الجزاء وإرادة الإنسان

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِندِ اللَّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا

صدق الله العلي العظيم

هناك شبهة مثارة منذ القدم إلا وهي شبهة أنتساب سيئات الإنسان إلى الله تبارك وتعالى فالإنسان إذا قرى هذه الآيات المباركة ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ «خطاب للنبي بمعنى أنت سبب البلاء علينا» قُل كُلٌّ مِنْ عِندِ اللَّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ظاهر هذه الآية المباركة أن السيئات منتسبة إلى الله تبارك وتعالى وهذا ما يؤكد شبهة الجبر التي يقول بها المجبرة فالمجبرة يقولون أفعال الإنسان سواء كانت طاعات أو معاصي أفعال الإنسان لنفترض صلاة الإنسان مثلا إما لم تتعلق بها الإرادة الإلهية أو تعلقت بها الإرادة الإلهية.

فإذا قلنا بأن فعال الإنسان كصلاته ومعصيته لم تتعلق بها الإرادة الإلهية فهذا منافي لقوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا لا يوجد حدث في هذا الكون صغير أم كبير إلا وهو مقدر عندنا إلا وهو متعلق بإرادتنا، هل من خالق غير الله؟! قال تعالى: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِوقال تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ إذاً لا يوجد شيء مستثنى عن تعلق إرادته وقضائه تبارك وتعالى قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وإذا قلتم بأن فعل الإنسان كصلاته ومعصيته تعقلت به الإرادة الإلهية بمعنى «الله أراده» فإذا كان الله أراده إذاّ يجب أن يحدث يجب أن يتحقق لأنه الله تبارك وتعالى يقول: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُفصلاتي إذا أرادها الله فلا بد أن تتحقق لأن مراد الله لا يتخلف عن إرادته تبارك وتعالى وإذا وجب أن تتحقق فأنا مجبور على هذه الصلاة ولست مختار.

إذاً الشبه أن صلاتي إما لم تتعلق بها الإرادة الإلهية وهذا يتنافى مع قوله تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، أو تعلقت بها الإرادة الإلهية إذاً يجب أن تتحقق لأنه مراد الله لا يتخلف عن إرادته قال تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، هذه شبهة المجبرة ويستندوا إلى بعض الآيات القرآنية كالآية التي افتتحنا بها.

الجواب عن هذه الشبة: يتم بذكر أمور نتعرض إليها:

الأمر الأول: علماء الكلام قسموا الفعل إلى 1 - فعل طبيعي 2 - فعل علمي.

الفعل الطبيعي: هو الذي يصدر دون علم الإنسان بمعنى التفت إليه الإنسان أو لم يلتفت يصدر هو على كل حال مثل: التنفس تنفس الإنسان نايم جالس ملتفت غير ملتفت هذا فعل طبيعي لا يتوقف على علم الإنسان أو التفات الإنسان فعل صادر علم الإنسان به أو لم يعلم التنفس فعل طبيعي مقتضى جسم الإنسان مقتضى أجهزة هذا الجسم أن يتنفس علم أو لم يعلم التفت قصده أو لم يقصد هذا فعل صادر عن الإنسان.

الفعل العلمي: بمعنى أنه يتوقف على علم يتوقف على الالتفات لا يصدر بدون التفات من الإنسان هذا الفعل العلمي الذي يتوقف صدوره على الالتفات أيضاً على قسمين: 1 - فعل اضطراري 2 - فعل اختياري.

الفعل الاضطراري: هو الذي لا يسبقه القصد والإرادة فيحدث من دون وإرادة.

الفعل الاختياري: ما كان مسبوق بالقصد والإرادة.

مثلاً: بكاء الحزين إذا شخص أصيب بمصيبة ونتيجة لفتجاعه بهذه المصيبة أصبح يبكي هذا الفعل وهو البكاء فعل علمي بمعنى التفت الإنسان إلى أنه مصاب والتفت الإنسان إلى أنه مفجوع تفاعل مع هذه المصيبة والفاجعة فبكى فالبكاء فعلاً مسبوق بالعلم والالتفات لكنه ليس مختار فيه الإنسان بمعنى أنه يفرض نفسه، البكاء عند الحزن والإفتجاع يفرض نفسه على الحزين يصدر منه من دون اختيار وإرادة ربما أحيانا هو لا يريد أن يبكي ولكنه يبكي وأحيانا لا يريد أن يبكي يريد أن يمنع نفسه عن البكاء لكنه لا يستطيع فيبكي، إذاً هذا البكاء وأن كان فعل علمي لكنه فعل اضطراري بمعنى أنه ليس مسبوق بالفعل والإرادة.

الفعل الاختياري: وهو ما كان مسبوق بالقصد ووالإرادة إنسان أراد إنسان قصد هذا الفعل الإرادي أيضاً على قسمين: 1 - فعل إكراهي 2 - فعل غير إكراهي.

لأنه الإنسان بعض الأحيان يكره أفترض مثلاً: ظالم هدد الإنسان بوعيد معين ظالم قال للإنسان إذا أنت جالس تبني عمارة أو تفتح مصنع إذا لم تشاركني في هذا المصنع أهددك بكذا وكذا هذه العمارة إذا لم أكن أنا شريك فيها أهددك بكذا وكذا فهذا الإنسان عندما يقوم بشركة مع هذا الظالم هذه الشركة فعل إرادي لأنه قصد وأراد ولكنه لأم يقصد ولم أراد عن رضي منه بل عن إكراه، صحيح هذا الفعل مقصود هو قصده، قصد أن يشترك مع هذا الظالم قصد أن يعطي نصيب من هذا المصنع أو من هذه العمارة لظالم قصد ذلك وأراد ذلك ولكنه قصد وأراد ذلك استناد لكراه الظالم ووعيده وليس استناد إلى رضاه وهو وأن كان فعلاً علمي إرادي إلا أنه إكراه.

وهناك الفعل الصافي: الذي يصدر عن علم ويصدر عن إرادة ويصدر عن رضي بمعنى أنه اجتمعت فيه العوامل الثلاثة هو من جهة معلوم كما لو صلى الإنسان باختياره هذه الصلاة الصادرة عن الإنسان صادرة بعلمه صادرة بإرادته صادرة برضاه، الفعل الصادر عن العوامل الثلاثة هذا الفعل هو محط الحسن والقبح يقال: الأمانة شيء حسن لماذا؟! لأنها صدرت بعلم وإرادة ورضي من الأمين والخيانة قبيحة لماذا قبيحة؟! لأنها أيضاَ صدرت بعلم وإرادة ورضي الفعل الصادر عن العلم والإرادة والرضي يتصف أيضاً بالحسن تارة إذا واقف المصلحة العامة ويتصف بالقبح أخرى إذا طابق المفسدة العامة، هذا ما ذكره علماء الكلام من تقسيم الأفعال بحسب الشواهد الوجدانية.

الأمر الثاني: الفلاسفة يقولون هذا الكون الذي نعيش فيه هذا الوجود الذي نعيش فيه ينقسم إلى نظاميين: 1 - نظام ضرورة 2 - نظام إمكان، والشيء الواحد والموجود الواحد قد يجمع النظامين في نفس الوقت هو ضروري وفي نفس الوقت هو ممكن كيف؟!

كل شيء تمت أجزاء علته فهو ضروري الوجود وما لم تتم أجزاء علته فهو ممكن الوجود الشيء إذا نسبته إلى علته التامة كان ضروري وإذا نسبته إلى بعض أجزاء علته كان ممكن، أشرح هذا بالأمثلة:

مثلاً: الآن عندنا نار مشعلة وعندنا ورقة الورقة قبل أن تقترب من النار يقال احتراق الورقة بالنار ممكن بمعنى «يمكن أن يحدث ويمكن أن لا يحدث» لأنه العلة إلى الآن لم تتم ما هي العلة؟! وجود النار واقتراب الورقة منها وأن لا يكون على الورقة حاجب يمنع من تفاعلها واحتراقها بالنار هذه أجزاء العلة أجزاء العلة بعدها لم تتم فقط جزء واحد تم وهو أن النار موجودة أما نحن نحتاج إلى جزئيين أخريين اقتراب الورقة وارتفاع الحاجب.

إذاً ما دامت العلة لم تتم بعد وإنما تحقق بعض أجزائها دون بعض نقول احتراق الورقة بهذه النار ممكن وليس ضروري لأنه أجزاء العلة لم تتم إذا تمت أجزاء العلة قربنا الورقة رفعنا الحاجب أصبح الاحتراق ضروري لا يتخلف أبداً بعد أن تمت أجزاء العلة المعلول يجب أن يتحقق يجب أن يحدث خلاص تمت علته، إذاً قبل تمامية أجزاء العلة نقول هذا ممكن بعد تمامية أجزءا العلة نقول هذا ضروري فالاحتراق هذا ضروري من جهة وهو ممكن من جهة، احتراق الورقة بهذه النار ضروري عند تمامية أجزاء علته ممكن عند عدم تماميها، فهذا نظام الوجود إمكان وضرورة كل شي فيه جهة إمكان فيه جهة ضرورة حتى الأفعال التي تصدر منا الأفعال الاختيارية.

مثلاً: أريد الآن أن أصلي لعبة أريد أن أصلي، شخص يقول أريد أن أصلي الصلاة لها علل كثيرة حتى توجد الصلاة تحتاج إلى علل وعوامل أحتاج إلى أن التفت إلى الصلاة احتاج إلى أن أرغب إلى الصلاة أحتاج إلى أن أريد الصلاة أحتاج إلى توفر مكان احتاج إلى توفر زمان احتاج إلى توفر سائر الشرائط حتى توجد هذه الصلاة.

بالنتيجة: إذا تمت علل الصلاة اجتمعت العوامل كلها رغبت في الصلاة اجتمعت الشرائط المكانية والشرائط الزمانية بعد أن تمت سائر الشرائط وأردت الصلاة الإرادة هي أخر جزء من أجزاء العلة لأن الإنسان لا يريد قبل اجتماع الشرائط لأنه إذا اجتمعت أراد بعد أن تجتمع سائر شرائط الصلاة أردت الصلاة الإرادة هي أخر جزء من أجزاء العلة، إذا أردت الصلاة بمعنى حركة عضلاتي ما هي الإرادة؟! ما هو تعريف الإرادة؟!

الإرادة كما يعرفها السيد السيستاني «دام ظله»: أمر الدماغ للأعصاب بالحركة إذا الدماغ اصدر الأمر للأعصاب تحركي أمر الدماغ للأعصاب بالحركة هو الإرادة إذا صدر الأمر لابد أن تتحقق الصلاة لا يمكن أن تتخلف فالمراد لا يتخلف عن الإرادة بعد اجتماع العلل والشرائط بعد أن تحققت شرائط الصلاة زمانية أو مكانية بعد أن تحققت سائر الشرائط وصدر أمر الدماغ للأعصاب بالحركة وأعصاب الجسم تحركت بمجرد أن تتحرك أعصاب الجسم تصدر الصلاة بالضرورة المراد لا يتخلف عن الإرادة وإلا لما أصبحت إرادة، فإذاً الصلاة ضرورية وممكنة قبل تحقق هذا الجزاء الأخير الذي نسميه لإرادة الصلاة ممكن أن تحدث وممكن لا تحدث بعد تحقق الجزء الأخير من العلة الصلاة ضرورية فالصلاة ضرورة وإمكان يتزاوج فيها الضرورة والإمكان وهكذا كل ما في الوجود هو من جهة ضروري ومن جهة ممكن يتجمع في جهة الضرورة والإمكان.

الأمر الثالث: هل الله أراد أفعالنا أو لم يريد؟! طبعا أراد يعني الله عندما نحن نصلي أو عندما نرتكب المعصية والعياذ بالله هذه المعصية التي نرتكبها أرادها الله أراد أن توجد أو لم يريد؟!

طبعا أراد لا يعقل أن يحدث شيء بالكون من دون إرادته هذه المعصية حدث من الأحداث لو لم تتعلق به الإرادة الإلهية مستحيل أن يحدث لا يمكن أن يحدث شيء في الكون من دون تعلق الإرادة الإلهية به مستحيل قال تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا، قال تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُهذه المعصية خلق فتحتاج إلى إرادة منه قال تعالى: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ.

إذاً بالنتيجة: هذه المعصية تعقلت بها الإرادة الإلهية إذ يستحيل وجود أي حدث أي خلق أي وجود في هذا الكون من جون تعلق للإرادة الإلهية وإلا لكان ملكه ناقص شي يحدث في ملكة من دون إرادة هل يحدث؟! هذا الوجود ملكه وكل ما هو وجود فهو ملكه يستحيل أن يحصل شيء في ملكه وإطار سيطرته ونفوذه من دون تعلق إرادته مستحيل وإلا لكان ملكه ناقص قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌإذاً الإرادة الإلهية تعلقت إذاً تعلقت الإرادة الإلهية بالمعصية إذاً وجب أن تتحقق لأنه الله تبارك وتعالى يقول: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُرجعنا إلى الضرورة والإمكان.

هذه المعصية التي تعلقت بها الإرادة الإلهية تحتاج إلى شرائط لا يمكن أن توجد بدون شرائط كما أن الصلاة تحتاج إلى شرائط المعصية أيضاَ تحتاج إلى شرائط هذا الإنسان إذا أرد والعياذ بالله أن يشرب المخدر أو أرد والعياذ بالله أن يرتكب فاحشة الزنا هذه المعصية تحتاج إلى شرائط، تحتاج إلى علم، تحتاج إلى رغبة، تحتاج إلى شرائط زمانية تحتاج إلى شرائط مكانية مثلها مثل الصلاة تماما وتحتاج مضاف إلى هذه الشرائط إلى إرادة من الإنسان والإرادة هي أخر جزء لأنه الإنسان كما ورد في الحديث ”عرفت الله بنقض العزائم“ هي أخر جزء الإرادة أحيانا لا قد تتحقق شرائط المعصية كلها ومع ذلك يعرض الإنسان عن المعصية قال تعالى: ﴿وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ.

قد تتحقق كل الشرائط لكن يبقى هذا الجزء الأخير إلا وهو الإرادة أمر الدماغ للأعصاب بالحركة يبقى هذا الجزء الأخير لا يتحقق يعرض الإنسان عن المعصية وأن حصلت الإثارة والإغراءات وسائر الشرائط واللوازم مع ذلك يعرض قال تعالى: ﴿أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِالقلب يعرض عن المعصية بعد الإقبال عليها.

إذاً بالنتيجة: هنا يقال بأن الله أراد صدور المعصية من العبد، كيف أرادها؟!

أراد صدور المعصية من العبد بإرادة العبد ولم يريد صدور المعصية من العبد قهراً عليها أرادها عن إرادته أرادها بإرادته لا أرادها مطلقا لو أراد الله صدور المعصية مطلقاً لكان العبد مجبور لكن الله أراد صدور المعصية بشرائطها ومن شرائطها إرادة العبد تماما مثل احتراق الورقة نحن نقول الله أراد احتراق الورقة بالنار مطلقاَ «لا» الله أراد احتراق الورقة بالنار إذا تمت شرائط الاحتراق ومن شرائط الاحتراق الاقتراب وارتفاع الحاجب كما أن الله لم يريد احتراق الورقة مطلقاً وإنما أرد احتراق الورقة إذا تمت شرائطها كذلك أراد الله صدور المعصية من العبد لا مطلقاً وإنما أراد صدور المعصية منه إذا تمت شرائط المعصية ومن شرائط المعصية إرادة الإنسان واختياره فرجع الأمر بالنتيجة إلى كون الفعل إرادياً علمياً عن رضا من الإنسان لم يريد الله منك الصلاة مطلقاً ولم يريد منك المعصية مطلقا أرادها بشرائطها ومنها إرادتك.

لذلك يقول الفلاسفة: إرادة الله طولية لا عرضية بمعنى أن إرادة الإنسان فإرادة الله هكذا قال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُإرادة الله في طول إرادة الإنسان﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْوقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْالإرادة الإلهية طولية لا عرضية ما أراده الله صدور الفعل عن إرادة من الإنسان فلو صدر الفعل من دون إرادة لتخلفت إرادة الله عن مرادها لأنه مرادها فعل المشروط وليس الفعل المطلق ومن دون شرطين.

الأمر الأخير: كل وجود له لحاضان كل فعل يصدر منا صلاة ومعصية وأمانه خيانة عدل ظلم كل فعل يصدر منا له لحاضان: 1 - لحاضه في نفسه 2 - ولحاضه منتسب إلى فعاله.

إذا لحظناه في نفسه فهو وجود والوجود خير لا يوجد فيه شر الصلاة في حد ذاتها عمل حركة والحركة وجود والوجود خير، الزنا في حد ذاته مع قطع النظر عن فاعله الزنا في حد ذاته وجود والوجود خير، إذاً من أين أتت هذه النسب خير وشر معصية وطاعة جاءت من ألحاظ الثاني إذا نسب إلى فاعله ما لوحظ في نفسه إذا نسيه إلى فاعله تأتي هذه العناوين وإلا ما هو الفرق بين النكاح والزنا من حيث الوجود الخارجي؟!

شيء واحد لا يوجد فرق إذا دخل رجلا بأمراء بحسب الوجود الخارجي لا يوجد فرق هذا وجود وهذا وجود، لماذا هذا حسن وهذا قبيح؟! لماذا هذا طاعة وهذا معصية؟! هذا بالنسبة للإنسان لو نظرنا إلى هذا العمل في نفسه وهو دخول الرجل بالأمراء هذا وجود ليس له أي عنوان لكن إذا نسبناه إلى فعاله نقول: أن كان فاعله قد أوجده بعقد شرعي فهو نكاح شرعي حسن طاعة وإن كان فاعله أوجده لا بعقد شرعي فهو زنا قبيح معصية، إذاً هذه النسب والأوصاف جاءت إذا نسب الفعل إلى الإنسان أما إذا نظر إلى الفعل في نفسه ليس له أي عنوان ليس له عنوان إلا أنه وجود، إذا نسب إلى فاعله تأتي التقسيمات هل فعله فاعله بعقد شرعي كان حسن أو لا فهو قبيح.

مثال: القتل يأتي هذا السياف يقطع رأسه هذا القطع ماذا يسمى؟! من حيث القطع فهو وجود ليس له أي عنوان لكن من حيث فاعله إن كان فعله قتله من دون سبب فهو جريمة عدوان وأن كان قطع رأسه لقتله لأنه هذا قاتل إنسان أخر فهو قصاص وحسن، من أين أتت هذه التقسيمات؟! من نسبة الفعل إلى فاعلة وإلا الفعل في حد نفسه واحد وجود وهكذا وهكذا.

مثلاً: ضرب الطفل هناك أباء كل يوم وضرب أبنه كف كأن هذا الولد ملكه لا يجوز أن تضربه إلا تأديبه وضربة لا توجب احمرار بدنه ضربة خفيفة ليس بكيفك أنت أن تضربه شخص يقول تبغا تعرف ماذا أفعل بولدي ترى ولدي يطاوعني كيف؟! قال الآن أنادية ناده قال له أوقف وقف أرفع رجلك رفع رجله أستند على الجدار استند على الجدار أرجع عن الجدار رجع عن الجدار قال رأيت كيف عملت به؟! كل يوم اضرب بالعصا إلى أن اعتدل استرح استراح استعد استعد أصبح مثل الآلة هذا ظلم جريمة.

إذا بالنتيجة: أن ضرب هذا الطفل إذا لحاطته في نفسه فهو وجود لكن بلحاظ فاعله ينقسم إن كان هذا الضرب بداعي التأديب فهو حسن وأما أن كان بداعي انتقام فهو ظلم، تارة الأب يريد أن ينام هو صايم وتعبان يريد أن ينام وهذا الولد مثلا يتكلم أو مشغل التلفزيون قال له الأب: أسكت وما سكت قام وضربه ليس من اجل التأديب هذه من أجل أن ينام فقط هذا الكف ليس من أجل التأديب هذا الكف من اجل أن ينام هذا ظلم لا يجوز.

إذاً فبالنتيجة: نحن نريد أن نقول أن الفعل في نفسه وجود وبلحاظ نسبته إلى فاعله يكون حسن وقبيح يكون طاعة ومعصية، ثم متى نسمي الفعل سيئة؟! إذا كان مشوب بجهة عدمية يسمى «سيئة» مثال: أنا الآن أدخل دار إنسان أخر أدخل بستان إنسان أتصرف فيه أكل أشرب من هذا البستان أنام أصلي أتصرف في هذا البستان هذا التصرف أن كان عن أذن مالك البستان فهو حسنة وليس سيئة وإن يكن عن علم فهو سيئة عدم الإذن، هذا التصرف في البستان أن كان عن أذن وافق المصلحة العامة وأن لم يكن عن أذن لم يوافق المصلحة العامة فأصبح سيئة، إذاً السيئة صفة وعنوان للفعل إذا اشتمل على جهة عدمية فالسيئة تأتي من جهة عدمية لا من جهة وجودية جميع السيئات ترجع إلى العدم لأجل ذلك نحن نرى الآيات التي تناولت السيئات أقسام:

قسم من الآيات يقول: كل شيء من عند الله، قسم من الآيات يقول الحسنة من الله والسيئة من العبد، كيف نوفق بين هذه الآيات؟!

مثلا ً: قوله تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍهذه أرجعتها ماذا؟! إلى العبد أنت السبب قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍوقال تعالى: ﴿مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَكيف يعني الحسنات إلى السماء والسيئات إلى الأرض بينما في الآية التي قرانها وافتتحنا بها قال تعالى: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِندِ اللَّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًاكيف نوفق بين هذه الآيات؟! قال تعالى: ﴿مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا.

لاحظ نحن نوفق بيت هذه الآيات هكذا أن الحسنة كما قلنا وجود محض لأنها خير في نفسها مطابقة للوجود ناشئة هن جهات وجودية لذلك بما أن الحسنة وجود محض والوجود المحض مصدرة الله تبارك وتعالى بالنتيجة: مرجع الحسنة إلى الله لأنه بتوفيقه وتسديده وتأيده فعلى العبد الحسنة، موسى ابن عمران عليه وعلى نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام بعث الله إليه قال يا موسى اشكرني حق شكري، قال: يا إلهي كيف أشكرك حق شكرك، وكل ما وصلت إلى شكر علمت أنه نعمة منك ”تحتاج إلى شكر كيف أشكرك حق شكرك؟ حتى شكري هو نعمة يحتاج إلى شكر ثاني شكري الثاني نعمة تحتاج إلى شكر ثالث وهكذا“ وكلما بلغت إلى شكر علمت أنه نعمت منك تحتاج إلى الشكر قال: الآن شكرتني حق شكري حيث علمت أن ذلك مني ”بمعنى بتوفيقي ومددي أنت وفقت إلى الشكر ووفقت، على الطاعة فالحسنة من عند الله“.

أما السيئات تصرف في بستان غيره من دون أدنه هذا التصرف إذا لاحظه في نفسه فهو وجود والوجود مفاض من قبل الله وإذا لاحظته بالانتساب إلى فاعله حيث أنه صدر من دون أذن المالك يكون سيئة وهنا ترجع إلى العبد لأنه السيئة أمر عدمي فلا تنتسب إلى الله ما ينتسب إلى الله هو الوجود العدم لا شيء حتى ينتسب إلى الله، السيئة بلحاظ ذاتها هي وجود تنتسب إلى الله لكن بلحاظ نسبتها إلى العبد تكون سيئة أمر عدمي وهي بهذه الحيثية العدمية لا ترجع إلى الله تبارك وتعالى: ﴿مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ.

إذاً ما معنى الآية التي قرأنها؟! ﴿كُلٌّ مِنْ عِندِ اللَّهِهذه الآية ناظرة إلى السيئة بمعنى القدر القهري على الإنسان مثل: الزلزال الزلزال سيئة ليس الإنسان من عمل الزلزال، البركان سيئة ليس الإنسان من عمل البركان، إذا حدث حدثاً قهري على الإنسان وتضرر الإنسان من هذا الحدث القهري الآية ناظرة إلى هذه الأحداث القهرية أن تصبهم حسنة ينزل المطر عليهم وأغنامهم تأكل أعشابهم تنمو أن تصبهم حسنة هذه من عند الله وأن تصبهم سيئة حدث زلزال عاصفة يقولوا هذا كل من النبي لولا لم يكن هنا لما أصابتنا زلزال والمشاكل هو مصدر البلاء علينا ألآية الكريمة ترد مقالتهم تقول: هذه الحوادث ألمقضيه القهرية عليكم كلها من عند الله هذه ليس لها مدخليه غير أنه عبد من عبادي ليس له مدخليه جميع هذه الحوادث القهرية مني قال تعالى: ﴿كُلًّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا.

الله تبارك وتعالى قد يبتلي العبد ببعض الأضرار لكنه يعوضه عن ذلك يوم القيامة أو في الدنيا قال تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِإذاً الحسنة وجود والوجود من الله والسيئة أمر عدمي والعدم لا ينتسب إلى الله وأما السيئة في هذه الآية فالمراد بها الحدث الكوني القهري الذي يعوض الإنسان عن تضرره وابتلائه به.

عندما تأتي إلى أحاديث أهل البيت نذكر منها حديثين، وقف رجل في يوم صفين على الإمام أمير المؤمنين ”“ قال: يا أبا الحسن هل مسيرنا هذا بقضاء وقدر من الله المسير هذا أتعبنا وتزاحمنا حر وقتال ودماء قال: نعم بقضاء وقدر من الله، قال إذاُ احتسب عند الله عنائي إذا الله قدر هذا المسير لا يوجد فائدة من أين أتي بالثواب إذاً أحتسب عند الله عنائي قال ليس كما ظننت ليس قضاء حتما وقدر لازم وإلا لبطل الثواب والعقاب والوعد والوعيد والأمر والنهي والزجر بمعنى «يقول له هذا الله قضى عليك أن تسير إلى المعركة ليس قهر عليك قضاء حتما وقدر لازم قضى عليك أن تسير إلى المعركة بإرادتك واختيارك وإلا لما يصبح هناك معنى للثواب والعقاب والأمر والنهي والجزر والوعد والوعيد».

وهناك قصة ظريفة الحجاج أبن يوسف الثقفي اللي عمل له فلم ومسلسل وأصبح أحسن إنسان دولا يريدون أن يغيرون التاريخ ما بقى إلا إبليس أن يصبح شخص حسن هذه هي النتيجة إذا صدام شهيد صدام سحق مئات الآلف شهيد والحجاج كان إنسان يدافع عن الإسلام من بقى؟! ما بقى إلا هتلر وإبليس نعمل بعد مسلسل ويطلع إبليس شخص حسن، تزوير التاريخ وتغير الحقائق وإنكار كل الحقائق في سبيل ماذا؟! في سبيل الوصول إلى ماذا؟!

وأمير المؤمنين يزيد بن معاوية من هوان الدنيا على الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأمير المؤمنين يزيد بن معاوية على كل حال الحجاج بن يوسف الثقفي هذا الإنسان الفاتك الظالم طرحت عليه مسألة القضاء والقدر ظل يفكر فيها فكتب إلى أربعة من العلماء في ذلك الوقت الحسن البصيري وعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء الشعبي أربعة من الأعلام الفقهاء المفسرين الموجودين في تلك الفترة كتب إليهم إلى كل واحد منهم أخبر ني عن القضاء والقدر ماذا وصلك فيه ماذا سمعت فيه كتب إليه الحسن البصري «أحسن ما سمعت في القضاء والقدر مقولة علي بن أبي طالب «ليس الذي نهاك هو الذي دهاك إنما الذي دهاك أسفلك وأعلاك والله بريء من ذلك» وصلت الكلمة قيدها كتب إليه عمرو بن عبيد «أحسن ما سمعت في القضاء والقدر مقوله علي بن أبي طالب «لو كان الزور في الأصل محتوما لكان المزور في القصاص مظلوما» كتب إليه واصل بن عطاء «أحسن ما سمعت في هذا الباب ما قاله علي بن أبي طالب أيدلك على الطريق ويأخذك عليك المضيق كتبها» كتب إليه الشعبي «أحسن ما سمعت في هذا الباب باب القضاء والقدر ول علي بن أبي طالب «كل ما استغفرت الله منه فهو منك وكل ما حمدت الله عليه فهو من الله»

لما تجمعت الكلمات الأربعة قال: نعم أخذوها من عين صافية

إنما المصطفى مدينة علم وهو الباب من أتاه أتاها

كلهم يرجعوا إلى أمير المؤمنين وأنت ترجع إلى الشعبي وإلى قتادة لماذا ألف والدوران المصدر واضح ومعروف المرجع واضح بعد هذه كلها أبن أبي ليلى كان أكبر قاضي رئيس الهيئة القضائية في زمان المنصور العباسي وكان شرس حتى الإمام الصادق في مقولة من مقالته قال: «أني أخاف من ابن أبي ليلى» يكتب عني تقرير أو يجمع عليَ أربعين شاهد يشهدون زور أني فعلت كذا أني أخاف من أبن أبي ليلى، هذا أبن أبي ليلى نفس التاريخ عند الفريقين في بعض القضايا المعضلة تعرف إلى قضايا في محكمته معضلة فلم يجد لها حل يرسل إلى محمد بن مسلم، محمد بن مسلم تلميذ الإمام الصادق يقول له: يبنى مسلم أسئل صاحبك ماذا يقول في هذا يذهب محمد بن مسلم ويرجع إليه سألته قال كذا كفاني كفاني هذا ”أني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمستكتم بهما لن تضلوا“ وقتادة دخل على الإمام الباقر وقال يا قتادة بلغني أنك تفسر القرآن «أنت الآن عندما تفتح تفسير الرازي تفسير الزمخشري» عن قتادة عن قتادة هذا قتادة يعتبر مفسر من المفسرين القرآن دخل على الإمام الباقر قال يا قتادة بلغني أنك تفسير القرآن قال: بلى قال: أن كنت تفسره من عندك فقد هلكت وأهلكت "من فسر القرآن برئيه فليتبوأ مقعد من النار وأن كنت تفسره من عند الرجال فقد هلكت وأهلكت إنما يعرف القرآن من خوطب به الذي نزل عليه القرآن هو الذي يعرف القرآن وهذا الذي نزل عليه القرآن أعطى علوم القرآن لمن؟!

إنما يعرف القرآن من خوطب به وما هو إلا عند الخاصة من ذرية نبينا محمد ”وما ورثك الله من كتابه حرفا“

لا    تقل    شيعة    هواة   علي

أنا     من     يعشق    iiالفضيلة

فإذا     لم     يكن    علي    نبيا

جلجل    الحق    في   المسيحي

يا   سماء   اشهدي  ويا  iiأرض







 
فان    في   كل   منصفا   شيعيا

والإلهام والعدل والخلق الرضيا

فلقد      كان      خُلقه      نبويا

حتىعدَّ   من   فرط   حبه  iiعلويا

قري  واخشعي إنني ذكرت iiعليا

والحمدلله رب العالمين