علاقة التفوق والصراع

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ

صدق الله العلي العظيم

مازال حديثنا حول بعض الاسفهامات المتعلقة بحكمة الباري تبارك وتعالى وهدفيه الوجود الذي صدر منه وهنا نتحدث عن الاستفهام الأول وهو أنه «إذا كان الهدف من وجود الإنسان هو وصل الإنسان إلى الكمال» فمقتضى ذلك أن يوفر الله تبارك وتعالى الوسائل التي تعين الإنسان في وصوله إلى الكمال، فأن أي صانع إذا صنع جهاز لغرض ولهدف معين حتى يحقق الهدف من صنع هذا الجهاز فمقتضى الحكمة أن يوفر لهذا الجهاز عوامل مساعده ومعينه من أجل أن يحقق الهدف من صنعه ووجوده.

بينما الذي نشاهده أن الله تبارك وتعالى عندما خلقنا وأوجدنا بهدف الوصول إلى الكمال، الكمال الروحي خلق لنا عوامل معاكسة للوصول إلى الكمال وخلق لنا أسباب مضادة ومعارضة للوصول إلى الكمال، فمقتضى الحكمة أن يوفر لنا الأسباب المعينة والمساعدة للوصول إلى الكمال لا أن يخلق لنا العوامل المعاكسة والمضادة لوصولنا إلى الكمال، فإن إيجاد العوامل المعاكسة والمضادة نقض لغرضه.

بما أن غرضه من وجودنا أن نصل إلى الكمال فإذا أوجد عوامل معاكسة لهذا الغرض ولهذا الهدف فهذا نقض للغرض ونقض الغرض قبيح لا يصدر من الحكيم، الحكيم لا يقوم بعمل ينقض أهدافه أو ينقض غرضه مثلا: لماذا خلق الله لنا إبليس؟! إبليس عامل معاكس الله خلق بهدف الوصول إلى الكمال ووجود إبليس عامل معاكس ومضاد ومعارض لوصل الإنسان إلى الكمال قال تعالى: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ «16» ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ وقال تعالى: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ «82» إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ.

فإذا أليس خلق إبليس مع أنه عامل معاكس لمسيرة الإنسان ووصول الإنسان إلى الكمال نقض للهدف الذي من أجله خلق الإنسان ونقض الهدف قبيح والقبيح لا يصدر من الحكيم هذه الشبه نريد أن نجيب عنها، الجواب عن هذه الشبه يبتني على شرح عدة أمور:

الأمر الأول:

كما ذكرنا في محاضرة سابقه لا يوجد في الكون شر كل ما صدر منه تعالى فهو خير كل شيء تضع أصبعك عليه من شمس من أرض من جرثومة من ذبابه من إنسان من جان من ملك كل شيء تشير إليه بإصبعك في هذا الكون فهو طاقة والطاقة خير الطاقة ليست شر الطاقة قسط من الوجود قطعة من الوجود كل ما في هذا الكون فهو طاقة والطاقة خير محض لأنها وجود لأنها حياة والحياة خير وكمال وليست شر كل شي إذا نظرت إليه في نفسه كما يقول علمائنا بألحاظ النفسي إذا نظرت إليه في نفسه فهو طاقة والطاقة خير وليست شر حتى الذبابة، الذبابة التي يستثقل الإنسان منها هذه الدبابة طاقة تلقح أشجار تقضي على حشرات أخره الذبابة في حد ذاتها طاقة فعاله والطاقة خير وكمال، وهذا ما أكده القرآن الكريم، القرآن الكريم يقول: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ لم يخلق خلق غير حسن كل مخلوق منه فهو حسن قال تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ.

وقال القرآن الكريم﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِإذا هو شر كيف يسبح بحمده لله عز وجل معناه أنه في حد ذاته خير في حد ذاته عطاء كمال قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ فكل شي هو بألحاظ النفسي بلحاط ذاته هو خير، مثال: المنصور العباسي كان مع الإمام الصادق في منطقة الابواء منصور لعله ذاك اليوم أكل أكلة لها راحة معينة دسمه فالذباب كان كل ساعة ويأتي له فكلما جاءت الذبابة إطارها يطيرها وترجع إليه إلى أن مل من هذه ألشغله قال: يا أبا عبد الله يخاطب الإمام الصادق لماذا خلق الله الذباب فهو يؤذيني؟! قال: ليذل به أنوف الجبابرة، يعني هذا الذباب طاقة له أهداف وأعراض من أهدافه وأغراضه أنه يذل أنفك أنت أيها الجبار أنت الذي تسفك دماء الآلاف، ذبابه تستطيع أن تتحكم فيك ذبابه تستطيع أن تعكر مزاجك ذبابه تستطيع أن تسيطر عليك.

إذا كل شيء إذا لوحظ في حد ذاته يعني بألحاظ النفسي فهو خير إذا من يأتي الشر يأتي من ألحاظ الغيري يعني إذا لاحظته بالقياس إلى غيره إذا لاحظه بالقياس إلى نفسه هو خير هو طاقة، وأما إذا لحطته بالقياس إلى غيره قد تجد عدم انسجام بينه وبين غيره، قد تجد هذا يعتدي على غيره مثلا: الإنسان خير والإنسان الأخر خير ولكن إذا اعتد إنسان على إنسان هنا يتولد الشر فالإنسان بالقياس إلى عدوانه على إنسان أخر يتولد الشر وإلا كلا منهما في حد ذاته خير.

الإنسان في حد ذاته خير والحشرة في حد ذاتها خير كلا منهما طاقة لكن إذا دخلت الحشرة إلى جسم الإنسان لعدم الانسجام بين هذه الحشرة وبين أنسجة الإنسان وخلايا جسمه يتولد ما نسميه «بالشر» وإلا كل منهما في حد ذاته طاقة وخير فالشر تولد بالقياس الغيري لا بالقياس النفسي.

الأمر الثاني:

هذا الوجود المادي الذي نعيش فيه خلق متفاوت ولم يخلق على نسق واحد خلق هذا الوجود متفاوت كيف خلق متفاوت؟! يعني خلق إنسان وحيوان ونبات ما خلق كله إنسان نفس الإنسان أيضا خلق ذكي وغبي وقوي وضعيف وغضوب وحليم وسريع وبطيء وحكيم وسفيه وهكذا.

خلق البشر بنحو متفاوت يعني الطاقات التي أعطيت المجتمع البشري أعطيت بنحو متفاوت لماذا؟! لأجل تكامل لكي يحتاج كلا إلى الآخر هذا الضعيف يحتاج إلى القوي والقوي أيضا يحتاج إلى الضعيف في بعض الأمور المرأة تحتاج إلى الرجل والرجل يحتاج إلى المرأة قال تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ، الطبيب يحتاج إلى الخباز والخباز يحتاج إلى الطبيب كلا فيما أعطي من موهبة كلا فيما أعطي من طاقة كلا فيما أعطي من قدره قال تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً إذا خلق المجتمع البشري بطاقات متفاوتة وخلق بهذا النحو لأجل التكامل وحاجة كل فرد إلى الأخر وغلا كيف يصبح النظام؟! إذا كل شخص كامل ولا يحتاج إلى الثاني لن يقوم المجتمع الإنساني المجتمع الإنساني لا يمكن أن يبني حضارة ويبني كيان إلا بالتعاضد بين أفراده لو كان كل واحد كامل مستقل عن الأخر لم تبنى حضارة ولم يبنى أي كيان اجتماعي.

إذا بناء الكيان الحضاري الاجتماعي يتوقف على التعاون والتعاون يتوقف على احتياج أن يحتاج كل فرد للأخر ولو كان كلا مستقل ما قام بناء اجتماعي أصلا، هذا التفاوت بين طاقات البشر هو عامل أجابي وعامل سلبيي، التفاوت بين الناس عامل أجابي بحيث يجعلهم متعاونون يحتاج بعضهم إلى البعض الأخر، وهو عامل سالبي من جهة وهو مثير لصراع والمضادة، كيف مثير لصراع والمضادة لنفترض مثلا أن هذا الشخص أعطي قوه غضبية حادة وهذا الشخص بارد هذان لا يلتقيان إما حاد في الغضب وشديد في البرودة لا يجتمعان يصبح مثار لصراع بينهم ذكرنا في المحاضرة السابقة أنه من مقتضيات الوجود المادي يعني هذا كله يرجع إلى عوامل وراثية كله يرجع إلى عوامل من البيئة الحاضنة يصبح هذا غضوب وهذا حليم هذا يرجع كله لعوامل وراثية كله لأجل البيئة الحاضنة أو هذا يكون سريع في عمله هذا بطيء كله يرجع لعوامل طارئة وليس إفاضة مباشرة من قبل الله تبارك وتعالى كله يرجع لعوامل مادية كالعوامل الوراثية أو عوامل البيئة الحاضنة.

المهم أن هذه الاختلافات هي من جهة عامل أجابي في أنه يحتاج كل فرد للأخر وهي من جهة عامل سلبي في أنها قد تكون مثار لصراع وقد تكون مثار للمضادة والمواجهة نتيجة عدم التأقلم بين طاقتي النفسية وبين طاقتك النفسية وبين اتجاهك النفسي وبين اتجاهي النفسي بين أهدافي وأهدافك وبين ثقافتي وثقافتك إلى غير ذلك.

الأمر الثالث:

لولا المضادة في عالم الوجود المادي لما قام المجتمع، المضادة ضرورية كيف يعني ضرورية؟! لولا تحقق ما نسميه شر لم يكن هناك خير ولولا القبيح ما كان هناك حسن كل شي لولا تحقق ضده لما تحقق المضادة ضرورية وجود الضد تحقق الضد أمر ضروري لبناء المجتمع كيف ضروري لبناء المجتمع؟!

امثل لك: الله تبارك وتعالى أمر عبده بالصلاة مثلا أقم الصلاة، العبد يستطيع على الضد أو لا يستطيع يعني يستطيع أن يعصي ويترك الصلاة أو لا يستطيع لو كان لا يستطيع على الضد لما أصبحت الصلاة طاعة أصبح مجبور عليه صح أو لا، لو لم يكن العبد قادر على ضد الصلاة بأن يعصي ولا يمتثل لو لم يكن العبد قادر على ضد الصلاة لكانت الصلاة أمر قهري إجباري والعمل القهري ليس طاعة، نحن متى نسمي الصلاة طاعة لأنها اختيارية لو لم تكن اختيارية لم نسميها طاعة هو مجبور كيف أطاع؟!

إذا لولا وجود القدرة على الضد ما أصبحت الصلاة طاعة وإذا لم تكن الصلاة طاعة بطل الثواب على الصلاة، كيف الله يثيب الله على صلاة جبرية قهرية كيف يثيب عليها؟! فإذا بطلت الطاعة بطل الثواب وإذا بطل الثواب بطل يوم الأخر من أساسه، كيف يثيب الله الناس ويدخلهم الجنة على أمور ليست اختياريه لماذا؟!

لا يستحقوا شي هذا كلها أمور غير اختياريه هو أكرههم على الصلاة وأكرههم على الطاعة هو أكرههم على الأعمال الصالحة خلقهم غير قادرين على المعاصي بما أنه خلقهم غير قادرين على المعاصي فلا تصدر منهم طاعة وإذا انتفى الطاعة انتفى الثواب انتفى اليوم الأخروي من أساسة.

إذا المضادة ضرورية لا يمكن لهذا البشر أن يصبح عبد مطيع حتى يعيش القدرة على الضدين الصلاة والمعصية لأنه يعيش القدرة على الضدين الصلاة والمعصية لأنه يعيش القدرة على الضدين أصبح إنسان مطيع لأنه أصبح إنسان مطيع أصبح مثاب ولأنه أصبح مثاب أصبح هناك حاجة إلى وجود جنة وجود نار لتكافئ المطيع وتعاقب العاصي وإلا إذا لم تكن لدية قدرة ما هي الفائدة من هذا.

إذا فبنتيجة: وجود الأضداد ضرورية ليس فقط في مقام عبادة الله حتى في مقام بناء المجتمع حتى في مقام بناء المجتمع، كيف في مقام بناء المجتمع؟! يعني الآن لولا وجود المنافسة في السوق والسوق تنتج؟! لا تنتج، لابد من وجود صراع الصراع هو طريق الإنتاج لولا وجود منافسة في السوق في البضائع المعروضة لما تحقق الحسن لما تحققت الجودة تحقق الجودة فرع التنافس فرع الصراع.

مثلا: أنت الآن مدرس وعندك طلاب في الفصل إذا لم يوجد تنافس بين الطلاب الطالب يصبح خامل لا يوجد أحد ينافسه صح أو لا؟! الطالب يصبح خامل لا يوجد أحد ينافسه حتى الساحة الفكرية أي ساحة شوفا للآن ساحة القطيف خاملة لماذا؟! عندما يكون هناك في الساحة يطرح أفكار متينة من يطرح أفكار مدروسة يثير الساحة الفكرية يحركها.

إذا بالنتيجة: وجود المنافسة ضرورية في الوصل إلى الجودة في الوصل إلى العطاء في الوصول إلى الإبداع لابد أن تكون منافسة فالمضادة عنصر ضروري المضادة والمعارضة عنصر ضروري لجودة العطاء ولجودة الإنتاج فلو لم يكن هناك موت لما كان هناك معنى للحياة، الحياة أنما يكون لها جمال عندما يكون إزاها موت، ولو لم يكن هناك خيانة لما كان لأمانه جمال ولو لم يمكن هناك مثلا تكبر قبيح لما كان لتواضع حسن وجمال.

إذا بالنتيجة: وجود الأضداد ضروري لجودة الإنتاج قال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاًمن هنا يأتي الجواب عن السؤال لماذا خلق إبليس خلق إبليس عامل مضاد «صح» وخلق فيك عامل مضاد وأنت نتيجة هذا الصراع تختار العمل الأجود رزقت عقل قادر على ضحط إبليس وضحط تزيناته ووساوسه خلقت بعقل مكافئا بل أكثر قوة من وساوس إبليس وخلق إبليس عامل مضاد معاكس يحرك مشاعرك وعواطفك وشهواتك وهنا أنت تدخل حلبة الصراع حتى تصل إلى العمل الأجود والعمل الأحسن.

الأمر الرابع:

إبليس ليس له قدرة إلا على الوسوسة ليس عنده قدرة أكثر من هذا يعني لا تتوهم أن إبليس يقهرك على المعصية يجبرك أبدا إبليس ليس عنده دور أكثر من الوسوسة يعني هذه الآيات القرآنية التي وصفت دور إبليس قال تعالى: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ «16» ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ، قد يتصور الإنسان من هذه الآية أن إبليس مستحكم على الإنسان مسيطر عليه «لا» دوره دور الوسوسة، القرآن يفسر بعضه بعض قال تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ «1» مَلِكِ النَّاسِ «2» إِلَهِ النَّاسِ «3» مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ «4» الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ «5» مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ «6».

يخلق عندك أحاديث يخلق عندك أفكار يخلق عندك توجهات نفسية معينة لكن عقلك هو الحاكم المسيطر ورد عن الإمام أمير المؤمنين ”أن الله ركب في الإنسان عقل وشهوه فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة ومن غلبت شهوته عقلة فهو أدنى من البهائم“، هو إبليس نفسه يقول أنا لا توجد عندي سيطرة كيف؟! لاحظوا الآيتين القرآنيتين الآية الأولى قال تعالى: ﴿قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَمِنَ الْغَاوِينَ هو أتبعك باختياره وإلا أنت ليس عليك سلطان القرآن الكريم يقول: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ، وقال تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْوكما أن إبليس ولي للذين عصوا ربهم الملائكة أيضا أولياء للذين آمنوا.

وسوسة إبليس عامل يقتضي الانحراف لكنه ليس علة قاهرة ومجبره على الانحراف وكما أن إبليس عامل معاكس هناك أيضا عامل معاكس إلى إبليس من هم؟! الملائكة، الملائكة يحفون بالإنسان المؤمن كما أن إبليس يحاول أن يكتنف الإنسان ويغويه الملائكة أيضا تكتنف الإنسان المؤمن وتؤيده وتسدده قال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُالروح روح القدس هو الذي يسخر الملائكة لتأيد المؤمنين لتسديد المؤمنين.

لاحظوا قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُأَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَنحن أولياكم نسددكم نؤيدكم قال تعالى: ﴿نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا إذا لا يرد هذا الأشكال أن الله تبارك وتعالى عندما خلق إبليس فقد نقض غرضه من وجود الإنسان «لا»، الهدف من وجود الإنسان وصول الإنسان إلى الكمال هذا صحيح لكن وصول الإنسان إلى الكمال بكفائه واستحقاق واختيار يتوقف على أن يعيش الإنسان الصراع بين الأضداد فخلق إبليس عامل معاكس لأجل أن يصل الإنسان إلى الكمال عن كفائه وجدارة واستحقاق فخلق إبليس ليس فقض للغرض بل هو في أيطار دعم الإنسان حتى يصل إلى الغرض عن كفائه واستحقاق.

كما أن إبليس خلق عامل معاكس. للهدف من وجود الإنسان فأن الملائكة خلقوا عامل مؤيد مسدد لوجود الإنسان من أجل أن يصل إلى الكمال إذا كان إنسان مؤمن فالمنطقة كلها منطقة إنسان نفسه هو بكيفه هو باختياره إذا هو أرد العامل المؤيد وهم الملائكة يؤمن فتأتي إليه الملائكة وتحف به، وإذا هو أراد العامل المعاكس أن يحف به وهو إبليس هو يشاء الانحراف قال تعالى: ﴿فمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَج كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ في السَّمَآءِ هذا ليس جبر على الإنسان القرآن يفسر بعضه بعض قال في آية أخرى﴿إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْوقال الله تبارك تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُهم أولا زاغوا هم اختاروا الزيغ بعد ذلك الله تبارك وتعالى حبس عنهم الفيض فيض «يعني نزول الملائكة المؤيدة» حبس عنهم الفيض لأنهم أزاغ فنفتح الفرصة للشيطان فأستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله العظيم.

والحمد لله رب العالمين