الإنجاز الإنساني بين الحُسن والقُبح

تحرير المحاضرات

بسمِ اللهِ الرحِيمِ الرحِيم

﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ

صدق الله العلي العظيم

انطلاقا من الآية المُباركة نتحدث حول مبدأ الحسن والقبح، والحسنة وَ السيئة. وذلك في عدة محاور.

المحور الأول: قسم علماء الأخلاق الحسن والقبح إلى ثلاث أقسام

القسم الأول: ما يكون علة تامة للحسن والقبح، بمعنى أنهُ لاينفك بإن يكون حسنًا أو قبيحًا، مثلًا الظلم والعدل، ف الظلم لا ينفك عن القُبح، لا يوجد عاقل في الدنيا يقول بإن الظلم حسن حتى الظالم الذي يظلم البشر يقر بإن الظلم قبيح وينفي عن نفسه الظلم ويتبرأ منه، الأحسان إلى الغير بدون مُقابل الأحسن حسن لا ينفك عنه الحُسن، ولا يوجد عاقِل يقول بإن الحسن قبيح.!، فهناك عناوين هِي علة تامة للحسن والقبح، بمعنى الحسن لا ينفك عنها والقبح لا ينفك عنها.

القسم الثانِي: ما يكون مُقتضي للحسن إِلّا أن يعرض مَانِع أو يكون مقتضِي للقبح إلّا أن يعرض مَانِع. مثلًا: الصدق لو خلي ونفسه فهُو حسن، الصدق يقتضي الحسن ولكن قد يعرض عارض يجعل الصدق قبيحًا، كما لو أن الصدق صار سببًا لقتل مؤمنًا مثلًا، كما لو كان هُنالك أعداء يطلبون مُؤمن ويبحثون عنهُ فإن صدقت معهم وأخبرتهُم مكانه، يكون صدقي سببًا في قتله، فالصدق هُنا قبيحًا.!، الصدق في ذاته حسن ولكن لو تعرض إليه مانِع قد يتحول إلى قبيحًا، وبالعكس في الكذب، الكذب في حد نفسه قبيح، ولكن قد يعرض عليه موضوع آخر فيصبح حسن.

كما ورد في بعض الروآيات الكذب لأصلاح المؤمنِين، افترضنا أن هُنالك أخوين أو صديقين أفترقا أختلافا وكل واحد منهم يحمل على الأخر، ويقوم شخص ثالث بِ الأصلاح بينهما فهُو يأتي للأول ويقول له الثاني يُثني عليك ويمدحك ويقول بإنه خسر صداقتك خسر أخوتك، مع أنه ما قال هذا الكلام اصلًا، ويأتِي للثانِي ويقول له كما قال للَأول، لِ يقرب بين قلبيهما ويجمعهما على الأخوة وعلى الإيمان. الكذب قبيح، ولكن قد يعرض له سبب فيكون بعارضة حسن!.، لان الأصلاح بين المؤمنين حسن ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ، الأصلاح بين المؤمنين أمر حسن، فَ ينقلب الكذب من القبيح إلى الحسن.

القسم الثالث: هُو في حد نفسه لا حسن ولا قبيح، وإنما يحتاج إلى شروط حتى يتصف بالقبح والحسن، مثلًا شرب الماء لغير العطشان، تارى الأنسان العطشان يحتاج إلى شرب الماء، وتاره لا انت غير عطشان ولكن شرب الماء لا يضرنِي.. لو شرب ماء.. الآن الناس في شهر رمضان حتى لا يعطش يشرب له نصف جيك ماء.!، هذا لا يأثر شي جيك ماء لو كأس، ناس تتصور كل ما ترس بطنه ماء بيخف العطش.!، لا ليس له علاقة، أمتلئ البطن بالماء ليس له علاقة بالعطش.

فإذا كان الماء لا يضر، شرب الماء لا هُو حسن ولَا هُو قبيح، اتصافه بالحسن يحتاج إلى شرط آخر، أتصافه بالقبيح يحتاج إلى شرط آخر، إذا كان شرب الماء عن عطشًا وأنقادًا للنفس كان حسنًا، إذا كان شرب الماء عن أمتلئ وفيه ضرارًا كان قبيحًا. وَ إِلّا نفس شرب الماء فِي حد ذاته لَا يتصف بالقبح ولا الحسن، هذه أقسام الحسن والقبح التِي ذكرها عُلماء الَأخلاق.

المحور الثانِي: هل أن الحسن وَ القبح أمر ثابت، أم أمر مُتغير.؟!

قد يتصور البعض أن الحسن والقبح أمر ليس بثابت حتى في القسم الأول الذي قلنا لا ينفك عن القبح والحسن قد يتصور الأنسان أنه أمر مُتغير. وهنالك أبيات للشاعر اليا أبو مَاضِي:

رب  قبح  عند  زيد  هُو  حسن  عند  بكر

فهما  ضدّان  فيه  وهو  وهم عند iiعمرو

فمن  الصّادق  فيما يدّعيه... ليت iiشعري

ولماذا ليس للحسن قياس... لست أدري!

هذه الأبيات تصور أن الحسن والقبح في جميع أقسامه ليس لهُ ثبات مافيه حسن ثابت ولا قبح ثابت، قد يتغير بِ تغير المُجتمعات، مثلًا أبراز المرأة لمحاسنها قبيحٌ لدى مجتمع حسنٌ لدى مُجتمع آخر، جلد الزاني قبيحٌ لدى مجتمع قبيحٌ لدى مُجتمع آخر، إذن الحسن والقبح ليس ثابت بل يتغير بتغير المجتمعات، هذه النظرية ليست صحيحة.!، لماذا.؟!، لآن هُنالك خلط بين المبدأ وَ بين المصداق، المبدأ لا يتغير، المصاديق تتغير التطبيقات تتغير، المبدأ لَا يتغير الظلم قبيح.. جميع العُقلاء يؤمنون أن الظلم قبيح هذاشيء لا يتغير، المبدأ من حيث هُو مبدأ ثابت لَا يتغير إنما التغير في المصاديق.

هل جلد الزانِي ظلم أو ليس بظلم.؟!، هذا أختلاف في التطبيق وَ إلّا المبدأ لا نختلف فيه الظلم قبيح، ولكن هل جلد الزاني ظلم له أم جلد الزانِي عدل.؟!، هذا خلاف في التطبيقات في المصاديق، المصداق التطبيق يتغير بتغير الملل والمحل المُجتمعات اما المبدأ لا يتغير، العدل حسن، والعذل أن تُعطي كُل ذي حق حقه، هل من حق الكافر الحربي الحياة ام ليس من حقه.؟!، هذا اختلاف في المصاديق.

في التشريع الأسلامي يقول هذا الكافر إِذا كان مُحارب وليس كافر مسالم هُو في مقام الحرب والعدوان عليك ك الصهيوني مثلًا.. الكافر الذي في مقام الحرب والأعتداء عليك، هل قتله ظلم ام عدل.؟!، هذا يمكن أن يختلف بأختلاف المُجتمعات، المُجتمع الأسلامِي التابع لتشريع الأسلامي يقول قتل هذا الكافر الحربي عدلٌ وَ هُو حسنُ، المُجتمع الآخر يقول لَا قتل الكافر الحربي ظلم وهذا قبيح. هذا بختلاف التطبيقات، أما المبدأ ثابت لَا يتغير، ولذالك لا نرى أحد من العقلاء كما ذكرنا في جميع الملل والمحل يقول الصدق في حد ذاته ليس بحسن. لا الصدق حسن ولكن قد ينقلب إلى القبيح احيانًا. والكذب قبيح قد ينقلب إلى الحسن احيانًا.. الأمانة، الخيانة... إلى غير ذلك من العناوين التي يؤمن جميع العقلاء بِ أن الأمانه في حد ذاتها أمر حسن، الخيانه في حد ذاتها أمر قبيح. هذا مما لا يشك ولا يختلف فيه العُقلاء.

المحور الثالث: هل أن الحسن والقبح أمر عُقلائِي ام أمر عقلِي.؟!

هذا خلاف بين الفلاسفه والأصوليين من عُلمائنّا، الفلاسفه يقولون الحُسن والقُبح أمر عُقلائِي وليس أمر عقلِي. ما معنى أمر عُقلائِي وليس أمر عقلِي.؟!، يعني الَأنسان الأول أفترض آدم مثلًا، او الأنسان الذي لم يتربى في مُجتمع ولم يعيش في مجتمع أنسان ولد في مغاره يعيش وحده، هذه الأنسان الذي لم يلتقي مع المُجتمع الأنسانِي ولم يتربى على مفاهيم المُجتمع الأنسانِي، هذا الأنسان لا يحكم بحسن ولا بقبح ابدًا.

هذا الأنسان لا يعرف ظلم ولا يعرف عدل ولا يعرف كذب وَ لا حسن ولا يعرف قبح، إذن من أين يأتي الحسن والقبح من المُجتمع العُقلائي. هذا معتقد الفلاسفه ومنهم السيد صاحب الميزان ”قدس الله نفسه“ السيد الطباطبائِي وغيرهم من الفلاسفه.

المُجتمع العقلائِي هُو الذي يقرر الحسن والقبح أم العقل وحده بدون مجتمع لا يستطيع التقرير، المجتمع العُقلائِي رأى أن العدل في أستقرار للنظام الأجتماعِي فتبان المجتمع العقلائِي واتفق المُجتمع العقلائي على أن العدل ممدوح وَ العَادِل مثاب، هذا اتفاق عُقلائِي وليس حكم عقلِي.

المُجتمع العقلائِي رأى أن الظلم يوجب أختلال النظام يوجب ضياع الحقوق فتبان وأتفق المُجتمع العُقلائِي على أن الظالم مذموم، إذن حسن العدل يعني أتفاق المجتمع العقلائِي على مذحه، قبح الظلم يعني أتفاق المُجتمع العُقلائِي على ذمه. هذا اتفاق المجتمع العُقلائِي وإِلّا العقل لو خلي وحده بدون مجتمع عُقلائِي لا عنده حسن ولا قبح وَ لا ظلم ولَا عدل، المسألة مسألة أتفاق عقلائِي.

مثلاً: الوقت، اليوم 24 ساعة النهار كذا ساعة، الأسبوع سبعة أيام، الشهر كذا... هذا التنظيم من أين جاء.؟! من العقل.!، لَا جاء من المجتمع العقلائِي، المجتمع العقلائِي من أجل أستقرار نظامة أتفق على أن يقسم الزمن إلى سنين إلى شهور إلى أسابيع إلى أيام.. إلى ساعات إلى دقائِق.. هذا مجرد أتفاق عقلائِي، وإلّا لو العقل وحده عاش الأنسان وحده لم يدرك شيء أسمه شهور وأسابيع أصلًا. لا يدرك التقسيم الزمنِي، التقسيم الزمني فكرة أخترعها المُجتمع العقلائِي من أجل تنظيم حياته ومن أجل أستقرار نظامه وإلّا العقل وحده لا يذكرها.

كذلك في الحسن والقبح المجتمع العقلائِي هو الذي اتفق فيما بينه على أن للأنسان حق الحياة وإن أهدار حق الحياة ظلم وأن الظلم مذموم. هذه كلها اتفاقات عُقلائِية أتفق عليها المجتمع العقلائي. مثلًا: اليتيم المعدم الذي لا مصدر لرزقه الأحسان إليه بدون مقابل شيء ممدوح يثاب عليه الأنسان، هذه كلها أتفاقات عُقلائِية. هذه نظرية الفلاسفه

اما عُلماء الأصول: ك السيد الخوئي، السيد الشهيد السعيد السيد باقر الصدر ”قدس الله سرهما“ المسألة مسألة عقلية وليست عُقلائِية، كيف.!

قالوا كلام الفلاسفه طبعًا كلام الفلاسفه ليس دائمًا وحي لا يرد ولا يبدل بل هي نظريات ممكن ان تصح وتخطأ وعلماؤنا كما هُم خبيرون وماهرون في الفقه والأصول هم خبيرون وماهرون في الفلسفه ايضًا، فقهاؤنا كما لهم نظريات في الفقه والأصول والأدب لهم نظريات في الفلسفه يعارضون الفلاسفه في بعض النظريات تنقدونها يخطؤنها، الفقيه هو الذي يمتلك القدرة نقد نظرية وبناء نظرية آخرى وعُلماؤنا وفقهاؤنا في النجف الأشرف في قم المُقدسه في غيرها من الأماكن من الحوزات والجامعات الأسلامية الشريفة يمتلكون القدرة العقلية والعلمية على النقد والبناء سوءًا في علم الأصول او الفقه او الفلاسفه او اللغة والأدب "

عُلماء الأصول يقولون بإن المسألة مسألة عقلية وَ ليست مسألة عُقلائِية.. كيف.؟!، يقولون وقع في كلام الفلاسفه خلط بين الحسن وأثر الحسن، بين القبح وأثر القبح، الحسن ليس معناه المدح والذم.! الحسن معناه الكمال والنقص، أثره المدح والذم. عندما نقول العدل حسن، يعني العدل كمال لنفس، الظلم قبيح أي الظلم نقص لنفس. لآن العدل كمالًا أتفق العُقلاء على مدح العادل، أتفاق العقلاء جاء على الأثر وليس على الحسن، الحسن يدركه العقل وإلّا لماذا المجتمع العقلائي يتفق على حسن العدل لابد له منشأ عقلي، لا يمكن ان يتفق المجتمع العقلائي على أمر لا يكون له منشأ عقلي من دون ان يكون له اصلا من العقل لا يعقل!.

ان المجتمع العقلائي من آدم إلى الآن يتفق على أمر وليس له منشأ عقلي من اصلا العقل هذا لا يمكن، كيف يتولد الحكم جزافًا.!؟، إذن المجتمع العقلائِي أتفق على الأثر وليس على العدل، هو العدل حسن بالعقل، العقل يقول كمال لما قال العقل بإن العدل كمال تبان المجتمع العقلائي على مذح العادل والمدح أثر العدل، المدح أثر للحُسن وليس هو الحسن، الظلم قبيح، يعني العقل نفسه يرى بإن الظلم نقص لنفس، نقول واحد ماعنده احد.! حتى وان لم يكن لديه احد لديه نفسه حتى وان كان يعيش في مغاره، الأنسان حتى وان ولد في مغاره وترك وحده يدرك أن لهُ نفس ويدرك أن اهلك بدنه ظلم لنفسه هذا يدركه العقل لو خُلي وحده، لا يحتاج إلى مجتمع عُقلائِي.

العقل وحده يدرك أن أعطى النفس حقها عدلٌ وبخس النفس حقها ظلم، العقل وحده يدرك، المُجتمع العقلائي يقول بما أن الظلم نقص إذن الظالم مذموم، فهُناك خلط بين الحُسن والقبح وبين أثريهما. العدل كمالًا هذا بالعقل، أثره مدح العقلاء للعادل، الظلم نقص هذا بالعقل، أثره ذم العقلاء للظالم. إذا الحسن والقبح عقلي أين موقعه.!؟

هناك مسألة يعبر عنها السيد الشهيد السعيد السيد باقر الصدر ”قدس سره الشريف“ يعبره عنها كثيرًا في أبحاثه ”أن لوح الواقع اوسع من لوح الوجود“ مامعنى أن لوح الواقع اوسع من لوح الوجود؟!، يعني الواقع لا ينحصر بالواقع الذي نعيش فيه، يعني هذا الذي نعيشه واقع وغيره لا!. هناك مدركات انت تُدركها بالبداء وهذه المُدركات لا تراها لا هي في الذهن ولا هي في الخارج، إِذن أين؟!. هي في واقع.. والواقع أوسع من لوح الوجود.

مثل: الآنسان يدرك بعقله النفي والأثباث لا يجتمعان، ك الوجود والعدم لا يجتمعان، لا يمكن أن أكون أنا موجود وأنا معدوم في آن واحد هذا غير ممكن، ما ممكن انا منفي وثابث في آن واحد هذا غير ممكن اصلًا النقيضان لَا يجتمعان في شيء واحد، هذه القضِية التِي يدركها العقل أين موجوده، هل موجوده في الذهن ام أنها موجوده في الخارج.؟!، لو كانت موجوده في الذهن لكانت من مخترعات الذهن ومصتنعات الذهن، الذهن يراها شي خارج عنه هُو أدركها وليست من مصنوعاته وأفعاله، هي خارج الذهن هُو أذركها فقط.

هل هي في الخارج.؟! في الخارج لا يوجد وجود وعدم.! لا يوجد إِلّا وجود فقط القضِية تقول الوجود والعدم لا يجتمعان، الخارج لا يوجد فيه إلّا الوجود.! أين العدم.؟!، النفي والأثبات لا يجتمعان الخارج لا يوجد فيه إِلّا الأثبات، أين العدم.!؟، إِذن هذه القضِية أين وعاؤها.؟! النفي والأثبات أين وعاؤها لا هي في الذهن لآنها ليست من مصنوعاته ومخترعاته بل من مدركاته ولَا هي في الخارج لآن الخارج لا يوجد فيه غير الوجود ولا يوجد فيه العدم.!؟

الوعاء هُو أوسع من عالِم الوجود نسميه بوعاء الواقع ولوح الواقع فلوح الواقع أوسع من لوح الوجود ذلك الوعاء فيه قضايا يدركها العقل من تلك القضايا الحسن والقبح. الذهن يولد بمجرد أن يفهم أن العدل حسن، الظلم قبيح، أين مكان هذه القضية موجوده، العدل حسن والظلم قبيح، هذه القصِية موجوده في وعاء الواقع الذي هُو أوسع من وعاء الوجود.. النتيجة أن الحسن والعدل بمعنى الكمال والنقص أمران عقلينا لا أمرانا عُقلائيان.. هذا بِ حسب نظرية عُلماء الأصول.

المحور الرابع: نسبة الخير والشر لله!!

نُلاحظ أن القرآن الكريم نسب الخير فقط ل لله عز وجل نقرأ الآية المُباركة ﴿تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ قال بيدك الخير ولم يقل بيدك الخير والشر، قال بيدك الخير إنك على كل شي قدير.. كيف الشر ليس بيده.!؟ طالع من يده.؟! مَا معنى الآية.!؟،

مع أنهُ سبحانه وتعالى خالق كل شيء ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ، كيف ﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.؟!، الخير هُو الكمال وَ الكمال قد يكون نسبيًا قياسيًا وقد يكون كمالًا مُطلقًا، الكمال النسبي مثل الكمالات بين البشر، فلان أعلم من فلان، فلان أكثر ثراء من فلان كمال نسبي، فلان أكثر أنشرحًا وَ أخلاقًا من فلان.. كلها كمالات نسبية قياسية يعني هذا بالنسبة لهذا خيرُ، ام الخير المطلق فَهُو الذي يكون مصدرًا لجميع الكمالات.

ماهُو مصدر لجميع الكمالات، الفيوضات، العطائات، حيث يرجع كُل الوجود إليه وكُل الوجود يستمد منه، هذا يسمى الخير المطلق لآنه الكمال المطلق لذلك الآية تقول ﴿وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى الخير المطلق والكمال المطلق لآن مصدر الكمال والعطاء مصدر الفيض وَ كُل الكون يستمد منه ﴿وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى، هذا يجرنا إلى أن نبحث معنى وجوديت الخير والحسن وعدميت الشر والقبح والسوء.

مَاهُو معنى ذلك.!؟، اذا لاحظنا الآيات القرآنية من جهة يقول تبارك وتعالى ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ كُل شي مخلوق منهُ، ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا كل شي هُو الذي خلقهُ كُل ما يُسمى شيء فهُو مخلوق لله، ومن جهة آخر يقول ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ إذا نجمع بين الآياتين يصبح أن كُل خلق حسن، لا يوجد قبيح، من جهة يقول هُو خالق كُل شيء ومن جهة آخر يقول الذي احسن كُل شيء خلقة، إذن لا يوجد شيء غير حسن!، إذن هذا الكون لَا يوجد فيه قبيح كُل مَافِي الكون خير كُل مَافِي الكون حسن، كُل مافي الكون كمال.. نقص، قبح، سوء، شر.. لَا يوجد.!، لَا وجود للقبح لاوجود للشر لا وجود للنقص. كيف.؟!

نحنُ نرى البلاايا والأعصار وَ الزلزال والبركان يقوم ويطغى ويهدم البيوت ويقضي على الأنفس، وَ الأمراض الخبيثة التِي تفتك بالعالم.! كيف.!؟ هذا كله شر كلهُ قبيح كُلهُ نقص.. هُنّا يقرر الفلاسفة وكثير من المُفسرِين أن الشر يرجع إلى أمر عدمِي، السوء يرجع إِلى أمر عدمِي، وَكذلك النقص يرجع إلى أمر عدمِي لا يرجع إلى أمر وجودِي أبدًا.!، الخير هُو الموجود، الشر معدوم.

مثلاً: الزلزال أو الأعصار هذا الزلزال في حد ذاته هُو وجود وَ هُو خير، لأن الطاقات الكامنة داخل الأرض تتحرك فيحصل هذا الزلزال هذا البركان، هذه الحركة حركة الطاقات خير وجود مفوض من قبل الله تبارك وتعالى، كيف تصبح شر.؟!، تصبح شر بِ النسبة وَ إِلّا هِي فِي حد ذاتها خير، عدم مُلائمة هذه الطاقات للبشر تستوجب بإِن توصف هذه الطاقات بإنّها شر، ولذلك لو لم يكن هُنالك بشر، هل يصير البركان شر؟!، لَا، لا يصبح البركان شر.

لو حصل البركان في منطقة بعيدة عن المناطق السكنِية، ما الشر فيها.!؟، هُو في حد ذاته خير، طاقات لها أوان معين تثبت لها أوان معين تتحرك، هي في حد ذاتها خير إِذا جاورها المنطقة سكانِية يصبح عدم تلاؤم عدم مُلائمتها إِلى البشر يُسمى شر فَ الشر جاء من قيد عدمِي وهُو عدم الملائمة وَ إِلّا هِي في نفسها خير وَ وجود مُفاض من قبل الله تبارك وتعالى.

ولِأعمق هذا المطلب أكثر أقول الحسن هُو ملائِمة الشيء للغرض المطلوب منه، وَ القبح عدم ملائِمته، الآن مثلًا لماذا نقول وجه فلان حسن؟! لماذا يصير الوجه حسن، لماذا أعطى الله الوجه للإنسان؟!، إنما أعطِي الِإنسان وجه حتى يستقبل به الأخرِين، الفرض من خلق الوجه أستقبال الأخر، فإِذا صار الوجه ملائم لغرضة، هذا الوجه ملائم دائِمًا لَأستقبال الأخر وجه مُتناسق الأجزاء يجذب الأخرين إليه.

إِذن بِ الملائمة هُنا نشأ الخير هُنا نشأ الكمال نقول تناسق أجزاء العينِين الأنف الفم دائرة الوجه، تناسق هذه الأخزاء وتناسبها خير حسن، لماذا نسميه خير وحسن؟!، لآنه ملائم للغرض منه والغرض منه أستقبال الأخر، إذا كان الوجه مُتناسق جذب الآخر إِليه. فبأعتبار الملائمة بين الوجه والغرض منه سمي الوجه حسن خير كمال.

إما اذا صار الوجه لا، الأجزاء غير متلائمة هذا ينفر الِإنسان إِذا راى الوجه القبيح، العرب أول ما يفتحوا دكاكينهم «معروف في الجاهلية وأستمرت إلى الآن» ويرى وجه قبيح يقول اليوم مافيها رزق، مافتحت عيوني إِلّا على هالوجه هذا.! يتشائمون من الوجه القبيح، الوجه إذا لم يكن ملائم للغرض منه صار منفر، لماذا وصفت بالشر والقبح لعدم الملائمة فجاءت من عدم الملائمة، عدم ملائمة هذا الوجه للغرض وهُو الأستقبال سمِي شر، وَ إِلّا هُو خير وجود، إذن الشرور ترجع إلى قيود عدمِية لَا إِلى قيود وجودِية، القبائح ترجع إلى قيود عدمية.

نفس الشيء الأفعال، الأحسان إلى الناس ملائم للغرض من خلق الناس، الغرض من خلق الناس التعارف يتحقق بالأحسن فَ الأحسن يتلائم مع الغرض يعبر عنه بالحسن، لكن الأساءة إلى الناس بكلام أو فعل هذه تتنافى مع الغرض التعارف لذلك يسمى قبيح، الحسن ينشأ من الملائمة والقبح ينشأ من عدم الملائمة. فيرجع القبح إلى أمر عدمِي ويرجع الشر إلى أمر عدمِي. فإِذا رجع إلى مصدر عدمِي فهُو غير منتسب إلى الله لآن الله مصدر الوجود لا مصدر العدم، مصدر الفيض لا مصدر العدم، مصدر الكمال لا مصدر النقص.

إِذن الشر القبح النقص ليس بيده، بيده الخير الآية قالت ﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ لم تقل بيدك الشر ولا بيدك النقص ولا سوء لآن بيدك الوجود وَ الوجود كُلهُ خير فبيدك الخير، اما الشر والنقص أمور عدمِية وأنت مصدر الوجود ﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. واحيانًا العدم ينشأ من عامل داخلي واحيانًا خارجِي، عامل داخلِي كيف.؟! القرآن الكريم يقول ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ.

إذا أنا مُصر على الرذيله مُصر على الخطأ مُصر على القبيح يُحبس عنه الفيض، الله يحبس رحمته يحبس فيضه لآنِي مصر على الخطأ مصر على الرذيلة، أصراري على الرذيلة والخطأ صار مانعًا من أفاضت الخير عليّ. فهنّا الشر والقبح سببه عامل داخلِي منِي. ولهذا قال تبارك وتعالى ﴿مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ.

الله هُو المُتفضل عليك ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا، ﴿وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ يعنِي إِنما حبسنّا الفيض عنك وحبسنّا الرحمة عنك لِعامل داخلِي موجود في نفسك وَ هُو أصرارك على الخطأ والرذيلة. وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ، واحيانًا يكون العامل أجتماعِي، كيف.؟!

القرآن تارة يُعبر بالسيئة وتاره بالمُصيبة، مَا الفرق بين السيئة والمُصيبة.؟!، السيئة أمر فردِي، المُصيبة أمر عام، كلمة المُصيبة البلاء العام ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ هذه المصائب العامة ترجع إلى أسباب عامه. مثل قوله تعالى ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ عامل جمعِي وهُو أهدار الثروة، المُجتمع أهدر الثرورة فمنعت عنه البركات ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ هذه مُصيبة لآن عاملها أجتماعِي لآنها بلاء عام ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ.

إِذن تبين لنّا من خلال هذه المحاور التِي عرضناها معنى الحُسن والقبح، معنى أن الحسن أمر وجودِي والقبح أمر عدمِي، كيف ينتسب الحُسن إِلى الله تبارك وتعالى.

نسأل الله تعالى أن يجعلنّا من المُحسنِين..