ظمأ الروح في مناجاة الإمام زين العابدين (ع)

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ

انطلاقا من الاية المباركة نتحدث في نقاط ثلاث

  • في حاجة الإنسان إلى غذاء الروح
  • في بيان الحاجة إلى المناجاة
  • في بيان عناصر تربية الروح في مناجاة الامام زين العابدين

النقطة الأولى: هل الإنسان محتاج إلى الغذاء الروحي ام لا الفلاسفة تبعا للقرآن الكريم قسموا قوى النفس إلى ثلاث قوى

1 - القوة الأمارة

2 - القوة اللوامة

3 - القوة المطمئنة

فالقوة الأمارة مأخوذة من قوله تعالى ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ.

والقوة اللوامة مأخوذة من قوله تعالى ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ «1» وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ «2».

والقوة المطمئنة مأخوذة من قوله تعالى ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ «27» ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً «28».

النفس الأمارة هي الشهوات التي تضغط على الإنسان في أن يشبعها ويلبي حاجتها إذا استعرت الشهوة عند الإنسان ضغطت عليه أن يشبعها سواء كان الطريق مباحا أو كان الطريق حراما فإلحاح النفس من اجل إشباع الشهوة ومن اجل إشباع الغريزة المستعرة يعبر عنه القرآن بالنفس الأمارة وإذا ارتكب الإنسان ذنبا أو معصية جاء دور الضمير الذي يؤنب ويقرع ويوبخ لماذا ارتكبت الذنب ولماذا تمردت على خالقك تبارك وتعالى ولماذا تجرأت على مولاك تبارك وتعالى وهذا ما عبر عنه بالنفس اللوامة، أما النفس المطمئنة فهي التي ملكت الغذاء الروحي لئيمكن للإنسان أن يعيش اطمئنان إلا إذا امتلك الغذاء الروحي كل إنسان يحتاج إلى الاطمئنان النفسي يحتاج إلى الاستقرار النفسي لأن الإنسان إذا فقد الاستقرار النفسي فقد العطاء والفعالية الإنسان الذي يعيش توترا في داخله إنسان غير قادر على العطاء غير قادر على بناء المجتمع غير قادر على الخدمة أما الإنسان المستقر الإنسان المطمئن نفسيا هو الإنسان الفعال والإنسان المعطي إذن الإنسان محتاج إلى الاطمئنان محتاج إلى الاستقرار النفسي محتاج إلى أن يكون نفسا مطمئنه ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ الاطمئنان لا يأتي إلى الإنسان إلا إذا امتلك غذاء روحيا ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.

لايمكن لك أن تطمئن على مستقبلك المعيشي إلا إذا كان لك رصيدا في البنك إذا كان لك رصيدا في البنك حصل لك الاطمئنان على مستقبلك ومستقبل أسرتك وإذا لم يكن لك رصيدا فأنت تعيش حاله من القلق والتوتر أيضا إذا لم يكن لك رصيدا روحي أيضا إذا لم يكن لك رصيدا روحي يفرش قبرك ويفرش لحدك ويفرش أخرتك إذا لم يكن عندي رصيدا روحي يعبد لي الطريق فسوف أبقى متوترا وسوف أبقى قلقا لن احصل على الاطمئنان والاستقرار إلا إذا امتلكت الرصيد والغذاء الروحي لأجل ذلك فأنا محتاج إلى الغذاء الروحي الذي استخدمه كرصيد ينفعني في مسيرتي وفي خطي الطويل

نأتي إلى النقطة الثانية

نحن نحتاج إلى الغذاء الروحي والغذاء الروحي هو التقوى القرآن الكريم يقول ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى.

من أين نحصل على التقوى من أين نكتسب التقوى التقوى أمامها طرق كثيرة تعرض لها القرآن الكريم ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ.

ولكن اقصر الطرق واهم الطرق طريق المناجاة طريق المناجاة مع الله اقصر الطرق وأكثرها إيصالا إلى التقوى.

هناك فرق بين الدعاء والمناجاة ليس المطلوب الدعاء المطلوب هو المناجاة الدعاء هو طلب الداني من العالي أنا داني والمولى عز وجل عالي طلب الداني من العالي دعاء لكنه الدعاء قد يصدر مني برغبة وقد يصدر مني باستثقال وقد يصدر مني بإكراه وقد يصدر مني لحاجه دنيويه الحاجة في نفس يعقوب لكن المناجاة ليست طلب من الداني للعالي المناجاة حديث المحب لمحبوبة حديث العاشق لمعشوقة إذا كنت ترى إن الله عالي وأنا داني وقد اطلب منه حياء أو إكراه أو لحاجه هذا دعاء أما إذا كنت تراه محبوبك ومعشوك الذي تقدم عليه والذي تنفتح عليه والذي ترغب أن تتحدث معه فحينئذ تأتي المناجاة المناجاة حديث المحب ومحبوبة حديث بين العاشق ومعشوقة المناجاة ليست طلب المناجاة مخاطبه ومحادثه وهذا ما يركز عليه زين العابدين المطلوب هو المناجاة المناجاة اقصر الطرق إلى الله اقصر الطرق إلى التقوى إذا حصلت على المناجاة يعني جلست في ظلام الليل جلست بينك وبين نفسك بحب ورغبه أن تتحدث مع الله أن تتكلم مع الله أن تخاطب الله أن تبث همومك وأحزانك وما في قلبك إلى اللمحبوب الأول وهو الله هذا هو الطريق السريع الذي يوصلك إلى التقوى الإمام أمير المؤمنين يقول ”ركعة لي في دنياكم أحب إلي من الجنة وما فيها“ نحن نعشق الجنة لأنها حور وولدان ونعيم وقصور وخمور ولكن عليا يقول أنا كل هذا ليس مهم عندي كل هذا أمور ماديه إنا يهمني لقاء الحبيب لقاء المعشوق يهمني الحديث القلبي بيني وبين محبوبي هذا الذي يهمني ليس الذي يهمني المظاهر الدنيوية ركعة لي في دنياكم أعيش فيها مع معشوقي محبوبي أحب إلى من الجنة وما فيها إذن المهم هوالمناجاه

النقطة الثالثة: نحن نريد الرصيد الروحي من المناجاة كيف تكون المناجاة مصدر لغذائنا الروحي مصدر لرصيدنا الروحي الإمام زين العابدين في صحيفته السجاديه يضع بيده على الجرح يتحدث معنا بلفه شفافة بلغه مرهفه يتحدث عن ذنوبنا عن معاصينا عن أخطائنا عن رذائلنا يتحدث عنا كأنه يعيش داخل نفوسنا يتحدث بلساننا كأنه أدرك لسعة الجرح لذعة الجرح الذي تتغلغل وتعيش في داخل نفوسنا لنذهب لنقرئ مناجاة زين العابدين لنرى فيها عناصر تربية الروح عناصر صقل الروح عناصر تهذيب الروح نتعرف لمجموعه من العناصر السجاديه من خلال مناجاة الإمام زين العابدين

العنصر الأول سبب المشكلة ماهي المشكلة؟ وما هو سببها؟

المشكلة هي أنني كلما تبت من الذنب أعود للذنب مره أخرى أصمم على أن لا أعود إلى الذنب اعزم على أن لا أعود إلى الذنب أصلي افعل الواجبات اترك المحرمات أقول خلاص أنا أصبحت إنسان صالح أصبحت إنسان مستقيم أنا مصمم أن لا أعود إلى العلاقة غير المشروعة مصمم أن لا أعود للربا أن لا أعود إلى أكل الميتة مصمم أن لا أعود للذنوب مرة أخرى ولكن فجاءه وأنا مصمم اسقط في الهاوية فجاءه أتعرض إلى إغراء من امراءة أو لصوت جميل أو لسماع أغنيه أو لتسو يل الشيطان فارجع إلى الذنب مرة أخرى مع أنني صممت أن لا أعود فلماذا عدت ماهو السبب المشكلة لماذا أنا ضعيف انهار أمام شهواتي وانهار أمام غرائزي بهذه السرعة وبهذا الانسياق لماذا ماهو السبب ماهو سبب المشكلة زين العابدين يقول "الهي كلما قلت قد تهيأت وقمت للصلاة بين يديك ألقيت علي نعاس إذا أنا صليت وسلبتني مناجاتك إذا أنا ناجيتك الهي كلما قلت قد صلحت سريرتي وقرب من مجالس التوابين مجلسي عرضت لي بليه أزالت قدمي وحالت بيني وبين خدمتك لماذا لعلك عن بابك طردتني أو لعلك عن خدمتك نحيتني أو لعلك رأيتني مستخف بحقك فأقصيتني أو لعلك رأيتني معرض عنك فقليتني أو لعلك رأيتني غير شاكر لأنعمك فحرمتني أو لعلك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني اولعلك رأيتني في الغافلين فمن رحمتك أبستني أو لعلك رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني أو لعلك لم تحب أن تسمع دعائي فباعدتني أو لعلك بجرمي وبجريرتي كافيتني أو لعلك لقلة حيائي منك جازيتني ماهو السبب الإمام يتعرض لأربعة أسباب لماذا أنا أعود للذنب إنما أنا أعود للذنب لأن الله خذلني رفع يده عني الله قطع مدده عني الله لا يمدني لايعنني تركني أنا ونفسي وغلبتني نفسي فسقطت في الهاوية الله رفع يده قطع مدده قطع فيضه عني لماذا خذلني الله ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لماذا خذلني الله لماذا لأربعة اسباب:

السبب الأول لعلي صنعت كارثة صنعت فاحشه

في زماني الماضي وهذه الفاحشة لم يرضى الله عني إلى الآن لأنني لم أتب منها توبة نصوح ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا لأنني لم أتوب توبة نصوح مازال معرض عني مازال غاضب علي لعلك بابك طردتني لتلك الفاحشة لتلك الكارثة التي اقترفتها أذن فعلي أن أجدد التوبة علي أن أجدد الندم فعلي أن أجدد الحسرة علي أن أذيق جسمي الم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية.

السبب الثاني هو الإعراض كيف الإعراض أنا أصلي الواجبات لكني لا أحب النافلة لا أحب الدعاء لا أحب أن أقرء القرآن أصلا لا أحب أن احضر مجلس يذكرني بالله وبالذنوب لا أحب ذلك أبدا قلبي مظلم قلبي قاسي أنا أعيش جفاء روحي يحجبني عن الدعاء لا أحب أن إقراء دعاء كميل لا أحب أن أصلي نافلة الليل صلاه الليل ثقيلة علي دعاء كميل ثقيل علي لا أحب هذه الأجواء كلها لكني أصلي الواجبة أنا إنسان أعيش حاله من الجفاء والقساوه في قلبي ولأجل أني معرض اعرض عني ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ لأنني لا اقبل عليه لأنني لا اشتاق له لأنني لا ارغب في لقائه لذلك أهملني واعرض عني ”أو لعلك رأيتني معرض عنك فقلتني“

السبب الثالث الكفران الكفران بالنعمة الله إعطاني نعمه أعطاني وظيفة كبيره ولكنني لم أساعد إخواني من خلال منصبي خوفا على المنصب خوفا على الدنيا الله أعطاني نعمة المال والثروة لكني ابخل بإخراج الخمس بإخراج الحقوق الشرعية لأنها كثيرة كيف أخرجها أنا عندي أموال عندي نعمه لكني أتثاقل أن اخرج الحقوق الشرعية من هذه النعمة والإمام الباقر يقول ”من أكل شيء من حقنا كأنما أكل من لحمنا“ وأنا مصر على أن أكل الحقوق الشرعية من دون أن أخرجها ولانني كفرت بالنعمة لذلك صرت في معرض الذنوب في معرض المعصية في معرض السقوط في الهاوية ”أو لعلك رأيتني غير شاكر لنعمائك فحرمتني“

السبب الرابع مجالس الموت أنا لا أحب مجالس الحياة أنا أحب مجالس الموت ماهي مجالس الحياة مجالس العلماء العالم إذا رايته ذكرك الله لان العالم يذكرك بالقبر يذكرك بالآخرة يذكرك بالخط الطويل يذكرك بلسعة الذنوب والمعاصي أنا لا أحب مجالس العلماء مجالس العلماء فيها فقه فيها فكر فيها حرام أنا لا أحب أن اسمع كلمة حلال وحرام أنا أريد أن انطلق أريد أن أعيش حياتي بطلاقه وبانفتاح بدون قيود بدون أغلال أنا ما أريد كلمة قيود وأنا اكره مجالس العلماء مااريد كلمة فقه ودين ما أريد أن أتذكرها أحب مجالس الموت مجالس الضحك مجالس المزاح مجالس القصص التافها مجالس الشباب البطال مجالس مشاهده القنوات الاباحيه أحب الانفتاح على مواقع الانترنت على chattingعلى جميع المواقع الاباحيه أنا لا أحب إلا أن انطلق لا أحب مجالس الموت ”أو لعلك فقدتني من جالس العلماء فخذلتني أو لعلك رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني“ إذن خذلني الله لماذا لهذه الأسباب التي أنا مصر عليه لذلك خذلني أنا ونفسي خذلني أنا وذنبي فسقطت في الهاوية وسأبقى أقوم يوم واسقط يوم أتوب يوم أعود يوم أخر لأنني لم أعالج المشكلة ولم أتغلب على الأسباب الحقيقية للمشكلة.

العنصر الثاني من عناصر تربية الروح عنصر الإقرار بالذنب هل أنا مقر بذنوبي هل أنا اجلس بيني وبين نفسي فاقر بالمعاصي والرذائل التي احتطبتها وارتكبتها لم لا مع الأسف أحاول أن أتغافل كأني لم ارتكب ذنب كأن الكلام لا يعنيني الخطيب يتكلم لكنه لا يقصدني أنا لا أنا إنسان برئ يقصد غيري أحاول أن لا أوجه الكلام لنفسي أنا لست المقصود المقصود غيري أنا لم اصنع ذنب أنا لم ارتكب خطيئة أحاول دائما أن أتغاضى عن ذنوبي اصنع الذنب واخرج للعمل كأني لم اصنع شيء أو ازور الأصدقاء كأني ما ارتكبت ذنبا وأتغذى وأتعشى وأتمشى كأني مافعلت شيء أحاول دائما كلما ناداني الضمير قال يا فلان اجلس دقيقه تحدث عن ذنوبك أقلعت الضمير ومشيت بدون مبالاة وبدون حياء وبدون هوادة لا أريد أن أصغي للنداء الداخلي أريد أن أبقى متعالي متغاضي متجاهل وذنوبي التي فعلتها لماذا ماهو السبب لماذا أنا اكره أن اذكر ذنوبي بالتفصيل لماذا أولا لان ذكر الذنوب يشعرني بالتعاسة وينغص علي الحياة وأنا أريد أن أبقى مرفه سعيد مبتهج لا أريد أن اشعر بتنغيص الذنوب وبثقل الذنوب وثانيا لماذا اذكر الذنوب أنا أن ذكرت الذنوب سوف أتوب وأنا لا أريد أن أتوب أريد أن تبقى بيني وبين الذنوب علقه وشعره كلما غلبتني شهوتي مارست المعصية كلما أصرت علي شهوتي مارست العلاقة الغير مشروعه لماذا اذكر الذنوب ذكر الذنوب يجرني إلى التوبة وأنا لا أريد أن ابتعد عما أحبه من العلاقة الغير مشروعه عما أحبه من الأموال التي اكتسبتها من طرق الحرام أنا لا أريد أن اذكر الذنوب لكن زين العابدين يقول لي أنت مخطئ علاجك أن تذكر الذنوب علاجك أن تقر بالذنوب أقرار تفصيلي لابد أن اجلس مع نفسي اضغط عليها ابدأ أصرح وأعلن ذنوبي واحداً واحداً كارثة كارثة جريمة جريمة منذ بلوغي إلى يومي هذا ماذا فعلت " أنا المذنب الذي غفرته أنا المذنب الذي سترته أنا الخاطئ الذي أقلته أنا القليل الذي كثرته أنا المستضعف الذي نصرته أنا الطريد الذي آويته أنا الذي لم أستحيك في الخلاء أنا الذي لم أرقبك في الملا أنا صاحب الدواهي العظمى أنا الذي على سيده اجترأ أنا الذي عصيت جبار السماء أنا أعطيت على معاصي الجليل الرشا أنا الذي حين بشرت بها خرجت إليها اسعي أنا الذي أمهلتني فما ارعويت وسترت علي فما استحييت وعلمت بالمعاصي فتعديت وأسقطني من عينك فما باليت فبحلمك أمهلتني وبسترك سترتني حتى كأنك أغفلنني ومن عقوبات المعاصي جنبتني حتى كأنك استحيتني الهي ما عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد ولا بأمرك مستخف ولا لعقوبتك متعرض ولا بوعيدك متهاون ولكن خطيئة عرضت لي وسولت لي نفسي وغلبني هواي وأعانني عليه شقوتي وغرني سترك المرخى على فتعديت وخالفت بجهدي فا لآن من عذابك من يستنقذني ومن ايدي الخصماء غدا من يخلصني وبحبل من اتصل أن قطعت حبلك عني فوا سواتاه على ما أحصى كتابك من عملي أذن لا بد أن نقر بذنوبنا أنا احتاج إلى أن اقر بذنبي لماذا لان إقراري بذنبي يوفر لي ثلاث فوائد الأولى إذا أقررت بذنوبي تفصيلا استشعرت شناعة الذنوب استشعرت فضاعة المعاصي استشعرت خطر الرذائل وإذا أحسست بعظم الذنوب وبشناعة المعاصي صممت على التوبة وصممت على التغيير ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ.

الفائدة الثانية ذكر الذنوب يعلمني على الشجاعة الشجاع هو قوي الاراده وقوي الاراده هو الذي لا يخاف أن يصرح بذنبه أن يصرح بمعاصيه لأنه يمتلك أراده قويه لأنه شجاع ليس الشجاع من يغطي على ذنوبه لو كنت شجاع ما غطيت على ذنوبي ما غطيت على أخطائي وغطيت على ذنوبي وتعاميت وتغافلت عنها إذا كنت شجاع لأكن شجاع مع نفسي إذا كنت بطلا لأجلس مع نفسي وأقول نعم فعلت نعم قصرت نعم ارتكبت نعم أذنبت واعدد ذنوبي واحدا واحدا كي أدرب نفسي أن أكون شجاع قوي الاراده مع نفسي ولأكون بعد ذلك شجاع مع غيري الفائدة الثانية أن استعرض الذنوب والمعاصي تنفيسناً أعيش غليان داخلي أنا أعيش حاله من التوتر نتيجة الذنوب أنا أغض نظري لكن في داخلي ضجة في داخلي نداء في داخلي قلق ولا يزول هذا النداء ولا يزول هذا الغليان حتى أصرح بذنوبي واحدا واحدا وحاله حاله فإذا نفست عشت نوع من الاستقرار والطمئنينه والهدوء ألا بذكر الله تطمئن القلوب.

العنصر الثالث من عناصر تربية الروح الإلحاح أنا احتاج إلى الإلحاح كما يلح الطفل على أبيه الطفل إذا أراد حاجه من أبيه كيف يأخذها يلح تارة ويبكي وتارة يضحك وتارة يرمي نفسه على حضن والده وتارة يعرض عنه تارة يرغب وتارة يرهب الطفل يسلك أساليب مختلفة حتى يأخذ الحاجة من أبيه أنا لابد أن أمارس حالة طفولية مع خالقي لابد أن ألح واكرر وادعوا واكرر دائما ألح بأساليب مختلفة على ربي إلحاح طفو ليا مستميت حتى احصل منه على ذرة من الرحمة رشحه من المغفرة عناية من فيض عنايته تبارك وتعالى زين العابدين يعلمنا على الإلحاح بالأساليب المختلفة الهي لأن طالبتني بذنوبي لأطالبكن بعفوك ولئن طالبتني بلؤمي لأطالبكن بكرمك ولئن أمرت بي إلى النار لأخبرن أهل النار بحبي لك وأن أقول لا اله ألا الله محمد رسول الله الهي لئن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوك ولئن أدخلتني الجنة ففي ذلك سرور نبيك وأنا والله اعلم أن سرور نبيك أحب اليك من سرور عدوك الهي أن لم تغفر ألا لأوليائك وأهل طاعتك فإلى من يفزع المذنبون وان لم تكرم ألا أهل الوفاء بك فبمن يستغيث المسيئون.

العنصر الرابع عنصر البكاء الإمام زين العابدين يركز على أسلوب البكاء يركز على أسلوب البكاء ابكي للذنب ابكي للمعصية لماذا كثيرا منا يقول كيف ابكي البكاء عيب البكاء خجل أنا ماشاء الله أب وعندي أولاد كيف ابكي أنا ماشاء الله إنسان موظف وظيفتي عالية البكاء للنساء وليس للرجال لماذا ابكي ربما يقول لك قائل البكاء يعرضك للتشاؤم الباكي إنسان متشاءم من الحياة لا تبكي إذا بكيت صرت إنسان كئيب البكاء يزرع في نفسك الكئابة والحزن والأسى وإذا صرت كئيب فقدت العطاء صرت إنسان غير معطاء إنسان غير فعال إنسان غير مقدام لأنك إنسان بكاء يتعاطى بلغة النساء وهي لغة البكاء ولكن هذا تصور خاطئ البكاء ضروري لي البكاء ضروري لتغيير شخصيتي البكاء ضروري لإصلاح أوضاعي لإصلاح خطي لابد لي أن ابكي لماذا هل لأن البكاء حالة انفعالية تفرض نفسها علي إذا ذكرت الذنوب قهرا علي إذا استشعرت وأحسست بلسعة المعاصي بلذعة المعاصي ابكي قهرا علي لا ليس البكاء حالة انفعالية البكاء عملية واعية عملية هادفة عملية فعلية أمارسها بالتفات ونباهة لماذا أمارس البكاء لان البكاء يحسسني بمناطق الضعف في شخصيتي أنا اعرف أن شخصيتي ضعيفة لو لم تكن شخصيتي ضعيفة لما انسقت مع الذنوب لما انسقت مع المعصية لما انسقت مع الرذيلة إذن شخصيتي ضعيفة كيف أتعرف على مناطق الضعف في شخصيتي أتعرف على مناطق الضعف بالبكاء إذا بكيت على نفسي استشعرت مناطق الضعف في شخصيتي أدركت أنا إنسان لا حول لي ولا قوة أنا إنسان امشي لفترة مؤقتة ثم أقف أنا إنسان أعيش لفترة مؤقتة ثم انتهي وجودي ليس بيدي عمري ليس بيدي صحتي ليست بيدي أنا إنسان مخلوق ضعيف لابد أن أحس إني ضعيف وإذا أشعرت إني ضعيف وشعرت إني أعيش ضعيفا لمدة مؤقتة ثم انتقل إلى مكان آخر إلا إنما الإنسان ضيفا لأهله يقيم زمان ثم يرحل ثم تقف المسيرة ليس بيدي ولكن بيد قاهر آخر يحولني من عالم إلى عالم آخر إذن لماذا لا ابكي وأنا أدرك أني ضعيف لماذا الإمام زين العابدين يركز على لغة البكاء لأنها لغة لا تستعصي على الإنسان الذي يريد أن يغير وضعة تستعصي على الإنسان الذي متصلت متشبث بالذنوب متشبث بالمعاصي أما الإنسان الذي ليس متشبث بالذكريات السوداء ولكنه يريد بظمأ وبعطش أن يغير أوضاعه فأنه يبكي فأنه يستخدم لغة البكاء.

”الهي انقلني لدرجة التوبة إليك وأعني بالبكاء على نفسي فقد أفنيت بالتسويف والآمال عمري“