نص الشريط
نعمة اللسان
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 17/1/1407 هـ
مرات العرض: 3301
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (673)
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ

اللسان، هذا القطعة الصغيرة، أو المخلوق الصغير المسمى باللسان من أعظم النعم التي تتجلى فيها قدرة الله وحكمته وإبداعه، عندما نريد أن نتحدث عن هذه النعمة - نعمة اللسان - نتحدث عنها من ثلاث جهات:

الجهة الأولى: مظاهر الإبداع في هذه النعمة.

هناك عدة مظاهر إذا تأملنا فيها وحققنا النظر نجد أن الإبداع يتجلى في هذه النعمة بأجلى صوره:

أولا: اللغات البشرية أجمع، أكثر من ألف لغة في العالم، هذه اللغات كيف تولدت، وبأي وسيلة نشأت وحصلت؟ باللسان، اللسان هذه القطعة الصغيرة، هي التي ولدت سائر اللغات، باختلافها وتنوعها وتباينها، ولذلك يعتبر الله هذا الأمر من آياته عز وجل ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ

ثانيا: اللسان أداة الفكر في جميع أرجاء العالم، يعني أن سائر العلوم الموجودة في العالم، من علم وفقه وفلسفة وهندسة وأحياء وجميع العلوم الموجودة والمتعارف عليها، إنما عرفوها عن طريق اللسان، عندما تنظر إلى المشاريع المنشأة، الجامعات والمدارس والمعاهد، المهرجانات، الاحتفالات، تقام على ماذا، وعلى أي أساس؟ لو لم تكن هناك قوة اللسان، ولو لم يكن هناك ذلك المخلوق الصغير، لما أقيمت كل هذه المشاريع، كلها تعتمد اعتماد كبير على هذه القطعة الصغيرة.

ثالثا: اللسان أداة اجتماعية، يعني أن المجتمع يقوم ويتكون معتمدا على اللسان اعتمادا كبيرا، مثلا أنا أتعامل معك، أنقل أفكاري إليك، وأنت تنقل أفكارك إلي، أنت تقضي حاجتي، أنا أقضي حاجتك، باللسان، التجار يتعاملون، يصدرون ويستوردون ويوزعون ويبيعون ويشترون باللسان، المعاملات الدولية سواء كانت في الحقل الاقتصادي وحتى في الحقل السياسي، بعث السفراء، والمباحثات السرية والعلنية، والمؤتمرات والمهرجانات، كلها تعتمد على اللسان، لولا اللسان لما قام للعالم لا سياسة ولا إدارة ولا تنظيم، ولا تصريف أي أمر من الأمور.

واللسان مظهر شخصية الإنسان، كما ورد في الحديث ”الرجال مخابر وليس مناظر“ الرجل ليس بمنظره وبوجهه وبشكله، بل الرجل بما ينطق، بما يفصح، فلذلك مظهر شخصية الرجل بلسانه، كما هو منقول عن بعض الحكماء، المرء بأصغريه، قلبه ولسانه، لسانه يفصح عن شخصيته، عن واقعه، ولذلك ترى الكثير يبرزون بصفات هي من صفات اللسان، مثلا: صفة الفصاحة، الذي يتصف بوصف الفصاحة، يمدح، تنجذب الناس إليه وتقبل عليه، لأن لسانه فصيح، الرسول يقول: ”أنا أفصح من نطق بالضاد“ الله عز وجل يثني على كتابه بأنه امتلأ فصاحة وبلاغة، يقول: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ولذلك ترى الخطيب الذي يتمتع بفصاحة لسان، وذلاقة بيان، ويعرض الفكرة والموضوع عرض جيد، مرتب، متناسق، تقبل الناس على استماعه، على المواظبة على محاضراته وعلى ما يلقيه، نتيجة لفصاحة اللسان، عندما نأتي لعالم الشعر، الشعر كلما كان سلسا، وسهلا، وكانت ألفاظه جزلة، عذبة، كلما كانت الناس أكثر إقبالا عليه، وأكثر تذوقا له، وأسرع حفظا له، لأنه شعر فصيح.

فالفصاحة من الصفات التي تمدحها الناس وتثني عليها وتتنافس فيها، كذلك صفة الجرأة، عندما يرى الرجل جريئا، عندما يكون لسانه جريئا، منطلقا في المواقف والقضايا، يكون إنسانا ورجلا ممدوحا بين الآخرين، تخلد الناس ذكره ومواقفه، نتيجة لجرأة لسانه، التاريخ يخلد لنا ذكر أبي ذر الغفاري، لأنه تكلم ووقف ونطق، يخلد لنا ذكر حجر ابن عدي، لأنه تكلم ووقف ونطق، فالجرأة لها معنويتها ولها صفة الإكبار والإجلال عند الناس، صعد عمر ابن الخطاب يوما من الأيام على المنبر، يريد أن يحدد المهور، أن يضع حد معين للمهر والناس تتعامل به، لا أكثر ولا أقل، فصعد وحدد المهور بشيء، وسكت الناس، لأنه الخليفة والقوة بيده، من يستطيع أن يتحدث، فقامت امرأة وقالت: ما أنت وهذا، إن الله تعالى يقول: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا القنطار ألف دينار، إذا أعطيت واحدة ألف دينار، فليس لك سلطة عليه، فسكت الخليفة وقال: أصابت امرأة وأخطأ عمر، فالقضية قضية الجرأة، اللسان الجريء له موقعه عند الناس.

الجهة الثانية: مضار اللسان ومفاسده

هذا اللسان، القطعة الصغيرة، ربما يحيي أمة، وربما يهلك أمة، هذا اللسان آلة من الآلات، والآلة متى حسن استخدامها أنتجت النفع والخير، ومتى ساء استخدامها سببت الويلات والمفاسد، مثلا: السكين تستطيع أن تقطع بها اللحم، وتأكل اللحم بواسطتها، وربما تقتل بها إنسان وتقضي على حياته، التلفاز آلة من الآلات، تستطيع أن تحافظ على برامجه النافعة، وتستطيع أن تجعل منه آلة لفساد أبنائك وأطفالك، اللسان أيضا آلة من الآلات تستطيع أن تعبر بها عن الخيرات، وتستطيع أن تعبر بها عن الشرور، تستطيع أن تجعلها داعية خير وبركة، وتستطيع أن تجعلها منبع الشر والحروب والفتن.

إيران في العهد السابق الذي عاصره العلامة الحلي قدس سره، كان أكثرها على غير مذهب التشيع، فحاكم إيران طلق زوجته ثلاثا، قال: أنت طالق ثلاثا، على المذاهب الأخرى غير المذهب الشيعي، إذا طلقها ثلاثا بانت منه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، أما على المذهب الشيعي، عندما يقول: أنت طالق ثلاثا، تقع واحدة فقط، لا تقع ثلاث طلقات، فيمكن أن يرجع إليها في أيام العدة، فحاكم إيران عندما طلق زوجته ثلاثا في آن واحد، رجع إلى أهل المذاهب وقالوا له لقد بانت منك، ولا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك، فتأثر الحاكم تأثرا شديدا وهو يريد الرجوع لزوجته، أما هناك مذهب يقول بحلية الرجوع؟ قالوا له: بلى، هناك شخص موجود في الحلة، فاستدعي العلامة الحلي، وأتى إلى السلطان، فافتتح العلامة الحلي باب النقاش والجدال مع أولائك العلماء وأرباب المذاهب، عندما دخل على السلطان وكان نتيجة ذلك أن اقتنع السلطان مما طرحه العلامة واعتنق المذهب الشيعي، وأمر بأن يؤذن بالشهادة الثالثة في المآذن والمنابر، وأن تذاع أسماء الأئمة على المآذن والمنابر، فعم مذهب التشيع جميع الأرجاء ببركة لسان العلامة قدس الله سره.

وربما كلمة تقضي على أمة، من غير المستبعد أن قنبلة هيروشيما نتيجة كلمة لسان، ألقيت هذه القنبلة وقضت على مدينة بأسرها بمن فيها، بأطفالها، بكبارها، ولذلك لسان المصلح، لسان الخطيب، لسان العالم، عليه رقابة إسلامية شديدة، لأنه لسان الأمة، لأنه لسان الناس، لأنه اللسان الذي يرفع ويضع، يحيي ويميت، فقد ورد ”العالم كالسفينة إذا صلح نجا معه خلق كثير وإذا فسد غرق معه خلق كثير“ وورد في الحديث ”إذا ظهرت البدع وجب على العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سلب منه نور الإيمان“ وورد في الحديث ”العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل“.

الجهة الثالثة: نظرة الشريعة الإسلامية إلى هذه النعمة - نعمة اللسان -

أولا: الشريعة الإسلامية اعتبرت أساس الإسلام من اللسان، يعني أنك لا تدخل الإسلام حتى يقول لسانك: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فنلاحظ أن الشريعة الإسلامية اعتبرت منطلق الإسلام كلمة يقولها اللسان، ثم بعد ذلك فرضت الشريعة الإسلامية عبادات لسانية، صوتية، فرضت الصلاة عبادة لسانية، الحج كثير من مواقفه عبادة لسانية، قراءة القرآن، الأذكار المستحبة، كلها عبادات لسانية، الشريعة الإسلامية تقول لا يحل لك أكل الذبيحة حتى يقول لسانك بسم الله والله أكبر، الشريعة الإسلامية تقول إذا ابتدأت بشيء فقل بسم الله، كل أمر لم يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر، الشريعة الإسلامية تقول إذا انتهيت من الأكل أو الشرب فقل الحمد لله فإنه يطرح البركة والخير، الشريعة الإسلامية تقول لك التزم بالدعاء ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ الشريعة الإسلامية تأمرك بالدعاء حتى في الخلاء، فضلا عن الوضوء والغسل، حتى في وقت الخلاء هناك أدعية معينة للخلاء، حتى في وقت مباشرة الزوجة، هناك أدعية معينة للمباشرة.

فالشريعة الإسلامية اعتبرت اللسان مكلفا بكثير من العبادات وفي جميع الأوقات وفي جميع الظروف، الشريعة الإسلامية حاولت أن ترفع من شأن اللسان، وتنزهه عن المحاذير، الله عز وجل يقول: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ملك عن يمينه وملك عن شماله، هذا يكتب حسناته وذاك يسجل سيئاته، وتجمع يوم القيامة في كتاب يلقاه أمامه منشورا، هذا ما صنعت أيديكم، الرسول سئل: كيف النجاة؟ قال: ”املك عليك لسانك فهو النجاة“ وعنه : ”أكبر ما يدخل الناس النار الأجوفان الفم والفرج“ والمقصود بالفم هو اللسان، وعنه : ”من لم يحسب لسانه من عمله كثرت خطاياه وحضر عذابه“ كثير من الناس يقول أن العمل في جهة واللسان في جهة، المفروض أن نعتبر كل ما يلفظه لساننا ويقوله هو جزء من أعمالنا سنحاسب عليه وسنقف يوم القيامة ونسأل عن كل لفظة وعن كل كلمة، وعنه : ”إن الله يوم القيامة يخاطب اللسان وهو بين جمرتين من نار، يقول له: إن كلمة خرجت منك بلغت مشارق الأرض ومغاربها، وسفك بها الدم الحرام، وانتهب بها المال الحرام، وانتهك بها العرض الحرام، فوعزتي لأعذبنك عذابا لا أعذب به شيئا من الجوارح“

فاللسان قد يكون سببا في الحروب وقتل الرجال وسبي النساء، واقعة الحرة التي أبادت المدينة وأباحت دم الرجال وأعراض النساء ونهب الأموال كانت نتيجة كلمة غضب قالها يزيد ابن معاوية، قتل الحسين نتيجة فتوى من شريح وأمثال شريح، أنه قال بأن دمه حلال لأنه خرج عن إمام المسلمين، وعن أمير المؤمنين : ”المرء مخبوء تحت لسانه فزن كلامك واعرضه على العقل والمعرفة فإن كان لله وفي الله فتكلم وإلا فالسكوت خير منه“ وعنه : ”لسان العاقل وراء قلبه وقلب الأحمق وراء لسانه“ وعنه : ”على لسان المؤمن نور يسطع وعلى لسان المنافق شيطان ينطق“

وعن الإمام زين العابدين : ”إن لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه كل صباح فيقول: كيف أصبحتم فيقولون بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله فينا، ويناشدونه ويقولون: إنما نثاب ونعاقب بك.“

الشريعة الإسلامية جنبت اللسان عن كثير من المفاسد والمهالك، جنبت اللسان عن الثرثرة، فإن الثرثرة تأخذ باللسان إلى المهاوي، فالإنسان إذا كان كثير الثرثرة يتحدث في كل شيء من المشرق والمغرب فإنه يقع في الخطأ، في المصيبة، في الويلات، ورد في الحديث الشريف: ”كثرة الصمت تدل على وفور العقل“ وورد عن بعض الحكماء: مقتل الرجل بين فكيه، الرجل أحيانا قد يقتل نفسه بكلمة يقولها، وورد عن بعض الحكماء: سلامة الإنسان في حفظ اللسان، وورد عن حكيم ثالث: لسانك حصانك، إن صنته صانك، وإن خنته خانك، وقال ابن المعتز:

ويا رب ألسنة كالسيوف   تقطع  أعناق  iiأصحابها

الإسلام حذرنا من لسان المنافق، الذي يظهر خلاف ما يبطن، لسان المنافق دمية وسكين تطعن في دين الأمة وكرامتها وفي اتحادها، لسان المنافق يفرق بين الصفوف، ويبث الفرقة والطعن والتناحر ويقضي على كرامة الأمة وخيرها، ورد عن الإمام الصادق : ”من لقي الناس بوجهين ولسانين جاء يوم القيامة وله لسانان من النار“ ويروى عن الإمام علي شعر الحكمة:

لا  خير  في  ود  امرئ iiمتملق
يلقاك   يحلف   أنه  بك  iiواثق
يعطيك من طرف اللسان حلاوة

 
حلو   اللسان   وقلبه   iiيتلهب
وإذا  توارى  عنك  فهو iiالعقرب
ويروغ  منك  كما  يروغ iiالثعلب

والإسلام يحذرنا من الغيبة ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ فكما تنفر من أكل الميتة فانفر من الغيبة، أنت بالغيبة كأنك تأكل لحم الميتة والجيفة، والغيبة من أكبر أسباب الفتنة والتمزق والتناحر بين صفوف المسلمين، روي عن الشافعي أنه قال:

إذا شئت أن تحيا سليما من الأذى
لسانك  لا  تذكر  به  عورة iiامرئ
  وذكرك   موفور   وعرضك  صين
فكلك    عورات   وللناس   ألسن

الشريعة الإسلامية تحذرنا من مغبة الكذب، والكذب هو أشد الأمراض الفاتكة بنا، القرآن يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ والقرآن يقول: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وعن الإمام الباقر : ”إن الله جعل للشر أقفالا وجعل مفتاحهن الشراب والكذب أشر من الشراب“ وعن الإمام زين العابدين يوصي أولاده: ”يا أولادي اتقوا الكذب صغيره وكبيره وجده وهزله فإن الإنسان إذا اجترأ على الصغير كذب الكبير أما علمتم أن رسول الله كان يقول:“ ما يزال الرجل يصدق ويصدق حتى يكتب عند الله صديقا وما يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذابا ”وعن الإمام أمير المؤمنين :“ اعتياد الكذب يورث الفقر ”وعن عيسى ابن مريم :“ من كثر كذبه ذهب بهاؤه ”ووقف الرسول في حجة الوداع وقال:“ أيها الناس لقد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"

الكذب يورث عدم الثقة بين الناس، والكذب له دوافع، أحيانا بدافع العادة، ورد عن بعض الحكماء: من استحلى رضاع الكذب عسر فطامه، وأحيانا يكون منشأ الكذب الحسد والعداء، وأحيانا يكون منشأ الكذب هو الخوف، والكذب له عدة صور:

- اليمين الكاذبة، وهذه من أشد أنواعه، ورد عن الرسول : ”إياكم واليمين الفاجرة فإنها تدع الديار من أهلها بلاقع“

- شهادة الزور، فقد ورد عنه : ”لا ينقضي كلام شاهد الزور بين يدي الحاكم حتى يتبوأ مقعده من النار“

- خلف الوعد، القرآن يقول: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا يمدح إسماعيل، لأنه واعد إنسان على مكان معين، ووقف في المكان سنة لم يبتعد عنه لأنه وعده، والرسول واعد إنسان عند صخرة، فما تباعد عن الصخرة، واشتدت الشمس عليه وقال له أصحابه: هلا انقلبت من الشمس إلى الظل، قال: ”هيهات وقد واعدته عندها“

- كذب السخرية والاستهزاء، وهذا كثيرا ما نراه، تجد شخص يكذب على آخر، يروي له قصة معينة كذبا، فقط لأجل أن يضحك الناس، والقضية أصلها كذب، ورد عن رسول الله : ”من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان“ فلذلك الإسلام عندما حذرنا من هذه المخاوف أراد باللسان بأن يرتفع وأن يتنزه عن هذه المستويات.

الإسلام أراد اللسان أن يكون آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، قال: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ الإسلام أراد من اللسان أن يكون إعلاما عن الفكر الإسلامي، فالفكر الإسلامي يحتاج إلى إعلام، واللسان أكبر وسائل الإعلام في الفكر الإسلامي، لذلك الإسلام يروي لنا الشعر الخالد الذي خلد الإسلام، شعر حسان ابن ثابت عندما يقول:

يناديهم   يوم   الغدير  iiنبيهم
وقد جاءه جبريل عن أمر ربه
  بخم  واسمع  بالرسول iiمناديا
بأنك  معصوم  فلا  تك  iiوانيا

الإسلام يخلد لنا شعر الفرزدق عندما وقف ذلك الموقف البطولي، قالوا لهشام من هذا الرجل الذي منذ أن أقبل تفرقت الصفوف والحجيج إلى أن وصل إلى الحجر واستلمه بدون مشاق والناس تتبرك به تلثم يديه، قال هشام: لا أعرفه، قال: ألا تعرفه؟ أنا أعرفك به:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته   والبيت   يعرفه  والحل  iiوالحرم

الإسلام يخلد لنا شعر الكميت:

وما  لي  إلا  آل  أحمد iiشيعة   وما لي إلا مذهب الحق مذهب

الإسلام يخلد لنا شعر دعبل الخزاعي، عندما كتب كتاب للمعتصم العباسي يقول له:

ملوك بني العباس في الكتب iiسبعة
كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة
وإني   لأعلي  كلبهم  عنك  iiرفعة

 
ولم   تأتنا  عن  ثامن  لهم  iiكتب
خيار   إذا   عدوا   وثامنهم  iiكلب
لأنك   ذو   ذنب  وليس  له  iiذنب

الاجتماع والترابط
الانسان مع الروح والجن