نص الشريط
الشجرة الطيبة في القرآن
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 21/1/1433 هـ
مرات العرض: 3866
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (3795)
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا [1] 

آمنا بالله صدق الله العلي العظيم

انطلاقًا من الآية المباركة نتحدّث في محاورَ ثلاثةٍ:

المحور الأول: في تحليل معنى الكلمة.

ربّما يظنّ الإنسانُ أنّ الكلمة معناها اللفظ الذي يدلّ على معنىً من المعاني، ولكنّ الصّحيح أنّ الكلمة ليست متقوّمة باللفظ، فالكلمة قد تكون لفظًا وقد تكون غيرَ لفظٍ، الكلمة متقوّمة بالدلالة، أي أنّ كل شيء يدلّ على شيء فهو كلمة، فالكلام ما كان فيه دلالة على شيء، والكلمة ما كانت دالة على شيء، فقوام الكلمة بأنْ تكون لها دلالة، كل ما يكون له دلالة فهو كلمة، كل ما يكون له دلالة فهو كلامٌ، سواءً كان لفظًا، كما إذا تكلمتَ بكلام يدل على ما في نفسك أو ما في ذهنك، هذا يسمّى كلامًا، أو قمتَ بإشارةٍ، فإنّ الإشارة كلامٌ، كما أنّ اللفظ يدلّ على ما في النفس، الإشارة أيضًا تدل على ما في النفس، فالإشارة كلمة، واللفظة كلمة، الذي يجمعهما الدلالة، اللفظ كلمة، والإشارة كلمة.

حتى الفعل يعبّر عنه بالكلمة، يعني مثلاً: عندما يدخل إنسانٌ له قيمة وله وزنٌ اجتماعيٌ في المجلس فتقوم أنت احترامًا له، هذا القيام كلمة، لماذا؟ لأنّ هذا القيام يدلّ على تعظيمك له، كل ما يدل على شيء فهو كلمة، اللفظ كلمة والإشارة كلمة والفعل أيضًا كلمة، قيامك تعظيمًا لفلان كلمة؛ لأنه يدلّ على التعظيم ويدلّ على الاحترام، فالكلمة متقوّمة بالدلالة لفظًا كانت أو إشارة أو فعلاً من الأفعال.

من هنا نرى أنّ القرآن الكريم اعتبر كل وجودٍ يدلّ على قدرة الله وإبداعه فهو كلمة، كل وجودٍ يدلّ على عظمة الله وحكمته فهو كلمة، وإن لم يكن لفظًا، وإن لم يكن إشارة، القرآن الكريم يقول: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي كلمات ربي يعني ماذا؟ يعني: الآيات التي تدل على قدرته وإبداعه وحكمته ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا - لهذه الآيات - لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا [2] ، كلّ وجودٍ في هذا الكون فهو كلمة، الشمس كلمة لأنّها تدلّ على قدرة الله، الإنسان كلمة لأنّه يدل على عظمة الله، كلّ ما يدل ويُنبِئ عن عظمة الخالق فهو كلمة.

فوا عجبًا كيف يُعْصَى الإلهُ

وفي   كل   شيءٍ   له  iiآية

 
أم   كيفَ   يجحدهُ   iiالجاحدُ

تدلّ     على     أنّه    واحدُ

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [3] ، من هنا قسّم الفلاسفة الكلامَ إلى ثلاثة أقسام: كلام لفظي، وكلام فعلي، وكلام ذاتي.

ما هو الفرق بين الأقسام الثلاثة؟

القسم الأول: الكلام اللفظي.

هو الذي خصّ به اللهُ بعضَ أنبيائه، قال تبارك وتعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ [4] ، ﴿كَلَّمَ اللَّهُ يعني كلمهم كلامًا لفظيًا، ما معنى كلمهم كلامًا لفظيًا؟! الله ليس جسمًا حتى يخرج منه ويصدر منه الكلامُ اللفظيُ، بمعنى أنّ الله خلق هذا الصّوت تحت جسم معيّن فسمعه النبيُ موسى أو غيره، قال تبارك وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا بمعنى أن يلهم قلبَه، الوحي هنا بمعنى الإلهام، ﴿إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ يعني: من وراء جسم، حجاب يعني جسم، يعني: أن يخلق صوتًا عبر جسم معيّن فيسمعه هذه النبيُ، ﴿أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ [5]  كما نزل جبرئيلُ على النبي المصطفى محمّدٍ ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [6] ، موسى عندما جاء شاطئ طور سيناء نُودِيَ من البقعة المباركة أنّي أنا الله، نُودِيَ يعني سمع صوتًا، سمع صوتًا خُلِقَ من الشجرة، خُلِقَ من خلال جسم الشجرة، سمعه موسى بن عمران، هذا الكلام اللفظي.

القسم الثاني: الكلام الفعلي.

والمقصود بالكلام الفعلي أنّ الله تبارك وتعالى جعل بعضَ الموجودات آياتٍ تعبّر عن قدرته، تعبّر عن عظمته، تعبّر عن إبداعه، فكانت هذه الموجوداتُ التي جعلها آياتٍ على عظمته كلماتٍ تدلّ عليه، نلاحظ عندما تحدث عن عيسى بن مريم «عليه وعلى نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام»: ﴿يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ [7]  المسيح كلمة، المسيح كلمة لأنّه آية جامعة، وُلِدَ من غير أب، وتكلم في المهد صبيًا، ﴿قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا [8]  ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ [9] ، عيسى بن مريم بما حُفت به من الآيات والمعاجز - كولادته من غير آب ونطقه وهو في المهد - عبّر عنه القرآنُ بأنّه كلمة، هذا هو الكلام الفعلي.

القسم الثالث: الكلام الذاتي.

الكلام الذاتي دلالة الله على ذاته بذاته، كما دلّ على ذاته بصوتٍ خلقه لموسى بن عمران، هذا سمّيناه كلامًا لفظيًا، كما دلّ على ذاته بحقائقَ وجوديّةٍ دلت على عظمته، كما في شأن عيسى بن مريم، أيضًا دلالة ذاته على ذاته تسمّى كلامًا ذاتيًا، ”يا مَنْ دلّ على ذاته بذاته، وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته“، تجليه تبارك وتعالى لقلوب أوليائه هذه الدلالة الذاتيّة، نحن بحثناها في ليالٍ سابقةٍ، الدلالة الذاتيّة هي تجليه في قلوب أوليائه، وليس تجليه عبر الآثار وعبر المخلوقات الأخرى، تجليه في قلوب أوليائه، هذا التجلي وهذا الظهور هو الدّلالة الذاتيّة، ”دلّ على ذاته بذاته“، ”عرفتك بك - كما ورد عن أمير المؤمنين علي - وأنت دللتني عليك“، ”متى غبتَ حتى تحتاج إلى دليلٍ يدلّ عليك، ومتى كانت الآثار هي التي توصل إليكَ“ كما ورد عن الإمام الحسين ، إذن هذا التجلي وهذا الظهور في قلوب الأولياء وفي أرواحهم يعبّر عنه بالكلام الذاتي، ”دلّ على ذاته بذاته“.

المحور الثاني:

القرآن عندما تحدّث عن الكلمة في بعض الموارد عبّر عنها بالتماميّة، فما هو المقصود بالتماميّة؟ ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً [10] ، ما هو المقصود بتماميّة الكلمة؟

ذكرنا في المحور الأول أنّ الموجودَ إذا كان مظهرًا لله وحاكيًا عن عظمة الله يصحّ أنْ نسمّيه كلمة كما كان عيسى بن مريم، فكلما كان المخلوقُ أعظم شأنًا، كلما كان المخلوقُ أعظم دلالة على قدرة الله، كانت كلاميّته أعظم من كلاميّة غيره، كلما كان المخلوقُ جامعًا للكمالات، جامعًا لصفات الجمال والجلال كانت مظهريّته لله ودلالته على الله أتمّ وأقوى وأعظم، فهو أعظم كلاميّة من غيره من المخلوقات، من هنا نلاحظ آيتين ترتبطان بهذا المعنى:

الآية الأول: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ [11] ، ما هي الكلمات التي تلقاها آدمُ فتاب عليه؟ الكلمات هذه أخرجت آدم من مرحلة إلى مرحلة، يعني: أخرجته من درجةٍ إلى درجةٍ أخرى من الكمال، آدم كان بمرتبةٍ، افترض بمرتبة 50% من الاستعداد للكمال، بهذه الكلمات انتقل آدم من مرحلة 50% إلى مرحلة 80%، هناك كلماتٌ نقلت آدم في سلم الكمال وفي مدارج الكمال من درجةٍ إلى درجةٍ أخرى، لأنّ التوبة على آدم... آدم لم يعصِ معصية شرعيّة، وإنّما خالف النهي الإرشادي كما يقول علماؤنا، لم يخالف نهيًا مولويًا، آدم كان يحتاج أن ينتقل من مرتبةٍ إلى مرتبةٍ أخرى من الكمال، وهذا النقل عبّر عنه القرآنُ بأنّه توبة، احتاج إلى شيء ينقله من هذه المرتبة إلى تلك المرتبة، ما هي تلك الكلمات؟

ليست ألفاظًا، الألفاظ لا تنقل الإنسان من مرتبةٍ من الكمال إلى مرتبةٍ أخرى، إذن هناك حقائقُ انصهر بها آدمُ وعاشها آدم، تلك الحقائق أثرت أثرَها التكويني، أثرت أثرَها الروحي، نقلت آدم من مرتبةٍ إلى أخرى، وإلا الألفاظ «الكلمات اللفظيّة» لا تنقل الإنسانَ من مرتبةٍ إلى مرتبةٍ أخرى من الكمال، فما هي هذه الحقائق الوجوديّة التي عاشها آدمُ وانصهر بها وبها انتقل إلى هذه المراتب السّامية؟

الرواية الواردة تقول: ”إنّ آدم لما هبط إلى الأرض سجد لله، فلمّا رفع رأسَه من السّجود رأى مكتوبًا على ساق العرش: محمّدٌ وآل محمّدٍ“، هنا جاء الانصهار، اكتشف آدمُ ما هي الكلمات التي تنقله إلى مرتبةٍ أخرى من الكمال، فانصهر بها، وتعلق بها، وتوسّل بها، قال: ”اللهم إنّي أتوسّل إليك بأحبّائك محمّدٍ وآل محمّدٍ“، قال: لماذا توسّلتَ بهم؟! قال: ”إنّي لما وجدتُ أسماءهم مكتوبة على ساق العرش علمتُ أنهم أحبّ الأسماء إليك، وتوسّلتُ بهم إليك“، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ [12] .

إذن الكلمات هي حقائق، حقائقُ نوريّة، طبعًا مكتوبٌ على العرش، العرش ليس لوحًا ومكتوبٌ عليه بالحبر: محمّدٌ وآل محمّدٍ! لا، هذه حقائق نوريّة، العرش مقامٌ معنويٌ مجرّدٌ تحفّ به الأنوارُ من كل جانب ومكان، هؤلاء مكتوبون على ساق العرش، يعني: كانت حقائقُ نوريّة مشعشعة مشرقة حول العرش، لا أنه مكتوبٌ بالحبر أو باللفظ، لا، ”خلقكم اللهُ أنوارًا فجعلكم بعرشه محدقين“، إذن الانصهار بهذه الأنوار والاستضاءة بشعاعها نقل آدم من مرتبةٍ إلى أخرى.

وهناك آية أخرى: وهي قوله عزّ وجلّ: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [13] ، ما معنى ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً؟ يعني كلمة تصير ناقصة وتصير تامة؟! نعم، تصير ناقصة وتصير تامة، قلنا بأنّ الكلمة هي الوجود الذي يدلّ على الله، هذا هو الكلمة، هذا الوجود تارة يكون مشوبًا بالنقص، وتارة يكون وجودًا كاملاً من تمام الجهات، إذا كان وجودًا مشوبًا بالنقص من جهةٍ فهو كلمة، لكنّه كلمة غير تامّة، وأمّا إذا كان وجودًا هو محض الكمال، صرف الكمال، لا يشوبه النقصُ والعيبُ من جهةٍ من الجهات فهو الكلمة التامّة التي لا نقص فيها.

من هنا يتبيّن لنا المقارنة بين عيسى بن مريم وبين هذه الآية، عيسى بن مريم لم يعبّر عنه القرآن بأنّه كلمة تامّة، عبّر عنه بكلمة، ﴿إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ لم يقل: بكلمة تامّة، ﴿بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لكن لمّا جاء إلى هذه الآية قال: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً، إذن عيسى بن مريم وإنْ كان وعاءً للآيات والمعاجز الباهرات لكنّ هذه الوجود أيضًا مشوبٌ بعلم محدودٍ، قدرةٍ محدودةٍ، وطاقةٍ محدودةٍ، هناك كلمة أتم جمعت أطرافَ الكمال وأشتاتَ الكمال من كلّ جهةٍ ومكان، لم يشبها نقصٌ ولا عيبٌ، فهي أتمّ من هذه الكلمة، في الرواية عن محمد بن مروان عن الصّادق : ”إنّ الإمام ليسمع وهو في بطن أمه، فإذا وُلِدَ جاء مكتوبًا بين عينيه: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ“، الإمام المعصوم الكلمة التامة ”السّلام على كلمات الله التامات العلى“، الإمام المعصوم عبارة عن الكلمة التامة الذي يدلّ على الله بجميع ما عنده، هو قطعة من الكمال لا يشوبها نقصٌ ولا عيبٌ.

وأجملَ منك لم ترَ قط عيني

خُلِقْتَ  مبرّأ  من  كلّ  عيبٍ

 
وأعظمَ  منك لم تلدِ iiالنّساءُ

كأنّك  قد  خُلِقْتَ  كما iiتشاءُ

وتماميّة هذه الكلمة - وهي الإمام المعصوم - تماميّة بالصّدق والعدل، كله صدقٌ، كله عدلٌ، كله حقٌ، ”عليٌ مع الحقّ، والحقّ مع علي“ لذلك فهو الكلمة التامة التي لا يشوبها نقصٌ من أيّ جهةٍ.

المحور الثالث: حديثنا عن تحليل معنى الآية المباركة التي افتتحنا بها.

﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا، ثم يقول في الآية التي بعدها: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ [14] ، ما هو المقصود بالكلمة الطيّبة؟

هنا ثلاثة تفسيرات للكلمة الطيّبة:

التفسير الأوّل: أنّ المراد بالكلمة الطيّبة العقيدة.

العقيدة كلمة طيّبة، لِمَ؟ لأنّها تغرس أثرها على السّلوك، لا سلوك إلا بعقيدةٍ، العقيدة هي التي تفرز السّلوك، لماذا الإنسان يأتي مآتم أهل البيت ويتحمّس ويتعب ويشارك في عزاء الحسين لولا عقيدة راسخة؟! العقيدة الراسخة هي التي تبعث على السلوك، وهذا ما تؤكّده بعضُ الرّوايات: ”إنّ لجدي الحسين حرارة“ حرارة العقيدة، حرارة العقيدة تتحوّل إلى حرارةٍ سلوكيّةٍ، تتحوّل إلى طاقةٍ سلوكيّةٍ فعّالةٍ، العقيدة تبعث على السلوك، لذلك نلاحظ القرآنَ الكريمَ يركّز على أهمّيّة العقيدة من ناحية تأثيرها على السلوك، يقول القرآن الكريم: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ [15]  يعني: لأنّهم يؤمنون بالغيب أقاموا الصّلاة، ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، الإيمان بالغيب ملأ قلبَ المؤمن فبعثه نحو إقامة الصلاة ونحو الإنفاق ممّا رزقه اللهُ تبارك وتعالى، العقيدة هي المؤثر في شخصيّة الإنسان.

تأتي الآن مثلاً إلى قوله تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ [16]  القول الثابت هو العقيدة، القول الثابت العقيدة الراسخة، يثبتهم الله بمعنى أنّه يجعل لهذه العقيدة أثرًا على سلوكهم بحيث لا يزلون ولا ينحرفون لقوّة تأثير العقيدة على سلوكهم، ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، هنا أيضًا يتحدّث عن أثر العقيدة، يقول: مثل ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ - الكلمة الطيّبة هي العقيدة الراسخة - أَصْلُهَا ثَابِتٌ «لأنّها عقيدة راسخة» وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا يعني: تبعث على السلوك الصالح في كل حينٍ، في كل وقتٍ، ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا.

التفسير الثاني للكلمة الطيّبة: هي القول الطيّب.

القول الطيّب مؤثرٌ جدًا، أنت تلتقي بإنسانٍ وتقول له كلمة طيّبة، تقول له كلمة حسنة، القرآن الكريم يركّز على أهمّيّة القول الطيّب ﴿وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا [17]  ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [18]  ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [19] ، الإحسان في القول، عندما تقول قولاً حسنًا، الكلمة الجميلة، الكلمة العذبة، الكلمة الحسنة تصنع آثارًا تربويّة وروحيّة عظيمة جدًا، الكلمة الحسنة تغسل الحقدَ من النّفوس، إذا كان بينك وبين إنسانٍ حزازة في النفس الكلمة الطيّبة تغسل الحقدَ من النفوس، تذيب الضغائن، ترفع الحزازاتِ، أنت إذا تقابلت مع إنسانٍ، لماذا عندنا في الرّوايات الشّريفة: ”إذا استقبلتَ أخاك المؤمن فاضغط على كفه - يعني: أنت إذا تسلم عليه اضغط على الكف، هذا إشعارٌ بالمحبّة - وقل له قولاً جميلاً“.

استقبالك أخاك المؤمن بالبسمة، بالكلمة الجميلة، بأنْ تضغط على كفه وأنت تسلم عليه، كلّ هذه دلالات على طهارة النفس، دلالات على نقاء القلب، أشياء تبعث في النفوس المحبّة والمودّة، هكذا كان النبيُ محمّدٌ ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [20] ، الرأفة والرحمة هي خلق المؤمن في تعامله مع الناس.

أريد أن أشير إلى هذه النقطة: نحن في مجتمعاتنا الشيعية، الإمامية، الإسلاميّة، نعيش اختلافاتٍ، هناك اختلافاتٌ فيما بيننا، اختلافاتٌ في التقليد، اختلافاتٌ في الفِكْر، اختلافاتٌ في أسلوب العمل، اختلافاتٌ في أسلوب العمل، اختلافاتٌ في تقويم بعض الأشخاص، تقيوم بعض الشخصيّات... اختلافاتٌ، لا يوجد مجتمعٌ ليس فيه اختلافاتٌ، لا يوجد، هذه سنة كونية اجتماعيّة في كل مكانٍ، المهم مادامت هذه الاختلافاتُ ليست اختلافًا في جذور العقيدة وليست اختلافًا في أصول العقيدة، هذه الاختلافات نستطيع أن نتغلب عليها بالكلمة الجميلة، بالبسمة، باللقاء الحسن، نحن شيعة آل البيت ربّينا على الأدب مع الآخرين فكيف بمن هو من ضِمن مظلتنا ومذهبنا؟! أئمتنا «صلوات الله وسلامه عليهم» أمرونا بأن نتعامل مع باقي المسلمين الذين ليسوا من الشّيعة.

اقرؤوا الرّواياتِ: ”كونوا زينًا لنا ولا تكونوا شينًا علينا“ كيف يعني نكون زينًا لهم ولا نكون زينًا عليهم؟! ”قولوا للناس حسنًا“، ”صلوا في عشائرهم، واحضروا جنائزَهم، واشهدوا لهم وعليهم“، ”إنّ الرّجل منكم إذا صدق في حديثه“ صدق في حديثه مع من ليس إماميًا، ”صدق في حديثه وورع في دينه وأدّى الأمانة وحسن خلقه قيل: هذا جعفريٌ، وقيل: هذا أدب جعفر“ أدب جعفر كلمة مهمّة، نحن نريد أن نحافظ على صورة الإمام جعفر الصّادق ، ”وقيل: هذا أدب جعفر، فيسرّني ذلك، وإنّ الرّجل منكم إذا كان على خلاف ذلك قالوا: فعل الله بجعفر ما فعل! ما كان أسوأ ما يؤدّب به أصحابَه!“ الإمام جعفر يحثنا على أن نكون مظهرًا له، مظهرًا لأدبه مع إخواننا من المسلمين فكيف مع إخواننا من أبناء المذهب الواحد؟! هم أولى بأخلاقنا، ببسمتنا، بحسن تعاملنا، بقربنا، باحتوائنا، باحتضاننا.

أبناء المذهب الواحد هم أقرب إلينا، فهل نسرّ جعفرَ بحسن تعاملنا مع باقي المسلمين ونسيء إلى جعفر بسوء تعاملنا مع إخوتنا وأبناء مذهبنا؟! كيف يكون ذلك؟! وهل أراد جعفر أن نتعامل بأدبه مع غير الشيعة لكن مع الشيعة لا نتعامل بأدبه؟! عندما نريد أن نكون مظهرًا للإمام جعفر الصّادق في حسن أدبه فهذا لا يختلف مع من ليس من مذهبنا ومع من هم من جلدتنا ومنا وفينا، كلنا يستظلّ بظل آل محمّدٍ، فالكلمة الجميلة والبسمة والأدب في التعامل مع الآخرين يغسل الأحقادَ ويذيب الحزازاتِ ويقرّب المسافاتِ ويجمع القلوبَ ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [21] ، الإحسان أن تبادر للكلمة الطيّبة، مثل ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ - لأنّ هذه الأخلاق قيمٌ ثابتة، قيمٌ متأصّلة - وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا، كلما انتشرت الكلمة الطيّبة بين الناس اجتمعت الناسُ على المودة في كل حينٍ وفي كل زمنٍ، ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا.

التفسير الثالث للكلمة الطيّبة: شجرة النبوّة.

هذا التفسير حتى عند إخواننا أهل السنة، الألوسي في «روح المعاني» ذكر، قال: رُوِيَ عن آل البيت ومنهم أبو جعفر - يقصد الإمام الباقر «عليه السّلام» - أنّ الشّجرة الطيّبة هي شجرة محمّدٍ وآله.

وهذه عدّة رواياتٍ وردت عندنا في تحليل وتفسير الشجرة الطيّبة، عدّة رواياتٍ تقول: الشّجرة فاطمة، أصلها محمّدٌ، فرعها عليٌ، أغصانها الأئمة، علم الأئمة ثمرتها، وشيعتهم ورقها.

«يا حبذا دوحة في الخلد نابتة» هذا الشعر لم يأتِ جزافًا، مأخوذٌ من الروايات، مأخوذ من الأحاديث.

يا   حبذا  دوحة  في  الخلد  iiنابتة

المصطفى  أصلها والفرعُ فاطمة

والهاشميّان   سبطاه   لها   iiثمرٌ



 
ما مثلها نبتت في الخلد من شجرِ

ثم    اللقاحُ   عليٌ   سيّدُ   iiالبشرِ

والشّيعة  الورقُ  الملتفُ  بالثمرِ

مثل ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ من أين أصلها؟ من يوم إبراهيم الخليل هذه الشجرة بدأت، الشجرة بدأت من يوم إبراهيم، ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ [22] ، الشجرة امتدت من هناك واتصلت، كلها أنبياء، كلها أوصياء، ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ [23]  وامتد الكتابُ والنور يتصاعد ويتلألأ من وصي إلى وصي ومن نبي إلى نبي إلى أن شعّت الأنوارُ في صلب محمّدٍ ، ”أشهد أنّك كنتَ نورًا“ أنت من أين أتيتَ؟! أنت أتيتَ من سلسلة أنوار، شجرة أنوار، ”أشهد أنّك كنتَ نورًا في الأصلاب الشّامخة، والأرحام المطهّرة، لم تنجّسك الجاهليّة بأنجاسها، ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها“، إذن شجرة طيّبة أصلها ثابتٌ وفرعها في السّماء، فرعها في السّماء الفرع هذا الفرع الذي سيُحْيي وسيبرز الدّينَ كله قائمُ آل محمّدٍ، ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا، في المقابل: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ - الشجرة الأمويّة - اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ.

ربّما يتساءل الإنسانُ فيقول: لماذا؟! الشجرة الأمويّة باقية، الأمويّون وأذنابهم وأذناب أذنابهم وأذيالهم باقون إلى يومهم هذا يظلمون ويعبثون ويسفكون، إذن الشجرة الأمويّة لم تُجْتَث، مازالت تمدّ أذنابَها وأذيالها في طول الأرض وفي عرضها، كيف اجتث ما لها من قرار؟!

الآية تتكلم عن البقاء الملكوتي لا عن البقاء المادي الملكي، لاحظوا القرآن دائمًا يركّز على البقاء، مثلاً: عندما يقول: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ [24]  كيف يمكث في الأرض؟! الظلم أيضًا مكث في الأرض سنينَ طويلة، ما معنى المكث هنا: هل هو المكث المادي أو المكث الملكوتي؟! عندما يقول القرآن الكريم: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [25]  طيّب الذين يدعون من دونه باقون أيضًا على الأرض؟!

هذه الآيات تشير إلى البقاء الملكوتي، وما المقصود بالبقاء الملكوتي؟

الحياة الفرعونيّة، الحياة الأمويّة التي هي حياة الظلم، من الناحية الماديّة تراها حياة مستبدّة، ولكنّها حياة فزِعَة، حياة قَلِقَة، هؤلاء الفراعنة والظلمة لا يعيشون حياة مستقرّة أبدًا، يعيشون حياة القلق، حياة الفزع، حياة الخوف، لا تستقرّ لهم عيشة، ولا يهنؤون بعيشٍ رغيدٍ، حياتهم الماديّة الصّوريّة هي حياة ثابتة، لكنّ حياتهم الحقيقيّة الملكوتيّة حياة غير مستقرّة، غير ثابتة، متزلزلة، هي حياة الفزع والقلق.

أمّا الحياة المحمّديّة، الحياة العلويّة، الحياة الحسنيّة الحسينيّة، هذه الحياة وإن كانت بحسب الصّورة الماديّة هي تضحياتٌ، دماءٌ، شهداءُ، لكنّها بحسب الحقيقة الملكوتيّة هي العزيمة الثابتة، هي الاطمئنان الرّاسخ، هي الإيمان الصّامد، هي الإرادة التي لا تتتزلزل ولا تلين أبدًا، ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [26] ، وهذا لا يختصّ بأولياء الله، حتى المؤمنين الذين ساروا على درب أولياء الله، ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [27] ، إذن هؤلاء ملأ قلبَهم، ملأت أرواحَهم أنوارُ الإيمان، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [28]  حياتهم هي الحياة المستقرّة، هي الحياة الثابتة، هي الحياة التي لا تتزلزل؛ لأنّها حياة الاطمئنان، حياة العزيمة، حياة الثبات، حياة الإرادة الصّامدة.

فهي الحياة التي يصحّ أنْ يعبّر عنها القرآن: ﴿أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، وأمّا تلك الحياة التي هي حياة الفزع والقلق فهي حياة الزوال وهي التي لا تستحقّ أن تسمّى حياة ﴿اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ، إذن هذا المعنى الأوّل للبقاء، بقاء الشجرة النبويّة، بقاؤها البقاء الملكوتي.

والمعنى الثاني للبقاء ألا وهو بقاء إرث الأرض، من الذي سيرث هذه الأرض؟! من الذي سيرث كنوزَ الأرض ومعادنَها وسيحكم هذه الأرضَ وسيملؤها قسطًا وعدلاً بعدما مُلِئَت ظلمًا وجورًا؟! الشجرة النبويّة وليست الشجرة الأمويّة، الشجرة التي سترث هذه الأرضَ ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ [29]  الشجرة التي سترث هذه الأرضَ وستحكمها بالصدق والعدل هي الشجرة النبويّة وليست الشجرة الأمويّة، لذلك قال: ﴿أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، أمّا الشّجرة الأمويّة فلن تبقى ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [30] ، ﴿اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ حينما يخرج فرع هذه الشجرة ويقيم دولته الطاهرة العظيمة يأتي إلى كربلاء، ينطلق من كربلاء، ينطلق من الحسين، لأنّ الحسين هو المنطلَق، لأنّ الحسين هو المبدأ، ويرفع تلك الرّاية مكتوبًا عليها: يا لثارات الحسين، ثارات الحسين ليست ثاراتٍ دمويّة، ثارات الحسين هي العدالة، هي الحق، الحسين ثأر الله وليس ثأرًا شخصيًا، الحسين ثار من أجل العدل والحقّ، ثار الحسين هو تطبيق العدل والحقّ، يا لثارات الحسين...

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمّدٍ وآله الطيبين الطاهرين

[1] إبراهيم: 24 - 25.
[2] الكهف: 109.
[3] فصلت: 53.
[4] البقرة: 253.
[5] الشورى: 51.
[6] الشعراء: 193 - 195.
[7] آل عمران: 45.
[8] مريم: 29 - 32.
[9] مريم: 34.
[10] الأنعام: 115.
[11] البقرة: 37.
[12] المائدة: 35.
[13] الأنعام: 115.
[14] إبراهيم: 26.
[15] البقرة: 2 - 3.
[16] إبراهيم: 27.
[17] الأحزاب: 70.
[18] المؤمنون: 96.
[19] العنكبوت: 46.
[20] التوبة: 128.
[21] آل عمران: 134.
[22] آل عمران: 33 - 34.
[23] العنكبوت: 27.
[24] الرعد: 17.
[25] الحج: 62.
[26] يونس: 62.
[27] الأحقاف: 13.
[28] الرعد: 28.
[29] القصص: 5.
[30] الأعراف: 128.

المرجعية نظام للحياة