نص الشريط
الدرس 1
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 5/11/1435 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 2870
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (461)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

تعرضنا في ما سبق ببعض الفروع المتعلقة بالخلل في الوقت، ووصل الكلام إلى هذا الفرض وهو من لم يحرز وقوع تمام صلاته في الوقت فما هي وظيفته؟ وقد تعرض لذلك صاحب العروة قدس سره في مسألة واحد ومسالة اثنين ومسألة ثلاثة ومسألة أربعة وخمسة من مسائل الوقت. وبيان هذه المسألة بعرض صور.

الصورة الأولى: أن يدخل في الصلاة شاكاً في الوقت كما لو شرع في الصلاة وهو يشك في أن الوقت قد دخل أم لم يدخل، فهذه الصورة لها فروض:

الفرض الأول: أن يكون قد تبين له بعد الصلاة أن تمام صلاته وقعت قبل الوقت، ولا إشكال عليه في فساد صلاته، انتفاء المشروط بانتفاء شرطه خصوصاً بالنسبة للوقت الذي هو أحد الفرائض بمقتضى حديث لاتعاد.

الفرض الثاني: أن يتبين له أن صلاته بتمامها وقعت بعد دخول الوقت فهنا أن تمشى منه قصد القربة حينما شرع في صلاته وهو شاك في وصلاته صحيحة كما لو فرضنا أنه مع شكه في دخول الوقت أتى بالصلاة برجاء المطلوبية فانكشف فعلاً أن صلاته في الوقت فمقتضى ذلك صحت صلاته بوجدانها لشرط الصحة.

الفرض الثالث: أن يتبين له أن بعض صلاته وقع في الوقت والبعض الآخر مما وقع قبل الوقت فمقتضى القاعدة بطلان صلاته بأن الوقت شرط في تمام اجزاء الصلاة وحيث تبين أن بعض اجزاء الصلاة فاقد للشرط فمقتضى كون الصلاة مركباً ارتباطياً بطلانها إذ لا يتصور في المركب الارتباطي التبعيض بأن يكون بعض اجزائه واجداً للشرط والبعض الآخر فاقداً له فان هذا خلف الارتباطية.

هذا هو مقتضى القاعدة، ولكن ربما يستدل على صحة صلاته برواية اسماعيل بن رباح التي استدل بها جمع من الاعلام عن أبي عبد الله قال: «إذا صليت وانت ترى أنك في وقت ولم يدخل الوقت فدخل الوقت وانت في الصلاة، فقد اجزأت عنك»، إلا أن هذه الرواية على فرض تماميته سندها ويأتي الكلام فيه أن موردها من دخل الصلاة هو معتقداً بأنه في الوقت فلا يشمل الفرض الذي نحن فيه وهو من دخل الصلاة شاكاً في دخول الوقت فالاستدلال بها على محل الكلام غير تام.

الفرض الرابع: أن لا يستبين له شيء فهو قد شرع في الصلاة شاكاً وما زال شاكاً، فهذا الفرض ايضاً يتصور على نحوين:

الأول: أن يبقى شكه ولا إشكال حينئذ في فساد صلاته، قاعدة الاشتغال بل مقتضى استصعاب على الدخول الوقت فإن مقتضى استصحاب عدم دخول الوقت عدم وقوع الصلاة في الوقت.

الثاني: أن يدخل الوقت على الشك فهو حين شك قد دخل الوقت فيشك في صلاته السابقة انها وقعت بتمامها في الوقت أو وقعت بتمامها قبل الوقت أو وقع بعضها في الوقت وبعضها خارجه إلا أنه حين شك كانت واعلمه دخول الوقت فهل تجري في حقه قاعدة فراغ بأن يقال قد فرض من صلاته فشك في وجدانها بشرطها وهو الوقت فهو شاك في صحتها وشك في الصحة مجرى لقاعدة الفراغ.

الجواب كلا لأن هذا الشك ليس حادث بعد الفراغ من الصلاة بل هو منذ أن شرع في الصلاة شرع فيها شاكاً فهذا الفرض بهذا النحو خارجاً عن قاعدة الفراغ موضوعاً.

الصورة الثانية: ما إذا دخل في الصلاة غافلاً وهنا نتعرض لفرضين في هذه الصورة:

الفرض الأول: أنه أذا دخل في الصلاة غافلاً عن مسألة الوقت وبعد الصلاة شك في أن الصلاة كانت مع الوقت أم لا؟

وهنا فرضان:

الأول: أن لا يعلم بدخول الوقت «يعني هذا الشك ما زال شاكاً، حتّى في حال الشك مازال شاكاً في دخول الوقت» فهنا لاتجري قاعدة الفراغ.

الثاني: أن يكون حين شك دخل الوقت فبعد أن فرغ من صلاته الوقت قد دخل فشك هل أن صلاته سبقت الوقت أم وقعت في الوقت فهنا قد احرز وجوب أمر وشك في أن صلاته السابقة كانت امتثالاً بذلك الأمر أم لا؟ فهنا قد يكون لقاعدة الفراغ مورد.

إلا أنه اختلاف المباني تختلف النتيجة، فعلى مبنى سيدنا قدس سره الذي بنى على تمامية الاستدلال «42/14» وهي سألته عن رجل يشك بعدما يتوضأ قال: «هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك فإستفاد منها اشتراط الكذب» وحيث إن المكلف احرز أنه «10/15» أثناء الصلاة وان شك في وقوعها إلا أنه حين الصلاة كان غافلاً فشرط الاذكرية غير محفوظ وبالنتيجة لا تجري قاعدة الفراغ عند.

أما على مبنى آخرين ومنه السيد الاستاذ دام ظله من حمل «46/15» على بيان الحكمة والعلة وان «45/15» صحيح مسلم كل شيء شككت فيه مما قد مضى فأمضي فبناء على هذه الصحيحة تجري قاعدة حتّى فرض إحراز حين العمل وبناء على هذا لا مانع من جريان قاعدة الفراغ في محل.

الصورة الثالثة: إذا حصل له علم أو اعتقاد بدخول الوقت سواء كان علم وجدانياً أو علم تعبدياً كما لو اعتمد على فصلى ثم بعد أن صلى حصل له الشك فهنا فروض، الفرض الأول: أذا انكشف له أن امام صلاته قد وقعت اقبل فإن مقتضى القاعدة وهي انتفاع المشروط بإنتفاع شرطه بطلان صلاته بل هو مقتضى حديث حيث تبين أن الخلل في أحد خمسة بل كان خاص على البطلان كما في صحيحة عن أبي جعفر في رجل صلى الغداة بليل غره من ذلك القمر، هنا أن صلى وحتى طلعت الشمس فأخبر أنه بليل قال يعيد صلاته.

الفرض الثاني: أن يتبين له وقوع بعض الصلاة في الوقت، إن بعض الصلاة قد وقع في الوقت فهنا أفاد سيد العروة قدس سره تبعاً للمشهود فإن صلاته صحيحة ما دام قد دخل في الصلاة معتقداً لدخول الوقت ثم انكشف له بعض الصلاة أن بعضها في الوقت ايضاً فمقتضى رواية اسماعيل ابن رباح عن أبي عبد الله قال إذا صليت وانت ترى انك في وقت ولم يدخل الوقت فدخل الوقت وانت في الصلاة فقد اجزأت عنك.

بناء على أن ابن رباح من من روى عنه أبي عمير ومن روى عنه ابن أبي عمير فهو ثقاة وقد اخترنا في محله سيدنا قدس سره عدم تمامية هذه الكبرى وهي أن من روى عنه ابن أبي عمير فهو ثقاة وان ما ذكره الشيخ الطوسي هو شهادة حدسية لا حسية.

وقد يبنى على تمامية الرواية بأن المشهور قد عمل بهذه الرواية وعملهم جاهل لضعفها ولكن مثلاً العلامة علي العماني والسيد المرتضى أنهما ذهبا في البطلان حتّى في مثل هذه الصورة وهذا في عمل مشروع.

وهنا سوالان يتعلقان بالاستدلال بالرواية على فرض تمامية سندها.

الأول: هل أن الرؤية حيث قال وانت إذا صليت وانت ترى انك في وقت هل أن الرؤية تشمل الاعتقاد الذي لا يستند إلا حجة؟ كما لو فرضنا أن المكلف اعتقد أن اذان الصبي حجة في الاعلام في الوقت فإذا افترضنا أن المكلف اعتقد أن اذان الصبي حجة في الاخبار في الوقت اعتمد على اذانه فدخل في الصلاة فتبين له أن بعض الصلاة كان في الوقت ايضاً فهل يشمل وانت ترى أنك في وقت.

وهنا أفاد المحقق الهمداني قدس سره الإطلاق، يسبق على من دخل في الوقت وهو يرى أنه في الوقت الرواية سواء كانت نيته مستندة إلى حجة معتبرة واقعاً أو حجة معتبرة بنظره وإن لم تكن معتبرة واقعا فإنه يسقطع عنه أنه دخل وهو يرى أنه في وقت.

ولكن سيدنا قدس سره علق على كلامه بهذه الكلمة قال: «إن الموضوع للاجزاء رؤية دخول الوقت وجداناً أو تعبداً وكلاهما منفي غاية الأمر أنه لا اعتبار ظنه «الظن الذي نشأ من اذان الصبي وهو أنه معتبر» غاية الأمر يرى اعتبار ظنه لا أنه يرى دخول الوقت وكم فرق بينهما» وبعبارة أخرى لو كان موضوع الحكم من يعتقد أنه يرى دخول الوقت فصح ما افيد ولكن ليس كذلك الموضوع رؤية دخول الوقت لا من يعتقد أنه يرى دخول الوقت بل رؤية دخول الوقت وهو منفي في مورد الفرض فتأمل جيداً.

سؤال الآخر أنه من علم في صلاته أن الوقت سيدخل في صلاته كما لو فرضنا أنه بعد ركعة من الصلاة شك في أنه دخل الوقت أم لا، لكنه يدري أنه أن يركع في الركعة الآتية إلا وقد ادخل الوقت، فبعض الصلاة سوف توقع في الوقت لا محاله، هل تشمله هذه الرواية بأن يقال: «هذا المكلف قد صلى صلاةً بعضها في الوقت».

ولا يبعد ما ذكره سيدنا قدس سره فإن ظاهر السياق أنه أن الموضوع للاجزاء أن يرى انها في وقت حتّى دخل الوقت والظاهر على صدق الكلام.

الفرض الثالث من هذه الصورة، من اعتقد دخول الوقت وشرع في الصلاة ثم تبدل يقينه بالشك اصبح بأن الوقت دخل أم لا؟ وهذه الصورة لها نحوان، النحو الأول: أن يكون الشك شكاً سارياً مستمراً كان على يقين بدخول الوقت الآن شك والشك ما زال باقياً ولم يكتمل بدخول الوقت، فلا الشك في البطلان لأن موضوع الصحة من صلى وهو يرى دخول الوقت أو ظاهر في استمرار الاعتقاد إلا أن تبين شيء فلا يشمل من تبدل يقينه إلى الشك بحيث اصبح غير محرز بدخول الوقت حتّى في الإجزاء اللاحقة فضلاً عن الإجزاء السابقة.

فهل يمكن الصلاة بقاعدة التجاوز، بأن يقال إن هذا المكلف بالنسبة للاجزاء السابقة شاك فأن اقتربت للوقت أم لا فمقتضى قاعدة التجاوز.

النحو الثاني: أن يكون حين الشك قد دخل الوقت فهو شاك في الإجزاء السابقة لكنه حين الشك الوقت قد دخل فهو يحتمل أن الوقت قد دخل من أول الصلاة فهل يمكن تصحيح الإجزاء السابقة أم لا؟

فهنا ذكر سيدنا قدس سره أن هناك وجهين لتصحيح الإجزاء السابقة: وجه الأول: وجه واقعي كان صحة واقعية وهو الاعتماد على رواية إسماعيل ابن رباح بناء على تمامية سندها إذا صليت وانت ترى أنك في وقت، ثم حصل له الشك إذا حصل له الشك إذ قال بالنسبة للأجزاء اللاحقة وقعت في الوقت لأن المفروض أن حين الشك دخل الوقت حينما شك كان الوقت قد دخل، فالأجزاء اللاحقة لا تحتاج إلى مصحح لأنها مع الوقت والاجزاء السابقة لا يدري انها وقعت في الوقت أم لا، والمفروض أنه حينما دخل في الصلاة كان قد دخل وهو يرى أنه في وقت فتشمله الرواية صليت وانت ترى انك في الوقت ودخل الوقت حين الشك فيمكن تصحيح هذه الصلاة تصحيحاً واقعياً بمفاد رواية اسماعيل بن رباح.

الوجه الثاني: هو التصحيح الظاهر ي وهو التصحيح بقاعدة التجاوز، بضم التعبد إلى الوجدان فهو يحرز دخول الأجزاء اللاحقة في الوقت يقينا ويحرز دخول الأجزاء السابقة في الوقت بالتعبد أي ببركة قاعدة التجاوز وهذا الوجه صحيح وتام ولا كلام فيه.

والحمد لله رب العالمين

الدرس 2