أنصار الحسين (ع) في الدالوة

شبكة المنير

بسم الله، والصلاة على المصطفى وآله الطاهرين..

﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ - البقرة، الآية 154 -

ببالغ الأسى والحزن؛ نُعزِّي مولانا صاحب العصر «عج»، وأهالي المنطقة، وعلماءَها، وذوي الشهداء، ونرفع أسمى التَّهاني لهذه الأرواح الطاهرة التي عرجت أرواحها ليلة عروج روح الحسين ، وأصحابه إلى الملكوت الأعلى، وبعد..

إنَّ الحدث المُفجِع الذي أصاب أهلنا، وأحبّاءَنا، من قرية الدّالوة، من بلدنا الأحساء الحبيبة، حيث أُزهِقتْ أرواح كوكبةٍ من الشَّباب الموالي ظلماً وعدواناً، وهم يُحيُون الشَّعائر الحسينيَّة، والمبادئ القِيَميَّة لأهل البيت ، الَّتي لن يتنازل عنها شيعة المنطقة مهما تنكرت الظُّروف؛ يستدعي منّا الإشارة إلى عدَّة أمورٍ: -

1 - إنَّ هذه المجزرة الفظيعة مدانةٌ بكلِّ الموازين الشَّرعيَّة، والقانونيَّة، والقِيَم الإنسانيّة، لما تضمَّنت مِن قتلِ مجموعةٍ مسالمةٍ دون جرمٍ، وقد قال - تعالى - ﴿مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً - المائدة، الآية 32 -، والأشدُّ خطراً من ذلك أنَّها مشروعٌ طائفيٌّ قُصِد منه إشعال شرارة الاحتراب والاقتتال بين أبناء البلد الواحد.

2 - إنَّ هذه الزُّمرة المُجرمة لا تُمثِّل الأُخوَة أهل السُّنَّة، بل هم منها براء، وقد أدانها الكثير منهم، وطالبوا بالقضاء على هذه الشَّرارة الطَّائفيّة قبلَ اتِّساعها، وإنَّما تُمثِّل المنهج التكفيريَّ البغيض، الذي قتل وأجرم في حقِّ السُّنَّة والشِّيعة في الدُّول الأخرى، وبذلك قد اتَّضح للجميع أنَّ الجريمة مشروعٌ قُصِدَ منه استدراج شيعة المنطقة للدُّخول في أتون ردِّ الفعل، وإطار الانتقام والاحتراب، لكنَّ شيعة المنطقة المعروفين بمنهج الحكمة، وروح الأُخوَّة، أكثر ذكاءً وأبعد نظراً من أنْ ينساقوا وراء هذه الأفعال الاستفزازيَّة المقيتة.

3 - إنَّ القضاء على هذه البذرة الخبيثة، التي يُخشى منها إقحام المجتمع في موجة الفعل، وردِّ الفعل، يحتاج مضافاً للخطوات الأمنيّة، ومعاقبة المجرمين ومَنْ خَلفَهم؛ إلى خطواتٍ أخرى قانونيَّة، مثل: تكريسُ وترسيخُ تجريمِ مَنْ يتحدث بلغةٍ طائفيّةٍ، أو يتصرف بنَفَسٍ طائفيٍّ يستعدي بعض أبناء البلد الواحد على بعضه الآخر، ويبثُّ روح الكراهيّة والحقد بينهم؛ لاختلافٍ مذهبيٍّ. وخطواتٍ اجتماعيّةٍ تتضمن اجتماع العقلاء أبناء هذه التربة، والبلد الواحد من الشِّيعة والسُّنَّة، الذين تربطهم الوشائج الأَخويَّة بمقتضى الجوار، والتداخل الحميم منذ مئات السنين؛ على تأكيد مواثيق اللُّحمة الاجتماعيّة، والوقوف صفّاً واحداً أمام أيِّ نعراتٍ طائفيَّةٍ محتملةٍ، كما أنَّ هناك ضرورةً مُلِحةً لاجْتِثاث منابع الفكر التكفيريِّ الإقصائيِّ، واقتلاع جذور منهج التحريض ضدَّ طائفةٍ معروفةٍ من أبناء الوطن، المُتمثِّل في التعبير عنهم بالروافض، أهل الشِّرك، وذوي البِدَع، في كتبٍ منتشرةٍ، وجرائدَ رائجةٍ، وغيرها.

وفي الأخير؛ نسأل الله - تعالى - أن يتغمد هذه الصَّفوة الطَّاهرة من الشُّهداء بواسع رحمته، وأن يُلحقهم بالحسين الشَّهيد، وأصحابه البررة، وأن يحفظ أمن هذا البلد المعطاء، ويديم عليه نعمة الإخاء، والمحبَّة، والوفاء.

والحمد لله ربِّ العالمين،،،

السيد منير الخباز
الأربعاء 1436/01/11هـ