نص الشريط
حقيقة الإسم الأعظم
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مسجد الإمام علي (ع) بالقطيف
التاريخ: 7/8/1421 هـ
مرات العرض: 4116
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (1580)
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ

آمنا بالله صدق الله العلي العظيم

حديثنا انطلاقا من الآية المباركة في ثلاث نقاط:

  • النقطة الأولى: في بيان معنى الأسماء الحسنى.
  • والنقطة الثانية: في بيان معنى الاسم الأعظم.
  • والنقطة الثالثة: في الكلام حول حسن التسمية.

نتكلم أولاً حول النقطة الأولى: ما هي الأسماء الحسنى؟

﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وفي آية أخرى يقول: ﴿قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى الأسماء الحسنى لها تفسيران:

1/ تفسير لغوي.

2/وتفسر عرفاني.

نحن نتعرض للتفسير اللغوي وللتفسير العرفاني.

1/ التفسير اللغوي: يقول الأسماء ثلاثة أقسام: إما اسم قبيح وإما اسم حسن وإما اسم أحسن، الأسماء على ثلاثة أقسام: قبيح وحسن وأحسن.

1 - الاسم القبيح: هو الذي يدل على معنى قبيح أو يدل على معنى ذميم، كأن يقال مثلا بخيل أو يقال جبان أو يقال جاهل وهكذا من الأسماء التي تدل على معنى مذموم وصفة مذمومة.

2 - الاسم الحسن: هو الذي يدل على صفة ممدوحة لكن مشوبًا بشيء من الحد والنقص، مثلا: أن تقول فلان شجاع، هذا اسم حسن، فلان عفيف، هذا اسم حسن، هذه الأسماء حسنة وليست بأحسن، لماذا ليست بأحسن؟

مثلا: إذا قلنا عالم، كلمة عالم اسم أحسن، يعني من القسم الثالث، لأن كلمة عالم تدل على صفة ممدوحة ألا وهي العلم ولا تدل على نقص أبدًا، بخلاف كلمة عفيف، العفيف تدل على أن الشخص له شهوة لكنه كبح شهوته فصار عفيفًا، إذًا هي تدل على جهة نقص وجهة كمال، عندما يقال فلان عفيف يعني فلان له شهوة لكنه كبح شهوته فصار عفيفًا، فهي تدل من جهة على نقص ومن جهة تدل على كمال.

عندما تقول فلان شجاع، فلان شجاع لا تدل على الكمال محضًا، تدل أيضًا من جهة على نقص، لماذا؟ لأن الشجاع من له جسم، الإنسان الذي ليس له جسم لا يقال له شجاع، الشجاعة ملكة قلبية تنعكس على الجسم فيكون الجسم جسمًا صلبًا باعتبار الشجاعة القلبية، إذًا كلمة شجاع تدل على أن المتصف بها صاحب جسم انعكست شجاعته النفسية على قوته البدنية، إذا شجاع وعفيف اسم حسن ولكن ليس أحسن لأنه يدل من جهة أخرى على شيء من النقص وعلى شيء من الحد.

أما إذا قلنا «قادر، عالم، حي» هذه الأسماء تدل على الكمال من دون أن تشير إلى جهة نقص أبدًا، لذلك كلمة قادر وكلمة عالم نسميها أسماء حسنى، أسماء ليست قبيحة وليست حسنة بل هي أسماء حسنى، يعني تدل على كمال محض وحسن محض ليس فيه نقص وليس فيه حد، «قادر عالم حي» أسماء حسنى ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ هذا هو التفسير اللغوي.

2/التفسير العرفاني: «أما التفسير العرفاني التفتوا لي جيدًا، هذا يحتاج إلى الدقة» التفسير العرفاني للأسماء الحسنى هو عبارة عما يعبر عنه الفلاسفة وعلماء العرفان من أن «إدراك اللامحدود من جهة المحدود» هو الاسم الأحسن وهي الأسماء الحسنى، دعني أشرح لك هذا المعنى.

الإنسان إذا تأمل في هذا الكون ماذا يرى؟ الإنسان إذا تأمل في هذا الكون يرى قدرة متجددة يعني لا يمر زمن على الكون إلا وتتجدد القدرة فيه، يرى العلم متجددًا لا يمر زمن على البشرية إلا والعلم يتجدد ويستمر، يرى أن الطاقة مستمرة لا تمر لحظة على هذا الكون إلا والطاقة متفجرة ومستمرة، إذا هذا الكون فيه علم متجدد، فيه طاقة متجددة، فيه قدرة متجددة، فيه حياة متجددة، هنا يأتي السؤال: من أين مصدر الطاقة المتجددة والحياة المتجددة والقدرة المتجددة، ما هو مصدرها؟

الإنسان محدود فلا يمكن أن يكون مصدرًا لطاقة لامحدودة، صح لو لا؟ الإنسان من ناحية علمه محدود فلا يمكن أن يكون مصدرًا لعلم لا حد له، الإنسان من ناحية طاقته وقدرته محدود فلا يمكن أن يكون مصدرًا لطاقة لا حد لها، الإنسان من ناحية حياته محدود فلا يمكن أن يكون مصدرًا لحياة لا حد لها، نحن نرى في هذا الكون حياة تتجدد لا تقف، قدرة تتجدد لا تقف، طاقات تتجدد لا تقف، قوة تتجدد لا تقف، لو كان مصدر هذه الطاقة ومصدر هذه القوة ومصدر هذه الحياة هو الإنسان لتوقفت عند حد معين لأن الإنسان محدود.

إذًا من جهة محدودية الإنسان ومن جهة أن الطاقة لامحدودة ومتجددة ندرك أن هناك قوة تملك اللامحدودية هي المصدر للطاقة المتجددة وللحياة المتجددة وللعلم المتجدد وللقدرة المتجددة، إذا قارنا الطاقة التي لا نهاية لها وقارنا الإنسان الذي هو محدود نتيجة مقارنة هذا بهذا ندرك أن هناك قوة لا محدودة تملك حياة لا محدودة لذلك الحياة متجددة، تملك علمًا لا محدودًا لذلك العلم متجدد، تملك قدرة لامحدودة لذلك القدرة في هذا الكون متجددة، إذًا ننتقل من المحدود إلى إدراك اللامحدود، الانتقال من المحدود إلى إدراك اللامحدود هو الاسم الأحسن، يعني ننطلق من إدراك القدرة المحدودة إلى إدراك القدرة اللامحدودة فالقدرة اللامحدودة اسم أحسن، ننتقل من إدراك الحياة المحدودة إلى إدراك الحياة اللامحدودة إذًا الحياة اللامحدودة اسم أحسن، ننطلق من إدراك العلم المحدود إلى إدراك العلم اللامحدود إذا العلم اللامحدود اسم أحسن، فعندما نجمع العلم والقدرة والحياة اللامحدودة نعبر عنها بالأسماء الحسنى، انطلقنا لإدراك اللامحدود من جهة المحدود.

هذا ما أردنا بيانه في تفسير الأسماء الحسنى، الأسماء الحسنى بحسب التفسير العرفاني هي القدرة أو الصفة الكمالية اللامحدودة المدركة للإنسان من جهة المحدود، هذه نسميها بالأسماء الحسنى.

نأتي الآن إلى النقطة الثانية من حديثنا:

ورد عندنا في كثير من الأحاديث الاسم الأعظم، وفي الأدعية ”اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم“ ما هو الاسم الأعظم؟ في بعض الروايات: ”إن بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى الاسم الأعظم من بياض العين إلى سوادها“ يعني الاسم الأعظم موجود في كلمة «بسم الله الرحمن الرحيم»، الاسم الأعظم مثلا في بعض الروايات عن الصادق كما روي في كتاب البصائر: ”الاسم الأعظم ثلاثة وسبعون حرفًا، أعطانا الله منها اثنين وسبعين حرفًا، وحرف واحد استأثر به لنفسه في علم الغيب لم يشركه فيه غيره“ ما معنى الثلاثة والسبعين حرف التي أعطي الأئمة منها اثنين وسبعين حرف مثلا؟ ما هو الاسم الأعظم؟

ليس الاسم الأعظم بحسب مصطلح علماء العرفان مادة لفظية، يعني كلام لفظي نقوله، لا، ليس الاسم الأعظم اسمًا لفظيًا نقوله على ألسلتنا وليس الاسم الأعظم صورة ذهنية تنتقش وترتسم في عقولنا، مثل ما أتصور صورة والدي، مثل ما أتصور صورة مثلا صديقي، الاسم الأعظم أيضًا صورة ذهنية تنتقش في ذهني، لا، ليس الاسم الأعظم كلامًا لفظيًا، وليس الاسم الأعظم صورة ذهنية، وإنما الاسم الأعظم حقيقة واقعية وهي عبارة عن الانقطاع التام المطلق، ما معنى الانقطاع التام المطلق؟ الآن أشرح لك.

نحن نتعامل مع الله بأسمائه، نحن البشر كيف نتعامل مع الله، كيف نتصل بالله؟ عن طريق أسمائه، مثلا: إذا أصابتنا الشدائد وأصابتنا المحن ترانا نلجأ إلى الدعاء ونرفع أيدينا ونقول مثلا: يا كاشف الضر.. أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء هنا تعاملنا مع الله باسم من أسمائه، وهو الكاشف «كشاف الضر، كاشف السوء» هذا تعامل مع الله من خلال اسم من أسمائه، نحن إذا أبتلينا بالفقر رفعنا أيدينا إلى الله أيها الرازق أيها المعطي أيها المحي هذا أيضًا تعامل مع الله من خلال اسم من أسمائه ألا وهو اسم الرازق، اسم المعطي، نحن مثلا إذا أصبنا وأبتلينا بالذنوب والمعاصي، إذا أسرف الإنسان على نفسه من حيث الذنوب ومن حيث المعاصي رفع يديه إلى ربه: يا غفور يا رحيم يا تواب، هذا أيضًا تعامل مع الله من خلال اسم من أسمائه وهو الغفار الرحيم التواب، هذه كلها تعاملات وقتية ومحدودة تتعامل مع الله لوقت معين وهو وقت إصابتك بالذنب «صح لو لا؟!» لأنك ابتليت بالذنب ترفع يديك إلى الله وتقول يا غفور يا رحيم، هذا يسمى بانقطاع وقتي، انقطاع مرحلي وهو انقطاع في هذه المرحلة، انقطعت إلى الله في هذه المرحلة وهي مرحلة الابتلاء بالذنب، هذا انقطاع وقتي، كما أنه انقطاع محدود لأنك ما انقطعت إلى الله بكل أسمائه، انقطعت إليه في بعض أسمائه يعني تعاملت مع الله من خلال اسم واحد وهو الغفور الرحيم أو تعاملت مع الله من خلال اسم واحد وهو الرزاق أو تعاملت معه من خلال اسم واحد وهو المحي وما إلى ذلك، هذا كله يسمى انقطاع مؤقت محدود.

الاسم الأعظم ما هو؟ هو الانقطاع الكامل المطلق، الإنسان الذي ينقطع إلى الله طول عمره لا تمر عليه دقيقة إلا وهو منقطع إلى الله تبارك وتعالى، وينقطع إلى الله لا من خلال اسم معين بل ينقطع إلى الله من خلال سائر أسمائه في الوقت الذي ينقطع إلى الله من جهة الغفور الرحيم هو منقطع إلى الله من جهة الرازق هو منقطع إلى الله من جهة المحي والمميت هو منقطع إلى الله من جهة عالم وقادر، إنسان ينقطع إلى الله في كل لحظات عمره وآنات حياته لا تمر عليه لحظة إلا وهو يستحضر الله وهو منشد إليه مرتبط به متضرع إليه منقطع إليه، كما أنه في كل لحظة لا يتبعض «هذه اللحظة مع الغفور الرحيم وهذه اللحظة مع.. لا لا» هو في كل لحظة منقطع إلى الله من خلال جميع أسمائه وجميع صفاته، هذا ماذا نسميه؟ هذا نسميه الانقطاع الكامل المطلق، الانقطاع الكامل المطلق يعني الانقطاع إلى الله من خلال سائر صفاته، سائر أسمائه في جميع الآنات، في جميع الأوقات.

هذه هي حقيقة الاسم الأعظم، حقيقة الاسم الأعظم هي الانقطاع الكامل المطلق إلى الله تبارك وتعالى في جميع الآنات ومن خلال جميع الأبواب والأسماء، فمن حظي بهذه المنزلة بحيث صار له انقطاع كامل مطلق فقد حظي بالاسم الأعظم، وحق له أن يقول إن عندي اثنين وسبعين حرفًا من الاسم الأعظم، هذه كلها روايات كناية عن الانقطاع الكامل المطلق.

إذًا فبالنتيجة تفسير الاسم الأعظم ليس هو كلام لفظي نقوله أو صورة ذهنية نستحضرها وإنما الاسم الأعظم حقيقة عينية هي عبارة عن الانقطاع الكامل المطلق.

نأتي إلى النقطة الثالثة من حديثنا:

النقطة الثالثة حسن التسمية، أتعرض هنا في هذه النقطة بشكل مختصر إلى ثلاثة أمور:

الأمر الأول: أنه ورد في الأحاديث الكثيرة الحث على حسن التسمية، يعني أنت إذا تريد تسمي ابنك سميه باسم حسن، تسميه باسم حسن لا تسميه والله «مرداغ وكرداغ وما أدري شنو» أسماء لا معنى لها وأسماء قبيحة، لا، تسميه باسم حسن، ما هو المراد بالتسمية الحسنة؟

كثير من الناس يظن أن التسمية الحسنة يعني أن تسمي ولدك أو ابنتك باسم لطيف مليح إذا سُمِع يرى أن هذا الاسم لطيف ومليح، مثلا: يسميه مثلا رشا، أو يسميه مثلا... وش نقول بعد، أخاف نقول بعدين يقول هذا...؟! يسميه مثلا رشا أو ندى أو مهما أو ما أشبه ذلك، يعني الاسم الحسن هو الاسم الذي ينطق عن لطافته وعن عذوبته وعن ملاحته.

ليس هذا هو الاسم الحسن المقصود في الروايات، المقصود بالاسم الحسن في الروايات ما أشارت إليه النصوص الشريفة الواردة عن الأئمة المعصومين من التسمية بأسماء المعصومين وما يتعلق بهم ، نقرأ بعض هذه الروايات:

جاء في بعض الروايات أن من نوى - الإنسان الذي ينوي - أنه إذا حملت زوجته يسمي ما في بطنها محمدًا أو عليًا، إذا نوى تكون نيته سببًا في أن يولد له غلام، إذا نوى أن يسمي محمدًا أو عليًا كانت نيته سببًا في أن يولد له غلام يسمى باسم محمد أو علي، رواية معتبرة في باب أربعة عشر من أبواب أحكام الأولاد في الوسائل عن الحسن بن سعيد أنه دخل على أبي الحسن الرضا فقال له ابن غيلان: بلغني أن من كان له حمل فنوى أن يسميه محمدًا ولد له غلام، ثم سماه عليًا - يعني هذا غير، أول شي نوى محمد تالي يوم جابوا الولد سماه علي - فقال : علي محمد ومحمد علي، من كان له حمل فنوى أن يسميه عليًا ولد له غلام أيضًا، ثم قال «يعني ابن غيلان يقول للإمام الرضا»: إني خلفت امرأتي وبها حمل فادعوا الله أن يجعله غلامًا، أطرق إلى الأرض طويلا ثم رفع رأسه فقال له: سمه عليًا فإنه أطول لعمره، ودخلنا مكة فوافانا كتاب من المدائن أنه ولد له غلام كما دعا له الإمام الرضا .

الرواية الأخرى رواية معتبرة أيضًا «باب 22 من أبواب أحكام الأولاد» عن موسى بن بكر عن أبي الحسن «إذا قيل أبي الحسن يعني الإمام الكاظم، إذا قيل أبي الحسن يعني كناية عن الإمام الكاظم ، إذا قيل أبي الحسن الثاني يصير كناية عن الإمام الرضا » قال: أول ما يبر الرجل ولده أن يسميه باسم حسن فليسحن أحدكم اسم ولده، ما هو الاسم الحسن؟

الروايات الأخرى تفسر معنى الاسم الحسن، رواية أبي إسحاق ثعلبة باب ثلاثة وعشرين عن أبي جعفر «أبو جعفر يعني الإمام الباقر ، إذا قيل أبو جعفر الثاني يعني الإمام الجواد » قال: أصدق الأسماء ما سمي بالعبودية - يعني عبد الله، عبد الرحيم، عبد... وهكذا - وأفضلها أسماء الأنبياء، فإن أفضل الأسماء أسماء الأنبياء.

وفي رواية أخرى: عن ابن حميد أنه سأل أبي عبد الله وشاوره في اسم ولده، فقال: سمه اسمًا من أسماء العبودية، فقال: أي الأسماء هو؟ قال: سمه عبد الرحمن، عبد الرحمن اسم يحث عليه الإمام ، عبد الرحمن اسم حسن وليس مكروهًا.

وفي الروايات الواردة الحديث الأول باب 24 رواية معتبرة عن أبي عبد الله قال: ”لا يولد لنا ولد إلا سميناه محمدًا فإذا مضى سبعة أيام فإن شئنا غيرنا وإلا تركنا“ «يعني على الأقل تسميه سبعة أيام محمد».

وورد عن أبي عبد الله الصادق أن النبي قال: ”من ولد له أربعة أولاد لم يسم أحدهم باسمي فقد جفاني“ من الصلة برسول الله أن يسمى باسمه.

أما الأسماء المكروهة «ليس معنى مكروهة أن الذي اسمه من هذه الأسماء ليس له «««««««««كرت 25»»»»»»»»»» وانتهى، لا، يعني هذا مجرد حكم شرعي يعني، حكم شرعي تعبدي لا يدل على كراهة المسمى وإنما الكراهة في الاسم فقط، لاحظوا» الحديث الأول باب 28 عن حماد بن عثمان - رواية معتبرة - عن أبي عبد الله عليه والسلام قال: ”إن رسول الله دعا بصحيفة حين حضره الموت يريد أن بنهى عن أسماء يتسمى بها، فقبض ولم يسمها منها حكم وحكيم وخالد ومالك“ وذكر أنها ستة أو سبعة لا يتسمى بها.

وفي رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر قال: ”إن أبغض الأسماء إلى الله حارث ومالك وخالد“ هذا مجرد حكم شرعي تعبدي يعني، ليس معناه أن الذي اسمه خالد مسكين ««««««««احترق ترك 26»»»»»»»»» «وش يسوي في عمره وسموه خالد؟!» ليس معناه أن خالد إشارة إلى شخص «مو زين»، لا، وإلا لو كان الاسم يتبع المسمى كان الأولى أن يذكر يزيد بن معاوية «صح لو لا؟»، لو كان سبب الكراهة أن المسمى بهذا الاسم إنسان غير صالح لنهت الروايات عن التسمية بيزيد، ونهت الروايات عن التسمية بالشمر، ونهت الروايات مثلا عن التسمية بعبيد الله بن زياد، لكن لا، هذا لا يرتبط بالمسمى سواء كان المسمى بهذا الاسم شخصًا صالحًا أو كان المسمى بهذا الاسم شخصًا غير صالح، الكراهة في التسمية لا في المسمى، يعني هذه الحروف هي محل حزازة شرعية، هذه الحروف محل كراهة شرعية، لا ربط لها بالمسمى إطلاقاً، مثل ما الآن واحد يقول لك مثلا إذا أردت أن تدخل الحمام يكره لك أن تقدم الرجل اليمنى، هذا مجرد كراهة شرعية، إذا أنت تريد تدخل المرحاض تقدم الرجل اليسرى لا تقدم الرجل اليمنى، يكره أن تقدم اليمنى، وبالعكس إذا أنت تريد تدخل المسجد يكره أن تقدم الرجل اليسرى، وأنت تريد تدخل المسجد يستحب أن تقدم الرجل اليمنى، هذا مجرد حكم تعبدي ليس إلا، غاية ما في الأمر حكم شرعي تعبدي، هذا أيضًا حروف «حكم»، «حكيم»، «خالد» هذه الحروف يكره التسمية بها لا لأن المسمى بها فيه عيب أو فيه خلل لا، لا ربط لها بالمسمى «لاحظتم شلون» هذا الأمر الأول الذي أردنا بيانه.

الأمر الثاني: يقول علماء الاجتماع: «اللغة ظاهرة اجتماعية حية» ما معنى «اللغة ظاهرة اجتماعية حية»؟ ظاهرة اجتماعية خوب واضح، اللغة هي عبارة عن ميثاق اجتماعي، المجتمع كله يبني على ميثاق معين، وهو أن هذا الجسم اسمه ماء، هذا جسم اسمه شجر، هذا الجسم اسمه طائر، هذا ميثاق اجتماعي، اللغة ميثاق اجتماعي يتبانى عليه أبناء المجتمع الواحد.

اللغة ظاهرة اجتماعية حية، ما معنى حية؟ يعني اللغة تعكس ثقافة المجتمع، لغة أي مجتمع تعكس ثقافة هذا المجتمع، لغة أي المجتمع تعكس حضارة هذا المجتمع، بمقدار ما للمجتمع من الحضارة، بمقدار ما للمجتمع من ثقافة تنعكس على لغته، اللغة هي الدليل، إذ أردت أن تقرأ ثقافة مجتمع معين، إذا أردت أن تقرأ حضارة مجتمع معين فاقرأ لغته، لغته تعكس حضارته، تعكس ثقافته، تعكس جذوره، تعكس ميوله، إذًا اللغة ظاهرة حية، يعني تعكس ثقافة المجتمع وحضارته.

من هنا نحن ننطلق إلى نقطة اجتماعية التفتوا إليها جيدًا، نحن نملك ثقافة، هذه الثقافة أنعم الله بها علينا دون غيرنا، ما هي هذه الثقافة؟ ثقافة أهل البيت، نحن ننحدر عن ثقافة البيت الفاطمي العلوي، هذا البيت الذي كان يقف عليه رسول الله صلى الله وآله ستة أشهر ويقول ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا هذا البيت بيت النور، بيت العطاء، بيت الفكر، بين علي وفاطمة الذي أخرج أئمة هداة معصومين، نحن أنعم الله علينا أن ارتبطنا بهذا البيت الفاطمي وبظلال هذا البيت العلوي، ”مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من تمسك بها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى“، نحن مع هذه السفينة، نحن مع هذا البيت، نحن مع هذه الظلال العلوية الفاطمية الحسنية الحسينية، إذًا هويتنا هي هذه، ثقافتنا هي هذه، جذورنا هي هذه، فلابد أن نؤكد على هويتنا، لابد أن نؤكد على جذورنا، لابد أن نؤكد على مصدر ثقافتنا ومصدر هويتنا، أبدًا لا يصح لنا أن نتخلى وأن نتغافل وأن نذوب هذه الهوية، هويتنا على مدى التاريخ، ما حوربنا من قبل الدولة الأموية ولا من قبل الدولة العباسية إلا لأن هويتنا هوية علوية فاطمية، هذه الهوية هي التي كتبت تاريخنا، هويتنا وهي هوية الارتباط بالبيت العلوي الفاطمي هي التي كتبت تاريخنا، هي التي كتبت فضائلنا، هي التي كتبت مناقبنا، ارتبط اسمنا باسم هذا البيت منذ نشأتنا إلى يومنا هذا، فلماذا نذوب هويتنا؟ ولماذا نضيع ارتباطنا؟ ولماذا نضيع جذورنا؟ علينا أن نؤكد هذه الهوية، جميع البيوت فيها محمد، فيها علي، فيها حسن، فيها حسين، فيها فلان من أسماء أهل البيت ، عندما ترى أسماؤنا وترى ألقابنا وترى أعلامنا متعلقة بهذه الأسماء المعينة ومتعلقة بهذه اللغة المعينة تكون هذه اللغة لغة تعكس جذورنا وتعكس هويتنا وتعكس أننا ما زلنا نتفيأ ظلال أهل البيت «لاحظتم شلون».

وهذا لا يكفي أن نعكسه في مجرد الأسماء «بس اسم» لا، بل لابد أن نعكسه فيما هو أوسع، الآن نحن على مستوى المؤسسات، أنت عندما تفتح مؤسسة لماذا تكتب عليها مؤسسة مثلا كذا؟ أكتب عليها مؤسسة الباقر، مؤسسة الصادق، مؤسسة الكاظم، هذه الأسماء إذا انتقلت مؤسساتنا، إلى أسواقنا، إلى معاملاتنا، انتقلت ثقافتنا إلى جميع الأجواء وجميع الآفاق، الإنسان الذي يريد أن يكتب دراسة عن هذا المجتمع ماذا يقرأ؟ أسماء أبنائهم، أسماء مؤسساتهم، طريقة معاملاتهم، عندما يقرأ هذه العنوانين «باقر وصادق وكاظم وحسن وحسين» في البيوت وفي المؤسسات وفي الأسواق وفي المعاملات، عندما يقرأ هذه الظاهرة ماذا يستفيد؟ يستفيد أن البيت العلوي الفاطمي متغلغل في هذا المجتمع، موطد أركانه، موطن أوتاده في هذا المجتمع، فهذا المجتمع مجتمع علوي ظاهرًا وباطنًا، مجتمع علوي واقعًا وظاهرًا «لاحظتم شلون».

إذًا كما أن اللغة ظاهرة اجتماعية حية تعكس ثقافة المجتمع وتعكس حضارة لمجتمع فلتكن لغتنا وتسمياتنا كاشفة عن جذورنا وهويتنا وارتباطنا بالبيت العلوي والفاطمي «ثبتنا الله على ولايتهم والبراءة من أعدائهم».

النقطة الثالثة أو الأمر الثالث في النقطة الثالثة الذي أردت أن أشير إليه «فقط هذه إشارة»: الرواية الواردة في تسمية الحسين ، أنتم سمعتم ليلة المولد الذي مر بالخطباء، كثير منهم يقرؤون هذه الرواية...

«أحد الحضور قال للسيد شيئًا فقال سماحة السيد: أيضًا هذا الأخ ينبه الحسينيات، جميل هذا، يقول حتى الحسينيات، بدل ما نقول حسينية فلان وحسينية فلان نقول هذه حسينية الإمام علي وهذه حسينية النبي، هذه حسينية الحسين، هذه حسينية الإمام السجاد وهكذا، الأحياء التي نسكنها، الآن هذا حي الحسين وش كد اسم جميل؟ صح لو لا؟ حي الحسين اسم جميل مثلا، حي الرضا اسم جميل، هذه الأسماء، أسماء الأحياء، أسماء الحسينيات، تعكس ثقافتنا وهويتنا»

الأمر الثالث أنكم سمعتم من الخطباء هذه الرواية التي تقرأ ليلة المولد، أنا أحب أن أنبه على هذه الرواية، تقرأ ليلة مولد الحسين ، في عيون الأخبار ونقلها صاحب الوسائل الحر العاملي عليه الرحمة في باب ستة وثلاثين من أبواب أحكام الأولاد: لما ولد الحسين دخل رسول الله على ابنته فاطمة وأخذ الحسين، أذن في أذنه اليمنى، أقام في أذنه اليسرى، ثم أخذه في حجره فبكى، فقالت أسماء: بأبي أنت وأمي يا رسول الله مما بكاؤك؟ قال: على ابني هذا، قلت: إنه ولد الساعة يا رسول الله، فقال: تقتله الفئة الباغية من بعدي لا أنالهم الله شفاعتي، ثم قال يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا فإنها قريبة عهد بولادته «لاحظوا الآن الجملة التي راحت لا إشكال فيها، الجملة التي الآن سأقرؤها» ثم قال لعلي : أي شيء سميت ابني هذا؟ فقال: ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله، وقد كنت أحب - شاهدي في هذه الجملة - وقد كنت أحب أن أسميه حربًا، فقال النبي : لا أسبق باسمه ربي عز وجل، ثم هبط جبرئيل فقال: يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول لك: علي منك كهارون من موسى، سم ابنك هذا باسم هارون، قال النبي : وما اسم ابن هارون؟ فقال: شبير، فسماه النبي باللسان العربي حسين.

والرواية الأخرى رواية معتبرة الحديث الأول الباب الثاني من باب أحكام الأولاد عن أبي الله الصادق قال: قال رسول الله : الولد الصالح ريحانة من الله قسمها بين عباده، وإن ريحانتي من الدنيا الحسن والحسين عليهما السلام سميتهما باسم سبطين شبرًا وشبيرًا.

هذه الرواية «قال: وكنت أحب أن أسميه حربًا» هذه نحن لا نقبلها، هذه الفقرة من الرواية نحن لا نقبلها، هذه الفقرة من الرواية لعلها موضوعة على الإمام علي ، لماذا؟

أولا: لأن هذا الاسم من آثار الجاهلية، حيث كان المجتمع الجاهلي ولع بالحرب وولع بالغزو وولع بالهجوم على القبائل، بمقتضى ولعه بالغزو والهجوم على القبائل كان أبناء المجتمع الجاهلي يسمون أبناؤهم حربًا، ف «حرب» اسم من أسماء الجاهلية ولا يتصور من الإمام علي الذي تربى في حجر الإسلام ونهل من تعاليم الإسلام وعرف أنه من أعظم المستحبات تسمية الأولاد باسم حسن، لا يتصور من الإمام علي أن يتشبث بالآثار الجاهلية وأن يتمسك بها وأن يقول: كنت أحب أن أسميه حربًا يا رسول الله، هذا بعيد عن ساحة الإمام علي .

لذلك عندنا في بعض الروايات إشارة إلى هذا المعنى أيضًا، أن اسم حرب من أسماء الجاهلية، الحديث الخامس باب اثنين وعشرين من أبواب أحكام الأولاد عن أحمد بن أشير عن الرضا قلت له: لم يسم العرب أولادهم بكلب ونمر وأشابه ذلك؟ قال: كانت العرب أصحاب حرب فكانت تهول على العدو بأسماء أولادهم فيسمونهم حربًا وكلبًا ونمرًا ويسمون عبيدهم فرج ومبارك وميمون وأشباه هذا يتيمنون بها.

إذًا هذا من أسماء الجاهلية ولا يعقل من الإمام علي أن يتشبث به، صح لو لا؟ هذا أولاً.

وثانيًا: بأن الإمام علي الحسن ولد قبل الحسين والإمام علي قد اطلع على أن تسمية أولاده ليست من شؤونه وإنما هي من شؤون النبي ، هذا ليس أول ولد، سبق أن ولد له ولد، فلما سبق أن ولد له الحسن واطلع على أن تسمية أولاده ليست من صلاحياته وإنما هي من صلاحيات النبي اعتمادًا على الوحي السماوي، إذًا لا يصح له بعد هذا الإطلاع أن يقول للنبي : كنت أحب أن أسميه حربًا.

مقتضى إطلاعه كما جرى في مولد الإمام الحسن أن تسمية أبنائه من قبل النبي ألا يذكر هذه الجملة إطلاقًا، بل يقول: الأمر لك يا رسول الله في تسميته أولا وآخرًا، وهذا هو مقتضى التفويض، المطلوب من المؤمن العادي أن يفوض أموره إلى رسول الله فكيف بعلي ؟! الآية المباركة تقول: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ أولى بنا من أنفسنا، يعني المؤمن العادي وظيفته أن يضحي برغباته، أن يضحي بمشتهياته، أن يضحي بسائر شؤونه في سبيل ما يريده رسول الله ، النبي أولى بك من نفسك، ﴿أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ يعني الإنسان في سائر شهواته، رغباته، صلاحياته، ينبغي إذا كان مؤمنًا أن يفوضها إلى رسول الله لأنه أولى به من نفسه، فكيف بعلي وهو تربية رسول الله ، وهو من عهد له الرسول بالعلم ولقمه تلقيمًا منذ أول يوم وحتى آخر يوم، ”علمني رسول الله ألف باب من العلم في كل باب يفتح لي ألف باب وكان يرفع لي كل يوم علمًا من أخلاقه ويأمرني بالاقتداء به“.

إذًا هذه الكلمة خلاف تفويض الإمام علي للنبي في سائر شؤونه وأموره، لذلك هذه اللفظة نحن لا نقبلها من الرواية ونقف منها موقف التأمل.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

اليوم الموعود للحضارة الكونية
فلسفة الجهاد في الاسلام