نص الشريط
كرامة الإنسان في الإسلام
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مؤسسة الإمام علي عليه السلام - لندن
التاريخ: 24/9/1435 هـ
مرات العرض: 2876
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (935)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا

صدق الله العلي العظيم

نتحدث في الآية المباركة في محورين:

  • بيان مضمون الآية المباركة
  • في المقارنة بين آية والآيات الأخرى التي قد يتوقع منافاتها في كرامة الإنسان.

المحور الأول:

قوله عزوجل ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا تضمنت الآيه المباركة عنوانين:

- عنوان التكريم: هو عبارة عن جعل هذا المخلوق ذا شرف وذا كرامة، سواءاً كان أفضل من غيره أو مساوياً لغيره، الله عزوجل في الفقرة الأولى يريد أن يشير إلى أنه جعل الإنسان في موقع الكرامة والشرف ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ما هي الكرامة التي وهبت لهذا الإنسان؟

يوجد إتجاهان: الأول: من يرى أن التكريم تكريم تكويني بمعنى أنه خلق وهو ذو كرامة، ولد ومعه الكرامة، فهي كرامة تكوينية، ماهي الكرامة التكوينية؟ أن هذا المخلوق قادر على التغيير وعلى أن يصنع مجتمعاً ونظاماً وقادر على أن يصنع حضارةً، المخلوقات الأخرى الجن والحيوانات لا تمتلك العقلية التي تؤهلها لصنع حضارة قد تمتلك عقلاً كالجن وبعض الحيوانات يمتلك مقدارا من التفكير، لكن القدره العقلية التي تؤهل المخلوق لأن يبني حضارة ولأن يصنع مجتمعاً وأن يؤسس نظاماً هذه القدرة وهبت لخصوص الإنسان فهبت هذه القدرة العقلية هي التي جعلت الإنسان ذا كرامة تكوينية بعض المفسرين يقول المقصود بالكرامة في الآية هو المقصود بالأمانة في الآية الأخرى ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إنما أصبح الإنسان أهلاً لحمل الأمانة وللإطلاع لأعباء الأمانة لأنه يمتلك العقلية التي تؤهله لحمل الأمانة ولبناء الحياة ولذلك صار أهلا لحمل الأمانة.

الدليل على أن المراد بالكرامة التكوينية ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ وحملناهم ليست موهبه أخرى بل هي بيان للنعمة الأولى وبيان للعقلية التي يمتلكها الإنسان، لأنه يمتلك عقلية بناء لذلك صار قادراً على تجاوز البر والبحر ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ كيف إستطاع الإنسان أن يخترع الوسائل التي بها إستطاع أن يقطع البر والبحر والوسائل التي بها يعمر الأرض ويستخرج طيباتها ﴿وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ، قدرة الإنسان على قطع البر والبحر وإستخراج الطيبات دليل على أن الإنسان أعطي كرامة.

الإتجاه الثاني: المراد بالكرامة هي الأعم، الكرامة التكوينية أن يمتلك الإنسان عقل البناء وإضافة على الكرامة التكوينية أعطيت له الكرامة التشريعية، كما أن له قانون بعقله كذلك القانون السماوي يحمي شرفه وسُمعته، إذن الإنسان أعطي كرامة تكوينية وتشريعية، تحميه لأنه إنسان آدمي، لأجل ذلك تحميه السماء.

- عنوان التفضيل: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا إضافة إلى الكرامة أعطوا وساماً آخر وهو التفضيل، الإنسان هو أفضل من يعيش على الأرض هو أفضل من الجن والكائنات التي على الأرض لكنه ليس أفضل من الملك ولذلك الآية لم تقل وفضلناهم على جميع أو فضلناهم على كل إنما قالت: ﴿وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا لماذا؟

عندما نأتي بمقارنه بين الإنسان والملك؟

الملك: يتكون من عنصر واحد وهو النور فهو قطعة من النور ومن الطهارة ﴿بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ﴿26 لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ولأجل أنه نور طاهر محض صار الملك بحسب نوعه وجنسه أفضل المخلوقات.

بينما الإنسان: عندما نأتي لتحديد شخصيته فهو مؤلف من عنصر نوري وعنصر ناري فهو يحمل بين جنبيه ناراً ونوراً، يحمل بين جنبيه عنصر سماوي وأرضي، يحمل بين جنبيه النور والنار، يحمل عقلاً ويحمل شكوى، العقل يمثل العنصر النوري والعنصر السماوي في الإنسان، أول ما خلق الله العقل فقال له ”أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر“ قال: بك أثيب وبك أعاقب"، وكذلك يحمل العنصر الأرضي وعنصر شاوي وناري ألا وهو قال عنه القرآن الكريم: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إذن الإنسان يمتلك عقلاً ونفساً هو نارٌ ونور، من هذه الجهة يكون الملك أفضل من الإنسان.

إلا أن هذا التفضيل يكون تفضيل نوعي وليس تفضيل إستغراقي، معناه أنه ليس كل ملك أفضل من كل إنسان وليس كل إنسان أفضل من غيره من الكائنات الحية الأخرى تفضيل نوعي بمعنى أنه عندما نحلل نوع الإنسان نرى أنه مؤلف من عنصر ناري ونوري وعندما نحلل نوع الملك نراه مؤلفاً من عنصر نوري فقط فعندما نقارن النوع والنوع الآخر نقول نوع الملك أفضل ولكن نقول قد يكون نوع الإنسان أفضل في بعض المواقع والحالات أفضل من الملك فهذا التفضيل نوعي وليس تفضيلاً إستغراقياً، ليس كل ملك أفضل من كل إنسان، ورد عن الإمام أمير المؤمنين : ”إن الله خلق الملائكة عقلاً بلا شهوة وخلق البهائم شهوة بلا عقل وركب في الإنسان عقلاً وشهوة فمن غلب عقله شهوته فهو خيرٌ من الملائكة، ومن غلب شهوته عقله فهو أدنى من البهائم“ ولذلك الإنسان الكامل خير مافي هذا الكون كله محمد وآله محمد، ”ماخلقت سماً مبنية ولا أرضاً مدحيةً ولا قمراً منيراً ولا شمساً مضيئة ولا فلكاً يسري ولا بحراً يجري إلا في محبة هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء قيل ومن تحت الكساء“.

المحور الثاني:

إذا كانت هذه الآية تقرر أن للإنسان كرامة، فهناك آيات تتعارض أن هناك كرامة للإنسان مثلاً قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ إذن كيف يقال أن للإنسان صاحب كرامة وفي هذه الآية يقال بأن الإنسان نجس ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ فكيف السماء تحفظ الكرامة وكيف تحكم السماء نفسها أن قسماً من الإنسان نجس، كيف يتم الجمع بين الآيتين؟ هل أن القرآن يتناقض في مضامينه؟ تتهافت أهدافه.

أولاً: عندما نعرض هذه الآية ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ هناك بعض العلماء فهم النجاسة بالنجاسة المعنوية وليست بالنجاسة المادية قيقول أن جسم المشرك لا يحمل قذاره أو نجاسه، إنما النجاسه في فكره وفي مفاهيمه التي يحملها عن الله وعن الكون والطبيعة، نجاسة معنوية وليست نجاسه مادية.

السيد الشهيد محمد باقر الصدر «قدس» كان يرى هذا الراعي بأن الآية غير ناظره للقذاره المادية إنما ناظره للنجاسة المعنوية تقول هذا فكره فكر مشوه وملوث لا أن جسمه قذر فهي تنظر إلى القذاره والنجاسة المعنوية وليست النجاسه المادية.

ثانياً: فلو إفترضنا أن الآية تتحدث عن النجاسة المادية البدنية كما هو ظاهرها كما فهم الكثير من فقهائنا أن المراد بالنجاسه هي المادية، فنحن لا نتحدث عن الكتابي مثل المسيحي واليهودي أو الصابئي، أهل الكتاب قال كثير من فقهائنا بطهارتهم إنما نقصد المشرك الذي لا يؤمن بكتاب سماوي هذا المشرك بناءً على أن ظاهر الآية ومفهومها هو النجاسة المادية فتقول جسمه نجس من مسه برطوبة مسريه عليه أن يطهر يده، هل هذا الحكم يتنافى مع كرامة الإنسان أم لا؟ كما يقول الفقهاء بالنقض والحل أما النقض فالإنسان نفس حتى المسلم دمه نجس، فأي دم يخرج من جسمه وهو أتقى الأتقياء فهو نجس فهل هذا يتنافى مع كرامة الإنسان، المادة المنوية التي يتكون منها الإنسان مبدأ الإنسان الذي أعطاه الله الكرامة مبدأه نطفة نجسه كما ورد عن أمير المؤمنين : ”أوله نطفة قذره وآخره جيفة نذره وهو مابينهما يحمل العذره“ هذا الذي أوله نطفة نجسه هل هذا يتنافى مع كرامته؟ الآن إذا مات في الحياة وجسمه طاهر وهو أتقى الأتقياء وأعظم العلماء، الموت يوجب النجاسه لو مسه الإنسان برطوبة مسريه قبل برده يُطهر يده، أما إذا مسه بعد برده يكون عليه غسل مس الميت، فكيف هذا وهو إنسان عظيم ومع ذلك يحكم الشارع قذارة الموت، إذا كان الحكم بالنجاسة يتنافى مع كرامة الإنسان يلزم علينا إرضاء كل هذه الأحكام القول بأن دم الإنسان طاهر وكذلك المني وبول الإنسان طاهر والموت لا يحدث شيئاً حتى نحافظ على كرامة الإنسان.

الحل: هذه الأحكام الشرعية أريد منها التوصل لغرض وهدف عقلائي معين، ماهو؟

منها أن يكون المنبه الحسي على أمر فكري، كيف ذلك؟ مثلاً: عندما يأمرنا الدين بأن نرمي الجمرات في منى، عندما يأتي شخص يقرأ القانون مجرداً من أهدافه يقول هذا غير عقلائي بأن يأتي شخص يرمي سبع حُصيات يرميها على شئ ويذهب، إذا جرد القانون عن أهدافه وغاياته ربما يقول بأن القانون غيرعقلائي لكن إذا قرأ من خلال غاياته وأهدافه هذا منبه حسي على أمر فكري وهذه القضية الفكرية محاربة الشيطان هذه الجمرات كناية عن الشيطان ولأنه تمثل إلى النبي إبراهيم في هذه المواقع الثلاثة ورماه وحذفه إبراهيم بالحجاره، إذن من أجل أن يحسس الحاج نفسه أنه لابد أن يتخلص من الشيطان ومن وساوس الشيطان ومن شركه، فهذا العمل الذي يقوم به منبه حسيٌ على أمرٍ فكري وهو التخلص من الشيطان.

مثال آخر: الخمر، أغلب الفقهاء يقولون أن الخمر نجس وليس فقط حرام، إذا صار الخمر إلى خل تكون طاهره لماذا حُكِمَ بالنجاسة؟ هذا مُنبه حسي على أمر فكري وذلك من أجل أن يضع بينك وبين شربه حاجز يجعل لك منبه ورمزٌ للتحرز عن شربه وعن تناوله مع أنه هو والخل عناصر كيميائيه واحده، إنما يحكم بنجاسته تحرزاً عن شربه.

مسألة الحُكم بنجاسة المشرك: الآن ترى أن الشرع الشريف يقول بأن الشهيد الذي يُقتل بالمعركه بين الصفين لا يُغسل ولا يُكفن، وليس الشهيد الذي رُزق ثواب الشهاده، الشهيد بمعنى الشهيد التنزيلي ويُعطى ثواب الشهيد ”من مات على حب آل محمد مات شهيداً“ كما في الحديث الوارد فهو يُنزل منزلة الشهداء، مثلاً: من مات وهو يطلب علماً مات شهيداً، المرأة إذا ماتت حال الولادة تُعطى ثواب الشهداء، هذه شهادة تنزيلية وليست شهادة حقيقية، الشهيد الحقيقي الذي يُقتل بين الصفين، عندما يقال بأن الشهيد أفضل من غيره. مثلاً: العباس ابن علي الذي قتل والمعركة قائمة معناه أفضل من رسول الله لأن الرسول لم يمت والمعركة قائمة فهذا لا يعني التفضيل فهو حكم شرعي، حُكم الشهيد الذي يقتل في المعركة لا يغسل ولا يكفن، وإلا المحدود هو الذي يُقام عليه الحد فهو يغتسل قبل أن يقتل وبعد أن يقتل لا يُغسل فهل يعني المحدود أفضل من غيره؟

عندما يأتي من يقام عليه الحد يغتسل قبل أن يقام عليه الحد ثم يُحد فهل هذا يعني أنه أفضل من غيره، لا.

الحكم الشرعي لغايات عقلائية معينة لا يعني التفضيل ولا يعني الإستقضاض.

المشرك: عندما يقول القرآن: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ هنا يقول بأنك تريد مسه برطوبة أو جفاف لا يوجد مشكلة حتى وإن عايشته وتذهب وتأتي معه لكن إذا لمسته برطوبة تغسل كفك، لماذا؟ هذا الحُكم منبه حسي على أمرٍ فكري وهو يُريد القول بأن الفكر الذي يحمله هذا الإنسان وهو فكر الشرك عليك بالحذر والتوجس منه، أراد أن يشير إلى خطورة فكره وأن يشير إلى فداحة فكره، فجعل منبهاً على خطورة وفداحة فكره.

هذا الحكم لغايات عقلائية لا لأجل إستقزار المشرك ولا لهدر كرامته، بل لأجل تنبيه الإنسان على خطورة فكره، منبه حسي على أمر فكري ليس إلا. إذا لا تنافي فكري على قوله عزوجل: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وبين قوله عزوجل: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ.

آية أخرى: قوله عزوجل: ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ كيف يتكلم القرآن عن كرامة المشرك ويقول في آية أخرى فأقتلوا المشركين كيف نجمع بين الآيتين؟

هذه الآية القرآن يقيد بعضه بعضاً فلو تقرأ الآيات الأخرى التي تقيد مثل هذه الآية، التي تبين لنا سعة ومساحة هذه الآية المباركة، مثلا: قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا وقال في آية أخرى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ هو إنسان على دين آخر لكن تعامل معه بالبر وبالعدل وبالقسط والقيم الخلقية، قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ هذه الآيه قيدة تلك الآيه وأفصحت لنا أن مبدأ الجهاد في الإسلام هو مبدأ دفاعي وليس مبدأً هجومي، فهو لا يتنافى مع كرامة الإنسان بل هو منطلق من كرامة الإنسان، لأن هذا العدو المحارب يهدد الحياة بالإنقراض والزوال، يهدد الحضارة ويهدد كيان المجتمع الإنساني، لأجل ذلك إستحق أن يُقاتل حِفظاً للحياة ولكرامة الإنسان، إذاً لا تنافي بين الآيتين هذه تقول ﴿كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وأخرى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ.

فالقتال لا يُختص بالمشركين إنما حتى المسلم يُقاتل الآية المباركة﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي فالمسألة هي مسألة بغي وعدوان لأنه معتدي ومحارب ولأنه يريد أن يقتل الحياة لذلك إستحق أن يقاتل ﴿فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ إذن هذه الفئة الباغية والتكفيريه التي تهدد الحياة بالقتل والإنقراض هي التي تستحق القتال والمواجهة دفاعاً عن كرامة الإنسان وحضارته وعما بناه الإنسان وتعب عليه، لأجل ذلك عندما تقرأ دولة الإمام أمير المؤمنين وهي دولة الإنسان فهو أقام بمبدأ المواطنة للمسلم ولغيره ”وأشعر قلبك الرحمة للرعية واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبُعاً ظارياً تغتنم أُكلهم فإن الناس صنفان: إما أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق“ أنظر إلى الخوارج عاشوا مع الإمام علي في دولته ومع أنهم عارضوه وكفروه وكانوا يدخلون المسجد وهو يصلي ويقولون كفرة يا أبا الحسن، وكانوا يُصلون فرادا والإمام يُصلي جماعة، ويلقون عليه كلمات بذيئة ومع ذلك أبقاهم أحرار في دولته لم يتعرض لهم بشيئ صبر عليهم فترة طويلة، لكن لما هُم بدأوا القتال وإعتدوا على المسلمين وهتكوا الحرمات وهتكوا الكرامات أمر الإمام علي بقتالهم وقاتلهم في النهروان لأنهم تحولوا فئةً باغيه فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ وهكذا الأئمة الطاهرون ، الحسين مابدأ بقتال القوم وظل ناصحاً ومرشداً إلى آخر اللحظات.

لم   انسه   اذ   قام   فيهم  iiخاطبا

يدعو  الست  انا  ابن  بنت  iiنبيكم

هل  جئت  في  دين  النبي  iiببدعة

ام   لم   يوص  بنا  النبي  iiواودع

ان   لم   تدينوا   بالمعاد  فراجعو

فغدوا   حيارى  لا  يرون  لوعظه

حتى    اذا   اسفت   علوج   امية

صلت على جسم الحسين سيوفهم

ومضى  لهيفا  لم  يجد  غير iiالقنا

ظمآن    ذاب    فؤاده   من   iiغلة

















 
فاذا    هم    لا    يملكون   iiخطابا

وملا  ذكم  ان  صرف  الدهر iiنابا

ام    كنت    في   احكامه   مرتابا

الثقلين     فيكم     عترة    iiوكتابا

احسابكم     ان     كنتم    iiاعرابا

الا     الاسنة    والسهام    جوابا

ان   لا   ترى  قلب  النبي  iiمصابا

فغدا     لساجدة    الظبا    محرابا

ظلا    ولا   غير   النجيع   iiشرابا

لو   مست   الصخر  الاصم  iiلذابا

تجليات الدعاء
الإختلاف في الدين؛ إيجابي أم سلبي