كلمة يوم العاشر - ساحة القلعة القطيف

شبكة المنير

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ

هذا المظهر العظيم، وهذا الزخم الكبير، وهذه الأنفاس المباركة، وهذه الآهات المتتابعة، وهذه الصرخات المتعالية، كلها مثالٌ بارزٌ لتعظيم شعائر أهل البيت «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين». هذه الجموع الغفيرة، وهذه الصرخات المرتفعة، هي مثالٌ لما ورد عن الإمام الباقر ، حيث قال للفضيل بن يسار: ”أتجلسون وتتحدثون؟ قلت: بلى سيدي. قال: إني أحب تلك المجالس، فأحيوا فيها أمرنا. من جلس مجلسًا يحيا فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب“. هذا الجمع الغفير إحياءٌ لأمر أهل البيت «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين».

نحن بهذه المناسبة، نحن بهذا الموقع المبارك العظيم، نؤكد التفافنا حول راية الحسين، ونؤكد اجتماعنا تحت لواء الحسين. الحسين قائدنا، الحسين لواؤنا، الحسين رايتنا، ليس لنا لواء أو راية أخرى. الحسين هو رمزنا الذي جمعنا جميعًا تحت مظلته المباركة في هذا اليوم العظيم، في هذا اليوم الدامي، ألا وهو يوم عاشوارء. إننا في هذا الموقف نحيي ونرحب بالإخوة جميعًا في موكب الإمام الحسين، وفي موكب الإمام أمير المؤمنين، وفي جميع المواكب الأخرى، وفي جميع الفعاليات الأخرى، أنهم جميعًا توحدوا واصطفوا صفًا واحدًا، وجاؤوا لإحياء أمر أهل البيت. جاؤوا وهدفهم المصلحة العامة، لم يفكر أي فريق أو أية جهة في مصلحة خاصة، أو عنوان خاص، أو شأن خاص، الكل هدفه الحسين، الكل هدفه المصلحة العامة، الكل يضحي ويتنازل من أجل المصلحة العامة، ونحن جئنا هنا كلنا من أجل المصلحة العامة، مصلحة إحياء أمر أهل البيت «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين».

هذا الجمع يا إخوان عنوانٌ للوحدة، وحدة القلوب، وحدة المشاعر، وحدة الجهود، وحدة الطاقات. علينا أن نصب اهتمامنا في الوحدة لا في هذا اليوم فقط، لا في يوم عاشوراء فقط، بل في كل يوم، في طول السنة، في طول الأيام. علينا أن نركز على مبدأ الوحدة، علينا أن نوحد الطاقات، علينا أن نجمع الجهود، علينا أن نستظل جميعًا تحت ظل علي وأهل بيته «صلوات الله عليهم أجمعين».

ليس من دأبنا - نحن شيعة أهل البيت - إثارة الفتنة، وليس من قيمنا سوء الظن بالآخرين، وليس من شيمنا ولا قيمنا - نحن أهل البيت - اتخاذ أي موفق يؤدي إلى الفرقة، أو يؤدي إلى التناحر، أو يؤدي إلى الافتراق. علينا أن نصب جهودنا كلها في الوحدة، علينا أن نتخلى عن بعض الأمور، من سوء الظن، من الغيبة، من تعدد الجهود، من بعثرة الطاقات، وأن نصب جهودنا في الأيام المقبلة كلنا بصوت واحد تحت صوت الحسين .

علينا جميعًا مهما اختلفنا، قد نختلف في الآراء، قد نختلف في أساليب العمل، قد نختلف في التقليد، قد نختلف في المرجعية، قد نختلف في بعض الأطروحات، لكن الذي يوحدنا جميعًا الحسين. الحسين يوحدنا، الحسين يجمعنا، كلنا مع الحسين، لسنا مع مرجع آخر، ولا مع رمز آخر، ولا مع راية أخرى، ولا مع لواء آخر، لسنا جميعًا إلا فقط وفقط مع الحسين.

ولذلك كلنا نغتنم هذه الفرصة، الآن وقت مغيب الشمس، نتذكر كربلاء، ونتذكر اليتامى والأطفال في كربلاء، وهم توحدوا بصرخة واحدة، كلنا نصرخها، مع كربلاء، مع زين العابدين: لبيك يا حسين، لبيك يا حسين، لبيك يا حسين... كلنا ننادي باسم الحسين، كلنا نؤكد على التحلي بمبادئ الحسين.

مبادئ الحسين، قيم الحسين، أن نتخلى عن كل ما يوجب ذلتنا، وأن نتخلى عن كل ما يوجب مهانتنا، وأن نحتفظ بهذا المجتمع، بالكرامة، بالعزة، بالإباء، بصوت الحسين ، الذي قاله وهو يحيي مبدأ العزة الذي ذكره القرآن الكريم: ﴿ولله العزة ولرسوله وللؤمنين. علينا إحياء مبدأ العزة من خلال الالتزام والتأكيد بنبذ كل ما يوجب ذلتنا. ”ألا وإن الدعي ابن الدعي، قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة“، هيهات منا الذلة، هيهات منا الذلة، هيهات منا الذلة... ”يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وجذور طابت، وحجور طهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية، أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام“.

نسأل الله لنا ولكم أن يجمعنا كل عام تحت الحسين، وأن يجمعنا طول العام تحت الحسين، رمزنا الوحيد هو الحسين أبو الأحرار سيد الشهداء، فنحن مع الحسين دنيا وآخرة، أثابكم الله، آجركم الله، رزقكم الله شفاعة الحسين، وحشركم الله جميعًا مع الحسين، ورزقنا وإياكم جوار الحسين في مقعد صدق عند مليك مقتدر، والسلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين، ورحمة الله وبركاته.