الدرس 51

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كان الكلام في بيان ما هو مقتضى الأصل اللفظي فيما إذا صلى المضطر جالسا ثم ارتفع اضطراره والوقت ما زال باقيا، بناء على أن الأمر الاضطراري مطلق يشمل الاضطرار غير المستوعب وبناء على أن الأمر الاختياري أيضاً مطلقا يشمل من صلى صلاة اضطرارية ثم تجددت له القدرة وذكرنا أن هناك عدة وجوه لإثبات أن مقتضى الأصل اللفظي هو الإجزاء ومر الكلام في الوجه الأول وهو دعوى الإطلاق المقامي لدليل الأمر الاضطراري.

الوجه الثاني: ما ذكره المحقق الأصفهاني «قدس سره» ويبتني على مقدمات:

المقدمة الأولى: أن الملاك في الصلاة الاضطرارية يتصور على أربعة صور تعرض لها صاحب الكفاية «قدس سره» في بحث الإجزاء:

الأولى: أن تكون الصلاة الاضطراري وافية بتمام الملاك للصلاة الاختيارية.

الثانية: أن تكون الصلاة الاضطرارية وافية بمعظم الملاك والباقي منه ملاك راجح وليس ملاكا لازم.

الصورة الثالث: أن تكون الصلاة الاضطرارية وافية بمعظم الملاك والباقي منه وإن كان لازما لكنه لا يمكن تحصيله فبمجرد أن يأتي بالصلاة الاضطرارية يتعذر عليه تحصيل باقي الملاك ولو صلى بعده صلاة اختيارية.

الصورة الرابعة: أن تكون الصلاة الاضطرارية وافية بمعظم الملاك لكن الباقي منه مقدار لازم ويمكن تحصيله.

فعلى الصور الثلاث الأولى تكون مقتضى القاعدة الإجزاء لأنه إذا كانت الصلاة الاضطرارية وافية بكل الملاك أو بأغلبه والباقي مستحب أو بأغلبه والباقي لا يمكن تحصيله فلا محالة يسقط الأمر بالصلاة الاضطرارية، بينما على الصورة الرابعة لو كان الباقي من الملاك مقدارا لازما يمكن تحصيله فمقتضى القاعدة عدم الإجزاء إذا تجددت له القدرة بعد أن صلى صلاة اضطرارية، هذه هي المقدمة الأولى.

المقدمة الثانية في كلامه: قال: يتعين علينا أن نحمل الأمر الاضطراري وهو قوله المريض يصلي جالسا على الصور الثلاث الأولى دن الصورة الرابعة؛ والسر في ذلك: أننا لو حملناه على الصورة الرابعة لورد علينا إما محذور عدم المعقولة وإما محذور مخالفة الظاهر، بيان ذلك: هنا فرضان: لأننا إما أن نتصور أن الملاك للصلاة واحد له مراتب فمرتبة منه حصلت بالصلاة الاضطرارية ومرتبة منه ما زالت باقية ويمكن تحصيلها أو نفترض أن الملك متعدد فهناك ملاك في الجامع وهناك ملاك في الصلاة الاختيارية فان اخترنا الفرض الأول يعني أن الملاك واحد ذو مراتب، فمرتبة في الجامع بين الصلاة جالسا حال الاضطرار أو الصلاة قائما حال الاختيار لأنه حتى المريض لعله لم يصلي صلاته الاضطرارية وانتظر إلى أن تجددت قدرته فيشمله الخطاب فمعناه أن المريض مخاطب بالجامع بين أن يصلي جالسا حال اضطراره أو يصلي قائما حال اختياره فهناك مرتبة قائمة بالجامع وقد حصلها من صلى الصلاة الاضطرارية وبقيت مرتبة وهذه المرتبة إنما هي في خصوصية القيام لأن القيام هو الخصوصية المفقودة في الصلاة الاضطرارية إذن فما بقي من الملاك إنما هو في خصوصية القيام لا في الصلاة قائما، بل في القيام نفسه إذ هو الخصوصية التي اضطر إلى تركها، فبناء على ذلك إذا تجددت القدرة فحينئذ سوف يكون مأمورا بالقيام؛ لأن المرتبة التي لم يحصلها هي ما كانت في القيام فما هو المأمور به لبا وواقعا هو القيام فامر بالصلاة قائما - لأنه سيعيد سيصلي قائما حتى يستدرك القيام - إما أن يكون أمراً نفسيا وإما أن يكون أمراً غيريا فإن كان أمراً نفسيا فهو غير معقول لأنه بلا ملاك إذ الملاك في القيام لا في الصلاة قائما وإما أن يكون غيريا أي أن المأمور به النفسي هو القيام والصلاة قائما مقدمة لذلك المأمور النفسي فيلزم أن يكون الأمر في الصلاة أمراً غيريا وهو خلاف الظاهر.

إذن لو قلنا بأن الأمر الاضطراري محمول على الفرض الرابع وهو ما إذا أتى بمرتبة من الملاك وبقيت مرتبة لكان لازم ذلك أن يكون الأمر بالصلاة قائما بعد تجدد القدرة إما غير معقول وإما خلاف الظاهر، والفرض الثاني أن يقال بتعدد الملاك أي أن هناك ملاكا قائما بالجامع بين الصلاة جالسا حال اضطراره أو الصلاة قائما حال اختياره وملاك قائم في القيام أو في الصلاة قائما لا يفرق، يقول: فإذا ادعي أن هناك تعدد ملاك فهذا بعيد بحسب المرتكز المتشرعي فان المتطابق مع المرتكز المتشرعي أن الملاك في الصلاة واحد لا أن هناك ملاكات فهناك ملاك في الجامع وهناك ملاك في الفرد فان هذا مستبعد بحسب المرتكز.

فتحصل: المقدمة الثالثة، أن الأمر الاضطراري أن حمل على الصورة الأولى أو الثانية أو الثالثة كان مفيدا للإجزاء ولا يمكن حمله على الصورة الرابعة إذ يلزم من حمله عليها إما محذور عدم المعقولية أو محذور مخالفة الظاهر أو محذور منافاة المرتكز المتشرعي إذن مقتضى الأمر الاضطراري هو الإجزاء.

هذا ما أفاده المحقق الأصفهاني المحقق الفعال.

ولكن يمكن الملاحظة عليه بأنه من المحتمل أن يكون في الجامع اقتضاء للملاك التام وخصوصية القيام تكون شرطا في فعليته، بيان ذلك: أن في الجامع بين الصلاة جالسا حال اضطراره والصلاة قائما حال اختياره اقتضاء لتحصيل الملاك التام والشرط في فعلية ذلك الملاك التام هو خصوصية القيام فإذا افترضنا أنه صلى جالسا ثم تجددت قدرته فالآن لو صلى قائما لكانت الصلاة قائما ذات اقتضاء لتحصيل الملاك التام وخصوصية القيام فيها شرط في فعلية ذلك الملاك التام فصح أن يؤمر بالصلاة قائما بعد أن صلى جالسا أمراً نفسيا لا أمراً غيريا فهو مأمور بالصلاة قائما أمراً نفسيا لأن في الصلاة قائما اقتضاء لتحصيل الملاك التام وحيث إنها مشتملة على الخصوصية التي تحول الاقتضاء إلى الفعلية صح الأمر النفسي بالصلاة قائما فلا معنى لأن يقال: إن الأمر النفسي بالصلاة قائما غير معقول لأنها فاقدة للملاك إذ ما دامت الصلاة قائما ذات اقتضاء لتحصيل الملاك التام واشتمالها على خصوصية القيام يوجب تحول الملاك من الاقتضاء إلى الفعلية فهذا كاف في صحة الأمر النفسي، ولا معنى للأمر الغيري إذ ما هو المأمور به هو مجموع المقتضي والشرط لا خصوص الشرط كي يكون الأمر بالصلاة قائما أمراً غيريا.

هناك عندهم ملاك في الجامع بين هذا وهذا بين الصلاة جالسا والصلاة قائما هذا الملاك استوفاه وهناك ملاك اقتضائي في الصلاة قائما يصبح فعليا بخصوصية القيام، ألمْ نقل: إن الملاك ذو مرتبتين مرتبة قد منه قد استوفاها وأما الاقتضاء للملاك التام فهو قابل للتحصيل إذا وجدت معه الشرط الملاك مرتبتان مرتبة استوفاها بالصلاة جالسا بقيت المرتبة اللزومية هذه المرتبة الباقي اللزومية تحتاج إلى مقتض وشرط فالمقتضي لها الصلاة قائما والشرط هو خصوصية القيام وهذا مصحح للأمر النفسي هذا ما ذكره الأصفهاني.

الوجه الثاني: ما ذكره المحقق العراقي «قدس سره» في مقالات الأصول، قال: الأمر الاضطراري للصلاة جالسا إما أن يحمل على الصورة الأولى أو يحمل على الصورة الثانية وفي كلتا الصورتين يقتضي الإجزاء لأن الصورة الأولى تعني وفاء الصلاة الاضطرارية بتمام الملاك والصورة الثانية وفاءه بالمعظم مع كون الباقي مستحبا، لكن لو حملنا الأمر الاضطراري على الصورتين الأوليين للزم من ذلك أن يكون الأمر الاضطراري أمراً تخييريا لأنه مخير بين أن ينتظر فيصلي الصلاة الاختيارية وبين أن يبادر فيصلي صلاة اضطرارية وكلاهما وافيا بالملاك فمقتضى ذلك أن يكون الأمر الاضطراري أمراً تخييريا وهذا خلاف الأمر الاضطراري المريض يصلي جالسا هو الأمر التعييني فإذا لا نصير إلى هذا الاحتمال.

وإذا حملنا الأمر الاضطراري على الفرض الرابع أن يكون وافيا بدرجة وتبقى درجة لزومية، يقول أيضاً إذا حملناه على الفرض الرابع فإنه وإن كان منافيا للإجزاء لكن الأمر التعييني به بلا مبرر؛ لأنه على أية حال سيحتاج إلى امتثال الأمر الاختياري فأمره تعيينا بالصلاة جالسا بلا مبرر ما دام على أية حال سيحتاج إلى امتثال الأمر الاختياري إذن فبإمكانه أن ينتظر إلى أن يرتفع اضطراره فيصلي اختيارا فلا مبرر للأمر التعييني بالصلاة جالسا يعني بالفرد الاضطراري وهذا مناف لظاهر الأمر الاضطراري في كونه أمراً تعيينا.

فيتعين حمل الأمر الاضطراري على الفرض الثالث وهو ما إذا كانت الصلاة الاضطرارية وافية بمعظم الملاك والباقي وإن كان لازما لكن يتعذر تحصيله بعد الصلاة الاضطرارية فبمجرد أن يتأتي بالصلاة الاضطرارية يسقط الأمر الاختياري لأنه لا يمكن تحصيل ملاكه.

فان قلت: فما هو الوجه في كون الأمر بالصلاة الاضطرارية تعيينا مع كونه مفوتا لمقدار من الملاك بحيث لا يمكن تحصيله.

فقال: هنا يوجد أمران تعيينيان الأمر الاختياري تعييني لأنه هو المحصل للملاك التام، والأمر الاضطراري أيضاً تعييني لأن الفرد الاضطراري محظور عقلا حيث إنه بالإتيان به ستفوت مرتبة من الملاك فكان محظورا عقلا فإذا كان محظورا عقلا لأجل ذلك أمر الشارع به تعيينا لرفع الحظر العقلي فهو أمر لا بداعي البعث بل بداعي رفع الحظر العقلي، فان ما أمر بالفرد الاضطراري تعيينا لا لكونه محصلا للملاك التام بل هو مفوت إنما الداعي للأمر التعييني به أن يرفع الحظر العقلي.

ويلاحظ على ما أفيد أنه كما أن حمل الأمر الاضطراري على كونه أمراً تعيينا خلاف الظاهر كذلك حمل الأمر على أنه ليس بداعي البعث والمحركية وإنما بداعي رفع الحظر العقلي أردأ من الأول في مخالفة الظاهر مضافا إلى أنه يكفي في الحظر العقلي الترخيص ولا حاجة للأمر التعييني فلا مناسبة بين التعيين وبين الداعي له وهو مجرد رفع الحظر العقلي فما أفيد غير تام.

الوجه الثالث: ما ذكره العراقي أيضاً ولكن لم يرتضه وإنما أشكل عليه حيث قال: لما كان الأمر الاضطراري ظاهرا في تعيين مصداق الطبيعة المأمور بها إذ المريض يتساءل ما هو المصداق المأمور به في هذا الفرض في فرض مرضي فيأتيه الأمر الاضطراري ليقول له: إن المصداق المأمور به أنت في هذا الفرض هو الصلاة جالسا فظاهر سياق الأمر الاضطراري تعيين مصداق الطبيعة المأمور بها فبما أن هذا هو ظاهر سياق الأمر الاضطراري فمقتضى إطلاقه أن ما أتى به مصداق للطبيعة المأمور بها بتمام مراتبها وإلا لعين أنه مصداق للطبيعة بلحاظ مرتبة دون مرتبة فمقتضى إطلاقه أنه مصداق للطبيعة المأمور بها بتمام مراتبها ولازم ذلك أي والمدلول الالتزامي لذلك وفاء الفرد الاضطراري بالملاك إذ لو لم يكن وافيا بالملاك لما كان مصداق للطبيعة المأمور بها بتمام مرابتها.

إذن فالنتيجة هي الإجزاء.

لكن العراقي أشكل على هذا الوجه أولا بالحكومة ثم بتقدم أحد الظهورين على الآخر ثم بالمعارضة وكل منهما تنزلي.

فادعى أولا أن إطلاق الأمر الاختياري حاكم على إطلاق الأمر الاضطراري - يعني عكس الذي أثبتوه والقائلين بالإجزاء - بيان ذلك: أن الأمر الاختياري ظاهر في أن الجزء الذي اخل به وهو القيام دخيل بالملاك فان ظاهر الأمر بالصلاة قائما أن القيام دخيل في الملاك بحيث لا يتحقق ملاك الصلاة إلا به إذا قوي فليقم، فمقتضى ظهوره في أن الجزء الذي اخل به دخيل في الملاك أنه ليس مضطرا فإذن لسان إطلاق الدليل الاختياري لسان الحكومة ورفع الموضوع فالأمر الاضطراري يقول: من كان مضطرا فليصلي جالسا لكن الأمر الاختياري يقول: أنت لست مضطرا لأن القيام دخيل في الملاك وأنت لم تأت بالملاك بعد فلسان إطلاق الدليل الاختياري حاكم على إطلاق الدليل الاضطراري لأنه رافع لموضوعه، هذه الدعوى الأولى للعراقي.

الدعوى الثانية: قال: وإن لم تتم الحكومة فظهور الأمر الاختياري مقدم على ظهور الأمر الاضطراري لأن شمول الأمر الاضطراري لمن تجددت قدرته بالإطلاق بينما ظهور الأمر الاختياري في أن القيام دخيل في الملاك على كل حال بالظهور الوضعي وعند التعارض يكون الظهور الوضعي هو المقدم فيقدم ظهور الأمر الاختياري على ظهور الأمر الاضطراري.

فإن لم تقبل بذلك فيحصل تعارض بين إطلاق الأمر الاختياري وإطلاق الأمر الاضطراري، فان مقتضى إطلاق الأمر الاضطراري أن من صلى جالسا أجزأته ولو تجددت قدرته ومقتضى إطلاق الأمر الاختياري لأنه يلزم الصلاة قائما حتى لو صلى جالسا فيتعارض الإطلاقان، وبعبارة علمية له - للعراقي - أن مفاد الأمر الأمرُ الاختياري أن الملاك لا زال باقيا لم تحصله لأن القيام دخيل فيالملاك إذن فالملاك لا زال باقيا لم تحصله فيجب عليك أن تحفظ قدرتك حتى تأت بالملاك التام، وهذا يتعارض مع الأمر الاضطراري الذي يقول لك: بادر وصلي جالسا إذ لا يمكن الجمع بين من يقول: بادر وصلي جالسا وبين من يقول: إن الملاك التام لا يمكن تحصيله إلا بالقيام فيجب عليك أن تتحفظ على قدرتك إلى أن تأت بالقيام وهما متعارضان ومقتضى التعارض التساقط وحينئذ مقتضى قاعدة الاشتغال أن يأت بالصلاة الاختيارية.

ولكن يرد على هذه الدعاوى:

أولا: بأن دعوى الحكومة غير تامة لأنه إنما يعتبر الدليل حاكما إذا كان ناظرا للدليل المحكوم والمقوم للنظر أن يتصرف في دليل الموضوع أو محموله ولا يوجد تصرف في البين فلو قال المولى: ليس للصائم أن يفطر ثم قال: من افطر فعليه الكفارة فهل الأول حاكم على الثاني وأي علاقة بين النهي التكليفي عن الإفطار وبين أنه لو افطر للزمته الكفارة فكذلك في المقام غاية ما يستفاد من الأمر الاختياري النهي عن تفويت الملاك وانه يجب عليك أن تتحفظ على قدرتك إلى أن تأتي بالقيام المحصل للملاك التام ولكن لو اضطررت فأتيت بالصلاة جالسا فإذن لا يوجد حكومة بين الدليلين فهذا الدليل مفاده مفاد تكليفي وهو صل قائما وليس لك أن تعجز نفسك عن الصلاة قياما وذلك الدليل يقول: من اضطر فليصل جالسا فلا يوجد حكومة من الأول على الثاني لأن الأول لا يرفع موضوع الثاني.

وثانيا: قد يدعى أن الحكومة بالعكس وهو حكومة إطلاق الأمر الاضطراري على إطلاق الأمر الاختياري فيقال بما أن الأمر الاضطراري ناظر لحكم لصلاة بالعنوان الثانوي فهو ناظر للأدلة الأولية وحاكم عليها بمقتضى كونه بيانا لحكم الصلاة بالعنوان الثانوي ومع حكومته عليه فلا يلحظ أن الظهور وضعي أو إطلاقي فان الحاكم قرينة شخصية على المحكوم وإن كانت الحكومة بالإطلاق بينما المحكوم ظهوره ظهور وضعي فالظهور الوضعي إنما يقدم على الظهور الإطلاقي إن لم يكن الظهور الإطلاقي ناظرا إليه حاكما عليه وإلا لكان المقدم هو العكس.

وثالثا: أنه أفاد «قدس سره» أن دليل الأمر الاختياري ظاهرا ظهورا وضعيا في دخل القيام في الملاك وهذا صحيح لا كلام فيه ولكن هذا ليس محل بحثنا وإنما محل بحثنا الشمول ظهوره في أن القيام دخيل في الملاك حتى بعد أن صلى الصلاة الاضطرارية وشمول ظهوره لهذا الفرد إنما هو بالإطلاق لا بالظهور الوضعي فرجع الأمر للإطلاقين.

الوجه الأخير ما ذكره الميرزا النائيني قال: قام الإجماع على عدم وجوب صلاتين في وقت واحد من سنخ واحد بمعنى أن تجب الظهر مرتين في وقت واحد، فمقتضى هذا الإجماع أنه أن الأمر الاضطراري كاشف عن وفاء الصلاة الاضطرارية بالملاك وأنها مجزئة إذ لو فرض أن فرد الاضطراري ليس وافيا بالملاك وانه ما زال جزء من الملاك ملزم يمكن تحصيله فلازم ذلك وجوب صلاتين عليه من سنخ واحد في وقت واحد وهو مخالف للإجماع.

ولكن يلاحظ عليه أن غاية ما يستفاد من النصوص وهو أن المكلف خوطب بسبعة عشر ركعة في اليوم الواحد وقام الإجماع أيضاً على ذلك أنه لا يرد أمران تعيينيان على صلاة في وقت واحد ولكن هذا ليس المدعى إذ ربما يقول قائل: إنه مأمور أمراً تخييرا بمعنى أن المكلف المريض أمر بالجامع بين أن يصلي جالسا أو ينتظر فيصل قائما فلا يوجد أمران تعيينيان بصلاة واحدة في وقت واحد كي يكون منافيا للإجماع بل هذا المصلي أمر بالجامع فإذا أتى بأحد فردي الجامع فقد حقق الملاك القائم بالجامع وبقي مقدار ملزم من الملاك يمكن تحصيله بالفرد الاختياري فيلزمه تحصيله بمقتضى إطلاق الأمر الاختياري.

فما أفيد غير تام.

والحمد لله رب العالمين