الدرس 76

تحرير دروس الحوزة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

ذكرنا فيما سبق أن سيدنا «قدّس سرّه» في مصباح الأصول قد استفاد من موثق بكير «هو حين يتوضا اذكر منه حين يشك» اعتبار الاذكرية بمعنى أنه يعتبر في جريان قاعدة الفراغ أن يكون النافي لاحتمال الخطا أو الغفلة هو الاذكرية فإذا احتمل أنه أخل بجزء أو شرط لغفلة أو نسيان أو خطا نفى هذا الاحتمال بأنه اذكر حين العمل فلأجل ذلك لو احرز بأنه ليس باذكر أي احرز بأنه غافل حين العمل فإن هذا المورد خارج موضوعا وتخصصا عن مورد قاعدة الفراغ، فلا بد أن يحتمل الاذكرية كي ينفي باذكريته احتمال الخطا أو الغفلة وما اشبه ذلك.

وقال: إنه يستفاد من هذه الفقرة «هو حين يتوضا اذكر منه حين يشك» شرط شرعي صاغه بصياغات ثلاث كما يظهر من كلامه من ص306 - 611. العبارات فيها اضطراب فتارة يقول بأن الشرط في جريان قاعدة الفراغ عدم انحفاظ صورة العمل وتارة يقول بأن الشرط في جريان قاعدة الفراغ أن يشك في فعله لا في أمر خارج عن فعله وتارة يقول بأن موضوع قاعدة الفراغ أن يشك في قيد اختياري لا في قيد غير اختياري وسبق الكلام في الصياغة الأولى وهي أن الشرط في جريان قاعدة الفراغ عدم انحفاظ صورة العمل. وصل الكلام إلى الصياغة الثانية: أن موضوع قاعدة الفراغ أن يشك في فعله والسر في ذلك أن موثقة بكير عللت جريان القاعدة بأن المكلف اذكر وإنما يكون المكلف اذكر فيما يدخل في فعله وأما ما هو خارج عن حريم فعله من الاوصاف الواقعية فالمكلف بلحاظها لا اذكر ولا غير اذكر، إذن فما دامت هذه النصوص عللت جريان القاعدة بالاذكرية والاذكرية إنما تتصور فيما هو فعل للمكلف فلا محالة موضوع القاعدة ما كان الشك في فعله فإذا شك هل أنه توضا بالماء أو توضا باللبن فهنا تاتي قاعدة الفراغ لأنّه يشك في فعله واما إذا احرز أنه توضا بهذا المائع لا شك فيه لكن لا يدري أن هذا المائع ماء أو لبن فالشك ليس في فعله وإنما الشك في وصف واقعي لمتعلق الفعل وحينئذ اتصاف هذا المائع بكونه ماء أو عدم اتصافه أمر واقعي خارج عن دائرة فعل المكلف فلا يكون المكلف اذكر. إذن فهو خارج موضوعا عن قاعدة الفراغ. هكذا أفاد في بعض عبارات التقرير.

وهنا تعليقان:

التعليق الأول: أن بين هذه الصياغة والصياغة السابقة اختلافا لأن عدم انحفاظ صورة العمل اخص من جهة من الشك في الفعل والسر في ذلك أنه قد تنحفظ صورة العمل ومع ذلك يشك في فعله فلا ملازمة بين الصياغتين كي تكون عبارتين عن معنى واحد بل قد يشك في فعله مع أن صورة العمل محفوظة نظير ما إذا احرز أنه صلى إلى هذه الجهة فصورة العمل محفوظة وليست مشكوكة لأنّه يقطع أنه صلى إلى هذه الجهة لكن لا يدري هل أنه أثناء الصلاة احرز أن هذه الجهة قبلة فلذلك صلى إليها أم أنه لم يحرز ذلك؟ فصورة العمل هنا وان كانت محفوظة إلا أن مصب الشك هو فعله لأنّه يشك في احرازه لكون الجهة قبلة أو عدم كونها قبلة فمجرد أن صورة العمل منحفظة هذا لا ينفي موضوع قاعدة الفراغ وهو الشك في الفعل فلو أخذنا بالميزان الأول يعني بالصياغة الأولى أنه يعتبر في جريان قاعدة الفراغ أن لا تنحفظ صورة العمل إذن لا تجري قاعدة الفراغ في هذا المورد لأن صورة العمل محفوظة بينما إذا أخذنا بالصياغة الثانية أن يشك في فعله فصورة العمل التكويني وهو الصلاة إلى هذه الجهة وان كانت محفوظة محرزة إلا أنه ما زال يشك في فعله هل صلى إلى هذه الجهة عن إحراز أم لم يصل عن إحراز بل كان غافلا أو معتبطا أو مقترحا وما اشبه ذلك.

التعليق الثاني التعليق على أصل الاستفادة حيث إن سيدنا استفاد من هذه الكلمة «هو حين يتوضا اذكر منه حين يشك» أن موضوع قاعدة الفراغ أن يشك في فعله فاستفاد من التعبير بالاذكرية ذلك فكأن اعتبار الاذكرية دال بالدلالة الالتزامية على أن موضوع قاعدة الفراغ أن يشك في فعله هل أن هذه الاستفادة تامة أم لا؟

فنقول بأن هذه اعم والسر في ذلك؛ أن التعبير بالاذكرية - كما اشار إليه في هذه الصفحات التي ذكرناها - يدل على أنه إذا دار الأمر بين الاذكرية والغفلة كانت الاذكرية مرجحة هذا الذي يدل عليه يعني متى ما دار شكك بين غفلة أو ذكر فقل انك ذاكر لا اكثر من ذلك، هو حين يتوضا اذكر منه حين يشك يعني إذا احتمل أنه غفل فأخل اي احتمل أنه لغفلته أخل فهذا الاحتمال منفي بأنه اذكر ولذلك هو قال في ص306 أن قاعدة الفراغ ليست قاعدة تعبدية بل هي امضاء لاصل عقلائي ألا وهو أصالة عدم الغفلة، إذن لا يستفاد من هذه العبارة اكثر من أنه إذا احتملت الغفلة فاخللت لأجل الغفلة فاحتمالك منفي بالاذكرية هذا شيء وان يكون موضوع قاعدة الفراغ الشك في فعله هذا شيء آخر فإن الشك في الفعل اوسع دائرة من أن يكون المحتمل الخلل لأجل الغفلة بل قد يحتمل الخلل لأجل شيء آخر فالشك في الفعل اوسع دائرة والسر في ذلك نفس ما ذكره في المثال فنحن دخلنا في قاعدة الفراغ لأجل المثال الذي أتى به فلنرجع للمثال الذي أتى به، لو أن المكلف بعد أن صلى سنين راجع نفسه أنه انا في هذه الصلوات لم اكن أسبّح في الركعة الثالثة ثلاث مرات جزما لكن هل انا تركت التسبيحتين الاخريين لأجل جهل قصوري مني أو لأجل جهل تقصيري بمعنى اني لم اراجع الرسالة العملية أو لم استند لفتوى فقيه جامع للشرائط فهنا الشك في فعله لكنه لا يرجع إلى احتمال الغفلة وإنما يقول أن الخلل لو وقع لوقع عن جهل تقصيري فهو يحتمل أن الخلل استند إلى تقصير ولم يستند إلى قصور فإذا احتمل أن الخلل استند إلى تقصير ولم يستند إلى قصور فالشك في فعله لكن مع ذلك ليس ناشئا عن احتمال الغفلة كي ينفى بالاذكرية فليس كلما كان الشك في فعله كان الشك منفيا بالاذكرية لأن الشك الذي ينفى بالاذكرية ما إذا كان احتمال الخلل صادرا عن احتمال الغفلة لا ما إذا كان صادرا عن احتمال التقصير من قبله فكيف يستفاد من التعليل بالاذكرية أن موضوع قاعدة الفراغ الشك في فعله؟

إلا أن يقول - وهو لم يقل - أن مقصودي بالاذكرية الاعم بمعنى أن قوله «هو حين يتوضا اذكر منه حين يشك» المقصود به هو حين يتوضا كان مريدا للامتثال ومقتضى ارادته للامتثال أن يتحرز عن الخطا والغفلة والتقصير وما اشبه ذلك فالمراد بالاذكرية ارادة الامتثال لا أن المراد بالاذكرية احتمال الغفلة. هذا بالنسبة إلى الصياغة الثانية.

الصياغة الثالثة التي ذكرها وركز عليها اكثر قال المستفاد من «هو حين يتوضا اذكر منه حين يشك» أن موضوع قاعدة الفراغ أن يشك في قيد اختياري والسر في ذلك أن العمل المأمور به على قسمين: قيود اختيارية كالطهارة والاطمئنان، وقيود غير اختيارية مثل كون هذه الجهة قبلة وكون هذا المائع ماء وغير ذلك فإن هذه وان كانت قيود شرعية للمامور به لكنها قيود غير اختيارية فإن كان الشك في قيد اختياري كان مجرى لقاعدة الفراغ لأنّه بلحاظ القيد الاختياري يكون اذكر وغير اذكر اما إذا كان القيد غير اختياري فهو خارج موضوعا عن الاذكرية وعدمها.

ولكن هذا كما ترون فقد ذكر هو بنفسه في بحث الاستصحاب حيث نوقش في استصحاب القيد لإثبات التقيد واشكل هناك بأن هذا الاستصحاب أصل مثبت فقال هناك لو قال شخص إذا شك المصلي أنه على طهارة أم لا وكانت الحالة السابقة هي الطهارة نستصحب الطهارة إلى حين الصلاة فإذا استصحبنا الطهارة إلى حين الصلاة ثبت أن الصلاة مع الطهارة، فردَّ ذلك فقال: أن المأمور به ليس هو القيد وإنما المأمور به هو التقيد فالامر الضمني لم يتعلق بالطهارة بل تعلق بتقيد الصلاة بالطهارة واستصحاب القيد لا يثبت التقيد بل هو من باب الأصل المثبت، فإذا كان متعلق الأمر الضمني في باب الشروط التقيد لا ذات القيد فلا يهمنا أن القيد اختياري أو غير اختياري إذ ما دام متعلق الأمر الضمني هو التقيد والتقيد هو أمر اختياري فبالنتيجة متى ما شك في قيد من قيود المأمور به فقد شك في أمر اختياري وهو التقيد والنتيجة هو جريان قاعدة الفراغ حتّى لو شك أن هذا المائع ماء أم لا فإن تقييد الوضوء بكون المائع ماء أمر اختياري له وتقييد الصلاة بكون الجهة قبلة أمر اختياري له واشباه ذلك.

فتحصل: أن سيدنا أفاد أن المكلف إذا شك في أن اخلاله في صلاته كان عن جهل قصوري أو جهل تقصيري قال هذا مجرى لقاعدة الفراغ فنقول إنما تنطبق قاعدة الفراغ على هذا المورد بناء على بعض الصياغات دون بعض فانما تنطبق قاعدة الفراغ على هذا المثال إذا كان الميزان المستفاد من موثقة بكير أن موضوع قاعدة الفراغ أن يشك في فعله وهو الميزان الثاني واما إذا اعتبرنا بالميزان الأول وهو أن لا تنحفظ صورة العمل فصورة العمل في مقام محفوظة وليست مشكوكة هذا هو تمام البحث.

وانتهينا إلى أن قاعدة لا تعاد تشمل الجاهل القاصر ولا تشمل الجاهل المقصر خلافا للسيد الشهيد وشيخنا الاستاذ قدس سرهما الذين ذهبا إلى شمول قاعدة لا تعاد حتّى للجاهل المقصر إذا كان غافلا وان كانت غفلة عن تقصير منه.

يقع الكلام الآن في المقام الثالث والاخير: هل أن قاعدة لا تعاد تختص بباب الصلاة أم تشمل سائر الابواب؟

وقد ذكر المحقق العراقي وغيره أن قاعدة لا تعاد بمقتضى ذيلها لا تنقض السنة الفريضة عامة فإن هذا الذيل ذكر مسوقا مساق التعليل وبيان الكبرى فمقتضى عموم التعليل أنه في كل مركب شرعي ياتلف من سنن وفرائض فإن الاخلال بالسنة لا ينقض الفريضة، وهذا ما ذكره سيدنا الخوئي «قدّس سرّه» في بحث الحج حيث ذكر في بحث الحج ما هو خلاف ما ذكره في بحث الصلاة فقد أفاد في بحث الصلاة أن قاعدة لا تعاد خاصة بباب الصلاة بينما أفاد في بحث الحج بأن هذه الكبرى عامة وهي لا تنقض السنة الفريضة فلو أخل بسنة من سنن الحج كما لو أخل برمي الجمرة عن نسيان أو جهل قصوري فإن حجه صحيح لأن السنة لا تنقض الفريضة لكنه لم يفت بذلك إلا أن السيد الاستاذ دام ظله قال بالتعميم وافتى به فقد افتى في عدة موارد بأن السنة لا تنقض الفريضة مثلاً:

«المورد الأول» من مسح راسه برطوبة اجنبية عن جهل قصوري قال وضوؤه صحيح لأن السنة لا تنقض الفريضة ذلك لأن اشتراط أن يكون المسح ببلة الوضوء هذا من السنة وليس من الفريضة فقد أخل بالسنة عن جهل قصوري بخلاف ما لو مسح على رطوبة فإنه لا يصح وضوؤه فلو فرضنا أن على مقدم راسه رطوبة قبل المسح فمسح على الرطوبة فإنه لا يجزي لأنّه أخل بالفريضة وذلك لأنّه لا يصدق أن اليد مسحت إلا إذا لم يكن المكان رطبا وإلا لاحتمل أن اليد ممسوحة لا أن اليد ماسحة فلا يصدق أنك مسحت راسك بيدك إلا إذا كان المكان خاليا من الرطوبة لولا هذا المسح وإلا لو كان المكان مرطوبا - يعني ليس نداوة لا تخل بصدق المسح - رطوبة معتد بها فإن التمسك بقوله «وامسحوا برؤسكم» تمسك بالدليل في الشبهة المصداقية لأنّه لا نحرز انك مسحت فلعل يدك مسحت بالمكان لا أن يدك مسحت المكان إذن فقد تمسك بالقاعدة في مثل هذا المورد.

«المورد الثاني» كما أنه في بحث الصوم أيضاً تمسك بها فقال من تقيأ في الصوم أو رمس راسه بناء على أن رمس الراس من المفطرات وما اشبه ذلك أي من ارتكب مفطرا غير الاكل والشرب والجماع من ارتكب مفطر غير الثلاثة عن جهل قصوري فصومه صحيح لأنّه أخل بالسنة عن جهل قصوري فمفطرية ما عدا الثلاثة من السنن لا من الفرائض.

«المورد الثالث» وايضا أفاد في الحج أن من زاد في طوافه أو زاد في سعيه عن جهل قصوري فإن طوافه صحيح لأن السنة لا تنقض الفريضة.

«المورد الرابع» وايضا افتى في التذكية بأن من أخل بالاستقبال حال التذكية عن جهل قصوري فإن التذكية حصلت واللحم حلال وذلك لأنّه أخل بهذا الشرط عن جهل قصوري وهكذا فهو التزم بالكبرى وافتى على طبقها.

والكلام هنا يقع هل أن هذه الكبرى تشمل سائر الابواب أم لا؟

فنقول: ليست المشكلة في مفاد ذيل صحيحة لا تعاد فإن ذيلها ظاهر في التعليل والشمول إنما الكلام هل يمكننا تطبيقها في كل مورد بمجرد أن حكمه لم يثبت في الكتاب أم لا هذه هي المشكلة وهذا يعتمد على تنقيح معنى الفريضة على السنة، وهنا معان ثلاثة مستفادة من كلمات الاعلام:

المعنى الأولى: ما ذهب إليه سيدنا الخوئي والسيد الإمام قدس سرهما من أن معنى الفريضة ما فرض في الكتاب والسنة ما فرضه النبي صلى الله عليه واله وبناء على ذلك فالامر واضح فكل ما فرض في الكتاب فالاخلال به موجب للفساد وكل ما فرضه النبي ولم يفرض في الكتاب فإن الاخلال به لا يوجب الفساد لأنّ السنة لا تنقض الفريضة فعلى هذا التفسير للسنة والفريضة يكون التطبيق واضحا.

المعنى الثاني: أن المراد بالفريضة ما فرضه الله ولو في غير الكتاب فما فرضه الله وكان النبي والمعصوم مبلغا ومخبرا عنه فهو فريضة والسنة ما صدر عن النبي صلى الله عليه واله أو المعصوم بولايته على التشريع وهذا المعنى الذي طرحناه مؤيد بشاهدين:

«الشاهد الأول»: أن النصوص اطلقت على الاوليين من الرباعية انها فريضة مع انها لم تذكر في الكتاب واطلقت على الركعتين الاخريين في الرباعية على انها سنة لاحظوا صحيحة الفضيل بن يسار، ح2 ب13 من ابواب اعداد الفرائض سمعت أبا عبد الله يقول في حديث إن الله عز وجل فرض الصلاة ركعتين ركعتين عشرة ركعات فاضاف الرسول صلى الله عليه واله إلى الركعتين ركعتين وإلى المغرب ركعة فصارت يعني الركعة الثالثة عديل الفريضة يعني اعتبر الركعتين الاوليين فريضة لا يجوز تركهن إلا في سفر وافرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر والحضر فاجاز الله له ذلك كله فصارت الفريضة سبعة عشر ركعة ثم سن رسول الله صلى الله عليه واله النوافل 34 ركعة فاجاز الله له ذلك إلى آخر الرواية.

الرواية الثانية هي صحيحة زرارة ح12 من نفس الباب عن أبي جعفر قال: عشر ركعات ركعتان من الظهر وركعتان من العصر وركعتا الصبح وركعتا المغرب وركعتا العشاء الآخر لا يجوز الوهم فيهن - يعني الشك مبطل لها - من وهم في شيء منهن استقبل الصلاة استقبالا وهي الصلاة التي فرضها الله عز وجل وفوض إلى محمد صلى الله عليه واله فزاد النبي صلى الله عليه واله في الصلاة سبعة ركعات هي سنة ليس فيهن قراءة إنما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء فالوهم إنما يكون فيهن، فزاد رسول الله صلى الله عليه واله في صلاة المقيم غير المسافر ركعتين في الظهر والعصر والعشاء والاخرة وركعة في المغرب للمقيم والمسافر إلى آخر الرواية.

فإن التعبير عن الركعتين الاوليين فريضة مع أنه لم يفرض في الكتاب والركعتين الاخيرتين سنة شاهد على أن المراد بالفريضة ما فرضه الله ولو في غير الكتاب.

و«الشاهد الثاني» على ما نقول إنه قد يذكر أمر في الكتاب لا على سبيل الفرض نظير السعي بين الصفا والمروة حيث قال «أن الصفا والمروة من شعائر الله» وخبرها مقدر أي: شعيرتان من شعائر الله «فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما» فهنا ذكر السعي ولكنه لم يذكره على سبيل الالزام والفرض وإنما ذكره على سبيل الرجحان فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما مع أن السعي بين الصفا والمروة مما لا إشكال في لزومه وركنيته بحيث لو أخل به لكان الحج فاسدا مع أنه لم يذكر في الكتاب على سبيل الفريضة مما يؤكد لنا أن المراد بالفريضة ما فرضه الله ولو في غير الكتاب.

يأتي الكلام في بقية المعاني إن شاء الله تعالى

والحمد لله رب العالمين