الغدير وتجديد البيعة

بسم الله والصلاة والسلام على محمد وآله المعصومين

قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ صدق الله العلي العظيم.

تمر علينا ذكرى يوم الغدير وتثير فينا مشاعر جمة، فهو أشرف الأعياد وَأعظمها، وَهو من جهة أخرى يوم إكمال الدين وَإتمام النعمة باتصال مسيرة النبوة بمسيرة الإمامة، وَمن جهة ثالثة هو يوم التمحيص وَالتمييز بين فريقين، فريق جانب الغدير فتاه في الصحراء القاحلة ضلالاً، وَفريق نهل من الغدير لذة الولاية وَحف به يذود عن لئالئه ودرره.

وَوراء ذلك كله هو يوم الميثاق كما عبر عنه في الروايات، وَالمقصود بذلك أنه يوم البيعة، لا بمعني البيعة لعلي بن أبي طالب بالإمامة وَإمرة المؤمنين فهذه هي الصورة الظاهرية ليوم الغدير.

بل بمعنى البيعة للرسول بالطاعة، وَالبيعة لله بالخضوع وَالتسليم، حيث قال عزوجل ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَوَهذه هي رقيقة الحقيقة ليوم الغدير، وَاللوحة الواقعية لحدث التنصيب.

فإن المستفاد من قوله عزوجل ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ إن الإقرار بالرسالة وَالإيمان بالنبوة يستلزم الإقرار بالبيعة لعلي الوصي بالإمامة، كما أن العكس صادق أيضاً.

فكما أن هناك تلازماً واقعياً بين العدل وَالنبوة فلا عدل إلهي بدون نبوة، فإن العادل مع بريته هو الذي يلبي حاجة البشرية لوجود النبي ، وَالشريعة التامة، وَكذلك العدل يقتضي نصب الامام لإقامة الحجة على الخلق في رفع كل أمر معضل وَامتداداً للنبوة، فالتلازم بين الثلاثة واقعي.

وَبما أن هناك تلازماً واقعياً فكذلك بين الثلاثة تلازم في الإقرار والإيمان فلا إيمان بالرسالة إلا بالإيمان بما هو امتداد لها ألا وَهو الإمامة، وَلا بيعة للرسول بالرسالة إلا بالبيعة للإمام علي بالإمامة وَإمرة المؤمنين.

فذكرى الغدير ذكرى تجديد البيعة لله بالعدالة وَاللطف، وَللرسول بالنبوة وَالطاعة وَلأمير الأمة بالإمامة وَالخضوع، وَلذلك اقترنت الثلاثة في قوله عزوجل ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ كما اقترنت الشهادة في الأذان لله وَللرسول بالشهادة لأمير الأمة.

نسال الله تعالى أن يثبتنا على الولاية له ، وَالبراءة من أعدائه، وَأن يعود علينا هذا العيد المبارك كل عام وَنحن نقول:

عجنت طينتي بماء الغدير       وَشعاري أن الوصي أميري

وَالحمد لله على الولاية