نص الشريط
أهداف النظام السماوي
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مسجد الإمام علي (ع) بالقطيف
التاريخ: 4/9/1430 هـ
مرات العرض: 2528
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (1332)
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ

صدق الله العلي العظيم

مازال حديثنا حول مجموعة من الاستفهامات المتعلقة بالهدف من الوجود الإنساني في هذا الكون، الاستفهام الذي نتحدث عنه أولا: ما الفائدة التي يجنيها الباري تبارك وتعالى من تكليف العباد، لو أن الله تبارك وتعالى لم يبعث أنبياء ولم ينزل قوانين فما الذي كان يضره وبعد أن أنزل هذه القوانين وبعث الأنبياء فما هو النفع الذي وصل إليه عن طريق ذلك، ما هي الثمرة والفائدة من تكليف البشرية بأوامر ونواهي وهو يعلم تبارك وتعالى أن أغلبهم لن يطيعه وأن أغلبهم لن يمتثل أوامره فما الفائدة في ذلك؟!

الجواب عن هذا السؤال: الفائدة لها معنيان تارة يقصد بها المنفعة التي تعود على الفاعل وتارة يقصد بها الغاية التي يتوخاها الفاعل من فعله وأن لم تكن منفعة عائدة إليه مثلا: تارة يقوم الإنسان بعمل رياضي فيقال له ما هي الفائدة التي تجنيها من هذه الحركة الرياضية هنا يقصد بالفائدة المنفعة التي تعود إليه فيقول: أن هذه الحركة الرياضية تساعد على حركة دمي وتنشيط خلاياي وعضلاتي، وتارة يقوم الإنسان بتعليم الآخرين علم معين فيسأل ما هي الغاية هو لا ينتفع بهذا التعليم لكن يقال له ما هي الغاية التي تتوخاها وتنشدها من هذا التعليم؟! فهنا ليست هناك منفعة تعود إليه وإنما هناك غاية عقلائيه وهي تربية الآخرين وتعليمهم.

إذا الفائدة لها معنيان عندما نقول ما هي الفائدة من تكلفي البشر بالأوامر والنواهي هل مقصودنا الفائدة بالمعنى الأول يعني الفائدة بمعنى المنفعة أو مقصودنا بالفائدة بالمعنى الثاني يعني الفائدة بمعنى الغاية، إذا كان المقصود هو المعنى الأول كأننا نقول ماذا يستفيد الله؟! ما هي الفائدة التي تعود إليه؟! ما هي المنفعة التي تعود إليه من تكليف البشر بأوامر ونواهي وبعث أنبياء وإنزال كتبت؟!

طبعا لا فائدة بل هذا السؤال غلط أصلا لماذا؟! لأنه الفاعل الذي يقال له ماذا تستفيد هو الفاعل الناقص الذي يحتاج إلى الفائدة إذا فرضنا أن الفاعل ناقص يحتاج إلى أن يكمل نفسه ببعض الفوائد حين إذا يصح أن نسأله ما هي المنفعة التي تجنيها من عملك هذا لأنك فاعل ناقص والفاعل الناقص يحتاج إلى أن يكمل نفسه بفوائد ومنافع معينة فما هي المنفعة التي تعود عليك وتجنيها من هذا العمل هنا يصح السؤال، إما إذا كان الفاعل كامل قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ «ما مضمون الآية المباركة؟! أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الغني المطلق الذي لا يوجد منفعة ولا فائدة في هذا الكون إلا وهي عنده ابتداء هي عنده.

الغني المطلق جميع ما في الكون من كمالات ومنافع هي عنده وهي بيده لا يحتاج إلى أن يجنيها وأن يستجلبها وأن يستوردها من الأفعال هذا لا يصح سؤال هذا سؤال غلط يقال له ما هي المنفعة التي تجنيها من تكليف العباد؟! يقول أن غني كامل كمالا مطلقا فلا منفعة إلا وهي عندي لذلك لا يصح هذا السؤال بالنسبة لدي قال تعالى: ﴿لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.

إما إذا كان مقصودنا من الفائدة يعني الغاية كأننا نقول ما هي الحكمة؟! ما هي الغاية العقلية التي تترتب على تكليف العباد بالأوامر والنواهي صحيح الله مستغني ما هي الحكمة وما هي الغاية التي تحصل وتترتب نتيجة تكليف العباد بالأوامر والنواهي فالسؤال عن الحكمة وعن الغاية العقلية وليس عن المنفعة وليس عن الفائدة التي تعود لذاته تبارك وتعالى إذا كان السؤال عن الغاية فالجواب:

الإنسان هو المحتاج لتكليف الله تبارك وتعالى كما ذكرنا أمس خلق الوجود الإنسانية لأجل أن يصل الوجود الإنساني إلى الكمال ولا يمكن للوجود الإنساني أن يصل إلى الكمال إلا عن طريق التكليف، تكليفه بالأوامر والنواهي أنزال النظام عليه من السماء هذا النظام هو طريق وصوله إلى الكمال ”اشهد انك قد أقمت الصلاة واتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر وأطعت الله ورسوله حتى أتاك اليقين“ وصول الإنسان إلى درجة اليقين إلى درجة الكمال الروحي منوط بالنظام المؤلف من أوامر ونواهي لماذا؟!

لعامل ذاتي ولعامل اجتماعي هناك عاملان: عامل ذاتي وعامل اجتماعي كلا من العاملين يقتضي احتياج الإنسان إلى النظام وان طريقه إلى الكمال هو عبر النظام.

أما العامل الذاتي: الإنسان متقوم بالحركة كيف متقوم بالحركة؟! في قاعدة فلسفيه أذكرها لكم مع شرحها.

يقول الفلاسفة: التجرد يعني الفعلية والمادية تعني القوه كيف؟! يعني أذا افترضنا أن موجود مجرد، مجرد «يعني ليس مادي وليس له علاقة بعالم المادة» الموجودات قد تكون مادية مثل جسم الإنسان، قد تكون برزخيه يعني مشوبة بالمادة مثل الجان أو الملائكة، الملائكة لهم ارتباط بالعالم المادي لأنهم يدبرون هذا العالم المادي فلهم ارتباط وهناك موجودات مجردة يعني لا ربط لها بالمادة أصلا، لاهي مادية وليست لها علاقة بعالم المادة كالأرواح الأرواح بهد الموت غير مادية ليس لها علاقة بعالم المادي أطلاقا، الأرواح قبل الدنيا الأرواح قبل أن تنزل إلى عالم الدنيا.

أيضا كذلك مجرده تجرد مطلق المجرد لا يتحرك لأنه التجرد يساوق الفعلية المجرد كل الكمالات عنده بالفعل لا يحتاج أن يكتسبها المجرد واجد للكمال بالفعل ولا يحتاج إلى أن يكتسب الكمال فلا يحتاج أصلا إلى الحركة فالمجرد لا يتحرك، ولذلك الأرواح قبل النزول إلى هذا العالم كانت تعيش شهود لا تعيش حركة شهود يعني هي دائما في حال شهود لتجليات الله تبارك وتعالى من خلال أسمائه وصفاته، الروح قبل النزول إلى هذا العالم لم يكن لديها أي حركة لا حركة مكانية لا حركة عقلية كانت مجرد شهود تشهد تجليات الباري بأسمائه وصفاته وكذلك الروح بعد الموت الروح بعد الموت لا تتحرك تبطل الحركة فيها لا حركة مكانية لا حركة عقلية الروح بعد الموت تعيش شهود دورها دور الشهود ليس إلا.

إذا بالنتيجة: المجرد لا يتحرك لأنه لا يحتاج إلى الحركة لأنه واجد لكماله بالفعل وأي كمال أعظم من الشهود، الإنسان الذي يشهد تجليات الله بأسمائه وصفاته وصل إلى أرقى الكمال لا يحتاج إلى كمال أخر فلا حركة فيها إذا من أتت الحركة؟! من المادة هذه المادة هي التي ألجأتنا إلى الحركة، المادة تساوق القوة والقوة تساوق الحركة بمعنى «أن الإنسان عندما ابتلى بجسم هذا الجسم بلاء قيد للإنسان الإنسان عندما ابتلي بهذا الجسم الإنسان عندما أصبح مادي نزل إلى الأرض كيف ينزل إلى الأرض؟! ينزل عبر نطفة والنطفة شيء مادي ولابد أن ينزل عبر حركة ماديه من نطفة إلى علقة إلى مضغه إلى عظام إلى جسم متكامل إلى أن يصبح إنسان سوي.

إذا الإنسان عندما نزل إلى عالم الأرض عالم الدنيا أصبح ماديا يعني أصبح مقترن بجسم مادي قال تعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِيهناك تسويه ونفخ ومادة إلى غير ذلك فأصبح ماديا لما أصبح مادي لا يستطيع إلا أن يتحرك، كما أن المادة لا يمكن أن تنتقل من مكان إلى مكان إلا بالحركة الإنسان يقفز بدون حركة؟! «لا» لا يمكن، كما أن الإنسان لا يمكن أن ينتقل من مكان إلى مكان إلا بالحركة لا يمكن أن يفكر بالحركة لا يمكن أن يستجلب المعلومات إلا بالحركة، لا يمكن حتى المشاعر والعواطف إلا بالحركة كل شي فيه بالحركة كل هذه نتيجة المادة، المادة جعلت الإنسان قوة وليس فعلية والقوة ليست واجده للكملات فلا يمكن أن تجد الكمالات وأن تكتسبها إلا بالحركة.

ولذلك يقول الفلاسفة ما هو تعريف الحركة: الحركة الخروج من القوة إلى الفعل، يعني أنا قبل أن أتعلم قبل أن ادخل المدرسة كنت عالم لا بالفعل لكن بالقوة لما دخلت المدرسة وتعلمت أصبحت عالم بالفعل فالخروج من القوة إلى الفعل حركة أنا لا استطيع أن أفكر أستطيع أن اكتسب المعلومات بدون حركة فكرية «لا يمكن» لا يمكن أن أكتسب أي معلومة إلا بحركة فكرية سواء كانت الحركة سريعة أو بطيئة المهم أحتاج إلى حركة فأنت في فكري أحتاج إلى حركة في سلوكي أيضا لا يمكن أن أودي أي اعمل في الخارج لأجل أي هدف إلا عبر الحركة حتى في علاقاتي علاقتي بأمي علاقتي بأبي علاقتي بأخي علاقتي بزوجتي علاقتي بصديقي كلها تحتاج إلى حركة حتى المشاعر والعواطف نحو الآخرين حب الآخرين بغض الآخرين يحتاج إلى حركة في العواطف والمشاعر.

إذا الإنسان لأنه أصبح ماديا أصبح محتاج إلى الحركة حركة في فعله، حركة في سلوكه، حركة في مشاعره حركة في علاقاته فالمادية تقتضي القوه والقوة تقتضي الحركة فالإنسان متحرك ولأجل أنه متحرك يحتاج إلى نظام يضبط هذه الحركة أنت إنسان أنت موجود متحرك وهذه الحركة حتى تكون وسيلة مضمونه للوصل إلى الكمال تحتاج إلى نظام يضبط هذه الحركة لكي تكون وسيلة مضمونة للوصل إلى الكمال فالإنسان محتاج إلى النظام لضبط حركة لأجل أن تكون وسيلة مضمونة للوصل إلى الكمال هذا عامل ذاتي يقتضي حاجة الإنسان إلى التكليف.

العامل الاجتماعي: يقتضي حاجة الإنسان إلى التكليف، ما هو هذا العامل الاجتماعي؟! الإنسان لا يمكن أن يعيش من دون مجتمع وجد الإنسان ضمن مجتمع إنساني والمجتمع الإنساني فيه أهداف فردية وفيه أهداف اجتماعية وقد تتعارض الأهداف الفردية عن الأهداف الاجتماعية فإذا تعارضت المصالح الفرد ومصالح المجتمع احتجنا إلى نظام يضمن لنا عدم المعارضة بين مصالح الفرد ومصالح المجتمع احتجنا إلى نظام يكيف ويؤقلم ويوفق بين المصلحتين المصلحة الفردية والمصلحة الاجتماعية بحيث يكون هذا النظام طريق للوصل إلى الكمال فهناك عاملان: عامل ذاتي وعامل اجتماعي يجعلان البشرية تحتاج إلى نظام مؤلف من أوامر ونواهي.

فإذا الله خلق البشرية ويعرف أنها تحتاج إلى النظام لعامل ذاتي ولعامل اجتماعي فلابد أن ينزل عليها النظام لأنه إذا لم ينزل عليها النظام فهو أما جاهل بحاجتها وهو عالم بكل شي، أو عالم بحاجتها ولكنه عاجز عن أنزال النظام وهذا يتنافى مع قدرته على كل شي، أو انه عالم وقادر على أنزال النظام لكنه بخيل به وهو تعالى المطلق.

إذا مقتضي علمه بحاجة البشرية وقدرته على إيصال النظام إليه وجوده المطلق بهم أن ينزل النظام عليهم من السماء من أجل أن يكون هذا النظام طريق موصل إلى الكمال الروحي قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِلأنه العبادة هي طريق الكمال فإذا هذا هو الهدف أو الغاية العقلية من التكليف من تكليف المجتمع البشري.

الاستفهام الثاني: يقول هو لماذا الله ما خلصها من الأول، من الأول أعطانا من الكمال وخلاص تعالوا صلوا صموا وحجوا وكذا يالله متى تصلوا إلى الكمال من الأول يعطينا الكمال بما أنه الجود المطلق فمقتضى جوده المطلق أن يهبنا الكمال من أول الأمر فنولد ونحن كاملون طاهرون مبرؤون مثل الملائكة.

إذا مقتضى جوده المطلق أن يعطينا الكمال المطلق منذ أول يوم فنولد ونحن أرباب الكمال فلا نحتاج إلى حركة ولا نحتاج إلى نظام ولا نحتاج إلى أوامر ونواهي ونعيش كاملين مثلنا مثل الملائكة فما هو الهدف من جعلنا بهذا النحو بحيث نحتاج إلى الحركة ثم نصل إلى الكمال عبر قانون الحركة من الأول نوجد كاملين الجواب عن ذلك:

هنا أمران:

الأمر الأول: هل المقصود أن يعطينا الكمال ونحن بشر ماديون «يعني نحن مادين ويعطنا الكمال من أول الأمر» لا يجتمع الأمران كيف لا يجتمع الأمران؟! لأنه ذكرنا المادية تقتضي الحركة لا يمكن، المادة نقص فلو جعلت المادة كاملة لم تكن مادة هذا نظير أن أقول يا رب أن إنسان وجعلني ملك ولكن أنا إنسان «ما يصير» إذا جعلتك ملك لم تكن إنسان أما مع المحافظة على إنسانيتك لا يمكن جعلك ملكا هذا نظير أن يقول الإنسان يا رب اجعل التفاحة مع كونها تفاحة أجعلها برتقاله كيف؟! هي تفاحة كيف تصبح برتقاله أما تفاحه وأما برتقاله هي تفاحة وفي عين الوقت برتقاله ما تصير.

إذا كان المقصود بهذا السؤال هو أنه أننا نبقى بشر ماديين ومع ذلك نعطى الكمال من أول يوم هذا جمع بين الضدين، المادية تقتضي النقص المادة نقص المادة تقتضي الحدود المادة ضيق ونقص بما أن المادة ضيق ونقص لذلك متى ما كان الشيء ماديا كان ناقصا ومتى ما كان ناقصا أحتاج إلى الكمال ومتى ما احتاج إلى الكمال أحتاج إلى الحركة كي يصل إلى الكمال، فلو أعطي الكمال من أول يوم وهو ماديا كان جمع بين الضدين جمع بين الإنسان وبين الملك في وجود واجد جمع بين التفاحةلو فرضنا أن والبرتقالة في وجود واحد غير معقول لا يمكن.

فإذا الجمع بين المادية مثل: طفل عمره خمس سنوات نعطي معلومات الجامعة هذه المعلومات المادية ضعها في راسك غير ممكن لأنني لا يمكن أن أصل إلى المعلومات إلا عبر الحركة لازم يتحرك عقلي حتى أصل إلى هذه المعلومات ولوا أعطيت المعلومات من دون حركة عقلية لم تتلاءم هذه المعلومات مع وجودي لم تتلاءم مع طاقتي، إذا لا يمكن للإنسان ما دام ماديا أن يعيش الحركة والحركة تحتاج إلى نظام رجعنا إلى الحركة إلى النظام.

إما إذا كان المقصود بهذا السؤال أنه لا يا رب أخلقنا ملائكة من الأول هذا مقصودنا أعطينا الكمالات من أول يوم أتيت بنا إلى عالم المادة نحن من أول الأمر خلقنا ملائكة طاهرين من الدنس لا نعيش شهوة ولا عواطف ولا مشاعر كل ما يرتبط بعالم المادة لا نريده، نحن نريد أن تخلقنا من أول يوم غير ماديين ما دامت المادة هي منشئ النقص فأبعدنا عن المادة من الأول نحن هكذا؟!

الجواب: لو أننا خلقنا أرواح مجرده غير مرطبته بعالم المادة بطل عالم الآخرة بعد لا توجد له حاجة لأنه عالم الآخرة متوقف على حركة مادية عالم الآخرة لا تحتاج لهذا لغو، عالم الآخرة كمالات لا يصل إليها الإنسان إلا عبر حركة مادية، فالحركة المادية في الدنيا هي الطريق لكمال الآخرة، هذه التي تسمع منها الجنة وأنها شهود لله عز وجل قال تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًاالآخرة كمال وهذا الكمال بتوقف على حركة مادية في عالم الدنيا وهذا هو المقصود في قوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ إذا انتم لا تريد لا موت ولا حياة ﴿أَحْسَنُ عَمَلًاهذا الهدف لا يصير الاحسنية تتوقف على موت وحياه يعني على حركة ماديه بين طرفين بين طرف الموت وطرف الحياة، أن المقصود بالآية خلق التزاوج بين الموت والحياة في كل آن أنا ولولا هذا التزاوج بين الموت والحياة في كل آن أنا ما وصل الإنسان إلى مرحلة الأحسنية أن يكون ﴿أَحْسَنُ عَمَلًا.

إذا بالنتيجة: لو فرضنا أننا خلقنا أرواح طاهرة نقية ولم نرتبط بعالم المادة أبدا لبطل العالم الأخروي مثل: واحد يولد عالم لا يحتاج إلى الشهادة الجامعية، الشهادة الجامعية كمالا متوقف على حركة تعليمية فكرية إذا هو ولد عالم لا يحتاج إلى شهادة جامعية كمال يتوقف على حركة مادية معينة، فإذا لو أن البشرية خلقوا من دون مادة لبطل عالم الآخرة يبقون في عالم الذر يبقون في عالم الأرواح من دون عالم آخرة يعيشون شهود مطلقا لتجليات أسماء الله وصفاته من دون أن يكون هناك عالم دنيوي ولا عالم أخروي يعيشوا فقط في عالم الذر وإذا عاشوا في عالم الذر شهود مطلقا بطل عالم الآخرة وإذا بطل عالم الآخرة خسروا كمالات عظيمة وهي كمال العالم الأخروي لا يقاس عالم الذر بعالم الآخرة، عالم الآخرة كمال وصل إليه الإنسان بحركته، وإما عالم الذر كمال قهري، قهري على الإنسان وليس كمال اختياري.

هذا مثل فرق بين شخصين أنت تأخذ الغذاء وتدخله إلى جوفه من دون أن يتلذذ بأكله صح أو لا. مثال: هذا مريض مركب عليه مغذي هذا المريض الذي يجعل عليه مغذي هذا المريض الذي يجعل عليه مغذي يصل الغذاء إلى معدته وإلى جهازه الهضمي ولكن من دون أن يعيش لذة في أكله من دون أن يعيش تفاعل معه بل بالعكس يكره متى يشيلوا المغذي ويرتاح منه.

هذا الذي يعيش في عالم الذر يعيش شهود قهرية ليس باختياره وإرادته بينما الذي يعيش الكمال الأخروي يعيش كمالا اختياري يعني «يتلذذ به ويتفاعل معه ويتناغم معه» لأنه نتيجة حركته ونتيجة بذل طاقته والكمال الذي تتفاعل معه وتتلذذ به أشد كمالية من الكمال القهري الذي تعطى إياه من دون تفاعل ولا لذة ولا تناغم معه.

نصل إلى الاستفهام الأخير الذي يتعلق بالتكليف، الاستفهام الأخير أن يقول الشخص لماذا لم يخلقني الله أساسا فأنا وجودي أصبح ضرر عليّ أكثر من نفعي فلماذا لم يخلقني من الأساس لماذا لم يجدني من الأساس فأن وجودي ضررعليه لأنني أميل إلى المعاصي والذنوب والرذائل واقترافي للمعاصي والرذائل سوف يسبب ليّ عذاب في الأخرى لو من الأول لم يخلقني كان أفضل لي، فهل من الحكمة أن يخلقني مع أن وجودي يضرني أليس من الحكمة أن يترك خلقي ويخلق الصالحين المؤمنين الطيبين لماذا يخلقني أنا؟!

الجواب عن ذلك ما ذكرناه الأمس هذا الاستفهام تكرر لماذا خلق الله الكفار وهو يعلم أن مصيرهم إلى النار أجبنا عنه أمس لماذا خلق الله العصاة وهو يعلم بأنهم سوف يناولون قسط من العذاب السؤال مكرر بصيغة أخرى لماذا خلقني وأنا شخص سوف أعصية وسوف أنال عذاب وضرر في الآخرة فلولا لم يخلقني لكان أحسن لي.

يروى أن سيف الدولة الحمداني خرج من شرفته وجاء ووقف على مجموعة من الأدباء والشعراء وقال أنا أنشئت بيتنا من الشعر لا أظن أحد يستطيع أن يثني يأتي ببيت ثاني له هذا بيت وحيد نادر لأنه هذا البيت يعالج يتحدث عن مشكلة إشكالية وشبهة عويصة ليس لها حل قالوا له ما هذا البيت؟! قال:

لك جسمي تعله   فدمي  لن iiتطله

يعني إذا جسمي بيدك تمرضه وتشافيه أتعبه وتريحه يوم مريض يوم زين يوم عليل يوم سليم كافي لماذا تعذبني بعد؟! إذا كان جسمي وجودي بيدك بين صحة وسقم وبين مرض وشفاء وبين تعب وراحة هذا يكفي عليّ.

كان هناك أبو فراس الحمداني صاحب القصيدة المشهورة الحق مهتضم هذه القصيدة المعروفة في أهل البيت التي قال فيها ليس الرشيد كموسى في القياس ولا مأمونكم كالرضا إن أنصف الحكم

قام أبو فراس وقال تثنيته بسيطة:

لك جسمي تعله   فدمي  لن iiتطله

قال:

إن كنت iiمالكاً   فلي الأمر كله

إذا بالنتيجة: الإنسان خلق إلى الكمال والوصول إلى الكمال بتجليات الله للإنسان الكمال ليس كمال مادي ليس خمسة ريال لا هذا الذي يملك 7 مليار مثل الذي يملك خمسة ريال نفس الشيء كله كمال مزيف هذا الكمال المادي كمال زائف كمال قصير كمال منقرض منقطع قال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا يعني هذا صحيح متاع أما متاع دنيوي متاع قصير الأمد ينتهي بالحفرة قال تعالى: ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ الكمال الذي خلقت له ليس هذا الكمال الذي خلقت له كمال روحي، الكمال الروحي طريقه أن يتجلى لك الله فإذا تجلى لك الله بأسمائه وصفاته بلغت الكمال الروحي، وهذا ما ورد في الحديث القدسي ”كنت كنزا مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي اُعرف“ أتجلى لهم.

والإنسان كما ذكرنا وأقمنا الشواهد مؤمن أو كافر يتجلى له الله في الدنيا وفي الآخرة فهو يحصل على الكمال شاء أم أبى لا تقول لو ما خلقتني لكان أحسن أنت تعيش في حسن ولكن لا تشعر به، أنت تعيش في كمال لكنك لا تلتفت إليه، أنت تعيش في بحبوحة من الكمال والحسن لكنك تحتقر ذلك هذا العالم عالم تجلى الله بأسمائه وصفاته أنت تعيش كمال من خلال تعرفك على مصدرك ومبدئك من خلال أسمائه وصفاته أنت لو كنت أنت ملحد وكنت كافر فوجودك أحسن من عدمك لأنه وجودك يعني الكمال يعني الاتصال بالله يعني تجلي لله لك بأسمائه وصفاته في الدنيا وفي الآخرة.

فبما أنك تعيش هذا الكمال الروحي بما أنك تعيش هذا التجلي قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدُ

فيا عجباً كيف يعصى الإله

وفي     كل     شيء    iiله

 
أم   كيف   يجحده  iiالجاحد

آية   تدل  على  انه  iiواحد

علاقة التفوق والصراع
هدفية الوجود الإنساني