عليٌ وبيت المقدس

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

صدق الله العلي العظيم

حديثنا حول الآية المباركة في محاور ثلاثة:

المحور الأول: في تحديد معنى فقرات الآية المباركة وهي تتضمن عدة فقرات:

الفقرة الأولى: قوله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى السبحان مصدر يراد به التنزيه كناية عن العظمة بعض المفسرين يفسر كلمة سبحان بأنها مصدر أريد به التنزيه تنزيه الله تبارك وتعالى عن كل نقص وعن كل ضعف وعن كل وهن ولكن الصحيح أنها تنزيه كناية عن التعظيم يعني هذا التنزيه الغرض منه تعظيم الله تبارك وتعالى فإنه إذا تنزه جل وعلى عن كل نقص وعن كل ضعف وعن كل وهن وعن كل شبه بالمخلوق أصبح له العظمة المطلقة فأنا المنزه عن المشابه لأي موجود ولأي مخلوق فهو أعظم من المخلوقات والموجودات كلها ولذلك تنزه عن مشابهتها ومشاكلتها.

إذاً المقصود بتنزيهنا الكناية عن تعظيمه تبارك وتعالى ولذلك أقترن تنزيه بتعظيمه في الأذكار الشريفة مثلاً: في ذكر الركوع سبحان ربي العظيم إشارة إلى أن التنزيه كناية عن التعظيم ولذلك اقترن بوصف العظمة «سبحان ربي العظيم» وبحمده كما أنه في ذكر السجود «سبحان ربي الأعلى وبحمده» للإشارة إلى أن هذا التنزيه حيث أنه كناية عن التعظيم فهو مساوق وملازم لعلو الباري تبارك وتعالى وسموا ذاته عن بقية الموجودات.

الفقرة الثانية: قوله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىطبعاً سرى غير مشى، مشي لا يقال مشى في الليل يقال في الليل سرى في النهار يقال مشى حسب اللغة العربية إذا عبر عن المشي نهاراً يعبر عنه بالمشي «37: 4» وإما إذا عبر عن المشي ليلاً فيعبر عنه بالسرى عند الصباح يحمد القوم السرى، إذاً﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، الفقرة الثانية كلمة﴿بِعَبْدِهِهنا لابد أن ندققفي هذه الفظة بحسب أطلاقات القرآن الكريم، القرآن الكريم خطاباته للناس على أنحاء ثلاثة:

1 - تارة يعبر قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ هنا هذا الخطاب يشمل المؤمنين والكافرين وسائر المجتمع البشري.

2 - وتارة يعبر القرآن بالذين آمنوا قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ هنا خطاب يخص المسلمين المؤمنين به كخالق تبارك وتعالى.

3 - وتارة يعبر القرآن بنحو ثالث وهو التعبير بالعباد قال تعالى: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ لم يعبر بالناس لم يعبر بالذين أمنوا وإنما عبر بالعباد فما هو المقصود بهذا التعبير؟!

العبد هو الذي يكون مظهر لعبودية الله تبارك وتعالى نحن كلنا عباد الله العبودية بمعنى المملوكية كل مخلوقاته فهم عبادة بمعنى المملوكين له فإن مقتضي خالقيته لهم مالكيته لهم ولكن بعض العباد مظهر لعبودية الله وبعض العباد ليس مظهر لعبودية الله العبد المتصل بربه العبد الخاضع للربة العبد الذي استقام على النهج الذي أمره به ربه، ربه تبارك وتعالى هذا هو العبد يكون مظهر للعبودية ليس كل عبد مظهر للعبودية العباد منقسمون هناك عبد مظهر لكفران النعمة والعياذ بالله. وهناك عبد مظهر للظلم والعياذ بالله وهناك عبد هو مظهر لعبودية الله تبارك وتعالى بمعنى أنه أظهر المملوكية الصرفة والمحضة لله تبارك وتعالى.

نحن جميعاً نقول: أنا لله وأن إليه راجعون يعني نحن ملك لله لكن هل نظهر هذه المملوكية نحن نقول بأننا ملك لله لكن هذه المملوكية هل تتجسد في تصرفاتنا، هل تتجسد في أفعالنا هل ترى أفعالنا وأعمالنا ضمن أيطار العبودية والطاعة المحضة لله تبارك وتعالى لتكون مظهر للملوكية لله عز وجل، فالعبد الخاضع الذي قصدته الآية القرآنية ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ «1» الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ «2» وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ «3» وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ هؤلاء هم عباد الله لأنهم مظهر للعبودية في صلاته خاشع لزكاته وحقوق الله تبارك وتعالى مؤدي معطي معرض عن اللغو والسباب والدخول في النزعات والحزازات اجتماعية العبد المشغول بربه في صلاته، المشغول بربه في أمواله وأداء الحقوق الشرعية المشغول بربه في النزاعات الاجتماعية هذا العبد المنشغل بربه هو مظهر للعبودية وهو الذي يستحق أن ينادى «بعبادي، بعبدي» قال تعالى: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ.

إذا الخطاب القرآني الثالث الخطاب بالعبودية هذا الخطاب أيضاً لاحظوا هنا مطلب لعلماء العرفان مطلب لطيف وشريف يقولون: إضافة العباد إلى الله على ثلاثة أقسام:

1 - إضافة الرحمة.

2 - إضافة العظمة.

3 - إضافة النورانية.

1 - إضافة الرحمة: مثل ﴿يَا عِبَادِيَ فهذه إضافة الرحمة.

2 - إذا قال عبادنا هذه إضافة العظمة.

3 - إذا قال عباده هذه إضافة نورانية.

ما هو الفرق بين الإضافات الثلاث؟!

في الإضافة الأولى: إلا وهي إضافة الرحمة قال تعالى: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ. هناك موجود أظهر التحدي لله والتمرد على الله هناك بعض يعصى الله بتمرد وتحدي، يعصي ربه وهو ملتف إلى أنها معصية ومع ذلك يبارز الله بالمعصية متحدي متمرد لسلطان الله عز وجل هذا لا يخاطب بالعبد ولا ينظر إليه بمنظر العبودية، وهناك مخلوق وأن عصى الله إلا أن عصيانه نتيجة لغلبة النفس وسيطرة الهوى وإلا فهو إنسان مستقيم إنسان خاضع لله إنسان منيب لله ولكن قد يزل أحياناً قد يؤثر عليه الهوى الشيطاني أحياناً وإلا فهو شخص خاضع منيب لربه تبارك وتعالى هذا يصح أن يخاطب بالعبودية على نحو إضافة الرحمة﴿يَا عِبَادِيَ.

كما يقول الأب لأولاده يا أولادي هذه تسمى إضافة الرحمة الإضافة المشعرة بحنان والرعاية الإضافة المشعرة بالاستقبال والرعاية الإضافة المشعرة بالحنان والاستقبال والرعاية والاهتمام تسمى «بإضافة الرحمة» ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا أنتم صحيح أسرفتم على أنفسكم ولكنكم أسرفتم لا بدافع التمرد على الله وبدافع التحدي لله وإنما أسرفتم بغلبة الهوى والشيطنة قال تعالى: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

وقال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍهذا يوم جمعة أخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك يوم استمطار الرحمة يوم استنزال المعفرة مهمة أمكن العبد في هذا اليوم أن يستمطر رحمة الله تبارك وتعالى ليدخل تحت هذه الإضافة إضافة الرحمة إضافة عبادي.

الإضافة الثانية: إضافة العظمة: قال تعالى: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا إضافة إلى نون الجمع﴿عِبَادِنَاهذه تسمى إضافة العظمة بعض الخلق بعض الأصفياء بعض الأولياء الذين اتصلوا بالله تبارك وتعالى وأدركوا عظمة الله تبارك وتعالى هؤلاء الذين أدركوا عظمة الله وتجسدت فيهم عظمة الباري تبارك وتعالى يستحقون إضافة أخرى تسمى إضافة العظمة يعبر عنهم تبارك وتعالى﴿عِبَادِنَاهؤلاء منهم الخضر الذي وجده النبي موسى «عليهم وعلى نبينا محمد وآله أفضل الصلاة والسلام» هذا الرجل أدركالعظمة الإلهية ولذلك القرآن خصه بعلم التأويل يعني موسى مع أنه رسول من رسل العزم وهم وهو لي الأمر في زمانه لكنه أكتسب علم التأويل من الخضر ، الله جعل الخضر مصدر لعلم موسى، موسى أفضل من الخضر موسى هو ولي الأمر في زمانه لكن الله تبارك وتعالى تشريف للخضر وامتحان لموسى جعل الخضر مصدر لعلم التأويل بالنسبة إلى موسى، موسى أستقى علم التأويل من الخضر ﴿سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا وأظهر له بعد ذلك علم التأويل في عدة مواضع امتحان لموسى وتكريم للخضر .

ولذلك بعض الناس قد يستغرب أن الإمام علي والحسن والحسين كما في بعض أراء العلماء الإمام علي والحسنان أفضل من السيدة الزهراء « جميعاً» ولكن هؤلاء اكتسبوا علم تأويل القرآن من فاطمة الزهراء جعل الله فاطمة مصدر لعلم التأويل بالنسبة لهؤلاء الأئمة «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين» والأئمة الباقين مع أنهم أئمة عليها في زمانهم مع أنهم ولاة الأمر في زمانهم لكن الله جعل فاطمة مصدر لعلم التأويل بالنسبة لهؤلاء الأئمة ولذلك ورد في الحديث عن الإمام العسكري ”نحن حجج الله على الخلق وفاطمة حجة علينا“ كيف جعلت حجة عليهم من هذه الجهة؟!

أنها أعطيت علم التأويل واكتسبوا منها واستقوا منها هذا العلم ألا وهو علم التأويل تشريف لها وتكريم لها «صلوات الله وسلامه عليها».

الإضافة الثالثة: إضافة النورانية، ما هو المقصود بإضافة النورانية؟!

نحن عندما نقرأ آية النور قال تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍهذه ﴿نُّورٌ عَلَى نُورٍ إشارة إلى درجات المعرفة بالله المعرفة بالله تترقى من نور إلى نور من مرتبة نوريه إلى مرتبة نوريه أخرى الخلق يتدرجون في معرفة الله من درجة نوريه إلى درجة نوريه إلى أن يصل الإنسان إلى معرفة بالله أنه لا يرى إلا النور المحط.

مثال: إي نور أنت تراه فهو مشوب بالظلمة ليس نور محط نور الشمعة محفوف بظلام، نور المصباح محفوف بظلام نور الشمس الذي هو أعظم نور بالنتيجة محفوف بظلام إي نور فهو محدود ومحفوف بالظلمة لو أن الإنسان أدرك نور غير محدود أدرك نور غير محفوف بالظلمة لأدرك جامعية الأسماء والصفات بالنسبة لله تبارك وتعالى لأدرك الذات المقدسة لا يستطيع الإنسان أن يصل إلى هذا إي نور يصل إليه فهو محدود أي معرفة بالله يصل إليها فهي محدودة إما إذا وصل إلى معرفة النور الذي ليس مشوب بظلمة وصل إلى انكشاف النور الذي ليس محدود بظلمة إذا وصل إلى هذه الدرجة من معرفة الله وانكشف له النور الذي لا تحده ظلمة أصلاً انكشفت له الذات المقدسة بأسمائها وصفاتها وإذا وصل إلى هذه المرتبة ماذا يعبر عنه القرآن؟! ﴿يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء، ﴿نُّورٌ عَلَى نُورٍ هذه كل الناس يصل إلى نور يرجع إلى نور ثم يصعد إلى نور أخر إما إذا وصل إلى هذه الدرجة نور ليس معه ظلمة يعبر عنه القرآن﴿يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء.

هذه درجة نوره من وصل إليها يعبر عنه «بعبده» عبده على وزن نوره من وصل إلى درجة نوره صح أن يعبر عنه بعبده ولذلك قال القرآن الكريم﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِإشارة إلى أن هذا العبد إشارة إلى أن هذا الإنسان وصل إلى إضافة نورانية ووصل إلى معرفة انكشاف الأسماء والصفات فهو أعظم الخلق معرفة وهو محمد ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ «بعض الروايات تقول من بيت أم هاني بيت أم هاني كان مجاور للبيت الحرام فهو ضمنفناء وحرم المسجد الحرام» إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى «البيت الأقصى هو بيت المقدس الذي بناه النبي سليمان «عليه وعلى نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام» ثم من بيت المقدس أنتقل إلى الصخرة الذي يسمى الآن مسجد الصخرة غير بيت المقدس بيت المقدس شيء ومسجد الصخرة شيء أخر أنتقل من بيت المقدس إلى الصخرة ومن الصخرة عرج إلى السموات العلى عرج إلى السموات العلى ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَاب قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىعرج إلى السموات العلى من تلك الصخرة الشريفة» ﴿مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ.

البركة هنا تشمل أنواع ثلاثة من البركات:

النوع الأول: البركة المادية: أن الله جعل هذا البلد الكريم فلسطين جعلها بلد مبارك بلد مصدر للخيرات والبركات والثمرات المختلفة المتنوعة فهو بلد مبارك في أرضه خصبة أرضه مثمرة.

النوع الثاني: البركة المعنوية: يعني البركة الروحية الخاصة الله تبارك وتعالى أختص هذا البيت بيت المقدس أختص به البقعة المباركة بأنها مجمع الأنبياء وهذا نوع أخر من البركة، موسى كان في هذا المكان الشريف وسليمان كان في موقع موسى أقام بيت المقدس الشريف وأيضاً عيسى أبن مريم ولد في أنحاء هذه البقعة المباركة الشريفة فهو مولد لعيسى ومقام لموسى ومصلى لسليمان ومسجد لداود مضاف إلى ذلك كله هو مسرى ومعراج النبي محمد فهذا النوع الثاني من البركة أن هذا المكان مبارك بركة روحية لكونه مجمع الأنبياء والمرسلين في هذه البقعة المباركة.

النوع الثالث: أن الله تبارك وتعالى هيئ لهذا البلد أناس يدافعون عنه ويناضلون عنه إلى يوم القيامة، هذا البيت مقصود من قبل المعتدين والظالمين ويتكرر الاعتداء، ويتكرر الغزو ويتكرر الظلم بالنسبة إلى هذه البيت المبارك وهذه البقعة المباركة وقد أعد الله أناس جيل بعد جيل ونسل بعد نسل لدافع عن هذه البقعة المقدسة وهذا المكان المبارك وهذا نوع ثالث من البركة التي طرحها الله في هذا المكان المقدس﴿الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا، وقال تعالى: ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى.

المحور الثاني: ليس بين المسلمين واليهود بما هم يهود عداوة «لا» اليهود بما هم يهود أناس يدينون بدين سماوي بما هم يدينون بدين سماوي المسلمين يحترمونهم لاحظوا الله تبارك وتعالى عبر عن ملة إبراهيم بالإسلام قال تعالى: ﴿قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَملة إبراهيم هي الإسلام﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُملة إبراهيم هي الإسلام واليهودية والمسيحية على ملة إبراهيم فهي ضمن دين الإسلام دين الإسلام يجمع الديانات الثلاث اليهودية والمسحية والإسلام الخاص كل هذه الديانات الثلاث تجتمع تحت عنوان «الإسلام» يعني ملة إبراهيم كلها أديان موحدة تجتمع تحت عنوان «دين الإسلام» دين الإسلام يجمع هذه الديانات الثلاث وإنما تختلف هذه الديانات في الشرائع لا في الدين، الدين واحد.

قال تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًاتختلف في الشرائع إما الدين فهو واحد وهو ملة إبراهيم وهو دين التوحيد وهو دين الفطرة فدين الإسلام يجمع الثلاثة لذلك الآية القرآنية قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وقال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ المراد بالإسلام ملة إبراهيم الذي يجمع هذه الديانات الثلاث المعبر عنه ب «دين التوحيد ودين الفطرة» قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا.

إذاً ليس هناك عداوة بين اليهود بما هم أصحاب دين وبين المسلمين لذلك القرآن الكريم يقول: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌعَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَوقال تبارك وتعالى في آية أخرى﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ «8» إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْإذاً المشكلة مع اليهود المحاربين مع اليهود المعتدين مع اليهود الظالمين لا مع اليهودي المتدين إلا هناك جماعة من اليهود يعيشون في أرض فلسطين ينبذوا هذا الظلم كله ويرفضون هذا الاعتداء كله ويقولون المسلمون معنا أخوة في أرض واحدة لا نعتدي عليهم ولا يعتدون علينا.

إذاً بالنتيجة: المشكلة هي مع اليهود المحاربين مع اليهود المعتدين الظالمين لا مع اليهود الذين هم متدينون بدين الله ولا يعتدون على أحد ولا يظلمون أحد.

المحور الثالث: اليهود سيظلون إلى يم القيامة يخافون من المسلمين ولكن أشد خوفهم من جيش علي بن أبي طالب لأنهم موعودون بهذا الجيش هذا الجيش يرجع مرة أخرى جيش علي بن أبي طالب جنود علي بن أبي طالب تعد عليهم مرة أخرى أخوف ما أخاف عليهم من هذه النقطة يوم خيبر لا ينسى يوم خيبر لا يمكن الغفلة عنه يوم خيبر يبقى حاضر لأنه مفتاح الانتصارات بالنسبة للمسلمين ومفتاح الهزائم بالنسبة لليهود لما أرسل النبي محمد فلان وفلان وفلان فلم يصلا إلى شيء قال : لأعطي الراية غدا رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله كرار غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ.

يقول أبن عباس فأشربت أعناق القوم أيهم يعطاها؟! من الذي يعطى الراية غدا فلما جاء اليوم الثاني قال: أين علي بن أبي طالب حسب راوية أبن مسعود كلهم بصوت واحد يا رسول الله أنه أرمد العين قال: أتوني به جيء به فمسحه بريقه الشريف على عينيه فأبصرتا فلم يرى أذى في عينية قط إلى أن مات وقلده رايته، هذه الروايات يرويها صحيح مسلم يرويها مستند أحمد أنه «تفل في عينيه فبرئتا» وبعد ذلك يقول لك أن النبي بشر عادي هذا كيف بشر عادي أنت تقول تفل في عينية وبرئتا ولم يشكوا أذى إلى أن مات إلى أن قبض وبعد ذلك تقول أن هذا النبي بشر عادي مثله مثل غيره بس كان يوحى إليه وإلا هو بشر عادي، كيف بشر عادي وقد تفل في عينيه ولم يشكوا أذى إلى أن قبضة الله إليه؟! وسلمه رايته وقلده ودعا إليه وبرز إلى خيبر «صلوات الله وسلامه عليه» فبرز إليه مرحب:

قد علمت خيبر أني مرحب

أطعن أحيانا وحينا iiأضرب


 
شاكي السلاح بطل مجرب

إذا  الجيوش أقبلت iiتلتهب

قال :

أنا   الذي  سمتني  أمي  iiحيدره

أضربكم بالسيف ضرب السندره


 
ليث   بغابات   الأسود   iiقسورة

أكيلكم   بالسيف   كيل  iiالسندرة

اقتحم مرحب وعلي، علي لا يحتاج أن يطول معاه لحظات وانهائه، أستتر القوم واليهود في ذلك الحصن المنيع كما يروي وأبن الجوزي وأغلقوا الباب وكان باب حصن خيبر يفتحه أربعون ويغلقوه أربعون، بعض الكتب مع الأسف تغالط التاريخ كله اللي يذكر أن الباب كان عظيم فعمد إلى باب صغير لماذا هذا الحقد؟! لماذا تزوير الحقائق والوقوف أمام التاريخ لماذا؟! بأي غرض بأي هدف؟! التاريخ لا يتغير بهذا التزوير والتحريف فعمد إلى باب صغير فاقتلعه هذا علي بن أبي طالب يحتاج إلى أن يقتلع باب صغير لا يحتاج أن يقتلعه بأصبعه يفتحه إذا كان صغير، فعمد إلى باب صغير فاقتلعه، هذا التاريخ كله كل المؤرخون كاذبون إلا هذا الكتاب الصادق فعمد إلى باب صغير فاقتلعه باب يفتحوه أربعون ويغلقه أربعون فأمسك به «صلوات الله وسلامه عليه» وهزه وأقتلعه من جذوره.

ياقالع  الباب الذي عن iiهزه

يا من له ردّت ذكاء ولم iiيفز

أأقول  فيك  سميدع  كلا iiولا

بل أنت في يوم القيامة حاكم





 
عجزت  أكفُّ أربعون وأربع

بنظيرها  من  قبل إلاّ iiيوشع

حاشا لمثلك أن يقال iiسميدع

في العالمين وشافع ومشفع

وعبر المسلمين وضع باب الجسر على النهر وعبر المسلمين إلى حصن خيبر وتم النصر والظفر على يديه، علي فاتح خيبر وجيش علي فاتح بيت المقدس وأبناء علي وذرية علي وجنود علي هم القوة التي وعد الله به فتح بيت المقدس قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ إلى أن تسلم الراية بيد قائم آل بيت محمد «عجل الله فرجه الشريف».

والحمد لله رب العالمين