نص الشريط
السكينة والجزع في مواجهة الحدث
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 8/1/1430 هـ
مرات العرض: 4163
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (28473)
تشغيل:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ

من القيم الجمالية التي تجسدت في مدرسة كربلاء قيمة السكينة والاطمئنان في مواجهة الأحداث هذه القيمة التي مثلها الحسين عندما قال لأخته ليلة عاشوراء: ”تعزي بعزاء الله وأعلمي أن أهل الأرض يموتون وأهل السماء لا يبقون“، هذه القيمة التي عبر عنها الحسين يوم عاشوراء عندما قال: ”استعدوا للبلاء وأعلموا أن الله حافظكم ومنجيكم وجاعل عاقبة أمركم إلى الخير“ السكينة التي حفت بالحسين حتى وقت قتاله حيث يقول حميد ابن مسلم: ”كان إذا كر عليه القوم تهلل وجهه بشرى“ نحن نتحدث عن قيمة السكينة وذالك في محاور ثلاثة:

  • المحور الأول: أهمية السكينة.
  • المحور الثاني: بواعث السكينة وعوامل الجزع.
  • المحور الثالث: بيان التعامل مع الأحداث ببصيرة.

المحور الأول: أهمية السكينة.

في علم العرفان يقولون السالك إلى الله، يعني المؤمن له حالتان مع الله: حالة الوجل، حالة الاطمئنان، المؤمن يعيش حالة الوجل القرآن الكريم يقول ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.

الحالة الأولى: الوجل

الوجل: أي الخوف من الذنب دائماً المؤمن يخاف أن يذنب لأنه إنسان والإنسان في معرض الزلل وفي معرض الخطأ، الخوف من الذنب يجعل المؤمن وجلاً لأنه إذا ارتكب الذنب منعه الذنب من فيض الرحمة تقول في دعاء كميل «اللهم أغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء، اللهم أغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، اللهم اغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء» فالمؤمن وجلاً من الذنب قال تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ.

الحالة الثانية: الاطمئنان.

المؤمن مطمئن بمعنى أنه واثق بربه وأن الله لا يفعل معه إلا ما هو خيراً له قال تعالى: ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ المؤمن هو الذي يعتقد أن المصائب والأحداث التي يبتلي بها كلها نعم من قبل الله تبارك وتعالى، النعم لا تنحصر في الأشياء المحدودة قد تكون الأشياء المكروهة نعمة قال تعالى: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً من النعم الباطنة، المؤمن واثق بربه أنه لن يكتب له إلا ما هو صلاح وخيراً له قال تعالى: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا وهذه هي حالة الاطمئنان، القرآن الكريم يقول: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً النفس المطمئنة الواثقة بربها، كلن منا فليسأل نفسه هل أنا شخصية مطمئنة أو شخصية متوترة؟ هل أنا شخصية مطمئنة أو شخصية متزلزلة؟

الاطمئنان له مظاهر من اتسم بهذه المظاهر فهو شخصية مطمئنة وإلا فهو شخصية متوترة.

المظهر الأول: انشراح الصدر.

قال تعالى: ﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ وقال تعالى: ﴿فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ما معنى انشراح الصدر؟

انشراح الصدر يعني اللذة للعبادة، هل تتلذذ أنت بالعبادة؟ هل العبادة لها لذة عندك؟ أم لا؟ قرأه القرآن له لذة والدعاء له لذة والنافلة لها لذة، الإنسان الذي يشعر بلذة العبادة ويشعر بطعم العبادة عنده انشراح في صدره، وأما الإنسان الذي لا يشعر بطعم الدعاء ولا بطعم الصلاة ولا بطعم قرأه القرآن فهو يعيش جفافاً في روحه ويعيش قسوة في قلبه ويعيش ضيقاً في صدره قال تعالى: ﴿وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء الضيق هو جفاف الروح قال تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً.

المظهر الثاني: السكينة والهدوء.

إذا واجه الإنسان حدثاً كيف يتعامل معه، إذا فقد الإنسان عزيزاً هل ينهار؟ أو يكون إنسان هادئاً؟ إذا الإنسان أصيب بحادث مروع هل ينهار؟ أم يكون إنسان هادئاً؟ إذا الإنسان خسر في تجارته وخسر أسهمه وخسر أرباحه هل ينهار؟ أم يكون إنسان هادئاً؟

السكينة والهدوء مظهراً للشخصية المطمئنة، السكينة مدداً غيبياً من الله وليست حالة اعتيادية، الله إذا رأى المؤمن أصيب بحادث أو حدث مروع وهبه السكون ورباطة الجأش فالسكينة مدد غيبي قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وقال تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ.

المظهر الثالث: الثبات.

ما معنى الثبات؟، القرآن الكريم يقول: ﴿يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ما هو الثبات؟ الثبات بالقول الثابت، ما هو القول الثابت؟، القول الثابت الرؤية الملكوتيه التي تحدثنا عنها في بعض الليالي السابقة، قلنا هناك عالم ملك وهو عالم المادة وهناك عالم ملكوت وهو عالم الحقائق، هناك أناس لا يرون إلا عالم المادة لا أرى إلا أنا وأنت ولا أرى إلا أشياء مادية، وهناك أناس يرون الحقائق الخفيفة ويعرفون الأشخاص ويميزون بين الناس ويعرفون بعض الأنباء ويعرفون بعض المغيبات هؤلاء لهم رؤية ملكوتيه، هذه رؤية ملكوتيه قولاً ثابت لأن من أعطي هذه الرؤية لا يتزلزل إيمانه ولا يتعرض إلى اهتزاز قال تعالى: ﴿اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِوقال تعالى: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ لماذا؟، لأنهم ثابتون بالقول الثابت.

هناك بعض الأسئلة العقائدية أطرحها وأجيب عنها تتعلق في مسألة الثبات:

السؤال الأول:

نحن نلاحظ أن القرآن الكريم يعبر عن النبي بالتثبيت تثبيت الفؤاد، مثلاً قوله تعالى: ﴿وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً هل يحتاج النبي إلى تثبيت الفؤاد؟ هل كان النبي شخصية متوترة؟ هل كان النبي شخصية متزلزلة حتى تحتاج إلى تثبيت الفؤاد؟ ما معنى لنثبت به فؤادك؟

العلم له دراجات كما شرحناها في ما مضى، درجة علم اليقين ودرجة عين اليقين ودرجة حق اليقين، من باب المثال: أنا الآن عندما أدرس كتاب في علم الرياضيات، أدرس الكتاب للمرة الأولى أحصل على درجة من العلم بهذا الكتاب نسميها درجة علم اليقين، عندما أحضر مؤتمرات ومناقشات حول هذا الكتاب تحصل عندي رجة ثانية من العلم بالكتاب لأنه أصبحت إضافات وإيضاحات وأصبحت أشياء كشفت لي غوامض تحصل عندي درجة ثانية من العلم بالكتاب تسمى عين اليقين، إذا أنا بنفسي بعد هاتين الدراستين قمت بتدريس الكتاب عندما أقوم بتدريس الكتاب سوف أكون أكثر تركيزاً على مطالبة ستنكشف لي غوامضة وزواياه فسأحصل على درجة ثالثة من العلم تسمى حق اليقين إذن هناك ثلاث درجات من العلم قال تعالى: ﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ.

النبي هل يتكامل علمه؟

نعم، النبي منذ ولادته عالم ومنذ ولادته أعلم الناس، كنت نبي وآدم بين الماء والطين النبي في كل لحظة تمر عليه هو أعلم الناس ولكنه في كل لحظة تمر عليه يرتقي من علم إلى علم ومن قرب إلى قرب، مع أنه في كل لحظة أعلم الناس ولكنه في كل لحظة مؤول لعطاء الله ومؤول لرحمة الله ومؤول لعلوم متكاملة ومتزايدة وكمالات متفاوتة يصعد من كمال إلى كمال ومن قرب إلى قرب.

إذن النبي أيضاً يمر بدرجات من العلم قد نحن لا نتصور كنهاها، القرآن يشير إلى درجة من درجات العلم يعني أيه النبي المصطفى محمد أنت الآن على درجة من العلم بالقرآن ونحن من أجل أن نهبك درجة أخرى من العلم بالقرآن إذن كذلك قال تعالى: ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ لأن القرآن تكرر على النبي ونزل القرآن على قلبه دفعة واحدة ليلة القدر ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وقال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ، ثم بدأ ينزل مرة أخرى يعني علم بالقرآن مرة ثانية بدأ ينزل عليه تدريجاً لمدة ثلاث وعشرين سنة قال تعالى: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً أصبح درجة ثانية من العلم، ثم النبي نفسه قام بتبليغ القرآن وتفسير القرآن وإيصاله إلى أهله، إذن هناك درجات ومقامات تتكامل ويتكامل معها النبي المصطفى .

السؤال الثاني:

هناك بعض الآيات ظاهرها أن النبي في معرض الافتتان، مثلاً قوله تعالى: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قال تعالى: ﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً، هل أن النبي كان في معرض الافتتان والانحراف حتى تقول الآية ﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً؟

نرجع إلى علماء اللغة يقولون لولا تدل على انتفاء شيء لوجود مانع من حدوثه، يعني مثلاً: ً تقول لولا أني رأيتك لضربت أخاك، يعني الذي منعني من ضرب أخيك رؤيتك، فلئن الرؤية حدثت منعت من الضرب، إذن الضرب لم يحدث لأن الرؤية منعت منه، أيضاً قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يعني بالنتيجة لم تهدم، لماذا؟ لأن الله دفع الناس فما هدمت الصوامع.

مثلاًً: قوله تعالى في حق النبي يوسف قال: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ يعني هو ما هم بها لأنه رأى برهان ربه، لأنه رأى برهان ربه فما هم بها، هنا أيضاً يقول: ﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ لكننا ثبتناك إذن ما حصل منك ركون ولا حصل منك ميل ولا حصل منك اقتراب من الفتنه لأننا ثبتناك بالعصمة والعلم اللدني والرؤية الملكوتيه.

السؤال الثالث:

إذا كنا نؤمن أن المعصوم نبياً أو إماماً أن المعصوم مطلع على الحقائق، إذا المؤمن يستطيع أن يعرف بعض الحقائق فكيف بالمعصوم؟ ”اتقوا فراسة المؤمن فأنه ينظر بعين الله“ فكيف بالمعصوم؟ المعصوم مطلع على الحقائق، إذا كان المعصوم مطلعاً على الحقائق فكيف يقدم على الطعام المسموم وهو يدري أنه طعام مسموم؟

إذا كان المعصوم مطلع على الحقائق فمقتضى ذالك أن لا يقدم على تناول الطعام المسموم لأنه إزهاق للنفس وهو يعلم به، إذا كان مطلعاً على الحقائق فكيف تزوج الحسن ابن علي جعده بنت الأشعث وهي التي قتلته في آخر الأمر؟ وكيف تزوج الإمام الجواد أم الفضل بت المأمون وهي التي قتلت آخر الأمر؟

إذا كان المعصوم مطلعاً على الحقائق، فلا فضيلة لخوضه في الحروب، مثلاً: الإمام علي خاض حروب، حرب بدر وحرب الخندق، إذا كان يعلم بأنه لم يموت ولن يصيبه أذى إذاً خوضه للحروب ليس فضيلة؟ لأنه يعرف لن يصيبه شيء، إذا كان يعلم بأنه لم يصيبه أذى إذن مبيته على فراش رسول الله ليس فضيلة؟ لأنه يعلم بأنه لن يصيبه أذى، فما هو الجواب عن هذه النقطة؟

هنا يوجد وجهان للجواب:

الوجه الأول:

لنفترض أن الإمام يعلم بموته علماً فعلياً تنجيزياً فما هو ظاهر بعض الروايات، لكن هذا لا يمنع إقدامه على الموت، لماذا؟ لأنه مأمور بذالك، ألم يأمر إبراهيم بذبح ولده؟ إبراهيم أمر بذبح ولده إسماعيل قال تعالى: ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُلرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، إبراهيم أقبل على ذبح ولده، وإقباله على ذبح ولده يعد فضيلة لأنه استجاب لأمر الله، أيضاً الحسين يعلم بقتله ومع ذالك أقدم على ذالك، الحسن قال: «كأني بأوصالي تقطعها عصلان الفلاة بين النواويس وكربلاء فيملأنا مني أكراشاً جوفا وأجربه سغبا لامحيص عن يوماً خط بالقلم رضا الله رضانا أهل البيت نصبرعلى بلاءه ويوفينا أجور الصابرين» يعلم بأنه سيقتل في كربلاء ومع ذالك أقدم على الذهاب إلى كربلاء لأنه مهموماً بذالك باعتبار أن شهادته حفظ للدين وشهادته حفظ للإسلام، فأمره الله بأن يقدم نفسه قربان لله تبارك وتعالى، إذن فليكن المعصوم عالماً بموته كما هو ظاهر الروايات، لكنه أمر بأن يقدم على الموت لأن في موته مصلحة للدين.

الوجه الثاني:

ظاهر بعض الروايات أن علم الإمام بيده وبمشيئته، ورد عن الإمام الصادق : ”إذا شئنا أن نعلم علمنا“ وفي بعض الروايات ”إذا شاء أن نعلم علم“ يعني علمة بمشيئته، بما أن علمه بمشيئته ففي باب المنايا والبلايا قد يختار الإمام المعصوم أن يدخل المعركة من دون علم مسبق من أجل التوكل على الله عز وجل، مادام علمه بيده إذن بالنتيجة المعصوم يريد أن يقول هذه المعركة وهذه الغزوة مبيتي على فراش رسول الله يخوض الغزوات والمعارك ويبيت على فراش رسول الله لأنه شاء أن لا يعلم المنية في هذه الغزوات وفي هذا لمبيت فأقدم عليها متوكلاً على الله، إذن يعد إقدامه على الغزوة فضيلة، لماذا؟ لأنه لم يشاء أن يعلم بمنيته فيها، يعد إقدامه على مبيته على فراش رسول الله فضيلة لأنه لم يشاء أن يعلم نتيجة هذا المبيت مادام علمه بيده وبمشيئته، فلا يتنافى ذالك مع كون إقدامه فضيلة أبداً.

هنا سؤال سأله البعض، ذكرنا في الليلة السابقة أن المعصوم يحب ذاته كأي إنسان لأن حب النفس موجود في كل إنسان بالفطرة، وذكرنا أن العباس وصل إلى مرتبه الغيرية والغيرية أن لا يرى لنفسه قيمة فإذا كان العباس وصل إلى مرتبته الغيرية فهو أفضل من المعصوم الإمام، لأن الإمام يحب ذاته بينما العباس وصل إلى مرتبته الغيرية، فما هو الجواب؟

كل إنسان يحب ذاته، القرآن الكريم يقول: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ كل إنسان يحب الخير لنفسه وكل إنسان يحب الكمال لنفسه وهذا معنى حب الذات وهذا موجود في كل إنسان، العباس لأنه يحب الخير لنفسه فقد أدرك أن الخير كل الخير أن تكون نفسه فداءً لأخيه الحسين لذلك جعل نفسه فداءً لأخيه الحسين فحصل على مرتبة الغيرية، الإمام المعصوم أيضاً يحب ذاته لكنه لا يحب ذاته على نحو الموضوعية وعلى نحو الطريقيه، ما معنى على نحو الموضوعية والطريقيه؟

يعني أنا أحب ذاتي لأنها ذاتي، لأنها أنا فأنا أحب نفسي على نحو الموضوعية بينما المعصوم لا يحب ذاته لأنها ذاته، يحب ذاته لأن ذاته مظهراً لله تبارك وتعالى، يحب ذاته لأن ذاته ملجئ لله تبارك وتعالى، هو يرى ذاته مرآه لله وهو يرى ذاته حاكية عن الله فهو يحب ذاته لأنها مظهر لله وبالتالي فحبه لذاتة في الحقيقة حباً لله قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ النتيجة هو يحب الله، ولذلك روحة فداء وقربان لله تبارك وتعالى.

المحور الثاني: بواعث السكينة وعوامل الجزع.

نحن نحتاج إلى السكينة ونحتاج إلى الهدوء، نحن نعيش جزع واضح، ونحن نعيش قلق واضح، نحن نخاف من أن تصيبنا الأمراض الخطيرة، هذا العصر عصر الأمراض الخطيرة والأوبئة الخطيرة، نخاف أن يصيبنا مرض خطير، إذن نحن نعيش جزعاً وقلق، نحن الآن نرى ركود اقتصادي في العالم كثيراً منا خسر أسهمه في البورصة وخسر تجارته وخسر أرباحه فأصابه نوع من الجزع والقلق، بعضنا يبتلى بولد معاق إذا ابتلى بولد معاق أصابه الجزع والقلق كيف يربي ولده وكيف يتعامل معه وكيف يصبر عليه؟، أو ولد مريض بمرض مزمن كيف يتعامل معه؟ خصوصاً الأم إذا ولد لها ولد معاق أو ولد مصاب بسكلسل حاد تكون عندها حالة من القلق والجزع كيف تتعامل معه على هذه السنين الطويلة؟ وهو ولد مريض، أو الإنسان أحياناً يصاب بمشاكل حادة مع زوجته أو المرأة تبتلى بزوج مستهتر وقاسي وشديد فيصيبها القلق والجزع كيف تتعامل مع هذا الزوج العمر كله.

إذن هناك حالات كثيرة من الجزع وحالات كثيرة من القلق، وحالات كثيرة من التوتر عندنا، نحن نحتاج إلى سكينة مقابل هذه الأحداث، نحتاج إلى اطمئنان مقابل هذه الأحداث، فما هي عوامل الجزع؟ وما هي بواعث السكينة؟ علماء النفس يقولون الأزمة، متى نعبر عنها بأزمة؟

الأزمة هي الحدث المقترن بضغط، ضغط جسمي وعقلي ونفسي، الضغط الجسمي إذا إنسان أصابه حدث وأصبحت مشاكل حادة بينه وبين زوجته أو مشاكل حادة بينه وبين صديق عزيز عنده أو إنسان لا عنده مشاكل مع رئيس الشركة التي يشتغل فيها ويخاف بأنه يفصل من الشركة فلا يحصل على عمل بعد ذالك، هذه أزمة هناك ضغط بدني يصاب بانخفاض في ضغطه ويصاب بأرق ولا ينام، ويصاب بحالة تشنج في جسمه وعنده ضغط عقلي، الضغط العقلي هو صعوبة التركيز لا يستطيع أن يركز، دائماً يتصور الحدث إذا تطرح عليه أمراً ثاني لا يستطيع أن يركز ولا يستطيع أن يفهم، يعيش صعوبة في التركيز، وعنده ضغط نفسي وهو اليأس والإحباط وفقدان الأمل وربما يتطور به اليأس فيعتزل المجتمع لأنه إنسان يائس، هذه هي الأزمة وهذه هي مظاهرها، فكيف نتعامل مع الأزمة وما هو علاجها؟

هناك: علاج سريع، هناك علاج حاسم.

العلاج السريع:

له خطوتان: الخطوة الأولى: الاسترخاء، إذا أصابتك أزمة حاول أن تسترخي، كيف تسترخي؟ يعني أن تغير الجو تقرأ قصة ممتعة أو تشاهد برنامج ممتع تخرج لتلعب رياضة وتذهب إلى أصدقاءك وتذهب إلى مناظر جميلة، المهم أن تدخل في أجواء أخرى تحقق لك استرخاء لجسمك حتى تحصل على الاسترداد، علماء الصحة النفسية يسموها الاسترداد، ما معنى ذالك؟ يعني استرجاع القدرة على ضبط الانفعالات قدرتي على ضبط الانفعالات أريد أن أسترجعها مرة أخرى هذه تسمى بالاسترداد، نحتاج إلى استرخاء حتى تحصل على استرداد.

الخطوة الثانية: استشارة الصديق، هنا يأتي دور الصديق، صديقي العزيز أنت تحتاج إذا مررت بأزمة، أزمة نفسية أو اقتصادية أو اجتماعية تحتاج إلى صديق تعرض عليه أزمتك، صديق عنده حكمة وعنده صدق في التعامل معك كما ورد عن النبي محمد «صلى الله عله وآله»: ”صديقك من أصدقك لا من صدقك“ كما يقول الشريف الرضي: ”يعرفك الأخوان كلن بنفسه وخيراً أخ من عرفتك الشدائد“ نحتاج إلى الأخ في الأزمات والصديق في الأزمات.

علاج حاسم:

العلاج الحاسم أن تتعرف على منشئ السكينة ومنشئ الهدوء في شخصية الإنسان، كيف يصبح الإنسان شخصية هادئة ما هو المنشئ والعوامل التي تجعل من شخصية الإنسان شخصية هادئة ومستقرة كيف؟

الأزمة كما يقول علماء الصحة النفسية: حالة نفسية وليس حالة واقعية، كيف تكون حالة نفسية؟، نحن نجعلها أزمة ولكن ليس بالضروري أن تكون أزمة، يعني إنسان عنده مشاكل مع زوجته هو يستطيع أن يجعلها أزمة ويستطيع أن يجعلها حالة اعتيادية، هذه المشاكل قد تمر مع إنسان آخر وتكون أمر اعتيادي، أنت نفسك قد تمر معك هذه المشاكل وتكون حالة اعتيادية في بعض الأوقات، إذن الأزمة تعتمد على الإنسان نفسه، من يقرأ الأحداث بتشنج تصبح الأحداث عنده أزمة ومن يقرأ الأحداث بتأني تصبح الأحداث عنده حالة اعتيادية، الأمر يعتمد على قرأتك للأحداث وإلا لا توجد أزمة فالأزمة حالة نفسية لذلك لابد أن نعود إلى مقومات الشخصية المطمئنة وعوامل الهدوء والسكينة، ما هي عوامل الهدوء والسكينة؟

العامل الأول: قوة الإرادة.

تكون عندك إرادة، إرادة ضبط الانفعالات وضبط المشاعر حتى لا تنفعل ولا تنهار، ربما يقول إنسان أنا لا أملك إرادة ماذا أفعل؟ أنا إنسان ضعيف الإرادة، أنهار أمام الأحداث، لا يوجد إنسان لا يستطيع أن يكون له إرادة، حاول أن تعود نفسك على الصبر والتحمل، ورد عن النبي محمد : ”إن لم تكن حليماً فتحلم“ شخصاً يقول أن غضوب أقل شيء يؤذيني ”إن لم تكن حليماً فتحلم“ حاول أن تضغط على نفسك إلى أن تكون إنسان حليماً، الصبر دليل على قوة الإرادة قال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ الصبر دليل على العزيمة.

العامل الثاني: الوعي.

يعني أن تؤمن بأن الاستسلام لن يغير الحدث، يعني أنت هل تستطيع أن تغير الواقع؟ شخصاً خسر أسهمه لو بكيت مليون سنة هل ترجع أسهمك؟ لا تستطيع أنت أن تغير الواقع، أو أب أصيب بولد معاق يعني هل يقدر أن يغير من الواقع؟، الوعي بأن البكاء والنحيب والتوتر والقلق لن يغير من الواقع شيء، الواقع هدا هو فعليك أن تتكيف معه وأن تتفاعل معه قال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ.

العامل الثالث: التوكل على الله.

نحن نحتاج التوكل على الله، كل مسلم يحتاج التوكل على الله، نحن نعيش الخوف، كل واحد منا يعيش الخوف، الخوف من الأمراض والخوف من الفقر والخوف من جور الظلمة والفسقه والخوف من عوارض وكوارث الطبيعة، كل إنسان يعيش خوف، هذا الخوف لا يمكن إزالته إلا بالتوكل على الله ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ذكر الله لا يعني الذكر اللفظي، لا هذا واحد من الأنواع ذكر الله يعني الذكر العقلي أن تستحضر الله في عقلك وفي وجدانك استحضار الله يعطيك حالة من الهدوء والطمأنينة ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ وقال تعالى: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا نحن واثقون بأن الله لن يبتلينا بأمر إلا وسيعوضنا عنه، مستحيل بأن يبتلينا بأمر لا يعوضنا عنه، لماذا نخاف إذن؟ إما أن يعوضنا في الدنيا أو يعوضنا في الآخرة، يبتليك بمصيبة يعوضك عنها، يبتليك بإعاقة أو مشكلة يعوضك عنها ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ وقال تعالى: ﴿وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ النبي إبراهيم القي في نار نمرود في نار كانت ضخمة وكبيرة القي في النار أتعرضه ملك الرياح قال يا إبراهيم: إن شئت حولت لك النار دخان، قال: ليس عندي إليك حاجة، أعترضه ملك المطر قال: يا إبراهيم إن شئت أطفئت لك النار، قال: ليس عندي إليك حاجة، اعترضه إسرافيل قال: يا إبراهيم إن شئت أخذت بيدك ورفعتك من النار، قال: ليس عندي إليك حاجة، قال حاجتك عند من؟ قال: حاجتي عند ربي، قال إذن اسأل ربك، قال: علمه بحالي يغني عن سؤالي قال تعالى: ﴿ُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ حتى اصطكت أسنانه من شدة البرد، التوكل على الله.

الإمام علي يقول لأبنه الحسن: ”يا بني وألجئ نفسك في الأمور كلها، إلى إلهك، فإنك تلجئها إلى كهف حريز، ومانع عزيز“، أبو بصير سأل الإمام الصادق قال: ”أليس لكل شيء حد، قال: بلى، قال: ما حد التوكل؟، قال: اليقين، قال: ما حد اليقين؟، قال: أن لا تخاف مع الله أحدا“ هذا هو اليقين.

المحور الثالث: بيان التعامل مع الأحداث ببصيرة.

هل تعاملنا مع الأحداث انفعالي أم فعلي؟! انفعالي طبعاً، ننتظر الحدث أن يأتي وبعد أن يأتي نقول يا الله، ننتظر الركود الاقتصادي الآن ماذا نفعل، ننتظر أن تمر علينا ظروف عصيبة إذا مرت الآن ماذا نفعل؟ دائماً تعاملنا مع الأحداث انفعالي، ولذلك تعاملاً فاشل لا أثر له لأنه تعامل انفعالي لا فعلي، نحن نحتاج إلى التعامل الفعلي مع الأحداث التي تمر بنا، ما هي خطوات التعامل الفعلي مع الأحداث؟

الخطوة الأولى: البصيرة.

ما معنى البصيرة؟ القرآن يعبر أحياناً بالرشد قال تعالى: ﴿َلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَه وأحياناً يعبر بالبصيرة يقول القرآن عن لسان النبي محمد : ”قل هذه سبيلي أدعو الله على بصيرة أنا ومن اتبعني“ وقال تعالى: ﴿بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ما معنى البصيرة؟

البصير يعني استشراف المستقبل، الإنسان الذي يقرأ المستقبل قبل أن يأتي هذا إنسان ذو بصيرة، أما الإنسان الغافل لا يدري عن شيء غافل هذا الإنسان لا يملك بصيرة، ذو البصيرة هو من يقرأ الواقع ليتنبأ بالمستقبل، ذو البصيرة هو من يقرأ الواقع ليستشرف أحداث المستقبل كي يكون على استعداد لمواجهتها، هذا هو البصيرة، الإمام علي يقول: ”اللبيب من راقب في يومه غده ومضى قدماً أمامه“ وورد عنه قال: ”إذا كان الأمر يفاجئك فستعد له قبل أن يغشاك“ دع أن يكون عندك استعداد وقرأه للأحداث واستشراف للمستقبل، خصوصاً إذا كان الإنسان يملك بصيرة إيمانية وبصير توعية يجمع بين بصيرة الإيمان وبصيرة الوعي، زين العابدين يقول في حق عمه العباس: ”رحم الله عمي العباس كان صلب الإيمان ونافذ البصيرة“ عنده بصيرة إيمانية وبصيرة توعية، يعي المستقبل ويتشرف الأحداث.

عمر بن الحجاج الزبيدي أحد أركان جيش عمر بن سعد، قال لعمر ابن سعد يوم عاشوراء: يا ابن سعد أتدرون من تقاتلون؟ إنما تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر، أنصار الحسين أهل بصائر بصيرة الإيمان وبصيرة الوعي بأحداث المستقبل، إذن هذه هي البصيرة، فعلينا أن نكون ذا بصيرة حتى نتعامل مع الأحداث تعاملاً فعلياً لا انفعالياً.

الخطوة الثانية: الصبر.

الصبر ليس استسلام، البعض يتصور بأن الصبر استسلام، الصبر يعني أن تقول لا حول ولا قوة إلا بالله وتجلس، لا ليس هذا هو الصبر، الصبر القدرة على تجاوز المرحلة، يعني أنا الآن رسبت في الامتحان وذاكرت جيداً ولكني رسبت في الامتحان، ما معنى الصبر؟

الصبر القدرة على تجاوز هذه المرحلة، هذه مرحلة حتى تتجاوزها إلى مرحلة أخرى، القدرة على تجاوز المرحلة هو المسماة بالصبر، الصبر يعني قراءه المرحلة وقرأه سلبياتها وإيجابياتها، من قرأ المرحلة كان قادراً على تجاوزها في مرحلة أخرى، هذا هو الصبر القدرة على تجاوز المرحلة، ولذلك أمر القرآن بالاستعانة بالصبر قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ الصبر تجاوز المرحلة والصلاة تعطيك رصيد روحي، في الرواية كان علي إذا هاله آمر لجأ إلى الصلاة، الصلاة تعطي الإنسان سكينة وهدوء.

الخطوة الثالثة: التفاؤل.

نحن نحتاج إلى التفاؤل، صحيح تمر علينا أحداث عصيبة وخطيرة وشديدة ولكن علينا أن نكون متفائلين، التفاؤل يجعلك أقدر على التجاوز ويجعلك أقدر على ضبط الانفعالات ويجعلك إنسان متسم بالسكينة والهدوء لأنك إنسان متفائل، الإنسان المتفائل هو صاحب السكينة ﴿وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ كن متفائلاً ولا تكن يائساً، جاء رجل إلى رسول الله وكان قاتل، قال أنا قاتل لا يوجد لي أمل ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا قال له رسول الله إن يأسك من رحمة الله أشد ذنباً من قتلك، أنت ارتكبت ذنب وهذا ذنب القتل والآن ترتكب ذنب أعظم وهو ذنب اليأس، اليأس من رحمة الله أشد ذنباً، أنت لا تدري لعل الله يعفو عنك ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ: ”وإن رحمة الله لتنشر يوم القيامة حتى يطمع إبليس في رحمته“ إذن لا يدب اليأس إلى قلبك أبداً، هذه هي خطوات السكينة وخطوات التعامل الفعلي مع الحدث لا التعامل الانفعالي، من أجل أن نتعلم القيمة المبدأية للسكينة والهدوء في مواجهه الأحداث علينا أن نرجع إلى مدرسة كربلاء هي المدرسة التي تعلمنا السكينة والهدوء في مواجهه الأحداث.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

روح المبادرة من معالم عاشوراء
الأنانية والغيرية بين المعسكرين