الانسان مع الروح والجن

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا

الشريعة الإسلامية تنظر إلى الإنسان نظرة ثنائية، يعني بأن الإنسان يتشكل ويتكون من عنصرين من الروح ومن الجسد، يعني ليس أن الإنسان مجرد قطعة من اللحم والشحم توزن أو تحجم أو تقدر أو تخضع للمقاييس الفيزيائية وأمثالها، وإنما الإنسان فوق ذلك روح تفكر وتحلل وتستنتج وتتدرج في مراتب الكمال والسمو، وبخلاف النظرية المادية الجدلية التي ترى أن الإنسان مجرد مادة، وهذا العقل والتفكير والإدراك ما هو إلا تطور في المادة ليس إلا.

ولا يخفى أننا إذا لاحظنا صفات الإنسان من النبل، الخلق، المروءة، الشجاعة، الشهامة، هذا النوع من الصفات والأخلاق نجدها أمور غير قابلة للمقاييس المادية، يعني أن النبل والشجاعة والشهامة والمروءة والكرم ليست أمورا توزن، أو توضع على الميزان، أو تحجم، أو تؤخذ مساحتها، أمور ليست خاضعة للمقاييس المادية، وإنما هي شيء فوق المادة وأسمى من المادة، مما يكشف على أن الإنسان يملك شيئا آخر غير المادة، غير الجسد، ألا وهو عنصر الروح.

جانب الروح، جانب النفس، فإذا كان الإنسان يتشكل من هاذين العنصرين، عنصر الروح، وعنصر الجسد، سعادة الإنسان وهناء حياته عندما يشبع هاذين العنصرين بجميع رغباتهما ويقضي ويلبي جميع طلباتهم، يعني الجانب الجسدي ماذا يحتاج من المآرب المادية، من الأكل والشرب والكساء وأمثال ذلك يعطيه حاجته، والجانب الروحي ما يحتاج إليه من الصفات السامية والأخلاق العالية أيضا يوجهه نحوه ويفرغه له، فإذا هناك حقوق وأمور تتبع الجانب الجسدي، وهناك حقوق تتبع الجانب الروحي.

حقوق الجانب الجسدي:

ورد في الحديث ”إن لربك عليك حق ولجسمك عليك حق ولأهلك عليك حق فأعط كل ذي حق حقه“ فمن جملة ما ذكره الحديث ”إن لجسمك عليك حق“ الجسد له حقوق عليك يجب عليك أن تقوم بها، تلاحظ الشريعة الإسلامية أكدت على الحقوق الجسدية، ترى الكثير من الآداب التي وضعتها الشريعة الإسلامية للأكل، للشرب، للجلوس، للنوم، لليقظة، للخلاء، بل آداب دقيقة، حتى كيفية المضغ، حتى كيفية التناول - تناول الأكل - حتى كيفية الاستبراء، سائر هذه الأمور الجزئية وضعت لها الشريعة الإسلامية آداب مفصلة إذا سار عليها الإنسان يكون قد أدى الحقوق الجسدية، وأمرت هذا الإنسان بالمعتاد من الأكل والشرب، فرب أكلة منعت أكلات، ولاحظت هذا الإنسان بأن يجنب نفسه عن أكل الحرام، اللحوم المستوردة، اللحوم الغير معلوم ذبحها على الطريقة الشرعية، يجب على الإنسان أن يتجنبها، أولا من جانب جسدي.

جريدة كيهان في عدد من أعدادها نشرت عن عدة أطباء شرقيين وغربيين أنهم قالوا: الذبيحة إذا لم تذبح بالكيفية التي طرحتها الشريعة الإسلامية فإنها تفقد كثيرا من فوائدها وعطائها، والجانب النفسي والروحي أشد، الإمام الحسين يخاطب ذلك الجيش الذي أصر على المعصية وأصر على قتال آل رسول الله يقول له: ”ملئت بطونكم من الحرام فقلوبكم كالحجارة بل هي أشد قسوة“ الإمام الحسين يشير إلى تأثير أكل الحرام على الجانب النفسي للإنسان، التعود على أكل الحرام يضع القلب موضع الحجر الأصم الصلب الذي لا يبالي بشيء ولا يحن إلى شيء ”ملئت بطونكم من الحرام فقلوبكم كالحجارة بل هي أشد قسوة“.

الشريعة الإسلامية تجنب جسد الإنسان عن تعاطي المخدرات، فإن المخدرات تفتك بجسده أشد الفتك وتقضي على قوته وحيويته وشبابه، الشريعة الإسلامية تجنب الإنسان عن الانزلاق وراء شهواته الجسدية، الانسياق وراء الزنا، وراء اللواط، هذه القاذورات التي تسبب لجسد الإنسان مرض الزهري، مرض السيلان المنوي، مرض الإيدز هذا المنتشر الآن في أمريكا وأوروبا الذي يفقد الجسد مناعته، يفقده صلابته أمام الأمراض والأزمات، هذا كله نتيجة للانزلاق وراء العلاقات الغير مشروعة والزنا واللواط.

الحقوق الروحية:

هناك حقوق للجانب الروحي، وكثير من الناس يجهلون حقوق الجانب الروحي، أسباب انحراف الإنسان، علاج انحراف الإنسان، كيفية الوقاية من انحراف الإنسان، هذه الأمور مجهولة لدى الكثير ولا يطرحها الكثير على أذهانهم ولا على أفهامهم، ونحن لا نريد أن نرجع الإنسان إلى علم النفس الحديث، لا نقول له ارجع إلى علم النفس الحديث وحاول من خلاله أن تجد العلاج اللازم لأي مشكلة نفسية، ولأي مشكلة روحية، علم النفس الحديث من وضعه ومن أسسه حتى نحن نعود إليه في حل مشاكلنا النفسية؟

هم جماعة وضعوه استخلاصا وانتزاعا من مجتمعات غربية عاشوها ومحيطات معينة أحاطت بهم، وبيئات معينة اكتنفتهم، انتزعوا واستخلصوا هذا العلم نتيجة لاستقراء ناقص على أشخاص معينين، أو على مجتمع معين أو على محيط ضيق أو بيئة ضيقة، فهذا العلم إذا كان مستخلص من محيط ضيق أو نتيجة استقراء ناقص كيف نطبق هذا العلم على سائر أفراد البشر في جميع الظروف وفي جميع البيئات والمجتمعات إذا هو علم انتزع من محيط ضيق ونتيجة لاستقراء ناقص، كيف يكون علم بقواعد مطردة على جميع أبناء البشر، وفي جميع العصور، وبمختلف الظروف والمجتمعات، وهذا الذي وضع علم النفس عندما وضعه ووضع قواعده ألم تكن نوازعه النفسية وشهواته دخيلة في وضع بعض القواعد! لا شك أن لعواطفه، ولمشاعره، ولنوازعه النفسية، مدخلية وتأثير في وضع القاعدة، وفي تأسيسها، وفي كيفية تنسيقها ونشرها، فإذا كان هذا الذي وضع علم النفس نوازعه النفسية لها مدخلية في وضع القواعد وتأسيسها فكيف نرجع إليه! نرجع إليه وما هو إلا خلاصة تجربة لصراع نفسي، أو لنوازع نفسية، عاشها هذا الواضع.

علم النفس الحديث متأثر تأثر كبير بالفلسفة المادية التي تنظر إلى الإنسان أنه مجرد كتلة من شحم ولحم وعصب ودم، فإذا علم ينظر إلى الإنسان بهذا المنظار، ونحن ننظر إلى الإنسان بأنه روح فوق هذا الجسد وعالم أسمى من عالم المادة، وأسمى من عالم الشهوات والغرائز، إذا كنا ننظر إلى الإنسان بنظرة روحانية، وهذا العلم ينظر إلى الإنسان بنظرة مادية بحتة، فكيف نأخذ العلاج منه والنظرة تختلف بيننا وبينه! نحن نعود إلى الشريعة الإسلامية، نحن نرجع مشاكلنا الروحية والنفسية ونستوفي علاجها من الشريعة الإسلامية ومن نصوص أهل البيت ونقول بأن نصوص أهل البيت تضع لنا عدة حقوق للنفس:

الحق الأول: تثقيف النفس وتعليمها

النفس تواقة للكمال ولطلب العلم والمعرفة واستجلاء الحقائق ومعرفة أسرار الكون وألغازه فالنفس فيها هذه الرغبة وفيها الاستعداد والقابلية، فعلينا بإشباع هذا الجانب، علينا بتثقيف النفس وتعليمها بالعلم الصالح النافع ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وورد في الحديث ”تفكر ساعة خير من عبادة سنة“ وهذا كله أمر بتثقيف النفس وتعليمها بالعلم الصالح وليس بأي علم كان سواء كان مضرا أو لم يكن نافعا، أول ما تعلم به النفس علم العقائد، على النفس أن تعرف عقائدها، أن تعرف بأصول دينها عن برهان ودليل لا عن تقليد محض ساذج.

كيف عرفت ربك وما الدليل على وجوده ووحدانيته وما الدليل على عدالته وما الدليل على نبوة النبي وما الدليل على إمامة الإمام وما الدليل على المعاد يوم القيامة؟ على النفس أن تعتنق العقائد بعد برهان ودليل، ثم تتعلم الأحكام الشرعية العامة اللازمة لها في حركاتها وسكناتها وليلها ونهارها، مر الرسول وتروى الرواية عن الإمام علي وإذا جماعة في المسجد محدقون برجل، قال: ما هذا؟ قالوا: هذا علامة، قال: علامة في ماذا وماذا عنده؟ قالوا: إنه يعرف أنساب العرب وتفاصيلهم وأشعارهم وخطبهم ومعاركهم، قال: ”إنه علم لا ينفع من علمه ولا يضر من جهله“ فعلى الإنسان أن يعلم نفسه ويثقفها بالعلم الصالح النافع.

الحق الثاني: إصلاح سريرة الإنسان

الإنسان له ظاهر وله باطن، ظاهره الجسد، والظاهر يمدح ويذم، إن كان الظاهر لطيفا مدحه الناس، وإن كان الظاهر قبيحا ذمه الناس ونفروا منه، كذلك الباطن يمدح ويذم، ترى الإنسان يمدح على خلقه الرفيع، على تواضعه، على شهامته، على كرمه، تقبل عليه الناس إذا ملك الأخلاق الرفيعة.

وتذمه إذا تنازل إلى درك الحيوانات ودرك العجماوات والبهائم، وكما أن الإنسان يصرف الوقت الطويل في تحسين ظاهره وفي تحسين شكله فليصرف بعضا من ذلك الوقت في تحسين باطنه، في إصلاح سريرته، أنت عندما تريد أن تذهب للعمل أو الجامعة تقف أمام المرآة ساعة تسرح شعرك وتنظف شكلك حتى لا يروك الناس بمظهر مشوه، هل تأخذ بعضا من هذا الوقت تقضي به دعاء، نافلة، ذكر من الأذكار، قراءة قرآن، لا بل تقف أمام المرآة وتسرح شعرك وتجهد وقت طويل في سبيل تنظيم الشعر وترتيبه والظهور بالمظهر الحسن، بعض من الوقت نصف ساعة تقرأ فيها القرآن، تدعو الله دعاء بخضوع وخشوع، تتلو الأذكار الحسنة، نصف ساعة تغذي هذا الجانب الروحي الظمآن إلى الأمور الروحانية والأمور الربانية فكما أنك تصلح ظاهرك فأصلح باطنك.

فعن الإمام الصادق عن جده أمير المؤمنين أنه قال: ”إذا كتب بعض الحكماء لبعض كتبوا ثلاثا ما فيهن رابعة، من كان همه الآخرة كفاه الله همه من الدنيا، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ومن أصلح فيما بينه وبين ربه عز وجل أصلح الله ما بينه وبين الناس“ حديث عن الرسول : ”يأتي على الناس زمان تخبث سرائرهم وتصلح علانيتهم طمعا في الدنيا لا يريدون به ما عند ربهم يعبدون الله رياء ولا يخالطهم خوف ويعمهم الله بعقاب يدعون منه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم“

الحق الثالث: ضبط النفس

النفس منقادة للشهوات منقادة للغرائز منقادة للانزلاق والانحراف، عليك بضبطها، بأن تبني جدارا منيعا، حصينا من التقوى والإيمان يقف أمام النفس ويصرفها عن شهواتها وغرائزها الشيطانية ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وروي عن علي أنه قال: ”وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى“ ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴿فَأَمَّا مَن طَغَى. وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى.

وعن الإمام الكاظم أن رسول الله بعث سرية إلى الجهاد، فلما رجعت السرية قال: ”مرحبا بمن قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر، قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد أنفسكم خير الجهاد أن يجاهد الإنسان نفسه التي بين جنبيه“.

ومن حقوق النفس محاسبتها، وهي أهم الحقوق، عليك بالمحاسبة والمراقبة، تحاسب نفسك كل يوم ماذا فعلت من طاعات، وماذا فعلت من معاصي، فإن كانت طاعاتك أكثر من معاصيك فرحت بذلك وسألت الله أن يوفقك لزيادة الطاعات واجتناب المعاصي، وإن كانت معاصيك أكثر من طاعاتك أنبت نفسك وقرعتها بشدة وقسوة حتى تستجيب لنداء ربها.

محاسبة النفس ومراقبتها تعد الإنسان إذا وقف أمام ربه يوم القيامة، هناك مواقف مهولة، خطيرة، يقفها الإنسان أمام ربه يوم القيامة تحتاج إلى إعداد، إلى استعداد، إذا لم يحاسب الإنسان نفسه في الدنيا لم يملك الاستعداد لذلك اليوم، يقول الصادق كما روي عنه: ”حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها فإن في يوم القيامة خمسين موقفا كل موقف مقام ألف سنة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة“.

وعن الإمام الكاظم : ”ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عمل حسنة استزاد الله تعالى وإن عمل سيئة استغفر الله وتاب منها إليه“.

جاء رجل إلى رسول الله قال: يا رسول الله أوصني، قال: هل أنت مستوص إن أوصيتك؟ هل أنت مستوص إن أوصيتك؟ هل أنت مستوص إن أوصيتك؟ وهو يقول: نعم، نعم، قال: اعلم أنك إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته فإن كان حسنا فأمضه وإن كان غيا فانته عنه. لابد لنا أن ننهج منهج أهل البيت .

منهج أهل البيت محاسبة النفس، أولا من خلال الطاعات، ماذا فعلت اليوم من طاعات، ماذا قمت بواجبات، ماذا قمت من فرائض، علينا أن نحاسب أنفسنا على الفرائض والواجبات، هل أنا أؤدي الصلوات كما يريدها الله، صلاة الفجر التي نضيعها، كم من إنسان يأخذه النوم، ولا يعي لصلاة الفجر إلا بعد طلوع الشمس، ترك صلاة الفجر من أكبر الأمراض الشائعة في مجتمعاتنا، صلاة الفجر في وقتها منبع ومصدر للتوفيق والبركة في الرزق والمعاش والعمر والعيال، لماذا نحن لا نحاسب أنفسنا على ترك صلاة الفجر؟

وكذلك فعل المعاصي، خمس دقائق قبل نومك كل ليلة أمعن قليلا في يومك وساعاتك التي قضيتها، عن المعاصي التي صدرت منك، لماذا عققت والديك، لماذا لم تطع أمرهما، لماذا اغتبت فلان، لماذا كذبت على فلان، لماذا نشرت النميمة بين فلان وفلان، ولماذا سمعت الأغنية، لماذا سمعت الموسيقى، لماذا أصررت على المعصية والذنب، حاسب نفسك قبل أن تحاسب.

عن الصادق أن رسول الله نزل مع أصحابه في أرض قرعاء، قال: أحضروا حطبا، قالوا: ما بها من حطب، قال: أحضروا ما تقدرون عليه، فصار كل واحد يحضر حطبا فيجمعونها فلما اجتمعت التفت الرسول قال: ”هكذا تجتمع الذنوب إياكم والمحقرات من الذنوب فإن لكل شيء طالبا وكاتب فمن طلبها كتب ﴿مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ“.

أنت تحاسب على الصغيرة والكبيرة وإذا عودت نفسك على الصغائر اجترأت على الكبائر ”إذا المرء أعطى نفسه كل شهوة ولم ينهها تاقت إلى كل باطل“ وعليك بأن تغتنم فرصة العمر فليس هناك أغلى من العمر، الإنسان يظن أن هناك أشياء غالية مثل المال، شيء غالي ونفيس، الأولاد مثلا، الأكل والشرب، الأرض، القصر، العمر أغلى من ذلك كله، لأن هذه المتع تستطيع تعويضها، ولكن الذي لا يرجع ولا يعود هو العمر، كل يوم يذهب لا يرجع كل دقيقة تذهب لا ترجع،

دقات   قلب   المرء  قائلة  iiله

فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها

 
إن    الحياة    دقائق   وثواني

فالذكر   للإنسان   عمر  iiثاني

دقائق تذهب ثواني لا تعود ولا ترجع، عليك باغتنام فرصة العمر، الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، الأئمة أكدوا على أهمية الوقت، على أهمية العمر، أكدوا على أن العمر فرصة غالية يجب استغلالها، ويجب الاستفادة منها، ويجب قضاؤها في الصالحات والخيرات، الرسول روي عنه أنه خاطب أبا ذر رضي الله تعالى عنه قال: ”يا أبا ذر كن على عمرك أشح منك على دراهمك ودنانيرك“.

وورد عن علي أنه قال: ”ما من يوم يمر على الإنسان إلا ويقول له ذلك اليوم أيها الإنسان أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد فقل في خيرا واعمل في خيرا أشهد لك بذلك يوم القيامة ولن تراني بعد هذا أبدا“.

وعن الإمام الصادق عن جده رسول الله : ”بادر بأربع قبل أربع بشبابك قبل هرمك وبصحتك قبل سقمك وبغناك قبل فقرك وبحياتك قبل موتك“.

أنت الآن لديك طاقة وحيوية الشباب اصرف هذه الطاقة في الصالحات والخيرات، ما دمت الآن قادر صل النافلة، اقرأ الدعاء، اقرأ القرآن، وليس بعد أن تكبر وتشيب، ومن قال أنك ستبقى حتى تشيب ومن ثم تتوب! وهل الأعمار إلا بيد الله، فأنت اغتنم فرصة شبابك، هذه القوة أفرغها في القيام بالطاعات لا في المعاصي، لا في الرذائل والذنوب، وعن الباقر : ”إن الإنسان يسأل يوم القيامة عن أربع: عن عمرك فيما أفنيته وعن جسدك فيما أبليته وعن مالك من أين اكتسبته وأين وضعته وعن حبنا أهل البيت“ الشاب إذا سئل عن وقته ترى أغلب وقته في النادي في الكرة والرياضة، نحن لا نمنع من الرياضة والنادي ولكن لا تأخذ وقتك كله بحيث تلهيك عن الفرائض والواجبات وطاعة أبيك وأمك والقيام بحقوق إخوانك وحقوق عائلتك، عليك أن تستغل عمرك في العمل الصالح، فالعمل الصالح هو المهم.

ورد عن علي : ”إن الإنسان في آخر ساعة من ساعات الدنيا وأول ساعة من ساعات الآخرة يلتفت إلى ثلاثة: إلى ماله وإلى ولده وإلى عمله، يلتفت إلى ماله يقول له: أيها المال لقد كنت عليك حريصا شحيحا طالبا لك فماذا تعطيني؟ يقول: خذ مني كفنك فقط، ثم يلتفت إلى ولده يقول: إني كنت لكم محبا وكنت عليكم محاميا فما لي عندكم؟ يقولون: نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها، فيلتفت إلى عمله يقول: أيها العمل والله إني كنت فيك لزاهدا وكنت علي ثقيلا فما أبغضك عندي ما لي عندك؟ يقول: أنا قرينك في قبرك وصاحبك عند نشرك وأعرض أنا وأنت على ربك فإن كان وليا لله جاءه أطيبهم رائحة، أحسنهم رياشا، قال له: إلى روح وريحان وجنة نعيم مقدمك خير مقدم فيقول: من أنت؟ يقول: أنا عملك ارتحل من الدنيا إلى الجنة، وإن كان عاصيا رآه أشد الناس سوادا آخذا بأكظامه أنتنهم ريحا يقول: من أنت؟ ضيقت علي يقول: أنا عملك ارتحل من الدنيا إلى النار“

المدار على حسن الخاتمة ورد عن الإمام الصادق : ”إن الرجل إذا أحسن فيما بقي من عمره لم يؤاخذ بما مضى منه وإن الرجل إذا أساء فيما بقي من عمره أخذ بالأول والآخر“ فلذلك حاول أن تواظب على الطاعات حتى تكون خاتمتك حسنة.