أحكام الأسهم

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

أردنا التنبيه هذا اليوم بمقدار بعض الدقائق على مسألة شراء الأسهم من البنوك أو الشركات، شراء الأسهم تارة يكون من البنوك وتارة يكون من الشركات التي تعرض بيع الأسهم من خلال وسائلها الإعلامية المعروفة.

1 - بالنسبة إلى شراء الأسهم من البنوك:

هنا فقهاؤنا يقولون:

1. السهم تارة له «وجود حقيقي».

2. وتارة يكون له «وجود اعتباري».

مثلا: إذا كان هناك مستشفى أو كانت هناك مدرسة أو كانت هناك مثلا مراكز تجارية تباع أسهمها، هنا السهم له وجود حقيقي، يعني أنت عندما تشتري السهم في الواقع أنت تشتري سهم من المدرسة، تشتري سهم من المستشفى، تشتري سهم من المركز التجاري، فالسهم هنا له وجود حقيقي، فشراء السهم إذا كان السهم في الواقع، السهم الذي يعرضه البنك أو تعرضه الشركة، إذا كان هذا السهم سهمًا من شيء مجسّد معروف «مستشفى، مدرسة مثلا، مركز تجاري..» ما أشبه ذلك من الأمور هنا السهم له وجودٌ حقيقيٌ، فأنت عندما تشتريه يكون الشراء حقيقيًا وجائزًا ولا إشكال فيه أبدًا.

أما إذا كان السهم ليس له وجود حقيقي، يعني فقط البنك أو الشركة من أجل زيادة رأس المال ليس إلا، لا يوجد شيء حقيقي اسمه مستشفى أو اسمه مستوصف أو اسمه مدرسة أو اسمه شيء آخر، لا، البنك من أجل زيادة رأس المال أو الشركة من أجل زيادة رأس المال تعرض أسهم، والناس يشترون من هذه الأسهم، هنا الشراء ليس شراء حقيقيًا، ليس للسهم وجود حتى يشترى، فالشراء شراء صوري وليس شراء حقيقيًا، يعتبر في الشراء الحقيقي أن يكون المشترى له وجود حقيقي، المشترى هنا ليس وجودًا حقيقيًا، سهم، يعني ماذا سهم؟! يعني الشركة تريد زيادة رأس المال فتعرض أسهم، السهم هنا ليس له وجود حقيقي، فبما أنه ليس له وجود حقيقي الشراء ليس شراء حقيقيًا، بل الشراء شراءٌ صوريٌ هو عبارة عن شِرْكَة، يعني أنا الآن هذا بنك قائم، البنك القائم قال أنا أريد أن أعرض أسهم، السهم مثلا بمئة ريال، أنا أتيت دفعت مئة ريال، بمجرد أن أدفع مئة ريال صرت شريكًا في البنك، هذا يسموه شِرْكَة وليس شراء، اسمه شراء لكن هو في الحقيقة ليس شراء، أنا بمجرد أن دفعت مئة ريال صرت شريكًا في البنك بنسبة مئة ريال لمجموع ميزانية البنك، دفعت ألف ريال صرت شريكًا في البنك بنسبة ألف ريال لمجموع ميزانية البنك، وهكذا...

فالشراء هنا يكون شِرْكَة وليس شراءً حقيقيًا، إذا صار شِرْكَة هنا يقول بعض الفقهاء ومنهم السيد الخوئي - قدس سره - والشيخ الأستاذ الشيخ التبريزي يقولون: لا يجوز، لماذا؟ يقولون: أنت بمجرد أن تشتري السهم تصبح شريك فإذا أصبحت شريكًا في هذا البنك فأي معاملة ربوية يقوم بها البنك أنت تكون شريكًا فيها من حيث لا تدري، مرد الأمر على الشِرْكَة في المعاملات الربويّة، طبعًا البنك لا يتوقف عن المعاملات الربويّة، كل لحظة تمر يقوم البنك بمعاملات ربوية سواء في الداخل أو في الخارج لأن البنك ليس هذا البنك الموجود في داخل المملكة، هذا البنك تمتد فروعه في العالم وفي كلّ المناطق، ففي كلّ لحظة تمر المعاملات الربوية حاصلة، أنت بمجرد تشتري السهم، تدفع ألف ريال تقول: «اشتريت السهم بألف ريال» أصبحت شريكًا في البنك، بعد أن أصبحت شريكًا في البنك أي معاملة ربوية يقوم بها البنك في أي لحظة فأنت شريكٌ فيها، والشِرْكَة في المعاملات الربوية محرمة، إذن بالنتيجة: يكون شراء الأسهم محرمًا.

إلا إذا استطعت أن تهرب من المعاملة الربوية بطريقة معينة، يعني مثلا تجيب المشتري معك وتدخله البنك، قبل أن تشتري أي سهم، والمشتري معك في يدك تدخل البنك تقول: «اشتريت السهم بمئة وبعته بمئة وعشرين عليك» في آن واحد، تشتري السهم وتبيعه على المشتري الحاضر في عبارة واحدة وفي آن واحد بحيث تتخلص من مرور أيّ معاملة ربويّة على هذا الشخص، هل هذا يمكن؟! يمكن هذا الشيء؟! إذا هذا الشيء يمكن بأن تشتري السهم وتبيعه في آن واحد قبل أن تمر أيّ معاملة ربويّة على السهم يجوز، إذا يمكن يجوز، أمّا بالفعل أنّه غير ممكن الإنسان يشتري ويبيع في آن واحد قبل أن تمر أيّ معاملة ربويّة على البنك.

إذن بالنتيجة: على رأي السيد الخوئي والشيخ التبريزي يكون الشراء محرمًا لأنّ الشراء شركة في المعاملات الربويّة، السيد السيستاني يقول: لا، بإمكانك أن تتخلص من هذه النسبة بعدم الإذن، كيف «بعدم الإذن»؟

هو يرى محور الإشكال هو النسبة، يعني الآن أنا صرت شريكًا في البنك، هذا شيءٌ صحيحٌ، بمجرّد أن اشتريت السّهم بألف ريال مثلاً صرت شريكًا في البنك بنسبة ألف ريال، البنك الآن قام بمعاملة ربويّة، تنتسب المعاملة الربويّة إلى جميع الشركاء، ومنهم أنا الذي شاركت بألف ريال، انتسبت المعاملة الربويّة إلى جميع الشركاء ومنهم أنا، حتى نتخلص من محذور النسبة - يعني لا تنتسب لي المعاملة الربويّة - يقول السيد السيستاني ألا تأذن لهم، يعني تأتي أنت تعطي البنك ألف ريال وتقول: يا إدارة البنك أو أيها الممثل لإدارة البنك، أنت أيها الممثل لإدارة البنك أنا لا آذن لكم باستعمال سهمي في المعاملات الربويّة، سواءً قبلوا أو لم يقبلوا، هم طبعًا لن يقبلوا! يقولون: أنت ساهمت وخيرًا يا طير يعني تأذن أو لا تأذن ليس لك اعتبار! سواءً قبلوا إذنك أو لم يقبلوا إذنك أنت بهذه العبارة تخرج نفسك من النسبة، يعني أنت بمجرّد أن تقول هذه العبارة قولاً جادًا طبعًا، أنت عندما تقول هذه العبارة قولاً جادًا: «أنا الآن اشتريت السهم بألف الريال لكن لا آذن لكم أن تستخدموا هذه الألف الريال التي لي في المعاملات الربويّة» قبلوا منك أو لم يقبلوا، أنت بمجرّد أن تقول أيّ معاملة في البنك لا تنتسب إليك لأنّك أخرجت نفسك من النسبة بهذه العبارة، بمجرّد أن قلت هذه العبارة أخرجت نفسك من النسبة، فأيّ معاملة ربويّة يحدثها البنك لا تنتسب إليك ولا تكون أنت محمّلاً بإثم هذه المعاملة أو تبعات هذه المعاملة، هذه طريقة عنده للتخلص من المحذور ومن أجل جواز بيع الأسهم وتداولها من خلال البنك، هذا بالنسبة إلى سهام البنك.

2 - أمّا بالنسبة إلى سهام الشركات الأخرى غير البنك:

شركات أخرى كما الآن نرى إعلانات عن أسهم الشركات، هذه الشركات مع قطع النظر عن كونها مسلمة أو كافرة إذا كنت تحرز - يعني: تعلم - أنّ الشركة لها معاملات محرّمة «تبيع خمور، تبيع ميتة، تبيع السلاح لأعداء الدين مثلاً..» إذا كنت تحرز أنّ هذه الشركة لها معاملات محرّمة كبيع الخمور أو بيع الميتة أو بيع السلاح لأعداء الدين لا يجوز شراء الأسهم منها أبدًا، أمّا إذا كنت لا تعلم بذلك، أنت تعلم أن هناك شركة عندها هذا العمل ولكن لا تعلم أي شركة هي وليس عندك شبهة محصورة..

1. تارة تكون المسألة «شبهة محصورة».

2. تارة تكون المسألة «شبهة غير محصورة»، كيف يعني «شبهة محصورة» و«شبهة غير محصورة»؟

مثلاً: عندي خمس شركات أمريكية أدري أن واحدة من الشركات الخمس الأمريكية عندها معاملات محرمة، هنا لا يجوز، يسموها شبهة محصورة، يعني شركة من بين خمس شركات، لا يجوز التعامل مع الخمس الشركات كلها، أما إذا الشبهة غير محصورة، أدري أن هناك شركة سواء شركة أمريكية أو شركة بريطانية.. من أين هذه الشركة أنا لا أدري، شركة من الشركات في العالم تتعامل بالمعاملات المحرمة لكن أنا ما أدري هذه الشركة في أي موقع وما هو عنوانها وفي أي جهة، هنا بأنّ الشبهة غير محصورة وأنت لا تحرز ولا تعلم يجوز لك شراء الأسهم من الشركات التي لا تحرز ولا تعلم أنها تتعامل بالمعاملات المحرمة، يجوز شراء الأسهم وبيعها بحسب قانون البيع والشراء المسطر والمرسوم في كتب الرسائل العملية حتى تحترز من الأخطاء الشرعيّة والوقوع في مهاوي الشِرْكَة في المعاملات المحرمة أو الشِرْكَة في المعاملات الربويّة، هذا ما أردنا بيانه مما يتعلق ببيع الأسهم وشرائها لأن المسألة ابتلائية والبحث نؤجله إن شاء الله.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.