مراتب الموت والحياة

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء

صدق الله العلي العظيم

وقع البحث في معاجز وكرامات الأنبياء فإن النبي تقترن دعواه بأنه نبي بأطهار بعض المعاجز على يديه من أجل التصديق بنبوته وهذا ما وقع محل للسؤال: ما هو الدليل على أن المعجزة أمر داعم للنبوة أي أن المعجزة شاهد صدق على النبوة فإن هناك دليلين استدل بهما علماء الكلام على أن المعجزة دليل وشاهد على صدق النبوة:

الدليل الأول: هو أن أعطاء المعجزة بيد الإنسان الكاذب قبيح لا يمكن لله أن يعطي الإنسان الكاذب معجزة لو فرضنا هذا الشخص يكذب في دعواه النبوة يدعى النبوة كذب يدعي الرسالة كذب وزورا، إذا كان كاذب في دعواه فأعطاه المعجزة من قبل الله أظهار المعجزة على يده من قبل الله مع كونه كاذب فعل قبيح لا يصدر من الله لأنه أعطاء المعجزة بيد الكاذب إغراء بالجهل والإغراء بالجهل قبيح والقبيح لا يصدر من الحكيم تبارك وتعالى، إذاً متى ما أعطي شخص المعجزة فمعناه أنه صادق إذ لو كان كاذب لكان أعطاه المعجزة قبيح.

إذاً فالإعجاز دليل على صدق الدعوة وصدق النبوة، هذا وجه أستدل به علماء الكلام وستدل به سيدنا الخوئي «قدس سره» في كتابه «البيان في تفسير القرآن» وهذا الوجه لم يرتضي به السيد الشهيد السيد محمد باقر الصدر «قدس سره» في كتابه «المرسل الرسول الرسالة» وقال بأن هذا الاستدلال دوري إشكاله إشكال علمي لعلى بعض الحاضرين لا يلتفتوا إلى مغزاه قال لو كان الإعجاز دليل على صدق النبوة لكان إعطاء المعجزة بيد الكاذب قبيح.

إما لو فرضنا إن الأعجاز ليس دليل على صدق النبوة وإن الإعجاز يمكن أن يصدر من غير النبي كهؤلاء الرياضيين الذين يروضون أنفسهم على أعمال خارقة للعادة وعلى أعمال غير طبيعية يأكلون الزجاج، ويكسرون الحديد ويدخلون النار ويخرجون منها كما هو مشاهد في الهند وغيرها من البلدان، إذا لم تكن المعجزة دليل على صدق النبوة فإعطائها بيد الكاذب ليس قبيح لأنها ليست دليل على صدق النبوة.

إذاً الاستدلال على أن المعجزة دليل على صدق النبوة لأنه إعطائها بيد الكاذب قبيح استدلال دوري إنما يكون إعطائها بيد الكاذب قبيح إذا كانت دليل على صدق النبوة فلو كانت دليليتها على صدق النبوة لأجل أن أعطائها بيد الكاذب قبيح فهذا دور بحسب المصطلح العلمي والدور باطل.

الدليل الثاني: ما ذكره السيد صاحب الميزان العلامة الطبطبائي «قدس الله نفسه» قال: بأن الوحي نفسه أمر خارق للعادة، كيف يمكن للإنسان أن يتصل بالله؟! هذا أمر غير طبيعي أمر خارق للعادة الاتصال بالله يعني اتصال المحدود بلا محدود هذا الإنسان المحدود ذو العقل المحدود كيف يتصل بلا محدود؟!

إذاً اتصال الإنسان بالله عن طريق الوحي أمر خارق للعادة أمر غير طبيعي فإذا تمكن الإنسان من الاتصال بالله عن طريق الوحي مع أنه أمر غير طبيعي تمكن من الأفعال الغير الطبيعية الأخرى كأن يرد الشمس كأن يبرى الأكمه والأبرص كأن يحي الموتى هذا أمر غير طبيعي وهذا أمر غير طبيعي، حكم الأمثال كما يقول الفلاسفة: حكم الأمثال فيما يجوز وما يجوز:

1 - إذا أمكن اتصاله بالله عن طريق الوحي مع أنه أمر غير طبيعي لأنه المحدود كيف يتصل بلا محدود أمكنه أيضاً يبري الأكمه والأبرص وأحياء الموتى بأذن الله فالجميع على حد سواء هذا غير طبيعي هذا غير طبيعي هذا خارق للعادة هذا خارق للعادة إذا كان هذا ممكن فهذا ممكن حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد لأجل ذلك نقول إذا قام بالمعجزة كأن رد الشمس بعد مغيبها كأن أبرى الأكمه والأبرص وأحي الموتى إذا قام بالمعجزة وهو أمر غير طبيعي، إذاً هو قادر على الاتصال بالله عن طريق الوحي فإن ذلك أيضا أمر غير طبيعي إذا جازه هذا الأمر الغير طبيعي جازه ذلك الأمر الغير الطبيعي.

نحن من أجل أن نستوضح كما يقول السيد الشهيد «قدس سره» السيد محمد باقر الصدر أن الدليل على صدق النبوة صدق نبوة المدعي للنبوة دليل حساب الاحتمالات هذا الدليل الرياضي هو الدليل على صدق مدعي النبوة في نبوته كيف؟! نرتب هذا الدليل نتعرض لأمور لم يتعرض هو لها لكنه نحن نتعرض لها أمور علمية حتى نعمق هذه الفكرة ونصل إلى النتيجة هذه وهو أن الدليل على صدق النبوة دليل حساب الاحتمالات:

الأمر الأول: هل المعجزة أي الأمر خارق للعادة هل أمر مستحيل أو أمر ممكن؟! المعجزة أمر ممكن ليس أمر مستحيل لو كان مستحيل لما وقع المستحيل هو اجتماع النقيضين الوجود والعدم لا يمكن للإنسان أن يكون موجود ومعدوم في آن واحد هذا مستحيل اجتماع النقيضين، المستحيل هو الدور أو التسلسل بمعنى «ذهاب العلل إلى مالا نهاية» هذا مستحيل توقف الشيء على نفسه أن يكون زيد علة لنفسه هذا مستحيل أما أبرى الأكمه والأبرص أحياء الموتى هذا ليس أمر مستحيل في نفسه، الأمر المعجز الأمر الخارق للعادة ليس أمر مستحيل في نفسه ممكن أن يقع من الممكن أن يعود الميت حي ليس أمر مستحيل من الممكن أن يعود الأعمى بصير ليس أمر مستحيل، الأمر الخارق للعادة ممكن في نفسه وليس أمر مستحيل لأنه ليس تناقض ولا دور ولا تسلسل، إذا كان أمر ممكن فكيف يمكن أن يتم؟!

بالنظر الطبيعي للناس الناس ينظرون إلى الأمور نظرة مادية لأنهم محكومون بعالم المادة لأنهم مأطرون بإطار عالم المادة فأحكام الناس أحكام مادية لتأثرهم بعالم المادة الذي يعيشون فيه النظر المادي لدا الناس أن عودة الأعمى حي أمر ممكن ولكن يحتاج إلى أسباب مادية بمعنى أنه يحتاج إلى شرائط زمانية ومكانية وعلة مادية إذا تمت هذه العلة وتمت هذه الشرائط المادية نعم يمكن أن يعود الأعمى بصير الميت مثلا يمكن أن يعود إلى الحياء نعم إذا تمت علل مادية وأسباب مادية بشرائها الزمانية والمكانية نعم من الممكن أن يعود حيا ممكن.

النظر المادي: لا يأبى ذلك النظر المادي لا يرفض ذلك النظر المادي التجريبي يقول المهم وجود سبب صح أو لا عودة الميت حياً أمر ممكن لكنه يحتاج إلى سبب يحتاج إلى علة مادية واضحة وشرائط زمانية ومكانية ومن الممكن أن يعود حياً وكذلك عودة الأعمى بصير وعودة الأبرص سليم وأمثال ذلك من الأمور ممكن أن تعود إذا كان لها سبب مادي ممكن أن تعود هذا بالنظر المادي.

إما بحسب النظر القرآني فأننا نلاحظ أن القرآن الكريم يسند هذه الأمور غير الطبيعية هذه الأمور الخارقة للعادة يسندها القرآن الكريم إلى الارتباط بالله والتوكل على الله قال تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً وقال تبارك وتعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا «2» وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ «بمعنى أنه يعطيه القدرة على الأمور الغير الطبيعة على هذه الأمور الخارقة للعادة» وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًاوقال تبارك وتعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِيوقال تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.

إذاً الدعاء الاتصال بالله سبب للقدرة على إيجاد الأمور الغير الطبيعي فالنظر المادي يقول: الأمر الخارق للعادة ممكن أن يحصل لكنه يحتاج إلى سبب مادي وشرائط زمانية ومكانية، النظر القرآني يقول: الاتصال بالله الدعاء الارتباط التوكل على الله يعطي للإنسان قدرة على إيجاد الأمور الخارقة للعادة الأمور الغير طبيعية.

إذاً الجميع يسلم أن الأمر المعجز ممكن وأنه مسبب يحتاج إلى سبب لكن النظر المادي يقول: سببه مادي والنظر القرآني يقول: سببه غيبي ملكوتي إلا وهو الاتصال بالله والارتباط بالله والتوكل على الله.

الأمر الثاني: القرآن الكريم ظاهر بعض آياته أن إيجاد المعجزة أو الأمر الخارق للعادة لا يحتاج إلى سبب طبيعي هو مجرد الاتصال النفسي القدسي بالله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُوقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وقال تعالى: ﴿وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ.

ولكن ظاهر بعض الآيات القرآنية الأخرى لا أن المعجزة تعتمد على سبب طبيعي نحن لا ندركه لا أن المعجزة تحصل دفعة واحدة بمجرد الاتصال الغيبي بالله، يعني هذا الرسول كعيسى أبن مريم «عليه وعلى نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام» بمجرد أن تتصل نفسه القدسية بالله تبارك وتعالى اتصال غيبي تحدث المعجزة فوراُ ومن دون سبب طبيعي بعض الآيات القرآنية تقول «لا» هناك سبب طبيعي وإنما هو خفي علينا كيف؟! مثلاً قوله تبارك تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍلا يوجد شيء يوجد بدون قدر أي شيء كان معجز غير معجز خارق للعادة غير خارق للعادة لا يحدث إلا بقدر مثلاً قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍيستحيل أن يوجد شيء بدون قدر مثلاً قوله تعالى: ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىهذه الأمور ماذا تعني ما معنى القدر؟!

القدر ارتباط الشيء بعلله وبأسبابه وبظروفه مثلاً: الله قدر وجود زيد ما معنى قدر؟! يعني قال زيد يوجد من الأب الفلاني الأم الفلانية الساعة الفلانية المكان الفلاني بهذا الطول بهذا العرض بهذا الذكاء بهذا النحو قدر هذا قدر بمعنى هندسة كاملة، إذاً من القدر ارتباطه بسببه هذا من القدر كما أن وجود زيد يقر بأب بأم بزمان بمكان من القدر أيضاً أن زيد يقدر بسبب طبيعي معين نتيجة هذا السبب الطبيعي أنه وجد زيد فالتقدير معناه ربط المسببات بأسبابها الطبيعية هذا معنى القدر هذا معنى التقدير قال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ بمعنى لا يوجد هذا المخلوق الطبيعي إلا مقدر بسبب طبيعي قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُمخزون عندنا لكن إذا نريد أن ننزله إلى عالم المادة إذا نريد أن ننزله إلى عالم الطبيعية ننزله مقدر بسبب طبيعي معين﴿وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍمستحيل أي شي خارق للعادة غير خارق للعادة معجز غير معجز لا ينزل إلى عالم الطبيعة وعالم المادة إلا مقدر ومن القدر ربطه بسببه الطبيعي مثل ما يربط بزمن ويربط بمكان ويربط بمناسبة يربط أيضاً بسبب طبيعي فهذا من قدره ومن تقديره ومن تقديره إذاً النتيجة المعجزة أمر طبيعي يحتاج إلى سبب طبيعي أحياء الموتى أمر طبيعي يحتاج إلى سبب طبيعي إعادة الأعمى بصير مر طبيعي يحتاج إلى سبب طبيعي وأمثال ذلك.

إذاً بما أنه يحتاج إلى سبب طبيعي يعني هذا الرسول وصل إلى ذاك السبب نحن لم نصل إليه الرسول أو الإمام لاتصاله الغيبي القدسي بالله وصل إلى السبب الطبيعي للمعجزة نحن لم نصل إليه لذلك كانت المعجزة خارقة للعادة بالنسبة إلينا، هنا يتوجه سؤال هذا السؤال دقيق إذا المعجزة تستند إلى سبب طبيعي إذاً المعجزة أمر نسبي يعني بالنسبة إلى مجتمع معجزة لكن بالنسبة إلى مجتمع أكتشف هذا السبب لا تصبح معجزة لأنه المجتمع الثاني أكتشف السبب الطبيعي أو هي بالنسبة إلى زمان معجزة بالنسبة إلى زمان أخر غير معجزة يعني ما صنعنه عيسى أبن مريم أو النبي موسى «عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام» ما صنعه من معاجز بالنسبة إلى زمانهم معجزة أما هذا الزمن زمن العلم والتكنولوجية يمكن أن يكتشف العلم الأسباب الطبيعية التي وصل إليه موسى وعيسى ومن خلالها وصلوا إلى الأمر المعجز، ممكن أن يصل العلم الحديث إلى هذه الأسباب الطبيعية وإذا وصل إليها أصبح المعجز غير معجز، معجز بالنسبة لعيسى وغير معجز بالنسبة إلينا في هذا الزمان.

بعض الباحثين الإسلاميين ذهب إلى هذا من باب المثال الآن ولادة الإنسان من غير أب مثل عيسى أبن مريم ولد من غير أب بمعنى لا يوجد لقاء بين ذكر وأنثى ولد من دون لقاء بين ذكر وأنثى، طيب هذا بالنسبة إلى زمان عيسى طبعا أمر غير طبيعي أمر معجز هو ليس مستحيل أن يولد الإنسان من غير لقاء جنسي ليس مستحيل أمر ليس مستحيل في نفسه لكن سببه الطبيعي المعروف هو لقاء الذكر والأنثى، أنتم تقولون المعجزة تستند إلى أمر طبيعي في هذا الزمن زمن العلم أكتشف العلم إمكان الاستنساخ أليس كذلك بمعنى يؤخذ من خلية المرأة بشروط معينة توضع في رحمها هذه الخلية تنتج ولد مشابه لهذه المرأة من دون لقاء ذكر وأنثى فما كان معجزة في زمان عيسى وهو ولادته من غير أب أصبح في زماننا أمر ممكن وهو الاستنساخ وخرج عن كونه إعجاز ما دام الإعجاز يستند إلى سبب طبيعي هذا السبب الطبيعي مجهول في زمن معلوم في زمن خرج المعجز عن كونه معجز.

الجواب عن هذه الفكرة: ليس الأمر كذلك، كيف ليس الأمر كذلك؟! صحيح أن المعجزة تستند إلى سبب طبيعي لأنها مسبب مادي إذاً إلى سبب طبيعي هذا صحيح مسلم ولا يكفي مجرد الاتصال الغيبي القدسي بين الرسول وبين ربه لأحداث المعجزة هناك سبب توصل إليه الرسول إلا أنا هذا السبب الغالب القاهر سبب لا يأذن به الله لغير من أتصل به هو سبب طبيعي لكن الله لا يأذن به يعني لا يعطيه لا يمكنه لا يقدره إلا لمن أتصل به ذلك الاتصال الغيبي الخاص كيف؟!

لاحظوا الآيات القرآنية: ﴿كَتَبَاللَّه لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي يعني السبب الغالب بيدي هو صحيح سبب طبيعي لكنه بيدي هذا السبب الغالب القاهر﴿كَتَبَاللَّه لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِيوقال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُكيف ننصرهم؟! ننصرهم عسكرياً؟ لا الرسول لم ينتصر عسكرياَ مادياً لم ينتصروا إنما انتصروا بمعاجزهم وكراماتهم وإلا لم ينتصروا عسكريا ما معنى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ بمعنى ننصرهم بالأدلة والبراهين ومن الأدلة والبراهين المعاجز والكرامات فالمعاجز والكرامات وأن استندت إلى أسباب طبيعية لأكنها أسباب طبيعية تختص بنا، هذه الأسباب الطبيعية القاهرة الغالبة تختص بي وبرسلي ومن له اتصال قدسي غيبي بي لا لكل أحد قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ.

فإذاً بالنتيجة: نحن وصلنا إلى أن المسبب كشفاء المريض وعودة الأعمى بصير عود الأعمى بصير أمر طبيعي أمر مادي كان أعمى صار بصير هذا حدث مادي من الأحداث المادية عودة الأعمى بصير حدث مادي مسبب مادي يحتاج إلى سبب مادي سبب طبيعي ولكن الميدان العلمي والتجربة عالم التكنولوجية عالم الطب العلم الحديث بشتى حقوله عالم المادة إنما يتكشف الأسباب عن طريق التجربة صح أو لا؟!

كل عالم مادي في أي حقل كان عالم أحياء عالم فيزياء أي عالم في أي حقل كان ما دام علمه مادي فالطريق إلى اكتشاف الأسباب والعوامل هو التجربة المادية أن يقيم التجربة المادية ليكتشف السبب التجربة المادية لا توصل إلى السبب الحقيقي توصل إلى ظاهر السبب لوازم السبب، السبب الحقيقي لهذا المسبب الطبيعي لا ينال بالتجربة المادية إنما ينال ظاهرة يعني ينال الوجه السطحي لسبب الوجه السطحي الظاهر السطحي لسبب ينال بالتجربة ينال بالأطر المادية.

إذاً بالنتيجة: كما ذكرنا سابقا لكل شي جانب ملكي وجانب ملكوتي العلم الحديث لا يصل إلى هذا التقسيم وإلى هذا التدقيق كل شي له جانب ملكي: يعني شكل مادي قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وله جانب ملكوتي: وهو تأثيره في الأشياء الأخرى قال تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍوقال تبارك وتعالى: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ يعني العلم الحديث هل يستطيع أن يكتشف أن الشيء كيف يسبح بحمد الله؟! لا يمكن أن يدرك الجانب الملكوتي للشيء هو يدرك الجانب الملكي يدرك أن هذا حجر يدرك أن هذا شجر له خصائص طبيعية معينة إما هذا الشيء كيف يسبح الله ما هي لغة تسبيحه؟! ما هو وجه ارتباطه بالله؟! لا يكتشفه بالتجربة المادية قال تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا كيف يكتشف بالتجربة أن الجبل خاشع؟!

إذاً بالنتيجة: الجانب الملكوتي للأشياء لا يدرك بالتجربة ولا تناله التجربة لأجل ذلك نقول بأنه المعجز مسبب طبيعي يحتاج إلى سبب طبيعي ما يدرك بالتجربة سبب ظاهري وليس سبب واقعي نحن بحسب تجربتنا من يوم آدم إلى الآن نقول السبب الطبيعي لولادة الإنسان لقاء الذكر والأنثى هذا سبب ظاهري، إما السبب الواقعي لتكون الإنسان وولادته نحن لا ندركه بالتجربة المادية نحن إلى يوما هذا نقول الميت لا يرجع حي، لماذا لا يرجع حي؟!

لأنه رجعت الميت حي مسبب ويحتاج إلى سبب وما وصلنا إلى هذا السبب إلى اليوم صحيح هو مسبب طبيعي يحتاج إلى سبب طبيعي هذا السبب الطبيعي لم نصل إليه إلى هذا اليوم إذاً الميت لا يرجع حي، لا يمكن أن يرجع حي إذا وجد سببه الحقيقي التجربة المادية لا توصل إلى السبب الحقيقي بما أنها لا توصل إلى السبب الحقيقي.

إذاً بالنتيجة: الله تبارك وتعالى أناط الوصول لسبب الحقيقي بالاتصال القدسي الغيبي به قال تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْوقال تعالى: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِيوقال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاًّ «2» وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا.

إذا السبب الحقيقي سبب طبيعي لكنه أعطاه من أتصل به أعطاه الرسل والأنبياء وهذا معنى قوله: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءفالنتيجة: أن المعجزة مسبب طبيعي لسبب طبيعي وذلك السبب الطبيعي هو السبب الحقيقي ولكن لا يمكن الوصول إليه إلا بأذن الله لمن أختص منه ماذا؟! من عبادة لمن اختص منه رسله وأنبياءه يوصلهم إلى ذلك السبب الحقيقي هذا الذي نسميه الولاية التكوينية، ما معنى الولاية التكوينية؟!

الولاية التكوينية يعني أن الرسول أختص من قبل الله بأن أطلعه الله على هذه الأسباب الطبيعية لهذه المسببات الطبيعية ولم يصل إليها غيره ذلك المعجزة لا تتغير معجزة في زمان وليس معجزة في زمن هي معجزة في كل زمن المعجزة معجزة في كل زمن معجزة لكل البشر لماذا؟!

لأنه سببها الحقيقي لا يكتشف بالتجربة المادية لا يكتشف إلا عن طريق الاتصال الغيبي لله تبارك وتعالى لهذا نحن نقول نفس هذا الذي نطرحه دليل على حاجتنا لظهور المهدي «عجل الله فرجه»، كيف دليل على ظهور المهدي؟!

يعني الآن هذا الكون ما زال مغلق لا تفكر الكون صار مفتوح «لا»، يعني صعدوا على سطح القمر سيطر على الكون «لا» ما وصلوا إلى، احد بالمليار الكون ما زال مغلق ما زالت مفاتيح الكون مغلقة لم يصلوا إليها هذا الكون هذا الفضاء إلا متناهي مليء بالكنوز مليء بالثروات مليء بالطاقات ما وصل العلم الحديث بشتى تجاربه إلى واحد بالمليار، يعني الله خلق هذا الفضاء عبث؟! بس حتى الإنسان يعيش على الأرض وبعد ما يعيش على الأرض يموت وينهي الكون، أجل لماذا خلق الله السموات وخلق المجرات إذا ليس لها معنى ولا تفيد الإنسان بشيء لماذا الله خلقها؟! هذا الإنسان لا يستفيد منها هذا الإنسان يعيش سبعين سنة ويذهب، ما هي علاقة بالمريخ وزحل وما في الكون كل شيء لا يدري وليس لها علاقة إذاً لماذا الله خلقها؟!

إذاً خلقها عبث قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً، إذاً هذه السموات بكنوزها وثرواتها وطاقتها لم تخلق عبثا إذا لم تخلق عبثا يعني سيأتي يوماً تظهر كنوزها سيأتي يوماً تظهر بركاتها وإلا لكان خلقها عبثاً ولغواً والعبث والغوا قبيح على الله تبارك وتعالى سيأتي يوماً تظهر بركات هذه السموات تظهر طاقات هذه السموات واكتشاف طاقات هذه السموات اكتشاف حقيقي يحتاج إلى شخص بيده مفاتيح الكون، شخص نتيجة اتصاله الغيبي القدسي بالله تبارك وتعالى ملك مفاتيح الكون اكتشف ثروات الكون، اكتشف طاقات الكون قال تعالى: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُواإذا تقولوا أنتو وصلتوا إلى القمر أنفذوا من أقطار السموات يعني هذا الكون أقطعوه كله بتمام مساحاته واكتشفوه كله بتمام طاقاته وبركاته﴿فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ من هو السلطان؟!

السلطان من ملك المفاتيح مفاتيح هذا الكون بيده كشف الكنوز وكشف الطاقات والبركات، من الذي بيده مفاتيح هذا الكون؟! من كان بيده علم الكتاب كاتب يعني كتاب الكون عيسى عنده علم من الكتاب أحي ميت أبرى أكمه وأبرى أبرص، وآصف بن برخيا عنده علم من الكتاب لذلك أتى بعرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين.

هناك دراسة حديثة رأيتها في برنامج في الجزيرة الوثائقية أن منطقة سبأ التي كانت تعيش فيها بلقيس ليس اليمن شمال المملكة قريب الأردن وأن هناك اكتشافات أثريه من خلالها في هذه المنطقة اكتشفوا أن هناك عاشت بلقيس ملكة سبأ وهناك كانت مملكتها.

آصف بن برخيا لأنه عنده علم من الكتاب أستطاع أن ينقل عرش بلقيس من سبأ إلى بيت المقدس إلى سليمان في لحظة واحدة في ثانية واحدة طيب هذا ليس عنده مركبة فضائية ولا صعد القمر هذا عنده مفتاح اتصال قدسي صح أو لا هذا الاتصال القدسي أطلعه على السبب الحقيقي لنقل الأشياء في لحظة واحدة وفي آن واحد قال تعالى: ﴿قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ماذا تريد أيضاً؟! عنده علم من كتاب الكون عنده بعض المفاتيح استطاع أن ينقل شيء ثقيل من بلد إلى بلد في لحظة واحدة فيكف من بيده علم الكتاب كله.

إذاً نحن محتاجين البشرية وإلا تبقى العلوم ناقص كلها ويبقى الكون معطل وتبقى طاقات الكون مخبئة غير مكتشفة المجتمع البشري يحتاج إلى شخص بيده علم الكتاب كله بيده مفاتيح الكون ليكمل هذه العلوم ويوصلها إلى حقائقها ويبلغ الإنسان إلى أيطار حضارة كونية شاملة وذلك الشخص هو المعبر عنه بالسلطان قال تعالى: ﴿لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍوذلك الشخص هو الذي عبر عنه النبي : ”لو لم يبق من الدنيا إلا يوم حتى يبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً“ عجل الله فرجه وجعلنا من أنصاره وأعوانه ليس أعونه وأنصاره يوم ظهوره فقط لا الآن نحن من أنصاره إذا نحن نقول جعلنا الله من أنصاره ليس بعدين أما الآن لا بعدين لا جعلنا من أنصاره يعني الآن نسأل الله أن يجعلنا من أنصاره الآن نحن ننصره لأننا نبلغ أهدافه لأننا ندعو إلى ما يدعوا إليه بأننا نمشي على الصراط المستقيم القويم فنحن من أنصاره وأعونه إذا كنا كذلك.

والحمد لله رب العالمين