نص الشريط
الأصوليون والاخباريون تعدد فكري وهدف موحد
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مسجد الإمام علي (ع) بالقطيف
التاريخ: 18/1/1424 هـ
مرات العرض: 3562
المدة: 00:51:53
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (1929)
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

”إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ“

انطلاقاً من الآية المباركة نتحدث في نقاط ثلاث:

النقطة الأولى: في بيان ما هو الفرق الجوهري بين الإسلام والكفر ونذكر في المقام فوارق ثلاثة.

الفارق الأول: أن هناك فرقً بين الأمر الاعتباري والأمر الواقعي، الفلاسفة يقولون الاعتباري ما يختلف بإختلاف الاعتبار، والواقعي ما لا يختلف بإختلاف الاعتبار.

مثلاً: جاذبية الأرض أمر واقعي لأنها لا تختلف بإختلاف الاعتبار، اعتبارها قومٌ جاذبة أو اعتباره قومٌ غير جاذبة الواقع لا يتغير، الأرض جاذبة اعتبارها الناس جاذبةً أم لم يعتبرها الناس جاذبةً، جاذبية الأرض أمر واقعي لا يختلف بإختلاف الاعتبارات، أما الأمر الاعتباري فهو يختلف بإختلاف الإعتبار.

مثلاً: حرمة شرب الخمر أمر إعتباري وليس أمرً واقعياً بمعنى الشرائع السابقة كشريعة إبراهيم أو شريعة داوود كانت تجيز شرب الخمر أو تجيز أكل لحم الخنزير، فكان لحم الخنزير مباح الأكل في الشرائع السابقة، أصبح لحم الخنزير محرماً في الشريعة الإسلامية كان شرب الخمر مباحاً في بعض الشرائع السابقة، أصبح شرب الخمر محرماً في الشريعة الإسلامية، إذاً حرمة شرب الخمر أمر يتغير بتغير الإعتبار كان هذه الحرمة غير موجودة أصبحت هذه الحرمة موجودة، حرمة شرب الخمر، حرمة أكل لحم الخنزير ليست مثل جاذبية الأرض أمر لا يتغير ولا يختلف بإختلاف الإعتبارات، حرمة شرب الخمر أمر إعتباري قد يكون في شريعة مقنناً وقد يكون في شريعة أخرى غير مقننا هذا يسمى أمر إعتباري فالفرق بين الأمر الإعتباري والأمر الواقعي أن الأمر الواقعي لا يتغير بتغير الإعتبارات والأمر الإعتباري هو ما يختلف بإختلاف القوانين وبإختلاف الإعتبارات.

من هذه المقدمة نفهم ما هو الفرق بين الإسلام الواقعي والإسلام الإعتباري، الإسلام الواقعي أمر لا يتغير بتغير الإعتبارات، الإسلام الواقعي هو عبارة عن التسليم لله ”عز وجل“.

مثلاً: قوله تبارك وتعالى ”إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما“، ليس المقصود هنا بقوله وسلموا تسليما أن يقول الإنسان المقصود: وسلموا لأمره تسليما، وليس المقصور د وسلموا تسليما بأن يقول الشخص ”سلامٌ عليه“ أو المقصود هنا التسليم للأمر، الآية تقول ”ويسلموا تسليما“ التسليم للنبي بمعنى التسليم لأمره.

فإسلام الواقعي هو عبارة عن التسليم النفسي والإذعان القلبي لله تبارك وتعالى ولنبي المصطفى، إن وجهت وجهي وأسلمت أمري للذي فطر السماوات والأرض، الإسلام الواقعي هو التسليم القلبي لله ولنبي وهذا التسليم القلبي لا يتغير بتغير الإعتبارات، اعتبرنا هذا الشخص مسلم أو لم نعتبره مسلم، إذا كان في قلبه تسليمٌ لله ولنبي هو مسلم واقعً والإعتبارات لا تغير من الواقع شيئاً، وإذا لم يكن في قلبه تسليمٌ كما لو أسلم شخصاً نفاقاً قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله نفاقاً لحقن دمه أو للمحافظة على سمعته أو للمحافظة على ارتباطه وتعايشه السلمي مع الناس هذا الشخص ليس مسلماً واقعاً ”يعني قلبه خالٍ من التسليم“ وإن كان مسلماً ظاهراً واعتباراً، فإسلام الواقعي هو التسليم القلبي سواءً إعتبارنا هذا الشخص مسلماً أو لم نعتبره مسلماً.

بينما الإسلام الإعتباري الإسلام الإعتباري هو مربوط بكلمة الشهادتين كل من قال الشهادتين فهو مسلمٌ بحسب الإعتبار كما ورد عن الرسول: الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله محمداً رسول الله. بهِ حقنت الدماء بمجرد قول هاتين الشهادتين يعبر دمه حرام، بهِ حقنت الدماء وجرت المناكح والمواريث فهو وارث ومورث لأنه يقول هاتين الشهادتين. الإسلام الإعتباري حتى لو كان واقعً غير مسلم ويقول الشهادتين لقلقة لسان من أجل المحافظة على دمه أو ماله أو عرضه أو سمعته حتى لو كان يقولها نفاقاً مادام قد قال الشهادتين ولم نطلع منه على خلاف ذلك فيعتبر مسلماً لاحظ التعبير ”يعتبر مسلماً“ يعني إسلام إعتباري، وتجري عليه هذه الأحكام الإعتباريه من العصمة أي من عصمة المال والدم والعرض ومن جريان المناكح والمواريث سواءً كان مسلماً واقعً أم لم يكن مسلماً واقعً هذا هو الفرق بين الإسلام الإعتباري والإسلام الواقعي.

الفارق الثاني: هو الفرق بين الإسلام والكفر والفرق بين باب الشكر وباب الكفر ما معنى ذلك، أساس الإيمان بالله منطلق الإيمان بالله هو شكر المنعم أول قضية تدخل في عقل الإنسان هي مسألة شكر المنعم يعني هذا الطفل منذُ نعومة أظفاره هذا الطفل بمجرد أن ينفتح ذهنه على الحياة ويبدأ يميز الأشياء أول قضية عقلية بديهية تدخل إلى عقل هذا الطفل هي مسألة شكر المنعم يعني أن أبي منعم عليّ أن أمي منعم عليّ والمنعم شكره حسن والكفر بعمته قبيح فأول ما يدرك العقل مسألة حسن شكر المنعم وقبح كفران بالمنعم، قبح الكفران وحسن الشكر هي أول مسألة عقلية بديهية تدخل في عقل الإنسان وعلى أساس هذه المسألة ينطلق إلى الإيمان بالله تبارك وتعالى حيث أنه بمجرد أن يتوسع أفقه يدرك أن وجوده نعمه وطاقته نعمه.

الوجود كما يقول الفلاسفة الوجود منشئ الآثار الخيرة ومنشئ الحياة ومنشئ العلم ومنشئ القدرة ومنشئ الطاقة ومنشئ الشعور، متى ما حصل الوجود حصلت هذه الآثار معه، صار الإنسان إنساناً قادراً عالماً حياً صاحب شعوراً وطاقةً، الوجود بآثاره الخيّرة نعمة من النعم بمجرد أن يدرك الإنسان وجوده يدرك هذه الآثار الخيّرة التي تحف به إذا أدرك هذه النعمة أدرك أن هناك منعم قد أفاض عليه هذه النعمة والمنعم شكره حسن والكفران بعمته قبيح من خلال ذلك وهذه المسألة العقلية البديهية ينطلق الإنسان للإيمان بالله تبارك وتعالى فالأساس الأول للإيمان بالله هي مسألة حُسن شكر المنعم وقبح الكفران بنعمة المنعم بناءً على هذه المقدمة التي شرحناها يتضح لنا ما هو الفرق بين الإسلام والكفر.

الفرق بين الإسلام والكفر أن الإسلام عبارة عن شكر المنعم بتمام نعمة الله تبارك وتعالى كما يقول الفلاسفة جعل وسائط في التكوين وجعل وسائط في التشريع، الله تبارك وتعالى أنعم عليّ بعمتين نعمة التكوين بأن أوجدني وأعطاني العقل والشعور والإرادة والقوة والطاقة ”إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا وهديناه النجدين“ وأنعم عليّ بنعمة التشريع ما تركني بلا نظام وبلا قانون أنزل عليّ قانونً سماوياً ”إن الدين عند الله الإسلام“ ”ومن يبغي غير الإسلامِ ديناً فلم يقبل منه“ إذاً نعمتان نعمة التكوين ونعمة التشريع.

نعمة التكوين وصلت إليّ بوسائط ولم تصل إليّ بدون وسائط، أبي واسطة، لولا أبي لما وصلت إليّ نعمة التكوين، أمي واسطة لولا أمي لما وصلت إلي نعمة التكوين، هذه الحياة التكوّينية هواءها، أرضها، غذاؤها، تربتها هذه الحياة بكامل وبشتى ألوانها وأشكالها هي وسائط في وصول نعمة التكوين إليّ لولا هذه البيئة الصحية ولولا هذه البيئة النقية ولولا هذا الهواء الذي أتنفسه ولولا هذا الماء الذي أشربه لما وصلت إلي نعمة التكوين هذه وسائط في التكوين وأيضاً هناك وسائط في التشريع لم يصل إليّ النظام السماوي ولم يصل إليّ القانون السماوي الذي ينظمني فرداً ومجتمعاً، حكومة ومحكومين.

النظام الذي ينظمني بتمام تفاصيل حياتي وتمام شؤوني وتمام أموري النظام لم يصل إلي دفعة واحده وإنما وصل إلي بواسطة، واسطة التكوين هم محمد وآل محمد ”إن الله اصطفى آدم ونوح وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين“ اصطفاهم لماذا؟؟ لكي يكونوا واسطة في التشريع، إن الله اصطفى آدم ونوح وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين هل هم عوائل متفرقة أم عائلة واحده؟؟ هم عائلة واحده ذرة بعضها من بعض واتصلت هذه الذرية المباركة بالنبي الأعظم فهو القائل: لم يزل الله ينقلني من أصلاب الطاهرين وأرحام المطهرات إلى أن أخرجني إلى عالمكم هذا لم ينجسني دنس الجاهلية. والله تبارك وتعالى يبين هذه الذرة الطهارة التسلسل الزكي المبارك من آدم ونوح وابراهيم وآل عمران إلى أن وصل التسلسل إلى النطفة الطاهرة إلى محمداً صلى الله عليه وآله يبين ذلك ”وهو الذي يراك حين تقول وتقلبك في الساجدين كان يتقلب من طور إلى طور حتى جاء من هذين الأبوين الطاهرين الكريمين عبد الله وآمنة «رضي الله تعالى عنهما» وامتدت هذه الذرية الطاهرة إلى أهل البيت من بعده“ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ".

نقرأ في زيارة الحسين: أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها.... إلى أن وصلت هذه الذرية الطاهرة الزكية إلى القائم المنتظر، فهناك نعمة التكوين ولها وسائط وهناك نعمة التشريع ولها وسائط، وكما أن الله يستحق الشكر على نعمة التكوين ووسائط هذه النعمة فإن الله يستحق الشكر على نعمة التشريع ووسائط هذه النعمة، فعندما نؤمن بنعمة التشريع ووسائطها وهم محمدٌ وأله بيته فقد حققت الإسلام الكامل لأنني شكرت المنعم شكراً كاملاً.

أما إذا آمنت بنعمة التشريع ولكن لم أؤمن بوسائطها أو آمنت ببعضهم ولم أؤمن بالبعض الآخر فحين آذن أكون قد كفرت بنعمة التشريع، ما دمت لم أؤمن بالوسائط الزكية الطاهرة لنعمة التشريع إذاً فأنا لم أسلم إسلاماً كاملاً ولم أؤمن إيماناً كاملاً لأني لم أشكر ربي شكراً كاملاً بل كفرت ببعض النعم وهي وسائط نعمة التشريع وهم آل النبي المصطفى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

الفارق بين الإسلام والكفر الفارق بين مسألة الإدانة الدنيوية ومسألة الإدانة الأخروية ما معنى ذلك.

مثلاً: لو إن إنسان والعياذ بالله زنا واطلع الحاكم الشرعي وقام شهودٌ أربعة على أن فلان قد ارتكب جريمة الزنا، هذا الإنسان يدان إدانة دنيوية بمعنى أنه يقام عليه الحد الدنيوي، إن كان غير محصن يجلد 100 جلدة وإن كان محصناً يرجم، تقم عليه العقوبة الدنيوية يدان بالإدانة الدنيوية، لكن هل يعاقب في الآخرة؟؟ لا، لعله إذا تاب الله لا يعاقبه في الآخرة بمجرد أن يتوب لا يعاقبه الله في الآخرة ”إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ“، ”قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ“ إذاً هناك فرق بين العقوبة الدنيوية والعقوبة الآخرويه، العقوبة الدنيوية لا تسقط حتى ولو تاب حتى لو أعلن التوبة قال أنا تبت عن هذه الجريمة يقام عليه الحد العقوبة الدنيوية لا تسقط الذي يسقط بالتوبة وبالإنابة هو العقوبة الآخرويه.

نفس الكلام فيمن إرتد، لو أن شخصاً فطرياً أي أبواه مسلمان ولد عن أبً وأمً مسلمين ثم إرتد عن الدين وأعلان الإرتداد وقال أنا لا أؤمن بهذا الدين السماوي ولم تكن عنده شبهه، هناك من يرتد لأجل شبهه وهناك من يرتد لا لأجل شبهه إذا أعلن الإرتداد ولم يكن إرتداده عن شبهه وقام الشهود عليه بأن فلان قد إرتد عن الدين الإسلامي وأقيمت هذه البيّه لدى الحاكم الشرعي وكان الحاكم الشرعي قادر ومبسوط اليد تقام عليه العقوبة الدنيوية، تبين منه زوجته لا يحل له نكاحها، تقسم تركته يعتبر مثل الأموات على ورثه، ولا تستتاب!! ما معنى ولا يستتاب؟؟ يعني لو أعلن التوبة ولم يكن إرتداده عن شبهه التوبة تؤثر في الآخرة ولكن لا تؤثر في العقوبة الدنيوية، يقتل وإن أعلن التوبة، هذا حكم دنيوي ليس له ربط بالامور الآخروية، حتى لو أعلن التوبة فهي تسقط العقاب الأخروي ولكنه لا يسقط العقاب الدنيوي إذا تاب بينه وبين ربه قبل الله توبته ولكن العقوبة الدنيوية والإدانة الدنيوية تبقى قائمه ولا تسقط.

إذاً فبالنتيجة هناك فرق بين الإدانة الدنيوية والإدانة الآخروية، وهذا هو الفرق بين الإسلام الإعتباري والإسلام الواقعي نقول بأن الكافر الواقعي هو من يعاقب في الآخرة عقاب الكافرين وإن كان في الدنيا مسلماً بالإسلام الإعتباري إذا تشهد الشهادتين نفاقاً أو من أجل حفظ دمه وحفظ عرضه وماله العقوبة الدنيوية تسقط عنه لأنه تشهد الشهادتين فالعقوبة الدنيوية تسقط عنه لا تبقى العقوبة الآخروية مادام لم يحصل منه التسليم القلبي الواقعي بالله تبارك وتعالى ”ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين“ فإذا آمن بكل ذلك سقط عنه العقوبة الآخروية وإذا لم يؤمن بكل ذلك فالعقوبة الدنيوية تسقط فقط لأنه تشهد الشهادتين ولكن تبقى العقوبة الآخروية، هذه فوارق ثلاثة بين الإسلام والكفر.

النقطة الثانية: نسب إلى بعض علمائنا علماء الإمامية أنهم يقولون بكفر من لم يعتقد بإمامة أمير المؤمنين ولأجل ذلك قيل بأن الشيعة الإمامية تكفر الفرق الإسلامية الأخرى لأنها تعتقد بكفر من لم يعتقد بالإمامة هذا القول نسب إلى الشيخ المحقق الفقيه الكبير الشيخ يوسف صاحب الحدائق نسبه إليه صاحب جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام في الجزء 6 الصفحة 61 ونسبه إليه سيدنا الخوئي في كتاب التنقيح في شرح العروة الوثقى الجزء 2 الصفحة 85 ونسبه إليه السيد فقيه عصره السيد الحكيم في كتاب المستمسك الجزء 1 صفحة 393، وهذه القول نسب أيضا إلى العلامة الفقيه المحقق الكبير الشيخ حسين العصفور نسب إليه في عدة كتب وهو موجود في كتابه، كتاب المحاسن النفسانية في أجوبة المسائل الخراسانية الجزء 1 صفحة 139، هذا القول نسبة القول بالكفر لم يختص بالعلماء الآخبارين من الشيعة بل نسب أيضاً إلى بعض العلماء الاصولين من الشيعة كالسيد المرتضى علم الهدى بل ذكر الشيخ صاحب الحدائق الشيخ يوسف أن من مشهور علمائنا المتقدمين بكفر من لم يعتقد بإمامة الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه، وقد نسبه الشيخ الفقيه حسين آل عصفور في كتاب المحاسن الجزء 1 صفحة 139 نسبه إلى الشيخ يوسف وقال موجود في كتابه الشهاب الثاقب ن ونسب إلى الحر العاملي صاحب الوسائل في نفس هذا الكتاب وغيرهم من العلماء.

علماء الشيعة سواءً كانوا من الآخبارين أو من الأصوليين الذين نسب إليهم القول بكفر من لم يعتقد بإمامة أمير المؤمنين يحمل كلامهم كما ذكر سيدنا الخوئي في كتاب التنقيح الجزء 2 الصفحة85، يحمل كلامهم على إرادة الكفر الواقعي لا على إرادة الكفر الإعتباري فهم يرون أن كل من لم يعتقد بإمامة علياً إذا كان متشهداً بالشهادتين يرونه مسلماً إسلاماً إعتبارياً وتجري عليه الأحكام الإعتبارية للإسلام، وعن كانوا قد يقولون بكفره الواقعي بما بينا الفوارق الثلاثة على طبق الفوارق الثلاثة التي شرحناها بين الإسلام الإعتباري وبين الإسلام والواقعي فراجع ما ذكرناه في النقطة الأولى.

النقطة الثالثة: إذا دققنا في هذه المسألة ما هو الفرق بين المدرسة الأصولية والمدرسة الآخبارية فكلاهما مدرستنا علميتان أفرزتا مجموعة من العلماء الفطاحلِ على ممر التاريخ الشيعي وعلى تاريخ الفكر الشيعي الشيخ الصدوق من كبار علماء الإمامية، كان من العلماء المحدثين والشيخ المفيد من كبار علماء الإمامية، كان من العلماء الاصولين، وهكذا في كل جيلاً يحوي ذلك الجيل جمعاً من العلماء من هذه المدرسة وجمعاً من العلماء من المدرسة الأخرى ن الفوارق بين المدرستين فوارق علمية ومدرسية وليست فوارق شكليه فوارق لا تنافي وحدة المدرستين وتآلف المدرستين واندراج المدرستين تحت ظل آل محمداً صلوات الله عليهم أجمعين، ونشير إلى الفوارق باختصار.

الفوارق المدرسية، الفارق الأول: مسألة حجية ظواهر الكتاب المدرسة الأصولية تقول ظاهر القرآن حجة ما لم تأتي رواية معتبرة عن أهل البيت على خلافه، إذا جاءتنا آية قرآنية وكانت ظاهره في معنى من المعاني نعمل بهذا الظاهر ما لم ترد علينا رواية معتبرة من قبل أهل البيت تفسر هذا الظاهر أو تقيده أو تخصصه، المدرسة الآخبارية تقول: لا، ظواهر القرآن ليست بحجة إن كانت هناك رواية معتبرة عن أهل البيت توضح ما هو المراد من هذه الآية عملنا بالرواية وإلا لم ترد آية معتبرة عن أهل البيت في توضيح المراد من الآية فنحن نتوقف عن العمل بالآية لأن ظواهر القرآن لا يعرف ما هو المقصود والمراد الجدي منها إلا أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فما لم ترد رواية مفسرة نتوقف عن العمل بآية المباركة.

الفارق الثاني: مسألة الاحتياط أو البراءة في الشبهة الحكمية التحريمية مثلاً: التدخين، نحن لا نعلم التدخين لم يرد فيه نص، لا من الكتاب ولا من السنة وافترضنا أن التدخين يضر ببعض البشر ولا يضر بالبعض الآخر حين إذن هذه شبهة تسمى شبهة حكمية تحريميه، لا ندري ما هو حكم التدخين: هذا تسمى شبهة حكمية، لا ندري هل التدخين حرام أم حلال: تسمى شبهة تحريميه، شبهة حكمية تحريميه لا ندري أن حكم التدخين هو الحرمة أو الحلية وليس عندنا نص لا من الكتاب ولا من السنة نرجع إليه، فبماذا يحكم العقل في المقام؟؟ هنا الفارق فارق جوهري بين المدرسة الأصولية والمدرسة الآخبارية. المدرسة الأصولية تقول بأصالة البراءة كل شيءً لم يقم دليل على حرمته من الشبهات الحكمية التحريمية فالأصل فيه الحليلة أي إذا ارتكبت هذا الشيء فأنت غير معاقب ولا مدان ولا محاسب الأصل في ما لم يرد فيه نصٌ على الحرمة هو الحلية، وهذا ما يعبر عنه بالبراءة العقلية والبراءة النقلية، أما البراءة العقلية فهي ما يعبر عنه علمائنا الاصولين قبح العقاب بلا بيان أي العقل يحكم أن العقاب قبيح بدون بيان فما لم يصل البيان يقبح على الله عقابنا قبح العقاب بلا بيان وعلى أساس هذه البراءة العقلية يقولون أنت معذوراً عندما ترتكب هذه الشبهة أو البراءة النقلية كما ورد عن الرسول: رفع عن أمتي تسعة ما استكرهوا عليه وما لا يطيقون..... إلى أن قال وما لا يعلمون. ما لم يصلهم البيان فهو مرفوعٌ عنهم هذا نظر المدرسة الأصولية.

المدرسة الآخبارية تقول لا، ما لم يرد فيه نص بالحليلة فالموقف الشرعي فيه هو التوقف والإحتياط عدم الإقتحام في ذلك المورد والعقل لا مجال له أن يقول العقاب قبيح أو العقاب حسن فإن دين الله لا يصاب بالعقول وهناك عند نصوص يستندون إليها في بيان التوقف كما ورد عن الرسول محمد: إنما الأمور ثلاثة، حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك فمن توقف في الشبهات نجى من المحرمات ومن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه وكما ورد عنه: أخوك دينك فإحتط لدينك. إذاً هذا هو الفارق الثاني ولو كان بعض علمائنا الأصولين يفرق بين البراءة العقلية والبراءة النقلية كالإمام السيد الصدر كان يقول بمقالة الآخبارين في البراءة العقلية أي لا يوجد براءة عقلية ولكنه يقول بمقالة الأصولين في البراءة النقلية فيفصل بين البراءتين على الخلاف العلمي المدون في كتب الأصول في هذه المسألة.

الفارق الثالث: وهو مهمً بين المدرستين حجية الإجماع والعقل كِلا المدرستين متفقتان على أن مصادر التشريع مصدران الكتاب والسنة أي السنة النبوية والسنة المعصومية ن الأحاديث الواردة عن أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين إنما الكلام في مصدرين آخرين وهما العقل والإجماع، هل العقل حجة في مجال التشريع أم لا هل إجماع الفقهاء حجة في مجال التشريع أم لا، المدرسة الآخبارية تقول العقل لا مجال اعتباره حجة في مقام استنباط المقام الشرعي العقل ليس حجة في مجال الاستنباط بل أنه حجة في باب العقائد في إثبات وجود الله وإثبات نبوة النبي ولكن العقل ليس حجة في مجال استنباط الأحكام الشرعية لما ورد في الأحاديث الشريفة " إن دين الله لا يصاب بالعقول، المدرسة الأصولية تقول الحكم العقلي القطعي، هناك حكم عقلي ضني هذا لا حجية له، هناك حكم عقلي قطعي نحن كلامنا في الحكم العقلي القطعي أيضا يقسمونه إلى قسمين: غير المستقلات والمستقلات.

غير المستقلات العقلية يقولون لو حكم العقل القطعي فيها لكان حكمه حجة مثلاً هل مقدمة الواجب واجبه، هل الأمر بالشيء يقتضي النهي تركه هذه تسمى الأحكام العقلية من غير المستقلات لو حكم العقل القطعي فيها لكن حكمه حجه القسم الثاني وهو المستقلات العقلية أيضاً يقسمونها إلى قسمين، سلسلة علل الأحكام، سلسلة معاليل الأحكام. سلسلة علل الأحكام هي ملاكات الأحكام هل العقل حجة لو أدرك ملاك الحكم أم ليس بحجة يقول علمائنا الأصوليون، نعم لو أدرك ملاك الحكم بلا مزاحم لكان حكمه حجة ولكنه لا يمكنه أن يدرك، لو أدرك لكان حجة ولكنه لا يمكنه أن يدرك ملاكات الأحكام الشرعية كما يقول علمائنا نسلم بالكبرى وننكر الصغرى وأما في سلسلة معاليل الأحكام بعد أن يحكم الشارع المقدس، العقل يحكم بوجوب إطاعته وقبح معصيته، هل هذا الحكم العقلي الذي هو متأخر رتبةً عن الحكم الشرعي يستنبط منه حكمٌ شرعي آخر أم لا يستنبط من حكم شرعي آخر، أيضاً الأصوليون يختلفون بعضهم يقول لا يمكن فإنه من اللغو جعل حكم شرعي في موضع الحكم العقلي وبعضهم يمكن وهناك قاعدة يبحثها العلماء تسمى قاعدة الملازمة هل كل ما حكم به العقل حكم به الشرع أم لا، هل كل ما حكم به العقل حكم به الشرع بما هو عاقل أو بما هو شارع وإذا حكم بما هو شارع هل معنى حكمه أن لا يعارض حكم العقل أو أن يحكم على طبق حكم العقل هذه كلها بحوث عقليه مفصله في كتب الأصول ومذكورة في محلها لا يهمنا الخوض فيها نريد أن نقول أنه المدرسة الآخبارية لا ترى العقل حجةً في مجال استنباط الحكم الشرعي والمدرسة الأصولية ترى العقل حجة في مجال استنباط الحكم الشرعي بالتفصيل المذكور في الكتب الأصولية وأما مسألة الإجماع ليس كما يقول إخواننا أهل السنة أي أن الإجماع حجة مطلقاً لا تجتمع أمتي لا خطأ، لا، نحن نقول الاجماع الحجة هو الإجماع الكاشف عن رأي المعصوم الإجماع ليس مصدر من مصادر التشريع الإجماع كاشف عن المصدر، مصدر التشريع هو السنة والإجماع كاشفٌ عن السنة فالإجماع ليس مصدر بإزاء السنة الإجماع طريق إلى تحديد السنة إجماع الفقهاء في مسألة إذا كان إجماعً محصلاً لا منقولً، إجماع الفقهاء كاشف عن رأي الإمام فهو كاشف عن السنة وليس مصدراً مستقلاً مقابل السنة أيضا كذلك العقل عندما نقول العقل حجة نفس الشيء يعني العقل القطعي كاشف عن السنة والحكم الشرعي الصادر إما في الكتاب أو في السنة وليس مصدراً مستقلاً مقابل المصدرين السابقين.

بعد أن بينا الفوارق العلمية المدرسية بين المدرستين التاريخيتين العظيمتين المدرسة الاخبارية، والمدرسة الأصولية من الطبيعي أن كل فقيه يتأثر بالمدرسة التي يتبناها فحتى لو أختلف الفقهاء بأن من لم يقل بإمامة علياً، هل هو مسلم أو كافر تحديد هذا الحكم مسلم أو كافر يختلف أيضاً بإختلاف المدرستين مادامت هناك مدرستان وهناك طريقان للاستنباط فمن الطبيعي أن يتأثر الفقيه بالمدرسة التي يتبناها وبالطريق الذي يتبناه في مجال الاستنباط في تحديد حكم المسألة التي ذكرناها ولذلك ذكرنا بعض من قال بكفر من لم يعتقد الإمامة إنما قال بذلك بناءً على مدرسته في الاستنباط بناءً على منهجه في الاستنباط يعني مدرسته وخطه الفكري ومنهجه الفكري في مجال الاستنباط هو الذي أدى به إلى أن يختار هذه النتيجة فلا يكون قوله قولا لجميع المدارس وإنما هو قولٌ لمدرسته ناشئ عن منهجه وناشئ عن المنهج الفكري في مجال الاستنباط الذي يختاره ويتبناه وإلا فنحن نفتخر بكلتا المدرستين وهذا من إنجازات الفكر الشيعي أن الفكر الشيعي فكر حضاري منفتح هذا مما يدل على عمق الفكر الشيعي من دلائل العمق الشيعي ومرونة المذهب الشيعي ودلائل موضوعية المذهب الشيعي، موضوعية هذا المذهب مرونة هذا المذهب عمق هذا المذهب أصالة هذا المذهب هي التي جعلت الباب مفتوحً للإجتهادات المختلفة وجعلت الباب مفتوحً للآراء المتعددة وهي التي أفرزت المدارس الفكري المتعددة في صميم هذا المذهب وفي تاريخ هذا المذهب نحن نفتخر بكِلا المدرستين وعلماء المدرستين ومن باب الفخر بكِلا المدرستين.

كتب جدنا المقدس المرحوم الحجة الشيخ فرج العمران الأصوليون والآخباريون فرقٌ واحدة ونحن نفخر بعلماء الأصولين نخفر بالسيد المرتضى والشيخ المفيد والعلامة الحلي والشيخ الطوسي والسيد الخوئي والإمام الحكيم والإمام الصدر والإمام الخميني وغيرهم من عظماء الفقهاء ومشاهير الفقهاء وأيضاً نفتخر بعلماء المدرسة الآخبارية كالشيخ الصدوق ووالده ابن بابويه ونفتخر أيضاً بالمحدثين الآخرين من علمائنا كالمحدث الأمين الإسترابادي والشيخ المحقق صاحب الحدائق الشيخ يوسف الذي ذكرنا عنه أن كتابه كتاب الحدائق الناظرة في فقه العترة الطاهرة 24 جزء كتبه الشيخ يوسف صاحب الحدائق إلى الآن هذا الكتاب ما زال يخدم الحوزة وإلى الآن لا يستغني فقيه وأستاذ وطالب علم في الحوزة العلمية عن قراءة الكتاب الحدائق الناظرة في فقه العترة الطاهرة للعلامة المحقق الشيخ يوسف صاحب الحدائق ونفتخر أيضاً بالعلامة المحقق الشيخ حسين آل عصفور وهو المرجع المعروف لدى كثيرً من شيعة الخليج والعراق وإيران حيث كان إماماً مقدساً زاهداً عابداً ورعاً متضلعاً في الفقه والحديث في زمانه نحن نفتخر بعلماء كلا المدرستين وبفطاحل كلا المدرستين وهذا فخرٌ وإعتزازٌ بمذهبنا مذهب محمداً وآل محمد.

جعلنا الله وإياكم من السائرين على خطاهم ومن المهتدين بهداهم ومن المتنفسين بأنفاسهم

وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

حوزة النجف دار المعرفة وإشراقة العلم
وقفة مع قناة المستقلة