا ومذهبنّا وعزتنّا، اصرارنّا على أقامت الشعائر الحسينية وتعليق السواد الشوارع والامكان كُل ذلك اعتزاز بديننا ومبدأنا وقيمنّا. إلّا وهِي قيم كربلاء ومبدأ كربلاء، ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ. رحم اللهُ عبدًا جلس مجلسًا يحيى فيه أمرنّا.

المبدأ الثالث: تجسيد الكرامة الإنسانية.

الله سبحانهُ وتعالى أعطى لِ كُل إنسان كرامة وعم البشرية بالكرامة، الِإنسان بما هُو إنسان مُسلم ام كافر فهُو لهُ كرامة القرآن يقول ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا وقال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، لكُل إنسان كرامة والحُسين جسد مبدأ الكرامة الإنسانية يوم عاشُوراء.

جون مولا ابي ذر كان عبدًا أسود اللون، جاء إلى الحُسين وقال أأذن لِي بالقتال معكُم، فقال لهُ الحُسين أنت إنما لحقتنّا لطلبِ العافِية. فأنت في حّل منّا أذهب فأنت حّر لِوجهِ الله، قال لا أنا في الرخاء ألحس قصاعكم، وفي الشدّة أخذلكم!، لا كان ذلك ابدًا تنفس عليّ بالجنّة يَا أبّا عبد الله حتى يبيض وجهِي وتطيب ريحِي فإذن لهُ الحُسين بالشهادة فستشهد بين يدي الحُسين ، خرج الحُسين إلى جُون جلس عنهُ وهُو صريع وضع خدهُ على خدهُ ومسح الدماء التراب عن وجهه وقال اللهُم بيض وجهه وطيب ريحه وحشروهُ مع الأبرار وعرف بينه وبين مُحمد وَ آلِه. فكانت تفوح منهُ رائحة المسك.

الحُسين مبدأ الكرامة، نحنُ إِذا أردنّا أن نمثل مبدأ الكرامة علينّا أن يحترم بعض البعض الأخر. علينّا أن لا يهتك بعض حرمت بعض، أن لا يغتب بعضنّا البعض الأخر، تجسيدًا لمبدأ الكرامة الذي كفلهُ الله على كُل إنسان فضلنّا عن المُسلمين والمؤمنِين.

المبدأ الرابع: مبدأ الايثار.

ذكرنّا أن أقوى غريزة من غرائز الإنسان حُب الذات، والإسلام أراد أن يعالج هذه الغريزة لكي لا تطغى. ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى. كيف يعالج هذه الغريزة؟، علاجها بخطوات.

الخطوة الأولى: حرم عليها الربا وحثها على الصدقة. ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ حتى تعتاد النفس على العطاء والبدل.

الخطوة الثانية: أمرنّا بالأنفاق مما نُحب، قال تعالى ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ. إذا أدت أن تتصدق تصدق بصدقة كبيرة، إذا أرت أن تنفق أنفق شيء عزيز عندك شيء محبوب عندك، حتى تعتاد نفسك على تجاوز الأنانِية تجاوز الذاتِية وتتحلى بسمت الغيريرة ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا «8» إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا.

الخطوة الثالثة: الايثار، الإسلام لم يكتفي بالصدقة والأنفاق مما نُحب بل قال الأيثار مرتبة كاملة أن تُأثر غيرك على نفسك مع أنك تحتاج إلى هذا المال وتحتاج إلى هذا الوقت، لكن تُؤثر غيرك على نفسك ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ.

وهذه ما تجسد يوم عاشوراء العباس بن علي عندما كان في أحوج اللحظات إلى شربة ماء لكنهُ أثر أخاهُ الحُسين على نفسهِ وقال: يا نفسُ من بعد الحُسين هُونِي وبعدهُ كُنتِ أو لا تكونِي هذا حُسينُ وارد المنُونِ وتشربين بارد المعين والله ما هذا فعال ديني ولا فعال صادق اليقينِ.

المبدأ الخامس: مبدأ عشق الموت، نحنُ جميعًا نكرهُ الموت، الموت لدينّا شبحُ مُرعب لا لأجل الموت بل لأجل أننّا نخافُ ما بعد الموت،،

ولو   انا   اذا  متنا  تركنا

ولكنا    اذا    متنا    بعثنا

 
لكان الموت راحة كل حيّ

ونسال بعد ذا عن كل iiشي

لكن عاشوراء يعلم المؤمنين على أن الموت الحق شيء جميل. شيء حسن لذلك تجد الألفاظ التِي تعشق الموت وتحبذ الموت، الإمام علي يقول والله لأبن أبي طالب أنسُ بالموتِ من أنس الطفلِ بمحالب أمهِ..

وَ يقول الحُسين وَ هُو يُعبر عن أصحابهِ يستأنسون بالموت دونِي أستأناس الطفل بمحالب أمهِ.

ويقول الحُسين لذلك الولد صغير السن القاسم بن الحسن: ما طعم الموت عندك؟ قال: طعم الموت عندي أحلى من العسل إذا كان بين يديك يا أبا عبد الله.

من هُنّا شرح الحُسين لنّا هذه القيمة قيمة عُشق الموت وَ حُب الموت. إذا كان الموت طريق لأقامت العدالة كما ورد عن الحُسين «خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا، فيملان مني أكراشا جوفا وأحوية سغبا، لا محيص عن يوم خط بالقلم.

وقال: إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما».

المبدأ الأخير: الوفاء بالعهد، القرآن يركز على مبدأ الوفاء بالعهد ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ويقول ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا. وقول القرآن الكريم ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا. الوفاء بالعهد شيء مُقدس وشيء عظيم، لأجل ذلك نحنُ بيننّا وبين أئمتنّا عهد وعقد، فعلينّا الوفاء بعهودنا لِإئمتنّا.

لاحظوا ابن ابي عُمير يسأل الِإمام الجود عن قول الله عز وجل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أي عقود؟ فقال الِإمام أن الرسول عقد لِ عليًا على المُسلمين بِالأمره. والولاية في عشرة مواطن فلما أخذ منه العهد نزل قولهُ تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. أي العقود التِي عقدتموها لعلي بن أبي طالب بالأمره والولاية. فنحنُ بيننّا وبين علي عقد الولاية.

وعقد الولاية لهُ مظاهر وليس مجرد عقد قلبِي.

المظهر الأول: الثبات على الولاية والبراءة من أعداء أهل البيت ، الاصرار على التشيع الاصرار على مظاهر التشيع الاصرار على ما يبرز التشيع، هذا أظهار للحرص للبيعة لعلي .

المظهر الثانِي: الورع عن محارم الله، ورد عن الإمام علي سُأل عن رجل يشرب الخمر لا تقولوا من شيعتي قولوا من مُحبيي، شيعتنّا من أتقى، إِنما يتقبل الله من المُتقين. التقوى الورع عن المحارم، الورع عن محارم الله مظهر من مظاهر الالتزام ببيعة علي ، مُحافظة المرأة على حجابها بيعة لعلي، محافظة الرجل عن البعد عن العلاقات الغير مشروعه بيعة لعلي ، تجنب المحرمات من الكذب والغيبة والنميمة وهتك الحرمات بيعة لعلي .

المظهر الثالث: الخلق الرفيع، نحنُ نخلق أئمتنّا بِأخلاقنّا، ورد عن الصادق «كونوا زينا لنا ولا تكونوا شينا علينا» «كونوا لنا دعاة بغير ألسنتكم» نحنُ نريد أخلاق نحنُ نريد قيم، فالإمام يقول «أن الرجل منكم إذا صدق في حديثه ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدّى الأمانة، وحسَّن خلقه قيل هذا جعفري وقيل هذا أدب جعفر فيسرنِي ذلك، وَ إذا كان على خلاف، هذا قيل فعل الله بجعفر ما فعل ما كان أسوء ما يؤدب بهِ أصحابه».

إذا كنت دائم البسمة وخلوقًا ورعًا مُؤدي الأمانة مع الشيعة مع السنة مع المُسلمين مع الكفار مع أي إِنسان أنت تُظهر قيمة مذهبك، وتظهر قيمة أهل البيت صلوات الله عليه أجمعين. فهذا من مظاهر الاعتداد والاعتناء بعقد الولاية مع علي وأهل بيته. الوفاء بالعهد قيمة روحية تجسدت يوم عاشوراء تسابق الأنصار وفاء بالعهد بينهم وبين رسول الله . نصرة لمنصب الإمامة.

فقال علي بن الحُسين:

أنا  علي  بن  الحسين بن iiعلي

والله  لا  يحكم  فينا  ابن iiالدعي

أضربكم بالسيف أحمي عن أبي



 
نحن   وبيت   الله  أولى  iiبالنبي

أطعنكم    بالرمح   حتى   iiينثني

ضرب   غلام   هاشمي  iiعلوِي

ووقف الحُسين يمدح أصحابه فقال: فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي، وسعيد الحنفي عندما سقط قال كلمة واحده: هل وفيتُ يا أبا عبد الله، قال الحُسين: نعم وفيت، وأنت أمامِي في الجنّة.

الوفاء بالعهد مبدأ تجسد بِأروع صورةِ يوم عاشوراء فِي أرضِ كربلاء.