الفلسفة وآفاق المعرفة

شبكة المنير

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ

صدق الله العلي العظيم

انطلاقاً من الآية المباركة نتحدث في محاور ثلاثة:

المحور الأولى: في أهمية النظرة الكيفية للوجود:

هنا فرق بين الإنسان وغيره من المخلوقات جميع المخلوقات تمتلك الإحساس بالكون لكن الإنسان يمتاز عليها بأنه مضاف إلى أنه يمتلك الاحساس فهو يمتلك القدرة على التأمل والنظر ولذالك خُطب الإنسان في القرآن الكريم بالنظر﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ «5» خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ ﴿سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ﴿أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ فميزة الإنسان على بقية المخلوقات قدرته على النظر والتأمل.

إلا أن النظر المطلوب من الإنسان هو النظر الكيفي وليس النظر الكمي، النظر الكمي: بمعنى المعلومات التي تتحدث عن المقادير الطبيعية، مثلاً: ما هو مقدار المسافة بين الشمس وبين الأرض؟! ما هو مقدار قطر الأرض؟! ما هو مقدار الغلاف الجوي المحيط بالأرض؟! هذه تسمى «نظرة كمية» لماذا؟! لأنه هذه النظرة تتحدث عن العلاقات وعن الحدود المادية للكون هذه تسمى «نظرة كمية».

في المقابل هناك «نظرة كيفية» للكون وهي النظرة التي تتحدث عن المعلومات الجوهرية المتعلقة بمسيرة الكون يعني هل لهذا الكون مبدأ؟! هل لهذا الكون منتهى؟! هل أن الكون أسرة واحدة أم وجودات منفصلة؟! هل أن الكون ينحصر في الوجود المادي أو يشمل وجود أخر غير مادي؟! هل أن مسيرة الكون مسيرة واعية أم مسيرة هادفة؟! هذه الأسئلة لا توفرها النظرة الكمية للكون وإنما توفر الإجابة عليها النظرة الكيفية للكون والمطلوب من الإنسان أن يكون منظوره للكون منظور كيفي يكتشف ألغازه ويعرف أسراره لماذا؟!

لأنه حياة الإنسان تبتني على نظرته للكون إن كانت نظرة الإنسان للكون نظرة هادفة كانت حياته هادفة وأن كانت رؤية الإنسان للكون رؤية عمياء كانت حياته عمياء من يعتقد أن الكون مجرد أجهزة ميكانيكية تتحرك ولا يعرف إلا الحدود المادية لهذا الكون فالإنسان جهاز من أجهزة الكون، إذن الإنسان أيضاً جهاز ميكانيكي يتحرك لمدة معينة ثم تنتهي صلاحية هذا الجهاز.

بما أن رؤيتنا للكون رؤية مادية وأن الكون مجموعة أجهزة تتحرك مقتضى ذلك أن تكون رؤية الإنسان لحياته رؤية مادية وأنه كسائر الأجهزة التي ستنتهي صلاحيتها يوماً من الأيام من دون أن تكون هناك مسيرة واعية وهادفة بينما إذا أكتشف الإنسان النظرة الكيفية للكون وعرف أن للكون مبدأ ومنتهى وعرف أن الكون ذو مسيرة هادفة فبما أن الإنسان جزء من الكون إذن ليس الإنسان جهاز ميكانيكي ينتظر انتهاء صلاحيته بل الإنسان مخلوق هادف له مبدأ ومنتهى ولابد من رسم صياغة شخصيته على ضوء الأهداف التي اكتشفها من خلال قرأته للكون، فالنظرة الكيفية أهم من النظرة الكمية لأنه النظرة الكيفية يبتني عليها فلسفة حياة الإنسان.

المحور الثاني: في المقارنة بين القراءة الفيزيائية للكون والقراءة الفلسفيه للكون.

ذكرنا في المحور الأول أن فلسفة حياة الإنسان ترتكز على قرأته للكون، كيف يقرأ الكون؟! يستطيع أن يفسر حياته فلسفة الكون هي فلسفة الحياة لذلك أمامنا قرأتنا للكون: قراءة فيزيائية، وقراءة فلسفية.

القراءة الفيزيائية: قراءة ملكية، والقراءة الفلسفية: قراءة ملكوتية.

ما هو الفرق بين القراءة الملكية والقراءة الملكوتية؟!

القراءة الملكية: هي القراءة المادية عالم الملك هو عالم المادة قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ الملك هو عالم المادة قراءة الكون قراءة مادية تسمى «قراءة ملكية» أما عالم الملكوت: هو عالم أسرار ما وراء المادة المعبر عنه «الميتافزيق» ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ.

القراءة الفلسفية للكون: ليست قراءة مادية قراءة ميتافزيقيه يعني قراءة ملكوتيه تتحدث عن الاسرار المحيطة بعالم المادة، إذن عندنا قراءتان.

نأتي إلى القراءة الأولى: وهي القراءة الفيزيائية للكون التي أسميناها بالقراءة المادية الملكية، هذه القراءة ماذا قدمت للمجتمع الإنساني هذه القراءة الفيزيائية؟! قدمت للمجتمع الإنساني خارطة دقيقة عن الأنظمة المسيطرة على هذا الكون من أصغر دائرة إلى أعظم دائرة، يأتي الفيزيائي يتحدث عن أصغر دائرة يقول لك الإشعاع المنبعث من ذرة الراديوم ناشئ عن الانقسام الكمي في محتوى الذرة هذا يتحدث عن نظام متعلق بدائرة معينة أو يتحدث عن أكبر دائرة في الكون يقول لك هناك قوى أربع تتحكم في أنظمة الكون وأجهزة الكون كله، فالفيزيائي يقدم قراءة للكون إلا أن هذه القراءة قراءة مادية هذه القراءة قراءة دقيقة يحتاج إليها المجتمع البشري لأنه هذه القراءة الفيزيائية تعتمد على مقايس مختبريه وتجربيه فهي قراءة دقيقة للكون لا يستغني عنها الإنسان لماذا؟!

لأنه هذه القراءة الفيزيائية هي التي مكنت الإنسان من السيطرة على الطبيعة لولا اكتشاف الإنسان لخارطة الجينات البشرية ما استطاع الإنسان أن يسيطر على الأمراض الوارثيه سوا كانت نفسية أو بدنية ببركة اكتشاف خارطة الجينات البشرية سيطر الإنسان على علاج الامراض الوراثية لولا اكتشاف الإنسان عبر المعلومات الفيزيائية ابعاد الطاقة لم يقدر هذا الإنسان ان يتحكم في وسائل الاتصال في العالم كله.

إذن القراءة الفيزيائية الملكية المادية قدمت للإنسان معرفة دقيقة عن الكون استطاع من خلالها السيطرة على الطبيعة لكنها قراءة ناقصة لماذا؟! لأنها لم تجب عن الأسئلة الجوهرية المتعلقة بالوجود، هل للوجود مبدأ؟! هل للوجود منتهى؟! هل أن الوجود أسرة واحدة أم وجودات منفصلة؟! هل مجرد أن الوجود مادي هو مادي أو مادي فقط؟! هل أن مسيرة الوجود واعية أم هادفة أم لا؟! هذه الاسئلة لا يستطيع الفيزيائي أن يجاوب عليها لماذا؟!

لأنها لا تخضع للمقاييس التجريبية لا يمكن للفيزيائي أن يحدد معلومة إلا على ضوء المقاييس التجريبية وبما أن هذه الأسئلة لا يمكن نيلها ومعرفتها من خلال المقاييس التجريبية، إذن تبقى هذه الأسئلة الغاز لا جواب لها مبدأ الكون منتهى الكون علاقات الكون هذه تبقى الغاز، القراءة الفيزيائية وأن كانت دقيقة لكنها لا تجيب عن هذه الالغاز ساكتة عنها.

القراءة الفلسفية: القراءة الفلسفية قراءة ملكوتيه بمعنى أن هدف الفيلسوف ليس هو اكتشاف كم المسافة بين الشمس والأرض أو اكتشاف ما هي الجسيمات تحت الذرية كيف تتفاعل «لا» هذه كلها قراءة مادية هذا شغل الفيزيائي الفيلسوف عندما يقرأ الكون يقدم قراءة ملكوتية يعني هل أن هذا الكون هادف أم ليس بهادف؟! هذا الذي يشغل نظر الفيلسوف، هل هناك خطة هادفة يسير عليها الكون أم ليست هناك خطة هادفة يسير عليها الكون؟! هذا الذي يشغل نظر الفيلسوف، أما محتوى الذرة كم المسافة الفيلسوف يقول هذا ليس من اختصاصي كما أن الفيزيائي ليس من اختصاصه أن يكتشف هذه الأبعاد لأنها لا تخضع للمقياس التجريبي الفيلسوف أيضاً يقول له هذه القضايا المادية والحسابات ليس من اختصاصي أنا أتحدث عن هدفيه الوجود، هل أن الوجود يسير مسيرة هادفة أم لا، هذا اختصاصي الذي أريد أن أتحدث عنه، ولذلك قراءة الفيلسوف هي قراءة ملكوتية لا تستغني أحدى القراءتين عن الأخرى نحن نحتاج إلى أن نفهم العلاقات والحدود المادية لهذا الكون من خلال القراءة الفيزيائية لأنها بواسطتها يسطر الإنسان على الطبيعة لكننا نحتاج أيضاً إلى أن نفهم الاسرار الملكوتية لهذا الكون مبدأ منتهى اسرة واحدة أم متعددة مسيرة هادفة أم مسيرة عمياء هذه الاسرار أيضاً لا يمكن الاستغناء عن معرفتها وهذا ما تتكفل فيه القراءة الفلسفية للكون.

فالقراءة الفلسفية للكون تحدد للنا الأبعاد الأربعة نسميها «الابعاد الأربعة التي هي خارطة اسرار الكون»:

  • البعد الأول: هل أن الكون أنطلق من قوة حكيمة أم لا؟! هذا يسمى «بعد الحكمة» هل أن الكون مبدئه هو الحكمة أم لا؟! هذا البعد الأول.
  • البعد الثاني: هل أن الكون أسرة واحدة يعني كله وجود واحد؟! أم أنه وجودات متعددة؟!
  • البعد الثالث: هل أن الكون مادي فقط أم له عنصر أخر غير مادي؟!
  • البعد الرابع: هل أن مسيرة الكون مسيرة هادفة يعني فلا الكون أتي يسير في مسيرة هادفة واضحة أو لا مسيرة عشوائية تقع في بعض الظروف يمكن تقفز في بعض الظروف الأخرى؟!

القراءة الفلسفية تقول لك «لا» مستحيل القراءة الفلسفية لا تعتمد على المقاييس التجربية تعتمد على معلومات فطرية بديهة يؤمن ويدعن بها الإنسان ومن خلال هذه المعلومات الفطرية البديهية تجيب الفلسفة عن الأسئلة المتعلقة بملكوت الكون وبأسرار الكون.

أضرب لك أمثلة: الآن الفرق بين القراءة الفيزيائية والقراءة الفلسفية مثل الآن أمامنا كتاب نسأل ما هو هذا الكتاب؟! القراءة الفيزيائية تقول لك: أنا لا أعرف أول الكتاب ولا أعرف أخر الكتاب أنا أستطيع أن أكتشف لك الكتاب اكتشاف مادي، كم عدد الأوراق؟! ما هو لون الحروف ما هو نوع الخط؟! ما هي المميزات المادية لطباعة هذا الكتاب؟! هذه نسميه قراءة فيزيائية بينما القراءة الفلسفية تقول لك لا هذا الكتاب من هو مؤلفه؟! ما هي أهدافه؟! ما هو فهرسته؟! ما هو نصيب الإنسان منه إذا أتم قراءته؟! فالفيزيائي يهتم بالطبيعة المادية للكتاب فلفيلسوف يهتم بالطبيعة الفكرية للكتاب من هنا كانت قراءة الفيزيائي قراءة فلكي وكانت قراءة الفيلسوف قراءة ملكوتيه.

ننطلق من الإنسان هذا الإنسان أنطلق أنت من ذاتك أترك الوجود الأخر﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ نقرأ الإنسان نفسه هذا الجسم الذي أمامنا جسم الإنسان مؤلف من أنظمة منسجمة وليست متعارضة وظيفة القلب يحكمه نظام وظيفة الجهاز الهضمي يحكمها نظام وظيفة الدماغ يحكمها نظام كل جزء من البدن يحكمه نظام لكن ليس بين هذه الأنظمة تعارض ولا تقاطع فالجسم يعش لغة الانسجام بين أنظمته وأجهزته ما لم يدخل فيروس من الخارج الجسم يعيش توائم وانسجام بين سائر أجهزته وأنظمته لغة الانسجام بين أجهزة الجسم ماذا تعني؟!

تعني الأبعاد الأربعة التي قراناها بما أن لغة الجسم هي لغة الانسجام بين أنظمته إذن هذا الجسم جاء من قوة حكيمة لولا الحكمة لما تحصل جهاز يشتمل على عشرين نظام وجميع هذه الأنظمة منسجمة وليست متقاطعة.

يجيب على البعد الثاني: هذا الجسم أسرة واحدة صحيح أنت تراه يد ورجل وعين وسمع ولكنه في الواقع أسرة واحدة يكمل بعضه بعض فهو وجود واحد وليس وجودات متعددة.

البعد الثالث: أن هذا الجسم مكون من عنصرين:

  1. عنصر مادي: وهو حركة اليد والعين.
  2. عنصر تجريدي: وهو الوعي والإدراك.

أنا أدرك المعلومات أنا أحلل المعلومات أنا أقوم برسم المعلومات فالإنسان متكون من عنصرين عنصر مادي وعنصر تجريدي.

البعد الرابع: إذن بما أن هذا الإنسان مكون من أجهزة متناسقة وقد أنطلق من قوة حكيمة إذن لهذا الجسم مسيرة هادفة له مبدأ له منتهى وله هدف بين المبدأ والمنتهى كما ورد عن النبي محمد : ”رحم الله عبد عرف من أين وفي أين وإلى أين“ هذا الجسم هو صورة عن الكون كما ورد عن الإمام علي : ”أتحسبوا أنك جرم صغير وفيك أنطوى العالم الأكبر“ الجسم صورة مصغرة عن الكون كله كما أن هذا الجسم جهاز يتحمل أنظمة دقيقة منسجمة متقاطعة يكمل بعضها بعضاً وتسير نحو مسيرة واعية وهادفة كذلك هذا الكون، هذا الكون المحيط بنا مكون من أجهزة وأنظمة لكن كل أجهزته كما يعبر بعض علماء الفيزياء أجهزة ذكية، ما معنى أجهزة ذكية؟! ما معنى ذكية يعني حتمية أو ثابتة، ذكية يعني كل الأنظمة تصب في توازن الكون لا في اختلال الكون لا يوجد نظام في هذا الكون يؤدي إلى التزلزل والخلل وأنظمته تصب في توازن الكون فالكون يتشكل من أنظمة ذكية يعني أنظمة تسير نحو التوازن.

إذن من قرأ جسم الإنسان فقد قرأ الكون فالكون مؤلف من أنظمة منسجمة لا متقاطعة، إذن الكون أسرة واحدة يكمل بعضه بعضا﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ «38» وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ «39» لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ

والبعد الرابع بما أن هذا الكون أسرة واحدة يكمل بعضه بعضا إذن قد أنطلق من قوة حكيمة هادفة فالكون يسير مسيرة واحدة وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم بقوله: ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى «2» وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى هذا ما يتوصل إليه الفيلسوف فقرأت الفيلسوف للكون قراءة ملكوتية تتحدث عن هذه الأبعاد الأربعة الضرورية للإنسان فإذا أكتشف الإنسان ببركة القراءة الفلسفية أن الكون مسيرة هادفة والإنسان جزء من الكون فلا محال الإنسان مسيرة هادفة فلابد من صياغة الإنسان وصياغة شخصيته على ضوء هذه الأهداف التي اكتشفها لمسيرة الكون﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا القراءة الفلسفية تقول لك لا يوجد شيء عبث لا توجد عندنا عبثية عشوائية ما عندنا، عندنا أنظمة ذكية تسير نحو التوازن إذن الكون مسيرة واعية وهادفة: ﴿أفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ «38» مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ، إذن هذا هو فرق بين القراءة الفلسفية والقراءة الفيزيائية للكون.

المحور الثالث: القيمة الحوزويه لعلم الفلسفة:

ما هو موقع علم الفلسفة في المنظومة الحوزوية هناك اتجاه يقرر أن عل الفلسفة علم ممقوت ومذموم ومبغوض بحسب المنظومة الحوزوية لماذا؟! استناد إلى بعض النصوص أو الروايات مثلاً: ما في توحيد المفضل عن الصادق : ”تبا وخيبة وتعسا لمنتحلي الفلسفة“ ثم قال الإمام في الأخير كما ورد: ”كيف عميت قلوبهم عن هذه الخلقة العجيبة حتى أنكروا التدبير والعمد فيها“ هذه رواية، الرواية الأخرى يذكرها المحدث النوري في مستدرك الوسائل الجزء الحادي عشر عن الغمام العسكري وهي رواية طويلة تتحدث عن علامات أخر الزمان وفيها: ”أمراؤهم جائرون، وعلماؤهم في أبواب الظلمة سائرون، شرار خلق الله «يعني هؤلاء العلماء السائرون في أبواب الظلمة» على وجه الأرض، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف، وأيم والله: أنهم من أهل العدوان والتحرف، يبالغون في حب مخالفينا“ وينقل هذه الرواية الشيخ الطبرسي في كتاب «حديقة الشيعة» لشيخ الأردبيلي مضاف إلى أن أصحاب الأئمة كتبوا ردود على الفلسفة مثلاُ هشام أبن الحكم رد على أرسطاليس الفضل أبن شاذان كتب كتاب الرد على الفلاسفة قطب الدين الراوندي كتب أيضاً الرد على الفلاسفة، إذن هذه قرائن تفيد أن الفلسفة ليس لها قيمة بحسب المنظومة الحوزوية.

نحن عندنا عدة تعليقات على هذا الاتجاه:

التعليقه الأولى: نحن لا ندعي أن الفلسفة علم مقدس أي أنه علم ثابت النظريات «لا» في بعض النظريات هي محل جدال في بعض النظريات هي محل نقاش ليس كل الفلسفة علم ثابت لا، اضرب لك مثال واحد:

هناك خلاف بين المتكلمين من فقهائنا والفلاسفة في أن علاقة الكون بالله هل هي علاقة معلول بالعلة أو علاقة فعل بفاعل ما هو الفرق بين علاقة المعلول بالعلة وعلاقة الفعل بالفاعل؟! يعني الآن مثلاً أنا أمشي أمامك علاقة المشي بيّ علاقة فعل بفاعل يعني المشي حركة اختياريه تصدر مني بإرادة ووعي هذه يسمونها «علاقة الفعل بالفاعل» بينما تأتي إلى علاقة الحرارة بتمدد الجسم، الجسم يتمدد بالحرارة الحديد يتمدد بالحرارة هذا الجسم الحديدي بمجرد أن يتعرض إلى طاقة حرارية بنسبة معينة يمتد علاقة الحرارة بالتمدد علاقة عله بمعلول ليس بكيفها الحرارة ولا بكيفه التمدد متى ما أكتسب الجسم هذه النسبة المعينة من الحرارة تمدد علاقة علة بالمعلول.

هل أن علاقة الكون بالله علاقة معلول بعله؟! أو علاقة فعل بفاعل؟!

أغلب الفلاسفة تقول لا هذه علاقة معلول بعله والنتيجة الكون معلول لله، الله على الكون العلة والمعلول هذه قاعدة فلسفية العلة والمعلول متعاصران زمناً متفاوتان رتبتاً يعني لا تصير العلة أسبق من المعلول في الزمن لا بد أن تكون في زمن واحد العلة والمعلول يتحقق في وقت واحد هذه الدرجة من الحرارة مع تمدد الجسم يحصلان في وقت واحد العلة والمعلول متعاصران زمناً في وقت واحد تصل الحرارة إلى نسبة معينة في نفس الوقت يتمدد الجسم لا يوجد تفكيك العلة والمعلول متعاصران زمناً وأن كانا متفاوتين رتبتاً يعني أحدى الحركتين هي مستمدة من الأخرى، إذا نقول هذا الكون معلول لله والمعلول لازم يكون متعاصر زمناً مع العلة إذن هذا الكون قديم إذن العالم قديم بقدم الله يعني لم يمر زمناً إلا والعالم موجود لم يكن هذا العالم مسبوق بعدم زماني بل وجوده معاصر لله قديم بقدم الله لأنه علاقة بالله علاقة معلول بعلة والمعلول مع العلة لا ينفكان زمناً هذا اتجاه.

بينما اتجاه المتكلمين من فقهائنا يقولون لك لا هذا يتنافى مع النصوص المستفادة من الكتاب والسنة ظاهر النصوص أن العالم مسبوق بعدم زماني لم يكن ثم كان فعلاقة العالم بالله علاقة فعل بفاعل فعل اختياري يصدر عن إرادة واختيار وليس علاقة معلول بعلة، إذن ليست جميع القواعد الفلسفية هي قواعد ثابتة مسلمه «لا» بعضها محل جدال ومحل نقاش فليست الفلسفة علم مقدس هذه التعليقة الأولى.

التعليقة الثانية: نحن عندما نأتي إلى هذه الروايات هذه لا يصح الاستدلال بها على أن الفلسفة علم ساقط ليس له قيمة حوزويه «لا» لماذا؟!

أولاً: هذه الروايات ضعيفة سنداً يعني ذكر في توحيد المفضل الرواية الأولى من دون سند متصل وذكر المحدث النوري الرواية الثانية في الوسائل من دون سند متصل وأسندها الشيخ الطبرسي إلى «حديقة الشيعة» للأردبيلي من دون سند متصل مضاف إلى أن هذا الكتاب وهو «حديقة الشيعة» لم يثبت أنه من تأليف الشيخ الأردبيلي فإذن ضغف إسنادها يمنعنا من الاستدلال بها هذا أولاً.

ثانياُ: ليس مفاد هذه الروايات على فرض صحة سندها ليس مفادها أن الفلسفة برمتها لا قيمة لها هي تتحدث عن جزء من الفلسفة تتحدث عن منحى معين من الفلسفة لا كل الفلسفة لاحظ الرواية الأولى قال في ذيلها ”عميت قلوبهم عن هذه الخلقة العجيبة حتى أنكروا التدبير والعمد فيها“ يعني الفلسفة التي تقود إلى إنكار تدبير الخالق وأنه تدبير قصدي عمدي هذه الفلسفة ماذا؟! ممبغوضة وممقوتة وليست جميع مباحث الفلسفة وعلومها ونظرياتها كذلك الرواية الثانية التي تقول: ”يميلون إلى الفلسفة والتصوف وأيم والله إنهم من أهل العدول والتحرف يبالغون في حب مخالفينا ويضلون شيعتنا وموالينا“ هذه تتحدث عن الفلسفة التي تنفصل عن النص نحن في المنظومة الحوزوية لا نأخذ بالفلسفة كلها نحن نأخذ بالقواعد الفلسفية التي قام البرهان القطعي عليها وكانت منسجمة ومتوافقة مع النصوص المستفادة من الكتاب والسنة.

إذن هذه النصوص تصب في ذم نوع من الفلسفة وهو الفلسفة المنفصلة والمستقلة عن الكتاب والسنة وهذا هو الذي تصدى الفضل أبن شاذان قطب الدين الراوندي للرد عليه يعني للرد على استقلال الفلسفة عن النصوص الشريفة المستفادة من الكتاب والسنة هذه التعليقة الثانية.

التعليقة الثالثة: لاحظوا يا أخوان أهمية الفلسفة كما ذكرت أنا في بعض الليالي السابقة الفلسفة لا ربط لها بالفقه، الفقه تخصص والفلسفة تخصص أخر لكلاً منهما موضوعه وهدفه كيف؟! الفقه: علم يبحث عن تحديد الحكم الشرعي، ما هو حكم الربا؟! ما هو حكم المعاملة البنكية؟! ما هو الحكم الشك بين الثلاث والأربع؟! ما هو حكم الدم والمني؟! هذه يتحدد تحديد الحكم الشرعي يسمى فقه، الفلسفة: علم يبحث عن الموجود وأحواله من حيث الوجود مثلاً: يقول لك الموجود هل هو واجب أو ممكن؟! هل هو مجرد أو مادي؟! هل هو علة أو معلول؟! هل هو ذاتي أو عرضي؟!

إذن هو يتحدث عن الموجود وأحواله من حيث الوجود فكلا منهما علم مستقل عن الأخر موضوعا وهدفاً لذلك لا يشترط في التخصص الفقهي انضمام التخصص الفلسفي يمكن أن يكون فقيه أن لم يكن فيلسوف ويمكن أن يكون فيلسوف وأن لم يكن فقيه نقم قد تلتقيان الفلسفة والفقه في موارد نادرة جداً مختصرة.

مثلاُ: إذا أنت أتيت وأخذت ماء مغصوب ماء ليس الك وتتوضأ بهذا الماء عندما تضع الماء على يدك اليمني هذه العملية عملية جريان الماء هل هي وجودان أم وجود واحد؟! هل هذه العملية وجودان وجود نسميه وضوء ووضوء نسميه غصب أنت تستخدم ماء الغير واستخدم ماء الغير غصب، إذن هل أجراء الماء على اليد وجود واحد له عنوانان عنوان وضوء وعنوان غصب؟! أو أن أجراء الماء على اليد وجودان وليس وجود واحد أحدهما غصب والأخر وضوء، هنا التقت الفلسفة مع الفقه هنا بعض الفقهاء كسيدنا الخوئي «قدس سره» يقول: نعم إذا كانت هذه الحركة وهي أجراء الماء على اليد وجود واحد وليس وجوديين هذا الوجود الواحد هو وضوء وهو غصب إذن هذا الوضوء باطل لماذ؟!

لأنه الغصب لا يقع مطلوب شرعاً لأنه الغصب لا يقع مصداق لما هو المأمور به شرعاً ما دام هو وجود واحد وهو بنفسه غصب إذن لا يصح أن يكون وضوء أما إذا لا افترضنا هذا وجودان وليس وجود واحد هناك حركتان نحن لا نلتف إليهما هناك وجودان:

1 - وجود يسمى: غصباً.

2 - وجود يسمى: وضوءً.

إذا ليس هناك مشكلة أنت صدر منك فعلين فعل محرم ليس لنا شغل فيه وفعل هو مصداق لما هو مأمور به الواجب هنا تدخلت الفلسفة في تنقيح مصداق ومثال لأمثلة الفقه إلا أن هذا التداخل قليل وفي بعض الموارد لا يشكل منهج بحيث من لم يكن فيلسوف لم يكن فقيه.

التعليقة الأخيرة: الفلسفة ليست علم ممقوت وأن لم يكن دخيل في التخصص الفقهي لكنه علم ضروري لماذا ضروري؟! من زاويتين:

الزاوية الأولى: ببركات القواعد الفلسفية نستطيع المقارنة بين الرؤية الإسلامية والرؤية الغربية نحن عندما نقوم بالمحاكمة يعني أنت الآن إذا تقرأ فقه الشيخ المطهري «رحمه الله» أو فقه السيد محمد باقر الصدر «رحمه الله» أو فكر السيد صاحب الميزان «رحمه الله» السيد الطباطبائي «رحمه الله» الفكر قائم على ماذا؟!

على محاكمة الفلسفة الغربية بالفلسفة الإسلامية والفلسفة الإسلامية هي القواعد الفلسفية المنسجمة مع النصوص المستفادة من الكتاب والسنة، فالفلسفة أصبحت أداة لمحاكمة الفلسفة المادية لا يمكن الاستغناء عنها ومن زاوية أخرى الفلسفة علم تحليلي، ما معنى علم تحليلي؟!

نحن عندنا عدة علوم، علوم تحليلية يعني تحلل المفاهيم مثل علم الفلسفة علم النفس علم الاجتماع علم التاريخ هذه علوم تحليلية، أضرب لك أمثله: مثلاً عندما نقرأ قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ﴿12 ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ﴿13 ثُمَّ خَلَقْنَاالنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ من نقرأ الآية نفهم أن هناك حركة النطفة تحركت أصبحت علقة ثم مضغة ثم عظام ثم جسد كامل القرآن يقرر أن للنطفة حركة الفيلسوف يأتي ويحلل هذه حركة فنحن نستفيد من الفلسفة في تحليل المفاهيم القرآن طرح مفهوم أن النطفة لها حركة ولكن ما هي حقيقة هذه الحركة؟! هذه نستفيده من الفلسفة يأتي الفيلسوف ويقول لك حركة النطفة حركة جوهرية بمعنى أن النطفة تتحرك في جوهرها وصميم ذاتها لتنمو وتتكامل وتتحول إلى إنسان متكامل.

مثال أخر: مثلاُ: قوله تعالى: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ طيب القرآن قال﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ لم يقل لكل فرد معناه كما أن الفرد يموت الأمة أيضاً تموت مثل ما أنا الإنسان أموت المجتمع قد يموت إذن القرآن يقرر أن للمجتمع موت كما أن للإنسان موت، لكن ما هي حقيقة الموت الاجتماعي؟! موت الإنسان نعرفه قبض ملك الموت روحه مع السلامة، لكن معنى الموت الاجتماعي ماذا؟!

هنا يتدخل علم الاجتماع في ماذا؟! في تحليل الآية فستفدنا كما استفدنا من الفلسفة في تحليل بعض مفاهيم القرآن نستفيد من علم الاجتماع في تحليل بعض مفاهيم القرآن، ما معنى الموت الاجتماعي؟! يأتي علماء الاجتماع ويقولون لك حياة المجتمع بعدة عناصر الاستقلالية التوازن بين وسائل الانتاج وأساليب توزيع الثروة الرشد إذا فقد المجتمع أحد هذه العناصر فهو مجتمع ميت.

أضرب لك مثال ثالث: قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى طيب السر نعرفه: وهو الأفكار التي تختلج داخل الإنسان من دون أن يبرزها هذا سر ولكن ما هو الأخفى؟! القرآن يقرر لنا أن في داخل الإنسان شيئين: خفي وهو سر وأخفى من السر يأتي علم النفس يحلل نستفيد من علم النفس في تحليل المفهوم القرآن، ماهو الوجود الأخفى من السر؟! نحن عندنا مدرسة سلوكية في علم النفس وعندنا مدرسة تحليله في علم النفس المدرسة التحليله لفرويديه تأتي وتحلل ذلك تقول: هناك عقل باطن يسمى «بمنطقة إلا شعور» هذا العقل الباطن هو وجود أخفى من الأسرار التي تختلج في ذهن الإنسان.

إذن هذه العلوم كلها فلسفة علم نفس علم اجتماع ليست كلها صحيحة لكننا نأخذ منها القواعد التي قام عليها البرهان القطعي وانسجمت مع ظواهر الكتاب والسنة ونستفيد من هذه القواعد في مقام ومجال تحليل المفاهيم القرآنية والإسلامية.

وكذلك المستفاد من علم التاريخ، التاريخ يستفاد منه كيف؟! مثلاً: ثورة الحسين هناك البعض يطرح اتجاه يقول لك لا تقول ثورة الحسين ولا حركة الحسين ولا مشروع الحسين كل شيء لا تتكلموا عنه لماذا؟! لأنه يقول لك هذا فعل إمام معصوم ونحن لا نستطيع أن نفسر فعل الإمام المعصوم ما صدر عن الحسين فعل لإمام معصوم والمعصوم هو أعرف بفعله ولا تستطيع عقولنا القاصرة أن تصل إلى كنه فعله حتى نقوم بتفسيره وفا نفسره تارة بالثورة وأخرى بالحركة وثالثة بالمشروع لا نستطيع نحن أن نفسره.

الجواب: نحن نجيب عن هذا الاتجاه لو كان ما صدر عن الحسين فعل صامت لقنا هذا الفعل الصامت فعل صادر عن معصوم لا يدرى ما هي أسبابه ومعالمه لكن الفعل الذي صدر عن الحسين، الحسين بنفسه شرحه وليس نحن الحسين هو الذي تحدث عن فعله وليس نحن فبعد أن تحدث الحسين عن فعله وووصفه بأنه حركة وذكر له أسباب وذكر له معالم، إذن وظيفتنا أن نحلل هذه الأسباب وهذه المعالم التي طرحها الحسين نفسه في خطاباته كما نحلل سائر الآيات القرآنية ونحلل سائر الكلمات الصادرة عن الأئمة الأطهار «صلوات الله وسلامه عليهم» الحسين نفسه يتحدث عن نفسه ”ما خرجت أشراً «عندي خروج يعني حركة» ولا بطراً ولا مفسداُ ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر“ إذن نستفيد من علم التاريخ من سنن التاريخ في تحليل حركة الحسين على ضوء النصوص التي وردت عن الحسين .

ومن تأتي أنت وتحلل الحركة تستغرب ليش بني أمية قابلوا حركة الحسين مقابلة قاسية عنيفة لماذا؟! لماذا أجهزوا على الحركة منذ أول يوم لم يسمحوا لأحد أن يدخل إلى كربلاء أحاطوا كربلاء من كل جانب حاصروا المعسكر الحسيني لم يسمحوا لأحد بالالتحاق به منعوه الماء قتلوا كل رجاله مثلوا بالأجساد قطعوا الرؤوس يعني معاملة قاسية لماذا؟! لأنهم أدركوا أن حركة الحسين أحدثت انفجار في جسم الأمة وأوقدت الضمائر وحركة الإرادة وبالتالي الحركة التي تهز العرش بهذه الصورة لابد أن يعامل معها بعنف حتى لا يبقى لها أثر بحسب ضن الأمويين لو كانت حركة الحسين حركة صغيرة مثل حركة أبن الزبير سهل القضاء عليها لا يحتاج إلى كل هذا العمل لكنهم أدركوا أن حركة الحسين تختلف هذه حركة أبن بنت رسول الله حركة إمام الأمة حركة شخص مؤثر على الأمة.

إذن لابد من تطويق حركته ومواجهتها بأعلى صور العنف والقسوة حتى لا تتكرر ولا يبقى لها أثر إلا أن الحركة أصبحت هي البذرة لسقوط عرش بني أمية وتوالي الثورات والحركات من بعدها.........

وصلى الله على محمد وآل محمد