عليُ والعبادة

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ

انطلاقا من الآية المباركة نتعرض لعدة مطالب:

المطلب الأول:

هناك سؤالان يرتبطان بما مضى من البحث حول مسألة الإمامة وكونها جعل إلهياً.

السؤال الأول:

أن الإمامة أمير المؤمنين احتج على معاوية بن أبي سفيان بالشورى فقال: «إما بعد فإنه قد بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإذا اجتمعوا على رجل وسموه أمام لم يكن لشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد» فلو كان الإمام يرى نفسه إمام شرعي منصوص عليه من قبل الله والنبي لم أحتج بالشورى بل أحتج بالنص؟

الإجابة عن هذا السؤال:

ظاهر سياق هذه المكاتبة التي كتبها الإمام أمير المؤمنين إلى معاوية ظاهر هذا السياق أنه احتجاج عليه بما يراه حجة وكما يعبر عنه «بقاعدة الإلزام» أي أن الإمام علي يقول لمعاوية أنا الخليفة الشرعي على كل حال وأن بيعتي لزمتك وأنا في المدينة وأنت في الشام» كما في أول المكاتبة أنا الخليفة الشرعي على كل حال لأنه الخلافة أما بالنص أو بالشورى فإن كانت بالنص أصبح منصوص علية وإن كانت بالشورى فإن قد اجتمعت عليّ المهاجرون والأنصار.

إذن أنت ملزم ببيعتي وإمامتي على كل حالاً فالاحتجاج على معاوية بمسألة الشورى لا لأنه مسالة الشورى هي المقياس في الإمامة بل لحجاج الخصم بما يراه حجة لأنه معاوية يرى الشورى حجة ويرى أن الشورى هي المقياس في اختيار الخليفة والإمام، فالإمام يحجه بما يحتج به يلزمه بما ألزم به نفسه فيقول له: بما أنك تعتقد بالشورى وتراها مقياس فقد تمت الشورى بالنسبة إليّ «وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإذا اجتمعوا على رجل وسموه أمام لم يكن لشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد» فأنت ملزم بمبدأ الشورى الذي تلتزم به وإلا فالإمام علي نفسه تظلم من الشورى فقال في الخطبة الشقشقية: «فَيَا لَلَّهِ وَ لِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ» إنا لا يقاس بي أولهم فضلاً عن أخرهم فضلاً عن هذه الأسماء: «فَيَا لَلَّهِ وَ لِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ لَكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وَ طِرْتُ إِذْ طَارُوا» وقال: «أنزلني الدهر حتى قيل علي ومعاوية» صرت أقرن بهذه الأسماء «فإن كنت بالقربى ملكت أمورهم فغيرك أولى بالنبي وأقربُ وأن كنت بالشورى حجبت خصيمهم فكيف بشورى والمشيرون غيبوا».

السؤال الثاني:

نحن لانحط أن في بعض الروايات تذكر مسألة البداء في الأئمة مثلاً: ورد عن الإمام الصادق : «ما بدأ في أحد كما بدأ في ولدي إسماعيل» وقال الإمام الهادي لولده الحسن العسكري بعد وفاة أبنه السيد محمد بن الإمام الهادي قال لأبنه الإمام العسكري: «أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا»، السؤال إذا كان الأئمة معروفين وواضحين وقد نص عليه النبي وسماهم بأسمائهم من الإمام أمير المؤمنين إلى الإمام المهدي المنتظر «عجل الله فرجه الشريف» فلماذا حدث هذا البداء؟! أي كانت الإمامة لإسماعيل فلما توفي أصبحت لموسى بن جعفر، أو كانت الإمامة لمحمد بن الإمام الهادي فلما توفي أصبحت الإمامة لأخيه الحسن العسكري، إذا كانت الأسماء معينة ومعروفه فلا معنى للبداء لا لمعنى لئن يقول:: «أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا» إلى أخر ما ورد عنهم0صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين».

الجواب عن هذا السؤال:

كون الأئمة اثنا عشر هذا كان أمر واضح بين المسلمين لا لبس فيه، الأئمة بعد النبي أثنا عشر مسالة العدد كانت مسالة محسومة ووردت في كتب الفريقين ومنها صحيح البخاري: «يكون فيكم أثنا عشر خليفة كلهم من قريش» وأردف بن حجر في فتح الباري في شرح صحيح البخاري «أردفه عليه من بني هاشم» مسألة كون الأئمة اثنا عشر كانت مسألة واضحة معروفه بين المسلمين لا لبس فيها، وإما الأسماء كون الأئمة هؤلاء بالنسبة للخمسة بالنسبة لعلي والحسن والحسين أيضاً هذا كان أمراً مسلم بالنسبة للإمام الحجة «عجل الله فرجه» أيضاً أسمه كان واضح إما بالنسبة للبقية الأسماء هناك تعين وهناك نص من قبل النبي عليهم بأسمائهم لكن التنصيص بالأسماء لم يكن واضح لدى عامة الشيعة كان معروف لدى الخاصة لم يكن معروف لدى العامة كانت الأسماء معروفة لدى الخاصة لدى الشيعة لدى الأصحاب المقربين من الأئمة الطاهرين «صلوات الله عليهم أجمعين».

ولم تكن الأسماء واضحة لدى عامة الشيعة أسماء أهل البيت فذلك حدث الخلاف بعد استشهاد الإمام الحسين ذهب بعض الشيعة إلى إمامة الإمام بن الحنفية أخيه وسمو «بالكيسانية» بعد وفاة الإمام الصادق ذهب بعض الشيعة إلى إمامة ولده إسماعيل مع أنه توفي في حياة أبية، بعد وفاة الإمام الكاظم ذه وقف بعض الشيعة على الإمام الكاظم ولم يقولوا بإمامة الإمام الرضا وقالوا بأن الإمام الكاظم غائب ويرجع مرة أخرى وهكذا حصلت خلافات وأن كانت خلافات جزئية ولكن حصلت خلافات بعد وفاة بعض الأئمة مما يكشف عن أن أسمائهم وأن كانت معينة معلومة لدى خاصة الشيعة ولكنها لم تكن معلومة لدى عامة من الشيعة لدلك أحتاج تعين الإمام في بعض الظروف إلى نص واضح وترادف وتواتر من قبل أصحاب الأئمة حتى تتضح مسالة الإمامة، هذا هو المطلب الأولى الذي أردنا التعرض إليه.

المطلب الثاني:

بالنسبة للآية المباركة قال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَعندنا فقرات في الآية نقف عندها:

الفقرة الأولى من الآية:

فقرة ﴿إِنَّمَاأنتم تعرفون أن﴿إِنَّمَا تدل على الحصر إذا قيل إنما زيد شاعر يعني لا توجد عنده صفة أخرى لا توجد عنده إلا صفة الشعر، إنما فلان تاجر يعني لا توجد عنده مهنة أخرى مهنته فقط التجارة ﴿إِنَّمَا تدل على الحصر بما أن﴿إِنَّمَا تدل على الحصر وقد حصرت الولاية في ثلاثة﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ «جماعة معينه من الذين أمنوا» الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَبما أنها حصرت الولاية في هؤلاء الثلاثة إذن الولاية: بمعنى ولاية الأمر وإلا غير ولاية الأمر لا تنحصر في الثلاثة، لو فسرنا الولاية في الآية بالنصرة يعني «إنما ناصركم الله ورسوله والذين أمنوا» أو المحبة «إنما يحبكم الله ورسوله والذين أمنوا» النصرة والحبة لا تنحصر في هؤلاء الثلاثة حصر الولاية في هؤلاء الثلاثة بأداة الحصر وهي﴿إِنَّمَادليل على إن المراد بالولاية: ولاية الأمر ونفوذ الحكم يعني ولي أمركم﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ «وهؤلاء الجماعة النخبة» وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ.

أشير هنا إلى شيء لطيف الرازي في تفسيره تعر للآية وتعرض إلى تفسيرها وذكر أنها نزلت في الإمام أمير المؤمنين لكن قال: ﴿إِنَّمَا لا تدل على الحصر، صحيح الآية تقول أن الإمام علي ولي بس الولاية لا تنحصر به يمكن أن تثبت لغيرة من الصحابة لماذا؟! يقول لأنه القرآن أستخدم ﴿إِنَّمَا في غير موارد الحصر حيث قال تبارك وتعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِمع أن الحياة الدنيا لا تنصر في اللهو والزينة والتفاخر قد تكون الحياة الدنيا حياة علم، قد تكون حياة الدنيا حياة معرفه، قد تكون الحياة الدنيا حياة تقوى الحياة الدنيا لا تنحصر في هذه الصفات، إذن القرآن لم يستخدم﴿إِنَّمَافي الحصر، فكيف تقولون﴿إِنَّمَاظاهرة في الحصر؟!

أجاب عن ذلك: سيدنا المقدس السيد أبو القاسم الخوئي «قدس سره» في كتابة «المحاضرات في أصول الفقه» تعرض إلى كلام الفخر الرازي وقال:

أولاً: خلط الرازي بين﴿إِنَّمَاو﴿أَنَّمَانحن نتحد عن﴿إِنَّمَاوهو يتحدث عن﴿أَنَّمَا نحن نقول﴿إِنَّمَا أداة حصر وليس﴿أَنَّمَا والآية التي استشهد بها فيها﴿أَنَّمَا، ﴿أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ، ﴿أَنَّمَاليس أداة حصر﴿أَنَّمَا مركبه من حرفين «أن» الذي تفيد التوكيد و«ما» أسم موصول، نحن نتكلم في﴿إِنَّمَا التي هي أداة بسيطة غير مركبة أداة تدل على الحصر.

ثانياً: لنفترض أنها﴿إِنَّمَا في الآيتين أفترض الآية الثانية﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ...نعم تدل على الحصر لماذا؟ لأنه الحياة الدنيا في الآية ليس بمعنى الحياة مقابل الأخرى وإنما المقصود بها الحياة الدنيا مقابل الحياة العليا كيف؟! هذه الحياة التي نعيشها هذه الحياة الحقيرة المتعبة المؤلمة هذه الحياة التي نعيشها على لونين هذه الحياة على قسمين:

1/ دنيا 2/ عليا

إذا كانت هذه الحياة حياة علم، حياة معرفة، حياة تقوى، حياة إيمان، حياة قرب من الله تبارك وتعالى فهي حياة عليا، ورد عن أمير المؤمنين الإمام علي ذم الدنيا يقول: «حب الدنيا رأس كل خطيئة»، «وإليك يا دنيا غري غيري، إليّ تشوقتِ إما إليّ تطلعتِ لقد بنتكِ ثلاثاً لا راجعة لي بعدها» هو بنفسه يقول: «الدنيا مهبط ملائكة الله، ومسجد أحباء الله، ومصلى أولياء الله» الدنيا فيها خير هذه الحياة قسماً منها حياة عليا إذا كانت حياة علم وذكر وإما ذا كانت حياة ترف، وبذخ، ومعصية وتجاوز للحرمات والحدود فهي حياة دنيا، فإذن عندنا حياة دنيا وحياة عليا هذه الآية تتحدث عن القسم الثاني حياة الدنيا مقابل الحياة العليا﴿أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا «يعني الدنيا الدنية الخسيسة» لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ أما الحياة العليا فهي شيء أخر وهي حياة المتقين والمقربين.

إذن نحن لا نرفع أيدنا هي تدل على الحصر وأيضاً هي في الآية تدل على الحصر إذن كانت هي عبارة عن ﴿إِنَّمَا.

الفقرة الثانية من الآية:

﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمالولي أستخدم في القرآن بمعنى ولي الأمر ما أستخدم في القرآن بمعنى الناصر والمحب أبداً أستخدم بمعنى الآولى إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ يعني هو أولى بك الآية تقول: ﴿النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْيعني أولى بكم، المولى والولي في القرآن الكريم استخدمت بمعنى الأولى، وليك يعني أولى بك لذلك ورد في القرآن الكريم: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْهو أولى بي من نفسي ولايته على نفسي أعظم من ولايتي على نفسي: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ، إذن بقرينة استخدام الآيات القرآنية للولي بمعنى ولي الأمر بمعنى الأولى نقول الأولي في الآية بمعنى الأولى بمنكم من أنفسك وأعراضكم وأموالكم هؤلاء الثلاثاء: الله ورسوله وهؤلاء النخبة﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ.

ثانياً: قرن ولاية المؤمنين بولاية النبي وقرن ولاية النبي بولاية الله هذا القرن كما يقولون «قرينة السياق» أنه جعل ولاية الإمام علي من سنخ ولاية النبي قال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْيعني الولاية الثابتة للذين أمنوا وهي سنخ الولاية الثابتة للنبي ومعلون أن الولاية الثابتة للنبي هي بمعنى ولاية الأمر ونفوذ الأمر﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ.

يناديهم    يوم    الغدير    نبيهم

وقد  جاءه  جبريل عن أمر ربه

فقال:   فمن   مولاكم  iiووليكم؟

إلهك     مولانا    وأنت    ولينا

فقال   له:  قم  يا  علي؟  فإنني

فمن   كنت   مولاه  فهذا  iiوليه









 
بخم    وأسمع   بالنبي   iiمناديا

بأنك   معصوم   فلا   تك  iiوانيا

فقال   ولم  يبدوا  هناك  iiتعاميا

ولن تجدن فينا لك اليوم عاصيا

رضيتك من بعدي إماما iiوهاديا

فكونوا  له أنصار صدق iiمواليا

إذن قرن الولاية بولاية النبي دل على أن السنخ واحد والولاية واحدة.

الفقرة الثالثة من الآية:

﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَظاهر الآية حتى أفترض لا يوجد تفسير لهذه الآية أفترض لا توجد رواية تفسر هذه الآية ظاهر الآية أن الولاية ثبت لشخص تصد وهو راكع هذا ظاهر الآية زكا وهو راكع﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَيعني ظاهر الآية يعني الواو حالية حالة كونهم راكعين لا أن الواو استئنافيه وهم راكعون على كل حال لا هذا لا معنى له، مضاف إلى تفسير الآية بالرواية كما ذكر الحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين وغيره من المحدثين، الفخر الرازي أيضاً في تفسيره، عن أبي ذر الغفاري: «رضي الله تعالى عنه»: «رأيت بهاتين وإلا عميتا، سمعت بهاتين وإلا صمتا رسول الله يقول: علي قائد البررة علي قائل الفجرة منصور من نصرة مخذول من خذله، وذلك أن سائل أتى رسول الله ولم يكن عند الرسول ما يعطيه فأومأ علي بخنصره وهو راكع فأخذ السائل خاتمه واشترى بثمنه طعاماً له فبلغ ذلك النبي وهو في محرابه قال: اللهم أن أخي موسى سالك فقال: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي «25» وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي «26» وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي «27» يَفْقَهُوا قَوْلِي «28» وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي «29» هَارُونَ أَخِي «30» اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي فأنزلت عليه: ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًاوأنا أقول يا ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأجعل لي وزيراً من أهلي علياً أشدد به أزري، فنزل عليه:: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ.

وهنا سؤالان:

السؤال الأول: لماذا عبرت الآية بالجمع لماذا لم تقل الآية «إنما وليكم الله ورسوله والذي أمن وأقام الصلاة وأتى الزكاة وهو راكع» لماذا ذكرت بالجمع﴿يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ؟!

الجواب:

أولا: القرآن قد يعبر بالجمع وهو يريد شخص واحد كما في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناًالمقصود به شخص واحد بإجماع المفسرين ولم يكن المقصود به جماعة.

ثانياً: التعبير بالجمع كناية عن التعظيم عندما يعبر عن الإنسان بالجمع فهو كناية عن تعظيمه كما في قوله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةًيعني إبراهيم فرد لكنه يمثل أمة واجهة أمة مثال أمة بأكملها أراد القرآن أن يقول بأن علي يمثل المجتمع الإيماني كله، ولذلك في بعض الروايات ما نزلت آية تخاطب الذي أمنوا إلا وكان علياً أميرها، فإذا التعبير بالذين أمنوا كناية عن الجمع.

ثالثاً: توجد رواية ذكرها الشيخ المجلسي «رضوان الله تعالى عليه» في البحار إنما عبرت الآية بالجمع حتى تنطبق على الأئمة الأثنا عشر كلهم وأن جميع الأئمة الأثنا عشر الإمام علي وحتى الإمام الحجة «عجل الله فرجه الشريف» جميع الأئمة أثنا عشر تحققت لهم هذه المنقبة وهذه الفضيلة أنهم تصدقوا وهم راكعون هذا الوصف أنطبق عليهم جميعاً.

لماذا لم يسمى القرآن الإمام علي باسمه؟

الجواب:

أولاً: القرآن قال: ﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِقال من هو صاحبه؟ لم يذكر اسم صاحبه، التاريخ هو الذي عين الاسم ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَاولم يعين لنا من هو صاحبه لعلى صاحبه شخص أخر.

ثانياً: رواية عن الإمام الصادق سئل لماذا لم تذكر أسمائكم في القرآن؟ فقال: قولوا لهم أن الله فرض الصلاة ولم يذكر أنها ثلاث أو أربع قال: ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِلا يوجد أعظم من الصلاة، الصلاة عمود الدين أن قبلت قبل ما سواها وأن ردت رد ما سواها ومع ذلك القران لم يتعرض إلى أعداد الصلوات قال: ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِولم يعين صلاة الظهر كم، وصلاة المغرب كم، وصلاة الفجر كم لم يعين الأعداد كم ويعينها النبي المصطفى محمد وكذلك نحن نص الله على إمامتنا ولم يذكر أسمائنا فالنبي ذكر أسمائنا وعين أسمائنا.

إذن بالنتيجة: عدم ذكر الاسم هذا ليس دليل على شيء لا يمكن إلغاء الراويات الصحيحة التي وردت في تفسير هذه الآيات المباركات.

السؤال الثاني: الإمام أمير المؤمنين هذا الذي كان شخصاً محرابِي ملكوتي مستغرق في الله تبارك وتعالى حتى أنه يوم صفين وقف يصلي بين الصفوف والسهام تنفذ إليه وقالوا يا أبا الحسن كيف تصلي والوقت وقت حرب وقتال قال علاما نقاتلهم؟! إنما نقاتلهم لأجل الصلاة، الإمام علي كان عنده هدف من هذا العمل كيف نصلي وقت الحرب؟! أو تصلي بين الصفوف كيف؟! الإمام عنده هدف من هذا العمل كان يريد أن يحقق هدفين:

الهدف الأول: أن قتالنا معكم ليس لسلطان لا لطلب سلطه ولا لطلب جاه ولا لطلب كرسي ولا لطلب أمره قتالي معكم لله فذلك أنا أصلي لكي أدلل على أن قتالي لله أصلي في وسط الصفوف والحرب قائمة على قدم وساق هو كان عنده هدف.

الهدف الثاني: هذه قدرة يعني الإمام علي بيدي بعض قدراته أنا استطيع أن أجمع بين الأمرين أنا أصلي وأتصدى للحرب والقتال أنا عندي القدرة أن اجمع بين الأمرين أن أجمع بين هاتين العبادتين قتال الناكثين والقاسطين والمارقين عبادة والصلاة عبادة وأنا قادر على الجمع بين العبادتين.

والإمام علي يوم صفين كما تعرفون كان عنده أعاضد وأوتاد أعتمد عليهم عمار بن ياسر، هاشم المرقال، ثابت بن قيس وابنه محمد بن الحنيفة كان رجلاً جليل عظيم القدر، لما بدئت حرف صفين أول من تقدم الحسن والحسين هم من تقدموا الميدان فصرخ الإمام علي أمكسوا عني هاذين الغلامين لكي لا ينقطع نسل رسول الله الإمام أمر بتأخيركما صحيح أنتما إمامان سبطا رسول الله سيدا شباب أهل الجنة لكن الإمام غير راضي فقيل: لمن الراية؟ أعطي الراية محمد بن الحنفية أبنه وقدمه للقتال كما تقول الروايات في بداية المعرف تردد لما رأى السيوف والدماء والرؤوس والأيدي أصبح عنده نوع من التهيب للمعركة الإمام علي ضغط عليه من ظهره قال: تقدم أخدك عرق من أمك سجى نحو المعركة قالوا كيف قدمت محمد وأخرت الحسنين محمد ليس أفضل من الحسنين قال: محمد ولدي وهادان ولدا رسول الله فإنا أفدي ولدي رسول الله بولدي هذا ولدي افعل به ما أشاء إما هادان وديعتان عندي سبطا رسول الله، سيدا شباب أهل الجنة كما إنهما يفديانه هو أيضاًَ يفديهم بولده محمد بن الحنفية.

إذن الإمام علي في حرب صفين أرد أن يبرز بعض قدراته هو قادر على الجمع بين الأمور أم يصلي أم يقاتل أم يحب يجمع بين عبادات مختلفة فكيف وهو شخص ملكوتي محرابي مستغرق في الله تبارك وتعالى ألتفت إلى سائل واقف أمامه ومده إليه خنصره وهو راكع كيف ألتفت إلى أمر دنيوي وهو مشغول بأمر أخروي هذا السؤال اشتباه؟!

الصدقة ليست أمر دنيوي بل هي أمر أخروي كما أن الصلاة عبادة فإن الصدقة عبادة فقد تكون الصدقة أفضل من الصلاة المستحبة يعني لو كان الإنسان بين أمرين بين أن يصلي ويتصدق تقدم الصدقة على الفقير المحتاج الإمام أمير المؤمنين جزماً كان في صلاة مستحبة وإلا الصلاة الوجبة لا تكون إلا مع جماعة مع وجود المعصوم إذا المعصوم موجود لا تصح الصلاة فرادى «لا تصح الصلاة إلا جماعة مع الإمام المعصوم» هذه من أحكام وجود الإمام المعصوم أنه مع وجوده لا تصح الصلاة فرادى لابد من إيقاع الصلاة جماعة إذن لا يتصور أن الإمام يصلى مع وجود النبي يصلي الصلاة فرادى إذن لا محالة لم تكن الصلاة واجبة كانت صلاة مستحبة لأنه النبي كان جالس في المحراب والإمام علي كان يصلي إذن لا محالة الصلاة كانت مستحبة لو كانت الصلاة واجبة كانت جماعة ولم تكن فرادى.

فالنتيجة أنه الإمام أمير المؤمنين جمع بين عبادتين في آن واحد جمع بين الصلاة والزكاة في آن واحد جمع بين قربين إلى الله في آن واحد وهذا دليل عظمته، دليل ربانيته وملكوتيته وليس دليل على نقص عبادته أنه أستطاع الجمع بين عبادتين في حركة واحدة وفي عمل واحد، ولذك الألوسي من علماء أخواننا أهل السنة عنده كتاب تفسير «تفسير الألوسي» الألوسي تعرض إلى هذا الأشكال وقال: أن بعض من لا فهم له يعترض على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول: كيف تصدق وهو في صلاته وهذا يعني الانشغال في بالدنيا ورد على هذا الكلام ثم قال:

يسقي ويشرب لا تلهيه iiسكرته

أطاعه  سكره  حتّى  تمكّن iiمن

 
عن النديم ولا يلهو عن الكاس

فعل الصحاة فهذا أفضل iiالناس