المهديّ (عج) وسُنن التَّاريخ

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا

أمنا بالله صدق الله العلي العظيم

انطلاقا من الآية المباركة نتحدث عن القضية المهدوية وسنن التاريخ وذالك في محاور ثلاثة:

المحور الأول: ما هو مفهوم سنن التاريخ؟

أن الظواهر تارة تكون ظواهر طبيعية لا تخضع للإرادة والاختيار وتارة تكون ظواهر اجتماعية خاضعة للإرادة والاختيار:

1 - الظواهر الطبيعية: مثل حركة الكواكب والمجموعات الشمسية هذه ظاهر طبيعية ظاهر كونية.

2 - الظواهر الاجتماعية: التي تخضع للإرادة والاختيار ظاهرة المشاريع الثقافية الخيرية ظاهر الحروب الصلح ظاهر بناء الحضارة الظواهر مطلقاً سواء كانت طبيعية لا إرادية مثل حركة الكواكب أو كانت ظاهرة اجتماعية إرادية مثل الحروب كلتا الظاهرتين تخضع لقوانين وسنن، الظاهرة الكونية كحركة الكواكب تخضع لقانون يحكمها مثل قانون الجاذبية يحكم مدارها وحدودها، الظواهر الاجتماعية مع أنها ظواهر إرادية اختيارية مثل اشتراك المجتمع في الحرب في الصلح في بناء الحضارة هذه الظواهر أيضاً تحكمها قوانين يعبر عن هذه القوانين «بسنن التاريخ» لأن التاريخ مسيرة التاريخ: هي عبارة عن المسيرة الاجتماعية.

وبما أن المسيرة الاجتماعية الإرادية تخضع لقوانين إذن حركة التاريخ أيضاً تخضع لقوانين وقد أشار القرآن الكريم إلى أن لتاريخ سنن كما أن لطبيعة سنن يقول القرآن الكريم: ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ يقول القران الكريم: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا الله له سنن، سنن في الطبيعة وسنن في مسيرة تاريخ المجتمعات مثلاُ من سنن التاريخ أن لكل مجتمع موت وحياة كما أن للفرد حياة وموت المجتمع أيضاً قد يحيا وقد يموت إذا كان المجتمع يمتلك حضارة فهو يمتلك حياة إذا كان المجتمع متخلف فالمجتمع ميت وإن كان الأفراد باقيين على وجه الحياة القرآن الكريم يشير إلى هذه السنة يقول: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ويقول: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ، ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ يعني الأمة لها موت بموت الحضارة ولها حياة بحياة الحضارة هذا غير موت الافراد وحياة الافراد.

ومن السنن التاريخية أنه لا يمكن أن تقع بوصلة التغيير في أي مجتمع ما لم يسبقها تغيير ثقافي وتغيير روحي لاحظ قوله عز وجل: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وقال في آية أخرى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ يعني التغيير الاجتماعي لابد أن يسبقه تغيير ثقافي وتغيير نفسي وهذه سنة من سنن التاريخ أيضاً.

من سنن التاريخ أن الحياة الاقتصادية منوطه بالتوازن بين روافد الانتاج وموارد التوزيع إذا اختل التوازن بين روافد الانتاج وموارد التوزيع تنهار الحياة الاقتصادية القرآن الكريم أشار إلى هذه السنة ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ وقال: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ يعني أختل التوازن بين الانتاج وبين التوزيع هذا معنى ﴿فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ وأيضاً يقول القرآن الكريم: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا «بمعنى تلاعبوا بالثروات» فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا، إذن التاريخ له سنن كما أن لطبيعة سنن أشار إليها القرآن الكريم.

المحور الثاني: هل أن القضية المهدوية تنسجم مع سنن التاريخ أم تتعارض مع سنن التاريخ؟

ذكر بعض الباحثين: أن القضية المهدوية تتعارض مع سنن التاريخ تتنافى مع سنن التاريخ وذالك من زاويتين:

الزاوية الأولى: أن السنة التاريخية تقتضى أن الحضارة والدولة لا تقوم إلا على أكتاف المجتمع، المجتمع البشري بإمكاناته المادية وطاقاته المادية هو الذي يبني الحضارة هذه هي سنة التاريخ لا تقوم حضارة إلا على أكتاف المجتمع البشري من خلال إمكاناته وطاقاته المادية هذه سنة التاريخ، بينما القضية المهدوية ماذا تعني؟

تعني أن رجل واحد يقود العالم ويبني حضارة على الأرض كلها بإمكاناته وطاقاته الخارقة لعادة الخارقة لطبيعية قيادة رجل واحد للحضارة من خلال صفاته وقابلياته يتنافى مع سنن التاريخ، سنن التاريخ تقول: الحضارة لا تقوم إلا على اكتاف المجتمع البشري، المجتمع البشري من خلال إمكاناته وطاقاته المادية، أما يأتي شخص ويزود من قبل السماء بطاقاته إعجازيه وبقابليات إعجازيه ويقود الحضارة هذا شيء يتنافى مع سنن التاريخ.

لذلك القضية المهدوية بنظر بعض الباحثين هي وهم أو خيال، لماذا؟ لأنها تتنافى مع سنة الله في التاريخ، نسلط الضوء على هذه الفكرة، هناك فرق بين السنة التاريخية والضرورة العقلية:

السنة التاريخية: ليست علة لا تختلف ولا تتخلف «بمعنى لابد أن تقع لا» السنة التاريخية تحكم مسيرة المجتمع في الظروف الاعتيادية وليس في الظروف الاستثنائية بمعنى لو خلينا مع الظرف الاعتيادية فأن سنن التاريخ تضبط حركة المجتمع لكن أحياناً تقتضى الضرورة العقلية أن تتدخل يد السماء في مسيرة التاريخ أحياناً السماء تتدخل في مسيرة التاريخ تغير مسار التاريخ.

إذن ليست دائما مسيرة التاريخ تمشي طبق سنة السنن حاكمة في الظروف العتيادية ولكن العقل يقول: إذا اقتضت استمرارية الدين دين الله أن تتدخل يد السماء في تغيير مسار التاريخ فأن يد السماء تتدخل في تغيير مسار التاريخ وهذا ما يسمى «بالضرورة العقلية».

الضرورة العقلية تتقدم على السنة التاريخية، أشرح لك بالأمثلة:

المثال الأول: السنة التاريخية في الإيمان: أن يكون الإيمان من قبل البشر من خلال الأسباب الطبيعية أي فكرة تعطى للناس لن يؤمن الناس بها عن طريق الإعجاز سيؤمن الناس بها عن طريق الاسباب الطبيعية هذه السنة التاريخية تقول هكذا، الإيمان من قبل المجتمع بأي فكرة أنما يكون ضمن الأسباب الطبيعية لا ضمن الاسباب الإعجازيه هذه هي السنة التاريخية، لكن الضرورة العقلية ماذا تقول؟ الضرورة العقلية تقول: لا، يجب لكل نبي أو رسول أن يقيم معجزة خارقة للعادة من أجل تحقيق الإيمان من قبل المجتمع البشري فالضرورة العقلية تدخلت كيف؟

أشرح لك من خلال مقدمتين:

المقدمة الأولى: المجتمع البشري يحتاج إلى نظام عادل، بما أن المجتمع يحتاج إلى نظام عادل لابد لله أن يبعث هذا النظام العادل للمجتمع البشري عبر الأنبياء والرسل، لماذا لابد لله أن يبعث؟ لأن الله لو لم يبعث النظام إلى البشرية فأما أن يكون عدم البعث لجهله تعالى أو لعجزة تعالى او لعبثيته وجميع هذه الاحتمالات لا يمكن الأخذ بها الله تبارك وتعالى هل يجهل أن المجتمع البشري محتاج إلى النظام العادل.

لا يجهل مقتضى علمه بكل شيء أن لا يجهل حاجة المجتمع البشري إلى النظام العادل، الله يعلم هل هو عاجز؟ شخص يقول والله هو يعلم بأن المجتمع محتاج لكن هو عاجز هل يمكن القول بذالك؟ مقتضى أن الله قادر على كل شيء أن يبعث النظام العادل وتقول والله صحيح الله عالم وقادر لكن عبثاً لم يبعث قال أن والله لا أريد أن أبعث كيفي عبث ممكن في حق الله ذالك؟ غير ممكن يتنافى مع حكمته تعالى، إذن هذه يسمونها «قاعدة اللطف» في علم الكلام مقتضى علمه بحاجة المجتمع البشري للنظام وقدرة على إنزال النظام وحكمته أن يبعث نظام عادل للمجتمع البشري وهو القائل تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ يعني تحقق النظام العادل.

المقدمة الثانية: إذا جاء النبي وقال أنا رسول الله إليكم وعندي نظام عادل من السماء، كيف يمكن أثبات صدق نبوته؟ كيف نثبت أنه صادق؟

المجتمع ينقسم إلى قسمين، النخبة العقلائية، والعامة من الناس.

القسم الأولى: النخبة العقلائية.

يمكن أن تصدق هذا النبي من خلال البراهين العقلية التي يقيمها على صدق نبوته لكن العامة من الناس لا تستوعب البراهين العقلية، العامة من الناس فكرها فكر حسي وليس فكري عقلي العامة من الناس تطلب أدلة حسية ملموسة لا تستوعب الأدلة العقلية، إذن لا يمكن أثبات نبوة نبي من الأنبياء ولا يمكن تحقيق الإيمان به من قبل المجتمع إلا إذا أقام أدلة حسية على صدق نبوته، وهذا هو معنى المعجزة الخارقة لنواميس الطبيعية.

إذن عندما نأتي إلى السنة التاريخية ماذا نقول؟ مقتضى السنة التاريخية أن يؤمن الناس بالنبي من خلال الأسباب الطبيعية لكن السنة التاريخية لا تكفي لإثبات صدق النبي فاحتجنا إلى الضرورة العقلية فجاءت الضرورة العقلية وقالت لابد أن تتدخل السماء وتقيم إعجاز على يد هذه النبي حتى يثبت صدقه وحتى يتحقق الإيمان به، إذن هنا اضطررنا إلى أن تتدخل السماء الضرورة العقلية هنا حرفة مسار التاريخ غيرت مسار التاريخ قالت يجب الإتيان بمعاجز تثبت صدق النبي وهذا ما أخبر به القرآن الكريم في قوله: ﴿وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ، إذن سنة التاريخ صارت محكومة بالضرورة العقلية، الضرورة العقلية قالت يجب أن تتدخل السماء وتعطي النبي معاجز لكي يتحقق الإيمان به احتجنا إلى الضرورة العقلية.

مثال ثاني: الآن مثلا انتصارات النبي، النبي محمد كيف أنتصر في بدر وحنين والمشاهد الآخرى فقط بالأسباب الطبيعية؟ لا، القرآن يقول لا، لو مشينا على سنن التاريخ لقلنا الانتصار لأي أمة الانتصار لأي إنسان إنما يتم من خلال الأسباب الطبيعية من خلال قوته قوة سلاحه قوة جماعته بينما النبي لم يكتفى الله بنصره بالأسباب الطبيعية إنما أدخل الأسباب الغيبية لنصر النبي وهو القائل عز وجل: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي، كيف؟

تشرح الآيات كيف الغلبة تحققت مثلاً:

﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ يعني الأمم السابقة مرة بمأزق وأزمات كانت تحتاج إلى تدخل السماء جاء تدخل السماء أسمع القرآن ماذا يقول: ﴿إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ «124» بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ «125» وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، إذن السماء تدخلت لم تكن القضية قضية سنن التاريخ إذن النبي في انتصاراته أحتاج إلى تدخل السماء وإنزال الملائكة ولم تقف القضية على سنن التاريخ، هذا ماذا يكشف لنا؟

يكشف لنا أنه الظروف العتيادية تحكمها سنن التاريخ هذا صحيح ولكن إذا توقف انتصار الدين واستمرارية الدين على تدخل السماء فأن الضرورة العقلية حين إذن تقول لا بد أن تتدخل السماء فتحكم سنن التاريخ وتأثر السماء أثرها وهذا ما حصل بالنسبة لانتصارات النبي نفس الفكرة نطبقها على قضية الإمام المهدي صحيح لو كنا نحن وسنن التاريخ لقلنا بأن السنة التاريخية جرت على أن لا تقوم حضارة إلا على اكتاف المجتمع البشري من خلال إمكاناته وطاقاته المادية لو كنا نحن وسنن التاريخ لكن الضرورة العقلية تقول لابد أن تتدخل السماء يوم من الأيام لإقامة الحضارة الإسلامية، لماذا؟!

الإسلام تشريعات متكاملة، الإسلام ليس دين خاص بالعبادة ولا دين خاص بالمعاملات الإسلام تشريع متكامل، لم يترك الدين الإٍسلامي باب من أبواب الحياة إلا ووضع لها أنظمة وقوانين أليس كذالك؟ ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ، بما أن الدين الإسلامي تشريع متكامل فنحن نسأل هل طبق هذا التشريع المتكامل في يوم من الأيام؟

لا إلى الآن لم يطبق الإسلام بأكمله حتى في زمن النبي حتى في زمن الإمام علي لأن الفرصة لم تكن كافية، النبي تجربة الدولة التي أسسها النبي مدتها عشر سنوات، ثلاثة عشر سنة كان النبي محاصر في مكة ولم يستطع إقامة الدولة إلا ضمن عشر سنوات ولم يكن هذا الزمن كافي لتطبيق الإسلام بكامل تشريعاته وزمن الإمام علي كله أربع سنوات وأشهر لم يحكم أكثر من ذالك أربع سنوات واشهر لم تكن الفرصة كافية لتطبيق الإسلام بكامل تشريعاته.

إذن بما أن الإسلام تشريع متكامل ولم يمر على البشرية إلى الآن زمن طبق فيه الإسلام بكامل تشريعاته فأما أن تطبق هذه التشريعات يوم من الأيام وإلا فأن تشريعها لغو وعبث لم تطبق التشريعات بقيت مغلفة صح أو لا، هل التشريعات الإسلامية جاءت لكي تغلف؟ أم جاءت لكي تطبق على الأرض؟

أن كانت التشريعات جاءت لكي تغلف فتشريعها لغو وعبث وإن كانت هذه التشريعات جاءت لكي تطبق على المجتمع البشري إذن لابد أن يعطي الله المجتمع البشري فرصة زمنيه يقتدر الإسلام فيها على تطبيق أنظمته وقوانينه على جميع الأرض وحيث أن الفرصة لم تحصل إلى الآن إذن لابد من يوم تكون فرصة زمنية لتطبيق الحضارة الإسلامية بجميع أنظمتها وذالك اليوم هو يوم ظهور المهدي «عج» وهذه معناه الضرورة العقلية، إذن الضرورة العقلية تقول لابد من دولة المهدي لابد من حضارة المهدي وهذه الضرورة العقلية هي الحاكمة على السنة التاريخية كما اقتضت الضرورة نصر النبي بخمسة آلاف من الملائكة وكانت هذه الضرورة حاكمة على السنة التاريخية أيضاً الضرورة العقلية تقتضي دولة المهدي وحضارة المهدي وهذا حاكم على السنة التاريخية بل أن هذا هو وعد الله.

لاحظ القرآن الكريم يقول ثلاث آيات بنفس اللفظ: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ إلى الآن لم يظهر الدين على الدين كله من زمن النبي إلى الآن لم يظهر الدين على الدين كله، وهل يخلف القرآن وعده؟ إذن بما أن الله وعد في القرآن أن يأتي يوم يظهر فيه الدين الإسلامي على جميع الديانات ويكون هو النظام العالمي الحاكم وخلف الوعد قبيح فمقتضى وعد القرآن أن يتحقق هذا اليوم وذالك بظهور المهدي المنتظر «عج».

مسألة القضية المهدوية تنسجم مع الضرورة العقلية فبما أنها تنسجم مع الضرورة العقلية فلابد من تحققها ولا مجال لتحكيم سنن التاريخ عليها لأن سنن التاريخ إنما تحكم في الظروف العتياديه لا في الظروف التي يتوقف ظهور الدين واستمرارية الدين على تدخل يد الغيب فيها، إذا تراجع التاريخ ليس فقط قضية الإمام المهدي كثير من مسيرة التاريخ تتغير أحياناً برجل واحد هل تستغرب أن الإمام المهدي سوف يغير مسار التاريخ وهو رجل واحد؟ كثير من عمالقة التاريخ هكذا صح أولا؟ كثير من مسيرة من فصول مسيرة التاريخ تغيرت مسيرة التاريخ برجل واحد إذا كان لهذا الرجل قابلية خارقة للعادة أفلاطون وأرسطو غير مسار تاريخ الفلسفة أينشتاين غير مسار علم الفيزياء التاريخ يقد يتغير برجل واحد إذا كان هذا الرجل يملك طاقات عملاقة طاقات جبارة يستطيع بها أن يغير مسيرة التاريخ هذا ليس شيء مخالف لسنن التاريخية أبداً عالجنا هذه النقطة.

الزاوية الثانية: بعض الباحثين وهو الدكتور الباحث عدنان إبراهيم دكتور باحث مثقف ونحن أيضاً المثقفون الذين يمشون على منهج التحقيق نحن نحترمهم ونطرح بحوثهم ونناقشها وأن اختلفنا معهم في الرأي وأن اختلفنا معهم في النتيجة، المثقف الحقيقي هو الذي يكون نقذه لأي فكرة دينية أو غير دينية يكون نقذه مبني على البحث والخبرة وليس مبني على الارتجال من كان نقده لأي فكرة دينية أو تاريخية مبنية على البحث والخبرة والإحاطة بأطراف الموضوع والغور إلى جذوره وأعماق روافده فهذا هو الحقيق باسم المثقف الناقد، وأما الناقد الذي ينقد أي فكرة دينية أو غيرها ارتجالا من دون أن يحقق أطراف الموضوع فهذا خارج عن المنهج العلمي للنقد والثقافة.

نأتي الآن إلى ما تعرض له الدكتور عدنان إبراهيم قال القضية المهدوية تتنافى مع سنن التاريخ، لماذا؟ يقول لأن الله عز وجل يقول في كتابة مخاطبه نبيه : ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ مضمون الآية أن لا خلود لبشر لا قبل النبي ولا بعد النبي لا يوجد بشر خالد، والقضية المهدوية معناها: إنسان خالد إنسان يعيش ألف وأربعمائة سنة يعني إنسان خالد وهذا يتنافى مع الآية المباركة، الآية المباركة تقول لا خلود للبشر، والقضية المهدوية تقول هناك بشر خالد وهو المهدي إذن القضية المهدوية تتنافى مع سنة من سنن الله وهي عدم الخلود.

الجواب عن هذه الملاحظة: ما معنى الخلد في الآية ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ ما معنى الخلد في الآية؟ هل المقصود بالخلد العمر الطويل؟ أو المقصود بالخلد عدم الموت؟

إذا كان المقصود بالخلد العمر الطويل فهذا يعني التناقض في القرآن لأن هذه الآية تتنافى مع آيات في القرآن دلت على أن بعض البشر لبث عمر طويل يقول القرآن الكريم في حق نوح ﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا هذا الذي لبث في قومه هذا الذي عاش كم؟ الله أعلم، إذن لو كان المراد بالخلد في الآية طول العمر لأوجب ذالك تناقض آيات القرآن لأن بعض آيات القرآن قررت أن بعض الأنبياء طال عمره وخرج عن السنة الطبيعية للبشر.

وإذا كان المراد بالخلد عدم الموت كما هو ظاهر الآية في علم البلاغة في علم البيان يقولون مقتضى المقابلة أن تفسر الشيء بمقابلة صح أو لا الآية فيها متقابلين﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّمعنى الخلد: عدم الموت مقتضى المقابلة بين صدر الآية وذيلها أن المراد بالخلد عدم الموت بما أن المراد بالخلد عدم الموت إذن القضية المهدوية لا تتنافى مع الآية المباركة لأن لا يوجد أحد يدعي أن المهدي لا يموت صح أو لا؟ المهدي يؤسس الدولة فإذا أتت أكلها ينتقل إلى جوار ربه مقتول شهيد كآبائه البررة الكرام لا أحد يقول أن المهدي سيبقى خالد، إذن بالنتيجة: القضية المهدوية لا تتنافى مع سنة تاريخية مستفادة من الآية الشريفة.

المحور الثالث: هناك عدة أسئلة مرتبطة بالقضية المهدوية أثارها الدكتور عدنان إبراهيم في بحثه:

الأمر الأول: قال المنهج الصحيح أن نستدل ثم نعتقد يعني نسير على طبق الدليل أينما ذهب الدليل نذهب معه لا أننا نعتقد أولاً ثم نستدل لإثبات عقائدنا هذه الطريقة المتعارفه بين المسلمين يؤمنون بالله ورسوله ثم يستدلون على صدق معتقداتهم، أو الأمامية يؤمنون بالأئمة وعصمتهم ثم يستدلون على ذالك بأدلة معينة، الطريق الصحيح أن تستدل ثم تعتقد لا أن تعتقد ثم تستدل.

نعلق على ذالك: نقول صحيح أن تستدل ثم تعتقد أفضل من تعتقد ثم تستدل صح ولكن فقط أن تستدل بعد أن تعتقد ليس خارج عن المنهج العلمي ليس أن هذه منهج غير علمي يعني أنا أعتقد بعقيدة أولاً ثم أستدل على صحة العقيدة هذا ليس خارج عن المنهج العلمي لماذا؟ لأن قيمة الدليل في مضمونه وليس قيمة الدليل زمانه، الدليل ما هو مضمونه؟ هل هو على طبق الموازين العلمية أم لا؟

إذا كان الدليل على طبق الموازين العلمية دليل منطقي إذن هو دليل قيم جاء قبل الاعتقاد أو جاء بعد الاعتقاد وإذا كان الدليل ضعيف غير منطقي لا وزن له وأن كان قبل الاعتقاد قيمة الدليل في مضمونه لا في زمان إقامته.

الأمر الثاني: ذكر الدكتور أن السيد الشهيد السيد محمد باقر الصدر «قدس سره» استدل على القضية المهدوية بالمنطق والفلسفة وهذا غير مقبول، لماذا؟ لأنه القضية المهدوية ليس لها علاقة بالمنطق والفلسفة القضية المهدوية وأن كانت تاريخية لابد أن نثبتها بكلام المؤرخين أن كانت عقائديه لابد أن نثبتها بالأحاديث والروايات أثبات القضية المهدوية بالمنطق والفلسفة كما صنعه الشهيد السيد محمد باقر الصدر ليس صحيح ليس صائب أو ليس كما ينبغي، هل هذا الكلام تام أم لا؟

أرجعوا بانفسكم إلى ما كتبه السيد الشهيد محمد باقر الصدر «قدس سره» عنده كتيب أسمه «بحث حول المهدي» السيد الصدر سلك المنهج العلمي تماماً، كيف؟

قسم البحث إلى فصول:

الفصل الأول: إمكان القضية المهدوية: هل يمكن أن يبقى إنسان عمر طويل أم لا؟

الفصل الثاني: إثبات وقع ذالك، هل فعلا هذا الأمر وقع أم لا؟

الفصل الثالث: فلسفة الغيبة وفلسفة الظهور، هذه كله منهج علمي مثلاُ نحن عندنا إسراء النبي المصطفى من مكة إلى بيت المقدس﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ هذه قضية لو عرضت علينا هذه القضية كيف نبحثها؟

نبحثها من ثلاثة فصول الفصل الأول هل هذه القضية ممكنة في حد ذاتها؟ أو غير ممكنة؟ ممكنة في ذالك الزمان؟ أو غير ممكنة؟ نبحث أولا عن إمكانها وعدمه، بعد ذالك إذا ثبت إمكانها يأتي الفصل الثاني هل القضية وقعت بالفعل فعلا أسري بالنبي أم لا؟ إذا ثبت وقوعها ننطلق إلى الفصل الثالث ما هي فلسفلة الإسراء؟ ما هي أهدافه ما هي مضرراته؟ ما هي أثاره؟ هذا يسمى فلسفة القضية.

السيد الصدر تحدث عن القضية المهدوية من خلال الفصول الثلاثة:

الفصل الأول ً: أثبت هل أن بقاء المهدي هذا العمر الطويل أمر ممكن علمياً أو غير ممكن؟ أثبت إمكانه لا وقوعه أثبت إمكانه عبر المنطق الفلسفي هو لم يستخدم المنطق الفسلفي لإثبات الوقوع استخدم المنطق الفلسفي لإثبات الإمكان أنه أمر ممكن في حد ذاته واستدل عليه بالفلسفة وبالدليل العلمي والاستدلال على الإمكان بالفلسفة والدليل العلمي طبق المناهج العلمية.

الفصل الثاني: أنتقل إلى الفصل الثاني وأثبت الوقوع أن المهدي فعلا ولد وما زال حي ويبقى إلى أن يأذن الله له بالخروج لم يثبته بالفلسفة أثبته بالأحاديث، قال نثبت وقوع ذالك بدليلين: دليل إسلامي. ودليل علمي.

1 - الدليل الإسلامي: يعني الروايات والأحاديث قال توجد أكثر من 220 رواية في كتب السنة والشيعة عن الإمام المهدي وهي تفيد التواتر في ثبوت وقوع القضية المهدوية.

2 - ثم استدل بالدليل العلمي على الوقوع إلا هو دليل حساب الاحتمالات فهو لم يستخدم الفلسفة في إثبات الوقوع وإنما أستخدم الروايات والأحاديث ودليل حساب الاحتمالات.

الفصل الثالث: عبارة عن فلسفة الغيبة، فلسفة الظهور مثل ما يذكره في علم القانون، في علم القانون هناك علم حقوق وهناك فلسلفه الحقوق علم الحقوق يعدد لك الحقوق حق المواطن حق الدولة حق الأسرة بعد ذالك فلسفة الحقوق تقول لك لماذا هذه الحقوق؟ ما هي أهدافها؟ ما هي مبرراتها؟ السيد الشهيد استخدم الفلسفة في بحث فلسفة الغيبة والظهور لا في إثبات وقوع الغيبة والظهور وإنما أستدل على وقوع الغيبة والظهور بالأحاديث والروايات والدليل العلمي.

الملاحظة الثالثة: الدكتور عدنان إبراهيم قال قضية ولادة المهدي فرية «الفرية بمعنى أكذوبة» قال في الكافي نفسه الذي تعتمد عليه الشيعة في الكافي توجد رواية أن الإمام الحسن العسكري لم يعقب «بمعنى أنه كان عقيم لم يخلف أولاد» فإذا كان في الكافي رواية تقول لا يوجد للإمام العسكري أولاد أصبحت قضية الإمام فرية حتى الكافي الذي هو الكتاب المعتمد لذا الشيعه يقول لم يكن للإمام العسكري أولاد لم يخلف لم يعقب.

نأتي إلى هذه القضية: هل هذه الملاحظة صحيحة أم لا؟

الكافي الشيخ الكليني في الكافي ذكر رواية أن الإمام الحسن العسكري لم يعقب، نأتي إلى هذه الرواية الذي ذكرها الشيخ الكليني في الكافي من عند من نقلها حتى نعرف قضية رواية معتبرة عند صاحب الكافي أم لا؟

صاحب الكافي قال: كان الوالي بقم الوالي من قبل الدولة العباسية كان الوالي بقم أحمد أبن عبيد الله أبن خاقان فجرا في مجلسه ذكر العلوية وجر ذكر الحسين العسكري قال أحمد أن الحسن العسكري مات ولم يعقب وأستند أحمد في ذالك إلى جعفر الكذاب أخو الإمام الهادي لأنه كان يريد أن تنتقل الإمامه إليه بعد الإمام الهادي انتقلت إلى الإمام الحسن العسكري جعفر هو الذي قال إلى أحمد أبن خاقان قال له أن الإمام الحسن العسكري مات ولم يعقب، هل هذه الرواية مقبولة عند الإمامية؟

أولاً: الراوي لها أحمد أبن خاقان هو نفسه يعبر عنه الكليني وكان شديد النصب لأهل البيت هل يأخذ بروايته؟ لو فرضنا أنه صادق عن من ينقل الرواية؟ عن جعفر وجعفر عندنا إنسان لم تثبت وثاقته بل ثبتت كذبه لأنه أدعى الإمامة ولا أهلية له جعفر أبن الإمام الهادي.

إذن بالنتيجة: كيف يقال أن الشيعه لديهم رواية تقرر أن إلى الإمام الحسن العسكري لم يعقب وهذه الرواية الراوي لها ناصبي وينقل الرواية لو صح نقلها عن إنسان كذاب عند الإمامية بينما مقتضى الأنصاف والموضوعية الكافي نفسه نقل واحد وثلاثون رواية في إثبات ولادة الإمام المهدي، كيف نترك واحد وثلاثين رواية ونأخذ برواية ناصبي عن جعفر الكذاب ونقول هذه الرواية تدل على أن قضية المهدي كذب طيب وباقي الرواية التي أنقلها صاحب الكافي واحد وثلاثين رواية تتحدث عن ولادة الإمام المهدي وست روايات في الكافي تتحدث عن الإشارة إلى الإمام المهدي بالنص أنقل لك بعضها:

راجع الكافي الجز الأول صفحة 328 يذكر الروايات الجزء الأول من الروضة منها صحيحة أبي هاشم الجعفري قلت لأبي محمد الحسن العسكري جلالتك تمنعني من مسألتك فتأذن لي أن أسألك فقال سل قلت يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم قلت فأن حدث بك حدث فأين أسأل عن ولدك حتى يكون هو الإمام؟ قال: بالمدينة، هذه الرواية صحيحة عندنا إسنادها صحيحة تدل على أن الإمام الحسن العسكري يقول ليّ ولد وهو الإمام من بعدي وإذا حدث بي حدث أسئل عنه بالمدينة.

الرواية الأخرى أيضاً في الكافي صفحة 330 عن عبدالله أبن جعفر أجتمع مع أحمد أبن إسحاق مع الشيخ أبي عمر الذي هو السفير الأول من سفراء المهدي فسألته قلت له: هل رأيت الخلف من بعد أبي محمد؟ فقال: أي والله رأيته ورقبته مثل ذا وأومئ بيده ورقبته مثل ذا فقلت له بقيت عندي مسألة واحده فقال: هات، قال: الاسم؟ قال: محرم عليكم أن تسألوا عن ذالك ولا أقول هذا من عندي فليس لي أن أحلل ولا أحرم ولكن عنه لماذا؟ فأن الأمر عند السلطان العباسي أن أبا محمد «يعني العسكري» مضى ولم يخلف.

إشاعة السلطان أن العسكري مضى ولم يخلف هذه إشاعة عباسية فيقول هذا إذا قال السلطان مضى ولم يخلف فإذا أنا قلت لكم باسمه وأنتم ناديتموه فسوف يطلع السلطان على وجوده وهذا خطر عليه فأن الأمر عند السلطان أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولد وقسم ميراثه وأخذ من لا حق له فيه «يعني أخوه جعفر الذي أخذ الميراث» وهو ذا عيال يجولون ليس لأحد أن يتعرف عليهم أو ينيلهم شيء فإذا وقع الاسم وقع الطلب فتقوا الله وأمسكوا عن ذالك.

الرواية الثالثة: هذه الصحيحة التي رواها الصدوق بإسناده عن عبدالله أبن جندب عن موسى أبن جعفر الرواية تتحدث عنه وهو لم يولد ولم يولد أباه ولا جدة أنه قال يعني الإمام موسى تقول في سجدة الشكر بعدما تسلم في الصلاة وإذا أردت أن تسجد تقول في سجدة الشكر: "اللهم أني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبيائك ورسلك وجميع خلقك أنك أنت الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبي وعلي والحسن والحسين وعلي أبن الحسين ومحمد أبن علي وجعفر أبن محمد وموسى أبن جعفر وعلي أبن موسى ومحمد أبن علي وعلي أبن محمد والحسن أبن علي والحجة أبن الحسن أبن علي ائمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرئ، هذه الرواية موجودة من زمن الإمام الكاظم قبل أن يولد الإمام المهدي وذكرها الشيخ الكافي الشيخ الكليني ذكر الرواية.

لو ذهبنا إلى المؤرخين ونترك الأحاديث ماذا يقول المؤرخون؟

لا يوجد مؤرخ أترك أبن تيميه هو الذي أنكر الولادة، المؤرخين في القرن الرابع قرن غيبة الإمام في القرن الذي بعده لا يوجد مؤرخ أنكر ولادة الإمام المهدي أصلا بل بالعكس أثبتوها وهم المؤرخون، لاحظ كتاب «سر السلسة العلوية» لأبي نصر البخاري هذا من أعلام القرن الرابع عاش مع الإمام المهدي في فترة واحدة مات سنة 340 والغيبة انتهت سنة 329 يعني أنه كان معاصر الإمام المهدي نفسه وهو من علماء السنة ومن مؤرخيهم قال: كان للحسن العسكري ولد أسمه محمد وهو الإمام الثاني عشر عند الشيعة الامامية.

المجدي في أنساب الطالبين للعمري أيضاً في نفس القرن ذكر أن الإمام المهدي ولد، أنساب الطالبين للفخر الرازي القرن السابع الفخري في أنساب الطالبين في القرن السابع، الأنساب للنسابة جمال الدين أحمد أبن عنبه في القرن الثامن، روضة الالباب لمعرفة الأنساب للنسابة الزيدي السيد أبا الحسن محمد الصنعاني في القرن الحادي عشر، إذن العلماء المؤرخون النسابة أثبتوا ولادة الإمام المهدي «عج» فأين الفرية؟ وأين الأكذوبة؟

ظهور المهدي «عج» امتداد لثورة الحسين وصوته صوت الحسين ولذلك الراية التي يرفعها يا لثارات الحسين، ومعنى يا لثارات الحسين أنه ينتصر لمبادئ الحسين ولقيم الحسين لا لأنه يقتل أهل السنة ولا يقتل أهل الجماعة كما يقول البعض «لا».

يا لثارات الحسين معناه: الانتصار للمبادئ التي من أجلها قام الحسين أبن علي الحرية والكرامة والعزة والآباء لأن ثأر الحسين هو ثار الله تبارك وتعالى فلذالك المهدي امتداد لثورة الحسين علي أبن الحسين الأكبر يسجل لنا صورة عن هذه الثورة......

والحمدلله رب العالمين