الفكر الإماميّ ونظريّة السُّلطة السِّياسيّة

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ

أمنا بالله صدق الله العلي العظيم

انطلاقا من الآية نتحدث حول نظرية الفكر الإمامي في السلطة السياسية في عصر غيبة الإمام المعصوم «عجل الله فرجه الشريف» هناك فرق بين عنوان الحكومة وعنوان الدولة فبحسب المصطلح القانوني عنوان الحكومة: هو عبارة عن القيادة المتمثلة في مجموعة من الأفراد يحملون على عواتقهم أعباء مسؤولية إدارة شؤون البلاد، وإما الدولة فهي المؤسسة الاعتبارية التي تضم عدة مرافق المرافق الصحية، المرافق التعليمية، المرافق البلدية، المرافق الشرطة فهناك فرق بين عنوان الحكومة وعنوان الدولة، ونحن نبحث فعلاً عن عنوان الحكومة، ما هو رأي الفكر الإمامي في الحكومة وفي السلطة السياسية في عصر غيبة الإمام؟

قبل أن ندخل إلى هذا البحث لابد أن نتحدث عن المنطلق لفكرة النظام، ما هو المنطلق وما هي البدرة التي أنطلق منها لتأسيس نظام؟ لتأسيس سلطة؟

عندما نراجع كتب القانون كتب علم الاجتماع وحتى عندما نراجع كتب الفقه الإسلامي نجد أن المنطلق لفكرة وجود سلطة أرتكز على مفردتين:

المفردة الأولى: حكم العقل بلزوم حفظ النظام.

المفردة الثانية: حكم العقل بضرورة إقامة العدالة.

وكلا هاتين المفردتين من أحكام العقل البشري فهي أحكام فطرية بديهية لا خلاف فيها.

المفردة الأولى: العقل البشري الفطري لو رجعنا إليه مع غض النظر إلى وجود دليل من القرآن أو السنة إذا رجعنا للعقل الفطري وجدناه يحكم بضرورة حفظ النظام والمقصود بحفظ النظام ماذا؟!

يعني حفظ الأنفس حفظ الأعراض حفظ الأموال العامة والخاصة لابد من وجود سلطة تتحمل حماية الممتلكات حماية الأعراض حماية الأنفس حماية المصالح العامة والخاصة هذه الضرورة يحكم بها العقل الفطري بلا حاجة إلى دليل وإلا لو لم تكن هناك سلطة تحمي النظام لنهار المجتمع وطغى بعضه على البعض الآخر وهذه المفردة أشار إليها القرآن الكريم في قوله عز وجل: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ «204» وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ الفساد يعني اختلال النظام الاجتماعي.

المفردة الثانية: ضرورة إقامة العدالة: لابد من وجود سلطة تحمل على عاتقها تطبيق العدالة، العدالة: هي إعطاء ذوا الحق حقه فتوفير الحقوق والجمع بين الحقوق العامة والحقوق الخاصة لابد لها من سلطة تقوم بتطبيقها وحمايتها، من هنا أيضاً أشار القرآن الكريم إلى هذه المفردة الثانية بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ، إذن انطلاقا من قاعدتين عقليتين وهما ضرورة حفظ النظام ضرورة إقامة العدالة من هاتين القاعدتين انطلقت فكرة السلطة لابد من وجود سلطة تحمي النظام وتطبق العدالة هذه هو المنطلق لوجود سلطة.

عندما نأتي مثلا إلى جان لوك يعتبر الأب الروحي لديمقراطية البرالية الحديثة جان لوك يقول الهدف من وجود سلطة ثلاثة أمور:

الهدف الأول: حماية الأفراد وحرياتهم وممتلكاتهم وهذا يقتضي وجود سلطة تشريعية تسن قوانين لحماية الناس وحماية أموالهم وحرياتهم.

الهدف الثاني: رفع التداخل والتعارض بين المصالح المتشابكة والمتداخلة وهذا يقتضي وجود سلطة قضائية.

الهدف الثالث: الضمان لتطبيق الحقوق وتفعيلها وهذا يقتضي وجود سلطة تنفيذية.

إذن السلطة في أي مجتمع بشري ترتكز على ثلاث سلطات:

1 - سلطة تشريعية: تسن القانون.

2 - سلطة قضائية: تفض الخصومات.

3 - سلطة تنفيذية: هي الضمان لحماية الناس وحرياتهم وممتلكاتهم.

فبما أن السلطة السياسية تعتمد على ركنين:

الركن الأول: قانون: بدون القانون لا يكون هناك سلطة.

الركن الثاني: أدوات للتنفيذ والتفعيل.

بما أن السلطة والحكومة تعتمد على ركنين:

مادة قانونيه: تنطلق منها سلطة تنفيذيه تقوم بتطبيقها لذلك نحن نبحث الآن في محورين:

  • المحور الأول: مصادر المادة القانونية التي تعتمد عليها السلطة السياسية.
  • المحور الثاني: حقيقة السلطة التنفيذية في عصر غيبة الإمام المعصوم «عجل الله تعالى فرجة الشريف».

المحور الأول: هل يمكن وجود دولة بدون قانون؟

لا يمكن لابد من وجود دستور يعني لابد من وجودة مادة قانونية تستند إليها الدولة في جميع تفاصيلها وجميع دقائقها، المادة القانونية لابد منها، لو قدر وجود دولة إسلامية لو افترضنا وجود دولة إسلامية من أين تكتسب قوانينها؟ المادة القانونية للدولة الإسلامية ما هو مصدرها؟ هل مصدرها القوانين الوضعية؟ كالقانون الفرنسي مثلاً، القانون المصري مثلاً أو مصدرها السماء يعني الكتاب والسنة، ما هو مصدر المادة القانونية التي تعتمد عليها الدولة الإسلامية الحكومة الإسلامية في أي بلد في أي عصر في أي مجتمع؟

هنا أتفق علماء الشيعية أنه لو فرضنا وجود دولة إسلامية يجب أن يكون القانون إسلامي القانون الوضعي لا يمكن، لو فرضنا وجود دولة إسلامية في أي مجتمع يجب أن يكون القانون مستقى من الكتاب والسنة يعني من المصادر الإسلامية يجب أن يكون كذالك، لماذا؟

لدليل عقلي ودليل نقلي:

الدليل العقلي: إذا راجعنا كتب علم الكلام يذكرون هذه القاعدة بشكل متسلسل، مقتضى وحدانية الله ذاتً وحدانيته خالقيته ومقتضى وحدانيته خالقيه وحدانيته تدبيرً ومقتضى وحدانيته تدبيرً أن النظام الإسلامي يجب أن يكون مستند إلى إرادة السماء، ما معنى هذه القاعدة؟

الله واحدً ذاتً يعني لا شريك له في ذاته لماذا؟ لأنه هو الوحيد الواجب الوجود كل ما عداه ممكن الوجود وأما الموجود الذي يجب وجوده فهو الله عز وجل فقط فهو واحد في ذاته يعني هو الوحيد الذي يجب وجوده، مقتضى هذا المفهوم ماذا؟ أنه هو الواحد في خالقيته لا خالق غيره بما أن الواجب وجوده هو الله وما عداه ممكن إذن كل ما عداه يستند في وجودة إليه فهو الخالق الوحيد، هل من خالق غير الله؟ ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ فهو الواحد في ذاته وهو الواحد في فعله يعني لا خالق غيره، إذا لا خالق غيره إذن لا تدبير إلا له يعني المدبر الوحيد للكون هو الله بما أنه هو الخالق ولا خالق غيره فلا مدبر غيرة هو واحد في ذاته هو واحد في خلقة هو واحد في تدبيره هذه الوحدات الثلاث أشارت إليها آية الكرسي، لماذا آية الكرسي تتصدر الآيات القرآنية؟!

لأنه تضم عقائد كثيرة هذه الآية التي نسميها آية الكرسي تضم عقائد متعددة أقر آية الكرسي ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ:

﴿اللَّهُ أشارة إلى الوحدانية الأولى واحد في ذاته واجب الوجود.

﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أشارة إلى الوحدانية في الخلق يعني لا خالق غيره.

﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ أشارة إلى الوحدانية في التدبير يعني لا مدبر غيره ﴿الْقَيُّومُ بمعنى المدبر لا مدبر غيره ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.

فبما أن الله هو المدبر إذن التشريع بيده لا بيد غيرة لأنه تدبير الكون على نوعيين:

النوع الأول: تدبير تكويني.

النوع الثاني: تدبير تشريعي.

فكما أن له السلطة والقرار في التدبير التكويني له أيضاً تعالى السلطة والقرار في التدبير التشريعي فالقانون قانون الدولة يجب أن يكون مستند إلى الله مستند إلى السماء مستند إلى الكتاب والسنة هذا هو الدليل العقلي.

الدليل النقلي: الآيات القرآنية ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ، آية أخرى: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، وكذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ، وقال تبارك وتعالى: ﴿﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا إذن القانون يجب أن يكون من السماء لكن توجد مشكلة إذا افترضنا بلد متعدد المذاهب في مذهب سني وفي مذهب شيعي وفي مذهب أباظي الإسلام بأي مذهب لابد أن يكون القانون إسلامي لكن بأي مذهب؟ المذهب السني يفسر الإسلام بطريقته المذهب الشيعي يفسر الإسلام بطريقته المذهب الأباظي يفسر الإسلام بطريقته أي أسلام، أسلام طبق أي مذهب؟ عندما نقول يجب أن يكون القانون إسلامي والمذاهب تختلف في تفسير الإسلام لأنها تختلف في تفسير الكتاب والسنة فعلى أي مذهب يكون القانون الإسلامي؟! هذه مشكلة موجودة كيف نعالجها؟

المشكلة الثانية: إذا كان البلد متعدد الملل أفترض مثل العراق يوجد أزيديه يوجد صابئة يوجد مسيح يوجد يهود ويوجد مسلمين طيب بلد متعدد الملل ومتعدد الأديان، كيف يكون القانون فيها إسلامي؟ بمعنى كيف تفرض القانون على أناس لا يعترفون بالإسلام؟ مسيح لا يعتقد بالإسلام الصابئة لا يعتقدون بالإسلام كيف تفرض عليهم قانون إسلامي وهم لا يتقدون ولا يعتنقون الإسلام؟! إذن هذه مشكلة هناك مشكلة أمام هذه النظرية كيف نتعامل مع المذاهب المتعددة المختلفة في تفسير الإسلام؟ كيف نتعامل مع الأديان المتعددة إذا عاشت في بلد واحد؟ هل نفرض عليهم القانون الإسلامي بالقوة؟ أما أن هناك معالجة لهذه المسألة؟ هذه مشكلة فقهية موجودة ما هو العلاج؟

هناك بعض فقهائنا ذكر علاجيين قاعدتين لعلاج هذه المشكلة:

القاعدة الأولى: هي قاعدة العقد الاجتماعي، كيف قاعدة العقد الاجتماعي هذه القاعدة أشار إليها أيضاً جان لوك في بيانه لحقيقة السلطة السياسية هذه القاعدة مرجعها أن يتفق المجتمع بكل أطيافه هو فيه مذاهب متعددة وفيه أديان متعددة أن يتفق المجتمع بكل أطيافه على تحيكم نظام الأغلبية، الأغلبية هم من يحكمون النظام هو من يحكم دينهم هو من يحكم، البلد الذي فيه أغلبية مسلمة نظام الحكام الأغلبية هو المسلمة، إذن أن يتفق أبناء المجتمع الواحد على أن النظام الحكام هو نظام الأغلبية النظام الذي تدين به الأغلبية هذا عقد وهذا عقد شرعي نافذ بمقضى قوله تعالى: ﴿﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ هذا عقد بما أن هناك عقد اجتماعي بين كل المذاهب والطوائف على أن النظام الحكام نظام الأغلبية إذن يجب الالتزام بهذا العقد هذا العلاج الأول.

العلاج الثاني: في مسألة الأحوال الشخصية هذه مذكورة في القانون، ماذا تعني الأحوال الشخصية؟ يعني الطلاق، النكاح، الميراث، أحكام الأولاد، الأوقاف هذه يطلقونه عليها «أحوال شخصية» في مسألة الأحوال الشخصية هناك استثناء، كيف هناك استثناء؟ يعني في النظام الإسلامي يجب أن تعطى مساحة لكل مذهب ولكل دين قضاء يخصه الشيعه لهم قضاء يخصهم السنة لهم قضاء يخصهم الصابئة لهم قضاء يخصهم المسيح لهم قضاء يخصهم كل مذهب كل مله لهم محكمة ولهم قضاء يخصهم في الأحوال الشخصية الوقف، الميراث، الطلاق، النكاح أحكام الأولاد قضائهم يخصهم لماذا؟ لماذا هذا الاستثناء؟ لا نطبق مذهب واحد على كل المذاهب، لا نطبق دين واحد على كل الأديان بل نقول لكل مذهب ولكل دين قضاء يخصه في قسم الأحوال الشخصية لماذا؟

قاعدة يذهب إليها بعض فقهائنا يسميها قاعدة «الإقرار»، ما معنى قاعدة الإقرار؟

يقول هناك قاعدة عقلائية كل العقلاء يؤمنون بها لأن أغلب المجتمعات العقلائية يوجد فيها اختلاف حتى المجتمعات الغربية فيها اختلاف فيها مسلمين فيها مسيحين فيها يهود أغلب المجتمعات البشرية فيها أديان متعددة، كيف يحلون مشاكلهم وهم عندهم أديان متعددة؟

هناك قاعدة عقلائيه يقر بها المجتمع العقلائي وهي قاعدة الإقرار ومعنى قاعدة الإقرار أقرار أهل كل مذهب على مذهبهم أقرار أهل كل دين على دينهم وهذا ما يسمى «بقاعدة الأحترام» بمعنى أن أحترم مذهبك فأقول طبق مذهبك على أوضاعك وأحوالك الشخصية أنا أحترم دينك أقول طبق دينك على أحوالك الشخصية مقتضى قاعدة الاقرار وقاعدة الاحترام أن كل مذهب يقر على مذهبه ولا يتدخل فيه كل مذهب له حريته يمارس طقوسه يمارس شعائره يمارس أحواله الشخصية له قضاء يخصه كل مذهب له قضاء يخصه كل مذهب يمارس حريته في شعائره وطقوسه هذا مقتضى قاعدة الإقرار وقاعدة الاحترام وهي قاعدة عقلائية بما أنها قاعدة عقلائية فعدم ردع الشارع عنها يعني أنها قاعدة شرعية بعض الفقهاء هكذا خرج المسألة قال من الممكن أن يكون القانون إسلامي لكن في قسم الأحوال الشخصية كل مذهب يتبع مذهبة وكل دين يتبع أحكام دينة من هنا نخرج عن المشكلة التي وردت علينا، إذا أنت تؤيد هذا المعنى لا نقول دليل عليه مؤيد إذا تقرأ في نهج البلاغة للإمام أمير المؤمنين علي : " أما والله لو ثنيت لي وسادة، لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم اذن بعضهم يستفيد من هذه الكلمات العلوية للإمام علي أن كل مذهب يقر على مذهبه وكل دين يقر على دينة في مسألة القضاء والأحوال الشخصية، هذا ما يتعلق بالمحور الأول المادة القانونية للدولة الإسلامية يجب أن يكون قانون إسلامي مع الاستثناءات التي ذكرناها.

المحور الثاني: ماهي السلطة التنفيذية؟

نحن يوجد لدينا قانون لكن من يطبق القانون؟ لابد من وجود سلطة تنفيذية تطبق القانون هذه السلطة التنفيذية التي تطبق القانون ما هي حقيقتها؟ ما هي معالمها؟ ما هي خصائصها ومؤهلاتها؟ هذه نقطة يبحثها الفقهاء.

أنا الآن سوف أتعرض لك إلى نظريات متعددة في سبيل أن تعرف أن هذا المبحث مذكور في الفقه وفي نظريات متعددة وفيها أخذ ورد حتى تطلع على ذالك أنا الآن ليس بصدد ترجيح نظرية على أخرى وعلى أثبات أحقية نظرية على دون أخرى أنا فقط أعرض النظريات المذكورة في الفقه في هذا المحور محور السلطة التنفيذية في عصر غيبة الإمام المعصومة «عجل الله تعالى فرجة الشريف».

نأتي إلى إخواننا أهل السنة ما هي نظريتهم؟

هم نظريتهم الخلافة النظرية الدينية ولا أتكلم عن النظرية الوضعية النظرية الدينية لخواننا أهل السنة هي الخلافة لذلك إذا نرجع إلى «النووي» في كتابة «شرح صحيح مسلم» يقول: أجمع العلماء على وجوب تنصيب خليفة للمسلمين نظريتهم لابد من وجود خليفة يحكم المسلمين في كل مكان ويجب على المسلمين بيعته هذه النظرية الموجودة ويستدل عليها علماء إخواننا أهل السنة بما ورد عن النبي في صحيح مسلم: ”من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية“ لابد له أن يبايع، يبايع من؟ يبايع الخليفة

ما هي نظرية الإمامية في السلطة السياسية في عصر الغيبة؟

عندنا عدة نظريات:

النظرية الأولى: لا شرعية لحكم في عصر الغيبة.

 هذه النظرية موجودة، وما زال يؤمن بها بعض الفقهاء أي حكم غير مشروع في عصر غيبة الإمام المعصوم الحكم المشروع فقط للإمام المعصوم بمجرد أن يفقد الإمام أو يغيب فليس هناك حكم مشروع في عصر غيبة الإمام المعصوم، هذا صاحب النظرية يلغي المحورين: المحور الأول: وهو ضرورة وجود قانون إسلامي، والمحور الثاني: وهو ضرورة وجود سلطة تنفيذية يقول لك «لا» لا حكم في عصر غيبة الإمام المعصوم هذه النظرية التي يراها بعض الفقهاء تستند إلى ماذا؟ لابد أن يوجد لها دليل فهي ليست عبث

عندما نراجع كتاب «وسائل الشيعية» للحر العاملي الجزء الخامس عشر كتاب «الجاهد» باب الثالث عشر باب «الخروج بالسيف قبل قيام القائم» أرجع إلى هذا الكتاب وسوف تجد عدة روايات يستفيد منها مجموعة من الفقهاء أن الحكم غير مشروع في عصر غيبة الإمام من هذه الروايات:

معتبرة أبي بصير عن الصادق : ”كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله“ ممنوع ترفع أي راية لا يوجد حكم.

رواية ربعي عن أبي عبدالله الصادق يقول: ”لا يخرج أحد منا قبل خروج قائمنا إلا كان مثله كمثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوى جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به“

إذن عندما مجموعة من الفقهاء يقولوا هذه الروايات ظاهرها ليس للشيعية حكم في عصر الغيبة ليس للفقهاء حكم في عصر الغيبة الحكم يختص بالمعصوم ولا يشرع لغير المعصوم، هل هذه النظرية صحيحة؟ هل هذه الروايات هذا معناها؟ هل مفاد الحكم الإرشادي أم الحكم المولوي؟ هل مفادها حرمة الخروج بالعنوان القائم أو مفادها حرمة الخروج لكل أحد هذا بحث مذكور في الفقه.

النظرية الثانية: نظرية ولاية الفقيه.

تقول لك «لا» النظرية محددة ليست ضائعة القانون لابد أن يكون إسلامي والسلطة التنفيذية يجب أن تكون بيد الفقيه، الفقيه العادل الجامع للشرائط لا يوجد غموض المسألة واضحة النظام إسلامي والسلطة التنفيذية بيد الفقيه العادل الجامع للشرائط لماذا؟

أولاً: لأنه ولاية الحكم لله عز وجل وليست لغيره لأحظ قوله عز وجل: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ، قال تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْر فإذا كانت ولاية الحكم لله إذن الله هو الذي يعين من هو الحاكم كما أن الله هو الذي يعين دستور الحكم فإن الله هو الذي يعين من هي السلطة التنفيذية التي تقوم بالحكم، هل الله عين السلطة التنفيذية؟

يقولون: نعم الله عين، كيف عين؟ أرجع إلى الدليل الثاني القرآن يقول: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، ﴿وَأُولِي الْأَمْرِ هم الذين لهم ولاية تشريعية على الأمر يعني أمر الحكم وأمر السلطة، من هم الذين لهم الولاية التشريعية على الأمر؟

مع وجود الأئمة المعصومين فمن له الولاية الشريعية هم الأئمة المعصومون ومع غياب الإمام المعصوم فمن له الولاية التشريعية هو الفقيه العادل الجامع للشرائط فالفقيه من ولاة الأمر الذين أشارت إليهم الآية، هناك خلاف بعض العلماء يقولون «لا» الأمر فقط للمعصومين، بعض العلماء يقولون كل من له ولاية أمر المهم أن يكون شرعي سواء كان معصوم أو لم يكن معصوم فهذا العنوان يشمل الفقهاء.

عند رواية أخرى عن الإمام الحسين أبن علي: ”مجاري الأمور بيد العلماء أمناء الله على حلاله وحرامه“ إذن هم السلطة التنفيذية.

عند مقبولة عمر أبن حنظله: عن الإمام الصادق قال: أنظروا ممن كان منكم ممن روى حديثنا ونظرا في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فارضوا به حكما فأني قد جعلته عليكم حاكماً ”الإمام يقول أنا جعلت الفقيه حاكم روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا يعني فقيه الذي يعرف الأحكام بنفسه هو الفقيه“ وعرف أحكامنا فأني قد جعلته عليكم حاكما"، والحكومة: بمعنى السلطة التنفيذية.

إذن هذه الروايات ترشنا إلى أن السلطة التنفيذية في عصر غيبة الإمام المعصوم «عجل الله تعالى فرجه الشريف» هو بيده الفقيه العادل الجامع للشرائط.

النظرية الثالثة: نظرية شورى الفقهاء.

ما معنى شورى الفقهاء؟ بعض العلماء يقول الولاية ليست لفقهيه واحد الولاية لمجموعة من الفقهاء وليست لفقيه واحد بمعنى أن هناك مجلس يضم مجموعة من الفقهاء تصدر عنهم الأوامر والنواهي وهذا المجلس هو مصدر القرار وهذا المجلس هو مصدر الولاية فلا ولاية لفقيه واحد وإنما الولاية لمجلس فقهائي يتكفل قرار الأمر والنهي.

صاحب هذه النظرية وهي نظرية شورى الفقهاء يستند إلى ماذا مثلاُ؟ ربما يستند إلى المجموع بين النصوص عندنا نص يقول في القرآن الكريم: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ إذن مقتضى هذا النص أن الحكم شورى لأن الله تعالى قال ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ خرجنا عن هذا النص مع وجود الإمام المعصوم فإذا كان الإمام إمام معصوم فلا شورى لوجود النصوص التي عينت السلطة للإمام المعصوم كما ورد عن النبي محمد : ”إلا فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من ولاه وعادِ من عاده وأنصر من نصره وأخذل من خذله وأدر الحق معه أينما دار“ مع وجود المعصوم السلطة للمعصوم لا توجد شورى لوجود النصوص ولكن مع عدم المعصوم نرجع للآية الآية تقول: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ إذن الحكم شورى لكن الشورى ليس كل فرد من الأمة الشورى لخصوص الفقهاء لأنهم الأعرف بنظام الحكم الإسلامي فالشورى لهم دون غيرهم لما ورد عن الحسين : ”مجاري الأمور بيد العلماء أمناء الله على حلاله وحرامه“ هذه نسميها نظرية «شورى الفقهاء».

النظرية الرابعة: ولاية الأمة.

ما معنى ولاية الأمة؟ ولاية الأمة تقول لا يوجد أحد ولي على أحد لا فقيه ولا غير فقيه لا يوجد ولاية لأحد على أحد بعض الفقهاء يقولون بها، لا ولاية لحد على أحد، لماذا؟

أولاً: لأن الأصل هو الحرية هناك أصل فقهي يعترف فيه كل الفقهاء إلا وهو الأصل عدم ولاية أحد على أحد، الأصل هو الحرية.

ثانياً: الآية قالت: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ والآية تعني الأمة كلها لا تعني خصوص الفقهاء يعني أنت من ترجع إلى سياق الآيات هذه الآية تتكلم عن الأمة كلها، مثلاً قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ «37» وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون.

إذن ظاهر هذا السياق أن المؤمنين لهم الولاية على أنفسهم وليس لأحد ولاية عليهم لا فقيه ولا غيره فالأمة الإسلامية ولية على نفسها هي تنتخب برومانها وهي تنتخب رئيسها من دون حاجة إلى سلطة الفقيه ومن دون حاجة إلى سلطة مجلس الفقهاء الأمة هي بنفسها ولية على نفسها من خلال صندوق الاقتراع الأمة، ومن خلال صندوق الاقتراع الامة تنتخب البرنمان وتنتخب رئيس الدولة أو رئيس الجمهورية فهي ولية نفسها من دون سلطة لأحد عليها هذه النظرية الرابعة اسمها «نظرية ولاية الأمة».

النظرية الخامسة: نظرية حفظ النظام.

هذه النظرية يراها بعض فقهاء النجف إلى الآن يرون هذه النظرية نظرية حفظ النظام، ما هي هذه النظرية؟

النظرية ترتكز على ركنين:

الركن الأول: الولاية لمن يحفظ النظام لأن المطلوب عقلاً وجود سلطة تحمي الناس تحمي الأموال العامة والخاصة تحمي الحريات فمن كان قادر على حفظ النظام فأن الولاية له كل سلطة عادله تشترط أن تكون عادله وليس ظالمة قادرة على حفظ النظام فأن لها الولاية سواء كانت هذه السلطة فقهاء أم غير فقهاء سواء كانت هذه السلطة سنة أو شيعة لا المذهب دخيل في السلطة ولا الفقاه دخيلة في السلطة، السلطة التنفيذية هي القادرة على حفظ النظام وتطبيق العدالة حتى لو كانوا سنة حتى لو كانوا شيعة حتى لو كانوا أناس عاديين ليسوا فقهاء السلطة لمن هو قادر على حفظ النظام بلا دخل لعرقة ولا للونه ولا لمذهبه ولا لكونه فقيه أو غير فقيه كل هذه العوامل ليست دخيلة في السلطة.

الركن الثاني: أصحاب هذه النظرية يقول لا يوجد نظام واحد لا تقول كل العالم في النظام الديمقراطي ولا تقول كل العالم في النظام ولاية الفقيه ولا تقول كل العالم في نظام شورى الفقهاء «لا» ليس هناك نظام واحد لكل بلد النظام الذي يتناسب معه كل بلد كل وطن له نظام يناسبه لا يوجد عندنا نظام واحد نقدمه للعالم، مثلا عندما يأتي لنا شخص يقول أنتم الأمامية ما عندكم من نظام تقدمونه للعالم؟ نقول له أن أصحاب هذه النظرية يقولون لا يوجد عندنا نظام واحد نحن نقول لكل مجتمع نظام يناسبه نظام ينسجم معه وليس هناك سلطة واحدة وليس هناك منهج واحد لسلطة التنفيذية في جميع المجتمعات.

أصحاب هذه النظرية ما هو دليلهم؟

يذكرون دليلين:

الدليل الأول: يقولون مقتضى العقل لا نحتاج إلى دليل إذا رجعنا للعقل العقل يؤيد نظريتنا، لماذا؟

العقل يقول المجتمعات متغايرة لكل مجتمع ثقافته الخاصة وأعرافه الخاصة وتقاليده الخاصة فبما أن المجتمعات مختلفة ثقافة وأعراف وتقاليد إذن مقتضى اختلاف المجتمعات اختلاف نظام السلطة فلكل مجتمع نظام ينسجم مع ثقافته ينسجم مع أعرافه ينسجم مع تقاليده ليس هناك نظام واحد ما دامت المجتمعات مختلفة في ثقافتها وفي قرارها إذن لا يوجد نظام واحد ينسجم مع كل المجتمعات كل مجتمع له نظام ينسجم معه المهم أن ينتخب نظام يتكفل حفظ النظام وتطبيق العدالة.

الدليل الثاني: عندما نرجع إلى النصوص القرآن والسنة روايات النبي روايات أهل البيت لا يوجد نصوص تتعرض إلى السلطة التنفيذية النصوص صامته لماذا؟ نصوص تعرضت إلى أحكام الديات أحكام الحدود أحكام المعاملات أحكام العبادات تعرضت لكل التفاصيل إلا هذا القسم لم تتعرض له النصوص، من هي السلطة التنفيذية في عصر غيبة الإمام المعصوم؟

النصوص صمتت عن هذه الجهة ولم تتعرض لها لماذا؟ لماذا النصوص في الكتاب والسنة تعرضت إلى كل التفاصيل إلا هذه النقطة السلطة التنفيذية في عصر الغيبة بيد من؟ النصوص لم تتعرض لها سكوت النصوص عن هذه النقطة مع أنها نقطة حساسة وابتلاءيه ومهمة لا يمكن أن يغفلها الدين سكوت النصوص عن التعرض لها معناه ماذا؟

معناه أن الإسلام اتكأ على التجربة الإنسانية الإسلام يقول الحكم بيد التجربة الإنسانية وليس لذي قرار في هذا المجال الإسلام يقول المهم أن يكون النظام إسلامي يعني القانون إسلامي، أما ما هي السلطة التنفيذية التي تطبق العدالة؟

لم تتعرض النصوص لذالك عدم تعرض النصوص معناه أن الإسلام أتكئ على التجربة البشرية فالتجربة البشرية في كل مجتمع هي التي تقرر من خلال عقودها من خلال صناديق الاقتراع من خلال توافقياتها على تحديد السلطة التنفيذية القادرة على حفظ النظام وتطبيق العدالة.

إذن في عصر غيبة الإمام المعصوم لدينا عدة نظريات أما مع وجود الإمام المعصوم يتعين أن بيده النظام وبيده السلطة التنفيذية، ولذلك احتجت الزهراء في أول أسبوع من أسابيع وفاة النبي المصطفى قالت: ”أنا زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة والدلالة ومهبط الوحي الأمين والطبين بأمر الدنيا، ألا ذلك هو الخسران المبين، وما نقموا من أبي الحسن نقموا والله منه نكير سيفه وشدة وطئه ونكال وقعته وتنمره في ذات الله“

إن الولاية للمعصوم وهذا ما أصر عليه الحسين أبن علي قال: يا أمير أن يزيد رجل فاسق شارب للخمر قاتل للنفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله إلا وأن الدعي أبن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبى لنا الله ذالك ورسوله والمؤمنون......

وصلى الله على محمد وآل محمد