نص الشريط
الألطاف الروحية في غيبة الإمام (عج)
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مسجد الإمام علي (ع) بالقطيف
التاريخ: 21/8/1421 هـ
مرات العرض: 4222
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (1560)
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ

صدق الله العلي العظيم

استمرارًا لحديثنا السابق حيث تحدثنا في الأسبوع الماضي عن ضرورة الظهور وتحدثنا في ليلة ميلاد الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف عن ضرورة البقاء إلى أن يأذن الله له ونتحدث هذا اليوم عن الغيبة، لماذا كان بقاؤه بنحو الغيبة لا بنحو الحضور؟ وهنا نتحدث عن نقطتين:

النقطة الأولى: في أن الغيبة منسجمة مع الغرض الإلهي أو مخالفة للأهداف الإلهية.

والنقطة الثانية: في الآثار المترتبة على الغيبة.

نتكلم أولاً عن النقطة الأولى:

استدل الإمامية، علماء الإمامية استدلوا بقاعدة تسمى ب «قاعدة اللطف»، قالوا مقتضى قاعدة اللطف وجوب نصب الإمام بعد النبي ، هذا الكلام يا إخوان يتكون من مقدمتين:

المقدمة الأولى: أن الإمامة لطف.

المقدمة الثانية: أن اللطف واجب على الله عز وجل.

فنتيجة هاتين المقدمتين أن نصب الإمام واجب على الله عز وجل.

أما أن الإمامة لطف، اللطف ما معناه؟ اللطف هو ما يغذي حاجة المجتمع البشري، كل ما يغذي ويرفع حاجة المجتمع البشري فهو لطف، المجتمع البشري بلا إشكال يحتاج إلى وجود الإمام، وجود الإمام أمر يغذي حاجة المجتمع البشري، المجتمع البشري يحتاج إلى من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقضي دين الناس بالعدل ويقيم الحدود ويقيم التعزيرات وينشر العدالة بين أبناء المجتمع.

إذًا المتجمع البشري محتاج إلى وجود الإمام، فوجود الإمام لطف لأنه يغذي هذه الحاجة، هذه هي المقدمة الأولى أن وجود الإمام لطف للمجتمع.

نجي إلى المقدمة الثانية: هل اللطف واجب؟ وجود الإمام ينشر العدل، يأمر بالمعروف، ينهى عن المنكر، يقضي بين الناس، يهدي المجتمع إلى الخير، هذا لطف لكن هل اللطف واجب الله تعالى؟ نعم اللطف واجب على الله، لِمَ؟ لأن الله يعلم أن المجتمع البشري محتاج إلى وجود إمام عادل آمر بالمعروف ناهٍ عن المنكر فعدم نصب الإمام من قبله تعالى إما لجهله، إما لعجزه، إما لبخله، وليس عندنا شق رابع.

عدم نصب الإمام مع أن المجتمع محتاج إلى الإمام لماذا؟ ما هو سبب في عدم نصب الإمام؟ عدم علم الله بالحاجة هذا جهل والله منزه عن الجهل.

إذا كان يعلم بحاجة المجتمع البشري لوجود الإمام عدم نصبه للإمام لعجزه «لأنه لا يقدر على أن ينصب إمامًا للناس» الله سبحانه وتعالى منزه عن العجز.

إذًا إذا كان عالمًا بحاجة المجتمع وقادرًا على تلبية هذه الحاجة بنصب الإمام فعدم نصبه للإمام عدم جودٍ منه وعدم تفضلٍ منه، هذا بخل والله منزه عن البخل.

إذًا مقتضى نزاهة الله عن الجهل وعن العجز وعن البخل، مقتضى نزاهته أنه يجب عليه نصب الإمام بين الناس، فنصب الإمام بين الناس بعد الرسول محمد واجب على الله لأنه لطف كما شرحنا ذلك.

هكذا استدل الإمامية على ضرورة نصب الإمام بعد النبي، هذا هو استدلال الإمامية.

هنا يا إخوان يرد السؤال، يطرح السؤال «لاحظوا السؤال بدقة» السؤال يقول: بناءً على التصوير الذي ذكرتموه للاستدلال نقول: غيبة الإمام نقض للغرض ونقض الغرض قبيح والقبيح محال على الله تبارك وتعالى، كيف ذلك؟

قلنا بأن الغرض من نصب الإمام والهدف من نصب الإمام أن الإمام يأمر بالمعروف، يقضي دين الناس، يبلغ الأحكام الشرعية، أليس هذا هو الغرض؟ هذا هو الغرض، هذا الغرض لا يمكن تحصيله مع غيبة الإمام، لو كان الإمام حاضرًا بين الناس لقام بالغرض، لو كان الإمام موجودًا بين أظهر الناس يرونه ويعرفونه ويراهم ويعرفهم لكان وجوده محققًا للغرض، أما إذا كان غائبًُا فغيبته ناقضة للغرض، يعني الغيبة تمامًَا عكس الهدف، عكس الغرض لا أنها محققة الغرض، الغرض والهدف من نصب الإمام إقامة العدالة، غيبته تمنع من إقامة العدالة، لأنه ما لم يكن حاضرًا بين الناس فهو غير قادر على إقامة العدالة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذًا غيبة الإمام نقض للهدف ونقض الهدف قبيح، لماذا نقض الهدف قبيح؟

يعني أنت الآن مثلاً تؤسس مسجد، ما هو غرضك من هذا المسجد؟ غرضي من هذا المسجد أن يتعبد الناس فيه لله، فلو قمت أنت وفتحت غرفة في المسجد لأجل النجارة والحدادة، خليت فيها نجار أو حداد طول الوقت ينجر أو يحدد، هذا يعد شنو؟ نقضًا للغرض، الغرض من المسجد التعبد ووجود دار للنجارة أو الحدادة في وسط المسجد ينافي الغرض وينقض الغرض ونقض الغرض قبيح فيقبح منك أن تجعل ما ينقض غرضك.

الله تبارك وتعالى لماذا ينصب الإمام؟ نصب الإمام بغرض إقامة العدالة، الغيبة تنقض هذا الغرض، كون الإمام غائبًا نقض للغرض ونقض الغرض قبيح والقبيح محال على الله تبارك وتعالى، إذًا من المحال مسألة الغيبة.

هكذا السؤال المطروح، السؤال المطروح على الإمامية فكرة الغيبة أصلاً فكرة محال، فكرة الغيبة أصلاً فكرة قبيحة يرفضها العقل، فكرة الغيبة نقض للغرض من نصب الإمام ونقض الغرض محال على الله فإذًا هذه الفكرة في حد ذاتها أمر محال لا يمكن صدوره من الله عز وجل بأن ينصب إمامًا غائبًا، بأن ينصب إمامًا مستورًا عن الأعين، هذه الفكرة أمر محال في حد ذاته فكيف تقولون بها؟ «لاحظتم السؤال؟»

الآن نحن نأتي للإجابة عن هذا السؤال، الجواب عن هذا السؤال بوجهين:

الوجه الأول: الغرض من نصب الإمام «أي إمام كان» ليس هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجب على كل الناس وجوبًا كفائيًا، ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ.

الغرض من نصب الإمام ليس هو تبليغ الأحكام الشرعية والقضاء بين الناس وإقامة الحدود والتعزيرات، هذه وظيفة الفقهاء، وظيفة الفقهاء في عصر الغيبة القيام بهذه الأمور كما ورد عن الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف: «فما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا - يعني الفقهاء - فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله».

إذًا الغرض من نصب الإمام ليس هذا ولا هذا حتى يقال بأن الغرض لا يتحقق مع غيبة الإمام، الغرض من نصب الإمام - يا إخوان - أمران التفتوا إليهما:

الأمر الأول: مسألة الشهادة على أعمال الخلائق، أن يكون شهيدًا على أعمال الخلائق، اقرأ الآية التي وردت في عيسى بن مريم «عليه وعلى نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام» عيسى كان إمامًا لأن أولي العزم كانوا أئمة، ﴿وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ يعني الهدف من وجودي بينهم هو الشهادة على أعمالهم والشهادة على أفعالهم، الغرض من نصب الإمام هو أن يقوم بالشهادة.

الآية المباركة التي تخاطب النبي محمد : ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا الغرض من وجود النبي والإمام الشهادة على أعمال الخلائق شهادةً حضوريةً كما شرحنا هذا في الأسابيع السابقة، هذا هو الغرض مو الأمر بالمعروف والقضاء بين الناس وتبليغ الأحكام الشرعية، لا، الغرض إقامة الشهادة ومن الواضح أن الإمام سواء كان مرئيًا أو كان غائبًا هو قادر على أن يقوم بغرض الشهادة، سواء كان الإمام معروفًا بين الناس أم مجهولاً حاضرًا مع الناس أو غائبًا عنهم هو قادر على أن يقوم بغرض الشهادة وأن يحقق هدف الشهادة، هو قادر على هذا تمامًا.

إذًا الغرض من نصب الإمام متحقق وليست غيبة الإمام أمرًا ناقضًا للغرض كي تكون الغيبة أمرًا محالاً أو أمرًا قبيحًا «لاحظتم؟»، هذا الأمر الأول.

الأمر الثاني: المترتب على نصب الإمام هو حفظ الدين لكيلا تمتد أيدي التزوير وأيدي التلاعب وأيدي التحريف إلى الدين الإسلامي، وقد ذكرنا فيما سبق أن قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ليس المقصود بالذكر القرآن الكريم، المقصود بالذكر هو الدين السماوي المحتفظ عليه من خلال القرآن الكريم نفسه، الله تبارك وتعالى تعهد بحفظ هذا الدين وحفظ الدين بأسبابه، من أسباب حفظ الدين وجود الشخص الخبير بالدين كي يكون قادرًا على حفظه من أن تمتد أيدي التزوير والتلاعب والتحريف إليه، كيف حفظ الدين؟

ليس المقصود من الدين يا إخوان الوظيفة الظاهرية، الوظيفة الظاهرية يعني يجب على الناس في عصر الغيبة أن يعملوا بالوظيفة الظاهرية وهي فتاوى الفقهاء، فتاوى الفقهاء هذه وظائف ظاهرية وليست وظائف واقعية لأن فتوى الفقيه قد تصيب الواقع وقد تخطئ الواقع، لكن مع ذلك لو أصابت فتوى الفقيه الواقع فأنت قد عملت بالواقع، ولو أخطأت فتوى الفقيه الواقع فأنت معذور مادام الأئمة أمرونا بإتباع فتاوى الفقهاء أصابوا أو أخطؤوا فنحن معذورون عند الخطأ كما ورد عنهم : «لا ينبغي لأحد من شيعتنا التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا قد علموا أنا نفاوضهم سرنا» يعني لا ينبغي التشكيك في مرويات الفقهاء وما يمليه الفقهاء، وظيفتكم العمل بفتاوى هؤلاء وأنتم معذورون، «فأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها على رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله».

ليس الدين هو هذه الوظيفة الظاهرية، لا، الدين مجموعة من القوانين السماوية موجودة في القرآن وفي الأحاديث الصحيحة، هذه القوانين السماوية الموجودة في القرآن والموجودة في الأحاديث الصحيحة هي الدين الواقعي، وهذه المجموعة من القوانين يجب حفظها عن الدس والتزوير والتحريف، من المتكفل بحفظها؟ المتكفل بحفظها هو من كان عارفًا بها، من لا يعرف هذه القوانين الواقعية الموجودة في الكتاب والأحاديث الصحيحة لا يمكنه حفظها، من عرف هذه القوانين أهل البيت أدرى بما فيه.

قتادة دخل على الإمام الباقر ، قتادة كان من فقهاء البصرة، التفت إليه الإمام الباقر قال: يا قتادة بلغني أنك تفسر القرآن، قال: نعم، قال: كيف تفسر القرآن؟ إن كنت تفسره برأيك «من راسك تطلع» فقد هلكت وأهلكت وإن كنت تفسره بآراء الرجال فقد هلكت وأهلكت، إنما يعرف القرآن من خوطب به وليس هو إلا عند الخاصة من ذرية نبينا محمد وما ورثك الله من كتابه حرفًا.

معرفة القرآن معرفة واقعية، معرفة الأحاديث الصحيحة معرفة واقعية أمر لا يتأتى لا لفقيه ولا لغير فقيه، لا يتأتى إلا لمن خوطب بهذا القرآن ومن خوطب بهذه الأحاديث الصحيحة ألا وهو الإمام القائم ألا وهو الإمام المعصوم.

إذًا بالنتيجة الغرض من نصب الإمام حفظ الدين الواقعي، والدين الواقعي لا يمكن حفظه إلا لمن كان عارفًا به، والعارف بالدين الواقعي هو الإمام الذي تلقى مواريث النبوة وكتب الأنبياء وكتب الأئمة ووصلت له العلوم الواقعية يدًا بيد، فهو الوحيد القادر على حفظ الدين دون غيره، لذلك وردت عندنا روايات، عن النبي محمد ...

لا تملوا من الصلاة على النبي فإن الصلاة عليه تزيد في الأجر والمثوبة وتحضر ملائكة الرحمة أمام الإنسان إذا صلى على النبي محمد ...

إذًا فبالنتيجة الغرض حفظ الدين وحفظ الدين يتوقف على المعرفة والمعرفة غير موجودة إلا عند إمام الزمان إذًا القادر على حفظ الدين هو إمام الزمان، «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» و«لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها» وورد عن الإمام علي : «لابد لله من حجة إما ظاهرًا مشهورًا أو خائفًا مستورًا» فهو الذي يقوم بحفظ الدين، يسأل واحد: شلون يقدر يحفظ الدين وهو غائب؟

يحفظ الدين من خلال الاتصال بمواقع القرار، الأمة الإسلامية فيها مواقع قرار، فيها قيادات، فيها علماء، فيها مراجع، فيها وجهاء، كل شخص له نفوذ في الأمة الإسلامية وتأثير في الأمة الإسلامية فهو موقع من مواقع القرار، الإمام قادر على حفظ الدين من خلال اتصاله بمواقع القرار، من خلال الاتصال بطريقة مباشرة أو بغير مباشرة، المهم أن واجبه حفظ الدين فلابد أن يقوم به من خلال الاتصال بمواقع القرار مباشرة أو بواسطة من أجل حفظ الدين وإقامة هذا الغرض.

الآن أنتم انتظروا، الصحوة الإسلامية تنمو، الوجود الإسلامي يكبر، ظاهرة التشيع تنمو وتكبر وتمتد إلى أرجاء الأرض، ظاهرة من هو مخلص للدين ومن هو باذل للدين تقوى وتكبر يومًا بعد يوم، هذا دليل على ماذا؟ مع وجود هذه الحرب الشرسة ضد الدين والدين يقوى ويزداد نموًا ويزداد قوةً، كاشف عن ماذا؟ كاشف عن وجود تصرفات غيبية خفية يقوم بها المسؤول عن هذه التصرفات من أجل حفظ الدين ومن أجل حفظ هيبته ومن أجل حفظ مكانته ومن أجل حفظ قوته ألا وهي تصرفات المولى صاحب الأمر عجل الله فرجه الشريف، «ولولا أنتم تحت رعايتنا لاصطلت بكم اللأواء وأحدقت بكم الأعداء وإنا لنحضر أفراحكم وأتراحكم ولا يعزب عنا شيء من أخباركم».

إذًا فبالنتيجة هذا السؤال غير وارد، أن الغيبة نقض للغرض، لا، الغيبة ليست نقضًا للغرض، الغرض حفظ الدين وهو قادر على أن يقوم به غائبًا أم حاضرًا، الغرض الشهادة على أعمال الخلق وهو قادر على أن يقوم به غائبًا أو حاضرًا، فلا معنى لهذا السؤال.

الجواب الثاني عن هذا السؤال: «التفتوا يا إخوان»

الغيبة ليست مخطط سماوي وإنما هي عمل بشري، والعمل البشري لا يكون نقضًا للغرض السماوي، كيف؟

الآن مثلاً أضرب لك مثال: ما هو الغرض من نصب الإمام علي للإمامة؟ لغرض من نصب الإمام علي للإمامة أن يقيم الدولة الإسلامية العادلة، هذا المخطط السماوي «لو لا؟»، لكن ماذا حصل على الأرض؟ المخطط السماوي هو أن الهدف من نصب علي إقامته للعدالة، لكن هل هذا المخطط السماوي حصل على الأرض؟ ما حصل على الأرض، ما الذي حصل على الأرض؟ بمجرد تولى الخلافة قام عليه الناكثون والقاسطون والمارقون من كل حدب وصوب حروب دامية خمس سنوات ما أعطت الإمام الفرصة الكافية لتحقيق الدولة الإسلامية العادلة إلى أن قتله الخوارج في محرابه من أجل ألا يعطى الفرصة لإقامة الدولة الإسلامية العادلة، إذًا هل هذا نقض للغرض؟ هل يستطيع إنسان أن يقول: «إذًا الغرض السماوي راح فما هو الغرض من نصب علي للخلافة؟ هذا نقض للغرض ونقض الغرض قبيح!»؟!

ليست حرب علي مخططًا سماويًا وليس قتل علي مخططًا سماويًا، ما خططت له السماء هو أن يبقى عليه لكي يقيم العدالة، ولكن ما صنعه البشر رفضًا لمخطط السماء هو حرب علي وقتله.

إذًا بالنتيجة الجناية البشرية لا تعد نقضًا للغرض السماوي، المخطط السماوي قد يكون على شيء وتكون الجناية البشرية على شيء آخر، قد يكون العمل الأرضي مخالفًا للمخطط السماوي، وهذا لا يعني نقض الغرض من السماء، لا.

الآن مثلاً الله تبارك وتعالى بعث نبيه نبي الرحمة لماذا؟ ليظهر على الدين كله، ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ جاء بنو أمية ومسخوا الدين من أصله وجاء بنو العباس وتابعوا المسيرة في تشويه الدين ومسخه، يعني أن المخطط السماوي كان نقضًا للغرض ونقض الغرض قبيح؟! ما خططت له السماء شيء وما جنى به البشر شيء آخر، أحيانًا جناية البشر تقف أمام مخطط السماء.

الله تبارك وتعالى عندما نصب محمد المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، نصبه إمامًا بعد أبيه الحسن العسكري، ما كان الغرض من نصبه أن يغيب، الغيبة ليست مخططًا سماويًَا، كان الغرض من نصبه أن يبقى حاضرًا بين الناس ويقوم بتحقيق أهداف الإمامة وهو حاضر بين الناس، إلا أن الجناية البشرية صارت على عكس مخطط السماء.

هجم الظالمون عليه فاستتر خوفًا من الظالمين ولم تقم الأمة الإسلامية بنصرته والدفاع عنه، ولو أن الأمة الإسلامية وقفت إلى جنبه يوم هجوم الظالمين عليه ما تغيب الإمام، الإمام لم يتغيب لأن الله أمره بالغيبة، لا، الغيبة ما أمره الله بها، الله أمره كإمام أن يكون كسائر الأئمة، سائر الأئمة الغرض أن يبقوا حاضرين بين الناس ويقيمون العدالة بين الناس ويوصلون الناس إلى الهداية، ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا الغرض هو الهداية، لكن البشر إذا رفضوا هذا المخطط السماوي، هجم الظالمون على الإمام وطلب الإمام النصرة من الأمة الإسلامية فلم تكن مستعدة ولا حاضرة لبذل النصرة وللوقوف معه حتى يقف حاضرًا ويقيم غرض الهداية كما ذكر في القرآن الكريم، فهذا عمل إلهي أو تقصير بشري؟ تقصير بشري.

إذًا نتيجة الكلام أن الغيبة ليست مخططًا سماويًا كي نقول بأن هذا المخطط نقض للغرض، إنت من جهة تنصب إمام ومن جهة تغيبه؟! تغيبك إياه نقض لغرض الإمامة! لا، الله يقول أنا ما غيبته، أنتم أيها البشر جنيتم ونتيجة جنايتكم وتقصيركم غاب الإمام من بين أيديكم، غيبة الإمام تقصير بشري، جناية بشرية وليست مخططًا سماويًا كي يكون هذا المخطط نقضًا للغرض.

انظر إلى مسألة موسى بن عمران ، بنو إسرائيل حيرة، كل يوم يحيروا نبي بنو إسرائيل، «ادخلوها» قالوا: ﴿لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ رفضوا أن يدخلوا الأرض المقدسة، ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي أنا دولا ما أقدر أسيطر عليهم ﴿إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ يعني غاب موسى عنهم فبقوا في حيرة يتيهون في الأرض أربعين سنة، طيب غيبة موسى مخطط سماوي لو جناية منهم؟ جناية منهم، هم الذين رفضوا الاستعداد لنصرة موسى، هم الذين رفضوا الاستعداد أن يكونوا يدًا مع موسى، نتيجة عدم نصرتهم وتخيلهم عن الوظيفة غاب عنهم موسى، فغيبة موسى لم تكن مخططًا سماويًا بل كانت نتيجة جناية بشرية.

نفس الكلام بالنسبة للإمام المنتظر، غيبة الإمام المنتظر نتيجة جناية بشرية وتقصير من الأمة الإسلامية وليست الغيبة مخططًا سماويًا كي يقال بأن هذه الغيبة نقض للغرض من نصب الإمامة، «لاحظتم؟» إذًا فهذا السؤال وهذه الشبهة مندفعة.

النقطة الثانية: «أتكلم عنها باختصار»

الغيبة حصلت، ولد الإمام وغاب فما هي الآثار الروحية والعملية المترتبة على الغيبة؟ أذكر هنا ثلاثة آثار مهمة:

الأثر الأول: شعور الأمة بالتقصير يدفعها لإعداد الأرضية لخروج الإمام المنتظر.

نحن عندما نتساءل: لماذا غاب عنا إمامنا؟ لتقصيرنا، لو أننا نملك الأرضية الصالحة لخرج اليوم قبل غد، لو أننا نملك الأرضية الصالحة لنصرته لخرج اليوم قبل غد، الإمام يحتاج إلى قاعدة شعبية عريضة مخلصة مضحية باذلة تعرف الإمام حقه وتعرف معنى الإمامة ومعنى طاعة الإمام، يا إخوان لو وجدت قاعدة شعبية تملك الخصائص، خصائص التضحية، خصائص البذل، خصائص الإخلاص، خصائص الفناء والذوبان والانصهار في الإمام ، لو وجدت هذه القاعدة لظهر الإمام ، لا مانع من ظهوره إلا عدم استعداد القاعدة وعدم تهيئة القاعدة.

فشعور الناس بغيبة الإمام نتيجة تقصيرهم في إعداد الأرضية الصالحة يكون سببًا في اندفاعهم لماذا؟ لتهيئة هذه الأرضية، لإيجاد النخبة المخلصة المضحية الباذلة حتى إذا وجدت وتهيأت هذه الأرضية ظهر الإمام .

إذًا هذا أثر من آثار الغيبة، شعور الأمة بغيبة الإمام عنهم نتيجة تقصيرهم يدفعهم لإعداد الأرضية لظهور الإمام واستقبال الإمام .

وهذا هو معنى الانتظار، ورد عن الرسول محمد : «أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج» ما معنى انتظار الفرج؟ يعني الحولقة «نقول لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم عجل فرجه» هل هذا هو الانتظار؟! الانتظار بمفهومه الإيجابي لا بمفهومه السلبي يعني إعداد الأرضية، انتظار الضيف يعني إعداد الأرضية لاستقباله، إذا إنت تنتظر الضيف يأتيك من مكان بعيد، ما معنى انتظارك له؟ انتظارك له يعني أن تعد البيت لاستقباله والطعام لتغذيته، انتظار الإمام بمعنى تهيئت الأرضية الصالحة لظهوره، هذا الأثر الأول من آثار الغيبة.

الأثر الثاني: الاستعداد للقاء الإمام المنتظر «انتبهوا يا إخوان».

هنا عندنا مقدمتان:

المقدمة الأولى:

ذكر علماؤنا عندما بحثوا كما في البحار إذا تراجعون، البحار عندما تحدث عن غيبة الإمام يقول أن العلماء قالوا بأن غيبة الإمام غيبة العنوان لا غيبة الشخص، ما هو الفرق بين غيبة العنوان وغيبة الشخص؟

غيبة الشخص يعني أن نفس شخص الإمام غير موجود مثل عيسى بن مريم، عيسى بن مريم شخصه غائب لأن شخصه رفع إلى حظيرة القدس فشخصه غير موجود بين الناس، هذه غيبة الشخص، غيبة الشخص بمعنى غيبة غير طبيعية، الشخص يرفع من الأرض، يرفع من بين أظهر الناس وأيدي الناس إلى مكان آخر، هذه تسمى بغيبة الشخص وهي غيبة إعجازية وغير طبيعية.

غيبة الإمام المنتظر ليست هكذا، غيبة الإمام المنتظر غيبة العنوان وليست غيبة الشخص، يعني الإمام المنتظر موجود بين الناس، ما رفع شخصه، الإمام المنتظر يعيش مع الناس، يحضر مواسم الناس، يحضر قضايا الناس العامة والخاصة، ما غيب شخصه وإنما الذي تغيب عنوانه، يعني «وين هو؟ أي الرجال هو؟» هذا غير معروف، العنوان مجهول وإلا فالشخص موجود، غيبة العنوان لا غيبة الشخص.

إذًا غيبة الإمام المنتظر غيبة طبيعية وليست غيبة إعجازية، الإمام المنتظر يحافظ على خفائه، هو اللي يحافظ على خفائه، حفظ شخصي، حفظ عادي، حفظ طبيعي، هو الذي يحافظ على بقائه من خلال تغيير الاسم، تغيير العنوان، تغيير المكان، تغيير طرق الاتصال، تغيير نوع الارتباط بالبشر، كلما مرت فترة عليه غير مكانه، غير عنوانه، غير طريقة اتصاله، غيبته غيبة عنوانية، غيبة طبيعية، هو الذي يقوم بحفظ نفسه عن أعين الظالمين.

وإلا لو غيبة الإمام غيبة إعجازية ما يحتاج ندعو للإمام المنتظر بعد، لكننا نعدو به، وشو نقول؟ «اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليًا وحافظًا» ندعو له بالحفظ، لو كان مغيبًا كعيسى ما يحتاج ندعو له، ما يحتاج نقول اللهم احفظ عيسى بن مريم، من يحفظه بعد؟! أحسن ما كان قاعد في حظيرة القدس وبين الملائكة وما صاير عليه شي ولا شي «عدل لو لا؟».

إنما ندعو له بالحفظ لأن غيبته غيبة طبيعية عادية، هو الذي يقوم بحفظ نفسه عن الأخطار وهو الذي يقي نفسه من الأمراض وهو الذي يقي بقائه عن التلف والضياع، هو مسؤول عن حفظ نفسه، لذلك نحن ندعو الله فنقول: «اللهم احفظه عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه وحفه بملائكتك» الدعاء له بالحفظ معناه أن غيبته غيبة طبيعية، غيبة العنوان لا غيبة الشخص، «لاحظتم؟» هذه المقدمة الأولى.

المقدمة الثانية:

إذا كان الإمام حاضرًا بيننا وغيبته غيبة عنوان إذًا الاتصال به أمر ممكن، إذًا الاتصال به أمر ميسور وأمر ممكن، فقد يتصل أحدنا بالإمام من حيث لا يشعر، قد يختلط بالإمام ويتحدث مع الإمام والإمام يوصل له بعض الأفكار الصالحة من حيث لا يشعر، قد يوصل له بعض الأمور التي يهديه بها من حيث لا يشعر، اتصالنا بالإمام اتصال ميسور وممكن، إنما نحن كلنا نريد أن نعرف العنوان، هل هذا هو الإمام أم غيره؟ كيف ذلك؟

الإمام يعملنا الطريق: «لولا ذنوب شيعتنا لرأونا رأي العين» ما في حاجز بيننا وبينهم، عثمان بن سعيد العمري، أحد سفراء الإمام «السفير الثاني للإمام»، يقول عثمان بن سعيد العمري: «والله إن صاحب هذا الأمر - يعني الإمام - ليحضر الموسم كل سنة «يعني يحضر الحج كل سنة» وإن الناس يرونه ويراهم ويعرفهم ولا يعرفونه» هو موجود بينهم لكنهم لا يعرفون أن هذا الشخص هو الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف.

إذًا إذا أردت أن تلقى الإمام «يعني أن تعرفه باسم وعنوانه» فالطريق واضح، «لولا ذنوب شيعتنا لرأونا رأي العين» التخلص من الذنوب والمعاصي يفتح الطريق الواضح أمام رؤية الإمام بعنوانه وبشخصه.

قد يقول الإنسان: ما هو الأثر للقاء؟! والتقيت بالإمام؟! وشو باصير يعني إذا التقيت أنا بالإمام؟! وش بيصير إذا التقيت بالإمام أروح أدوخ حالي...؟! ماذا يترتب على اللقاء؟

يترتب على اللقاء يا إخوان الهداية الأمرية، ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا أتريد أن تصل إلى الهداية الأمرية؟ أتريد أن تكون مثل سلمان الفارسي وأبي ذر والمقداد وعمار وكميل هؤلاء النخبة الذين لما التقوا بالأئمة حصلوا على أعلى مرتبة من الهداية وهي الهداية الأمرية؟ أي إنسان لا يرغب في هذا الهدف؟! إذا أردت أن تصل إلى الهداية الأمرية فالطريق إليها لقاء الإمام والطريق إلى لقاء الإمام رفض الذنوب والتخلي عنها، «لولا ذنوب شيعتنا لرأونا رأي العين».

وهذا ما في الرواية، الإنسان قد يستغرب الرواية الواردة في تفسير الآية، الآية المباركة ماذا تقول؟ ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا في الآية وارد هداية السبيل يعني لقاء الإمام المنتظر، لأن الآية لاحظ التعبير دقيق في الآية، «لنهدينهم سبلنا» ما قال: «لنهدينهم إلينا» يعني أنت إذا قمت بمجاهدة النفس، ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا إذا جاهدت نفسك الأمارة بالسوء تصل إلى ماذا؟ إلى السبيل إلى الله ﴿لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ومن هو السبيل إلى الله؟ ما تقرأ إنت في دعاء الندبة: «فكانوا هم السبيل إليك والمسلك إلى رضوانك» السبيل إلى الله هم أهل البيت، والهداية إلى السبيل فرع المجاهدة النفسية، فرع نبذ الذنوب والمعاصي أن تصل إلى السبيل.

إذًا الأثر الثاني المترتب على الغيبة هو ماذا؟ هو استعداد الإنسان، مو مثل من ينكر الإمام، من ينكر الإمام شنو؟ يقول لك الإمام ما ولد، بعد أنا ألتقي ويا منهو؟ من ينكر الإمام لا يحصل على هذا الأثر «صح لو لا؟» من ينكر الإمام محروم من هذا الأثر، أما من يعترف بوجود الإمام وأنه يمكن لقاؤه وطريق لقائه نبذ الذنوب ومن خلاله يمكن الوصول إلى الهداية الأمرية فالأثر المترتب على الغيبة ما هو؟ الاستعداد للقاء الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف، «اللهم أرنا الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة واكحل نواظرنا بنظرة منا إليه».

الأثر الثالث والأخير: إقامة العلاقة القلبية بينك وبين الإمام.

قد يقول قائل: ليش العلاقة، يكفي خوب أنا أحب الإمام، نحن الأئمة، الآن جميع المسلمين يقولون نحن نحب آل بين رسول الله، أليس كذلك؟ فما معنى تقوية العلاقة القلبية؟

هنا أمران:

الأمر الأول: قوله تعالى: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى مودة أهل البيت واجب شرعي، واجب سماوي، يجب محبة أهل البيت، فكل طريق يقوي المحبة فهو طريق مطلوب، كل طريق يقوي في قلوبنا محبة أهل البيت طريق مطلوب، إقامة مآتم الحسين تقوي محبة أهل البيت، ذكر فضائل أهل البيت يقوي محبة أهل البيت، أيضًا الشعور بغيبة الإمام المنتظر يقوي جانب المحبة والعلاقة القلبية مع الإمام.

انظر أنت الآن إذا تشعر بأن عندك شخص غائب، إذا عندك شخص غائب ألا تشتاق إليه؟ إذا كان عندك شخص عزيز غائب ألا يشتد شوقك إلى لقائه؟ ألا يشتد شوقك إلى رؤيته؟ ألا تنمو العلاقة القلبية معه أكثر مما لو كان مفقودًا، لو قيل لك بأن فلان الذي تنتظره مات، فُقِدَ، العلاقة القلبية خلاص تبرد وتنتهي، شعورك بأن الإمام معدوم وليس بموجود يطفئ العلاقة القلبية، أما شعورك بأن الإمام غائب وأنت منتظر له عامل من عوامل تقوية العلاقة القلبية وتقوية العلاقة النفسية بينك وبين الإمام، فمن آثار الغيبة قوة العلاقة النفسية بيننا وبين الإمام .

وهذا ما يؤكد عليه دعاء الندبة، ما تقرأ في دعاء الندبة؟ «فأغث يا غياث المستغيثين» يعني أنا مشتاق، مشتاق تمام الشوق إلى أن أرى إمامي وسيدي فلبي حاجتي يا غياث المستغيثين، أغثني، «فأغث يا غياث المستغيثين عبيدك المبتلى» المبتلى بفراق حبيبه، المبتلى بفراق إمامه، المبتلى بفراق عزيزه، «فأغث يا غياث المستغيثين عبيدك المبتلى وأره سيده يا شديد القوى وفرج عنه به الأسى وبرد غليله يا من على العرش استوى» هذا دعاء الندبة يعلمنا كيف نشتاق للإمام، كيف نقوي علاقتنا القلبية بيننا وبين الإمام.

إذا نمت العلاقة القلبية بينك وبين شخص صرت تحب هذا الشخص، تبذل إليه، تعطيه، تهديه، انتظر أنت إذا أحببت شخصًا تقدم له هدايا، تدافع عنه، تنصره، أيضًا إذا قويت علاقتك بالإمام تنعكس هذه العلاقة القلبية على سلوكك، تتصدق عن الإمام، تحج عن الإمام، تطوف عن الإمام، تصوم عن الإمام، تصلي عن الإمام، شعورك بأن الإمام غائب وأنه شخص عزيز عندك يقوي العلاقة بينك وبينه، وقوة العلاقة تبعثك إلى الصدقة، إلى الحج، إلى الطواف، إلى الصلاة، إلى أي عمل قربي تقوم به وتهدي ثوابه إلى الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف كما ورد في الأحاديث الشريفة.

إذًا هذه الآثار كلها آثار سلوكية وروحية تترتب على الاعتقاد بغيبة الإمام المنتظر، ومن لم يعتقد بالغيبة فليس عنده من هذه الآثار شيء.

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

قراءة تحليلة في منهج الشيخ منصور البيات
اليوم الموعود للحضارة الكونية