نص الشريط
الدرس 53
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 21/6/1435 هـ
تعريف: أصالة التخيير 22
مرات العرض: 2940
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (555)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

القسم ال 2 من البحث ما اذا دار الامر بين المحذورين التوصليين مع تعدد الواقعة، وليس المقصود من هذا البحث ما توهمه بعض العبارات من التمثيل بما اذا دار الامر بين وجوب الصوم غدا او حرمة الصوم بعد غد، كما لو علم اجمالا انه نذر ولكن لا يدري هل نذر الصوم غدا ام نذر ترك الصوم بعد غد فهو اما يجب عليه الصوم يوم الأحد او يحرم عليه الصوم يوم الاثنين، فالعلم الإجمالي هنا لا شك في منجزيته فهو علم اجمالي بالوجوب او الحرمة على نحو التدريج وهذا لا اشكال في منجزيته بناءً على منجزية العلم الإجمالي في التدريجيات.

وانما مقصودهم بدوران الامر بين المحذورين مع تعدد الواقعة غير هذا، فان مقصودهم بدوران الامر بين المحذورين مع تعدد الواقعة هو تعدد العلم الإجمالي بالمحذورين في كل واقعة، بمعنى انه في يوم الأحد دار الامر بين وجوب الصوم وحرمته، وكذا في يوم الاثنين،

لا ان العلم الإجمالي متعلق بالوجوب في واقعة او الحرمة في واقعة أخرى، بل هناك واقعتان في كل واقعة علم اجمالي دائر بين الوجوب والحرمة

ففي مثل هذا الفرض هل نحكم بالتخيير البدوي او يجوز التخيير الاستمراري حيث قلنا بانه اذا دار العلم الإجمالي بين المحذورين في الواقعة ال 1 فالوظيفة هي التخيير، وان المكلف لا حرج عليه في الفعل او الترك فهل هذا التخيير يسري للواقعة 2 فكما كان مخيرا بين الفعل والترك في اليوم 1 هو كذلك في اليوم 2، بحيث يجوز له ان يختار الصوم في يوم الأحد وتركه في يوم الاثنين ما دام مخيرا استمرارا.

ام ان التخيير بدوي بمعنى انه بمجرد ان يختار الصوم في يوم الأحد يتعين عليه الصوم في يوم الاثنين، او بالعكس، فهو مخير بدوا لا استمرارا.

استدل في كلماتهم كما في عند العراقي على ان التخيير بدوي وليس استمراريا بانه اذا لاحظنا العلم الإجمالي في كل واقعة على حدة أي ان هناك علما اجماليا دائرا بين الوجوب والحرمة في يوم الأحد ومثله علم اجمالي في يوم الاثنين، فليس احدهما منجزا، واذا لم يكن احدهما منجزا فالمكلف مخير في كل منهما بين الفعل والترك، فلو اختار الفعل في اليوم 1 واختار الترك في يوم ال 2 فلا مشكلة لعدم وجود علم اجمالي منجز في كليهما.

صحيح انه لو اختار الفعل في يوم 1 فبالترك في يوم 2 قطع بمخالفة الواقع لأنّه يعلم انه في كل يوم يجب عليه اما الصوم او يحرم، فان كان الواجب عليه الصوم في كلا اليومين فقد ترك احدهما وان كان يحرم عليه الصوم في كليهما فقد صام في احدهما، فهو يقطع بمخالفة الواقع اما بالصوم او بتركه الا ان هذه المخالفة حيث انه لا يوجد علم اجمالي منجز لا ضير فيها نظير المخالفة في الشبهة غير المحصورة لو استطاع انسان ان يقتحم كل اطراف الشبهة غير المحصورة فبناءً على ان العلم الإجمالي غير منجز فيها لا ضير عليه.

اذن قطعه بمخالفة الواقع لأنّه ترك الصوم في احد اليومين وصام في اليوم الآخر لا ضير فيه ما دام لا يوجد علم اجمالي منجز.

هذا ولكن هناك علم اجمالي غير هذين العلمين الاجماليين، وهو اذا علم الانسان في كل يوم انه اما يجب الصوم او تركه فقد علم انه اما يجب عليه الصوم يوم 1 او يجب عليه الترك يوم ال 2 حيث يتولد من هذين العلمين الاجمالين الدائرين بين المحذورين علم اجمالي 3 تدريجي، وهو انه بالنتيجة اما يجب عليه الصوم يوم الأحد او يحرم عليه الصوم يوم الاثنين فهذا العلم الإجمالي المتولد منجز ومقتضى منجزيته حرمة مخالفته القطعية ومقتضى حرمة مخالفته القطعية ان لا تترك في اليوم الأول وتفعل في اليوم ال 2.

والنتيجة هي ان التخيير في حقك ليس استمراريا بل بدويا فليس لك ان تختار الترك في يوم الأحد والفعل في يوم الاثنين فان هذا مخالفة قطعية للعلم الإجمالي المتولد ال 3 وهو يجب الصوم في يوم الأحد او يحرم في يوم الاثنين

اذا فنحن نصير الى ان التخيير بدوي ليس استمراريا استعانة بالعلم الإجمالي جديد لا بالعلمين الاجماليين في اليومين لانهما من قبيل العلم الإجمالي الدائر بين المحذورين والذي لا منجزية له،

ولكن اشكل على الاستدلال بهذا الوجه انه كما يتولد من هذين العلمين الاجماليين علم اجمالي بانه اما يجب الصوم في 1 او يحرم في 2 يتولد علم اجمالي معاكس له وهو انه اما يحرم الصوم يوم ال 1 او يجب يوم ال 2

وهذان العلمان الاجماليان متشابكان لكونهما متولدين عن العلمين الاجماليين في كل يوم على حده، ومقتضى ذلك، انه لا يمكن منجزية هذين العلمين الاجماليين الجدديدن معا ولا منجزية احدهما المعين دون الآخر ولا منجزيتة احدهما اللا بعينه فان جميع الفروض منتفية حيث لا يمكن منجزية كليهما لتعارضهما في مقام التأثير فهذا يقول اترك في الأول وافعل في ال 2..

وذاك يقول بالعكس فنتيجة تعارضهما في مقام التاثير لا يمكن ان يتنجزا معا ولا يمكن ان يتنجز احدهما المعين دون الآخر فهو ترجيح بلا مرجح وكلاهما متولدان في عرض 1 ولا يمكن ان يتنجز احدهما اللابعينه فان هذا من قبيل تنجز الجامع لأنّه اذا تنجز احدهما لا بيعنه أي ان المتنجز في حقك هو الجامع فانت اما ان تفعل او تترك ومنجزية هذا الجامع غير معقولة لان المكلف مضطر الى هذا الجامع لا محالة فالمكلف بطبعه التكويني اما فاعل او تارك فلا معنى لان يقال تنجز عليك الجامع وانت ملزم به فاختر اما الفعل او الترك اذ ما دام هذا التخيير طبعيا تكوينيا للمكلف لا معنى لتنجزه والالزام به.

فالنتيجة ان أيا من العلمين المتولدين ليس منجزا في حق المكلف وان لم يكن احدهما منجزا اذا فالتخيير استمراري أي ان المكلف في كل يوم مخير بين الفعل أو لترك ولو اختار الترك في الأحد يمكن ان يختار الفعل في ال 3 او العكس

ولكن انتصارا للاستدلال السابق ودفعا لهذا الاشكال ذكرت نكتتان في كلمات المحققين ال 3 لبيان ان العلم الاجمالي في المقام أي العلم الإجمالي المتولد منجز، وبيان ذلك بإحدى نكتتين:

النكتة الأولى لا ريب في ان حرمة المخالفة القطعية اهم من وجوب الموافقة القطعية، والسر في ذلك ان المخالفة القطعية تفويت للغرض المولوي الملزم بينما عدم الموافقة القطعية عدم احراز للغرض المولوي وربما اتى بالغرض وهو لا يدري الا انه لا يحرز ذلك ومن الواضح ان تفويت غرض المولى اشد قبحا من عدم احرازه وبالتالي ان حرمة المخالفة القطعية اهم عقلاً من وجوبها..

ولأجل ذلك قيل على مسلك النائيني ان العلم الإجمالي علة تامة لحرمة المخالفة القطعية فلا يجوز ان تجري الأصول في جميع اطرافه، فلو علم اجمالا بنجاسة احد المائين فليس له اجراء الطهارة في كليهما فانه ترخيص في المخالفة القطعية، ولكنه في نفس الوقت قال مقتضي لوجوب الموافقة القطعية، وليس علة تامة أي ان منجزيته للموافقة القطعية فرع تعارض الأصول في اطرافه، فان تعارضت تم المقتضي وصار فعليا والا فالمنجزية اقتضائية ولذلك لو جرى الأصل في احد الطرفين بلا معارض انحل العلم الإجمالي حكما،

مثلاً لو علم اجمالا اما الماء نجس او التراب نجس فجريان اصالة الطهارة في كليهما متعارض، ولكن تجري اصالة الحل في الماء بلا معارض اذ لا معنى لجريان اصالة الحل في التراب فينحل العلم الإجمالي حكما لجريان الخطاب المختص في احد الطرفين بلا معارض

بناءً على ذلك، نقول في المقام، اذا علم اجمالا اما يجب الصوم ال 1 او يحرم ال 2 وفي نفس الوقت علم اجمالا اما يحرم الصوم ال 1 او يجب ال 2 فالموافقة القطعية لكل منهما هي بنفسها مخالفة قطعية للاخر، فانه لو أراد ان يوافق الأول بصوم ال 1 وترك ال 2 فهو خالف ال 2 وهو اما ان يترك الصوم ال 1 او يصوم ال 2

فيدور الامر اما ان نتحفظ على الموافقة القطعية لكل منهما وان ارتكبنا المخالفة القطعية للاخر او نتحفظ على حرمة المخالفة القطعية لكل منهما وان فرطنا بالموافقة القطعية للآخر، فحيث ان حرمة المخالفة القطعية اهم من وجوب الموافقة القطعية تحفظنا عليها في المقام بعد تزاحمهما فقلنا يحرم عليك المخالفة القطعية لكليهما ومقتضى ذلك ان ليس لك ان تعكس فاما ان تترك في كلا اليومين او تفعل في كلا اليومين.

واما ان تفعل في احدهما وتترك في الآخر فهو مخالفة قطعية لكلا العلمين الاجماليين

فمقتضى حرمة المخالفة القطعية، ان التخيير بدوي لا استمراري، أي انه متى ما اخترت الترك لابد ان تترك في اليوم ال2

او فقل ان الموافقة القطعية لكل من العلمين الاجماليين المتولدين متعذرة فاذا تعذرت الموافقة القطعية لكل منهما نتيجة انها تستلزم مخالفة قطعية للاخر فحينئذٍ تصل النوبة الى الموافقة الاحتمالية ومقتضى الموافقة الاحتمالية لكل منهما ان يكون التخيير بدويا لا استمراريا فعليك ان تترك في كليهما او ان تفعل في كليهما، فان ذلك موافقة احتمالية لكل منها

فهل هذا الكلام تام او لا حيث ان المحقق العراقي لم يقبل بذلك وكذلك المحقق الاصفهاني فهل ان كلامهما هو المتين؟

الدرس 52
الدرس 54